وجهات نظر 0 comments on خلافات سياسية بالجملة : من يحكم تونس ؟ ….بقلم كمال بن يونس

خلافات سياسية بالجملة : من يحكم تونس ؟ ….بقلم كمال بن يونس

حكومة تكنوقراط في الأفق لتعديل المشهد السياسي قبل الانتخابات 

في الوقت الذي أدلى فيه رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بتصريحات تضمنت تطمينات للمستثمرين والسياسيين والمواطنين حول المؤشرات الاقتصادية والأمنية ، تتعقد مؤشرات التوتر الاجتماعي والسياسي بعد انفجار حرب إعلامية بين رئاسة الجمهورية والحكومة من جهة وبين قيادة اكبر حزبين حاكمين منذ انتخابات موفى 2014: نداء تونس والنهضة من جهة ثانية والنقابات والائتلاف الحكومي من جهة ثالثة.

وقد فاجأ رئيس الجمهورية ،عشية الاحتفال برأس السنة، رئاسة الحكومة وزعماء الأحزاب والنقابات بمبادرة سياسية جديدة تعيد إلى مؤسسة الرئاسة فرصة التحكم مجددا في مستقبل البلاد السياسي والأمني والاقتصادي ، فأصبح السؤال الكبير في أوساط صنع القرار الوطني والاقليمي : من يحكم تونس بعد 8 أعوام من حالة عدم الاستقرار السياسي  ؟

وهل تؤدي حوارات قصر قرطاج الجديدة ، بحضور رئيسي الحكومة والبرلمان وزعماء الأحزاب الحاكمة والنقابات في  رأب التصدع بين رأسي السلطة التنفيذية وقيادات الحزبين الكبيرين أم ينهار” الاستثناء التونسي” و” النموذج الديمقراطي التوافقي العربي الوحيد” بسبب الخلافات بين السياسيين وتصعيد الاضطرابات الاجتماعية ؟

https://www.facebook.com/Presidence.tn/videos/378328019602817/

 

 رئيسا الجمهورية الباجي قائد السبسي زعيم حزب النداء و”ابنه الروحي” رئيس الحكومة يوسف االشاهد وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وأبرز أعضاده أجروا مؤخرا مقابلات ماراطونية داخل تونس وخارجها مع مسؤولين سياسيين كبار وبرلمانيين من الدول العربية والغربية بهدف احتواء الازمة السياسية الأخطر في تاريخ البلاد والتوصل الى توافق جديد يؤدي إلى انجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية موفى العام الجاري في ظروف عادية .

 

 L’image contient peut-être : 3 personnes, personnes assises, table et intérieur

ملف التمديد لرئيس الحكومة

لكن تصريحات المنسق العام لحزب النداء الوزير السابق رضا بالحاج ، الموالي لنجل الرئيس التونسي حافظ قائد السبسي رئيس الهيئة السياسية لحزب النداء، تؤكد أن الخلاف خطير جدا في الكواليس بين رئيس الجمهورية وحلفائه وقيادة حركة النهضة وشركائها في الحكومة الحالية حول ملف التمديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو سحب الثقة منه في البرلمان ، رغم نجاحه في امتحاني كسب الثقة لحكومته والمصادقة على قانون المالية الجديد.

وأكد المستشار في رئاسة الجمهورية الوزير ناجي جلول أن عددا من المقربين للرئيس قائد السبسي وحزب النداء يرفضون اعادة فتح قنوات حوار مع قيادة حركة النهضة وشركائها في الحكومة قبل أن تفك ارتباطها بيوسف الشاهد  …

ويتزعم التيار المعارض بقوة ليوسف الشاهد رئيس الهيئة السياسية لحزب النداء حافظ قائد السبسي ورجل الاعمال سليم الرياحي الامين العام للحزب والوزير السابق رضا بالحاج المنسق العام للحزب ورئيس الكتلة البرلمانية سفيان طوبال والناطقة الرسمية أنس الحطاب وفريق مستشاري الرئيس في قرطاج  .

فرصة الاستقرار

في المقابل برزت مواقف بالجملة تدعم يوسف الشاهد وحكومة الائتلاف الجديدة التي شكلها قبل شهرين ، بما في ذلك من داخل اليسار الاشتراكي والاحزاب العلمانية الليبيرالية مثل الوزير كمال مرجان .

وصدرت مثل هذه التصريحات عن بعض أبرز خصوم يوسف الشاهد السابقين مثل الوزير المستشار للرئيس سابقا وزعيم حزب مشروع تونس اليساري محسن مرزوق ، الذي فاز بثلاث حقائب في الحكومة الائتلافية الجديدة.

 وقد طالب مرزوق بأن تعطى هذه الحكومة فرصة الاستقرار عوض التهديد بإقالتها.

وحذر زعيم حزب المسار اليساري الوزير سمير الطيب  من مخاطر دفع بالبلاد مجددا نحو عدم الاستقرار الحكومي الذي برز منذ ثورة يناير2011  .

كما أعلن عبد الكريم الهاروني الوزير السابق ورئيس مجلس شورى حركة النهضة أن مؤسسات حزبه تساند يوسف الشاهد دعما للاستقرار السياسي في البلاد ، وهي تراهن على انجاز الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة لخريف 2019 في ظروف عادية .

وجدد وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام مساندة حكومة الشاهد التوافقية الحالية ، ودعا الى دعم للاستقرار السياسي الذي تحتاجه البلاد ويطالب به رجال الأعمال والمواطنون بهدف تحسين مناخ العمل وظروف العيش.

المساندة اللامشروطة ؟

لكن الضغوطات التي يمارسها المقربون من رئيس الجمهورية قائد السبسي من أجل إبعاد الشاهد أو إضعاف حظوظه في انتخابات الخريف القادم  تسببت في تعديل مواقف السياسيين ووسائل الإعلام المساندة لمشروعه السياسي والحزبي.

وكانت من بين مفاجآت الأسبوع الأخير من عام 2018 تنظيم الرئيس التونسي اجتماعا سياسيا  حمل فيه علنا رئيس الحكومة وشركاءه في الاتئلاف الحاكم بحضورهم مسؤولية الاضرابات والاخفاقات الاجتماعية والاقتصادية  التي تمر بها البلاد .

وتزامن الاجتماع مع حرب اعلامية استهدفت الشاهد  ردا على تصريحاته في حوار تلفزي مطول توجه به إلى الشعب حمل فيه نجل الرئيس ومن وصفهم برموز الفساد مسؤولية الازمة السياسية التي يمر بها الحزب الحاكم والبلاد .

واستهدفت الحرب الاعلامية الوزراء السابقين والبرلمانيين المنشقين عن حزب نداء تونس الذين يستعدون لتأسيس حزب موال للشاهد ومشروعه السياسي والانتخابي.

 كما شملت الحرب الاعلامية مجددا حركة النهضة وكتلتها البرلمانية بزعامة وزير العدل السابق نور الدين البحيري ورئيس الحكومة السابق علي العريض، لأنها أجهضت كل محاولات قصر قرطاج سحب الثقة من الشاهد في البرلمان .

وسبق لقائد السبسي أن اتهم يوسف الشاهد والمقربين منه بالتبعية لحركة النهضة ووصفه ب” النهضاوي” ، والحكومة الحالية ب ” حكومة النهضة” بحجة أن كتلتها أصبحت الأولى في البرلمان وعارضت تغييره.

شعرة معاوية

لكن أطرافا عديدة في مؤسستي رئاسة الجمهورية والحكومة وفي قيادة النهضة والنداء لا تزال تتمسك بشعرة معاوية وتسعى إلى استبعاد خيار القطيعة والصدام .

وفي هذا السياق فهم البعض اجتماع الرئيس مجددا في قرطاج برئيسي الحكومة والبرلمان بحضور رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وزعيمي نقابات العمال ورجال الاعمال نور الدين الطبوبي وسمير ماجول .

لكن ردود فعل المنسق العام باسم حزب النداء رضا بالحاج على هذا الاجتماع  تؤكد على تمسك عدد من صناع القرار في قصر قرطاج بخيار ابعاد يوسف الشاهد وفك الارتباط بين رئاسة الجمهورية وحركة النهضة .

في المقابل كشف الشاهد خلال حواره التلفزي الجديد عن إرادة سياسية للعب دور أكبر عام 2019 بما في ذلك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية .

 وبالرغم من استئناف الشاهد انتقاداته اللاذعة لنجل الرئيس حافظ  فإنه لم يقطع “شعرة معاوية” مع والده رئيس الجمهورية وأعلن أن العلاقة بينهما تغيرت ” ولكنها ” لم تنقطع ” ، وأنه يحترم الدستور، الذي يحدد صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية.

لكن المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية نور الدين بن نتيشة والناطقة الرسمية باسمها سعيدة قراش ومسؤول الاعلام فراس قفراش اعترضوا في تصريحات وتدوينات متعاقبة على  هذا تصريحات الشاهد وتحالفاته واعتبروا أن الدستور يلزمه بالانصياع لقيادة حزب النداء التي رشحته لمنصبه ، باعتباره الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2014.Résultat de recherche d'images pour "‫الشاهد و النهضة والسبسي‬‎"

براغماتية

  في الاثناء تتراوح مواقف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بين الحسم سياسيا في الشاهد والمنشقين عن حزب النداء وحلفائهم في حركة النهضة وبين قبول مبدأ الحوار والوساطات الداخلية والخارجية استعدادا لتنظيم المؤتمر الانتخابي للحزب في غضون 3 أشهر.

في هذا السياق أكدت مصادر عديدة أن وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي يقوم في صمت بجهود للتوفيق بين مختلف الفرقاء ، مستفيدا من علاقاته المتطورة برئيسي السلطة التنفيذية وأغلب القيادات الحزبية والسياسية والنقابية.

كما استقبل قائد السبسي موفدين عن رئيس الحكومة وعن المنشقين الذين يعتزمون تشكيل حزب سياسي بزعامة يوسف الشاهد سياسيا وتسند رئاسته الى كبير مستشاري قصر قرطاج سابقا الوزير الشاب سليم العزابي. 

ومن المقرر أن يكون في قيادة هذا الحزب مجموعة من الوزراء وكوادر الدولة الشباب الذين انحازوا للشاهد مراهنين على صغر سنه وانفتاح الآفاق أمامه : 42 عاما مقابل 92 بالنسبة لرئيس الجمهورية .

وعند حديثه عن التطور السلبي في علاقته بقيادة حركة النهضة تركت بعض تصريحات الرئيس قائد السبسي الباب مفتوحا أمام خط الرجعة مع رئيسها حركة الذي وصفه بالصديق  ، وأعلن أنه سيحافظ على ” شعرة معاوية ” التي تربطهما رغم خلافهما السياسي بسبب انحياز الغنوشي للشاهد .

كما استبعد السبسي كل فرضيات توظيف صلاحياته الدستورية لشل عمل الحكومة والبرلمان أو تعطيل العمل بالدستور ، مبررا موقفه بتشبعه بقيم الجمهورية والولاء للدولة وجعل مصالحها فوق الاعتبارات الشخصية والسياسية الظرفية .

المطبخ السياسي في قرطاج

لكن بصرف النظر عن فحوى النصوص الدستورية يؤكد واقع تونس أن المطبخ السياسي الأهم لا يزال في قصر الرئاسة بقرطاج الذي يتحكم في علاقات تونس الخارجية وفي توجهات المؤسستين العسكرية والأمنية ورئاسة البرلمان وقيادة الحزب الحاكم .

ورغم انضمام كبير مستشاري الرئيس ومدير مكتبه سليم العزابي إلى فريق يوسف الشاهد والمنشقين عن حزب النداء ، يعتقد مستشار الدراسات الاستراتيجية في رئاسة الجمهورية الوزير ناجي جلول أن العودة إلى التوافق بين القيادات السياسية والنقابية التونسية ممكنة إذا دعمها رئيس الجمهورية واحترمت البرنامج السياسي الاجتماعي الوسطي لحزب النداء وليس السياسات الليبرالية ” المتوحشة  للحكومة الحالية “التي تسببت في اندلاع مزيد من الاضرابات والازمات مع الاتحاد العام لنقابات العمال.

في هذا السياق ترشح بعض الشخصيات السياسية في قصر قرطاج للعب دور سياسي وطني أكبر بينها الوزيرة وسيدة الأعمال سلمى اللومي التي عينها قائد السبسي مديرة جديدة لمكتبه منذ مطلع شهر نوفمبر الماضي .

وتتميز سلمى اللومي بعلاقاتها الطيبة مع قيادات حزبي النداء والنهضة وبكوادر الدولة ورجال الأعمال وبزعماء أغلب الأحزاب العلمانية .

ولا تستبعد بعض الأوساط القيادية في حزب النداء أن تكون اللومي من بين المرشحين لتزعم الحزب وخوض الانتخابات الرئاسية القادمة باسمه، فضلا عن استعدادها لفتح صفحة جديدة مع الشاهد باعتبارها من بين القياديين الذين عارضوا قرار تجميد عضويته .

جسور جديدة

لكن كيف الخروج من المأزق السياسي الحالي ومن التجاذبات بين صناع القرار في قصري الرئاسة في قرطاج والقصبة وفي قيادتي النداء والنهضة؟

أم ستظل تونس بدون سلطة مركزية قوية وموحدة إلى ما بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية موفى 2019 ؟

رغم تبادل الاتهامات في وسائل الإعلام بين مسؤولي الائتلاف الحاكم والمعارضة والنقابات تكشف تصريحات كثير منهم حرصا على بناء جسور جديدة للتوافق بين رفاق الأمس في الحزب الحاكمين : النداء والنهضة  .

وبالرغم من تأكيد البيانات الجديدة الصادرة عن قيادة النهضة على دعم استقرار حكومة الشاهد فقد وجه عدد من قادتها بينهم وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام رسائل سياسية جديدة لقصر قرطاج تفتح الباب أمام اعادة ترتيب الأوراق .

عبد السلام أورد أن حركته ترحب بتأسيس الشاهد وأنصاره حزبا جديدا دعما للاستقرار السياسي ، لكن هذا التعاون لا يعني شراكة استرايتجية معهم على حساب بقية الاطراف السياسية، والحوار مع رئاسة الجمهورية .

وفهم المراقبون من هذا التصريح اعلان استعداد لاعادة التفاوض حول كل الملفات بما في ذلك مستقبل الحكومة الحالية ورئيسها .

في الاثناء أورد الوزير السابق ورئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني ، أن الاجتماع الموسع للمجلس قرر دعم الاستقرار الحكومي لكنه طالب يوسف الشاهد بعدم توظيف مؤسسات الحكم في السباق الانتخابي القادم .

واعتبر هذا الموقف عودة الى المربع الاول في علاقة النهضة بالشاهد ، أي مطالبته بالانسحاب من رئاسة الحكومة إذا قرر أن يترشح في الانتخابات الرئاسية  أو أن يتزعم حزبا وقائمات في الانتخابات البرلمانية.

ويعد موقفا رفيق عبد السلام وعبد الكريم الهاروني تطورا عن مواقف سابقة صدرت عن مسؤولين في الحركة انحازت بشكل غير مشروط للشاهد ، ردا على اعلان الرئيس قائد السبسي ونجله حافظ القطيعة السياسية مع زعيم النهضة راشد الغنوشي والمقربين منه .

يذكر أن الوزير السابق لطفي زيتون المستشار السياسي للغنوشي وقياديين آخرين في النهضة ، مثل رئيس المكتب السياسي نور الدين العرباوي وعضو المكتب السياسي سيد الفرجاني  ونائب رئيس الحركة والبرلمان عبد الفتاح مورو ، عارضوا علنا منذ مطلع الصائفة الماضية القطيعة مع رئاسة الجمهورية وقيادية حزب النداء وقللوا من أهمية الرهان على ما وصف بالشراكة الإستراتيجية مع الشاهد المرشح ليكون حاكم تونس القادم من قبل قوى مؤثرة داخل تونس وخارجها .Résultat de recherche d'images pour "‫الشاهد و النهضة والسبسي‬‎"

  حكومة تكنوقراط مستقلين

في الانتظار كيف يمكن أن تحكم البلاد ؟

الوزير المستشار لقائد السبسي والقيادي في حزب النداء ناجي جلول يعتبر أن الحل يبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط تتشكل من مستقلين عن كل الأحزاب السياسية تكلف بحكم البلاد حتى تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية واستكمال اجراءات نقل السلطات موفى 2019 أو مطلع 2020 .

جلول وعدد من الزعماء النقابيين وقادة حزب النداء و زعماء الأحزاب المعارضة يعودون إلى المطالبة باقالة رئيس الحكومة الحالية والوزراء السياسيين ودعوتهم إلى التفرغ إلى مشاريعهم السياسية والانتخابية ، على غرار ما حصل في 2014 مع حكومة المهدي جمعة بعد توافق سياسي رعته قيادة نقابات العمال ورجال الأعمال ومنظمة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان .

لكن زعيم حزب مشروع تونس اليساري الوسطي محسن مرزوق وعددا من المنشقين عن حزب النداء وحلفاءهم الإسلاميين يعترضون على هذا المطلب ويحتجون بكون الدستور لا يلزم رئيس الحكومة وبقية الوزراء بالاستقالة من مناصبهم إذا قرروا المشاركة في الانتخابات .

مؤتمر وجبهة ضد النهضة ؟

في الكواليس تروج  سيناريوهات إضافية حول حكم البلاد في المرحلة القادمة إحداها تشكيل تحالف مفتوح ضد حركة النهضة بين أبرز الفرقاء السياسيين يوحد أنصار قائد السبسي والشاهد وحلفاءهما بهدف إضعاف حظوظ الاسلاميين في الانتخابات القادمة .

اصحاب هذا السيناريو يحاولون احياء جبهة “الحداثيين والعلمانيين” الذين يلعبون في مشروعهم الانتخابي ضد النهضة ورقة الاختلاف مع ما يسمى بحركات الإسلام السياسي والتيارات المحافظة ذات المرجعيات الدينية ، أي نفس الورقات التي لعبها حزب النداء ومجموعات أقصى اليسار في انتخابات 2014.

ويراهن هؤلاء على عقد مؤتمر توحيدي بين كوادر حزب النداء وانتخاب قيادة جديدة .

وفي صورة فشل هذا الخيار يقع اللجوء الى السيناريو الثاني أي تشكيل أنصار الشاهد لحزب يرث غالبية كوادر حزب قائد السبسي ، تسند رئاسته الى سليم العزابي الوزير مدير الديوان الرئاسي السابق، مع ضمان انفتاح هذا الحزب انتخابيا على المستقلين وعلى كفاءات منشقة عن أحزاب اخرى من بينها حركة آفاق الليبيرالية و الحزب الجمهوري السابق بزعامة أحمد نجيب الشابي والمهدي بن غربية وعصام الشابي واياد الدهماني . …

لكن حسابات كل السياسيين قد تنهار في صورة تدخل عناصر جديدة أكثر خطورة من بينها الانفجارات الاجتماعية والاضطرابات الامنية المرتبطة بتطورات الأوضاع في ليبيا والجزائر وفي المنطقة عموما ..

وجهات نظر 0 comments on ترامب.. بين توقعات عزله في 2019 و حظره بانتخابات 2020

ترامب.. بين توقعات عزله في 2019 و حظره بانتخابات 2020

أجمعت توقعات اثنين من المسؤولين الأمريكيين البارزين على أن العام 2019 سيكون حاسماً لرئاسة دونالد ترامب، الذي أربك العالم وبلاده بسياستها الخارجة عن المألوف، والتي كان لها انعكاسات على مختلف الجوانب.

يأتي ذلك بعد أن أنهى ترامب عامه بشكل سيئ على الصعيد الشعبي، ففي أواخر ديسمبر الماضي، كشف استطلاع للرأي أن معظم الأمريكيين يريدون عزل ترامب، أو إخضاعه رسمياً لمراقبة الكونغرس.

وأفاد الاستطلاع بأن 59% ممن شملهم الاستطلاع أبدوا رغبتهم في ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية.

كما تأتي نتائج الاستطلاع في وقت يواجه فيه ترامب اتهامات تتعلق بتواطؤ حملته الانتخابية مع روسيا في انتخابات 2016، التي أوصلته إلى البيت الأبيض.

واتهم الادعاء الفدرالي ترامب، أوائل ديسمبر الماضي، في قضية منفصلة تتعلق بتقديم مدفوعات سرية لامرأتين تتهمانه بإقامة علاقات معهما، مقابل شراء صمتهما.

– تنحٍّ مقابل حصانة
آيان ستينبرغ، مستشار الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، توقع إقدام ترامب على التنحي عن الحكم في 2019، مقابل المطالبة بالحصانة من الملاحقة القضائية له ولأسرته.

وأضاف ستينبرغ، في مقال بصحيفة “ستار ليدجر” الأمريكية، أن ذلك يأتي على خلفية التحقيقات التي يواجهها ترامب، سواء فيما يتعلق بالتدخل الروسي في الانتخابات أو ما يتعلق بدفع رِشى لشراء صمت امرأتين تتهمانه بإقامة علاقات معهما.

وأوضح أن تلك الاتهامات قد تفضي في النهاية إلى إقصائه من البيت الأبيض، مضيفاً: “أعتقد أن ترامب لن يُقصى عن الحكم بموجب إجراءات العزل الدستورية”.

وجهات نظر 0 comments on بعد كلمة السبسي ليلة رأس السنة هل تُنظم الانتخابات في موعدها ؟

بعد كلمة السبسي ليلة رأس السنة هل تُنظم الانتخابات في موعدها ؟

عزيزة بن عمر 

 

ينتظر الشارع التونسي إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية نهاية عام 2019، في ظل وجود بعض الترجيحات باحتمالية تأجيلها.

و حذرت بعض الأطراف السياسية من أي تأجيل، مشيرة إلى أنه سيكون له أثار سلبية على المشهد السياسي في البلاد .

رئيس الجمهورية 2019 ستكون سنة فاصلة و انتخابية بامتياز”:

دعا رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي إلى استقبال السنة الإدارية 2019 بكثير من التفاؤل و المسؤولية لأنها ستكون سنة فاصلة، مشيرا إلى أن السنة الجديدة هي سنة انتخابية بامتياز إذ سيتم فيها انتخاب رئيس الجمهورية و نواب الشعب في انتخابات حرة و نزيهة و شفافة، ما سيمكن من تكريس التمشي الديمقراطي في تونس.

و أكد رئيس الجمهورية، في كلمة توجه بها الى الشعب التونسي بمناسبة حلول السنة الادارية الجديدة، على ضرروة توفير المناخ المناسب لاجراء هذه الانتخابات في ظروف جيدة، “حتى يتيقن القاصي و الداني أن المسار الديمقراطي لا رجعة فية”، داعيا، في هذا الصدد، إلى المسارعة بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الذي قال إنه تأخر كثيرا، و إلى انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و تجديد انتخاب اعضاء الهيئة المتبقين.

و شدد الباجي قائد السبسي على أهمية أن يشارك الشعب التونسي بكثافة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، مؤكدا أن “العزوف لا موجب له وأن كل تونسي مطالب بالادلاء بصوته و اختيار من يمثله وتحمل مسؤوليته في ذلك”،

كما قال السبسي إن المجال مفتوح أمام الجميع للترشح الى هذه الانتخاتات، وأن النتائج التي سيفرزها صندوق الاقتراع سيتم القبول بها، داعيا الى رص الصفوف من أجل إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الهام.

رئيس الحكومة التونسية يعلن إجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية أواخر 2019 :

من جهته أكّد رئيس الحكومة  يوسف الشاهد، الثلاثاء، أن الانتخابات التشريعية و الرئاسية ستُنجز في موعدها، أواخر العام 2019.

و أظهر الشاهد “حرصه” على تنظيم الاستحقاقات القادمة في مواعيدها، رغم ما تردد عن سعي السلطات إلى تأجيلها؛ بسبب الأزمة المستمرة بين الحكومة و الرئاسة.

وقال يوسف الشاهد في حوار صحفي، إنه يتمنى أن تتضافر جهود الطبقة السياسية لإنجاح الانتخابات التشريعية و الرئاسية المقبلة، مشددًا على “ضرورة تنقية المناخ السياسي قبل مواعيد الانتخابات”.

تصريحات الشاهد “تقاطعت” مع خطاب رئيس البلاد الباجي قايد السبسي، بمناسبة حلول العام الجديد، و التي جاء فيها أنّه “يترقب العام الجديد بكثير من المسؤولية و التفاؤل؛ لأن 2019 ستكون سنة فاصلة و انتخابية بامتياز”، دون كشف رغبته في الترشح لولاية جديدة مثلما رددتها أوساط سياسية سابقًا.

و اتهمت أحزاب معارضة “جهات نافذة في الحكم”، بالتخطيط لتعطيل المسار الديمقراطي عبر التأجيل “غير المبرر”، مع تهديدها بالتصعيد  والتظاهر في الشارع حال تنفيذ “مخطط التعطيل”، بحسب الكتلة الديمقراطية المعارضة في مجلس النواب.

و أبرزت الكتلة أن استمرار أزمة شغور منصب رئيس الهيئة العليا للانتخابات، “دليل قاطع على عدم رغبة أطراف سياسية فاعلة في إجراء الانتخابات في موعدها”.

النهضة تتمسك باجراء النتخابات في موعدها:

من ناحيته قال منار السكندراني، القيادي بحركة “النهضة”، في تصريحات له إنه لا وجود لأية مؤشرات حتى الآن بشأن لتأجيل الانتخابات، و أن ما يتردد هو  إيحاءات من بعض المواطنين غير الفاعلين السياسيين، وأن رئيس الدولة ورئيس الحكومة أقرا موعد الانتخابات والنقابة أيضا.

و أضاف أن عملية تأخير الانتخابات لن تتم إلا بالتوافق و الإجماع، و بهذا الشكل لن تمثل خطرا، إلا أن الخطر يكمن في  إسقاط الانتخابات أو إسقاط الهيئة.

لعبة الحسابات

يرى محللون سياسيون أن تأجيل الانتخابات التشريعية و الرئاسية المقبلة، سيكون بمثابة الخطوة غير محسوبة العواقب، في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد.

و يقول المحلل السياسي، مصطفى القلعي، في تصريح “لأصوات مغاربية”  إنه “بالنظر إلى الفشل الكبير في إدارة الملفات الاقتصادية و الاجتماعية، و العجز عن حل مشاكل التنمية و التشغيل، فإن تأجيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سيكون بمثابة القضاء على نقطة القوة الوحيدة لدى الائتلاف الحاكم المتمثلة في مواصلة مسار الانتقال الديمقراطي”.

“النجاح في تنظيم الانتخابات في موعدها ساعد على مواصلة القوى الدولية و صناديق المال دعمها للائتلاف الحاكم، فيما سيسهم تأجيل الانتخابات المقبلة في إنهاء هذا الدعم”، يردف المحلل السياسي.

و يرجّح المتحدث ذاته أن يكون حزب نداء تونس الطرف الوحيد الذي من مصلحته تأجيل الانتخابات، في ظل “تفاقم أزمته الداخلية بحصول انشقاقات جديدة تضاف إلى تشرذمه السابق، خاصة مع تشبث أطياف المعارضة بموقفها في تثبيت موعد الاستحقاقات التشريعية والرئاسية المقبلة”.

ومن هذا المنطلق، فإن القلعي يعتبر أن “حالة التفكك والخوف من فقدان الحكم لدى نداء تونس، من شأنه الدفع به إلى التفكير في لعب ورقة تأجيل الانتخابات الرئاسية و التشريعية المزمع تنظيمها في 2019”.

 الانتخابات تؤجل في حالتين فقط:

 قال نبيل العزيز، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إنه لا يوجد أي مؤشر لتأجيل الانتخابات حتى الآن، و أنها تؤجل في حالتين فقط.

وأضاف، في تصريحات صحفية أن الأوضاع حتى الآن تسير نحو إجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية في موعدها المقرر في أكتوبر  وحتى ديسمبر ، و أن الحالة التي يمكن فيها تأجيل الانتخابات هي أن تكون البلاد في حالة طوارئ بسبب تهديدات الإرهاب، أو وجود تهديدات أخرى تتعلق بالأمن القومي، ويمكن للرئيس أن يعلن تأجيل الانتخابات حال وجود أي من هذه الأخطار.

وتابع أن الهيئة بصدد التحضيرات و التنسيق للعملية الانتخابية، من خلال إعداد القوائم الانتخابية (التسجيل) والتحضير لفتح باب الترشيح للانتخابات، و أن القوانين الخاصة بالانتخابات جاهزة.

التليلي المنصري يُحذّر من تأجيل موعد الانتخابات :

وكان الرئيس المستقيل للهيئة العليا للانتخابات، محمد التليلي المنصري، قد حذر من أن تأجيل المواعيد الانتخابية “يشكل مخاطر على المسار الديمقراطي”، معتبرًا أنه “لا يوجد في الظرف الحالي ما يستوجب تأجيل الاستحقاقات القادمة”.

و دعا التليلي المنصري، وقتذاك، إلى النأي بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن الصراعات السياسية، واعتبارها “خطًا أحمر، ومن يتذرع بأنّها غير جاهزة لتأجيل موعد الانتخابات، فهو غير مخطئ”، وفق تأكيده.

 

 

البارزة, وجهات نظر 0 comments on إشكالية الأولوية في الساحة الفلسطينية .. بقلم منير شفيق

إشكالية الأولوية في الساحة الفلسطينية .. بقلم منير شفيق

ما من سياسة إلاّ ولها أولوية حتى لو لم تعلن ذلك أو تحدده بدقة. لأن السياسة، أو الاستراتيجية، بلا أولوية محددة تحديداً دقيقاً وصحيحاً، تخرج موزعة الجهود، مرتبكة، أسيرة أولوية بعيدة عن الأولوية الصحيحة. فالسياسة والاستراتيجية المفتقرتان للأولوية المحددة تحديداً دقيقاً وصحيحاً، تراها عند الذين يحددون عدة أولويات في آن واحد، هروباً من تحديد الأولوية الصحيحة.

 

في مفهوم النضال

فعلى سبيل المثال يخطئ الذين يدعون تبنيهم “كل أشكال النضال”، وهذا يعني أنهم يؤيدون النضال الاجتماعي السلمي، ويمارسون المقاومة المسلحة، أو يؤيدون الانتفاضة الشعبية، ويؤيدون المفاوضات مع العدو الصهيوني (ويعتبرونها شكلاً من أشكال النضال). ولكن هذا النهج لا يمكن تطبيقه في آن واحد. ومن جانب الطرف المعني. لأنه لا مفر لمن يقولون باستخدام كل أشكال النضال، أن يستخدموا في الحقيقة، شكلاً محدداً يعطونه الأولوية. وهؤلاء في الغالب هم الذين لا يقتربون من شكل المقاومة المسلحة، أو الانتفاضة الشعبية التي تذهب إلى المواجهة والقطيعة الفعليين مع العدو.  

 

أثبتت التجربة أن حل الدولتين الذي أُعطي الأولوية في سياسة محمود عباس بأنها أولوية غير واقعية

مع طرح المشروع المرحلي في 1973 و1974، ووجه بتهمة التخلي عن هدف التحرير الكامل. وقد انتهى بعد مساومات مع الفصائل، بما تضمنته النقاط العشر. ومن يدقق فيها يجدها جملة تحفظات وتحوّطات ضد التخلي عن التحرير الكامل والعودة، وضد القرار 242 ومسار التسوية، وما شئت من ضد.

 

عن السلطة وأولوية “فتح”

كان هدف إقامة سلطة وطنية من النقاط العشر هو الهدف الرئيس أو الأولوية بالنسبة إلى قيادة فتح. أما ما عداه من “أولويات” تضمنتها النقاط العشر فلم تكن بالنسبة إلى قيادة فتح مهمة بما فيها إلحاق السلطة بعبارة، المقاتلة (يعني بمجرد أن تطأ قدماها الأرض تواصل القتال. وليس التحضير للقتال).

هنا مثل صارخ على سياسة واستراتيجية تطرح مجموعة أولويات لتخبئ أولوية حقيقية هي المقصودة، وهي التي يُراد أن تقود الممارسة والسياسة اللاحقة لتأكيدها.

الإشكال نفسه عاد عام 1988، وتبلور بشكل أشد خطراً مع طرح “إقامة الدولة الفلسطينية” على أراضي الرابع من حزيران (يونيو) 1967.

أمام هذه الانتقالة الأكثر تحديداً للأولوية، هدفاً ونضالاً للمرحلة الراهنة، تم الوقوع في الخطأ المستمر حتى اليوم. وهو الخطأ الفادح في عدم تحديد الأولوية الصحيحة والأكثر واقعية أي الأكثر إمكاناً للتحقيق. وهي أولوية دحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات من المناطق الفلسطينية المحتلة في حزيران (يونيو) 1967. لأن إعطاء الأولوية لإقامة دولة فلسطينية هنا كان بمثابة وضع العربة أمام الحصان، أي إعطاءها الأولوية على أولوية تحرير الأرض المحتلة في الخامس من حزيران (يونيو) 1967. 

تحرير الأرض أولا

طبعاً كان الجواب أن تحرير الأرض له أولوية أيضاً. ومن لا يلاحظ أن اعتبار الأمرين أولوية على قدم المساواة غير ممكن، فهنا، لا بد من أن تكون الأولوية لأحدهما، وعلى التحديد أن تكون الأولوية لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات (تحرير الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة). وبعيداً عن إدخال موضوع الدولة، إذ بعد التحرير لكل حادث حديث. يمكن أن نختلف وننقسم ونتصارع: هل نقيم دولة فلسطينية أم يُقام وضع آخر يُهيّئ للتحرير الكامل أو وضع لا يتناقض ولا يعوّق التحرير الكامل والعودة الكاملة.

لاحظوا الفارق الكبير بين الأولويتين ووضعهما على قدم المساواة وبين جعل الأولوية لتحرير الأرض بلا قيد أو شرط.

إعطاء الأولوية لإقامة الدولة فرض أن تركز الديبلوماسية الفلسطينية على نيل الاعتراف بالدولة وبحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. وهنا تبدأ المساومات، بداية من قِبَل الدول الكبرى ومن ثم الانتقال للمفاوضات الثنائية لحل يقوم على أساس حل الدولتين. وهذا لم يعد افتراضاً، أو خلافاً، وإنما هذا ما أثبته الواقع وباللسان الفصيح. بل وحمل في طياته حماية الاحتلال ضد أية مقاومة وانتفاضة، وصولاً إلى التنسيق الأمني، وسمح في طياته بالمضي في الاستيطان طولاً وعرضاً. وبهذا بقيت الأرض تحت الاحتلال وتحت الاستيطان.

أما عندما يكون الهدف أو الأولوية لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات، وبلا قيد أو شرط، وضمن استراتيجية مقاومة وانتفاضة، أو في الأدق ضمن استراتيجية انتفاضة شعبية لها الأولوية، ويخضع لها ولخدمتها ما تيسر من مقاومة مسلحة وأشكال نضال. وهنا يسقط بيد العدو، وبيد حلفائه، كما بيد حلفاء م.ت.ف والشعب الفلسطيني من دول. لأن الكل معترف بعدم شرعية الاحتلال، والكل معترف بعدم شرعية الاستيطان (ولاحقاً اعتباره جريمة حرب) فلا يجوز المساومة عليهما. ويجب على العدو أن يتراجع إلى خطوط الهدنة، بلا قيد أو شرط، إذ لا يجوز أن يُكافأ على ما اقترف من احتلال وأقام من مستوطنات. هذا ما يُقرره القانون الدولي أولاً وميثاق هيئة الأمم ثانياً، وعدد من القرارات الدولية في ما يتعلق بالاحتلال والاستيطان.

حل الدولتين كارثة

بل أثبتت التجربة أن حل الدولتين الذي أُعطي الأولوية في سياسة محمود عباس ومن يقترب منها بهذا القدر أو ذاك، أو لا يتخذ موقفاً حاسماً ضد هذه الأولوية، أو يعتبر الانقسام عليها (سياسة حل الدولتين) كارثة فلسطينية أو أم الكوارث، أثبتت التجربة بأنها أولوية غير واقعية، بالرغم مما تحمله أساساً من تفريط بالثوابت والحقوق الأساسية الفلسطينية.

يتبين من كل ذلك أن تحديد الأولوية تحديداً صحيحاً ودقيقاً مسألة حاسمة اليوم أيضاً في خوض الصراع الناجز، وعلى التحديد هنا إعطاء الأولوية لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية والقدس بتبني استراتيجية الانتفاضة الشعبية (قطاع غزة تخلص من الاحتلال والاستيطان وأصبحت مشكلته فك الحصار، إلى جانب الأولوية نفسها الخاصة بالقدس والضفة وعنده إمكان بناء قاعدة مقاومة مسلحة جبارة وإطلاق مسيرات كبرى).    

 

تحديد الأولوية تحديداً صحيحاً ودقيقاً مسألة حاسمة اليوم أيضاً في خوض الصراع الناجز

ومن هنا ينتقل أي هدف آخر يتعلق بوحدة الموقف الفلسطيني أو المصالحة ليصبح خاضعاً للأولوية المذكورة، ويكون في خدمتها. ومن هنا نلمس خطأ ما ركزت عليه مفاوضات المصالحة، وما تم على طريقها من اتفاقات مثل إجراء الانتخابات، أو ترتيبات انتقال سلطة رام الله إلى قطاع غزة. وذلك بدلاً من أن تقوم المصالحة على أساس وحدة وطنية في مواجهة الاحتلال والاستيطان من خلال تبني استراتيجية الانتفاضة الشعبية السلمية الشاملة، وما يتخللها من مقاومة شبابية ومبادرات. وهذا يمكن أن يتم إذا ما كانت الأولوية لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات.

إذا أُعطيت الأولوية لمقاومة الاحتلال والاستيطان أصبحت المصالحة ممكنة. أما إذا كانت هي الأولوية أي أصبح حل القضايا والوقائع التي أدت إلى الانقسام هما شرطها فخذ فشلاً طويلاً دام حتى الآن اثنتي عشرة سنة والحبل على الجرار.

وجهات نظر 0 comments on ما حقيقة الموقف الأمريكي من تمدد إيران في المنطقة ؟

ما حقيقة الموقف الأمريكي من تمدد إيران في المنطقة ؟

تتباين الآراء والتحليلات في تفسير موقف الولايات المتحدة الأمريكية من التمدد الإيراني في المنطقة، بين من يرى أنه إنجاز إيراني يتناسب مع قدرات إيران ونفوذها الإقليمي، وبين من يفسره على أنه يأتي في سياق تفاهمات أمريكية إيرانية، حددت سقوف التمدد الإيراني في المنطقة، وتوظفه أمريكا كورقة ضغط لاستنزاف ثروات دول الخليج العربي.

وثمة رأي ثالث يفسر سكوت أمريكا عن زيادة النفوذ الإيراني بتمددها في المنطقة إلى وجود توجهات أمريكية تهدف إلى توريط إيران في حروب مكلفة؛ لاستنزافها على المدى الطويل، ويعزز أصحاب ذلك الرأي تفسيرهم بما يقال عن إرهاصات انهيار النظام الإيراني من داخله.

أمريكا و إيران: عداء و تعاون

ووفقا للكاتب والباحث المصري أسامة الهتيمي، فإن “العلاقة بين أمريكا وإيران تتخذ وجهين؛ أحدهما ظاهر يتسم بالعداء، والآخر خفي يتسم بالتعاون وتبادل المصالح، غير أن الوجه الأول من هذه العلاقة يطغى على الثاني عندما تتعارض المصالح، وتسعى إيران للتمرد على بيت الطاعة الأمريكي”.

وأضاف في حديثه لـ”عربي21“: “وحينذاك لا يكون أمام واشنطن إلا ممارسة حزمة من الضغوط؛ بهدف إعادتها مجددا دون رغبة حقيقية في انهيار النظام الإيراني، الذي كان ومنذ وجوده في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ورقة وظيفية نجحت أمريكا عبرها في تحقيق الكثير من الأهداف الإستراتيجية والأمنية والاقتصادية في المنطقة”.

 

وتابع: “ويبرز في مقدمة تلك الأهداف توفير الأمن للكيان الصهيوني، بعد أن تم استنزاف طاقات دول المنطقة في مواجهة المشروع الفارسي بدلا من التركيز على القضية المركزية وهي القضية الفلسطينية”.

ووصف الهتيمي “التمدد الإيراني في المنطقة بأنه أحد أهم الأدوار المهمة التي تقوم بها إيران رغم الادعاء الأمريكي بمحاربته، كون ذلك التمدد أصبح فزاعة تبتز بها أمريكا ثروات المنطقة، وهو في نهاية الأمر يخدم المصالح الأمريكية”.

ورأى الهتيمي أن “السماح لإيران بهذا التمدد في المنطقة يحقق هدفا آخر، يتعلق بإبقاء إيران في دائرة الاستهداف العربي لأسباب كثيرة، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو قومي، ومنها ما عقدي وهو الأهم بسبب تبني المشروع الإيراني للمذهب الشيعي الإثني عشري الذي يصطدم مع عقيدة الأغلبية في المنطقة، الأمر الذي يديم حالة الصراع ويجعلها مفتوحة”.


صعود إيران نتيجة الضعف العربي

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الهاشمية في الأردن، الدكتور جمال الشلبي، “إن صعود إيران وتمددها في المنطقة العربية يأتي نتيجة الفراغ الذي تعيشه المنطقة منذ 2003، وهو يزداد ويتوسع، فإيران بما تمتلكه من مشروع إقليمي استغلت ذلك، ووظفته لصالحها”.

ونفى الشلبي في حديثه لـ”عربي21” “وجود توافقات أمريكية إيرانية في المنطقة العربية”، واصفا ذلك بأنه “لا يعدو أن يكون جزءا من الدعاية العربية لتبرير حالة الضعف السائدة لدى الدول العربية، وهي بمثابة كلمة حق يراد بها باطل”، على حد قوله.

ولفت الشلبي إلى أن إيران استفادت من ضعف الدول العربية من جهة، كما استفادت من التراجع الأمريكي في المنطقة والعالم من جهة أخرى، فأمريكا لم تعد “شرطي العالم” كما أكدّ ذلك قبل أيام الرئيس الأمريكي ترامب من بغداد، لأنها تمر بأزمات داخلية، وهي في حالة تراجع دائم”.

وأشاد الشلبي بقدرة الإيرانيين على امتصاص الضربات القوية الموجهة لهم، ومرونتهم العالية في التكيف الإيجابي مع العقوبات المفروضة عليهم، وهو ما يقوي اعتمادهم على أنفسهم، اقتصاديا وعسكريا، مستبعدا أن تتمكن أمريكا من استنزاف إيران على المدى الطويل، بسبب التراجع الأمريكي من جهة، وذكاء الإيرانيين السياسي وبراعتهم في إدارة الأزمات من ناحية أخرى”.

 

وطبقا للشلبي، فإن “إيران بنفوذها وقوتها أصبحت حجر الأساس في المحور الدولي الذي يتشكل حاليا، والممتد من بكين وموسكو، وأنقرة.. حتى ولو كبدها ذلك أموالا كبيرة من ثروتها جراء صعودها الحالي”.

يُذكر أن من الآراء المتداولة في تفسير حقيقة الموقف الأمريكي من التمدد الإيراني افتراض وجود توجهات أمريكية تسعى لاستنزاف إيران على المدى الطويل، وهو ما عبر عنه القيادي السابق في جبهة النصرة السورية، صالح الحموي، صاحب الحساب المشهور “أس الصراع في الشام” على تويتر.

ففي تغريدة له، نشرها الخميس الماضي عبر الحساب المذكور، قال الحموي: “الذي ينظر بعمق وراء الأحداث يعلم أن السبب الأول لسماح أمريكا لإيران بالتمدد في سوريا ولبنان واليمن هو استنزافها طويل الأمد، واليوم تقول فائزة بنت علي أكبر هاشمي رفسنجاني: النظام الإيراني ينهار من الداخل”، وهناك احتمال انهياره بشكل كامل فاصبروا وتفاءلوا”، واصفا ذلك الصبر بـ”الصبر الاستراتيجي”.

 

إيران فرضت تمددها

 

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي الأردني، حازم عياد، “إن الموقف الأمريكي من تمدد إيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان يتسم بالتخبط والعجز، ويبرز مدى فقدان الإدارات الأمريكية المتعاقبة للاستراتيجيات الثابتة، يضاف إلى ذلك كله ضعف حلفاء أمريكا في المنطقة، ما أتاح لإيران بسط النفوذ وسهولة التمدد”.

وأشار عياد إلى أن “تباين وجهات نظر مؤسسات صنع القرار في أمريكا بخصوص الشأن الإيراني انعكس سلبا على الموقف الأمريكي من التمدد الإيراني في المنطقة، وجعلها عاجزة وقاصرة عن احتوائه، أو مواجهته مواجهة قوية وفاعلة”.

وتعليقا على ما يقال من أن التمدد الإيراني في المنطقة يأتي في سياق تفاهمات أمريكية إيرانية، أوضح عياد لـ”عربي21” أن تلك التفاهمات محدودة، وليست دائمة ومفتوحة، ففي أفغانستان تعاونت أمريكا مع إيران، ثم وقع الصراع بينهما فيما بعد، وكذلك كان الحال في العراق”.

وختم حديثه بالتنبيه إلى “ضرورة ملاحظة وجود تضارب استراتيجي كبير بين أمريكا وإيران؛ لأن إيران لديها مشروعها الخاص بها، وهي تسعى بكل إمكاناتها وقدراتها لفرضه على المنطقة، وبالتالي فمن السذاجة القول بأن أمريكا سمحت لإيران بالتمدد في المنطقة؛ لأن إيران فرضته بقوتها نتيجة التخبط الأمريكي والضعف العربي”.

وجهات نظر 0 comments on الصراع على سوريا بين أمريكا و روسيا

الصراع على سوريا بين أمريكا و روسيا

لا يوجد أدنى شك في عقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تعتبر المستهدفة الأولى من قبل الإرهاب الدولي المرتكز على الجماعات الإسلامية المتشددة، و بسبب المخاوف من دور آت للحركات الإسلامية المتشددة، وعلى خلفية الحساسية الخاصة من التيارات الإسلامية التي ارتبطت في شكل مباشر أو غير مباشر بالوضع الداخلي في روسيا، إبان حربها على التطرف والنزعات الانفصالية في شمال القوقاز. وواضح أن التيارات التي بدأت معتدلة في هذه المنطقة أخذت تنحو نحو التطرف التكفيري لاحقاً، بسبب ارتباطها بتنظيمات “القاعدة” و”داعش” و”جبهة النصرة”.

صراع دولي

 
وفي ظل إخفاق الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود التحالف الدولي من أجل محاربة “داعش”، وقرب  روسيا الجغرافي من المشرق العربي، والانخراط المعلن لفصائل جهادية متحدرة من الشيشان وجمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية سابقاً في التنظيمات الإرهابية المقاتلة على الأرض السورية، أصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى في تداعيات الحرب المدعومة إقليميا ودوليا، والتي تشن ضد الدولة الوطنية السورية، أنها تشكل تهديداً مباشراً لروسيا عند ارتدادها إلى الأراضي الروسية. هنا تختلف الحسابات الروسية عن مثيلاتها الأمريكية في تقييمها لخطر “داعش” وأخواتها، على الأقل لاعتبارات القرب الجغرافي، حيث تستدعي مباشرة البعد الدولي للصراع في سورية.

وبما أن الصراع في سورية هو صراع دولي، ما بين الدول المستقلة والإمبريالية، وصراع إقليمي، مع منظومة البترودولار الرجعية العربية، وصراع عربي مع العدو الصهيوني في مواجهة مشروع التفكيك، أي أنه صراع في سورية على سورية ومن أجل تفكيكها، وليس صراعاً سورياً-سورياً بالأساس، فإنّ من حق سورية أن تطلب إن أرادت، ومن واجب من يسعون للتخلص من الأحادية القطبية في العالم، أو يناهضون هيمنة البترودولار على الإقليم، أو يعادون العدو الصهيوني، أن يستجيبوا لمطلب سورية بتقديم الدعم والمساندة إن طلبتهما، فسورية هي التي طلبت المساعدة من الروس، والروس أتوا بالتنسيق مع الدولة السورية، أي بقرار سيادي سوري، على قاعدة تقاطع المصالح بين الطرفين، ولم يأتوا رغماً عن الدولة السورية أو من دون موافقتها، فهم لم يأتوا محتلين للأراضي السورية، أو منتهكين للسيادة السورية كما تفعل دول التحالف التي تزعم مقاتلة “داعش” منذ عام دون أن تؤثر فيه كثيراً، مع سبق الإصرار على عدم التنسيق مع الدولة السورية.

 

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى في تداعيات الحرب المدعومة إقليميا ودوليا، والتي تشن ضد الدولة الوطنية السورية، بأنها تشكل تهديداً مباشراً لروسيا

والحال هذه، روسيا دخلت كحليف بطلب من الدولة السورية الشرعية، التي لم يضعها الغرب في الحكم، بل التي تدافع عن استقلال سورية، وروسيا دولة ليس لها تاريخ استعماري في بلادنا، ولا أطماع استعمارية، ولا تستطيع الاستمرار في سورية من دون موافقة الدولة السورية، وعليه، فإن دخولها لسورية ليس معادياً بل هي صديق، ودخولها ذو أمد محدود الأجل.

في ظل التهديدات التي باتت تشكلها الحركات الإرهابية والتكفيرية المدعومة من قبل قوى إقليمية ودولية معروفة، على وحدة الدولة والمجتمع في سورية، اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين أن بقاء الدولة السورية وعدم انهيارها، مسألة حياة أو موت لروسيا، إنّها قضية وجود لروسيا التي تعتقد أنّ خروجها من سورية خروج من كلّ المنطقة العربية. وفضلاُ عن ذلك، فإنّ الاستقرار في سورية يعزز الاستقرار في المناطق الجنوبية من روسيا ذات الأغلبية السكانية المسلمة.

 

موسكو ترى أن بوابة العبور إلى المياه الدافئة وعالم البحار المفتوحة وصولا إلى أوروبا وآسيا واحتلال موقع مهم في خريطة الشرق الأوسط، تمر عبر سورية

وانطلاقا من الأخطار المحدقة بسورية، بسبب الحرب الطاحنة التي تدور رحاها منذ سبع سنوات على الأراضي السورية، ترفض روسيا فرض أي تغييرات في بنية الدولة السورية، أو دستورها، أو التركيبة الديموغرافية لها بل حرصت موسكو على أن يمر دعمها الأخير عبر تدعيم مؤسسات الدولة السورية، وعلى رأسها الجيش العربي السوري، إيماناً منها أن الهدف الرئيس من الحرب الدائرة هي تفكيك الدولة السورية، وتقسيمها على أسس طائفية ومذهبية وعرقية. والحال تدعم روسيا بقاء الدولة السورية وليس دفعها للتشظي.

ترى موسكو في الأزمة في سورية باباً لاجتراح المبادرات وهي تتقاسم الرؤى عينها مع الدولة السورية: محاربة الإرهاب وهزيمته هما المدخلان الحقيقيان لإيجاد تسوية سياسية للأزمة، مع التأكيد على أن دور الجيش السوري والرئيس الأسد يعتبر جوهريًا في هذه العملية. وهذا يعني أيضا ترك مصير الرئيس السوري لفترة تالية بعد القضاء على تنظيم “داعش”.

وهكذا، باتت موسكو ترى أن بوابة العبور إلى المياه الدافئة وعالم البحار المفتوحة وصولا إلى أوروبا وآسيا واحتلال موقع مهم في خريطة الشرق الأوسط، تمر عبر سورية وصولا إلى المنطقة العربية والخليج العربي وتركيا وإيران. ويعني ذلك أن تتحدى روسيا النظام الدولي أحادي القطبية، عبر خلق موانع جيو ـ سياسية في مناطق جغرافية مختلفة لموازنة الضغوط الأمريكية عليها في جوارها الجغرافي المباشر. ومن شأن التحصن والتمكن من اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري أن يؤمن لروسيا إطلالة ممتازة على شرق البحر الأبيض المتوسط، وموقعاً لا يبارى في التأثير على موازين القوى بالمشرق العربي والمنطقة.

روسيا وتحقيق التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة

لا بد من التأكيد أن سورية أصبحت متموضعة على خريطة اقتسام الأدوار بين القوى الإقليمية والدولية الكبرى، وتقع في بؤرة الصراع بين القوى الإقليمية والدولية، لا سيما بعد الإنخراط الروسي العسكري في سورية، والذي ينطلق من حسابات الأمن القومي الروسي في ظل تنامي الحركات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، ومن مقتضيات المواجهة بين روسيا وحلف الناتو على خلفية الأزمة الأوكرانية، وما تتطلع إليه موسكو من استعادة روسيا مكانتها كقوة كبرى فاعلة ومؤثرة في الأزمة السورية، في سبيل تحويل النظام الدولي من الأحادية القطبية، التي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية، إلى نظام دولي تعددي تلعب فيه روسيا وعدد من القوى الإقليمية الصاعدة دورًا محوريًا وموازيًا للدورالأمريكي.

كما انتقلت الإستراتيجية الأمريكية في إدارة الصراعات الإقليمية في كل من العراق وسورية إلى تأسيس نمط من تقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية بين كيانات متناحرة، يستنزف بعضها بعضا، ولا يمكن لأي منها  الانتصار أو الهيمنة، بما يخفض أي تهديد بالنسبة للكيان الصهيوني. غير أنّه في  ظل هزيمة هذا المخطط الأمريكي ـ الصهيوني لإسقاط الدولة الوطنية السورية، وتحقيق مشهد التقسيم لسورية، بالاعتماد على القوى الطائفية والمذهبية الذي ثبت أن خطر التطرف الذي تفرزه بات يُصِيبُ بنيران الإرهاب مختلف بقاع الأرض بلا استثناء، ويُهَدِدُّ بصعود تيارات يمينية فاشية، في الدول الغربية الأوروبية والأمريكية، أصبحت المعضلة الرئيسية التي تتجلى أمام الولايات المتحدة الأمريكية تتمثل في بناء نظام أمني تعددي، يخضع في الوقت عينه لإدارة أمريكية معقدة ومتوازنة، ولكن الخلافات المتكررة بين الموقف الروسي من الأزمةالسورية والمخططات الأمريكي في سورية، يطرح إشكالية حقيقية حول إمكانية نجاح الولايات المتحدة الأمريكية في مثل هذا النظام الأمني، خاصة في ظل طموحات روسيا لبناء نظام دولي تعددي.

لقد نجحت روسيا في السنوات القليلة المنصرمة من الأزمة والحرب في سورية، في بناء التوازن الاستراتيجي مع الغرب أو الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي في سورية، وبالتالي إعادة بناء التوازن الدولي بكامله، أو لنقل توازن القوى في النظام الدولي،بعدما اختل ميزان القوى الدولية لمصلحة واشنطن وحلفائها في الغرب، في أميركا وأوروبا، وفي العالم بأسره، كما تمكنت من منع أو ربما لجم التدخل العسكري الغربي، المباشر والكبير، في الأحداث أو المعارك السورية. كما تمكنت الدولة الروسية من ضرب الإرهاب الدولي، لا سيما  الإرهاب التكفيري، في إطار الاستراتيجية التي أطلقتها لمحاربته بقصد مكافحته، ليس من داخل الدولة السورية وعلى امتداد مساحة إقليمها ومجالها الجغرافي فحسب، وإنما في أنحاء عدة وفي أماكن مختلفة من خارطة المنطقة والجغرافيا السياسية العالمية.

وجهات نظر 0 comments on بعد الطعن على قانون الاستفتاء.. ما مصير الدستور الليبي؟

بعد الطعن على قانون الاستفتاء.. ما مصير الدستور الليبي؟

طرحت الطعون التي تقدم بها بعض أعضاء من البرلمان الليبي والأعلى للدولة وهيئة الدستور ضد التعديلات الأخيرة التي أجراها البرلمان ومنها قانون الاستفتاء، عدة استفسارات حول مصير عملية التصويت على الدستور الليبي ومصير الاستفتاء حال حكمت المحكمة العليا ببطلان قانونه.

ورأى رافضون لهذه الطعون أن هذه الخطوة ربما تطيل المراحل الانتقالية في البلاد، وأن التعديلات في البرلمان تمت بحضور الأغلبية ومن ثم فلا داعي للطعن عليها حتى تنتهي الدولة من التصويت على الدستور للانتقال إلى العملية الانتخابية المنتظرة.

وتقدم عدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور ومجلسي النواب والأعلى للدولة في ديسمبر الجاري، طعنا للمحكمة العليا في التعديلين العاشر والحادي عشر اللذين أجراهما مجلس النواب على الإعلان الدستوري.

وأثارت هذه الطعون تساؤلا حول مصير عملية الاستفتاء على الدستور الليبي؟ وهل سترفض المحكمة التعديلات فعلا ومن ثم العودة لنقطة الصفر؟

إشكالية وطعن في الإجراءات

من جهته، أوضح عضو هيئة صياغة الدستور الليبي، إبراهيم البابا أن “الطعن المقدم يخص الإجراءات التي قام بها البرلمان لإصدار قانون الاستفتاء، وتحديدا النصاب القانوني اللازم كما هو منصوص عليه في الإعلان الدستوري وتعديلاته”.

وأشار في تصريحات صحفية إلى أن “الإشكالية التي تواجه قانون الاستفتاء أنه لا يصدر إلا بالتشاور مع مجلس الدولة وفق الاتفاق السياسي، لكن البرلمان ليس لديه القدرة على الإيفاء بالتزاماته وإقرار القوانين اللازمة لنقل الدولة من المرحلة المؤقتة إلى المرحلة الدائمة والدستور الدائم، وفق التشريعات التي تنظم عمله سواء الإعلان الدستوري أو حتى لائحته الداخلية”.

وتابع: “لذا يجب التفكير بشكل جدي في بدائل لإقرار القوانين اللازمة وهي قانون الاستفتاء، وبعدها قانوني الانتخابات الرئاسية والتشريعية”، كما صرح.

“غموض وجدل”

وقال العضو المؤسس في حراك “الاستفتاء أولا”، محمد محفوظ إن “هناك غموضا كبيرا حول مصير الاستفتاء على مشروع الدستور، في ظل الجدل القانوني الذي صاحب جلسة إقرار القانون والتعديلات الدستورية من البرلمان”، حسب تعبيره.

وأضاف في تصريحات لـ”عربي21” أن “هذا الجدل هو ما دفع البعض بتقديم طعون لدى الدائرة الدستورية في المحكمة العليا حول هذه الإجراءات، لكن يجب هنا التأكيد أن رئيس البرلمان، عقيلة صالح طالب مفوضية الانتخابات بالإسراع في تنظيم عملية الاستفتاء”.

رفض القانون

وتوقع المحلل السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي أن “يتم رفض قانون الاستفتاء من قبل المحكمة العليا، كونه لا يتوافق مع الإعلان الدستوري وكذلك مخالفته للاتفاق السياسي، كما أن الأطراف الموجودة في المشهد السياسي حاليا لا تؤيد مشروع الدستور، لأنه سيجعلهم جميعا خارج المشهد”، وفق تقديراته.

وأوضح  أن “الإشكالية الأكثر تعقيدا هي أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لم تؤيد هذا المشروع (الاستفتاء) وسط غياب إجابة أو تفسير لذلك حتى الآن”.

“تأخير”

لكن المدون الليبي، فرج فركاش رأى أن “الطعون المقدمة ستؤخر عملية الاستفتاء، وحتى دون الطعون فهناك اعتراض أيضا من مجلس الدولة على التعديلات الدستورية الأخيرة وعلى القانون الذي قدم لمفوضية الانتخابات، وهذا من شأنه إطالة الأزمة وتأخير صدور الاستحقاقات اللازمة لأي استفتاء أو انتخابات”.

وحول حل هذه الإشكالية قال: “لابد من تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري الذي سيسمح لمجلسي النواب والدولة إبداء ملاحظاتهم على مشروع الدستور، وإرجاعه للهيئة للتعديل قبل الاستفتاء عليه وفق المادة 51 من الاتفاق السياسي وإصدار قانون استفتاء توافقي”.

واستدرك قائلا : “ربما يعول المبعوث الأممي، غسان سلامة على إيجاد مخرج من خلال المؤتمر الجامع المزمع عقده قريبا، من خلال التوافق على قاعدة دستورية تُبنى على أساسها قوانين الانتخابات، لكن هذا للأسف سيترتب عليه الذهاب إلى مرحلة انتقالية رابعة”.

وجهات نظر 0 comments on هل تشهد قمة تونس مصالحة دمشق؟

هل تشهد قمة تونس مصالحة دمشق؟

هل تكون القمة العربية القادمة في تونس، قمّة المصارحة والمصالحة العربية مع سوريا عقب 8 سنوات كاملة من الحرب الكلامية والإعلامية والنفسية والسياسية والاقتصادية المتبادلة، التي لم تفض سوى إلى تعميق الأزمة وتأخير التسوية.

بمعنى أدقّ، هل تكون قمة تونس 2019، قمة إعادة الانفتاح العربي على دمشق وبالتالي قمّة وضع قطار العمل العربي المشترك على سكّة التعاون والتشاور، بعيدا عن مسلكيات إسقاط الحكومات والعواصم العربية بالحديد والنار وطرائق منح الشرعيات الرسمية والدبلوماسية لفصائل عسكرية ومجالس انتقاليّة متناحرة وميليشيات مسلحة على غرار قمة الدوحة 2013، والتي شهدت جلوس رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الخطيب على كرسي الدولة السورية وأفضت إلى انقسام خطير بين أعضاء الجامعة العربية.

لعبت الجامعة العربية أدوارا خطيرة وخاطئة، ضمن الجغرافيا السياسية والإستراتيجية العربيّة، وانزاحت في أكثر من مرة لا إلى ميثاقها التأسيسي وفلسفة عملها العربي، بل إلى موازين القوى الإقليمية وإلى طبيعة الفاعلين السياسيين.

كان بالإمكان للجامعة العربية أن تلعب دورا أكثر عمقا وتعديلا وتأثيرا في الساحة الليبية إبان اندلاع الانتفاضة في مارس 2011، دون أن تحصر دورها في استصدار قرار دوليّ تحت الفصل السابع أباح للأطلسي التدخّل العسكري وأتاح للميليشيات المسلحة السيطرة على فصائل الدولة وحوّل ليبيا من فاعل إقليمي إلى جغرافيا مستباحة وخطرا أمنيا على كافة الجيران.

دون استباق للأحداث السياسية، ودون سقوط في التكهّن حيال استقدام عربي لدمشق في القمة القادمة، من الواضح أنّ المشهدية السياسية باتت اليوم مواتية لعودة دمشق إلى المنتظم العربي، وما استئناف العمل الدبلوماسي في السفارات العربية والخليجية وآخرها سفارة دولة الكويت، إلا دليل على تغيير كبير وجليّ في المواقف حيال دمشق والمواقع حيال الصراع السوريّ.

على الجامعة العربية والكثير من أعضائها، استيعاب الدرس السوري بشكل عميق واستكناه حقيقة أنّ الطبيعة الاستراتيجية تأبى الغياب وأنّ توظيف المنتظم العربي من قبل عواصم إقليمية في سبيل تحقيق مآرب مصلحية ضيقة لا يؤمن الوظيفة الحقيقية للجامعة العربية بل يزيدها ترهّلا وسقوطا، وأنّ الحضور الروسي والإيراني الكثيف والبارز على الساحة السياسية قوامه أساسا الغياب العربي والارتهان لطرف على حساب آخر والرهان على الحصان الخاسر، وقد خسر السباق.

ولئن كان من واجب الجامعة العربية على دمشق، الإقرار بخطيئة الغياب أو بخطأ ترحيل الملفات العربية إلى الفاعلين الدوليين، فمن واجب الدولة السورية على السوريين أولا وعلى باقي العرب ثانيا الاقتناع بأنّ الاعتماد على النهج الأمني وعلى المسلكية الاستبدادية في مواجهة المظاهرات السلمية والمطالبة بالحقوق الإنسانية، خيار يزيد من الشقة بين المواطن والوطن، ويهضم ويقضم الكثير من الشرعية السياسية للفاعل الرسمي.

لن نجادل في قدرة دمشق على مجابهة الأزمة في شقها العسكري والأمني والاستخباراتي، ولكن في المقابل تبقى في تقديرنا الأزمة السياسية والحقوقية والمدنية والثقافية ماثلة إلى يوم الناس هذا، حيث لا تزال السجون والمعتقلات السورية السرية منها والرسمية، مسرحا للتنكيل بالذات البشرية وبكينونة الإنسان.

الأزمة في سوريا، ظاهرها السلاح وباطنها الإصلاح، وكل حسم يكتفي بشقه العسكري والأمني ولا يلتفت إلى الزوايا الحقوقية والمدنية والسياسية، فهذا ليس سوى تأجيل لتمرّد ثان وانتفاضة جديدة طالما أنّ مقدمات الغضب لا تزال قائمة وإرهاصات الاحتقان لا تزال ماثلة.

إعادة الإعمار الحقيقي في سوريا، ليست فقط إعادة إعمار الحجر والشجر، بقدر ما هي إعادة “إعمار البشر وتعمير الإنسان”، بمعنى نيل الذات البشرية والمجموعة الوطنية حقوقها الإنسانية والثقافية والمدنية والسياسية على أرضها، وهنا فقط يمكن الحديث عن انتصار سوري، والذي لا بد أن يكون انتصارا عسكريا على الأعداء ونصرا معنويا على الجسم الاستبدادي والقمعي القائم في الدولة السورية.

إن كان للقمة العربية القادمة في تونس من عنوان، فليكن عنوان “المصارحة والمصالحة” بين العواصم العربية وسوريا من جهة وبين السوريين ودولتهم من جهة ثانية، وهو بالضبط منتهى السيادة، أن يكون المواطن سيّدا على أرض ذات سيادة.

وجهات نظر 0 comments on العراق.. قلق سياسي من عودة “الإقصاء” بـ “هيئة اجتثاث البعث” استمع

العراق.. قلق سياسي من عودة “الإقصاء” بـ “هيئة اجتثاث البعث” استمع

منذ احتلال العراق أسست القوات الأمريكية والدول المتعاونة معها نظاماً سياسياً يقصي كل من له علاقة تنظيمية بحزب البعث الذي أطيح به من حكم العراق.

وقد كُيِّف هذا الإجراء بصيغة قانونية عبر إنشاء “الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث”، بقانون صادر عن سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأمريكي بول بريمر، في 16 أبريل 2003.

ويتهم عراقيون حزب البعث المنحل بلجوئه إلى جميع وسائل الترغيب والترهيب لإجبار المواطنين على الانضمام إليه، وإعلان ولائهم له، وقد اضطر المواطنون إلى فعل ذلك لضمان حياتهم وحقوقهم الأساسية، ويتبنى الحزب القومي العربي الفكر الإشتراكي، وظل يحكم العراق حتى الغزو الأمريكي.

وبناءً على قانون اجتثاث البعث، حُلّ الجيش العراقي الذي تأسس عام 1920، وطرد آلاف الموظفين في الدولة من وظائفهم، وأقصي كل من له علاقة بالحزب من تولي وظائف الشأن العام.

وبعد إقرار الدستور الدائم استمر عمل الهيئة، وكيِّف وجودُها دستورياً عبر نص في الفصل الثاني بالمادة 135 التي نصت على “مواصلة الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث أعمالها بوصفها هيئة مستقلة”، ولضمان حماية هذه الهيئة وقانونها اشترط واضعو الدستور حلها عن طريق البرلمان بأغلبية مطلقة.

ومنذ لحظة إقرار القانون، تعرض للانتقاد من مختلف قوى العراق، واتُّهمت القوى السياسية المشاركة في الحكم باستخدامه لإقصاء المعارضين لها.

كما اعتبرت قوى مجتمعية عديدة، وعلى رأسها هيئة علماء المسلمين، القانون أداة لممارسة الإقصاء الطائفي الذي طال العرب السنة الذين قاطعوا العملية السياسية في ظل هيمنة الاحتلال الأمريكي عليها.

واتهمت مجموعة منظمات غير حكومية، في ورقة مشتركة قدمت لاجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف عام 2010، الحكومة باستخدام القانون لتصفية معارضيها.

وسعياً من الحكومة لتجاوز الانتقادات؛ أجريت تعديلات على القانون، من خلال قانون جديد سمي بـ”المساءلة والعدالة”، إلا أن الأحزاب الشيعية التي لها النصيب الأكبر في حكم العراق، اعترضت على التعديلات، فتدخلت واشنطن وضغطت لإقرارها تحت عنوان دعم “المصالحة الوطنية”.

وجاء ذلك بهدف إقناع العرب السنة بالانخراط في العمل السياسي، فأقرت التعديلات، في 14 يناير 2008، لكن المعارضين ومعهم منظمات حقوقية رأت أن القانون الجديد “أسوأ من قانون اجتثاث البعث”، لإمكانية استغلاله بنفس الطريقة التي استغل بها القانون الأصلي.

مجلس النواب العراقي (أرشيفية)

– الإقصاء السياسي
ورغم عدم اكتمال تشكيل حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الجديدة التي أعقبت الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو الماضي، بدأت هيئة المساءلة والعدالة تحركها لمتابعة ملفات الوزراء والمسؤولين والمرشحين للمناصب الثانوية بالحكومة، وهو ما أثار قلق الجهات السياسية التي حذرت من أن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لـ”تصفية الخصوم” عبر قرارات الهيئة.

وقالت كتلة ائتلاف الوطنية، التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي: إن “هيئة المساءلة والعدالة أصبحت أداة لتصفية الخصوم وإقصائهم عن العملية السياسية”.

وفي بيان صادر عن الكتلة، يوم 15 ديسمبر، قال النائب كاظم الشمري: “كنا نتمنى أن تبتعد هيئة المساءلة والعدالة عن انحيازها لبعض الجهات السياسية التي لا تتوانى لحظة بالاستعانة بهذه الهيئة لتصفية خصومها وإقصائهم عن العملية السياسية”.

جاء بيان الكتلة تعليقاً على قرار تعليق العضو فيها عباس صالح من مجلس محافظة العاصمة بغداد، بالاستناد إلى شموله بإجراءات قانون المساءلة والعدالة.

ولفت الشمري إلى أن “قانون المساءلة والعدالة سيئ الصيت دليل واضح على مدى التدخل السافر لبعض الجهات السياسية، وممارسة سياسة الإملاء على البعض من أعضاء الهيئة، الذين باتوا مسلوبي الإرادة ولا يمتلكون سوى الانصياع لهذه الجهة أو تلك”.

– مظالم
وفي ذات السياق، قال عضو بمجلس محافظة نينوى شمال العراق لـ”الخليج أونلاين”: إن “القانون استخدم في بداية الاحتلال لتصفية وإبعاد العرب السنة من العملية السياسية والمناصب الحساسة بالدولة”.

وأضاف: “حالياً يتم استخدامه لإقصاء الخصوم السياسيين، فكل من له توجه معارض لسياق الحكم الشيعي الذي يدور في فلك إيران يقصى بتهمة الانتماء لحزب البعث”.

وأكد المسؤول المحلي العراقي أن “قرار اجتثاث البعث جاء على خلفية سياسية واجتماعية واقتصادية سلبية، ألحقت الظلم بشريحة واسعة من المجتمع بالعراق، وأدت إلى احتقان اجتماعي وأضرار اقتصادية بحق شرائح كبيرة من المجتمع”.

وكان البرلمان العراقي منح، في 25 أكتوبر الماضي، الثقة لـ14 وزيراً بحكومة عبد المهدي، غير أن الخلافات السياسية حالت دون التوصل إلى اتفاق على تسمية ثمان وزراء هم باقي تشكيلة الحكومة.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد”، في نوفمبر الماضي، عن مسؤول بهيئة المساءلة والعدالة قوله: إن “الهيئة أجرت دراسة وتحقيقاً شاملاً في ملفات جميع الوزراء بحكومة عبد المهدي، وخلصت إلى نتيجة أن إجراءاتها لا تنطبق إلا على وزيرين اثنين، هما وزير الاتصالات نعيم الربيعي، ووزير الشباب أحمد العبيدي”.

وأكد المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن “الهيئة أرسلت كتاباً رسمياً إلى رئاسة البرلمان بتفاصيل كاملة عن كل وزير”.

تجدر الإشارة إلى أن حزب البعث حكم العراق منذ عام 1968 ولغاية احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003، وانتظم في صفوف الحزب مئات الآلاف من العراقيين.

وكان يندر أن يتولى أي عراقي منصباً بمؤسسات الدولة المدنية أو العسكرية دون أن يكون عضواً بالحزب.

وجهات نظر 0 comments on العراق والعودة الأمريكية.. إعادة غزو أم ترتيب أوراق؟

العراق والعودة الأمريكية.. إعادة غزو أم ترتيب أوراق؟

يجري الحديث حالياً في العراق عن وصول قوات خاصة أمريكية إلى أربيل قادمة من سوريا، بناءً على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات الأمريكية من الاخيرة، ويبقى انسحاب القوات الأمريكية من سوريا موضوعاً غامضاً، وحتى الآن لم يعرف أحد على وجه الدقة لماذا تقرّر الانسحاب، إلا أن دخولها العراق كما تقول وسائل الإعلام وبعض المصادر الأمنية العراقية يفتح الباب على مصراعيه أمام المزيد من الاحتمالات حول مستقبل هذه القوات ومهمتها، خاصة وأن للعراق تجربة مريرة مع الأمريكيين.

حول وجود القوات من عدمه، ذكر مصدر أمني عراقي أن القوات الأمريكية، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب سحبها من سوريا، ستتجه للاستقرار في قاعدتها العسكرية بمحافظة أربيل شمالي العراق.

مقابل ذلك ذكرت مصادر عسكرية أمريكية في العراق، أثناء سياق إبلاغها حلفائها بقرار الرئيس ترامب، أوضحت لـ “مسؤول أمني عراقي” بأن القوات المنسحبة من سوريا “ستستقر في القاعدة العسكرية (الأمريكية) في أربيل شمال العراق، وأنها ستباشر بوضع نقاط حدودية بين سوريا وإقليم كردستان العراق” حيث شرعت القوات الأمريكية بإنشاء “مركز عمليات عسكرية مشترك مع قوات البيشمركة” الكردية على الحدود العراقية ــ السورية.

وفي هذا الإطار قال أحمد الشريفي الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، في حديث خاص إلى وكالة “سبوتنيك” الروسية: إن القوات الأمريكية التي ستنسحب من سوريا تتجه فعلياً إلى قاعدة في الأراضي العراقية.

وأضاف: “إن القوات الأمريكية قامت بمناورة، حيث إن عملية انسحابها تعدّ إعادة انتشار في المنطقة لا أكثر، وإن الآليات التي خرجت من سوريا وصل بعضها إلى قاعدة أربيل العسكرية، ويتم العمل حالياً على توسعة المدارج والمساحة لاستيعاب أعداد أكبر، خاصة أنها قاعدة قديمة للقوات الأمريكية.

والثغرة في حديث ترامب كانت بعدم إشارته صراحة إلى وجهة القوات الأمريكية المنسحبة من سوريا سوى بالإطار العام بأنها ستعود إلى البلاد، واتهمه خصومه أنه لم “يستشر أي من الشركاء الاستراتيجيين من بينهم فرنسا والأردن وإسرائيل”.

ردود أفعال حول قرار ترامب

اعتبر رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأمريكي جورج بومبيو أن “تطور الأمن في سوريا له علاقة مباشرة بأمن العراق واستقرار المنطقة.

وذكر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي أن “عبد المهدي تلقى اتصالاً هاتفيا من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو شرح خلاله الأخير حيثيات الانسحاب المرتقب من سوريا، وأكد أن أمريكا مستمرة بالتزاماتها في محاربة داعش والإرهاب في العراق وبقية المناطق.

وحسب البيان، فإن الوزير الأمريكي أثنى على وحدة الشعب العراقي بمختلف مكوناته وعلى جهود الحكومة بحماية الأمن في العراق ومنع التدخل في شؤونه وإكمال التشكيلة الوزارية.

وأضاف: إن “عبد المهدي استعرض طبيعة التطورات الإيجابية في البلاد والسعي لاستكمال التشكيلة الوزارية التي من المتوقع أن تحقق المزيد من التقدم خلال الأسبوع المقبل.

وأكد عبد المهدي أن “تطور الأمن في سوريا والوصول إلى تسوية سياسية له علاقة مباشرة بالأمن العراقي واستقرار المنطقة، وأن العراقيين هم الأكثر حرصاً على ترسيخ الوحدة الوطنية والدفاع عن سيادة بلادهم ومنع التدخل في شؤونها الداخلية.

خروج القوات من سوريا

لايزال هذا الموضوع غامضاً في ظل وجود تأكيدات بأن أمريكا لن تنسحب بشكل كامل من شرقي الفرات وستبقي على وجودها قرب الحدود بين سوريا والعراق لمنع إيران من استخدام الطريق البري في نقل الأسلحة إلى “حزب الله”، بحسب ما زعم موقع “ديبكا” المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية.

وقال الموقع: إن قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا ليس كلياً، وإنما جزئي، حيث من المفترض أن تنتشر قوات أمريكية شرق سوريا وغرب العراق للحيلولة دون نقل شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله وسوريا.

وأضاف: إن الانسحاب الأمريكي من سوريا لن يؤثر على ميليشيات الحماية بوجه عام، وإنما مجرد دعاية إعلامية فحسب، وبأن أمريكا تعمل وستعمل على مساعدتها وما يدور من حديث هو مجرد دعاية فحسب.

وأشار إلى أن أمريكا دشنت قاعدة عسكرية جديدة على حدود مدينة الأنباء العراقية، قرب الحدود العراقية السورية مؤكداً أن هناك اتفاقاً أمريكياً تركياً روسياً جديداً بالقرب من الحدود السورية، وأن هناك عدة شواهد على ذلك، منها نقل صواريخ “إس 300” الروسية في سوريا إلى مدينة دير الزور السورية، المحاذية للحدود العراقية.