1: أسئلة ما بعد القمة

قمة وارسو التي حضرتها حوالي ستون دولة بمستويات مختلفة، إلى أي حدّ حققت أهدافها؟ وما هي آفاق تحركها مستقبلا لتفعيل “صفقة القرن” وإلى أي مدى سيصمد “تحالفٌ” تحت “راع” واحدٍ ولكن من “زرائب” مختلفة؟

2: قمة المهزومين

ليس كلاما عاطفيا قولنا بأنها قمة المهزومين، فهي جمعت الولايات المتحدة الأمريكية وقد خابت كل مساعيها في المنطقة بداية من غزو أفغانستان في 2001 ثم غزو العراق في 2003 ثم تدخلها في سوريا عبر تنظيمات إرهابية أشرفت مخابراتها على تدريبها وتمويلها، ثم ها هي تجني السراب والخيبة وها هو ترامب يُعلن انسحاب قواته من سوريا ثم تسلل كما اللص في زيارة غير معلنة لملاقاة جنوده في قاعدة على الأراضي العراقية.

الدول الخليجية تحضر المؤتمر وهي تعاني تصدع منظمتها ولم تقدر على حل خلافتها البينية رغم وساطات بل توصيات ترامب نفسه بضرورة جمع شملهم لمواجهة “عدوهم” المشترك إيران .

الدولتان الرئيسيتان في مجلس التعاون الخليجي،الإمارات والسعودية، متورطتان في اليمن وعاجزتان بعد أكثر من ثلاثة أعوام على حسم المعركة مع شعب أعزل إلا من الشجاعة والروح الوطنية والعزيمة وابتكار وسائل الدفاع.

الحضور القطري كان حضور مجاملة حتى إن الإعلام القطري الذي هاجم الدول المشاركة كان يتكتم على حضور وزير خارجية الدوحة كما لو أنه لم يكن موجودا وهو ما يؤكد أن قطر ليست طرفا في حلف يريد أن يتشكل ضد إيران، في الكويت رئيس “مجلس الأمة”/البرلمان، أعلن أن البرلمان هو صاحب القرار وأنه لن يكون طرفا في مؤامرة على محور المقاومة ولن يفرط في القضية الفلسطينية ولن يسمح بتطبيع الكويت مع الكيان الصهيوني.

الطرف المهم في “القضية” هو الطرف الفلسطيني ، لم يكن حاضرا ي القمة بل إن أغلب الفصائل كانت تحضر في موسكو للبحث عن طرائق في حل خلافاتها وتوحيد موقفها بوجه الاحتلال لصهيوني بعيدا عن لعبة التطبيع وفخاخ التآمر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ قالها صراحة عزام الأحمد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية “لن نكون أداة أمريكا ضد إيران” أما بقية الفصائل المقاومة فهي في غرفة عمليات مشتركة مع بقية مكونات محور المقاومة من حزب الله إلى فيلق القدس .

 

3: زمن المقاومة و جغرافيا الموت

الخارطة العربية في الخليج والشرق الأوسط تحولت إلى “رمال وموت” كما قال ترامب فهي لم تعد مزارا آمنا لقوات المارينز أو لجنود الكيان الصهيوني، إنها حقول ألغام و”عرائن” أسود لا يدري المحتل الأمريكي وحليفه الصهيوني وحلفاؤه من الرجعيات العربية، لا يدرون من أين يباغتهم الموت وهم يعتدون.

الكيان الصهيوني مازال مرتعبا وهي يستحضر مواجهة الثلاثة والثلاثين يوما مع رجال حزب الله في حرب تموز التي لم صمد كل جيوش العرب ربع مدتها ولم يخرج بعدها العدو الصهيوني بوسامه الكاذب أنه “الجيش الذي لا يُقهر” لقد تابع العالم جنود الاحتلال يبكون بكاء الأطفال .

محاولات الكيان الصهيوني المتكررة مع غزة لم يحقق فيها أي مكاسب عسكرية ولم يستطع تغيير قواعد “الإشتباك” التقليدية إذ فرضت المقاومة قاعدة حاسمة: القصف بالقصف والدم بالدم.

حين يتذكر العدو الصهيوني والحليف الأمريكي والعملاء العرب أن محور المقاومة قد تعزز بالحشد الشعبي وأنصار الله وحزب الله العراق وجيش سوريا المنتصر على الدواعش بعد حرب الثمانية أعوم، وحين يعلمون بأن أي محاولة ل”التطبيع” مع أنظمة ضعيفة جبانة تظل شكلية بسبب الرفض الشعبي، فإنهم لا يمكن أن تكون لديهم الجرأة لتنفيذ أي حماقة في المنطقة، بل إنهم قد ختموا قمتهم في وارسو دون حتى إصدار بيان ودون التوصل إلى خطة “عمل” لمواجهة “عدو” ظلوا يجاهرون بعداوته ويتمنون لو أنه يلين إليهم قليلا ليجدوا ما يسكبونه من ماء على وجوههم بعد ما رسموه لأنفسهم من سقوف هي أعلى من قاماتهم وأرقى من هِمّتهم.

3: سلاح المثقفين و المبدعين

المشروع الصهيوأمريكي رجعي هو مشروع متكامل يتداخل فيه العسكري بالإقتصادي بالعلمي بالثقافي بالإعلامي،ولذلك فإن المشروع المقاوم لا يمكن أن يتوقف على المرابطين من المقاتلين بحدود الجغرافيا إنما يحتاج مرابطين على حدود الوعي ومرابطين في مختبرات البحث العلمي ومرابطين في ورشات صناعة الخبر وإنتاج الصورة واستنهاض العزائم واستثارة الهمم وتأجيج الحماسة الوطنية.

إننا بصدد حرب على الوعي يمارسها الأعداء ضد شبابنا يُشيعون فيه الوهم واليأس والسخف والفراغ حتى يسهل اختراقه واستعماله ضد وطنه وضد قضاياها وحتى يتحول إلى كائن استهلاكي لا مبال ولا تعنية أمة ولا وطن ولا قدس ولا فلسطين ولا أرض ولا عرض.

“صفقة القرن” كما يجب أن تسقط في الميدان ، يجب أن تسقط في الوعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *