وجهات نظر 0 comments on بعد تعليق عضويتها قرابة ال8 سنوات : بداية التململ لعودة سوريا إلى ” الحضن العربي” ‎

بعد تعليق عضويتها قرابة ال8 سنوات : بداية التململ لعودة سوريا إلى ” الحضن العربي” ‎

عزيزة بن عمر

بعد أن خرجت سوريا من “الحضن العربي” عام 2011 عندما قررت الجامعة العربية تعليق عضويتها، و إبقاء المقعد شاغرا، رغم الموافقة على تسليمه للمعارضة السورية في قمة الدوحة 2013، إلا أن المقعد عاد شاغرا بعد ذلك.

ها هو اليوم يتيح التحوّل الكبير الذي طرأ على المزاج العربي، التطبيع الكامل للعلاقات مع سوريا في المستقبل القريب، متمثلا في زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق الأسبوع الماضي واللقاء الذي جمع قيادات في المخابرات السورية مع نظرائهم المصريين في القاهرة، وإعلان الإمارات العربية المتحدة، الخميس، فتح سفارتها في دمشق، ثم وصول أول رحلة طيران تجارية سورية إلى تونس بعد سنوات من المقاطعة . وبقي النظام السوري راغبا في العودة لمقعده بحسب مراقبين، ورغبت دول عربية بذلك إلا أن ذلك إلى الآن لم يترجم واقعا، لكن بعض القرائن ربما تدل على اقتراب عودة ممثل سوريا للجامعة العربية.

الإمارات تعيد فتح سفارتها في سوريا :

وذكرت مصادر خليجية مراقبة أن الإمارات تقود تيارا عربيا لا يريد أن يكرّر تجربة عزل العراق التي أوصلت الوضع فيه إلى لحظة الغزو الأميركي ودخوله في المدار الإيراني كاملا.

و أعادت الإمارات فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاق دام سبع سنوات. ووفق بيان لوزارة الخارجية الإماراتية، “أعلنت أبوظبي عودة العمل في سفارة الدولة بالعاصمة السورية دمشق”.

و أضافت المصادر الخليجية أن العزلة العربية هي فرصة إيران التامة، و أن نظام الرئيس بشار الأسد تحت التأثير الإيراني الآن، ولكن ضمن توازنات مع قوى أخرى خصوصا روسيا. و توقعت أن تقوم القمة العربية المقبلة المؤمّل عقدها في تونس، بإعادة تأهيل نظام الأسد و استيعابه في المحيط العربي.

و عدّ وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قرار الإمارات بعودة عملها السياسي و الديبلوماسي في دمشق، وليد قناعة بأن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربيين مع الملف السوري حرصا على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها.

و قال ديبلوماسي عربي طلب عدم نشر اسمه في حديث إلى “رويترز” الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن الغالبية تريد إعادة سوريا لمقعدها في الجامعة مشيرا إلى أنه لا يتوقع معارضة سوى ثلاث أو أربع دول.

جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في أبريل نيسان إن قرار تعليق عضوية سوريا كان متسرعا.

موقف دول الخليج من عودة سوريا إلى الجامعة العربية:

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، الأربعاء، تقريراً قالت فيه إن بعض الدول العربية تعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 8 سنوات من تعليق عضويتها.

و قالت الصحيفة البريطانية، نقلا عن مصدر لم تكشف عنه، إن “دول الخليج تعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 8 سنوات من تعليق عضويتها”، وأضافت أنه “وفي مرحلة ما من العام المقبل من المرجح أن يتم الترحيب بالرئيس السوري بشار الأسد في الجامعة العربية ليشغل مقعده مرة أخرى بين قادة العالم

و ذكّرت “الغارديان”، في تقريرها، بأنه “تم طرد سوريا من جامعة الدول العربية عام 2011 بسبب ردها العنيف على المدنيين، مشيرة إلى أن تلك الخطوة فشلت و تطورت الأمور إلى حرب كبيرة”.
كما أشارت إلى “أن الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، الأسبوع الماضي، بادرة ودية من جانب السعودية في ضوء علاقاتها الوثيقة بالخرطوم”.

وصرحت مصادر ديبلوماسية لصحيفة “الغارديان”، بأن هناك إجماعا بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية البالغ عددها 22 دولة على ضرورة إعادة سوريا إلى الجامعة، على الرغم من أن الولايات المتحدة تضغط على الرياض و القاهرة لتأجيل الخطوة.

و أضافت المصادر أن “الرغبة في إعادة سوريا إلى حضن الجامعة العربية قد تكون استراتيجية جديدة من جانب السعودية و الإمارات في محاولة لإبعاد دمشق عن طهران، وتغذيها الوعود بتطبيع العلاقات التجارية وإعادة الإعمار، حيث تحتاج إعادة إعمار سوريا إلى قرابة 4000 مليار دولار”.

بدورها، نقلت صحيفة “الوطن” السورية، عن رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي، تأكيده أن التراجع عن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، لن يأخذ وقتا طويلا، مشددا على أنه “لا تضامن عربيا بلا سوريا”.

و قال عبد الهادي، الذي يشارك في اجتماعات وفعاليات الجامعة العربية: “هناك جهود حثيثة من عدد كبير من الدول العربية التي تسعى من أجل أن تعود سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية”. وأضاف: “الكثير من الدول لا مانع لديها في ذلك، ونعتقد أن الأمور ستسير في هذا الاتجاه، وخاصة بعد أن توضحت الأمور بأن الذي جرى في سوريا كان في جزء كبير منه يهدف إلى تدميرها خدمة للمشاريع الإسرائيلية في المنطقة”.

وحول الدول التي تبذل جهودها لإعادة سوريا إلى الجامعة، أشار إلى أن أكثر من نصف عدد دول الجامعة العربية يؤيدون ذلك.

موسكو: عودة سوريا إلى الأسرة العربية ستسهم في تسوية النزاع

أشار الممثل عن الخارجية الروسية، إيغور تساريكوف، إلى أهمية الجهود الرامية إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية كجزء من مساعي تحريك عجلة التسوية السياسية في البلاد.

وقال الدبلوماسي الروسي اليوم، أثناء اجتماع موسع للجان التنسيق المشتركة الروسية-السورية الخاصة بعودة اللاجئين، إن العمل على عودة سوريا إلى الجامعة العربية يمثل اتجاها مهما ضمن التسوية السياسية في البلاد، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق يوم 16 ديسمبر الجاري للقاء نظيره السوري بشار الأسد تشكل خطوة ملموسة في هذا الاتجاه.

وجدد تساريكوف ترحيب الخارجية الروسية بأول زيارة لزعيم عربي إلى سوريا منذ تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية شهر نوفمبر 2011، مضيفا أن هذه الزيارة ستسهم في استئناف العلاقات بكامل النطاق بين سوريا والدول العربية الأخرى وعودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة قريبا.

وقال: “ننطلق من أن عودة سوريا إلى الأسرة العربية من شأنها أن تسهم إسهاما محسوسا في عملية التسوية السورية بالتوافق مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

ليبيا تدعم عودة سوريا للجامعة العربية ودعوة الأسد لحضور قممها:

من جانبه أعلن حسن منصور، الديبلوماسي في الحكومة الليبية المؤقتة التابعة لمجلس النواب، أن حكومة بلاده تدعم استعادة سوريا مكانتها في الجامعة العربية، كبلد مؤسس للمنظمة.

وق ال منصور لوكالة نوفوستي اليوم الجمعة: “سوريا يجب أن تعود إلى مكانها في جامعة الدول العربية. هذا بلد مؤسس ووجودها هام وضروري، خاصة في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها منطقتنا”.

و أعرب الديبلوماسي في الحكومة الليبية المؤقتة التابعة لمجلس النواب والمتمركزة بشرق البلاد، أعرب عن أمله في دعوة سوريا إلى القمم العربية في عام 2019 ، والتي ستعقد في بيروت و القاهرة و تونس.

و أضاف الدبلوماسي أن انتصار سوريا على الإرهابيين بدعم من الحلفاء يخلق مناخا دبلوماسيا جديدا في العلاقات مع دمشق، وعلى وجه الخصوص، افتتاح سفارة الإمارات في دمشق بعد ست سنوات من إغلاقها.
وقال الدبلوماسي الليبي “إن افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في سوريا هو خطوة نحو تحسين العلاقات العربية بشكل عام، ومع سوريا على وجه الخصوص. وهذه الخطوة هي جزء من عملية التنسيق الجارية بين الدول العربية لاستعادة إحدى العواصم العربية المحورية الرئيسية – دمشق”.

و في السياق ذاته قال مصدر في الإدارة الرئاسية التونسية في وقت سابق، لوكالة نوفوستي، إن العديد من الدول العربية، بما فيها تونس والجزائر، تنسق الجهود لإعادة سوريا إلى المنظمة. ووفقا لمصدر الوكالة، يعتزم الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، مناقشة دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة الجامعة العربية في تونس في مارس القادم ودعوته كذلك إلى قمة بيروت في يناير.

وستستضيف تونس القمة السنوية لجامعة الدول العربية في نهاية مارس من العام المقبل. ومع ذلك، ووفقا لوزير الخارجية التونسي، فإن مسألة مثل استئناف عضوية سوريا في الجامعة العربية يجب أن تحل على أعلى مستوى من قبل جميع أعضاء المنظمة.

الجامعة العربية: لا مؤشرات على تغير موقفنا تجاه عودة سوريا

أعلن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، حسام زكي، إنه لم يطرأ تغيير على موقف الجامعة من عودة سوريا إلى المنظمة، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني لدمشق لم تجر بالتنسيق مع الجامعة.

وقال زكي، في تصريحات للصحفيين أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية: “إن المعطيات التي لدينا لا توحي بوجود تغيير في موضوع سوريا (تجميد أنشطتها في الجامعة العربية)”، واستدرك زكي قائلا: “ولكننا لا نصادق على أي تغيير في الفترة المقبلة”.

يذكر أن سعد بن عمر، مدير “مركز القرن” للدراسات في السعودية، كان قد قال إن كافة الأطراف ترحب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وأنه لا أحد يستطيع نكران أن سوريا دولة عربية وستظل عربية.
وأضاف، أن سوريا ذات تأثير هام في مجموعة الدول الأعضاء بالدول العربية، إلا أن ما حدث بعد 2011؛ خلق نظرة خاصة تجاه سوريا من قبل الدول العربية، خاصة في ظل احتوائها لمجموعات إيرانية، تمثل خللا في منظومة الأمن القومي العربي، وأن وجود تلك المجموعات قد يؤدي إلى إحداث زلازل في المنطقة العربية في المستقبل، خاصة أن هذه المجموعات يمكن أن تختفي وتظهر فيما بعد.

ودعا البرلمان العربي في وقت سابق، مجلس الجامعة العربية إلى إعادة سوريا إلى الجامعة، بعد سبع سنوات من تعليق عضويتها فيها.

يذكر أنه تم تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011، و استدعت بعض الدول العربية سفرائها من دمشق، إلا أن القيادة السورية اعتبرت قرار الوزراء العرب بتعليق مشاركة سوريا في عمل المنظمة العربية، غير قانوني وفاقد للشرعية.

وسوريا واحدة من الدول المؤسسة للجامعة العربية، ومع ذلك، لم تشارك الجامعة العربية فعليا في المفاوضات حول التسوية في هذا البلد العربي، على الرغم من حقيقة أن هذه الدولة من البلدان الرئيسية في العالم العربي.

وجهات نظر 0 comments on تغيّر المزاج السياسي يعيد دمشق إلى محيطها العربي

تغيّر المزاج السياسي يعيد دمشق إلى محيطها العربي

يتيح التحوّل الكبير الذي طرأ على المزاج العربي، التطبيع الكامل للعلاقات مع سوريا في المستقبل القريب، متمثلا في زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق الأسبوع الماضي واللقاء الذي جمع قيادات في المخابرات السورية مع نظرائهم المصريين في القاهرة، وإعلان الإمارات العربية المتحدة، الخميس، فتح سفارتها في دمشق، ثم وصول أول رحلة طيران تجارية سورية إلى تونس بعد سنوات من المقاطعة.

وذكرت مصادر خليجية مراقبة أن الإمارات تقود تيارا عربيا لا يريد أن يكرّر تجربة عزل العراق التي أوصلت الوضع فيه إلى لحظة الغزو الأميركي ودخوله في المدار الإيراني كاملا.

وأعادت الإمارات فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاق دام سبع سنوات. ووفق بيان لوزارة الخارجية الإماراتية، “أعلنت أبوظبي عودة العمل في سفارة الدولة بالعاصمة السورية دمشق”.

وأضافت المصادر الخليجية أن العزلة العربية هي فرصة إيران التامة، وأن نظام الرئيس بشار الأسد تحت التأثير الإيراني الآن، ولكن ضمن توازنات مع قوى أخرى خصوصا روسيا. وتوقعت أن تقوم القمة العربية المقبلة المؤمّل عقدها في تونس، بإعادة تأهيل نظام الأسد واستيعابه في المحيط العربي.

وعدّ وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قرار الإمارات بعودة عملها السياسي والدبلوماسي في دمشق، وليد قناعة بأن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربيين مع الملف السوري حرصا على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها.

وكتب قرقاش في تغريدة على حسابه الشخصي على تويتر أن “الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه التغوّل الإقليمي الإيراني والتركي”، وأن “الإمارات تسعى اليوم عبر حضورها في دمشق إلى تفعيل هذا الدور وأن تكون الخيارات العربية حاضرة وأن تساهم إيجابا تجاه إنهاء ملف الحرب وتعزيز فرص السلام والاستقرار للشعب السوري”.

ويعزو محللون التحوّل الحالي والمقبل في الموقف العربي إلى انحسار دور قطر وتغير موقف السعودية من طبيعة الصراعات في المنطقة.

ويرى هؤلاء أن الدوحة كانت قد مارست تحريضا غير مسبوق وترهيبا إعلاميا للضغط على الدول العربية لتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية. واعتبر أميرها السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي تخاصم مع الرئيس السوري شخصيا، أن محور سياسته يقوم على تدمير النظام السوري وأوكل المهمة عربيا لوزير خارجيته في حينه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

وكانت سوريا قد تحوّلت إلى ساحة لمنافسة قطرية سعودية على كسب النفوذ والحصول على الولاءات من فصائل سورية مختلفة، سرعان ما كان الكاسبان الأكبران من هذه المنافسة هما تركيا وإيران.

ولفتت مصادر دبلوماسية خليجية إلى أن الموقف العربي المستجدّ يأتي مكملا للتحوّلات التي ستشهدها الساحة الدولية والتي تمثلت أعراضها الأولى بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من الأراضي السورية.

وكشفت هذه المصادر أن موسكو كانت قد سألت، في بداية التدخل الروسي الواسع في سوريا عام 2016، قيادات عربية أساسية هل أن الخيار المطروح على الأرض هو ترك الأمر تماما لإيران وتركيا، أو أن يتقبلوا تدخلا روسيا عنيفا جدا، لكنه محسوب الآفاق، خصوصا وأن الولايات المتحدة لم تكن جادة في التعاطي مع الملف السوري، سواء في عهد الرئيس السابق باراك أوباما أو في عهد الرئيس دونالد ترامب.

وتجسّد غموض الأميركيين عمليا قبل أيام بإعلان ترامب الانسحاب الكامل من سوريا ضمن ترتيبات ترجح كفة الأتراك، وليس كفة النظام السوري فقط، على حساب الفصائل الكردية الموالية لواشنطن.

وتقول مصادر دبلوماسية عربية إن عددا من العواصم العربية سوف تتخذ تدابير ممهدة من شأنها فرض أمر واقع جديد في العلاقة مع دمشق يبدل من توازن القوى داخل جامعة الدول العربية لصالح تفعيل عضوية سوريا داخل الجامعة.

وأكدت أنه من المرجح أن يتم هذا التطبيع ليكون ناجزا قبل أو أثناء القمة العربية المقبلة المؤمل انعقادها في تونس في 31 من شهر مارس المقبل. وهبطت طائرة تابعة لشركة “أجنحة الشام” السورية، الخميس، بمطار المنستير بتونس لأول مرة منذ نحو ثماني سنوات.

وقال مدير ديوان الموانئ والمطارات لطفي محسين “إن رحلة شارتر تؤمنها طائرة تابعة لشركة أجنحة الشام الخاصة، هبطت بمطار المنستير (200 كم جنوب شرق العاصمة) قادمة من دمشق”.

Thumbnail

وأوضح محسين أن الرحلة تقل سائحين قادمين من سوريا لقضاء عطلة نهاية رأس السنة الميلادية بتونس وستعود إلى دمشق في الثاني من يناير 2019، وتضم الطائرة قرابة 150 مسافرا.

ويعتبر مراقبون أن زيارة الرئيس السوداني الأخيرة المفاجئة إلى دمشق شكلت حدثا صادما هدفه كسر محرمات داخل الدبلوماسية العربية المشلولة حيال الوضع في سوريا منذ قرار تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية عام 2011.

وقال مصدر خليجي مطلع إن دول الخليج لاحظت أن النظام السوري لم يعمد إلى الانتقام من التدخل في بلاده أو إنفاق الأموال على الفصائل السورية الإسلامية المسلحة وظل يتعامل على أساس أن الحرب الأهلية السورية شأن داخلي، رغم كل اللوم الإعلامي الذي كانت وسائل إعلامه تصبه على الدول التي تبنت الفصائل المسلحة إعلاميا وماليا وتعبويا.

إلا أن الكاتب السياسي جيمس دورسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اعتبر عودة الأسد إلى الرابطة العربية قد تشكل نكسة أخرى لقوى التغيير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنها لا تعني بالضرورة زوال هذه القوى بالكامل.

وطالب دورسي الحكام في المنطقة العربية بأن يوفوا بوعودهم من خلال تنفيذ إصلاحات هيكلية جدية قد يأتي البعض منها على حساب المصالح المكتسبة.

وجهات نظر 0 comments on “انقلاب أبيض” في السعودية.. هل يمهّد لعزل سلمان أم ابنه؟

“انقلاب أبيض” في السعودية.. هل يمهّد لعزل سلمان أم ابنه؟

بالتزامن مع الذكرى الرابعة لمبايعة العاهل السعودي، الملك سلمان، وفي ظل سلسلة أزمات حادّة حوّلت الرياض إلى متهمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في المحافل الدولية؛ أصدر الملك سلمان أوامر اعتُبرت بمنزلة “انقلاب أبيض”؛ لكونها طالت مفاصل مهمة في الدولة السعودية، لا سيما الأمن العام والخارجية والإعلام.

وتأتي التغييرات الكبيرة في ظل التناقض بسياسة السعودية الداخلية والخارجية، منذ صعود نجم الأمير محمد بن سلمان، إذ فتح الباب أمام حقيقة الصراعات والنزاعات بين أفراد العائلة المالكة، التي باتت تأخذ منحى غير مسبوق في تاريخ الحكم منذ التأسيس، وتتناول حيثياتِها الصحافة الغربية قبل العربية والمحلية.

وفي إشارة مهمة إلى تضارب وجهات النظر والسياسات داخل الأسرة الحاكمة ردَّ الأمير السعودي، أحمد بن عبد العزيز، على متظاهرين هتفوا أمامه أثناء دخوله مقرّ إقامته في لندن، بعدد من الهتافات المندّدة بسياسات “آل سعود”، ووصفوهم بـ”المجرمين القتلة”.

الأمير أحمد نفسه عاد إلى الرياض، فاتحاً الباب أمام احتمال تولي منصب ولي العهد بدلاً من محمد بن سلمان، لا سيما أن تصريحاً من وزارة الخارجية الروسية كشف عن تخلّي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن محمد بن سلمان في قضية خاشقجي، وضغطه على الملك سلمان لإيجاد بديل عنه.

وكانت صحيفة “بوبليكو” الإسبانية ذكرت أن الملك سلمان يبحث عن بديل آخر لولاية العهد خلفاً لابنه محمد، الذي يبدو أنه “خرج عن نطاق السياسة التقليدية التي سارت عليها المملكة، خاصة أن مشاريعه الداخلية والخارجية تعرّضت لانتكاسات كبيرة”، حسب الصحيفة.

من يعزل الآخر؟

في العادة تجري تعديلات مهمة في مفاصل البلاد للخروج من مأزق كبير أو أزمة متصاعدة. وباعتراف الرياض نفسها فإنها تعيش إحدى أكبر الأزمات في تاريخيها؛ لوجود اتهامات دولية لمحمد بن سلمان بارتكاب جريمة قتل شنيعة لمواطن سعودي في تركيا وداخل قنصلية بلاده، الأمر الذي شوّه صورة المملكة، وجعل منظمات حقوقية وبرلمانيين حول العالم يطالبون بمحاكمة بن سلمان.

انقسمت التحليلات إلى شقين؛ الأول هو أن يعزل بن سلمان والده ويتولّى سدة الحكم كي يفلت من العقوبات الدولية، لا سيما أن العالم يؤكّد عمق العلاقات مع السعودية كدولة، وفي الوقت ذاته يطالب بمحاكمة مَن أمر بقتل الإعلامي خاشقجي. فإن أصبح ملكاً فلا يمكن الفصل بين شخصه والدولة السعودية، ما قد يشكّل مخرجاً له يقوم على المصالح الدولية.
أما التحليل الآخر فهو قيام الملك سلمان بإنقاذ المملكة وسمعتها استراتيجياً بإعفاء نجله وتعيين بديل عنه، وذلك عبر تحمل ابنه مسؤولية ما قام به مستشاروه والمقرّبون منه في قتل خاشقجي، مقابل عدم ملاحقته في المحاكم الدولية، إلا أن هناك من يستبعد ذلك؛ لكون بن سلمان ما زال شاباً، وهو ممسك بزمام الدولة أكثر من والده، ويتعامل وكأنه الحاكم الفعلي للبلاد.

الخلافات بدأت تظهر بين الأب وابنه في العديد من القضايا؛ الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية والعلاقات الثنائية بين دول الخليج، خصوصاً أن الملك سلمان لم يتصدّر مشهد التصريحات في هذه القضايا كما هو الحال مع ابنه.

أرامكو أول الأزمات

يعتبر خبراء اقتصاد ومستثمرون أنَّ تدخُّل الملك السعودي في وقف طرح “أرامكو” صفعة قوية لـ”رؤية 2030″ ولأحلام الأمير، الذي أراد ضمّ عملاق النفط الأضخم في العالم إلى صندوق الاستثمار السيادي، وطرح نسبة 5% (100 مليار دولار) فقط من الشركة، التي تقدَّر قيمتها بأكثر من تريليوني دولار، للاكتتاب بالبورصة.

ومنذ صعود بن سلمان إلى سدة الحكم بشكل سريع، اتخذ عدة قرارات لم تعهدها المملكة في تاريخها الحديث؛ إذ طرح على السعوديين خطة اقتصادية أطلق عليها اسم “رؤية المملكة 2030″، تزامن هذا الإعلان مع حملات إعلامية ودعائية نسبت النجاح والتميُّز إلى هذه الرؤية قبل الكشف عن محتوياتها وبنودها، رغم الشكوك الكبيرة، وبالفعل بدأت تتلاشى مع ما تواجهه من صعوبات بدا أن ملك البلاد قد لمسها.

وصدّرت وسائل الإعلام السعودية والقريبة منها الأميرَ الشاب (33 عاماً) على أنه الرجل المنقذ للمملكة، والحكيم وحامي البلاد والعباد في حال نفاد النفط، وتجسّد ذلك في رؤيته الإصلاحية، بيد أن الكثير من المتخصّصين والخبراء راهنوا على فشلها قبل إعلانها، واعتبروها غير منطقية ولا يمكن تحقيقها، وسط غياب واضح لأي دور للملك في هذه الخطط؛ إذ لم يصرّح أو يتحدث عنها، خلافاً لابنه محمد.

لكنَّ تدخُّل العاهل السعودي، ومنعه طرح عملاق النفط بعد نحو ثلاث سنوات من إعلانه، يعدّ أول اختبار استراتيجي لخطط ابنه؛ حيث فوجئت الأسواق العالمية بهذا القرار المناقض لتصريحات بن سلمان وفريقه الذي يتولّى تحقيق أهداف “رؤية 2030″، الأمر الذي فتح شهية وسائل الإعلام لتناول حقيقة التناقضات والصراعات داخل العائلة الحاكمة في السعودية، وتسليط الضوء على اللحظة التي يُنتظر فيها عزل الملك ابنه، أو عزل الابن أباه والانفراد بالحكم.

مشاورات ملكية

يبدو أن الملك السعودي لم يُسلِّم لاجتهادات ابنه حول أهم شركة سعودية، حيث نقلت وكالة “رويترز”، الاثنين (27 أغسطس 2018)، عن مصادر سعودية، أن الملك تشاور مع عدد من أبناء الأسرة الحاكمة، وخبراء اقتصاد، وتوصّل إلى أن خطة ابنه لن تكون في مصلحة المملكة؛ بل إنها قد تؤثر سلباً عليها، لتتعزّز بذلك فرضية الصراع بين الأب وابنه وذوبان “جبل الجليد”، ما يشكّل استقطاباً جديداً بين أفراد الأسرة الحاكمة.

وكان أول المشكّكين في فكرة طرح “أرامكو” الخبير الاقتصادي السعودي عصام الزامل، من خلال تغريدة قال فيها: “طرح (أرامكو) للاكتتاب مطلع 2018 (..) ضعوها بالمفضّلة: أرامكو لن تُطرح للاكتتاب أبداً”، حيث ألقى به بن سلمان وراء القضبان على خلفيّة هذه التغريدة، منذ عام 2016. وقال: “من المستحيل أن تصبح قيمة أرامكو أكثر من تريليوني دولار إذا ما كانت تملك حقاً حصرياً لامتياز استخراج النفط بالسعودية”.

ولم يدم طويلاً رأيُ “الزامل”، الذي يُعدّ -حسب مجلة “فوربس”- أحد أهم الشخصيات في السعودية، والحائز العديد من الجوائز والتكريم من الملك سلمان قبل سنوات، حيث اعتقلته السلطات السعودية ووضعته في السجن منذ ذلك الحين.

بن سلمان وصفقة القرن

ومع التوجه الواضح للإعلام الرسمي السعودي وتأييده التطبيع مع دولة الاحتلال، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإساءته المستمرة للفلسطينيين، فضلاً عن مباحثات ولي عهد السعودية مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين والأمريكيين حول تسوية القضية الفلسطينية، فإن ملك السعودية لم يُصدر أي تصريح بهذا الخصوص، في حين تصدر بيانات رسمية عن الملك بين الحين والآخر تؤكّد حق الشعب الفلسطيني في أرضه.

منذ أكثر من عام، أبدت السعودية دعمها لما يُعرف بـ”صفقة القرن”، وهي خطة توشك إدارة ترامب أن تعلنها، وتتضمّن مقترحاً لتصفية القضية الفلسطينية والصراع مع دولة الاحتلال وفق الرؤية الإسرائيلية، يتضمّن ذلك المقترح إقامة دولة فلسطينية تشمل أراضيها قطاع غزة، والمنطقتين “أ” و”ب”، وبعض أجزاء من المنطقة “ج” في الضفة الغربية.

ودخل مصطلح “صفقة القرن” دائرة التداول منذ تولي ترامب منصب الرئاسة، وبدأت تفاصيلها تتسرّب إلى وسائل الإعلام بعد زيارات صهره كوشنر وفريقه إلى عواصم إقليمية تعتبرها واشنطن أهم أدوات ترويج الصفقة، من بينها الرياض والقاهرة وتل أبيب.

كما تتضمّن تأجيل وضع مدينة القدس وعودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة، والبدء بمحادثات سلام إقليمية بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية بقيادة السعودية. وزيادة على “صفقة القرن”، تواصل المملكة نسج خطط جديدة حول مدينة القدس المحتلة بكل دقة وفي كل زاوية؛ بهدف السيطرة على مقدساتها الإسلامية، وسحب بساط الوصاية من تحت أقدام المملكة الأردنية الهاشمية، بحسب ما كشفته مصادر لـ”الخليج أونلاين”.

وتستخدم السلطات السعودية “المال والنفوذ” كسلاح تعتمد عليه كثيراً في تحريك مخططات السيطرة على مدينة القدس وإغراء سكانها، لتكشف عن فصول حرب خفيّة وطاحنة تجري خلف الكواليس وداخل الغرف المغلقة ضد الأردن، الذي يتبنّى مواقف سياسية مخالفة لتوجّهات السعودية، وخاصة تمرير “صفقة القرن” والعاصمة الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع مواقف المملكة تجاه فلسطين والفلسطينيين على مدى عقود.

لكن خلال الشهور الأخيرة، أبدت الرياض اهتماماً “مفرطاً” بملف القدس بعد التقارب الظاهر بين مواقف ترامب في الشرق الأوسط وولي العهد السعودي.

فقد دعمت القدس بـ150 مليون دولار خلال القمة العربية الأخيرة التي عُقدت في 15 أبريل الماضي، وتوافقت مع حلول سياسية تستثني القدس من دائرة الصراع مع “إسرائيل”، إضافة إلى الشبهات التي لاحقتها هي ودولة الإمارات حول شراء عقارات مقدسية داخل المدينة وبالقرب من المسجد الأقصى، إضافة إلى ضخ الأموال لشراء ذمم المقدسيين لتغيير توجّهاتهم ومعتقداتهم.

هذه الخيوط مجتمعةً ترى شخصيات مقدسية ومراقبون أنها جزء من “مخطط خبيث” تقف خلفه السعودية “الجديدة” للسيطرة على مقدسات المدينة وزيادة نفوذها، وسحب الوصاية الهاشمية بشكل تدريجي لتتحكّم هي فيها، في سابقة تاريخية.

وهذه الملفات التي لم يتجرّأ أي زعيم عربي أو إسلامي على القرب منها أو المطالبة بوضع حلول لها؛ لأنها تحمل في طيّاتها مخاطر كبيرة، من تمييع للقضية الفلسطينية وهوية القدس، ونسف حقوق الفلسطينيين، تزعّمت الرياض المباحثات حولها مع المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، بقيادة ولي العهد بن سلمان، وسط غياب تام لأي دور علني لوالده.

الانقلاب على التقاليد

يُجمع الكثير من مراقبي الشأن السعودي على أن بن سلمان وضع نصب عينيه مهمة تقويض سلطة شبكة رجال الدين في البلاد؛ كمفتاح لإعادة تشكيل النظام السياسي، ونشر الثقافة الغربية في المجتمع السعودي، تحت ذريعة الانفتاح وإباحة الترفيه، وهو نهج يخالف سياسة الملوك السابقين.

ورغم أن صعود بن سلمان إلى هرم السلطة بدا في ظاهره انقلاباً على التقاليد الملكية، وحتى السياسات التي أرساها عمه الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بدأت السلطة الدينية تخسر مساحات سيطرتها بسرعة كبيرة، ولم تتعرّض لهذا القدر من الإذلال قبل صعود العاهل السعودي إلى العرش، مطلع عام 2015، على حساب قيم ومبادئ وثقافة المجتمع المحافظ.

ووجدت المملكة نفسها بين عشية وضحاها -دون أي مقدمات- مضطرّة إلى الالتفاف على أكوام من إرثها التاريخي من “الفتاوى الشرعية” التي تجرّم قيادة المرأة للسيارة، بعد قرار سبتمبر 2017، والسماح للنساء بالقيادة لأول مرة، إذ لم يقتصر الضرر على المكانة الرمزية للعلماء فحسب، بل أضرّ بمكانتهم السياسية أيضاً.

وجهات نظر 0 comments on سلسلة تفجيرات في ليبيا … تعطيل المسار الانتخابي للبلاد ؟‎

سلسلة تفجيرات في ليبيا … تعطيل المسار الانتخابي للبلاد ؟‎

عزيزة بن عمر

شهدت ليبيا عدة تفجيرات متتالية استهدفت مؤسسات حيوية تحوي أرشيفا و معلومات هامة، وسط تساؤلات عن أهداف هذه الحوادث في هذه الأماكن تحديدا، وما إذا كانت العملية الانتخابية هي المستهدفة من ذلك.

ففي ماي الماضي تعرض مقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة طرابلس إلى تفجير انتحاري وهجوم بالأسلحة على المتواجدين ما أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة 20 آخرين وتدمير المقر.

كما تعرض مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس في نوفمبر الماضي لعملية تفجير وهجوم من قبل مسلحين، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.

ومؤخرا، هاجم مسلحون مقر وزارة الخارجية الليبية واقتحموه ليقوم بعضهم بتفجير نفسه ويسبب أضرارا بالغة في المبنى ومقتل 3 أفراد من العاملية بالوزارة وإصابة العشرات، ما تسبب في ردود فعل غاضبة محليا ودوليا.

ما الهدف؟

و طرح تكرار هذه التفجيرات وتشابهها مزيدا من التساؤلات حول الهدف منها الآن كونها استهدفت مؤسسات حيوية بها أرشيفات و معلومات هامة، وهل فعلا هذه التفجيرات متعمدة؟ وما تداعياتها وتأثيرها على العملية الانتخابية والاستفتاء على الدستور؟

إمكانية الاستفتاء والانتخاب

من جهته، قال عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي، إبراهيم البابا إن “الإشكالية الحقيقية التي تواجه ليبيا الآن هي عدم وجود مؤسسات دائمة وموحدة وفق دستور دائم تكون مسؤولة أمام الشعب ومن أهم مسؤولياتها حفظ الأمن”.

وأشار في تصريحات صحفية إلى أن “هناك أطرافا تريد أن تعيد البلاد إلى شعار “الأمن مقابل الحرية”، لكن الشعب الليبي سينال الإثنين بعد الاستفتاء على الدستور وإنشاء مؤسسات دائمة تضمن قيام دولة مدنية والتداول السلمي على السلطة والفصل بين السلطات وكذلك الحقوق والحريات”، حسب كلامه.

وبسؤاله عن الوضع الأمني الآن، وهل هو مناسب لأي اقتراع، قال البابا: “هناك عمليات انتخابية تمت في وجود ظروف أمنية أصعب مما نحن فيه الآن، مثل انتخاب المؤتمر الوطني وهيئة الدستور والبرلمان، فلو كانت هناك رغبة صادقة من المجتمع الدولي في الإشراف على هذا الاستفتاء سيمكن إقامته”.

تفجيرات مقصودة

و رأى الكاتب و الناشط من الشرق الليبي، نصر عقوب أن “الأدلة الظرفية تؤكد أن سلسلة التفجيرات الأخيرة متعمدة ومقصودة وقد تزداد، وأنها تحمل رسائل للداخل والخارج، وهدفها استمرار مسلسل الاقتتال والفوضى والفساد”، حسب تعبيره.

و أضاف أن “تأثير هذه الحوادث على عملية الاستفتاء سيكون على المدى القريب لا البعيد، لكنها لن تؤثر على عملية إجراء الانتخابات لو تم إقرارها ودعمها من المؤسسات الدولية”، كما رأى.

تعنت “حفتر”

لكن الباحث السياسي من الغرب الليبي، علي أبو زيد أشار إلى أن “التفجيرات تحاول إثبات أنّ طرابلس غير آمنة، ولو صحّ أنّ تنظيم “داعش” وراء هذه التفجيرات فهو يريد أن يثبت أنه مازال قادرا على أن يضرب في العمق، لكنه سيعطي مبرّرا لـ “حفتر” ليمارس مزيدا التعنت على مواقفه وأن الحرب ضد الإرهاب أولويته”.

وتابع: “هذه التفجيرات تعطي مؤشرات واضحة أن إنجاز أي استحقاق سياسي لا يمكن أن يتم والسلطة التنفيذية في حالة انقسام، وهذا ما يستوجب التركيز على هذا الملف أكثر في العملية السياسية إذا ما أردنا الوصول إلى صندوق اقتراع يخضع الجميع لنتائجه”، وفق تصريحات صحفية.

مردود سلبي

و أكد مراقبون أن “الهجمات الإرهابية سيكون لها مردود سلبي على العملية السياسية سواء الاستفتاء أو الانتخابات المرتقبة، و الهدف الواضح هو تعطيل بناء الدولة كون هذا ليس في صالح مثل هذه التنظيمات التي تترعرع في ظروف النزاعات و الانقسامات”.

وجهات نظر 0 comments on التطبيع العربي مع إسرائيل….المسار و الوجهة

التطبيع العربي مع إسرائيل….المسار و الوجهة

أدت الصراعات الداخلية والأزمات السياسية إلى جانب غياب التنسيق بين الدول العربية وتراجع مستوى العلاقات الثنائية بين معظم هذه الدول، إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وتحويل السلام من سلام عربي إسرائيلي شامل إلى سلام فلسطيني إسرائيلي.

اللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين عرب تعكس رغبة من الطرفين لرؤية علاقات بين العرب والإسرائيليين تُنهي حالة “العداء” بينهما دون أن يكون الفلسطينيون جزءا منها، بعد ترسيخ واقع عزل المسار الفلسطيني عن المسار العربي؛ والقبول بإدماج إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط كقوة فاعلة.

يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ عدة سنوات دون إفصاح عن تفاصيل تحسن العلاقات مع بعض الدول العربية التي تشترك مع إسرائيل في اعتبار إيران عدوا مشتركا، وحاجة هذه الدول العربية للتعاون مع إسرائيل في مجالات التقنيات والمسائل الأمنية وغيرها.

كما يتحدث مسؤولون إسرائيليون عن إمكانية تعاون إسرائيلي واسع النطاق مع دول الخليج العربية في مجالات التقنيات وتحلية المياه والزراعة والطب وغيرها.

وتجد إسرائيل أن هناك مصالح مشتركة مع دول الخليج وفرصًا لتسويق التقنيات الإسرائيلية المتقدمة في مجالات شتى، إلى جانب رؤية خليجية سادت بعد حرب اليمن وتوقيع اتفاقية الملف النووي الإيراني عام 2015 بشراكة خليجية (جزئية) إسرائيلية في مواجهة التهديدات الإيرانية، سواء على ممرات نقل الطاقة، أو في اليمن والعراق وسوريا.

وجود “دولة” إسرائيل، في العقل السياسي للمسؤولين العرب، بات بحكم الأمر الواقع بشكلها الحالي وجغرافيتها التي تمتد على مساحات من الأراضي المحتلة منذ أكثر من سبعة عقود، وهي لاعب مؤثر في الإقليم كأي دولة أخرى.

تآكلت مركزية الصراع العربي الإسرائيلي، من وجهة نظر الحكومات العربية، بشكل تدريجي إلى حصر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما أدى إلى استبعاد الصراع من قائمة أولويات السياسات الخارجية للأنظمة العربية التي تراجع موقفها في تبني قرارات أو مواقف حازمة ردا على مواقف الدول الأخرى، مثل الموقف من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.

وينقسم الشارع العربي في نظرته للتطبيع مع إسرائيل إلى تيارين اثنين، الأول يمثل المحور السعودي، وهو رافض للتطبيع إلا وفق شروط استعادة الفلسطينيين لكامل حقوقهم التاريخية في أراضيهم المحتلة، غير أنه لم يعد مؤمنا بالمقاومة المسلحة كسبيل لتحرير كل فلسطين.

أما التيار الثاني، فهو تيار يغلب عليه تبني خطاب المحور الإيراني في المنطقة ممثلا بإيران وحزب الله وجماعة الحوثي والحشد الشعبي العراقي وجماعات وحركات أخرى تدعمها إيران؛ إلا أنه خطاب “انتقائي” يعتمد في رد فعله على الخطوات التطبيعية على عمق العلاقات بين إيران والدول الأخرى، ومنها سلطنة عُمان التي لم تواجه خطوتها باستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بحملة إعلامية إيرانية مضادة (حيث تحتفظ مسقط وطهران بعلاقات طيبة) خلافا لخطوات تطبيعية أقل حدة حظيت بتغطيات واسعة، ومنها استضافة دولة الإمارات لوزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي مع وفد رياضي.

يعتقد التيار الثاني، أي تيار المحور الإيراني، من خلال قراءة اتجاهات الرأي العام التي يعكسها خطاب المحور الإيراني، أن عملية التطبيع مع إسرائيل تعود في أساسها إلى بناء تحالف إسرائيلي عربي يستهدف مواجهة التهديدات الإيرانية وتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة بالمقام الأول، وهي جزء من مخطط أمريكي إسرائيلي سعودي لمناهضة إيران.

وتلقى المعالجة العسكرية الإسرائيلية للوجود الإيراني في سوريا ترحيبا وقبولا، بل تأييدا، من معظم الدول العربية، الخليجية تحديدا.

سيكون مهما لإسرائيل وأمنها تشكيل تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي “الناتو العربي” لتمكين القدرات الدفاعية لدول الخليج العربية الست والأردن ومصر، والتصدي للتهديدات الإيرانية لهذه الدول وللملاحة الدولية عبر مضيق هرمز في الخليج العربي ومضيق باب المندب في البحر الأحمر.

لا شك أن إسرائيل حاضرة بشكل أو بآخر في بناء تحالف “الناتو العربي” على الرغم من غياب أي إشارة رسمية إلى دور إسرائيلي في هذا التحالف المنتظر ولادته مطلع العام 2019 ما لم تحل دون ذلك تداعيات أزمتي العلاقات بين قطر والدول الأربع في التحالف (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وأزمة مقتل جمال خاشقجي وتداعياتها على العلاقات الأمريكية السعودية.

لم تعد عملية السلام العربي الإسرائيلي تعني الدول العربية إلا بالقدر الذي تعتقد هذه الدول أنها ضرورات لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة لتجنب الحروب العسكرية.

ويجد المطبعون مساحة من التسويق للتطبيع العربي الإسرائيلي بإبراز التهديدات الإيرانية إلى الواجهة وترويج الاعتقاد بشراكة عربية إسرائيلية في مواجهة الخطر الإيراني “المشترك”.

وإذا كانت التهديدات الإيرانية “المفترضة” على كل من إسرائيل وبعض الدول الخليجية من بين أهم المشتركات بينهما، فإن بعض ما يمكن أن يكون من أهداف زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى سلطنة عمان ما يمكن أن تلعبه السلطنة من أدوار في تخفيف حدة التوترات بين إسرائيل وإيران.

ويمكن القول إجمالا أنه خلافا للمواقف الرسمية العربية “الخجولة”، لا يزال الشارع العربي في معظمه يرفض أي شكل من أشكال التطبيع العربي الإسرائيلي قبل أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية في فلسطين.

وعكست ردود الفعل الرسمية، والشعبية إلى حد ما، على زيارة بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان واقع تقبّل نسبي لعلاقات عربية إسرائيلية، من المرجح أن تزداد مساحته مع شيوع حالة الخلافات بين الدول العربية في المنطقة.

لا تزال عملية التطبيع الإسرائيلي الخليجي تعتمد مسارات عدة يمكن لخطوات سعودية بهذا الاتجاه أن تعمل على توحيد تلك المسارات في مسار واحد يفرضه واقع الثقل الذي تشكله سياسات المملكة في منظومة مجلس التعاون الخليجي، وفي المحيط العربي عموما.

قد تلعب المتاعب التي تسببت بها قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي أدوارا في تقارب سعودي إسرائيلي في سياق مبادرة السلام الشاملة التي تتبناها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويشرف عليها جاريد كونشير الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي، والذي يحوز على المساحة الأكبر من القرار السعودي، فيما تدور حوله شبهات بضلوعه المباشر بمقتل خاشقجي وحراك واسع النطاق داخل مجلسي النواب والشيوخ ودوائر أمريكية أخرى لفرض عقوبات عليه شخصيا وعلى الدولة السعودية.

من المرجح أن تواصل إسرائيل عملية بناء علاقات مع دول عربية وخليجية خارج إطار العلاقات الرسمية المعلنة على مستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل، والاكتفاء بعلاقات تعتمد على احتمالات ردود أفعال الشارع المحلي في هذه الدول لتتراوح بين سرية مع دول، وشبه علنية مع أخرى، وعلنية مع دول ثالثة.

ولا تزال الخطوات العربية باتجاه التطبيع بين أنظمة الحكم وإسرائيل تتخذ مسارا معزولا عن مسار السلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو مسار بات منفردا عن المسار العربي الإسرائيلي على العكس من مراحل سابقة ظلت الحقوق الفلسطينية واستعادة الفلسطينيين لأراضيهم المحتلة وفق المبادرة العربية للسلام هو معيار العلاقات بين تلك الدول وإسرائيل.

أدت الصراعات الداخلية والأزمات السياسية إلى جانب غياب التنسيق بين الدول العربية وتراجع مستوى العلاقات الثنائية بين معظم هذه الدول، إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وتحويل السلام من سلام عربي إسرائيلي شامل إلى سلام فلسطيني إسرائيلي مع اتجاه نحو بناء علاقات عربية إسرائيلية لا ترتبط بتطورات عملية السلام بين العرب وإسرائيل، في مراحل سابقة، أو بين الفلسطينيين والإسرائيليين في المرحلة الراهنة.

وجهات نظر 0 comments on هل وضع ترامب تركيا بين فكي كماشة بسحب قواته من سوريا

هل وضع ترامب تركيا بين فكي كماشة بسحب قواته من سوريا

قبل عدة أيام وبالتحديد في 19 ديسمبر الحالي فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجميع بقرار يفضي إلى انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، قرار ترك خلفه تساؤلات بالجملة حول أهداف ترامب من هذا القرار على اعتبار أن لا أحد في هذه المنطقة يثق بقرارات أمريكا وإن كان ظاهرها جذاباً لكن يبقى في ثناياها ثغرات تسبب فيما بعد خلق “فوضى” جديدة كنا قد رأينا مشابهاً لها في العراق وأفغانستان وها نحن نشهدها في سوريا، فهل حقاً القرار الأمريكي الجديد ينبع من حرص أمريكي على أمن المنطقة وأمن جنودها أم للقصة بقية؟.

في السابق أعلن ترامب في عدة مناسبات رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا، من دون أن يتمكّن من تنفيذه، لأن رؤية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ومعظم أعضاء الكونغرس مغايرة لرؤية البيت الأبيض في هذه المسألة، بدليل التصريحات الكثيرة خلال السنتين الماضيتين، التي ترفض الانسحاب وتقرنه بشروط كثيرة، هذا على المستوى الداخلي لأمريكا.

أما على المستوى الخارجي كان هناك قلق كبير لدى السعودية والإمارات من أن ينفّذ ترامب رغبته ويسحب القوات لأن ذلك يتعارض مع مصالح هاتين الدولتين اللتين تسعيان لإبقاء القوات الأمريكية هناك بهدف خلق توازن في المعادلة السورية التي تكاد تنحصر فقط بالحكومة السورية وحلفائها، ومن هنا وجد ترامب أن بإمكانه ابتزاز هاتين الدولتين عبر الحصول على تكاليف البقاء هناك، وهذا ما قاله صراحةً في نيسان الماضي معتبراً أن التدخل الأمريكي في سوريا مكلف ويخدم مصالح دول أخرى، وإذا كانت السعودية تريد بقاء القوات الأمريكية هناك فعليها دفع تكاليف ذلك. وأضاف ترامب حينها خلال مؤتمر صحفي له مع رؤساء دول البلطيق بالبيت الأبيض: “نعمل على خطة للخروج من سوريا، وإذا كانت السعودية ترغب ببقائنا فيها فيجب عليها دفع تكاليف ذلك”.

أما المتضرر الثاني من خروج القوات الأمريكية هم “الأكراد” الذين يستمدون ثقلهم في الشمال السوري من خلال دعم أمريكا لهم ومدهم بالسلاح والأمور اللوجستية، وبالتالي فإن خروجهم سيكون طعنة قاصمة لظهر الأكراد هذه المرة ولن تقوم لهم قائمة بعد الآن على اعتبار أن شرق الفرات قلعتهم الأخيرة التي يريد الأتراك تحطيم أسوارها، عبر شنّ عملية عسكرية قريبة إلى هناك، ورأى الأكراد أنهم تلقّوا طعنة في الظهر ولكنهم مع ذلك سيقاتلون حتى آخر رمق.

المعادلة الأمريكية – التركية

روسيا والدول الإقليمية الأخرى مثل إيران وتركيا ألغوا مجتمعين السيطرة المطلقة للأمريكي والتفرد المطلق بمستقبل المنطقة ورسمها وفقاً لرؤيته التي لم تجلب سوى الويل والخراب لأبناء هذه المنطقة، ومع اختلاف المصالح لكل من إيران وتركيا والروس في سوريا إلا أن هناك خطوطاً عريضة تعمل عليها هذه الدول الثلاثة لتخفيف الاحتقان وإيجاد حل سلمي للأزمة عبر تسوية سياسية شهدنا شرارتها في اجتماعات أستانا والتي قد تفضي قريباً إلى تشكيل لجنة دستورية لسوريا برعاية هذه الدول الضامنة.

وما يجمع هذه الدول رفضها بقاء القوات الأمريكية في سوريا ولكل منها أسبابه الخاصة في هذا الشأن، ولكون واشنطن لم يعد بإمكانها مواجهة هذا المحور بسهولة وفرض آرائها لأنها تعلم أن الضريبة ستكون كبيرة لذلك قررت سحب قواتها، وإن كان هذا الأمر لم يخرج حالياً إلا عن طريق وسائل الإعلام، إلا أن الخطوة بحدّ ذاتها تشي بثقل هذه الدول ولكن ألّا يمكن أن تكون واشنطن قد وضعت تركيا في مأزق من خلال هذا الانسحاب؟.

لماذا نعتقد ذلك؟.

أولاً: أكد أردوغان أن بلاده ليست لديها أطماع في الأراضي السورية، لكن موقفها واضح تجاه الهجمات الإرهابية التي تستهدف تركيا من تلك الأراضي، لكنه في الوقت نفسه توعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”التخلص” من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد شمالي سوريا، مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من هناك.

إذن أردوغان ماضٍ في حربه ضد الأكراد وكأن واشنطن أعطته الضوء الأخضر للقيام بذلك، ولكن لماذا يريد أردوغان القيام بهذا الأمر عسكرياً؟، إن لم يكن لديه أطماع كما يدّعي، “حزب العمال الكردستاني” الذي يريد محاربته يشكّل خطراً على الدول المجاورة أيضاً، إذن لماذا يتجاوز هذه الدول وينفرد في قراره، والأهم هو قوله إنه يريد محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا وفي الوقت نفسه أخبر ترامب العالم بأن قوات بلاده قضت على التنظيم الإرهابي هناك، إذن ماذا يجري ومن الصادق بينهما؟، يضاف إلى هذا تساؤل بسيط حول مهمة القوات التركية في “إدلب” وغيرها من المناطق، هل الأكراد منتشرون في محافظة “إدلب”؟.

ثانياً: أمريكا لا تريد أن تدخل في مواجهة عسكرية مع تركيا، خاصة وأن للبلدين مصالح مشتركة لا يمكن التخلي عنها غير أنهما عضوين في حلف الناتو، وبالتالي المواجهة بينهما ستكون مكلفة جداً، ولو بقي ترامب في سوريا “إعلامياً” لكان شكّل حرجاً كبيراً للقيادة العسكرية الأمريكية ومصداقيتها على اعتبار أنها الحامي الرئيسي للأكراد وبالتالي مراقبتهم وهم يتعرضون للقصف ستكون طعنة لجميع حلفاء واشنطن وستخسر مصداقيتها لدى الجميع.

ثالثاً: تصرف ترامب هذا قد يدفع الأكراد للتحالف مع دمشق وربما إلى الأبد، وهذا ما يخشاه أردوغان وبالتالي يمكن القول إن قرار ترامب وضع تركيا بين فكيّ كماشة ونعتقد أنها ستفكر طويلاً قبل شنّ الهجوم على الأكراد لأن المعادلة هناك تزداد تعقيداً أكثر من أي وقت مضى.

وجهات نظر 0 comments on أهداف الرياض من إعادة العلاقات مع قطر؟

أهداف الرياض من إعادة العلاقات مع قطر؟

 على الرغم من وجود اختلافات عميقة بين السعودية وقطر، والتي بدأت شرارتها منذ قطع العلاقات الدبلوماسية من قبل السعودية وبعض الدول العربية الأخرى مع قطر في 5 يونيو 2017، دعت الحكومة السعودية في 6 ديسمبر 2018، رسمياً أمير قطر لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي.

جاءت هذه الدعوة بشكل رسمي من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة، والمقرر عقدها في 9 ديسمبر 2018 في الرياض.

هذه البادرة من الجانب السعودي يمكن أن تحمل في طياتها أهمية كبيرة ودلائل أكبر ويمكن اعتبارها نقطة تحوّل في مسار العلاقات الخليجية، ويمكن تلخيص إشارات هذه الدعوة بثلاث مسائل:

رضوخ السعودية للضغوط الدولية الناتجة عن قضية مقتل خاشقجي

قضية اغتيال الناقد السعودي جمال خاشقجي في القنصلية التركية في اسطنبول “تركيا”، هي القضية الأكثر أهمية التي أثرت بشكل خطير على السياسة الخارجية للسعودية في الوضع الجديد، حيث أدّت الانعكاسات الواسعة لهذه المأساة الإنسانية إلى موجة من عدم الثقة بالقادة السعوديين، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، كانت سبباً في الانتقادات الصارمة للمسؤولين الغربيين (تصريحات أعضاء الكونغرس وخطاب الرئيس الفرنسي في قمة مجموعة العشرين الأخيرة) بشأن سياسة الرياض في مواصلة الحرب اليمنية وحصار قطر، والتركيز على تصرفات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتهم الموجهة له في قضية مقتل خاشقجي.

الآن وبعد سلسلة من الضغوطات الأخرى على الحكومة السعودية حول تورّط محمد بن سلمان في قضية قتل جمال خاشقجي، يبدو أن السعوديين، من أجل تخفيف الانتقادات الموجهة لولي العهد وتلطيف الأجواء، بدؤوا يتراجعون رويداً رويداً عن سياساتهم العنيدة مع دول الجوار بدايةً ويقدمون الإغراءات للغرب ولاسيما أمريكا للخروج من هذه الورطة بأسرع فرصة ممكنة.

وبناء على ذلك، يمكن الآن قراءة الدعوة الرسمية من ملك السعودية إلى أمير قطر بأنها بمثابة تغيير في مسار السياسة الخارجية للسعودية من أجل تخفيف الضغط على محمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي.

في الحقيقة لقد أدى تورّط محمد بن سلمان في مجموعة من الملفات الشائكة “حصار قطر، قتل خاشقجي والحرب على اليمن” إلى تقويض السياسة الخارجية للسعودية، وأكثر من ذلك فقد فقدت السعودية الكثير من مكانتها في المجتمع الدولي خلال الأعوام القليلة الماضية.

خوف الرياض من خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي

يمكن أيضاً قراءة الدعوة الموجّهة من قبل الملك سلمان لأمير قطر بأنها نوع من أنواع الخوف من انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي، على وجه الخصوص، بعد الإعلان عن انسحاب قطر من منظمة أوبك من قبل وزير الطاقة في 3 ديسمبر 2018 ، هذا الأمر عزز إمكانية انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي.

ووفقاً لعرض وزارة الخارجية القطرية للمسؤولين العراقيين لتشكيل تحالف إقليمي قائم على قطر والعراق وسوريا وإيران وتركيا، فإن المسؤولين السعوديين قلقون من هذه القضية، والتي سوف تتنافس على نحو متزايد مع القوى الإقليمية الأخرى في المستقبل.

إن إنشاء تحالف إقليمي ستكون قطر جزءاً منه سيعني استمرار الهزيمة الإقليمية السعودية، وسيعرّض إجراءات محمد بن سلمان لتضخيم الدور السعودي في المنطقة لفشل ذريع.

في هذه الحالة، يبدو أن السلطات السياسية في الحكومة السعودية، ولا سيما محمد بن سلمان، لا ترغب في إنشاء وحدة إقليمية تقف في وجه السعودية ومخططاتها.

في المحصلة، يبدو أن الدعوة الموجهة لأمير قطر في 9 ديسمبر تهدف إلى منع الدوحة من الخروج من الحضن العربي “الخليجي” تحت قيادة السعودية.

ضغط البيت الأبيض للحفاظ على وحدة دول مجلس التعاون

يبدو أن احتمالية خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي تقلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخاصة أنها تتجه للتعاون مع تركيا وبالنهاية مع إيران وهذا ما لا تريده أمريكا التي تسعى للحفاظ على هذا المجلس لدفعه رويداً رويداً نحو مواجهة إيران في المنطقة والابتعاد قدر المستطاع عن تهديد الأمن الإسرائيلي.

وإن محاولة تشكيل “الناتو العربي” من قبل أمريكا ما هو إلا دليل آخر على هذا الأمر، ولذلك ، فإن محمد بن سلمان وحكام سعوديين آخرين، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يريده دونالد ترامب، يخططون لدعوة الأمير القطري إلى الرياض لحضور الاجتماع القادم لمجلس التعاون الخليجي من أجل الحدّ من التوترات، والحدّ من الضغوط وتحسين العلاقات مع قطر.

مع وجود هذه الملاحظات لا يمكن أن تحصل الرياض على ما تريده من قطر بسهولة، فالخلافات بين الدولتين أصبحت عميقة لحدود كبيرة فضلاً عن حصار هذه الدولة لمدة سنتين متواصلتين وساهم بذلك أيضاً كل من الإمارات والبحرين، وهذا الأمر دفع الدوحة لأن تتجه نحو دول أخرى بنت معها علاقات متينة خلال العامين الماضيين ولا نعتقد أنها ستتخلى عمّن أنقذها لتتجه نحو من حاصرها بسهولة وما تفعله السعودية اليوم ما هو إلا بادرة مجبورة عليها بسبب ما تتعرض له من ضغوط وبالتالي لا يمكن التعويل عليها كثيراً.

وجهات نظر 0 comments on ماهو مستقبل اليسار التونسي بعد الانشقاقات داخل الجبهة الشعبية ؟

ماهو مستقبل اليسار التونسي بعد الانشقاقات داخل الجبهة الشعبية ؟

عزيزة بن عمر 
اختتم حزب العمّال الأحد مؤتمره الخامس الذي انتهى بانتخاب حمة الهمامي أمينا عامّا للحزب، من قبل أعضاء اللجنة المركزية الجديدة للحزب، وعددهم 19 عضوا.
وتواصلت أشغال المؤتمر على امتداد 5 أيّام و هو أوّل حزب تدوم أشغاله كل هذه الفترة، وفقا لما أفاد به القيادي في حزب العمال عمّار عمروسية، مضيفا أن هذه الفترة المطولة تهدف إلى أن يكون النقاش حول مجمل القضايا معمّقا وخاصة معرفة ما يجب القيام به في ظل الوضع الاقتصادي بالبلاد.
حمّة الهمامي أمينا عامّا رغم عدم حصوله على الأغلبية :
و بخصوص انتخاب حمة الهمامي أمينا عامّا للحزب رغم عدم تحصله على أغلب الاصوات، (161 صوتا لعمار عمروسية في مقابل 160 صوتا لحمة الهمامي) قال عمروسية: “عملية الانتخاب تمت بصفة شفافة ونزيهة وانتخب الرفيق حمة الهمامي من قبل اللجنة المركزية مرة أخرى أمينا عامّا للحزب، وليس بالضرورة من تحصل على أكبر عدد من الأصوات أن يكون هو أمينا عامّا مثلما هو الحال في اتحاد الشغل”.
وتابع بالقول: “نحن 19 عضوا في اللجنة المركزية ولم يتقدّم أيُّ منّا للأمانة العامة لأننا مقتنعون وبوعي كبير بأن الرفيق حمة الهمامي هو الأكثر قدرة على أن يكون الأمين العام للحزب”.
وأفاد عمار عمروسية بأن اللّجنة المركزية تتكون من 19 عضوا منهم 7 من الشباب على غرار وائل نوار وألفة البعزاوي و3 نساء، مشيرا إلى أن عدد النساء ليس بالقدر الكافي، لأنهم لا يريدون أن تكون مشاركة المرأة صوريّة.
وأوضح عمروسية أن عدد المؤتمرات والمؤتمرين 171، لكن شارك في عملية الانتخاب 165 بسبب تغيب 6 مؤتمرين لأسباب معلّلة.

استقالات بالجملة :

و يأتي المؤتمر الخامس في سياق أزمة تنظيمية على مستوى الحزب، وعلى مستوى الجبهة في حد ذاتها. فالمناكفات التقليدية بين حزب العمال وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، أصبحت اليوم أكثر تواترا بما من شأنه أن يعرض الجبهة إلى حالة من التصدع، وفي أحسن الأحوال تهديد الموقع الاعتباري لحمه الحمامي كناطق رسمي باسم الجبهة، وتعويضه في قادم الأيام بآخر. في هذه الحالة يبدو حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أوفر حظا في فرض خياراته.
أما على مستوى الحزب، فقد أعلنت مجموعة من الكوادر حزب العمال عشية انطلاق المؤتمر الخامس إلى استقالتها من الهياكل التنظيمية للحزب. وهي استقالات قد تجاوزت المائة والأربعين ناشطا، بين قيادات محلية وجهوية ومركزية، في أكبر استنزاف عرفه الحزب منذ تأسيسه منتصف الثمانينات، على الرغم من كثرة الانشقاقات التي باتت من طبيعة التنظيمات اليسارية في تونس، منذ التأسيس.

المستقيلون عزوا أسباب استقالتهم إلى “خطورة الأوضاع داخل الحزب”، وانسداد الأفق أمام دعوات الإصلاح، وفتح نقاش جدي حول تصحيح المسار والنهوض بالحزب، و”تراجع أداء الحزب على جميع المستويات، وخاصة فشله في الانغراس في الطبقة العاملة وفي صفوف الشعب، وكذلك فشله في الحفاظ على وحدة الجبهة وتطوير أدائها” كما ورد في عريضة الاستقالة.

فشل في إعادة تطوير الخطاب و تجاوز الإرث الإيديولوجي اليساري

فشلت الجبهة الشعبية في إعادة تطوير خطابها وتجاوز إرثها الإيديولوجي اليساري، وتطوير رؤيتها للمشهد السياسي في البلاد بعد ان اختزلته في الصراع الوجودي مع حركة النهضة ، حتى باتت في عزلة سياسية.
فشل يؤكّده كلام القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي. حيث دعا الرحوي، في تصريحات صحفية سابقة ، الجبهة إلى أن “تغيّر خطابها و سلوكها خلال الفترة المقبلة”. معتبرا أنّ “الانطباع العام عند الشعب التونسي أصبح يربط الجبهة بالرفض الدائم لجميع المقترحات، وبالمعارضة الدائمة والجذرية للسلطات الحاكمة”.رصيد الهمامي تآكل بسبب تكراره لنفس الخطاب منذ سنوات

واعتبر الرحوي خطاب، المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي،” غير مقنع و مكرّر و رصيده أصبح ضعيفاً، و هو في حاجة إلى الراحة و التجديد وتقديم أشخاص آخرين قادرين على تقديم الإضافة”. ورأى أن “رصيد الهمامي تآكل بسبب تكراره لنفس الخطاب منذ سنوات”.

أزمة زعامة في اليسار التونسي  :

لا يحجب تكتل الأحزاب اليسارية التونسية ضمن ائتلاف موحد يسمى “الجبهة الشعبية”، الخلافات العميقة بين هؤلاء اليساريين.

فحسب محللين، يمكن تلخيص هذه الاختلافات في قضايا عدة من بينها الزعامة و الخلافات الفكرية و الخط السياسي.

و في هذا الصدد، يرى المحلل السياسي، معز الباي، “وجود أزمة زعامة في اليسار التونسي، تاريخيا، إذ إن كل حزب يساري في البلاد بُني حول شخصية معينة تحتكر القرارات الكبرى وتسطر برامجه”.

ويضيف الباي: “الشخصنة مشكل أبدي في الأحزاب اليسارية التونسية، لكل مدرسة يسارية زعيمها، الذي يمثل بالنسبة لمناصري الحزب رمزا يصل إلى مرتبة القدسية”.

و بالنسبة لأزمة اليسار التونسي في الوقت الراهن، يقول الباي “على الرغم من وجود شبه إجماع في الظاهر على شخصية حمة الهمامي كزعيم موحد لليسار، إلا أن هذا لا يخفي صراعات خفية بين قيادات الجبهة الشعبية ومكوناتها، إذ يعتقد كل طرف بأحقيته في تولي القيادة”.

وعن أسباب هذه الأزمة، يرى المتحدث نفسه أنه “يعود إلى غياب مؤسسات قوية داخل الجبهة يمكن من خلالها إدارة الأزمات وبالتالي فإن إسناد الملفات الكبرى في أي مؤسسة إلى الأشخاص بدل المؤسسات يقود بالضرورة إلى أزمة قيادة”.

خلافات فكرية عميقة:

من جانب آخر، يؤكد المحلل السياسي عبد الجليل معالي، في تصريح لـ”أصوات مغاربية”، أن “الأحزاب اليسارية في تونس (سواء كانت ماركسية أو قومية) ما زالت تتصرف وتتعاطى بمنطق التيارات الفكرية، ولا تمارس العمل السياسي بوصفها أحزابا حقيقية”.

ويضيف المتحدث نفسه “لا تزال التيارات اليسارية تحتفظ بخلافاتها القديمة، بين الإرث اللينيني والإرث التروتسكي والماوي وغير ذلك من المدارس الفكرية، وهو ما سمح للبعض بإطلاق وصف السلفية اليسارية على هذه التيارات”.

ويردف: “الخلافات ستبقى قائمة في صفوف اليسار التونسي ما لم تبرح التيارات اليسارية موضع الأيديولوجيا وتتجه إلى الأداء السياسي الفعلي الذي يقرأ الواقع التونسي كما هو بخصوصياته”.

ويشير معالي إلى “ضرورة أن تحيّن التيارات المختلفة لليسار التونسي قراءتها للواقع السياسي، وأن تؤصلها فعليا، بدل الإصرار والمواظبة على الوفاء للأيديولوجيات”.

وفي سياق ذي صلة، يرجع المحلل السياسي عبد الجليل معالي ضعف الأداء السياسي لليسار التونسي بعد الثورة إلى “الاختلافات والانقسامات وعدم حرص بعض التيارات على تقريب أفكارها وخطها السياسي، ما أدى إلى تأجيل حلول اليسار في موقعه الذي يفترض أن يضطلع به باعتبار أحقية التاريخ ومشروعية الأفكار”.

ويضيف: “بعد الثورة ارتفعت آمال اليساريين في تونس باعتبار أن مطالب الثورة كانت متقاربة مع أفكار اليسار وبرامجه، ما أدى إلى ارتفاع ثقة المواطنين بوجاهة تلك الأفكار غير أن الانقسامات الكبيرة في هذا التيار السياسي أثّرت بشكل عميق على أداء هذه الأحزاب، إذ فشلت في التقاط اللحظات السياسية السانحة”.

ويرى المتحدث نفسه أن “هذا التشتت حال أيضا دون تحول أحزاب اليسار إلى قوى تنافس فعلا على الحكم، أو على الأقل تجعلها قوة معارضة وازنة، تتصدر الموقع الوسط بين اليمين الديني واليمين الليبرالي”.

بحسب المراقبون :

خروج الصراعات الداخلية للجبهة الى العلن، حسب عديد المراقبين, قد يشكل المرحلة الاولى نحو خلافات حادة و انشقاقات جذرية. ويؤكّد المراقبون ، امكانية تصدع الجبهة الشعبية واندثارها إذا لم تسارع إلى إصلاح بنيتها الداخلية، ومراجعة نمط خطابها، وتداول المواقع داخل هياكلها.

وتكشف التصريحات والتصريحات المضادة بين قيادات الجبهة الشعبية, حالة التصدع التي تعرفها الجبهة وعجز مكوناتها عن تحويلها إلى تنظيم فاعل ومهيكل، نتيجة حالة التصلب الإيديولوجي والخطاب المتكلس الذي تقدمه للناس على لسان ناطقها الرسمي حمّة الهمامي.

ويؤكد خبراء أن جميع الأحزاب تتطوّر في رؤيتها وسلوكها وتتكيّف من أجل التغيير، الا الجبهة الشعبية, فإنها لم تعرف تطورا في رؤيتها ولا سلوكها منذ تأسيسه

وجهات نظر 0 comments on 2018 تودع تونس بتغييرات كبيرة.. وعام 2019 يُقبِل بانتخابات مهمة

2018 تودع تونس بتغييرات كبيرة.. وعام 2019 يُقبِل بانتخابات مهمة

تودع تونس عام 2018، الذي شهد تغييرات كبيرة في مشهد سياسي استمر منذ انتخابات أكتوبر 2014، بالتحالف الحكومي بين حزبي «نداء تونس» و«النهضة».

من أبرز هذه التغييرات إعلان الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، انتهاء التوافق بينه وبين «حركة النهضة» (إسلامية ديمقراطية).

وابتعاد رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، لمسافة عن الرئيس السبسي، وعن القيادة الراهنة لحزبه (نداء تونس- ليبرالي).

كما تستمر أزمة اقتصادية وتداعياتها الاجتماعية، إذ تصاعد الاحتجاج الاجتماعي ونزل آلاف المحتجين إلى الشارع.

** احتجاجات.. وانتشار الجيش

خلال ديسمبر 2017، تم إقرار موازنة 2018، التي رافقتها إجراءات دفعت إلى زيادات في الأسعار شملت بالأساس الوقود، بطاقات شحن الهواتف، خدمة الإنترنت، العطور ومواد التجميل.

وفي 8 جانفي 2018، اندلعت مظاهرات في مدينة القصرين (وسط غرب)؛ احتجاجًا على غلاء المعيشة.

امتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى، بينها مدينة طبربة، بمحافظة منوبة (شمال شرق)، حيث لقي محتج حتفه، ونفت الداخلية أن يكون قضى دهسًا بسيارة شرطة، كما ذكرت وسائل إعلام.

وفي التاسع من ذات الشهر، اتسعت رقعة الاحتجاجات، لتشمل مدنًا أخرى، بينها القيروان (وسط)، المهدية (شرق)، قفصة (جنوب غرب)، نابل (شمال شرق).

كما امتدت الاحتجاجات إلى سوسة (شرق)، وعدد من أحياء العاصمة تونس، منها التضامن والانطلاقة، حيث تخللت الاحتجاجات أعمال تخريبية.

نشر الجيش أكثر من ألفي جندي في 123 نقطة بأرجاء البلد العربي، لحماية المقرات السيادية والمنشآت، بحسب ما صرح به المتحدث باسم وزارة الدفاع، بلحسن الوسلاتي، آنذاك.

اتهم الشاهد، ما وصفها بـ«شبكات الفساد» و«الجبهة الشعبية» (يسار/ 15 نائبًا من أصل 217) بـ«التحريض على أعمال العنف والتخريب»، عبر تجنيد عدد من الشباب.

وأعلن رئيس الحكومة، من منطقة البطان في منوبة (شمال العاصمة)، التي زارها عقب أحداث عنف شهدتها، إجراء تحقيق لـ«الكشف عن المتورطين في هذه الأحداث».

ووصف موقف «الجبهة الشعبية» بـ«غير المسؤول»، وقال إن «نواب كتلتها يصوتون لصالح قانون المالية، ثم يتظاهرون ضده».

وأعلنت الداخلية في العاشر من الشهر نفسه، توقيف 206 «متورطين في عمليات سرقة ونهب» خلال الاحتجاجات.

كما أشارت إصابة 49 عنصرًا من الشرطة في مدن متفرقة خلال مواجهات مع محتجين، إضافة إلى تضرر 45 سيارة أمنية.

وانتهى يناير بزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى البلاد في 31 جانفي ومطلع فبراير الماضيين.

وهي زيارة غلب عليها الطابع الاقتصادي، بدعم مالي بلغ 500 مليون يورو، وتوقيع 8 مذكرات واتفاقيات لتعزز التعاون المشترك بين البلدين.

ورغم المبلغ الذي قدّمته فرنسا لتستفيد منه تونس بين عامي 2020 و2022، اعتبر خبراء في أحاديث للأناضول، حينها أن الزيارة أظهرت محدودية دعم باريس لتونس.

** “قرطاج 2”.. ومحاولة الإطاحة بحكومة الشاهد

في منتصف مارس 2018  دعا السبسي إلى اجتماع للموقعين على اتفاق «قرطاج 1»، انتهى بإقرار تشكيل لجنة لإعداد خارطة طريق لإصلاحات اقتصادية واجتماعية  ذات أولوية.

و«اتفاق قرطاج» هي وثيقة تحدّد أولويات الحكومة، وقع عليها، في يوليو 2016، كل من «الاتحاد العام التونسي للشغل» (أكبر نقابة عمالية)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (أرباب العمل)».

كما وقع عليها اتحاد المزارعين (مستقل)، وأحزاب سياسية، أبرزها: «النهضة» (68 نائبًا)،  و«نداء تونس» (46 نائبًا).

واتضح من تصريحات مشاركين في الاجتماع أن النية تتجه إلى تغيير حكومة لشاهد.

واعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الذي شارك في اجتماع «قرطاج 2»، أن حكومة الشاهد هي «حكومة تصريف أعمال».

وقال الطبوبي، في تصريحات إعلامية، إن الحكومة، التي ستنبثق عن الحوار المصغر (لجنة اجتماع قرطاج)، ستقود تونس إلى نهاية الفترة البرلمانية الحالية (نهاية خريف 2019).

وعقب خروجه من الاجتماع، قال المدير التنفيذي لـ«نداء تونس» (مشارك في الحكومة)، حافظ السبسي (نجل الرئيس)، إن «التحوير (التعديل) الوزاري مرتبط بخارطة الطريق».

وأضاف: «لا نريد أن يكون التحوير شكليًا، بل في العمق، ومبنيًا على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية».

وفي نهاية ماي 2018، قرر الرئيس السبسي، تعليق العمل بـ«وثيقة قرطاج» (الخاصة بتحديد أولويات الحكومة) إلى «أجل غير محدد»، في ظل استمرار الخلافات بين الموقعين عليها بشأن إجراء تغيير جزئي أو شامل للحكومة.

وقال مصدر واكب نقاشات قرطاج آنذاك، إن الرئيس أوقف حوار قرطاج لرفض حركة النهضة إقالة الشاهد، بحسب الأناضول.

** انتخابات بلدية..  المستقلون أولًا

في 6 ماي، جرت أول انتخابات بلدية منذ ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي (1987- 2011).

تصدرت القوائم المستقلة نتائج الانتخابات بنسبة 32.9 %، تلتها «حركة النهضة» بـ29.68 %، و«حركة نداء تونس» 22.17 %.

وحصلت القوائم المستقلة على 2367 مقعدًا في كامل الدوائر البلدية، فيما حصدت «النّهضة” 2135 مقعدًا، وفازت «نداء تونس» بـ1595 مقعدًا.

وحل ائتلاف «الجبهة الشعبية» في المرتبة الرابعة بـ295 مقعدًا (3.6 %)، وتلاه «التيار الديمقراطي» (يسار معتدل/ 3 نواب)، بـ 205 مقاعد (2.85 %).

وحلّت حركة «مشروع تونس» (منشقة عن نداء تونس) سادسة بـ124 مقعدًا (1.7 %)، ثم «حركة الشّعب» (قومية/ 3 نواب) بـ100 مقعد (1.39 %)، و«آفاق تونس» (ليبرالي) 93 مقعدًا (1.29 %).

وعزا محللون، فوز «النهضة» إلى ثلاثة عوامل، هي: قوتها التنظيمية، وتشتت ماكينة المنافس الرئيسي الانتخابية (نداء تونس)، وعزوف نسبة مهمة من الناخبين عن التصويت.

في بداية جويلية تم انتخاب سعاد عبد الرحيم، رئيسة قائمة «النهضة»، كأول امرأة تترأس بلدية العاصمة تونس، بـ 26 صوتًا مقابل 22 لمنافسها كمال إيدير، عن قائمة «نداء تونس».

** مستقبل الشاهد

في نهاية أوت، أعلن نواب من كتل مختلفة عن تشكيل كتلة «الائتلاف الوطني» (44 نائبًا)، اعتبر مراقبون أنها قريبة من رئيس الحكومة.

وقال عضو بارز في الكتلة، في نوفمبر، إنهم يتجهون إلى تشكيل حزب جديد مع نهاية 2018.

وأضاف: «الوقت حان لجيل يوسف الشاهد (43 عامًا) والأشخاص الذين أعمارهم في 40 سنة و50 سنة كي يحملوا المشعل ويشكروا من سبقهم في تثبيت هوية الدولة».

ويتردد في الأوساط السياسية أن هذه الكتلة ستدعم الشاهد، المبتعد عن حزبه «نداء تونس»، في الانتخابات المقبلة، كأحد التغييرات المحتملة في 2019.

وفي 13 نوفمبر الماضي، صوّت مجلس نواب الشعب (البرلمان) لصالح قبول تعديل حكومي واسع اقترحه الشاهد، رغم عدم موافقة الرئيس السبسي (92 عامًا).

هذا التعديل حظي بدعم حركة «النهضة» وحزب «مشروع تونس» (ليبرالي- 14 نائبًا)، وحزب «المبادرة الوطنية الدستورية» (وسطي دستوري- 3 نواب).

كما دعم التعدل أيضًا كل من كتلة الائتلاف الوطني، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (يسار معتدل- لا نواب له).

** نهاية التوافق

في 25 سبتمبر، أعلن الرئيس السبسي، أن علاقة التوافق التي تجمعه بـ«حركة النهضة»، انتهت «بعدما فضلوا (قادة النهضة) تكوين علاقة أخرى مع يوسف الشاهد».

وأنهى هذا الإعلان توافقًا بين «نداء تونس» و«النهضة»، وهما الحزبان الرئيسان في الائتلاف الحاكم، بدأ قبل خمس سنوات وجنب البلاد السقوط في أتون العنف.

وجاء هذا الإعلان بعد أن رفضت «النهضة» مطلب حزب «نداء تونس»، الذي أسسه السبسي، بإقالة الشاهد، حيث قالت الحركة إنه يتعين المحافظة على الاستقرار السياسي.

وحذرت «النهضة»، من أن إعلان السبسي، من شأنه أن يعمق الأزمة السياسية، ودعت إلى بذل جهود لعودة العلاقة، مشددة على أنها حريصة على الاستقرار والوصول إلى تفاهمات عبر الحوار.

** تطورات 2019

خلال ديسمبر الجاري، شهدت البلاد احتجاجات اجتماعية تتصاعد من آن إلى آخر، وأحدثها احتجاج الآلاف من أساتذة المرحلتين الثانوية والإعدادية إلى الشارع.

ويطالب هؤلاء الأساتذة بزيادة في الأجور، في وقت توصي فيه تقارير المؤسسات المالية الدولية بعدم زيادة الأجور لإنقاذ الاقتصاد.

وتنتظر الساحة السياسية التونسية مزيدًا من التطورات في أفاق 2019، لاسيما وأن انتخابات عامة ستجرى في الخريف المقبل، لانتخاب نواب البرلمان ورئيس جديد للبلاد.

وأيًا كانت تطورات 2019، فإنها تحتل أهمية بالغة، إذ يُنظر إلى تونس على أنها التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجحة في الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي، منذ أواخر 2010.

 

شبكة رصد الاخبارية

وجهات نظر 0 comments on ليبيا.. مصيدة التأزيم بالاستدعاء السلبي للتاريخ .. بقلم السنوسي بسيكري

ليبيا.. مصيدة التأزيم بالاستدعاء السلبي للتاريخ .. بقلم السنوسي بسيكري

تُصنف المجتمعات المتخلفة، والعالم الإسلامي والدول العربية من بينها، بأنها تعيش في الماضي ولديها هوس بتاريخها، خاصة الجوانب الإيجابية منه، أو ما تعتبره إيجابيا، على حساب الاهتمام بحاضرها ومستقبلها. ويشكل التاريخ مادة رئيسية في تقديم مكوناتها السياسية والاجتماعية لنفسها، وفي تشكيل موقفها من الآخر.

 

في حالات كثيرة يقع استدعاء التاريخ والعيش في الماضي بانغماس والحنين إليه إلى درجة الشلل

وتسهم عوامل عدة في تكريس هذه الظاهرة، ومن بين هذه العوامل وقوعها تحت الظلم والقهر وسلب الحقوق بمختلف أنواعها والحرمان مما هو جزء من كينونتها، فتلك تخلق مشكلة أثرها يتعدى المظلوم إلى الواقع الأرحب، وتكون سببا في الارتماء في أحضان الماضي بشكل سلبي.

وفي حالات كثيرة يقع استدعاء التاريخ والعيش في الماضي بانغماس والحنين إليه إلى درجة الشلل، فكثير منا، نحن الليبيون، ليس فقط يسكنه التاريخ بل يسكن فيه، فيكون في الحاضر بجسده، ويعيش في الماضي ذهنيا ونفسيا ووجدانيا.

أزمة استدعاء التاريخ

الدراسات تكشف أن استدعاء التاريخ والحنين للماضي غالبا ما يقع عندما يكون هناك مشكلة في إدراك الواقع والتعامل معه، فالصدمة والعجز يدفعان للرجوع إلى الوراء والبحث عما يريح العقل والضمير في ثنايا الماضي، فشر الماضي قليل بالنظر إلى الحاضر عند من يفشلون في مواجهة تحديات الحاضر.

والأخطر في كل هذا هو استخدام الماضي بشكل متعسف لإثبات الوجود وفرض الإرادة ومقارعة الخصوم والمغالاة في ذلك، ويقع في أثناء ذلك ثلاث مثالب هي:

أ ـ الانعزال عن الواقع والغيبوبة عن المستقبل في التقييم والحكم.
ب ـ الانتقاء من خلال تضخيم الإيجابيات والتغافل عن السلبيات.
ت ـ التمجيد للذات وإقصاء الآخر بالتوظيف السلبي النصوص والوقائع التاريخية.

فتجد، على سبيل المثال، السبتمبري (المؤيد للفاتح من أيلول / سبتمبر) وهو يقيم ويحكم على إفرازات ثورة فبراير يعود إلى العقود الماضية ويبحث بانتقائية عما يعتبره شيئا يفخر به أمام الواقع الراهن بعد الثورة، ويتغافل تماما عن أحداث ووقائع شبيهة وشديدة الصلة بما يقع اليوم من كوارث.

 

الردود على السبتمبري تعود أيضا إلى الماضي باستخدام نصوص ووقائع من العهد الملكي وكيف أنه خير من نظام القذافي، وفي هذا صدق إلا إنه يقع بانتقائية وبغرض مقارعة الخصم وليس للتوعية ومحاولة تشخيص الواقع والبحث عن مقاربة مستقبلية للخروج من الأزمة.

كثيرون يقعون في الشرك، فالإسلامي المغالي في التزامه بالدين يقع في أخطاء التعامل مع الإرث والتراث بدرجة تزيد في تأزيم الحاضر وتعطل التفكير الجماعي في المستقبل، وكذا المتعصب الجهوي والقبلي والمعتز بعرقه الأمازيغي، يقع كثير منهم في معضلة التعامل السلبي مع التاريخ ليكون النتاج مزيدا من النزاع والصراع والانقسام السياسي والصدع الاجتماعي.

وعند الاجتهاد في تحديد الموقف من الآخر تجد التلبس بالماضي بطريقة خاطئة مدعاة لمحاسبة شخوص الواقع ومن يمثلونه وكأنهم تسبّبوا وحدهم في الإخفاقات، وتبرئة الظهير الديني أو العرقي أو الجهوي أو القبلي من أخطاء الماضي ومآسي الحاضر.

المطلوب لتجاوز التعاطي السلبي مع التاريخ

1 ـ التركيز على منظومة القيم والتصورات بالنسبة للإنسان والمجموع الذي يتحرك فيه، فكلما كانت المنظومة متوازنة وتنضبط فيها العلاقات والأدوار بين الإنسان ومحيطه كلما كان التعامل مع الماضي واستدعاء التاريخ أقرب للإيجابية ويخدم الانتقال والتطور، والعكس هو الصحيح.

2 ـ التقييم الموضوعي للتاريخ والتجرد في الحكم عليه، فليس كل الماضي سبب فخر، وليس كل ما تم العمل به في الماضي صالح للأخذ به اليوم ويؤتي نفس الثمار، خاصة اذا كان مسار التطور طبيعيا ومطردا.

3 ـ التوافق على رؤية مستقبلية مثلى للتحول والانتقال وفهم التراتبية الصحيحة في مسار الانتقال والتغيير لتكون ضمانا لحقوق الجميع واستجابة صحيحة لمطالبهم العادلة، فكلما أشرق المستقبل أمامنا واتضحت معالمه وشكلت مشتركا لليبيين جميعا كلما تراجع تأثير الاستدعاء السلبي للتاريخ.

 4 ـ التنشئة المشوبة بالتعصب المبني على تمييز له علاقة بالتاريخ خطيرة بل مدمرة، ومثاله السيئ تلك الأم التي تظهر في مقطع مرئي وهي تصف ابنها، الذي لم يبلغ العام من عمره، بالمصراتي فيبكي وتنادية بالبرقاوي فيبتهج.

5 ـ معالجة الخلافات والنزاعات الراهنة والتي تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وعدم قصر مجابهتها على الآثار الراهنة، فما لم يقع التنقيب عن الأسباب القديمة ومعالجتها يظل النزاع قابلا للتفجر.

6 ـ الاتفاق على إدانة ما وقع من أعمال وقت النزاع في القديم والحديث، والاعتراف بالخطـأ والاعتذار عنه وجعل النزاع شيئا مستهجنا من خلال تخليد ذكرى آثاره، وتمجيد الصلح ونتائجه لتتربى على ذلك الأجيال وتجنح للاستدعاء الإيجابي للتاريخ.