وجهات نظر 0 comments on بعد فراغ قيادة ‘نداء تونس’.. إلى أين يتجه حزب الرئيس؟

بعد فراغ قيادة ‘نداء تونس’.. إلى أين يتجه حزب الرئيس؟

عزيزة بن عمر

عاش حزب نداء تونس في الأيام الأخيرة على وقع العديد من التطورات التي طالت قيادة الحزب، من بينها تجميد مهام المنسق العام و استقالة الأمين العام للحزب، سليم الرياحي.

و يؤكد المناصرون للحزب، أن هذه التغييرات تستبق المؤتمر الانتخابي المقبل الذي “سيرتب البيت الداخلي في نداء تونس” قبل الانتخابات الرئاسية و التشريعية المقبلة، في الوقت الذي يرى فيه آخرون أن وضعية حزب الرئيس تسير نحو “مزيد من التعقيد”.Résultat de recherche d'images pour "‫ازمة نداء تونس‬‎"

تطورات متسارعة

أعلن الأمين العام لحزب نداء تونس سليم الرياحي، الجمعة الماضي، استقالته من منصبه.

و تم تكليف الرياحي في الأشهر الأخيرة بالأمانة العامة لنداء تونس، بعد اندماج حزبه الاتحاد الوطني الحر مع الحركة التي أسسها الرئيس الباجي قايد السبسي.

و ثمّن نداء تونس في بيان، قرار “الأمين العام للحزب الجريء والمسؤول والمتمثل في استقالته من مهمة الأمانة العامة للحزب، مغلّبا بذلك المصلحة العليا للحزب والبلاد على مصالحه الشخصية.”

وتأتي استقالة الرياحي من مهامه في الحزب، أياما فقط بعد تجميد الهيئة السياسية لعضوية ونشاط المنسق العام للحزب، رضا بلحاج، في قرار شكك هذا الأخير في شرعيته.

حركية منتظرة

وتعليقا على هذه التطورات التي مست قيادة الحزب، قال النائب البرلماني، حسن العماري في تصريح ” لمغرب نيوز”، إن “هذه الحركية الكبيرة منتظرة بالنظر إلى اقتراب موعد المؤتمر الأول لنداء تونس الذي سينعقد في بداية أفريل المقبل”.

و أوضح العماري “مقابل استقالة الأمين العام و تجميد عضوية المنسق العام، توجد مشاورات لعودة العديد من الكفاءات الندائية السابقة والشخصيات الوطنية إلى الحزب في الفترة المقبلة”.

و يعتقد النائب عن حزب نداء تونس أن “المؤتمر المقبل للحزب سيوضح الرؤية و سيخطو بالحزب خطوة مهمة في طريق الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة”.

وحول وجود مخاوف من استحواذ حركة تحيا تونس المحسوبة على رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، على الخزان الانتخابي لنداء تونس، قال العماري إن “تحيا تونس أسهمت في تشتيت العديد من الأحزاب، من بينها آفاق تونس و الجمهوري و نداء تونس، وهو ما يحقق رغبة طرف سياسي بعينه في إضعاف النداء الذي حقق التوازن السياسي في انتخابات 2014”.

الأزمة مستمرة

في المقابل، يستبعد محللون أن ينهي المؤتمر المقبل لنداء تونس مسلسل الانقسامات الذي يعيش على وقعه الحزب في الأشهر الأخيرة.

و في هذا الإطار، قال المحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي ” لمغرب نيوز “إن “نداء تونس يعيش في وضع كارثي ولا يرغب في الاعتراف بأن العجلة تدور في صالح الحركة السياسية الجديدة المحسوبة على رئيس الحكومة”.

و تابع قائلا “الوضع المالي لنداء تونس أيضا في تدهور بعد التحاق العديد من رجال الأعمال و الأقطاب المالية بالمشروع السياسي الجديد”.

و استبعد الجورشي أن المؤتمر المقبل سيحد من وتيرة الخلافات داخل نداء تونس، قائلا “لقد سبق و أن تم تأجيل المؤتمر في أكثر من مناسبة، مما يؤشر على إمكانية التخلي عنه أو تنظيم مؤتمر صوري يتم فيه اختيار القيادة الجديدة بطريقة شكلية”.

اللعبة كبرت في النداء

رضا بلحاج يؤكد أنه المنسق العام لحركة نداء تونس وممثلها القانوني و أن قرار تجميده لا قيمة قانونية له وصدر عن هيئة غير شرعية وجاء على خلفية موقفه من المؤتمر ومطالبته لحافظ قايد السبسي بتقديم كشف عن تصرفه المالي و أنه سيكشف أكثر تفاصيل في إجتماع الأحد

“لم يتم تنظيم المؤتمرات الجهوية والمحلية بعد، كما لم يتم توزيع الانخراطات على قواعد نداء تونس، الأمر الذي يحيل على عدم وجود رغبة في تنظيم مؤتمر ديمقراطي حقيقي على غرار المؤتمرات التي نظمتها حركة النهضة أو حزب العمال”، وفق تعبير الجورشي .

وجهات نظر 0 comments on الزيارات الخارجية للفاعلين السياسيين في تونس تمهيدا للحملة الانتخابية

الزيارات الخارجية للفاعلين السياسيين في تونس تمهيدا للحملة الانتخابية

عزيزة بن عمر

لا يفصل تونس عن الاستحقاقات الانتخابية التشريعية و الرئاسية سوى بضعة أشهر و هو ما جعل كل الأحزاب توجّه بوصلتها نحو هذه المحطة السياسية الهامة التي ستكون مفصلية في تاريخ البلاد، و مع اقتراب هذا الموعد الهام انطلقت  العديد من الوجوه السياسية في القيام بجملة من الزيارات الخارجية تمهيدا للحملة الانتخابية على غرار رئيس الجمهورية و رئيس حركة النهضة و رئيس الحكومة وصولا إلى محسن مرزوق و سليم العزابي .

الغنوشي في ألمانيا 

أدى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رفق وفد رفيع المستوى زيارة إلى العاصمة الألمانية برلين، زيارة التقى فيها بكل من وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نيلز أنان و كبير مستشاري  أنجيلا ميركل للشؤون الخارجية الدكتور يان هاكر، و وزيرة الدولة للتعاون الدولي فلاشبارت ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني الدكتور روتجان و لجنة الصداقة مع دول المغرب العربي  في البرلمان الألماني رئيسة اللجنة غابريالا هاينريخ، و الأعضاء النواب بيتر ستاين ورودريك كيزواتر و المدير العام لقسم الشرق الأدنى و الأوسط بوزارة الخارجية الدكتور فيليب أكرمان.
و قد عبر المسؤولون الألمان عن إعجابهم بتجربة الانتقال الديمقراطي في تونس التي صنعت الاستثناء في دول الربيع العربي. كما عبر المسؤولون الألمان عن إعجابهم بتجربة حركة النهضة و الدور الذي لعبته في إنجاح التجربة و المحافظة عليها. كما أكدوا أهمية ما تقدمه تونس كنموذج تتوافق فيه الديمقراطية مع الإسلام و حقوق الإنسان بعكس القراءات المتطرفة للإسلام و التي تربطه بالعنف و التشدد. 
و قد عبر الأستاذ راشد من جهته عن شكره للحكومة الألمانية على دعمها الكبير لتونس منذ الثورة سواء مباشرة أو عن طريق الاتحاد الأوروبي. كما دعا الحكومة الألمانية الى زيادة و تكثيف هذا الدعم خاصة بتشجيع الشركات الألمانية على الاستثمار في تونس وتوثيق العلاقة بين المؤسسات الجامعية الألمانية والتونسية خاصة عن طريق توفير منح دراسية للطلبة التونسيين.  
L’image contient peut-être : 4 personnes, personnes souriantes, personnes debout et costume

زيارة يوسف الشاهد إلى فرنسا أيام 13/14/15  فيفري

بدوره أدى رئيس الحكومة يوسف الشاهد زيارة دولة إلى فرنسا مرفوق بعدد  من الوزراء على غرار وزير الداخلية، و وزير السياحة، و وزيري الشؤون الخارجية و الصناعة، و استمرت الزيارة ثلاثة أيام التقى فيها الرئيس إيمانويل ماكرون و عدد من الوجوه السياسية الفرنسية و خلال لقاءه ماكرون تحدث يوسف الشاهد، بالأساس، عن رغبته في تعزيز التعاون التونسي الفرنسي. و قد كان برنامج رئيس الحكومة بباريس حافلا بالاجتماعات التي تهدف إلى إقناع فرنسا بالاستثمار مجددا في تونس و في جميع القطاعات.  

 

محسن مرزوق في زيارة إلى المغرب 

كما قام رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق في الآونة الأخيرة بزيارة إلى المغرب حيث شارك في افتتاح أشغال لقاء طنجة التشاوري لشبكة الأحزاب الديمقراطية في شمال افريقيا. 

و قال الأمين العام لحركة مشروع تونس  محسن مرزوق، إن لقاء طنجة التشاوري لشبكة الأحزاب الديمقراطية بشمال إفريقيا، الذي يحتضنه حزب الأصالة والمعاصرة بمشاركة 17 حزبا، على مدى يومي 23 و24 فيفري الجاري، (اللقاء) يعقد بعد سلسلة اجتماعات ذات طابع تحضيري، منوها بحاضرة طنجة تاريخيا و ثقافيا باعتبارها منطلق العمل الإفريقي المشترك.

وأضاف مرزوق أن اختيار شمال إفريقيا كمحور جغرافي متنوع ثقافيا مدخل للحوار بين الأحزاب الديمقراطية بالمنطقة من جهة، وتقوية العلاقات مع الجيران (دول إفريقيا جنوب الصحراء) بالنظر إلى التحديات المشتركة: اقتصاديا، أمنيا، ثقافيا … واعتبر مرزوق أن وضعية البلدان المعنية في الوقت الراهن عنوان لمسارات مختلفة مع مصير واحد، وعرج في سياق متصل على الواقع المعاش حاليا في تونس سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بالنظر إلى التغيرات التي فرضها المسار الانتقالي.L’image contient peut-être : 3 personnes, texte

رئيس الجمهورية من مصر إلى جنيف :

انطلق رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي يوم 24 فيفري الجاري بجولة خارجية انطلقت من مصر وصولا إلى جنيف .

حيث شارك الأحد فى أعمال القمة العربية الأوروبية الأولى بشرم الشيخ،.
 
و قدم رئيس الجمهورية تهانيه للرئيس المصري على احتضان بلاده فعاليات هذه القمة الهامة و الأولى من نوعها و ما وفرته مصر من إمكانيات لحسن تنظيمها، متمنيا النجاح لأعمال هذه القمة التي تنعقد في ظروف دقيقة و حساسة في تحقيق المنشود و إحداث نقلة نوعية في التعاون العربي الأوروبي على جميع الأصعدة و في مختلف المجالات لمواجهة التحديات المشتركة. 
و أكد رئيس الدولة حرص تونس على المشاركة في هذه القمة تقديرا لعلاقاتها المتميزة مع مصر رئيسا و حكومة و شعبا و اعتبارا للدور المحوري لمصر في المنطقة، فضلا عما توليه بلادنا من أهمية استراتيجية بالغة للعلاقات العربية الأوروبية و تطلعها إلى أن تشهد هذه العلاقات مزيدا من التعاون و توسيع قاعدة التفاهم المشترك خدمة للمصالح المتبادلة للجانبين.L’image contient peut-être : 3 personnes, personnes souriantes, costume
و من مصر تحول رئيس الجمهورية إلى جنيف للمشاركة في “الجزء رفيع المستوى” للدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف حيث التقى السبسي يوم الاثنين 25 فيفري كلمة أكّد فيها بالخصوص التزام تونس الثابت بالمبادئ و القيم الكونيّة لحقوق الإنسان، و مساندتها لكلّ الجهود و المبادرات الرّامية إلى مزيد الارتقاء بها، خدمة للقضايا العادلة و تعزيزا لمقومات السّلم و الأمن في العالم.
 
كما أبرز رئيس الدولة أن تونس حرصت على تعزيز منظومة حقوق الإنسان نصا و ممارسة، منذ انطلاق تجربتها الديمقراطية، إيمانا منها بأهميتها في تكريس دولة القانون و المؤسسات، وفي الحفاظ على السلم الاجتماعية.
كما أكدّ في هذا السياق أن الدستور التونسي تقدّمي بامتياز حيث ضمن كل الحقوق و الحريات و كذلك المساواة بين جميع للمواطنين وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها و أضاف أنه بصفته ضامنا للدستور، بادر بتقديم مقترح المساواة في الميراث بين الرجال و النساء مواصلة للتوجه الاصلاحي و الحداثي الذي يميز المجتمع التونسي عبر تاريخه و مواكبة للمكانة المتميزة التي تحتلها المرأة فيه ومساهمتها الفاعلة في اقتصاده وأمنه الاجتماعي.
كما شدّد على أن حقوق الإنسان مترابطة وغير قابلة للتجزئة معتبرا أنه لا ديمقراطية بدون مساواة ولا تنمية حقيقية بدون القضاء على التمييز بين الرجل والمرأة.
و أوضح رئيس الجمهورية أنّه طرح المبادرة بكل مسؤولية و اقتناعا منه بأنها تتماشى مع نص الدستور و روحه و تتلائم مع فلسفة ومبادئ حقوق الإنسان، مؤكدا أن اعتمادها سيشكل نقطة تحول جديدة في تاريخ تونس الحديث، “كدولة مدنيّة، تقوم على المواطنة، وإرادة الشّعب، وعلويّة القانون”.L’image contient peut-être : 3 personnes

البارزة, وجهات نظر 0 comments on بين التعقيدات الداخلية و التدخلات الخارجية … المشهد الليبي إلى أين ؟؟

بين التعقيدات الداخلية و التدخلات الخارجية … المشهد الليبي إلى أين ؟؟

منية العيادي

 

 

بعد ثمانية أعوام من ثورة 17 فبراير الليبية و التي أطاحت بنطام معمر القدافي، يبدو المشهد الليبي حاليا أكثر غموضا في ظل غياب الدولة و مع تعقد الأوضاع في الجنوب الليبي إضافة إلى التدخلات الخارجية و النتيجة لا توجد رؤية واضحة لإمكانية ترسيخ حل في ليبيا، داخليا بعدم وجود رغبة بين الأطراف السياسية الليبية في التفاهم حول حل جذري يرضي الجميع ، و خارجيا بعدم وجود دعم دولي للبعثة الأممية وسط تنازع الدول الفاعلة في الملف الليبي فيما بينها مما يبين بوضوح أن الكثير من الأطراف و أصحاب القرار في ليبيا مرتهنة للقرار الخارجي أو أنها تريد تغليب مصلحتها الشخصية على حساب مصلحة الوطن .

و للأسف ما زاد الطين بلة أن النية اليوم مفقودة في الذهاب إلى اتفاق بين الأطراف السياسية التي تدير العملية السياسية في ليبيا خاصة بين مجلس النواب و مجلس الدولة و هو تشابك خطير لا يوحي بوجود حل أو نهاية لهذا النفق المظلم الذي ينتظر الليبيون الخروج منه، إلا بالذهاب ربما إلى الانتخابات التي يرى مراقبون صعوبة في الوصول إليها إن لم نقل إستحالتها لنفس السبب و هو عدم اتفاق الأطراف السياسية و صعوبة انعقاد المؤتمر الجامع حول ليبيا إضافة إلى أن عملية الانتخابات معرقلة اليوم من المجتمع الدولي نوعا ما نتيجة للتجاذبات السياسية في المنطقة و الصراع حول ليبيا بشكل واضح .

ورغم مرور ثماني سنوات، لا تزال البلاد تغرق في أزمة أمنية و سياسية متداخلة الأطراف، وسط محاولات خاصة من دول الجوار لحلحلتها، و رأب الصدع بين الفرقاء.

صراعات وضعت البلاد في مواجهة مصيرية أمام أزمات لا تزال تراوح مكانها حتى اليوم دون وجود مؤشرات على انفراج قريب، فكيف يمكن أن تخرج ليبيا من هذا النفق المظلم وسط التحديات المتراكمة ؟ و ما هي الأطراف الأكثر فاعلية الآن في المشهد الليبي ؟.

 

ثماني سنوات بعد ثورة فبراير … مالذي تغير ؟ 

يقدر العارفون بالوضع الليبي بأن إرساء الإستقرار السياسي و الإقتصادي و السلم الأهلية مرهون بتوافقات داخلية ممكنة في وقت وجيز و توافقات خارجية صعبة التحقيق نظرا لتشعب مصالح الدول المتدخلة في تصادم مصالحها أحيانا.

الكاتب و الباحث السياسي الليبي عز الدين عقيل، الذي يرى أن ما جرى في ليبيا لم يكن ثورة، بل انتفاضة للمهمشين الذين انعكست عليهم أثار الفساد الخطير، بمعدلات بطالة عالية، قبل أن تتدخل الجماعات الإسلامية المتطرفة و الانتهازيين من رجال الأعمال، اعتبر أن الوضع اليوم في ليبيا خطير و ليس انتقاليا فالدولة غير مستقرة على الإطلاق مع وجود حالة النزاع المسلح و الحرب الأهلية، مناشداً الجميع بـ” التفكير في كيفية تجاوز هذه الحالة لتصحيح مسار البلاد .

Résultat de recherche d'images pour "‫عز الدين عقيل‬‎"

و شدد عقيل على أن الحل الجوهري في ليبيا يتمثل في نزع السلاح على الرغم من أنه  ليس خيار المجتمع الدولي خاصة بإرسالهم بعثة سياسية و ليس أمنية تختزل الحل ما بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر و رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ” الذي هو غير حقيقي على الإطلاق و بعيد كلياً عن الحل الحقيقي” بحسب قوله.

و أضاف ” أما الآن و بعد العمليات العسكرية في الجنوب أصبحت على يقين أن الحل سيكون عسكرياً و لا بد أن يكون بنزع السلاح و لكن هل سيكون عبر السياسة أو عبر جمع امراء الحرب حول مائدة التفاوض للوصول إلى  اتفاق سياسي يحددون من خلاله عملية نزع السلاح و اعطائهم قدرا من العفوات المختلفة مقابل سماحهم بعودة الجيش و الشرطة بشكل سلمي و يبدو ان أمراء الحرب اختاروا نزع السلاح بالقوة، و أعتقد أن الجيش سيتقدم و طرابلس ستكون أكثر سهولة في تطهيرها من المليشيات و بعد ذلك سنعود للصورة التي يجب أن نمضي لها من البداية”.

و تابع:  ” إن ليبيا ستشهد ما وصفه بـ”استنساخ لما وقع في مصر بعد تنحي الرئيس المصري حسني مبارك، بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي الذي تولى قيادة المجلس العسكري آنذاك، مضيفًا أن العاصمة طرابلس ستشهد ما قال إنها انتفاضة عند توجه قوات الكرامة إلى العاصمة بعد انتهاء حملتها العسكرية في الجنوب الليبي. و وصف المشهد الليبي بالمتغير حيث أدبر الليبيون الانتخابات وراء ظهورهم و ينتظرون نتائج العملية العسكرية التي يقودها خليفة حفتر في الجنوب، وفق قوله.

و قال عقيل، إن المجتمع الدولي تعامل مع أزمة ليبيا بشكل خاطئ و إن الجيش كان الطرف الأكثر فاعلية معتبرا أن ليبيا “صنعت” فيها الحرب تصنيعا من جانب تحالف الناتو و مجلس الأمن و لن تنتهي هذه الحرب إلا بانتهاء الصراعات كليا و قسم هذه الصراعات إلى ثنائيات متعددة حول ليبيا منها الصراع المصري-الجزائري و الصراع القطري-الإماراتي و الصراع الإيطالي- الفرنسي و الصراع السوداني-التشادي مضيفا أنه ليست هنالك دولة تحولت إلى حلقة من حلقات دول النزاع المسلحة التي تنتمي إلى الجيل الرابع من الحروب داخل الدولة القومية الواحدة لم تكن فيها الحرب في الأساس حربا بالوكالة تمولها أطراف خارجية سواء كانت دولية أو محلية أو إقليمية.

و تعليقا على عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا و دورها في المشهد السياسي و الأزمة في ليبيا و خارطة الطريق التي تبناها المبعوث الأممي غسان سلامة التي تهدف إلى إجراء انتخابات في البلاد، قال عقيل إن الشعب الليبي ليس بحاجة لهذه البعثة المستغلة للانقسامات، و غياب التوافقات، حسب وصفه، و دعا المبعوث الأممي إلى حزم أمتعته بانتظار دور قريب لقوات الكرامة و حفتر في المشهد السياسي الجديد في ليبيا، حسب قوله.

 

التدخلات الخارجية و تعقيد الأزمة الليبية 

لا يخفى على أحد أن ليبيا أصبحت مساحة للتدخلات الخارجية، بل ساحة حرب بالنيابة في بعض الأحيان، و زادت هذه التدخلات من تأجيج الصراع في ليبيا بدعم بعض الدول الإقليمية و الدولية لطرف على آخر في هذا البلد.

و بدت ليبيا التي كان التنافس عليها بين القوى الإقليمية و الدولية حاضرا منذ بدء الاحتجاجات التي أطاحت بحكم القذافي الذي امتد أكثر من أربعة قرون، مسرحا للصراع بين فرنسا و إيطاليا اللتين اتسم سلوكهما فيها طوال هذه السنوات بالتغير و الدينامية بحسب ما يستجيب لمصالحهما و يحقق أهدافهما في هذا البلد الغني بالذهب الأسود.

و بات الصراع الخفي مكشوفا للعلن ليصل إلى حرب كلامية بين مسؤولي البلدين كشفت مدى تناقض المصالح بينهما في الساحة الليبية وهو ما دفع المفوضية الأوروبية إلى دعوة كل من فرنسا وإيطاليا إلى تجنب التصعيد الكلامي بينهما وتوخي الحوار والتعاون بدل التعليقات و تبادل التهم.

و يرى البعض أن هذه التدخلات أرهقت ليبيا، و هي المسبب الوحيد للصراع الدائر فيها، بينما يلوم أخرون من استغلوا وأفسحوا المجال لتلك الدول، التى تتهم بالتدخل في شؤون ليبيا الداخلية و تضع خططا مستقبلية لدعم طرف بعينه.

Résultat de recherche d'images pour "‫حفتر و السراج و عقيلة صالح‬‎"

و بالرجوع إلى التدخلات الخارجية في ليبيا فقد مثل التدخل العسكري لقوات حلف شمال الأطلسي الناتو أول التدخلات التي و إن أسهمت بشكل كبير بالإطاحة بحكم القذافي فإنها لم تنته بانتهائه، بل استمرت خصوصا مع تعثر العملية السياسية  نتيجة الحرب الداخلية وهو ما شكل فرصة لتدخل قوى خارجية بعضها قدم الدعم المالي و السياسي لأطراف داخلية وبعضها الآخر قدم الدعم العسكري واللوجستي وكلاهما بما يخدم مصالحهم و يقوي نفوذهم في البلاد.

Résultat de recherche d'images pour "‫التدخل العسكري لقوات حلف شمال الأطلسي الناتو في ليبيا‬‎"

و باتت حدود ليبيا سواء الجنوبية أو الغربية تمثل تهديدا لأمن دول الاتحاد الأوروبي التي لطالما ربطت أمنها القومي بالجغرافيا الليبية وسعت لدعم خفر السواحل الليبي من أجل إيقاف تدفق قوارب المهاجرين إليها.

و فضلا عن العمليات العسكرية والاستخباراتية التي تقوم بها روما وباريس انطلاقا من الأراضي الليبية. حاولت فرنسا طوال السنوات الماضية زيادة نفوذها بدءا مع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي مرورا بفرانسوا هولاند وصولا إلى إيمانويل ماكرون الذي عبر صراحة في أحد حواراته مع صحيفة لوموند الفرنسية عن أن ليبيا من أولوياته .

و تجسدت أولويات ماكرون واقعيا من خلال سعيه للدفع بالعملية السياسية في البلاد وجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة.. تحركات باريس هذه أثارت حفيظة روما التي انتقدت غيابها عن المشهد ووصفت تحركات غريمتها فرنسا بأنها محاولة للسيطرة على ملف ليبيا.

و مع سعي ماكرون لدفع الأطراف الليبية إلى اجتماع باريس الذي حضرته الأطراف الأربعة الفاعلة وهم فائز السراج وخالد المشري والمشر خليفة حفتر إلى جانب عقيلة صالح، إضافة إلى دول الجوار وأخرى مؤثرة في المشهد الليبي الداخلي. وصفت روما على لسان مصدر في خارجيتها هذه المساعي بالاستعراضية التي لن تحرز أي تقدم ملموس في العملية السياسية. وإن مخرجات مؤتمر باريس ليست سوى محاولة فرنسية للالتفاف على دور إيطاليا في ليبيا.

و جاء مؤتمر باليرمو عقب مؤتمر باريس الذي رأى محللون أنه ليس سوى صورة لحرب النفوذ بين البلدين الأوروبيين فهو لم يركز على تحسين العلاقات بين الأطراف الليبية المتصارعة بل سعى إلى الرد على المبادرة الفرنسية. من خلال حشد القوى الإقليمية والدولية لحضور المؤتمر والبحث عن دعم الاتحاد الأوروبي لإيطاليا في تحركاتها تجاه ليبيا، جاء الدعم من الممثلة العليا للسياسة الأوروبية الخارجية فيديركا موغريني التي حضرت باسم الاتحاد في  مؤتمر باليرمو، بالإضافة إلى إعلان المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل دعمها المبادرات الإيطالية أكثر من الفرنسية  بشأن ليبيا.

و مهما يكن من أمر فإن التدخلات الخارجية في الشأن الليبي بدءا من الصخيرات وباريس وباليرمو لم تؤت أكلها حتى الآن ولم تستطع إيقاف الأزمة الليبية المستمرة لسنوات. فما الذي يخرج البلاد من عنق الزجاجة بعد فشل الخيارات الأممية حتى الآن بفرض تسوية على المشهد الضبابي.. يتساءل ليبيون ؟

خطّة المبعوث الأممي غسان سلامة .. إلى أين ؟

لم تنجح مفاتيح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في فك العقدة الليبية،  رغم المحاولات و المبادرات الدولية لحلّ الأزمة و رأب الصدع بين الفرقاء، ما جعل بعض المراقبين يسارعون إلى التكهن بـ“احتراق“ خطّة سلامة في ليبيا في ظلّ تصاعد “صراع المصالح و النفوذ” بهذا البلد.

Image associée

و مع دعوة الاتحاد الأفريقي إلى تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا مطلع جويلية القادم بهدف إيجاد حل للنزاع الداخلي ، يعود إلى الواجهة الحديث عن استعصاء الحل الليبي، في ظل غياب رؤية واضحة لخارطة الانتخابات في بلد يغرق في الانقسامات السياسية وهشاشة السلطة المركزية.

من جانبه أقرَّ  سلامة ، الجمعة، بفشل البعثة الأممية في إيجاد حلول جذرية لحلّ الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن ”المجتمع الدولي ربما ليس جاهزًا لتحضير وصفة للوضع الليبي“.

و أضاف أن المجتمع الدولي لم يفرض أي تسوية على الليبيين، و إنما يساعدهم في إيجاد توافقات فيما بينهم، وفق تعبيره مؤكدا وجود اهتمام دولي متزايد بالأزمة الليبية ، خاصة من قِبل أمريكا، و روسيا، مشيرًا إلى أنّه لاحظ خلال حضوره أعمال الدورة الـ 55 لمؤتمر ميونيخ للسياسات الأمنية، والذي انطلق يوم الجمعة الماضي، وجود تقدم في مدى اهتمام الدول الكبرى بخطة عمل البعثة الأممية في ليبيا.

و يرى عديد المختصين في الشأن الليبي أنه بالرغم من طرح مواعيد مختلفة للانتخابات و التي حددت بدءًا من الصخيرات، و من جانب مبعوث الأمم المتحدة الذي حدد أكثر من تاريخ لها، إلا أن هناك عجزًا عن الاتفاق حول إجراء هذه الانتخابات من عدمها، و هذا الفشل يطال الانتخابات التشريعية، و عملية الاستفتاء على الدستور لاختيار النظام الذي ستكون عليه الدولة الليبية المقبلة.

و يُرجع مراقبون هذا التأجيل المتكرر، إلى الطبقة السياسية المهيمنة على الحكم في ليبيا، حيث تتقاطع مصالح أطرافها مع مطالب الشعب الليبي، فضلا عن تدخل القوى الدولية و التي تسعى إلى ضمان أجنداتها و مصالحها و ديمومة نفوذها قبل إجراء هذه الانتخابات ، مستبعدين إجراء انتخابات فعلية في ليبيا في هذا التوقيت، نظرًا لتعدد القوى السياسية في المشهد الليبي من مجموعات مسلحة و أطراف سياسية متناحرة من مجلس رئاسي، وتشريعي والجيش، و جميعهم يبحثون عن ضمان بعدم سحب البساط من تحت أقدامهم في حال إجراء هذه الانتخابات.

و على إيقاع هذه التكهّنات تتحدّث مصادر عن تأجيل محتمل لمؤتمر الإعداد لانتخابات ليبيا هذا العام لحين الحصول على مزيد من الدعم من الأطراف المتناحرة.

القبائل في ليبيا : مراكز القوى الحقيقية ؟ …

 

تمكن الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي إلى حدٍ كبير، من اللعب على مسألة التوازن القبلي في ليبيا، لكن القبائل الليبية التي لا تجتمع على فكرة واحدة أو توجه سياسي واحد، ظهرت خلافاتها بعد الثورة الليبية التي أسقطت القذافي في عام 2011.

فمع تعدد الخصوم السياسيين على الساحة الليبية، و مع التغيرات الميدانية المتسارعة على الأرض، كانت ولاءات القبائل و الكتائب تتغير؛ تتحد مع هذا و تعارض هذا، في محاولة للتمدد و فرض واقع جديد على المناطق الواقعة، ما يجعل اعتماد خارطة ثابتة لنفوذ هذه القبائل على الأرض الليبية، أمرًا صعبًا.

أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الليبية محمد جبريل بن طاهر قال إنّ القبيلة في ليبيا و الزعامات الليبية سواء الحضرية أو القبلية ظلت ركيزة مهمة جدا اجتماعيا و سياسيا في ليبيا معتبرا أن من أهم أسباب بروز الدور القبلي، إلغاء العامل الحزبي في ليبيا في مطلع تكوين الدولة الليبية في أول انتخابات في شهر فبراير في 1952 و إقصاء الزعماء في طرابلس الغرب من مهامهم و من عملهم الحزبي فظهرت نتيجة لذلك القبائل المتصدرة للمشهد السياسي في ليبيا و تم التعامل معها من قبل المملكة الليبية في ذلك الوقت و نحن نعلم أن محمد إدريس السنوسي ملك الدولة الليبية في ذلك الوقت كان مخرج قبلي و كان ممثل قبائل برقة في ذلك الوقت و كانت لديه سلطة اجتماعية و دينية و قد استعان القذافي بهذه القبائل و الزعامات بعد أن جرم الأحزاب و أظهر مقولة من تحزب خان .

و أضاف محمد جبريل أنه و بعد ثورة 2011 ظلت هذه القبائل موجودة و توسع نفوذها نتيجة الفوضى و غياب الاستقرار فلعبت دور الدولة و المؤسسات التي كانت غائبة في حماية الأهالي و المناطق و المدن و القرى و ملأت الفراغ الذي كان قائما.

و تابع : “ما أضعف ليبيا بعد ثورة 2011 هو عدم وجود مؤسسات قوية تقوم عليها الدولة بل كانت مؤسسات مرتهلة و مبنية على أشخاص و لو كانت هنالك مؤسسات لما كان الوضع على ماهو عليه حاليا”.

و يقول الباحث في الشؤون الأفريقية عباس محمد صالح عباس،إن القبيلة ظلت على الدوام عاملا مهما في الحياة الاجتماعية و السياسية في الوطن العربي عمومًا، خاصة في ليبيا التي تعد مجتمعًا قبليًا، مشددا على أن القبيلة باتت لقدرتها على الحشد و التعبئة و إحاطتها بتضاريس المناطق مهمة للقوى ذات المشاريع العسكرية في المشهد الليبي، كما أنها مصدر للشرعية السياسية و النفوذ بالنسبة للحكومات و الأنظمة. و أن ما يجعل من قوة أي قبيلة في ليبيا اليوم بالنسبة للمشاريع و الرهانات السياسية و العسكرية في البلاد هو وضعها العسكري ومدى سيطرتها الميدانية و هو ما يجعل دور ووزن القبائل متغيرًا رغم كونها حقيقة اجتماعية و سياسية ثابتة ».

و شكّل أبناء القبائل في شرق ليبيا، خزانًا بشريًا لمعارك اللواء خليفة حفتر منذ إطلاقه عملية الكرامة منتصف عام 2014، و كذلك في حروبه المتتالية في بنغازي و أجدابيا و الهلال النفطي و درنة.

و كانت واحدة من أبرز هذه القبائل هي «البراعصة» أكبر قبائل الشرق الليبي، التي احتفلت في عام 2014 بتسليم حفتر قاعدة الأبرق الجوية، لكن لا يمكن القول أن جميع البراعصة أيدوا حفتر منذ البداية، و توج هذا الانقسام بعد إعلان ابن القبيلة العقيد فرج البرعصي مطلع عام 2016، انشقاقه عن حفتر و تأييد حكومة الوفاق الوطني.

الحال نفسه كان مع قبيلة «المغاربة» التي أيدت باعتبارها قبيلة واقعة في الشرق الليبي حفتر، ثم انقلب الأمر حين قاد ابن القبيلة إبراهيم الجضران معركة ضد حفتر مع عناصر من «حرس المنشآت النفطية – فرع الوسطى» في يوليو (تموز) 2013، فاستولى على أهم المنشآت النفطية في المنطقة ومنع التصدير منها لأكثر من عامين.

أما قبيلة العواقير التي شكّلت النواة الأولى لقوات حفتر إبان إطلاقها عام 2014، فقد دفع تخوف حفتر من نفوذ وسيطرة القبيلة على مواقع حساسة في بنغازي إلى الحد من نفوذها، وعزل أبنائها من مناصب بارزة في قواته، مما صعد الخلاف بينه وبين العواقير، لينتهي بانشقاق أبرز قادة القبيلة، وأهمهم فرج قعيم، قائد قوات العمليات الخاصة، الذي تولّى منصب وكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، فقد اعتقل حفتر قعيم لمدة تسعة أشهر بعد محاولاته تنفيذ انقلاب عسكري في بنغازي، فيما لم تقبل قبيلة العواقير انشقاق ابن القبيلة المهدي البرغثي عن حفتر، فأعلنت تبرئها منه، و توجه هو إلى طرابلس للانضمام إلى حكومة الوفاق وتولى منصب وزير للدفاع.

أما «العبيدات» أكبر قبائل شرق ليبيا، عددًا وعدة، فهي مثل غالبية قبائل الشرق الليبي بعضها مؤيد لحفتر، وبعضها معارض بشكل غير مباشر، غير أنّ بروز الخلافات بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وحفتر، صعّد من الأصوات الرافضة داخل القبيلة لمساعي حفتر، لا سيما في عمليته الأخيرة التي سيطر فيها على مدينة درنة، فيما تؤكد قبيلة «الزوية» التي تسيطر على النصيب الأكبر من حقول ومنابع النفط؛ موالتها حفتر بشكل مطلق، وهدّدت مرارًا بغلق منابع النفط في وسيلة للضغط على حكومة «الوفاق الوطني»، لمصلحة قرارات مؤيدة لحفتر.

و تنتشر في الجنوب الليبي عدة قبائل لها نفوذها السياسي على الساحة الليبية، فإذا ما بدأنا بالحديث عن قبائل «التبو» التي تسيطر بشكل فاعل على جزء كبير من مناطق الجنوب الليبي الحدودية بالإضافة إلى مناطق في شمال تشاد والنيجر، فهذه القبائل البدوية ذات الهوية المختلطة، تتألف من قبيلتين أساسيتين هما «التدَّا» و «الدازا».

لكت تحالف حفتر مع التبو انفرط عقده في ماي 2018، حين طمع حفتر في التحالف أيضًا مع قبيلة أولاد سليمان المعادية تاريخيًا للتبو و المتخاصمة معها، ورغم توقف الاقتتال بين التبو وأولاد سليمان إثر توقيع اتفاق سلام بينهما بالعاصمة الإيطالية روما، مارس 2017، وتكفلت إيطاليا بدفع قيمة التعويضات، وعلاج الحالات المستعصية في مستشفياتها، إلا أن الاقتتال المسلح عاد من جديد في سبها منذ 25 فبراير 2018، ويعتبر مراقبوناشتباكات سبها جزءًا من الصراع على السلطة في البلد الغني بالنفط، حيث يتوزع انتماء القبيلتين بين حكومتي الغرب والشرق.

و عادت قبائل التبو للمعترك السياسي الليبي خلال الأيام القليلة الماضية، حين أطلق حفتر في جانفي 2019 عملية عسكرية بدعوى تطهير الجنوب الليبية من الإرهاب و الجماعات التشادية و السودانية المسلحة، إذ يؤكد التبو أن حفتر يعمل على إبادتهم بدعوى أن بينهم أجانب من تشاد والنيجر، و ترفض قبائل التبو أي وجود لقوات حفتر في مناطقها المتاخمة لمدينة سبها وصولًا إلى أقصى الجنوب الغرب بليبيا، وخصوصًا بعد تحالفه مع قبائل لها خصومات تاريخية مع التبو، و هو ما اعتبر من قبل التبو إفساح المجال لقبائل عربية منافسة للتوغل في مناطقها.

و ارتفعت أصوات تتهم  قوات حفتر بأن هدف عملياتها هو التطهير العرقي و إبادة إحدى أكبر القبائل بالجنوب الليبي.

و ناشدت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا تحمّل مسؤولياتها تجاه أبنائها في الجنوب، لكن الحكومة لم تدل بعد بأي تصريح بشأن هذه المطالب أو العمليات العسكرية لقوات حفتر، خاصة أن سبها وبلدات الجنوب الغربي تتبع إداريا لسلطتها.

و تسيطر على الغرب الليبي خمس قبائل كبيرة، لها تأثير على صناعة القرار السياسي و الأمني في المنطقة غرب ليبيا، وشاركت غالبية هذه القبائل في الثورة الليبية، و بعضها دعم القذافي خلال الثورة وهي تدعم الآن حفتر، مثل قبائل: «ورشفانة» و «ترهونة» و «الزنْتان» و «ورافلة».
و أهم هذه القبائل «مصراته» التي تمتلك قوة عسكرية تتمثل في كتائب مدينة مصراته المسيطرة على سرت ومصراته والخمس وزليتن شرق طرابلس، و مدن الزاوية وصرمان وصبراته والزوارة غرب طرابلس، كما تخضع لها «القوة الثالثة»، التابعة لكتائب مصراته، وتضم أيضًا وحدات من سرايا الدفاع الذاتي عن بنغازي.

و تعتبر مصراتة و الزنتان من أبرز المدن في غرب ليبيا التي شاركت في الثورة الليبية عام 2011، وأعطتها زخمًا منذ اندلاعها، لكن رغم ولاء هذه القبائل ومدنها إلى الثورة الليبية إلا أن ذلك لم يمنع من وقوع صراع عسكري بين قيادات مصراتة والزنتان في صيف 2014 داخل العاصمة طرابلس، لينتهي هذا الصراع بعد عدة شهور بإخراج الكتائب العسكرية التابعة للزنتان من طرابلس، والتي كانت متحالفة مع خليفة حفتر.

وسيطرت علي طرابلس كتائب أغلبها من مصراتة مع مجموعات من مدن أخرى، تحت مظلة ما أطلق عليها بعملية «فجر ليبيا» المضادة لحفتر، وانكفأت فصائل الزنتان بعد طردها إلى مدينتها الواقعة جنوب غرب طرابلس، حيث تسيطر على حقول النفط في غرب ليبيا، وبعد 2014 أصبحت مصراتة القوة المهيمنة في طرابلس والمصدر الرئيسي للمعارضة العسكرية لحفتر، لكنها ما تزال تتخوف من أن يتقدم حفتر غربًا، ويهدد مناطق نفوذها.

أما قبيلة «الورفلة» التي تعد أكبر القبائل الليبية فعدد أبنائها يصل إلى 1.5 مليون شخص من بين 6 مليون ليبي في المجمل، فمعقلها الرئيسي هو بلدة بني وليد (جنوب غرب)، وهي تتمركز في منطقة فزن في جنوب وجنوب شرق العاصمة طرابلس؛ وتشكل هذه القبيلة إحدى أبرز دعائم مواجهة الإسلاميين في ليبيا.

 

استمرار الأزمة الليبية  يزيد مخاوف دول الجوار 

 

مع تأزم الوضع الليبي، تتزايد مخاوف مختلفة لدى دول جوار ليبيا التي ما انفكت تعمل على بحث مستجدات الوضع الأمني و التحديات التي تواجه إنهاء الأزمة، و تأكيد دعمها للحل السياسي في ليبيا.

و تسعى الجزائر و تونس و مصر ، إلى مواصلة التنسيق الأمني فيما بينها لتقييم التهديدات التي تمثلها التنظيمات الإرهابية على أمن و استقرار ليبيا و بقية دول الجوار، و تعزيز تبادل المعلومات و رصد أي انتقال لعناصر إرهابية إلى المنطقة من بؤر الصراعات الإقليمية والدولية.

Résultat de recherche d'images pour "‫بين التعقيدات الداخلية و التدخلات الخارجية ... المشهد الليبي إلى أين ؟؟‬‎"

و وفقا للمحلل السياسي الليبي، حسن الأشلم، فإن من العوامل التي جعلت هذه الدول تحاول البحث عن حل للأزمة الليبية، تهديد الوضع المتوتر في ليبيا، لاستقرار هذه البلدان، المتخوفة من قضية “تهريب الأسلحة”، التي باتت تجارة مربحة في حدود ليبيا مع الجزائر وتونس، وبدأت تشكل خطورة كبيرة على المغرب الكبير و لم تتوقف تجارة الأسلحة، حسب حسن الأشلم، فقط في حدود ليبيا، بل انتقلت إلى منطقة الساحل والصحراء، وبدأت تستفيد منها حركات متشددة، بما فيها تنظيم داعش، و تنظيم القاعدة الذي يسيطر على مناطق صحراوية بين مالي و النيجر و موريتانيا والجزائر.

و أضاف أن الوضع المتأزم في ليبيا و توفر السلاح شكل بيئة خصبة لتنامي التنظيمات المتشددة، كما أن فرار عدد كبير من السلفيين من سجون ليبيا، ساهم في تقوية تنظيم القاعدة و تنظيم داعش و تنظيمات أخرى متشددة.

و قال الأشلم، “لا تخفي الجزائر قلقها حيال ما يحدث في ليبيا، فالبلدان يتقاسمان ألف كيلومتر من الحدود، ويهددها التسلل المحتمل لتنظيمي داعش و القاعدة و هي متخوفة أيضا من تقسيم ليبيا، الذي “سيساهم في تقوية الحركة الأمازيغية الليبية، وانتقال حراكها الشعبي إلى الجزائر”، إلى جانب تخوفها من تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر، و انتقال حركات تهريب البشر لتنشط في مدن بالجزائر.

 

 

 

 

البارزة, وجهات نظر 0 comments on بين الاحتجاجات المشروعة و الاجندات الاقليمية .. بقلم البحري العرفاوي

بين الاحتجاجات المشروعة و الاجندات الاقليمية .. بقلم البحري العرفاوي

ما يحدث في عدة مدن تونسية وفي عدد من احياء العاصمة ليس مجرد احتجاجات شعبية خالصة على غلاء الاسعار وصعوبة ظروف العيش وهي اسباب حقيقية ولا ينكرها احد وهي اسباب كافية لتحريك الناس في اكثر من اتجاه.

ما يحصل هو محاولة ل”فوضنة ” المشهد السياسي كله واعادة عجن مكونات البناء المجتمعي من برلمان وحكومة ومؤسسات وهيئات وأحزاب وتوافقات.
الاختراق الخارجي مؤكد منذ سنوات وكل السفارات تنشط في بلادنا بكامل الجرأة ودون احترام لأدني الآداب الديبلوماسية ومعاني السيادة الوطنية وجل الاحزاب مرتهنة للسفارات تمويلا وتوجيها.
تونس تتحول تدريجيا الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية وشروط ذلك متوفرة امام سلطة ضعيفة وارادة سياسية مرتخية ورؤية في الحكم غير منسجمة خاصة وحزب الاغلبية منقسم على ذاته والحزب الثاني فاقد الثقة في نفسه ومسكون بعقدة الخوف رغم كونه الحزب الاكثر تنظما والاوسع نشاطا والاقدر على التحشيد والتعبئة… ما حدث في ازمة الامارات وزيارة اردغان وأحداث ايران كشف عن اختراق مهين للكرامة الوطنية وعن ضعف في الوشيجة الوطنية بين التونسيين وهو ما يغري اي متربص بنا بتحريك الارض من تحت اقدام الجميع مشتغلا على قلق الناس وغضبهم واحقادهم على طبقة سياسية يرونها انانية وعلى طبقة مالية يرونها سارقة.
ظروف حرق البلاد مهيأة كما لم تتهيأ من قبل والشباب الذي كره السياسيين يستوى عنده الموت والسجن وعذابات الفقر والبطالة وكوابيس المخدرات والكحول والجنس والجريمة والهجرة السرية والانخراط في المجموعات المسلحة.
هل ستكون وسائل الاحتجاج مجرد تخريب وحرق وسرقة؟ هل تمر مختبرات الفوضنة الى تحريك دابة السلاح بعد عودة عدد من مقاتلي العبث وقد خبروا القتل والذبح ؟هذا ما لا استبعده.

ما العمل:
قلت دائما ان المعارك الكبرى تخاض اولا في اللغة ثم تتنزل الى الواقع… مازلنا في معركة المصطلحات حين تجري محاولة سحب مفردة “الثورة” من مسارها الانتقالي بما يمثله من واقع سياسي افرزته انتخابات ودستور، والسطو على ذاك المصطلح اي “الثورة” ونسبته لمشروع الفوضنة المدعوم خارجيا والمستثمر محليا من قبل احزاب فاشلة انتخابيا تريد ان تحكم بغير مسلك الصناديق فذاك جزء من مؤامرة على الوعي وجزء من الخداع في الخطاب وجب الانتباه اليه.. ممنوع التفريط في مفردة “الثورة” لغير اهلها ويجب توصيف عمليات التخريب بكونها بلطجة وخيانة وجريمة.
البلاد مازالت في مسارها الثوري وعلى اصحاب المسار الا يسلموا البلاد للفوضى وللغرف المظلمة… الاجهزة الامنية معنية اولا بتامين سلامة المواطنين وممتلكاتهم دون الانجرار الى ممارسة عنف يكون تعلة للفوضويين فيزيدون من عبثهم وتحريضهم كما ان مؤسستنا العسكرية معنية بامن الوطن والمواطنين خاصة وان حالة الطوارىء لم ترفع بعد.
المواطنون هم حماة المسار الثوري الهادىء في تونس وعليهم الانتباه الى ما يحاك لبلادنا من مشاريع تخريب… الشارع هو شريان الثورة وعصب المقاومة بوجه كل المتآمرين… النزول الى الشارع بكثافة لمساندة مطالب الناس ولاسناد روح الثورة التي انطلقت منذ سبعة اعوام ولم تتوقف ولاغراق الفوضويين في بحر الجماهير الهادرة.
مطلوب -في الوقت المناسب- خروج شجاع مقاوم وبصوت عال… المطالب الشعبية حقيقية نحن اولى بالدفاع عنها… والمؤامرة كبيرة نحن الأحق بدفعها.
أيها الفقراء مروا
أيها “الأمراء” لن تمروا

وجهات نظر 0 comments on في ظل ما يجري في التشاد و الجنوب الليبي … التبو : من هم ؟ و ما هو مستقبلهم في ليبيا و في دول الساحل و الصحراء ؟ (2 من 3) .. بقلم علي اللافي

في ظل ما يجري في التشاد و الجنوب الليبي … التبو : من هم ؟ و ما هو مستقبلهم في ليبيا و في دول الساحل و الصحراء ؟ (2 من 3) .. بقلم علي اللافي

تعرضنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة الاستقرائية والتحليلية الى تعريف بقبائل التبو وأصولهم وانتشارهم الجغرافي وأوضاعهم المعاصرة في الجنوب الليبي وفي بقية دول الساحل الصحراء، إضافة لعرض للتطورات الحاصلة لهم سياسيا واجتماعيا بعد فبراير 2011 في علاقاتهم مع الحكومات المتعاقبة وبقية المكونات القبلية الليبية…

أما في هذه الحلقة الثانية نستعرض سعي كل من قبيلتي “التبو” و”الطوارق” المتناحرتين منذ سنة 2014 إلى تشكيل تحالف للدفاع عن الجنوب ضد التقدم العسكري الذي تقوده قوات حفتر أو تحديد خيارات تحالفية بديلة، والسؤال هل ستتوحد القبائل في الجنوب من أجل منع سيناريو الحرب الأهلية أم أن كل ما يقع هو ترتيبات للحل السياسي مع ابقاء الجنوب في حالة توتر دائم لغايات استراتيجية محبوكة إقليميا ودوليا؟، وما هي الخيارات المطروحة خلال الأسابيع والأشهر القادمة؟

 

++ بين ترتبات السنوات الماضية وإرهاصات الوضع الحالي

منذ سنة 2011، لم يخضع الجنوب الليبي إلى سيطرة أي حكومة بشكل مستمر ولكن زحف قوات موالية لحفتر بهدف تعزيز نفوذه من أجل غايات متعددة وغامضة ومرحلية بالأساس، وهوه ما أوجد توترات متفاقمة خاصة بعد أن أعلنت قوات موالية لحفتر عن بسط نفوذها على حقل الشرارة النفطي منذ أيام عبر ما سمي بعملية “تسلم” و”تسليم”، وفي ظل انتظار التطورات خلال الأيام القادمة وتأكيد بعض المتابعين أن الامر أقرب للدعاية وأن قوات حفتر لم تتمكن من الوصول سوى إلى مشارف المنشأة مترامية الأطراف، حيث تم في البداية صدّها من طرف لواء الطوارق 30 الذي يسيطر على حقل الشرارة منذ منتصف سنة 2017 كما أن البعض يؤكد أن دور العسكري “علي كنّه” سيتمحور جزئيا وبالأساس حول توحيد وحشد ميليشيات قبائل تبو والطوارق المستقلة ضد قوات ومليشيات متحالفة ظرفيا مع حفتر لأسباب عدة…

وعمليا ومنذ 2011، قامت الميليشيات المحلية بتأمين مناطق شاسعة جنوب البلاد بشكل مستقل، بما في ذلك المنشآت النفطية والمساحات الحدودية الكبيرة، ردا على تجاهل الحكومات الليبية المتعاقبة والمتنافسة مطالب النهوض بهذه المنطقة وهو أي طرح آليا سؤال هل ستتحول العداوة السابقة الى صداقة؟…

 

++ هل يمكن للعداوة السابقة ان تتحول الى صداقة؟

ظلت التوترات بين قبائل الجنوب تحت السيطرة لفترة طويلة في حكم القذافي، حيث كان يتعامل بشكل مكثف مع زعماء القبائل على الرغم من تهميشه المستمر لقبيلة “التبو”، وقد تنامت الخلافات القبلية منذ 2011 بناء على السقوط في مخططات إقليمية ودولية محبوكة بدقة، ونتج عن تطورات الأسابيع الأخيرة التي أدت الى تهديد بتحويل التوازن الهش الذي تحافظ عليه القبائل المحلية في الجنوب إلى اضطرابات عنيفة وتجدد المشاكل القبلية السابقة…

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين قبائل تبو والطوارق المحلية كانت عدائية منذ سنة 2014، عقب توترات 2011 التي أدت بدورها إلى اندلاع حرب أهلية في مدينة أوباري الجنوبية، ليتم بموجب ذلك نقض اتفاقية السلام التي كانت تجمع بين هاتين القبيلتين الصحراويين والتي استمرت قرنًا من الزمن، وفي خضم النزاع الذي نشب في مدينة أوباري، كانت قبيلة الطوارق تتلقى دعما كبيرا من الحكومة في طرابلس في حين لم تنل قبيلة تبو سوى دعم متواضع للغاية من حكومة طبرق الواقعة شرقي البلاد، وقد تواصلت التوترات بين هاتين القبيلتين حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام هش في أواخر سنة 2015، لكن التقدم العسكري الأخير الذي أحرزته قوات حفتر المدعومة لوجستيا من حكومة طبرق، دفع القبيلتين إلى التخلي عن خلافاتهما السابقة…

وما ترتب عن التطورات  أن “قبيلة تبو تساند بشكل كامل قرار حكومة الوفاق الوطني القاضي بتعيين علي كنّه، وعلى الرغم من أن بعض ميليشيات الطوارق ولا سيما اللواء 173 لا تزال موالية لحفتر، إلا أن جميع القوات التابعة لقبيلة الطوارق كانت تحت حكم كنّه قبل سنة 2011، لذلك يمكن استرجاع ولائهم بشكل كامل”، وقد أكد المتابعون أن قائد اللواء 30 التابع لقبيلة الطوارق أحمد علال، الذي كان يُحكم سيطرته على حقل الشرارة النفطي، متحالف أيضا مع كنّه،  كما أن معظم الميليشيات التابعة لكلا القبيلتين المتناحرين تخلت عن النزاعات السابقة وتعهدت بدعم حكومة الوفاق الوطني والتوحد لمقاومة قوات حفتر وهو رهان أولي فقط في انتظار المتغيرات وموازين القوى…

وما حدث وفقا لقراءات وروايات عدة أنه عندما تعثرت محادثات التحالف السابق الذي عقدته قبيلة تبو مع حكومة طبرق سنة 2016 بعد المزاعم المتعلقة بتفضيل الميليشيات العربية على الميليشيات الأخرى، مما جعل العديد من المنتمين إلى هذه القبيلة يشعرون بخيبة أمل كبيرة وقد اندثرت أي بوادر شعور بالارتياح عندما شكل حفتر تحالفاً مع قبيلة أولاد سليمان العربية، التي تعتبر عدوا قديما آخر لقبيلة تبو في بلدة سبها في الجنوب، مما قوض معاهدة السلام التي تم توقيعها في روما بين أولاد سليمان وزعماء قبائل تبو في مارس سنة 2017….

وعمليا وبفضل تحالفه الجديد مع قبيلة أولاد سليمان، تمكن حفتر من السيطرة على سبها في أواخر جانفي الماضي لتأمين موطئ قدم لحكومة طبرق في الجنوب. وبينما كانت قوات حفتر تسعى للسيطرة على المناطق الجنوبية في اتجاه مدينة مرزق، حدثت اشتباكات بينها وبين قوات تبو في واحة غدوة الواقعة على بعد 60 كيلومترا جنوب سبها، أسفرت عن وقوع خسائر في الأرواح من كلا الجانبين، وذلك وفقا لما أورده مصدر تابع لقبيلة تبو في المنطقة. واحتجاجا على تصاعد العنف في الجنوب وتوغل قوات حفتر في المنطقة التابعة لتبو، استقال العديد من أعضاء هذه القبيلة من البرلمان في طبرق.

من جهة أخرى تفتقر حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الى أي استراتيجيا للتفاعل مع مشاغل واهتمامات أهالي الجنوب ويجمع المتابعون أن إبقاء تحالف الميليشيات التابعة لقبائل تبو والطوارق تحت مظلة هذه الحكومة هو السبيل الوحيد للحد من تقدم قوات حفتر نحو الجنوب، وحيال هذا الشأن، يؤكد المتابعون أن الثابت أن كل قبيلة ضعيفة عسكريا إذا كانت بمفردها، ومن خلال الاتحاد ستصبح لدى هذه القبائل القوة الكافية للدفاع عن مناطقها”، ومعلوم أن علي كنّه المعين من طرف حكومة الوفاق لا يملك قوات خاصة به، ولكن إذا تضافرت جهود كل من تبو والطوارق، سيصبح  لديه قوة عسكرية كبيرة قادرة على لعب أدوار أمنية ووقائية ضد أي قوات أخرى بغض النظر عن هويته المحلية أو الإقليمية …

وفي الوقت الراهن، تُحكم قبيلتا الطوارق وتبو سيطرتهما على بلدة أوباري الإستراتيجية، التي كانت في السابق ساحة المعركة، وهي تقع على بعد 60 كيلومترا من حقل الشرارة النفطي، ومن جهة أخرى يؤكد المتابعون أنه “من المستحيل تقريباً على حفتر وقواته مواصلة السيطرة على حقل الشرارة دون السيطرة أيضا على مدينة أوباري”. ولكنها حاليا تتولى السيطرة حاليا على مواقع عسكرية تقع على بعد 40 كيلومترا عن أوباري.

 

++ منشأة نفطية تتحول إلى مركز للفوضى

من الطبيعي أن تشخيص الأزمة في ليبيا منذ 2014 يتلخص عمليا الهدف من خوض المعارك هو من أجل فرض السيطرة على المنشآت النفطية الرئيسية والمطارات إلى جانب البلدات والمدن، وما هو واقع عمليا في الجنوب أن مظاهر الفوضى اجتاحت كل المدن والقرى حيث تتنافس العديد من القوى التي تبدي ولاءات مربكة لحكومات مختلفة على تولي السلطة، وفي حين أن حقل الشرارة النفطي أبقى المنطقة بمنأى عن الحروب، تناوبت أطراف مختلفة تناوبت على السيطرة عليه لعدة مرات، ومنذ أوائل شهر ديسمبر الماضي، عانى حقل الشرارة من ظروف قاهرة خاصة على إثر اقتحام المتظاهرين المحليين المنشأة مشتكين من الإهمال الذي تعاني منه منطقة الجنوب في ليبيا، ومطالبين بضرورة تخصيص عائدات المؤسسة الوطنية للنفط لدعم مشاريع التنمية المحلية، وفي هذا الصدد، أفاد أحد المهندسين في تصريحات لوسائل اعلام عبر القول “لم نباشر العمل منذ أوائل ديسمبر نظرا لأن الطوارق طالبوا بأموال من المؤسسة الوطنية للنفط بينما يرفض صنع الله ذلك بشدة ويعتبر ان الامر غير قانوني”،  وفعليا أصدر صنع الله قرارا بإغلاق حقل الشرارة وقد تم تسريح الجميع، ولم يتبق سوى طاقم الموظفين المشرفين على حماية البنية التحتية النفطية…”

وكان صنع الله قد حث جميع الأطراف على ضبط النفس وتفادي التدخل العسكري في حقل الشرارة النفطي، مع العلم أنه تولى طيلة سنوات مهمة شاقة تتمثل في محاولة إبقاء منشآت النفط تعمل على استغلال احتياطات ليبيا الهيدروكربونية الوفيرة في خضم النزاعات المدنية المعقدة، بل وأكد وفي بيان له منذ أسبوعين عبر القول “تظل سلامة العمال شاغلنا الرئيسي، إذ نحث جميع الأطراف على تجنب الصراع والحرص على عدم تسييس البنية التحتية الأساسية”،  ومعلوم أن أي ضرر يلحق بالميدان أن تكون له عواقب وخيمة قد تمس بالقطاع والبيئة والاقتصاد الليبي، ومن الواضح أنه لا يمكن استئناف العمليات العادية إلى حين استعادة الأمن وانتهاء الصراعات ومحاولات التوظيف المستمرة من طرف الجميع…

 

1- ما صحة وجود مليشيات أجنبية ؟

عمليا كثرت الاتهامات والاتهامات المضادة حول الوجود المزعوم لميليشيات من المناطق المجاورة، على غرار السودان والتشاد والنيجر، في المنطقة، حيث تدعي قبيلة تبو أن حفتر هو السبب وراء استقطاب المرتزقة من السودان، لاسيما وأن قوات السواحل الليبية تواجه صعوبة في خوض القتال داخل المناطق الصحراوية ( وفعليا وجهت محاكم سودانية لمتهمين بتجنيد أكثر من 1000 شخص لصالح قوات حفتر) ولطالما اتهِمت قبيلة تبو والطوارق، إلى جانب تراشق الاتهامات فيما بينهم، بجلب أقاربهم ورفاقهم من قبائل التشاد والنيجر إلى ليبيا من أجل تعزيز صفوف قواتهم العسكرية، وعادة ما يتعمد جميع الأطراف استخدام مصطلحي “الإرهابيون” أو “المرتزقة”، بهدف إضعاف الشرعية الوطنية للمعارضة مقابل إعلان شرعيتهم….

وعمليا لم يساهم غياب الرقابة الحدودية منذ سنة 2011 في تسهيل عمليات التهريب بما في ذلك تهريب أعداد غفيرة من المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء فحسب، بل أدى إلى فتح المجال أمام مرور العديد من الأفراد والمجموعات المسلحة، وقد سلطت الاشتباكات في جنوب ليبيا مجددا الضوء على المشاركة المثيرة للجدل لفرنسا، وقد اتهم سكان القبائل الأصليون بجنوب ليبيا فرنسا بخدمة مصالحها الشخصية في منطقة فزان مترامية الأطراف والغنية بالنفط، زاعمين أنها ترمي بثقلها وراء حفتر في سعي منها لتأمين وجودها المستقبلي في المنطقة…

 

++ التبو وانتظار اتجاهات الاحداث و تطورات الأوضاع   

ما يجري في الجنوب الليبي ليس مجرد عمليات عسكرية لكسب مواقع أو السيطرة على الحقول بل يمكن وصف بارتباك العقل السياسي للفاعلين الاجتماعيين والعسكريين المحليين منهم والإقليميين أيضا، ذلك أن ما يجري خطير بكل المقاييس وترتباته ستكون كارثية على العملية السياسية في ليبيا بل على كل المنطقة وخاصة في ظل التغلغل الإسرائيلي في الساحل والصحراء الإفريقيتين، وقد تٌصبح الحرب الأهلية قاب قوسين أو أدنى كسيناريو أقرب للواقع من بين أربع سيناريوهات محتملة وواردة، ورغم الترتيبات الجارية للعملية السياسية وتمسك سلامة بخارطة الطريق، فالثابت أن الأوضاع مفتوحة على كل الخيارات خاصة في ظل وضع دولي متغير دراماتيكيا وفي ظل توازن الضعف محليا واقليما ودوليا إضافة للتباين بين الإماراتيين والمصريين من جهة والتباين بين حفتر وحلفائه الاقليميين من جهة ثانية بل أن حفتر نفسه مستهدف من قبل قوى حليفة له في الداخل الليبي على غرار تردد حلفائه في المنطقة الغربية أو بالأحرى تخليهم عنه…

كما أن حكومة الوفاق يغلب عليها التردد والضعف المرحلي وغياب الاستراتيجي في عملها وأجنداتها المستقبلية…

وكل ما سبق يؤكد ويحيل الى أن قبائل التبو ستبقى مرحليا تبحث عن آليات وتحالفات مرحلية وانها ستضطر الى اعتماد تكتيكات لتجنب اضعافها وتجنب الاصطفاف وتوظيفها لصالح أجندات الغير محليا وإقليميا ودوليا وهو أمر أكدت عليه تسجيلات قيادات قبلية من التبو وأشارت إليه البيانات السبع لسلطان التبو…

 

المصدر: صحيفة الرأي العام التونسية بتاريخ 21 فيفري 2019 

وجهات نظر 0 comments on ليبيا: مستقبل الليبرالية و الليبراليون في أفق عقد الملتقى الجامع .. بقلم علي اللافي

ليبيا: مستقبل الليبرالية و الليبراليون في أفق عقد الملتقى الجامع .. بقلم علي اللافي

علي عبداللطيف اللافي

كاتب ومحلل سياسي تونسي مختص في الشؤون الإفريقية

 

          رغم أن التيار الليبرالي في ليبيا  قد تقلص حضوره الشعبي ورغم التداخل التنظيمي والحزبي بين التيار الليبرالي وكلا التيارين المنافسين له أي الإسلاميين والسبتمبريين، فإن السؤال المطروح هو هل ستتكرس السيطرة النسبية للتيار الليبرالي انتخابيا خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة على غرار ما حدث سنتي 2012 و2014، وما هو مستقبل الليبرالية والليبراليين في ليبيا، وأي من الأحزاب الليبرالية الحالية سيبسط هيمنته على الساحة الليبرالية خاصة والوسطية في ليبيا عموما في أفق  عقد الملتقى الوطني الجامع أو بالأحرى في أفق إجراء الاستحقاقات الانتخابية والمنتظر إجراؤها في أكتوبر القادم حسب مقررات مؤتمر الاتحاد الإفريقي الأخير؟

  • فُسيفساء وآفاق الأحزاب الليبرالية في ليبيا

إضافة لعدد من التنظيمات ذات المنزع الليبرالي تفكيرا ومن حيث الرؤية السياسية وطبيعة علاقتها مع القوى والمنظمات الدولية خلال عقدي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، تشكلت بعد ثورة فبراير العديد من الأحزاب الليبرالية سواء من حيث تسميتها القانونية والرسمية أو من خلال أطروحاتها أو برامجها المعلنة في انتخابات يوليو 2012

 أ- حزب تحالف القوى الوطنية

           وهو أكبر المكونات الليبرالية في ليبيا ويتزعمه محمود جبريل، وقد استطاع الحزب الفوز النسبي في انتخابات 2012 والحصول على نتائج طيبة في انتخابات 2014، وقد عقد مؤتمر انتخابي له بتونس سنة 2017، وهو حزب له اصطفافاته الإقليمية الكبرى وله حضور في بعض المدن الليبية وله قدرات مادية ولوجستية وله علاقات مع أحزاب مصرية وتونسية وأوروبية، ويبقى مستقبله السياسي مرتبطا بتطور الأوضاع الإقليمية وقدرته على بناء علاقة تنافسية وائتلافية ولابد من التأكيد أنه عرف الانحصار نتاج خياراته مواقفه مع بقاء تعاطف قطاع واسع من الأكاديميين والمثقفين، وقد أعاد بناء نفسه كحزب، وهو أمام فرص استثمار تنوع الساحة السياسية القابلة بطبيعتها لإعادة التشكل، خاصة وأن جبريل يناور في العلاقة بمعسكر الكرامة وهو من الأطراف الممضية منذ أشهر على ميثاق الشرف، وقد عمد إلى تغيير اسمه كما تم الحديث عن تأسيس حزبين ليبراليين بتسميات أخرى لخوض الانتخابات باسمها في خطوة احتياطية …

 وعمليا يبحث الحزب مثل غيره من القوى الليبية عن حل للازمة الليبية المتفاقمة منذ منتصف سنة 2014، وقد فقد جزء من إشعاعه الداخلي نتاج إعطاء الأزمة الليبية واختصارها في ثنائية “السراج –حفتر” (رغم أن الأول أقرب سياسيا لجبريل ورفاقه والثاني حليف لهم حاليا من حيث الاصطفاف الإقليمي)…

أما مستقبل التحالف فهو مرتبط بعدد من العوامل المختلفة:

** قدرته على الدفع في اتجاه الحل السياسي وتكريس لرؤيته السياسية في بناء دولة مدنية وتحقيق أهداف ثورة 17 فبراير واستكمال مهامها، وأساسا تكريس المصالحة الوطنية ودفن لآلام الماضي عبر إرساء العدالة الانتقالية…

** قدرته على التخلص من تبعيته السياسية في الاصطفاف الإقليمي والاستفادة منه دون مزيد من الارتهان لها عندما تتعارض مع مصالح ليبيا إقليما ودوليا….

** قدرته على الدفع في اتجاه الخيار التونسي من حيث التعايش بين الإسلاميين والليبراليين وكل القوى السياسية، بدون فقدان علاقات الحزب مع المجتمع المدني المصري وبعض القوى الفاعلة في الساحة المصرية أو الخليجية ….[1]

ب- حزب الجبهة الوطنية

وهو حزب ليبرالي معروف حيث أن له القُدرة على استرجاع إشعاع “الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا” وأهم زعمائه هم “عبد المجيد صهد” و”عبدالله جودات الرفادي” وهذا الأخير أصبح رئيسا للحزب اثر آخر مؤتمر، وتشغل الدكتورة “فيروز النعاس” خطة أمين عام للحزب، ويُصنف مع الأحزاب الليبرالية والتقدمية ويطالب بحكومة ديمقراطية ومدىً معيناً من اللامركزية، معارضاً في الوقت نفسه النظام الفيدرالي، وهو حزب مرشح لأدوار سياسية مستقبلية واستقطاب الناخب الليبي في الجهتين الشرقية والغربية…

وقد عرف الرئيس الحالي للحزب عن هويته الليبرالية في جوابه  على سؤال: “هل أنتم حزب ليبرالي من حيث منطلقاته السياسية، ومن حيث تطلعاته السياسية والاقتصادية؟، عبر التأكيد أنه “إذا كانت الليبرالية تأسست على أفكار الحرية والمساواة واحترام الفصل بين السلطات ، واحترام كرامة الإنسان والمساواة أمام القانون، وتعني فيما تعنيه صون حرية التعبير والحقوق المدنية والسوق الحر ، فهي المنطلقات التي ينطلق منها حزب الجبهة الوطنية ويسعى إلى تحقيقها ومن هنا يصنف الحزب كحزب وطني ليبرالي خاصة في تطلعاته السياسية وفلسفته الاقتصادية دون المساس بعقيدة الشعب موروثة الثقافي والاجتماعي، وهي مطالب الشعب الليبي وتطلعاته في بناء دولة مدنية حرة مستقلة حديثة ، تحارب فيها العصبية بكل أنواعها وأنماطها ، تقاطع الديكتاتورية مهما كان نوعها وحكم العسكر، تتداول فيها السلطة وفق صندوق الاقتراع . من هذا المنظور كان اللقاء داخل حزب الجبهة الوطنية على أساس وطني بحت، لسنا يمنيين أو يساريين أو حتى وسطيين، بل ليبيين وكفى،إذا كانت هذه ليبرالية، فلا مستقبل في ليبيا إلا لها”[2]… .

ت-حزب الليبيين الأحرار

هو حزب ليبي ذو توجه ليبرالي، ويتكون من عدد من أطياف المجتمع الليبي، ويرأسه المحامي “محمد إبراهيم العلاقي” ويعمل على قيام دولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون وعلى اقتصاد وطني حر، ومن بين أعضاء الحزب “فتحي البعجة” و”سعد المريمي” و”أنور فكيني” والمحامية “نيفين عبد الحميد” و”عبد السلام قديمش”، وهو من الأحزاب التي قد تمثل مفاجأة في الأحزاب الليبرالية خلال السنوات القادمة…

 ث- أحزاب ليبرالية أخرى

           من بين حوالي أكثر من 70 حزبا يوجد أكثر من 15 حزبا ليبيا ذا توجهات ليبرالية ووسطية على غرار أحزاب حزب التيار الوسطي (بقيادة علي الطرهوني) أو حزب التغيير (جمعة القماطي) وحزب الاستقلال المحافظ و”حزب الوسط الليبي” و”حزب شباب ليبيا” و”حزب الوفاق الليبي” و”حزب التنمية والرخاء الديمقراطي”….

  • تجمعات سياسية تضم مكونات أو شخصيات ليبرالية

تشكلت بعد 2014 عددا من التجمعات السياسية وبعضها ضم في تركيبته عددا من المكونات والشخصيات الليبرالية ومن أهم تلك التكتلات السياسية:

  • حراك نعم ليببا:حراك جديد، يضم مجموعة من “السبتمبريين” و”الفبراريين”، في محاولة لتجاوز الانقسام والاستفادة من المساحة البينية المتروكة، وهو حراك يضم شخصيات ليبرالية ولكنه حراك نخبوي ويبقى مستقبله رهين التطورات المحلية والتطورات الإقليمية…
  • التكتل الوطني الديمقراطي: تجمع سياسي يقوده القيادي المعروف الدكتور علي الصلابي والذي استطاع أن يضم لهذا التكتل السياسي ليبراليين أقرب فكريا للتيار الإسلامي وسبتمبريين وجوه وشخصيات انتمت سابقا لتنظيمات إسلامية على غرار الإخوان أو الحركة الإسلامية للتغيير (وريثة الجماعة المقاتلة)، وهو تكتل راهن خلال الأشهر الماضية على تكوين إطاراته عبر تكثيف التدريب السياسي والتكوين في مختلف المجالات وينوي تنظيم فعاليات سياسية وندوات كبرى خلال الأسابيع والأشهر القادمة وهو محسوب سياسيا على القطريين من حيث الاصطفاف الإقليمي بناء على مقاربات وأطروحات…
  • الحراك من أجل ليبيا: تجمع سياسي أغلب قياداته موجودة في المهجر وخاصة في تونس، يضم وجوه دبلوماسية من العهد السابق وبعض الباحثين في الشؤون الإفريقية وبعض المسؤولين الإداريين والأمنيين السابقين …
  • تجمعات سياسية أخرى: عديدة هي التجمعات السياسية الأخرى اليت تضم شخصيات ليبرالية أو هي ليبرالية من حيث التكوين والتوجهات، سواء تلك هي تحت التأسيس على غرار تجمع القوى الوطنية بقيادة محمد الشريف رغم أنها في ظاهرها جمع لأنصار القذافي، وهناك تجمعات تجمع بين السياسي والاجتماعي على غرار “حراك إصلاح ليبيا” و”الحراك الوطني من اجل ليبيا” و”حراك ليبيا حلها الشباب” و”حراك ليبيا الى السلام”….

 

  • حول مستقبل الليبرالية والليبراليين في ليبيا

*** الليبرالية لا يمكن القفز إليها من مجتمع قبلي، كما يراد للكثير من المجتمعات العربية أن تكون، فإذا كانت “الليبرالية” تقوم على مبدأ “الحرية” الكامن في الولاء لـ “الفكرة”، فيما “القبلية” تقوم على مبدأ “العصبية” الكامن في الولاء لـ “الدم”، فإن ما لا شك فيه وفق طبيعة الولاءات المتناقضة التي تفرضها كل من “الليبرالية” و”القبلية”، أن تكون القبيلة طاردة للحرية، ومن ثم لليبرالية، فكيف يتوقع – والحال كذلك – أن بالإمكان القفز بنمط البُنْيَة المجتمعية من حالتها القبلية – البدائية – الطاردة للفكرة وبالتالي للحرية، إلى حالة متقدمة حاضنة للفكرة وولادة للحرية هي “الليبرالية”؟! وإن لغة التاريخ ونواميس وقوانين السيرورة المجتمعية التي أشرنا إليها، تؤكِّد على أن هناك بُنْيَة مُجتمعية انتقالية لا مفر منها بين المجتمع “القبلي” والمجتمع “الليبرالي”، لا يمكن القفز من الأول إلى الثاني بدون المرور بها، وإلا فسيحدث الانهيار والتفكُّك في المجتمع، لا يختلف كثيرا من حيث الجوهر عن ذلك الذي حصل في الاتحاد السوفييتي[3]

*** إن تلك “البُنية المجتمعية الانتقالية التي لا مفر من بناء الدولة في ضوء حيثياتها لتحقيق انتقال سلس من الدولة القبلية إلى الدولة الليبرالية عبر جيل من الزمن، فهي تلك التي تنزع إلى خلق دولة مدنية تشاركية في قالب ديني متفتح، لأن الدين بطبيعته فرض نفسه تاريخيا كمنظومة توفيقية بين القبلية والمدنية، والدولة الليبية بل ومعظم الدول العربية أقرب إلى هذا النموذج من أي نموذج آخر. وإن أي محاولة لفرض النموذج الليبرالي الغربي في سياقاته المتطورة على مجتمعات ما تزال تتسيَّد فيها القبلية، هو ضربٌ من ضروب الدعوة إلى تفكيك تلك الدول إلى بناها الفرعية المضعفة لها بدل دفع تلك البُنى نحو التلاقي والاستقواء، تمهيدا لتطور طبيعي وسلس لليبرالية فيها”[4] …

*** عانى التيار الليبرالي خلال السنوات الماضية وأساسا بعد 2014 مثله مثل كل مكونات تيار فبراير من التخبط والتشظي وتفشي العقلية الغنائمية وعدم الثقة بين أطرافه ومع خارجهم رغم إمضاء الجميع لميثاق الشرف بداية سنة 2018 ولن تتطور مكونات فبراير إلا بوجود تيار واقعي يبني الائتلافات والتحالفات والتوافقات في إدارة ليبيا مستقبلا بناء على إرادة الليبيين وبناء على نتائج الصناديق، أما التيار الليبرالي تحديدا فلا  يزال غير واضح من حيث التشكل بالإضافة إلى تحفظ جزء من شباب الثورة الليبية على الارتباطات الإقليمية لبعض مكوناته وعدد من مواقفه، إضافة إلى إخفاقه في الخروج من الجمود الخطابي والعملي وقصوره مع التعامل البراغماتي مع السلطات والقوى على الأرض وقد تعاني بعض مكوناته من التفكك على غرار تحالف القوى الوطنية وفقا لطبيعة الرهانات المستقبلية في ليبيا ووفقا لتطورات الصراعات في الإقليم ولطبيعة مستقبل العلاقة بين التيارين الإسلامي والليبرالي كما أن تشكيل الائتلافات والتجمعات السياسية في ليبيا سيعطي حضورا قويا للشخصيات والأفكار الليبرالية مما يمكن قوى سياسية على غرار تجمع الوطنيين الأحرار من اكتساب حاضنة شعبية في عدد من  المدن تمكنه من التموقع السياسي وربما الحصول على كتلة نيابية تمكن الليبراليين عموما من الحضور القوي سياسيا في مستقبل ليبيا السياسي والدولي…

*** من خلال استقراء المشهد السياسي الليبي منذ 2012 وبناء على التطورات الإقليمية ونتاج الطبيعة الصدامية بين الإسلاميين والسبتمبريين، ونتاج الواقع الاجتماعي والمعيشي اليومي لليبيين يجعلهم  قد تدفع العديد من الناخبين ألليبيين بحثا منهم على الاستقرار والأمن يصوتون عن مرشحين أقرب للتيار الليبرالي باعتبار أنهم ملوا التجاذب الإيديولوجي المباشر ورغم أن التيار الليبرالي تقلصت حاضنته الشعبية نتاج رهانات واصطفافات حزب تحالف القوى الوطنية، فانه يمكن الجزم أن الليبراليين سيكونون رقما أساسيا في السلطة السياسية التي ستتشكل بعد الاستحقاقات الانتخابية القادمة أي أنهم كنخبة مؤهلين ليكونوا من بين حكام ليبيا المستقبليين، ورغم أن ظروف 2012 ليست هي ظروف 2019 ورغم أن الملتحقين بالتيار الليبرالي راهنا ومستقبلا، قد تغلب عليهم المسحة البراغماتية التي تلامس الغنائمية والانتهازية والنفعية المرتبطة بالوقائعية، ورغم ذلك يمكن التأكيد أن المستقبل فعلا هو لليبراليين ولكنهم المعتدلين والوطنيين الذين لا يتبنون الإقصاء ولا الاستئصال لخصومهم الفكريين والسياسيين…

المصدر:صحيفة الرأي العام ، العدد 95 بتاريخ 14 فيفري 2019

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1]  مقتطفات من دراسة نشرها الكاتب في صحيفة “الرأي العام” التونسية بتاريخ 01 مارس 2018….

[2]  حوار رئيس الحزب في صحيفة “رؤية ليبية” العدد 08 ص 05 بتاريخ 23-07-2018

[3]   عكنان (أسامة)، مقال بعنوان “هل من مستقبل لليبرالية في ليبيا؟ ” صحيفة “رؤية ليبية”  العدد 08 ص 05 بتاريخ 23-07-2018

[4]  نفس المصدر ص 05

وجهات نظر 0 comments on اتحاد المغرب العربي… مات دون أن يدفن ! .. بقلم محمد كريشان

اتحاد المغرب العربي… مات دون أن يدفن ! .. بقلم محمد كريشان

 

هل من أحد يذكره ؟ هو الآن في الثلاثين من العمر لكن لا أحد احتفل حقا بعيد ميلاده في السابع عشر من هذا الشهر. ولد واعدا لكنه لم ينجز شيئا تقريبا فقد مرت سنوات شبابه عقيمة بالكامل.
قبل ثلاثين عاما أطل من شرفة القصر البلدي بمدينة مراكش المغربية قادة كل من المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا ليعلنوا قيام اتحاد دول المغرب العربي، لقطة الأرجح أنها الأولى والأخيرة التي جمعت الراحلين الحسن الثاني والشاذلي بن جديد ومعمر القذافي مع زين العابدين بن علي ومعاوية ولد الطايع.

ربما تبادل قادة الدول الخمس، ولكل منهم شأن يغنيه عن هذا الاتحاد، بعض برقيات المجاملة للتهنئة بهذا الحدث الذي هو «خيار استراتيجي ومطلب شعبي»، مجددين «الحرص على النهوض بمؤسسات الاتحاد وتنشيط هياكله» كما ورد في برقيات أرسلها الرئيس بوتفليقة لنظرائه بهذه المناسبة. لكن المفارقة هنا، أن الجزائر نفسها التي قال رئيسها هذا الكلام هي الجزائر التي توجد حدودها البرية مغلقة مع جارتها المغرب منذ أكثر من عشرين عاما رغم أن العلاقات الدبلوماسية بينهما لم تقطع وكذلك الرحلات الجوية!! وقبل أيام قليلة فقط عرضت إحدى الشاشات العربية لقطات لأهالي تجمعوا على طرفي الحدود ليبادلوا التحايا والأشواق عن بعد حتى لكأنك تظن أن المشهد هو في الجولان السوري المحتل.

مجرد بقاء هذه الحدود مغلقة يلخص الوضع الحالي للاتحاد دون فذلكة أو إنشائيات البرقيات المتبادلة التي تقول كلاما كبيرا في حين لا توجد أية إرادة لحل أي إشكال مهما بدا صغيرا أو محدودا.

صحيح أن للاتحاد مقرا في الرباط وأن له أمينا عاما هو التونسي الطيب البكوش لكن الأمور تقف عند هذا الحد منذ سنوات طويلة حتى قبل أن تعرف تونس ما عرفته وكذلك ليبيا عام 2011 من ثورة أطاحت باثنين من المؤسسين للاتحاد. آخر قمة جمعت قادة الدول الخمس كانت في أبريل-نيسان 1994 ولم تلتئم بعدها أية قمة على الإطلاق. خلال هذه السنوات أعلن كذا مرة عن إمكانية عقد قمة لكن سرعان ما يتضح أن لا شيء من ذلك سيحدث لسبب أو آخر. آخر محاولة جرت في هذا الاتجاه سعى إليها وقتها الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي إلى درجة إعلان مدير مكتبه في مؤتمر صحافي وقتها أن العاصمة التونسية ستحتضن في العاشر من أكتوبر / تشرين الأول 2012 قمة مغاربية هي الأولى بعد طول سبات لكن هذا السبات أبى إلا أن يتواصل.

عند قيام هذا الاتحاد كان هناك اتفاق ضمني على ألا تشكل قضية الصحراء المزمنة بين الجزائر والمغرب والقائمة منذ 1975 حجر عثرة أمام عمل الاتحاد وتقوية العلاقات بين أعضائه. وضعت هذه القضية على الرف عساها تجد المسار الملائم للحل دوليا دون أن يجري إقحامها ضمن جدول عمل الاتحاد فتصيبه بالشلل. كان ذلك تفاهما جيدا لكنه لم يستطع الوقوف على رجليه فهذه القضية التي تسمم العلاقة بين الجزائر والرباط ما كان يمكن تجاوزها بهذه السهولة ولهذا أدى الفتور بين البلدين واحيانا التوتر إلى إصابة الاتحاد بالعدوى فما استطاع أن يقوى أو يتجاوز.

عجز هذا الاتحاد الذي أحيل سريعا إلى التقاعد حتى على ضمان الحد الأدنى من المكاسب لمواطني دوله كالسفر بالبطاقة الشخصية أو إلغاء التأشيرات أو تطوير خط السكك الحديد الرابط بينها، وعوض أن تكون المناطق الحدودية بين الدول المغاربية الخمس مناطق تنمية وتكامل تحولت إلى مناطق حذر وريبة خاصة مع بروز شبكات إرهابية وتشعب ارتباطاتها في ظل الوضع الأمني الرخو في ليبيا وتعقد المشهد الأمني في المناطق الجبلية الحدودية بين تونس والجزائر.

وعلى عكس مجلس التعاون الخليجي الذي استطاع أكثر من مرة أن يجتمع قادته أو ممثلوهم رغم الأزمات وأعقدها بالتأكيد الأخيرة بعد حصار قطر من قبل ثلاث دول من نفس المجلس، فإن قادة دول اتحاد المغربي لم يفلحوا حتى في هذه. الأرجح هنا أن المسألة ذات علاقة بالفرق التاريخي في الأمزجة الشعبية السائدة بين المنطقتين. في كثير من المناسبات، تتدخل سياسة «تبويس اللحى» أو تقدير بعض القادة لأكبرهم «العود»، في حين تغيب هذه الثقافة في المغرب العربي حيث يسود منطق الأبيض أو الأسود ببعض الحدية والتطرف في كثير من الأحيان مما عطل أي إمكانية لــ «تدوير الزوايا» والبحث عن تسويات وسط.

قبل أسابيع قليلة، احتفلت «ساقية سيدي يوسف» التونسية على الحدود مع الجزائر بالذكرى الــ61 لغارة شنها الطيران الفرنسي عليها بسبب وقوفها مع الثوار الجزائريين ومنحها الملاذ لهم فسقط الكثير من المدنيين، من بينهم أطفال في مدرستهم. وبهذه المناسبة، أعلن عن مد أنابيب الغاز الطبيعي إلى البيوت التونسية من داخل التراب الجزائري.

أكثر من ستين عاما للقيام بخطوة عملية بسيطة كهذه، إذن كم سيستغرق هذا التكامل الاقتصادي الذي يبشر به البعض في البيانات ليس أكثر؟!!

عن صحيفة القدس العربي

وجهات نظر 0 comments on في الذكرى 40 للثورة الإيرانية … إيران و العرب و قمة وارسو : هل ينتصر المهزومون ؟ / بقلم بحري العرفاوي

في الذكرى 40 للثورة الإيرانية … إيران و العرب و قمة وارسو : هل ينتصر المهزومون ؟ / بقلم بحري العرفاوي

 

1: أسئلة ما بعد القمة

قمة وارسو التي حضرتها حوالي ستون دولة بمستويات مختلفة، إلى أي حدّ حققت أهدافها؟ وما هي آفاق تحركها مستقبلا لتفعيل “صفقة القرن” وإلى أي مدى سيصمد “تحالفٌ” تحت “راع” واحدٍ ولكن من “زرائب” مختلفة؟

2: قمة المهزومين

ليس كلاما عاطفيا قولنا بأنها قمة المهزومين، فهي جمعت الولايات المتحدة الأمريكية وقد خابت كل مساعيها في المنطقة بداية من غزو أفغانستان في 2001 ثم غزو العراق في 2003 ثم تدخلها في سوريا عبر تنظيمات إرهابية أشرفت مخابراتها على تدريبها وتمويلها، ثم ها هي تجني السراب والخيبة وها هو ترامب يُعلن انسحاب قواته من سوريا ثم تسلل كما اللص في زيارة غير معلنة لملاقاة جنوده في قاعدة على الأراضي العراقية.

الدول الخليجية تحضر المؤتمر وهي تعاني تصدع منظمتها ولم تقدر على حل خلافتها البينية رغم وساطات بل توصيات ترامب نفسه بضرورة جمع شملهم لمواجهة “عدوهم” المشترك إيران .

الدولتان الرئيسيتان في مجلس التعاون الخليجي،الإمارات والسعودية، متورطتان في اليمن وعاجزتان بعد أكثر من ثلاثة أعوام على حسم المعركة مع شعب أعزل إلا من الشجاعة والروح الوطنية والعزيمة وابتكار وسائل الدفاع.

الحضور القطري كان حضور مجاملة حتى إن الإعلام القطري الذي هاجم الدول المشاركة كان يتكتم على حضور وزير خارجية الدوحة كما لو أنه لم يكن موجودا وهو ما يؤكد أن قطر ليست طرفا في حلف يريد أن يتشكل ضد إيران، في الكويت رئيس “مجلس الأمة”/البرلمان، أعلن أن البرلمان هو صاحب القرار وأنه لن يكون طرفا في مؤامرة على محور المقاومة ولن يفرط في القضية الفلسطينية ولن يسمح بتطبيع الكويت مع الكيان الصهيوني.

الطرف المهم في “القضية” هو الطرف الفلسطيني ، لم يكن حاضرا ي القمة بل إن أغلب الفصائل كانت تحضر في موسكو للبحث عن طرائق في حل خلافاتها وتوحيد موقفها بوجه الاحتلال لصهيوني بعيدا عن لعبة التطبيع وفخاخ التآمر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ قالها صراحة عزام الأحمد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “لن نكون أداة أمريكا ضد إيران” أما بقية الفصائل المقاومة فهي في غرفة عمليات مشتركة مع بقية مكونات محور المقاومة من حزب الله إلى فيلق القدس .

 

3: زمن المقاومة و جغرافيا الموت

الخارطة العربية في الخليج والشرق الأوسط تحولت إلى “رمال وموت” كما قال ترامب فهي لم تعد مزارا آمنا لقوات المارينز أو لجنود الكيان الصهيوني، إنها حقول ألغام و”عرائن” أسود لا يدري المحتل الأمريكي وحليفه الصهيوني وحلفاؤه من الرجعيات العربية، لا يدرون من أين يباغتهم الموت وهم يعتدون.

الكيان الصهيوني مازال مرتعبا وهي يستحضر مواجهة الثلاثة والثلاثين يوما مع رجال حزب الله في حرب تموز التي لم صمد كل جيوش العرب ربع مدتها ولم يخرج بعدها العدو الصهيوني بوسامه الكاذب أنه “الجيش الذي لا يُقهر” لقد تابع العالم جنود الاحتلال يبكون بكاء الأطفال .

محاولات الكيان الصهيوني المتكررة مع غزة لم يحقق فيها أي مكاسب عسكرية ولم يستطع تغيير قواعد “الإشتباك” التقليدية إذ فرضت المقاومة قاعدة حاسمة: القصف بالقصف والدم بالدم.

حين يتذكر العدو الصهيوني والحليف الأمريكي والعملاء العرب أن محور المقاومة قد تعزز بالحشد الشعبي وأنصار الله وحزب الله العراق وجيش سوريا المنتصر على الدواعش بعد حرب الثمانية أعوم، وحين يعلمون بأن أي محاولة ل”التطبيع” مع أنظمة ضعيفة جبانة تظل شكلية بسبب الرفض الشعبي، فإنهم لا يمكن أن تكون لديهم الجرأة لتنفيذ أي حماقة في المنطقة، بل إنهم قد ختموا قمتهم في وارسو دون حتى إصدار بيان ودون التوصل إلى خطة “عمل” لمواجهة “عدو” ظلوا يجاهرون بعداوته ويتمنون لو أنه يلين إليهم قليلا ليجدوا ما يسكبونه من ماء على وجوههم بعد ما رسموه لأنفسهم من سقوف هي أعلى من قاماتهم وأرقى من هِمّتهم.

3: سلاح المثقفين و المبدعين

المشروع الصهيوأمريكي رجعي هو مشروع متكامل يتداخل فيه العسكري بالإقتصادي بالعلمي بالثقافي بالإعلامي،ولذلك فإن المشروع المقاوم لا يمكن أن يتوقف على المرابطين من المقاتلين بحدود الجغرافيا إنما يحتاج مرابطين على حدود الوعي ومرابطين في مختبرات البحث العلمي ومرابطين في ورشات صناعة الخبر وإنتاج الصورة واستنهاض العزائم واستثارة الهمم وتأجيج الحماسة الوطنية.

إننا بصدد حرب على الوعي يمارسها الأعداء ضد شبابنا يُشيعون فيه الوهم واليأس والسخف والفراغ حتى يسهل اختراقه واستعماله ضد وطنه وضد قضاياها وحتى يتحول إلى كائن استهلاكي لا مبال ولا تعنية أمة ولا وطن ولا قدس ولا فلسطين ولا أرض ولا عرض.

“صفقة القرن” كما يجب أن تسقط في الميدان ، يجب أن تسقط في الوعي.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on الجزائر بين التحديات الراهنة و بين التهديدات الأمنية الخارجية

الجزائر بين التحديات الراهنة و بين التهديدات الأمنية الخارجية

ريم عطافي

 

يواجه أمن الجزائر تحديات عديدة وتهديدات خارجية وصعوبات من الممكن ان تأثر عليها في المستقبل وذلك لاختلاف طبيعة ومصادر التهديدات وتحولها من النمط التقليدي الى النمط الجديد ، فيما يسمى بالتهديدات الأمنية الجديدة المعقدة والزاحفة التي زعزعت استقرار الكثير من مناطق العالم بما فيها الجزائر التي تعيش اليوم ضمن جوار اقليمي ناري ، خاصة منطقة الساحل الافريقي التي صارت ملاذا آمنا لكافة أشكال التهديدات الأمنية الجديدة العابرة للأوطان .

Résultat de recherche d'images pour "‫الجزائر بين التحديات الراهنة وبين التهديدات الأمنية الخارجية‬‎"

لهذا تسعى الجزائر الى تعبئة وحشد مختلف وسائلها السياسية والعسكرية والاقتصادية من أجل صياغة مقاربة أمنية تقارب بين الأمن والتنمية لتحقيق الامن والاستقرار في الساحل ، ومجابهة كل التهديدات الناجمة عن نشاط التنظيمات الارهابية في المنطقة وشبكات الجريمة المنظمة على الأبعاد المختلفة للأمن الوطني الجزائري ، اضافة الى ابراز العلاقة بين متلازمين رئيسيين هما استقرار منطقة الساحل الافريقي والأمن الوطني الجزائري.

كما أن هناك مصادر مسؤولة في عواصم عالمیة تؤكد أن البلدان المغاربیة ودول الساحل والصحراء المغاربیة عامة والجزائر وتونس خاصة أصبحت مھددة بمخاطر كثیرة ، من بینھا توريطھا في اضطرابات أمنیة سیاسیة واجتماعیة كبیرة تزيد في إضعاف سلطاتھا المركزية وفي معاناة مواطنيها .

و يتخوف كثیر من المراقبین من افتعال أزمات أمنیة جديدة في الجزائر مع اقتراب موعد الانتخابات الجزائرية ، خاصة في المناطق الحدودية، للتسبب في الغاء الانتخابات أو تأجیلھا أو إضعاف مصداقیتھا السیاسیة .

وتكشف وسائل الإعلام الجزائرية منذ مدة ارتفاع منسوب الإحساس بالخطر من المتغیرات الجیو استراتیجیة والمستجدات في بعض الدول الإفريقیة المجاورة ولیبیا ، بسبب ” الزحف الإسرائیلي ” على المنطقة ؟؟ الذي تستعد فیه تونس والدول العربیة لاستضافة مؤتمر وزراء الداخلیة العرب ثم قمتین مھمتین : الاولى عربیة أوروبية في القاھرة والثانیة عربیة في تونس ، ويجب أن تكون على رأس مشاريع القرارات المحافظة على الوحدة الوطنیة في كل دول المنطقة وخاصة الجزائر والمغرب وتونس ولیبیا.. ووقف مسلسل ابتزاز ساستھا خدمة لأجندات استعمارية جديدة و” لوبیات” .

وفي الاطار ذاته فقد خلصت الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية إلى “تعزيز التعاون للحفاظ على المصالح المشتركة في الاستقرار الإقليمي، وهزيمة الجماعات الإرهابية، بما في ذلك القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة الإسلامية” .

وحسب البيان المشترك الصادر في أعقاب الدورة التي انعقدت بواشنطن يوم 28 جانفي 2019 ، برئاسة وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل وكاتب الدولة مايكل بومبيو، فإن الطرفين “استعرضا الشراكة الوثيقة والمثمرة بين الجزائر والولايات المتحدة، وناقشا مجالات التعاون الجزائري الأميركي في المستقبل”

كما أكد الجانبان على “دعمهما القوي لزيادة التعاملات بين المتعاملين الاقتصاديين، والتجارة الحرة والنزيهة والمتبادلة، وإقامة شراكة اقتصادية أوثق”، زيادة على “استعراض البرامج الثقافية والتعليمية بين البلدين، واتفقا على تكثيف العمل المشترك لتعزيز التبادل في مجال التعليم وحماية التراث الثقافي” .
وفي اطار الدورة المنعقدة ، أكد وزير الخارجية مساهل، وكاتب الدولة بومبيو “التزامهما بالعلاقة التاريخية الوثيقة” بين البلدين، كما “اتفقا على مواصلة المشاورات حول المواضيع التي تم استعراضها في هذه الدورة من الحوار الاستراتيجي”.
وعلى صعيد متصل ، يذكر أنه كجزء من ما يسمى مكافحة الإرهاب الإسلامي في شمال أفريقيا ، جعلت الحكومة الفرنسية أنه من الممكن التدخل العسكري الفرنسي في الجزائر. وهو نص نشر في “الجريدة الرسمية” التي كشفت الضوء عن الطموح الإمبريالي-الاشتراكي.

وكان الطموح الإمبريالي-الإشتراكي لهذه الحكومة مرتبطًا بالخيال الاستعماري لجول فيري الذي كان مستعمرًا وحضاريًا للجمهورية قبل الأبدية.

حيث أنه لا يكفي أبدا القول إن حكومات ساركوزي وهولندا المتعاقبة دعمت الإرهابيين الجهاديين في ليبيا وسوريا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وبالتالي شاركوا في الفوضى في هذه المناطق قبل تعزيز قواتهم أو تدخلاتهم العسكرية في كل من هذه المناطق (القصف ، العمليات الخاصة ، تسليم الأسلحة إلى “المتمردين” ، الدعم السياسي والمالي) لمصالحهم الخاصة في التآزر مع المحور الأطلنطي.

ويشار الى أنه في مقتطفات من مقال هرفيه ليفرا ، “لو دريان قد أخذ قدمه في الحدود الجزائرية” المنشورة في Le Canard enchaîné du 4 mai 2016 في الصفحة 3:

وأضرار جانبية من العملية العسكرية Barkhane ، التي أجريت في الساحل ضد الإرهابيين الإسلاميين للقاعدة في المغرب الإسلامي ، تمكنت الحكومة من الدخول في جحيم من الفوضى السياسية والدبلوماسية. وبدأت الفوضى الكبيرة في 1 أكتوبر حيث نشر في “الجريدة الرسمية” من اللائحة الخرقاء التي وقعها وزراء الدفاع والمالية والميزانية.

ويهدف هذا القانون ، الذي صدر بموجب قانون 2008 ، إلى ضمان الحقوق المالية والاجتماعية لعائلات الجنود الجرحى أو القتلى خلال عملية بركان.

لكن المرسوم ليس مجرد قائمة البلدان المعنية مباشرة (مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا وبوركينا فاسو)، كما أنه يحاذي أسماء العديد من الدول المجاورة التي من المرجح أن تتدفق عملياتها على أراضيها، من بينها ، نيجيريا ، ليبيا و الكاميرون، وخاصة الجزائر، كدولة حساسة للغاية فيما يتعلق بالحدود، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقوات الفرنسية، وأن أي تواجد للقوة الاستعمارية السابقة على الأرض الجزائرية سيعتبر إهانة لا يمكن تحملها …

كما واجهت أزمة الإعلام الجزائرية ، وقررت حكومة الإمبراطورية – الاشتراكية … قمع نشر “هذا النوع من النظام في” الجريدة الرسمية “ولكن لتسجيله في” مجموعة خاصة “وسرية التي عقدتها وزارة الدفاع.

ويشار الى أنه في عام 1962 كانت الجزائر 9 ملايين ، فرنسا 40 مليون، وفي
2016 أصبحت الجزائر هي 40 مليون …..

كذلك في عام 1962 كان هناك 98٪ من السكان أميين ، مع وجود وسائل عسكرية ضعيفة تقريبا أو ما يقرب من الصفر.

كما أن فرنسا ذهبت ولن تعود أبداً ، ومع ذلك فإنها ستظل عدوًا مخيفًا لن يضطر أبدًا إلى التخلي عن الحارس ، بل وحتى من أجل تلبية احتياجاته ، سيكون من الضروري البقاء على حذره.

وحيث أن الوضع لم يعد يسمح لفرنسا بقيادة حرب أخرى مثل الحرب في الوقت المناسب ، فهي تمر بأزمة اقتصادية خطيرة ولم تعد تعرف كيف تتغلب عليها،
لذلك من الناحية النظرية لإخلاء المشكلة الداخلية ، تحاول الاستعانة بمصادر خارجية … ولكن كيف؟

ولكن ان لم تكن فرنسا فمن الممكن أن يهدد الأمن في المنطقة فهناك أطراف سياسية جديدة تهدد الامن بالمنطقة وخاصة بالجزائر…

وجهات نظر 0 comments on العلاقات التونسبة السعودية .. إلى أين ؟ .. بقلم د. أعلية علاني

العلاقات التونسبة السعودية .. إلى أين ؟ .. بقلم د. أعلية علاني

 

السعودية تتمدد شرقا و غربا

كان متوقعا أن تكون زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باكستان في 17|2|2019 زيارة ملكية بامتياز اختلط فيها الجانب البروتوكولي الاستثنائي بالجانب الاقتصادي المُجزي: عشرون مليار دولار (أكثر من 60 مليار دينار تونسي) من الاستثمارات السعودية هي حصيلة هذه الزيارة، نصف هذا المبلغ مخصص لإنشاء مصفاة ومصانع بترو كيميائية، ونصفها الآخر في مشاريع متنوعة، بالإضافة إلى إعطاء اهتمام خاص للعمالة الباكستانية بالمملكة و رسوم الإقامة.

و لا يشك أحد أن المملكة لها استفادة اقتصادية ومالية باعتبار أن المشاريع مربحة، وكذلك استفادة في المجال الاستخباراتي خاصة في ملفات الأمن بالمنطقة. إن الاستفادة في عصر العولمة مشتركة أو لا تكون، فقد ولّى عهد المساعدات المالية المجردة. والمملكة السعودية في أفق مشروع  2030 تعمل بقاعدة الاستفادة المتبادلة :

و تعرف المملكة أنها ستكون شريكا اقتصاديا هاما لباكستان مع كبار المستثمرين في العالم مثل الصين وأوروبا وغيرها. وأمام هذا الزخم الاقتصادي والشراكات الأمنية التي تعقدها المملكة مع حلفائها نجد في المقابل تعاونا محدودا مع دول شمال إفريقيا وخاصة مع تونس. فما ذا يجب على تونس عملُه لكي تكون بلدا جذابا للاستثمارات الهامة؟ فباكستان رغم مشاكل الأمن والإرهاب التي تواجهها كل يوم مع الجماعات المتشددة فإن ذلك لم يمنعها من أن تصبح مركز جذب لاستثمارات سعودية وصينية هامة جدا.

تونس و السعودية و فرصة مؤتمر القمة العربية في مارس| آذار 2019

أعتقد أن على تونس استثمار عقد مؤتمر القمة العربية على أراضيها في مارس| آذار 2019 على مستويين: أمنيا واقتصاديا.

بخصوص المستوى الأمني، يجب على تونس أن تواصل انخراطها في الموقف العربي حول قضايا الأمن في المنطقة ورفض زعزعة الاستقرار بالبلدان العربية واعتبار ذلك خطا أحمر. واقتراح تفعيل الاتفاقيات الأمنية فيما بعد مرحلة داعش والعودة القوية للقاعدة من خلال دعم التعاون الاستخباراتي العربي الذي ما زال أقل أهمية وحجما من التعاون الاستخباراتي مع الدول الأوروبية والأمريكية.

أما بخصوص المستوى الاقتصادي فمن حق تونس أن تبحث بمناسبة القمة العربية عن شراكات ثنائية و ثلاثية. و يمكن القول أن أمام تونس فرصة مستقبلية واعدة للمشاركة في الإعمار في كل من ليبيا و سوريا و العراق. أما مع دول الخليج فلا بد أيضا للدبلوماسية السياسية و الاقتصادية التونسية أن تكون جاهزة في مؤتمر القمة المقبلة بتونس لإعطاء دفع أقوى للشراكة مع السعودية و الإمارات و مصر وتدارك الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها الدبلوماسية التونسية بعد 2011 والتي لا نزال نعاني تبعاتها إلى اليوم. فتقوية التعاون مع هده البلدان الثلاث ذات الثقل المالي والسكاني سيمنح تونس فرصة تخفيف كبير لأزمتها الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.  وهذا سوف لا يمس بتعامل تونس مع البلدان الأخرى.

أعتقد أن على القيادة السياسية في تونس أن تقرأ جيدا تغير المعطيات الجيوسياسية إقليميا ودوليا والمتسمة بالحرب على الإرهاب تنظيميا وفكريا والمتسمة أيضا بفشل تجربة تيار الإسلام السياسي في الحكم. وأعتقد أن من واجب الحكومة التونسية وضْع استراتيجية جديدة للنهوض بالتعاون التونسي الخليجي وجعْله مثالا يُحتذى به. فعندما نتصور ما قدمته السعودية من استثمار في زيارة ولي العهد بن سلمان الأخيرة لباكستان والتي توازي مرة ونصف الميزانية العامة بأكملها في تونس ندرك أن تونس بإمكانها الاستفادة من هذا المناخ وهي قادرة، بدبلوماسية جديدة ووقوف واضح إلى جانب المملكة، على حل معظم مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية .

و إذا أضفنا لذلك تنشيط التعاون بشكل أفضل مع دولة الإمارات وما تحمله من حجم مالي وسياسي على المستوى الدولي، ومع مصر وما تزخر به من قدرات اقتصادية وسوق استهلاكية هامة أدركنا أن عمق تونس الاقتصادي والأمني والمالي والسياسي سيكون واعدا جدا فالاقتصاد هو العمود الفقري للسياسة. ولا ننسى أن من ميزة الاستثمار الخليجي انخراطُه في الاستثمار في البنية التحية وفي المشاريع الفلاحية والصناعية والسياحية مثلما رأيناه في زيارة بن سلمان الأخيرة لباكستان ونحن في تونس في حاجة كبيرة لتطوير بنيتنا التحتية خاصة في المناطق الداخلية، وفي حاجة إلى تقوية نسيجنا الصناعي والفلاحي والتجاري وما له من تأثير على امتصاص البطالة والتضخم وإيقاف تدهور الدينار. نحتاج فقط إلى إرادة سياسية واضحة وقوية وصادقة لإنجاح هذا التوجه.

رجاء أن لا تُضيّع تونس فرصة القمة العربية المقبلة ولتجعلها منطلقا لقفزة عملاقة في الدبلوماسية الاقتصادية و السياسية والأمنية. و تكون خطوة تتبعها خطوات هامة وجريئة.

 

 

 د. أعلية علاني أكاديمي وباحث في القضايا الاستراتيجية