وجهات نظر 0 comments on عندما تشارك “الجرافات” العربية في هدم بيوت المقدسيين ! .. بقلم فراس أبو هلال

عندما تشارك “الجرافات” العربية في هدم بيوت المقدسيين ! .. بقلم فراس أبو هلال

لم تكن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق منازل المقدسيين في وادي الحمص وصور باهر حدثا استثنائيا، فالجرائم الاحتلالية في القدس تحديدا هي حدث يومي، ترتفع وتيرته من وقت إلى آخر، لأن الاحتلال يرى في مجرد الوجود الفلسطيني في القدس تهديدا له، تماما كما يمثل هذا الوجود صمودا فلسطينيا يستحق الإشادة والفخر، برغم ثمنه الباهظ.

و لأن القدس تمثل ركنا أساسيا في الرواية الصهيونية للصراع، فإنها تسعى منذ احتلال جزئها الغربي في العام 1948 واحتلال المتبقي منها في حرب النكسة إلى إزالة الوجود الفلسطيني فيها، وتنفذ عدوانا يوميا على هذا الوجود بشتى الطرق، عبر منع البناء وتعقيد منح التصاريح لصيانة البيوت الفلسطينية، وهدم المنازل وإبعاد المقدسيين عن مدينتهم بحجج واهية، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس، ومحاولة خلخلة البنية الاجتماعية لأهل القدس بطرق استخبارية وإفسادية، وفرض القيود على العبادة في الأقصى والكنائس المقدسية، وتعقيد حياة الفلسطينيين بحيث يصبح البقاء في القدس باهظ الثمن.

 

عندما نقول إن الجرافات العربية الرسمية شاركت في مجزرة العدم الأخيرة لبيوت المقدسيين، فإن المجاز هنا يتحول إلى حقيقة، إذا يتزامن هدم البيوت مع لقاءات عربية إسرائيلية على مستوى غير مسبوق

كانت الجرائم التي يرتكبها الاحتلال دائما تواجه بشكل أساسي بصمود الفلسطينيين، الذين استطاعوا التقليل من خسائرهم بالاحتجاجات والصبر وتحمل ثمن البقاء في مدينتهم، وكان الدور العربي الرسمي مقتصرا على التنديد بالإجراءات الصهيونية، فيما يتم تكريس الوجود اليهودي في المدينة ممدودا بدعم حكومي، وبإسناد من المؤسسات والمنظمات الصهيونية عبر العالم، التي تقدم الأموال اللازمة لتوسيع الاستيطان السرطاني في القدس.

لكن الجديد في حملة الهدم الجديدة هو أنها تأتي في ظل غياب حتى التنديد الرسمي العربي الذي كان سابقا مثارا للتندر، وأصبح الآن هدفا بعيد المنال! بل إن الموقف العربي الرسمي انحدر من إدانة الاحتلال إلى إدانة الفلسطيني، وإلى التقليل من أهمية الصراع العربي الإسرائيلي، وإلى التسارع في التطبيع بشكل مشين وبدون ثمن.

لم يكن الموقف العربي الرسمي رادعا في يوم من الأيام للاحتلال لوقف ممارساته الإجرامية ضد الفلسطينيين عموما والمقدسيين بشكل خاص، ولكنه كان يمثل “أضعف الإيمان”

وعندما نقول إن الجرافات العربية الرسمية شاركت في مجزرة العدم الأخيرة لبيوت المقدسيين، فإن المجاز هنا يتحول إلى حقيقة، إذ يتزامن هدم البيوت مع لقاءات عربية إسرائيلية على مستوى غير مسبوق، كان آخرها لقاء وزير الخارجية البحريني بنظيره في حكومة الاحتلال بعد ثلاثة أيام فقط من عمليات الهدم، ولم نسمع أن الوزير العربي قد أثار الموضوع ولو بطريقة دبلوماسية ناعمة، بل لم يذكر المجزرة ولو بكلمة واحدة، وهو الأمر الذي ينسحب على موقف معظم الدول العربية تجاه الجريمة.

و لن نذكر الوفد “الإعلامي” التطبيعي الذي تزامنت زيارته “المهرجانية” للقدس بالتنسيق مع الاحتلال، واحتفت به الدوائر السياسية والإعلامية الصهيونية كثيرا، وذلك لأنه وفد أتفه من أن يذكر، ولأنه يضم “مجاهيل” تبرأت منهم كل الهيئات الصحفية العربية، ويبدو أنهم ذهبوا من أجل البحث عن شهرة رخيصة، وليلتقطوا الصور مع صحفيين ورسميين في دولة الاحتلال، وليتبجحوا بالحديث عن “السلام” في نفس الوقت الذي كانت فيه جرافات الاحتلال تنفذ مجزرة الهدم!

لم يكن الموقف العربي الرسمي رادعا في يوم من الأيام للاحتلال لوقف ممارساته الإجرامية ضد الفلسطينيين عموما والمقدسيين بشكل خاص، ولكنه كان يمثل “أضعف الإيمان” بالوقوف المعنوي واللفظي مع الشعب الصامد تحت الاحتلال، وكان “يتطور” أحيانا لاتخاذ مواقف دبلوماسية في المؤسسات الأممية، وهي مواقف -وإن كانت شكلية- إلا أنها تمثل رفضا للجرائم الصهيونية على الأقل.

يخرج رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ليتحدث بفخر يوميا عن توثيق العلاقات مع دول عربية سرا وعلنا، ويزعم أنه يقدر هذه العلاقات، وتزعم الدول التي تهرول تجاه التطبيع أن العلاقات مع الاحتلال تفيد الفلسطينيين، ولكن الواقع يقول إن هذه العلاقات ليست سوى ثمن تدفعه الأنظمة للحصول على الرضى الأمريكي عبر بوابة تل أبيب، فيما يستمر الاحتلال كعادته تاريخيا بممارسة الإهانة بحق من يطبعون معه ويقدمون له التنازلات، فيمارس جرائمه بالتزامن مع لقاءات قياداته مع قيادات عربية، وليقول للجمهور الإسرائيلي إنه يستطيع أن يفتح علاقات مع العرب، بل أن يستخدم “جرافاتهم” التطبيعية لهدم البيوت المقدسية في نفس الوقت!

وجهات نظر 0 comments on المواسم الانتخابية بين الخدمة الوطنية و..مطاردة الغنائم أو… “الأسماء” و”الرسوم” .. بقلم بحري العرفاوي

المواسم الانتخابية بين الخدمة الوطنية و..مطاردة الغنائم أو… “الأسماء” و”الرسوم” .. بقلم بحري العرفاوي

1: السياسة بين المسارات الكفاحية و التموقع الغنائمي

لم يكن العمل السياسي يغري عموم التونسيين في عقود الاستبداد إنما كان يُغري فئتين:

ـ فئة تقبل بأن تكون في وضع الاستخدام والحشو الحزبي مقابل منافع مادية أو تحقيق أمان من بطش السلطة وأعوانها.

ـ وفئة ذات وعي حاد تمارس الكفاح المُواطني ضد الاستبداد والفساد وهي فئة عادة مطاردة وتتعرض لمتاعب ومصاعب قد تطال عائلاتها أيضا.

بعد 2011 طغت السياسة على كل المناشط وابتلعتها وأصبحت كل المجالات متأثرة بها من ثقافية ونقابية وإعلامية وحتى دينية.

ازدحم المشهد حتى لم نعد لنفرق بين قديم وجديد وبين ثوري وزلم بين ضحية وجلاد بين فاسد ومصلح فالكل يلهجون بالمظلومية وحتى من اختفوا لسنتين عادوا الى المشهد وتوزعوا في الأحزاب وقد بلغت مائتين وعشرين.

المواسم الانتخابية تحولت الى مواسم لتكثيف الحركة وتحريك الصورة وتصوير الخفايا وإخفاء الحقائق وتحقيق الشهوات واشتهاء الكراسي والمنح وأضواء القنوات.

المزدحمون على المشهد في المواسم الانتخابية صنفان:

ـ صنف يرى أنه مدين لوطنه وأنه معني بخدمته ويرى في نفسه كفاءة واقتدارا ولا يجد حرجا في عرض نفسه على “ميزان” الناخبين يُصعّدونه إلى البرلمان أو يصعد منه إلى وزارة ما..هذا الصنف لا نملك إلا أن نحييه وأن نعلي من شأنه وأن نعمل على إسناده خدمة للبلاد والعباد.

ـ صنف ثان ممن أمضوا سنوات في لعن الحكومات والسياسيين وممن ظلوا يستجمعون جامات الفايسبوك يتمنونها أصواتٍ في الصناديق وممن داوموا على شتم الناس ولعنهم وغدر حتى أصدقائهم وممن بالغوا في الثورية والصراخ حتى توهموا أن الناس رهائن وأنهم محررون لهم وممن استجمعوا من المال حلالا وحراما يظنونه مُعَبّدا لمسالك السياسة وممن لا علاقة لهم لا بالفكر ولا بالمعنى ولا بالثورة ولا بالفن ولا بالعواطف وإنما هم أجلاف متعجرفون بذيئون فاسدو الذائقة وفاقدو الأدب واللياقة وعديمو الأصل والرجولة.

مهم جدا تقدم أصحاب الكفاءات والمهارات والرشاقة السياسية واللياقة التواصلية والبرامج التنموية والرؤى الفكرية والمشاريع الثقافية، ولهم علينا الإسناد والدعم والثناء.
أما أن يتجرأ على التقدم إلى صناديق الاقتراع فاقدو السند المعرفي والقاصرون عن الحركة الذهنية وذوو الاحتياجات الأخلاقية فهذا ما يجب التصدي إليه ومواجهته، لا بالمنع القانوني حتى لا يُقال عودة الاستبداد والإقصاء وإنما بطريقتين:

ـ طريقة أولى تعتمد تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين حتى لا يُغريهم الزائفون فيصوتون إليهم.

ـ وطريقة ثانية هي كشف هؤلاء المحتالين مهما كان الغطاء الذي يتغطون به سواء كان خيريا أو ثوريا أو دينيا وكل هذه الأصناف موجودة ومتسللة إلى الموسم الانتخابي يسبقها لعاب مالح وألسِنة متدلية تلعق السراب.

 

2: مرشحو الانتخابات: “الأسماء” و”الرسوم”

نفرق بين “الأسم” بما هو عنوان لأفكار ومعانٍ وتحارب ومواقف وقيم وعلاقات ، وبين “الرسم” بما هو حروف تدل على شخص معين بلا تاريخ ولا أفكار ولا رؤية ولا “شخصية” يمكن نقدها ومناقشتها والحكم عليها وإليها.

أغلب المترشحين هم “رسوم” و”شخوص” لا هم “أسماء” ولا هم “شخصيات” إذ لا نعثر لهم على موقف يميزهم عن غيرهم ولا نقرأ لهم نصا يعبرون فيه عن تصورهم وفهمهم وتعريفهم للسياسة وللوطن وللمواطنة وللإنسان وللدولة وللمدنية بل وحتى لا مفهوم لديهم للإنتخاب ولمهمة النائب ولا تصور يقدمونه لمشاريع تخدم جهتهم ومتساكنيها.

ربما يردد كثيرهم برامج وخطاب الاحزاب وهذا لا يصنع منهم “أسماء” و”شخصيات” إنما يظلون “رسوما” و”شخوصا” لكونهم إذ يرددون خطابا جاهزا لا يُضفون عليه من روحهم وتفاعلهم وحماستهم ولا يجتهدون في الإثراء والإضافة والتفصيل بل يلتزمون التزام المقلد التابع والطيّع الخانع يخشى أن يتجاوز “الحدود” حتى في المفردات والصياغات.
هؤلاء يمثلون عبئا على الحياة السياسية وعلى الديمقراطية لأنهم لا يُنتجون سياسة ولا يعطون للديمقراطية “معنى” حين لا يجعلونها احتكاما للأفكار والبرامج والرؤى و”الشخصيات” بما هي تلك الافكار وتلك الرؤى وتلك الخطابة والإبداع والروحية الإنسانية والكفاحية.

كناخب واع ومسؤول عن اختياري لا أنتبه لمثل تلك “الرسوم” و”الشخوص” ولا تعنيني ولا أهتم بها وأنا أجدها كأحجار بناية لا حراك لها ولا حركة ولا تمايز ولا تفاعل وإنما هي مرصفة ترصيفا كما أرادها “البنّاءُ” وصاحب البناية، تلك ّالرسوم” و”الشخوص” تنتصب كعارضات أزياء أو كعلامات سير في طريق صحراوية لا علاقة لها بالفكر والثقافة والإنسان.

أتابع كثيرا من حسابات المعروضين على التصويت فلا أجد إلا بعضا من الأصدقاء ممن ينتجون أفكارا ويتحدثون في المعاني ويُفصلون في السياسة وفي الأحداث والحوادث، ولكن الغالب الاعم هم من “الرسوم” و”الشخوص” وأعتقد أنهم من الكسالى ذهنيا والباردين وجدانيا ومن قساة الطباع ومعقدي المزاج وفاسدي الذائقة وعيِيّي اللسان وممن لا شعور لديهم بمسؤولية تجاه الوطن والناس.

الميزان الانتخابي عندي يقوم على السؤال التالي: هذا المترشح هل هو “اسم” أم “رسم” هل هو “شخصية” أو “شخص” ؟

البارزة, وجهات نظر 0 comments on ورقة تمهيدية للندوة العلمية مسارات الحراك الشبابي في الجامعة و في البلاد أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات .. بقلم كمال بن يونس

ورقة تمهيدية للندوة العلمية مسارات الحراك الشبابي في الجامعة و في البلاد أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات .. بقلم كمال بن يونس

كمال بن يونس

 ( منتدي ابن رشد للدراسات ) 

 

اذ نجتمع اليوم بمناسبة أربعينية الفقيد الكبير المناضل الطلابي والحقوقي والناشط السياسي الوطني الإسلامي عبد الرؤوف بولعابي ، فإننا نعيد فتح ملف جيل كامل من الشباب التونسي والعربي من  مؤسسي الحراك الشبابي الذي أثر في مسار الأحداث في الجامعة والبلاد في السبعينات والثمانينات ، ثم لعب في المسارات اللاحقة وصولا إلى مرحلة ما بعد اندلاع الثورات العربية في 2011.

في أربعينية عبد الرؤوف بولعابي :  ندوة فكرية عن الجامعة التونسية أواخر السبعينات و مطلع الثمانينات و قضايا التحرر الاجتماعي و الوطني

  • واذ انشغل السياسيون في تونس وفي الوطن العربي بالاحداث الانية وضغوطاتها عن كتابة تاريخ الحراك الشبابي في النصف الثاني من القرن الماضي ومطلع القرن الحالي ، فلا يمكن فهم الفسيفساء الفكرية والسياسية الحالية دون تجميع سرديات ذلك الحراك واعداد قراءات علمية وموضوعية بعيدا عن كل اشكال التوظيف ودون تحميل الحقبات التاريخية الماضية أكثر مما تتحمل .
  • في هذا السياق يمكن أن نسجل بالخصوص ما يلي :

–       أولا أن تيار الهوية اثر بمختلف مرجعياته الفكرية في الحراك الشبابي والسياسي الوطني في عهدي الاحتلال الاجنبي ثم في مرحلة بناء الدولة الوطنية الحديثة .

–       ان هذا التيار كان متعدد المرجعيات الفكرية والسياسية ومن مدارس مختلفة منذ موفى القرن ال19 وبروز رواد التيار الاصلاحي الوطني بزعامة خير الدين باشا واحمد بن ابي الضياف ومحمد بيرم ثم الزعماء الصادقيين وقادة حركة الشباب التونسي بزعامة زيتونيين وصادقيين مثل عبد العزيز الثعالبي  وعلي باش حانبة والبشير صفر، مثلما تكشفه الصحف الصادرة بالغتين العربية والفرنسية .

–       تيار الهوية الوطنية العروبي الاسلامي تأثر طوال مسيرته بحركة الاصلاح والنهضة الفكرية والسياسية والحراك السياسي المعادي للاستعمار في تونس ودول شمال افريقيا والمشرق العربي الاسلامي ، برموزه الزيتونية والصادقية وخريجي الجامعات الاوربية ..

–       تعميم التعليم وتخصيص مساحات كبيرة في شعب العلوم الانسانية والادبية ساهم في بروز جيل من قيادات الحركة الطلابية والسياسية من بين حاملي ” مشروع ” سياسي للتغيير ، تزعمه أساسا نشطاء يساريون وقوميون في الستينات ومطلع السبعينات ثم نشطاء من الاتجاه الاسلامي منذ موفى السبعينات .

–       رموز هذه التيارات نجحت في إحداث قطيعة نسبية بين الحزب الحاكم وغالبية النشطاء في الجامعة والمؤسسات الثقافية والعلمية والحقوقية والسياسية والمجتمعية  وقد أفرز الصراع بين الطرفين نخبا من خارج المنظومة الرسمية للدولة والحزب الحاكم تحكمت  في مواقف غالبية الطلبة والاساتذة وقيادات المجتمع المدني ووسائل الاعلام .

–       أفرزت الصراعات الفكرية والسياسية بين قيادات هذه التيارات تعديلا في خطاب كثير من قياداتها ونشطائها خاصة من حيث تبني مواقف ومفاهيم كانت غريبة عن مرجعياتها الفكرية السياسية التقليدية . واصبح اغلبها يدافع عن مفاهيم مثل الدول الوطنية و التحرر الوطني والصراع مع الامبريالية والاستعمار الجديد والعدالة الاجتماعية والحريات للجميع داخل الجامعة وفي كامل البلاد .

–       الحراك الشبابي الذي تزعمه اليسار الماركسي والقومي ثم الاتجاه الاسلامي في الجامعة لم يتبن مفهوم العمل السياسي والنقابي القانوني والتعددية السياسية القانونية التي تعني التعايش مع الحزب الحاكم و النظام السياسي .

بل تكشف غالبية أدبيات حركات الشابي اليساري والقومي في الجامعة وخارجها في الستينات والسبعنيات تأثرا بمواقف حركات اليسار والقومين العرب والمقاومة الوطنية الفلسطينية واللبنانية وبينها الكفاح المسلح . وبينها من تدرب على السلاح وتخرج من جامعات في سوريا والعراق ولبنان ومصر .

–       هذا الخطاب ” الثوري ” اليساري اثر في توجهات الحراك الشابي الاسلامي اواخر السبعينات ومطلع الثمانينات ، خاصة أن المرحلة شهدت نجاح الثورة الايرانية واندلاع الثورة المسلحة الافغانية ضد الاحتلال السوفياتي . كما تطورت الحرب الاهلية في لبنان خلالها الى حروب اسرائيلية مباشرة وبالوكالة على لبنان والقيادة الفلسطينية ومقاتليها ، والى بروز قوى ثورية وطنية واسلامية لبنانية متحالفة مع القيادة الفسلطينية واخرى متحالفة مع الاحتلال الاسرئيلي وحلفائه  الدوليين .

–       برزت داخل الجامعة التونسية والاتجاه الاسلامي التونسي مبكرا حوارات فكرية شملت نقدا للمرجعيات السلفية والتجاربة الإسلامية السابقة وبينها مدرسة الاخوان المسلمين المشرقية والتيار المحافظ في الزيتونة الذي عارض التيار الاصلاحي الوطني ورموزه من الصادقيين والزيتونسين بزعامة الطاهر الحداد والطاهر والفاضل بن عاشور وعبد العزيز جعيط ..والحركة الادبية والفكرية وجمعيات الشبان المسلمين وصوت الطالب الزيتوني والتيار الوطني الاصلاحي داخل الحزب الحر الدستوري وبقية مكونات الحركة الوطنية ما بين 1920 و1956.

–       حاول الجيل المؤسس الثاني للاتجاه الاسلامي  في الجامعة وفي البلاد أن ينخرط أكثر في قضايا العصرمثل تكشفه ادبياته وووثائق المحاكمات والاستنطاقات منذ الحراك الشبابي التلمذي الطلابي الضخم لجانفي – فيفري 1981 .

وتجلى هذا الانخراط بالخصوص من خلال:

  • اولا قيادة التحركات النقابية والمطلبية في المعاهد والجامعات التونسية
  • ثانيا تنظيم تظاهرات دورية تضامنا مع حركات التحرر الوطني الفلسطينية والعربية والعالمية واحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم العالم لمعاداة الامبريالية .
  • ثالثا تنظيم تظاهرات ثقافية ضخمة وطنيا وجهوية ومحليا من بينها اسبوع الجامعة .
  • رابعا تنظيم ملتقيات وندوات فكرية سياسية ونقابية دورية محلية ووطنية . وقد ساهم ذلك المسار في انفتاح المكتبة الاسلامية التونسية مبكرا على كتاب ومفكرين تحديثيين وطنيين مثل عابد الجابري ومالك بن نبي وحسن حنفي وكتاب مجلة المسلم المعاصر ..وعلى كتاب قوميين معتدلين مثل عصمت سيف الدولة وعلى ادبيات اليسار الماركسيين الجدد من غرامشي ال جورج غارودي ( قبل اسلامه )
  • خامسا اعداد دراسات ادت الى بلورة ما سمي بالاستراتيجية ووثائق التاسيس  .
وجهات نظر 0 comments on تنويع المسارات: لماذا تتجه الجزائر إلى روسيا و الصين على حساب فرنسا ؟ .. بقلم د. فتحي بولعراس

تنويع المسارات: لماذا تتجه الجزائر إلى روسيا و الصين على حساب فرنسا ؟ .. بقلم د. فتحي بولعراس

تسعى الجزائر في مرحلة ما بعد تنحي الرئيس “عبدالعزيز بوتفليقة” لتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع روسيا والصين في ظل رغبة النخب العسكرية والسياسية الصاعدة في إنهاء نفوذ فرنسا بالدولة، والخروج من دوائر التبعية للسياسة الفرنسية التي ارتبطت بإرث الاستعمار وتغلغل الثقافة الفرانكفونية، ومن ثم أصبحت علاقات الشراكة مع موسكو وبكين مسارات بديلة تكفل للجزائر الحصول على واردات الأسلحة، وأيضًا الاستثمارات في إطار مشروع “الحزام والطريق” الصيني.

“حزب فرنسا”!

لم يسبق أن حظيت دولة في الجزائر بنفوذ مثل الذي حصلت عليه فرنسا في عهد الرئيس السابق “عبدالعزيز بوتفليقة”. حيث تمكنت من الاستحواذ على العديد من الامتيازات في مقابل تثبيت باريس لنفوذ “بوتفليقة” ودعمه في مواجهة معارضيه، حتى إن “بوتفليقة” بات يُطلَق عليه في الداخل الجزائري “الوكيل الحصري للمصالح الفرنسية”، وهو ما أدى إلى تصاعد التدخل الفرنسي في الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفرنسية، بل وصل الأمر إلى حدّ تدخل خبراء فرنسيين في وضع المقررات الدراسية.

لقد نجح الرئيس “بوتفليقة” في سحب الغطاء الفرنسي من خصومه، وبات هو الوكيل الحصري للمصالح الفرنسية في الجزائر، مقابل حصوله على دعم باريس طيلة فترة حكمه. ومنذ ذلك الحين شهد النفوذ الفرنسي في الجزائر نقلة نوعية في مختلف المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. بل وصل الأمر إلى حدّ تدخل خبراء فرنسيين في وضع مناهج التربية والمقررات الدراسية. وفي هذا الإطار، أشار تقرير صادر عن المنظمة الدولية للفرانكفونية في عام 2015، إلى أن عدد الجزائريين الذين يتحدثون الفرنسية يقدر بحوالي 11.2 مليون جزائري. وهو ما يكشف بوضوح حجم التأثير الفرنسي في المشهدين الثقافي والاجتماعي، الأمر الذي يسمح لها بالتأثير في العملية السياسية.

وتُمارس فرنسا نفوذها في الجزائر بواسطة كيان افتراضي يُعرف في الداخل الجزائري باسم “حزب فرنسا”، ويُقصد به المتعاونون مع فرنسا بشكل غير معلن في كافة مؤسسات الدولة. فعلى سبيل المثال، أشار الوزير الأول الجزائري الأسبق “عبدالحميد الإبراهيمي” في كتابه “في أصل المأساة الجزائرية.. شهادة عن حزب فرنسا الحاكم” إلى أن “فرنسا التي فشلت في مواجهة الثورة الجزائرية عسكريًّا، اهتدت إلى حلٍّ آخر وضعه شارل ديجول يقضي بالانتقال من فكرة الجزائر فرنسية إلى استعمار الجزائر عن طريق الجزائريين أنفسهم”، وعادةً ما تتعاون فرنسا مع بعض الكوادر الجزائرية الذين يحملون جنسية مزدوجة، والمتشبعين بالثقافة الفرنسية، والمنتشرين في مختلف مفاصل الدولة والمجتمع (إدارة حكومية، قطاع اقتصادي، إعلام، وأخرى شديدة الحساسية). والسمة المشتركة بين عناصر اللوبي الفرنسي هي “القابلية للاستعمار” على حد تعبير المفكر الجزائري “مالك بن نبي” رحمه الله؛ حيث يعملون على مسايرة السياسات الفرنسية في الجزائر. الأمر الذي يمنح باريس قوة تأثير في عملية صنع السياسات واتخاذ القرار في الجزائر، لا سيما في الانتخابات الرئاسية.

تحذيرات جزائرية 

منذ فقدانها السيطرة على قيادة الجيش وملحقاته الأمنية، أدركت فرنسا أن نفوذها في الجزائر إلى زوال طال الزمن أم قصر، وهو ما جعلها تتحرك في كل الاتجاهات للحفاظ على نفوذها ومصالحها الاستراتيجية في الجزائر. ويبدو أن باريس تدرك أن استمرار نفوذها في الجزائر مرهون بمدى قدرتها على توثيق العلاقة مع قيادات الجيش.

وفي هذا الإطار، يُمكن الإشارة إلى أن أطراف الصراع في الجزائر في الوقت الحالي ينحصرون في: الجيش الوطني الشعبي بقيادة الفريق “أحمد قايد صالح”، والحراك الشعبي، وفرنسا ووكلائها في الداخل؛ حيث ينقسم اللوبي الفرنسي إلى مجموعتين: الأولى تمثل الدولة العميقة بمختلف أذرعها الأمنية، والسياسية والمالية، بالإضافة إلى مختلف واجهاتها السياسية (أحزاب سياسية) والإعلامية (صحف خاصة)، إلى جانب تنظيمات المجتمع المدني. والثانية تتمثل في منظومة حكم الرئيس السابق بمختلف رموزها.

ولقد نجحت القيادة الحالية للجيش الوطني الشعبي -حسب المعلن- في إنهاء الوصاية الفرنسية على المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وما زالت عملية تطهير المؤسسات السياسية من عناصر اللوبي الفرنسي مستمرة حتى الآن، من خلال محاكمة رموز الفساد في هذا اللوبي، وتم سجن كبار المسئولين في الدولة بتهم تتعلق بالفساد وسوء استخدام المنصب وهدر المال العام.

ولم تكن هذه العملية ممكنة لولا وصول نخبة عسكرية إلى مراكز القرار في الجيش والمخابرات تعادي فرنسا وترفض وصايتها على الجزائر، وتمثل ثورة التحرير جوهر نسقها العقيدي. ولا شك أن فرنسا هي الخاسر الأكبر من التحولات التي تشهدها الجزائر، وما يزعجها في حقيقة الأمر هو إشراف القيادة العسكرية الحالية على إدارة مرحلة ما بعد “بوتفليقة”، فضلًا عن التلاحم بين الجيش والحراك الشعبي.

ويرى بعض المحللين أن بعض وكلاء فرنسا في الخارج يسعون إلى اتّباع استراتيجية “خلق الانسداد” من خلال الترويج لأطروحة الخروج عن الدستور والدعوة إلى مرحلة انتقالية، وكل ذلك بغية توريط الجيش في متاهة الفراغ الدستوري. وقد أكد رئيس أركان الجيش صحة هذه المعلومات في أحد خطاباته وقال: “تم التوصل إلى معلومات مؤكدة حول التخطيط الخبيث للوصول بالبلاد إلى حالة الانسداد، الذي تعود بوادره إلى سنة 2015، حيث تم كشف خيوط هذه المؤامرة وخلفياتها”. وأكد أن الجيش “يعمل على تطهير كافة القطاعات من الفاسدين..” و”إزالة الألغام” من مفاصل الدولة والمجتمع.

وفي خطابٍ لقائد الجيش، بتاريخ 30 مارس 2019، صرّح الفريق “أحمد قايد صالح” قائلًا: “مع استمرار المسيرات، سجلنا -للأسف- ظهور محاولات أطراف أجنبية، انطلاقًا من خلفياتها التاريخية مع بلادنا، دفع بعض الأشخاص إلى واجهة المشهد الحالي وفرضهم كممثلين عن الشعب تحسبًا لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنفيذ مخططاتهم الرامية إلى ضرب استقرار البلاد وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، من خلال رفع شعارات تعجيزية ترمي إلى الدفع بالبلاد إلى الفراغ الدستوري وهدم مؤسسات الدولة..”. كما ندد قائد الجيش بـ”التدخلات التي تحاول أن تفرضها دولة أجنبية على مسار الحل المرتقب تحقيقه في الجزائر خلال مرحلة ما بعد الحراك”. وحسب الفريق “أحمد قايد صالح” فإن هذه التدخلات تتمثل في محاولة إثارة الفوضى، وإحداث الصدام بين الجيش والحراك الشعبي، حيث صرّح قائلًا: “لقد نجحت الوحدات الأمنية، المكلفة بحفظ النظام، في إحباط عديد المحاولات الرامية إلى بث الرعب والفوضى وتعكير صفو الأجواء الهادئة والآمنة التي تطبع مسيرات المواطنين، وهو ما تأكد بتوقيف أشخاص بحوزتهم أسلحة نارية وأسلحة بيضاء وقنابل مسيلة للدموع وكمية كبيرة من المهلوسات وأجهزة اتصال”.

ويتضح من خطابات قائد الجيش أنه يشير ضمنًا إلى فرنسا، ويتهمها بالتورط في تهديد استقرار الجزائر بالاعتماد على اللوبي الفرنسي في منظومة الحكم السابقة أو في الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني.

كما تحدّث الفريق “أحمد قايد صالح” عن اجتماع سري عقده أشخاص معروفون، وأشار إلى مؤامرة تقودها أطراف خارجية ذات نوايا سيئة، تعمل على إعداد مخطط يهدف إلى تشويه صورة الجيش، والالتفاف على المطالب المشروعة للحراك الشعبي. وفي هذا الإطار، نشرت بعض وسائل الإعلام الجزائرية قائمة بأسماء الشخصيات المشاركة في الاجتماع المشبوه، ومنهم: شقيق الرئيس “سعيد بوتفليقة”، ومدير جهاز الاستخبارات السابق “محمد مدين”، ورئيس الجمهوية الأسبق “ليامين زروال”، واللواء “بشير طرطاق” مدير المخابرات السابق، بالإضافة إلى عناصر من المخابرات الفرنسية. وقد أكدت تقارير إعلامية جزائرية أخرى مشاركة أفراد من الخارجية الفرنسية في هذا الاجتماع، وهو ما نفته فرنسا.

صعود الدور الصيني-الروسي 

اتخذت السلطات الجزائرية منذ استقالة الرئيس السابق حزمة من القرارات في المجالين الاقتصادي والتجاري، ويندرج بعضها تحت الرغبة من الحد من النفوذ الجزائري في فرنسا، وتتمثل في الانضمام إلى مبادرة “الحزام والطريق”، والإعلان عن الرغبة في تنسيق السياسات مع بكين، والتحاور والتواصل بشكل منتظم حول الاستراتيجيات والمخططات والسياسات التنموية الهامة للطرفين، بالإضافة إلى مجالات ترابط المنشآت وتواصل الأعمال وتداول الأموال وتواصل الشعوب.

وتتزامن هذه الخطوة مع ارتفاع أصوات عديدة من الحراك الشعبي تطالب بإعادة النظر في العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتحرر من الهيمنة الفرنسية، وإنهاء نظام الامتيازات الممنوح لفرنسا من قبل نظام حكم “بوتفليقة”.

كما يكشف هذا القرار عن رغبة الجزائر في تنويع شركائها الاقتصاديين، والأهم من كل ذلك، حرص الجزائر على ضمان مصالحها بعيدًا عن الهيمنة الفرنسية بعد عدم إيفاء باريس بتعهداتها في الاستثمار ونقل التكنولوجيا، بالرغم من كل التنازلات التي قدمها نظام حكم “بوتفليقة”.

من جانب آخر، ترتبط الجزائر باتفاقية شراكة استراتيجية مع روسيا تم توقيعها في موسكو عام 2001، وتعد أول زبون إفريقي لروسيا في مجال السلاح. وبلغ التعاون الجزائري-الروسي مستويات غير مسبوقة في المجالات العسكرية، والاقتصادية، والتجارة، والطاقة، كما تشير بعض التقارير الصحفية إلى احتمالية قيام الجزائر بشراء منظومة “إس-400″، وبرز الدور الروسي خلال احتجاجات الجزائر بشكل واضح، إذ حرصت موسكو على التواصل بانتظام مع النظام الجزائري، وأكد وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” في مارس 2019 على رفض روسيا لأي تدخل خارجي في الشأن الجزائري.

ختامًا، يمكن القول إن هناك اتجاهًا صاعدًا في “جزائر ما بعد بوتفليقة” لتنويع الشراكات الاستراتيجية مع روسيا والصين، في ظل رغبة النخبة الصاعدة الجديدة في إنهاء نفوذ فرنسا.

 

 

المستقبل للأبحاث و الدراسات

وجهات نظر 0 comments on أثر في حكومات تونس و معارضاتها 70 عاما : الباجي قائد السبسي سياسي مخضرم و علماني مؤمن .. بقلم كمال بن يونس

أثر في حكومات تونس و معارضاتها 70 عاما : الباجي قائد السبسي سياسي مخضرم و علماني مؤمن .. بقلم كمال بن يونس

الباجي قايد السبسي أو محمد الباجي كما يحلو لبعض المقربين منه تسميته سيبقى من بين قلة من السياسيين في العالم أثروا في شؤون الحكم والمعارضة في بلدهم حوالي سبعين عاما كاملة ، قبل استقلال تونس عن فرنسا في 1956 وفي عهد الرئيسين الاول الحبيب بورقيبة ( 1956-1987) والثاني زين العابدين بن علي ( 1987-2011) ثم بعد انتفاضة يناير 2011 التي أدت إلى تغيير جوهري في النظام ووصول المعارضين السابقين ، بمن فيهم ممثلون عن الاحزاب اليسارية والاسلامية الى السلطة .

ولد محمد الباجي قائد السبسي في ضاحية سيدي بوسعيد السياحية ، 20 كلم شمالي العاصة ، غير بعيد عن المبنى الذي اتخذه الحبيب بورقيبة قصر ا لرئاسة الجمهورية قبل حوالي 60 عاما ، وشاءت الأقدار أن يعود إليه ” سي الباجي ” يوم 31 كانون الاول 2014 رئيسا منتخبا مباشرة من الشعب في أول انتخابات رئاسية تعددية شهد العالم بنزاهتها انتصر فيها على رئيس المرحلة الانتقالية (2011-2014) الحقوقي المنصف المرزوقي وفاز فيها حزبه ” نداء تونس” بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية مما سمح له بالتحكم في أغلب أوراق اللعبة في السلطتين التنفيذية والبرلمانية طوال الأعوام الخمسة الماضية ، رغم فوز حزب النهضة بالمرتبة الثانية في تلك الانتخابات .

ثقافة مخضرمة

وكان محمد الباجي قائد السبسي عام 1926 ، من عائلة عثمانية خدمت في القرن التاسع عشر في قصر ملوك تونس بباردو .

وقد مكنه انتماؤه الى عائلات الاعيان من أن تكون له ثقافة مخضرمة مثل أغلب أبناء البورجوازية الصغيرة في العامصة .

أورد قائد السبسي في تصريحاته أنه حفظ بأمر من والدته التونسية العربية ربع القرآن ومجموعة كبيرة من النصوص الادبية والشعرية العربية والفرنسية قبل الدخول الى المدرسة العصرية التي كانت تدرس في نفس الوقت بالعربية والفرنسية . وأكمل دراسته الثانوية بمعهد الصادقية بتونس العاصمة والجزء الثاني من الباكالوريا بمعهد ديجون في فرنسا سنة 1948 وما بين 1949 و1952 درس الحقوق في باريس وفيها تعرف على زعيم الحزب الدستوري والحركة الوطنية الحبيب بورقيبة وعلى عدد من الطلاب التونسيين الذين استلموا بعد الاستقلال مسؤوليات عليا في الدولة والحزب الحاكم بينهم محمد المصمودي وأحمد المستيري والهادي البكوش.

بدأ الباجي قائد السبسي مسيرته المهنية والسياسية في تونس محاميا في 1952 ، وهو ما فتح له الانخراط منذ 70 عاما في الجدل بين الزعماء السياسيين والحقوقيين بين خياري المشاركة في حكومات مؤقتة قبل الاستقلال وبعدها أو البقاء في المعارضة .

تعرف قائد السبسي المحامي عن قرب على الامين العام للحزب الدستوري والزعيم الثاني للحركة الوطنية صالح بن يوسف وبدأ مسيرته المهنية في مكتب صهره فتحي زهير . وظل مكتب الباجي قائد السبسي المحامي مفتوحا حتى دخوله قصر قرطاج .

 

مسؤوليات أمنية و سياسية

عين قائد السبسي منذ حكومة الاستقلال الاولى في النصف الثاني من الخمسينات مديرا مركزيا في وزارة الداخلية ثم عين في الستينات مديرا عاما للامن الوطني فوزيرا للداخلية ثم وزيرا للدفاع . وقد مكنته تلك المسؤوليات من أن يكون من بين المقربين الى الرئيس الحبيب بورقيبة في معاركه مع معارضيه المناصرين للامين العام المنشق صالح بن يوسف ثم مع العروبيين واليساريين .

Aucune description de photo disponible.

L’image contient peut-être : 6 personnes, personnes debout

L’image contient peut-être : 3 personnes, personnes souriantes, personnes debout

وبعد مؤتمر الحزب الحاكم عام 1971 انحاز قائد السبسي الى المعارضين الليبيراليين لسياسات بورقيبة من داخل الحزب الحاكم .

لكن بورقيبة و صقور الحزب المولين له أطردوه و بقية رموز المعارضة بزعامة وزير العدل و الداخلية السابق أحمد المستيري ، فعاد إلى مكتب المحاماة و ساهم مع المنشقين عن الحزب أواخر السبعينات في تأسيس نواة أول للمعارضة الليبيرالية و منظمات حقوقية غير حكومية .

 

لكن بورقيبة أعاد قائد السبسي الى الحكومة و عينه وزيرا للخارجية في عهد رئيس الحكومة الليبيرالي محمد مزالي ما بين 1981 و 1986.

Résultat de recherche d'images pour "‫الباجي قائد السبسي وزيرا للخارجية‬‎"

وبعد مهمات على رأس سفارات تونس في الخارج عاد قائد السبسي الى قيادة الحزب الحاكم في عهد الرئيس زين العابدين بن علي وعين رئيسا للبرلمان عامي 1991 و1992.

إلا أن بن علي سرعان ما أبعده مثلما أبعد غالبية رموز الدولة في عهد سلفه الحبيب بورقيبة فعاد سي الباجي قائد الى مكتب المحاماة مع شقيقه صلاح الدين قائد السبسي، لكنه احتفظ حتى 2003 بصفة عضو في اللجنة المركزية ، أي القيادة الموسعة ، للحزب الحاكم التجمع الدستوري الديمقراطي .

 

من التقاعد إلى رئاسة البلاد

ظل الباجي قائد السبسي يسير مكتب المحاماة عن بعد بواسطة شقيقه وبعض شركائهما ويقضي وقتا طويلا بين صالونات السياسيين ورجال الأعمال بمن فيهم عدد من المعارضين والمغضوب عليهم من قبل الرئيس زين العابدين بن علي .

L’image contient peut-être : 1 personne, assis

وكان قائد السبسي يلتقي يوميا تقريبا أصدقاءه رجال الاعمال والسياسيين السابقين بينهم الأشقاء كمال وصلاح الدين ورؤوف لطيف . و كانوا مقاولين ومستثمرين في قطاع العقارات ومن أكثر المقربين من قصر الرئاسة بقرطاج ما بين 1987 و1992 ، لكن بن علي أبعدهم بعد طلاقه من زوجته الأولى نعيمة الكافي واعلان زواجه من ليلى الطرابلسي ومعارضتهم لتلك الخطوة.

وقد تعرض قائد السبسي الى مضايقات في عهد بن علي بسبب بعض تلك الصداقات لكنه حافظ عليها ، خاصة أن مكتب المقاول والمستشار السياسي غير الرسمي السابق لبن علي ورجالات الدولة كمال اللطيف كان مجاورا لبيته في ضاحية سكرة ، 10 كلم غربي العاصمة تونس .

وبعد سقوط بن علي في يناير 2011 رد كمال الطيف واشقاؤه والمقربون منه الجميل لقائد السبسي وشكلوا مجموعة ضغط دعمت ترشيحه لرئاسة الحكومة الانتقالية عام 2011 ، ثم دعموا مشروعه الحزبي والسياسي الذي أوصله إلى الحكم في موفى 2014.

Résultat de recherche d'images pour "‫ الباجي قائد السبسي‬‎"

 

بعد مؤتمر باريس 2013

ويختلف التونسيون في تقييم حصيلة الاعوام الخمسة لأداء الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج وخارجه .

لكن غالبية المراقبين من داخل منظومة الحكم والمعارضة ومن بين الديبلوماسيين المعتمدين في تونس يسجلون أن من بين نقاط قوة قائد السبسي نجاحه في التوفيق بين مواقفه الحداثية والعلمانية المعادية للتيارات الدينية والسياسية المتطرفة وسياسة ” التوافق ” و” الوحدة الوطنية ” بما في ذلك مع من وصفهم منذ 2011 بالاسلاميين الذين تصالحوا مع قيم الديمقراطية والحداثة في اشارة الى التيار السائد في حركة النهضة .

وقد نظم قائد السبسي ومقربون منه اجتماعا في صائفة 2013 مع زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي وبعض رفاقه اسفر عن موافقة الغنوشي على مغادرة السلطة وتنظيم انتخابات جديدة تدعم خلالها حركته قائد السبسي في الرئاسيات مقابل مشاركة رمزية في الحكومة وحضورها في البرلمان .

مكن هذا الخيار التوافقي تونس من تجنب سيناريوهات القطيعة والصدام والحروب الاهلية التي وقعت في اغلب دول ” الثورات العربية ” .

لكن التقييمات اليوم لحصيلة هذه السياسة التوافقية متباينة داخل حزب قائد السبسي نفسه الذي تمزق لاسباب عديدة من بينها انتقادات بعض القياديين فيه لتحالفات زعيمهم مع من يسمونهم بقيادات “الإسلام السياسي .”

في كل الحالات سوف يبقى قائد السبسي السياسي والزعيم الذي اثر في اطول فترة في تاريخ تونس ، أي 70 عاما كاملة .

وجهات نظر

أميركا – تركيا.. إس 400 قمة جبل الجليد

الخلاف الأميركي التركي الذي فجّره شراء أنقرة منظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400 ليس أكثر من قمة جبل جليد الخلافات العميقة ومتعدّدة المستويات والأبعاد التي عرفتها علاقات البلدين، فالخلافات هذه سياسية في الجوهر؛ أساسها سعي تركي إلى لعب دور إقليمي ودولي مؤثر على طريق التحرّر من التبعية للغرب، ولأميركا خصوصا. وهذا أثار رد فعل غربي وأميركي سلبي من تحرّك تركيا المنفرد في أكثر من ملف؛ إذ برزت التباينات والخلافات في سورية والعراق وإيران واليونان والملف الكردي في تركيا وسورية والعراق. وعبّرت الولايات المتحدة عن تبرّمها من السياسة التركية بسحب بطاريات صواريخ باتريوت التي كانت نشرتها على الحدود السورية التركية لحماية تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، من تداعيات الصراع في سورية، في شهر أغسطس/ آب 2015؛ ومنعتها من شراء منظومة دفاع صاروخي من الصين؛ في وقتٍ راوغت فيه بشأن الطلب التركي شراء منظومة صواريخ باتريوت، وموقفها الملتبس من المحاولة الانقلابية الفاشلة. اشتكى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من أن الغرب لم يساعده تلك الليلة، كما أن حلفاءه المقرّبين، ومسؤولين حكوميين، ووسائل إعلامية موالية له، رأت أن المحاولة الانقلابية تحمل بصمات أميركا أو حلف الناتو.
كان التوجس التركي على أمن البلاد القومي قد تعمّق على خلفية موقف “الناتو” السلبي من التوتر التركي الروسي الذي أعقب إسقاط المقاتلات التركية إف 16 للمقاتلة الروسية سوخوي 24 يوم 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وبروز الحاجة إلى منظومة دفاع صاروخي لمواجهة الطائرات المعادية في ضوء الدور المدمر الذي لعبته طائرات إف 16 في محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/ تموز 2016، حيث قصفت هذه الطائرات مباني الإذاعة والتلفزيون والبرلمان والمخابرات التركية وقيادة الأركان والقصر الجمهوري؛ وحاولت إسقاط الطائرة التي استقلها أردوغان من مدينة مرمريس في ولاية موغلا، غربي البلاد، حيث كان يقضي إجازته، من دون توفر وسائط دفاع صاروخي لردّها. وهذا ولّد قناعة تركية مفادها أن عضويتها في “الناتو” لم تعد توفر لها الضمانات الكافية لحماية أمنها؛ ما يستدعي السعي إلى توسيع هامش خياراتها لامتلاك قدراتٍ عسكريةٍ تتيح لها حماية حدودها ضد أي تهديداتٍ نوعيةٍ قد تواجهها في المستقبل.
غير أن شراء تركيا منظومة إس 400 ينطوي على طيفٍ واسعٍ من التداعيات السياسية
“الخلافات بين أنقرة وواشنطن سياسية في الجوهر؛ أساسها سعي تركي إلى لعب دور إقليمي ودولي مؤثر” والمشكلات العسكرية، في ضوء تعارض تبني سياسات خارجية بعيدًا عن سياسات “الناتو” والالتزامات التي تفرضها عليها عضويتها فيه، وخصوصا أن الأخير يضع روسيا في خانة الدول المعادية، من جهة، وأن أميركا قد وضعت قانونا لمعاقبة روسيا والدول التي تشتري أسلحةً منها، قانون مكافحة خصوم أميركا (كاتسا اختصارا)، من جهة ثانية، فالنظرة الغربية، الأميركية خصوصا، إلى الصفقة تختلف عن النظرة التركية، فقد اعتبرتها تجسيدا لاصطفافٍ جيوسياسي تركي جديد، في حين لا تريد تركيا اعتبارها مؤشّرا على رغبةٍ في توطيد علاقاتها مع روسيا، على حساب روابطها التاريخية والمؤسسية مع الغرب و”الناتو”، وخصوصا أن وقوعها في محيطٍ إقليميٍّ مأزوم، يفرض عليها امتلاك قدرات عسكرية كافية لحماية أمنها ومصالحها. وهذا عكس التصورات التي يتبناها حلفاؤها، وتقوم على أن قدراتها الحالية تتيح لها القيام بذلك. “فنشر عناصر روسية في القوات الجوية وشبكة الدفاع الجوي في تركيا، سيفقد الناتو ثقته في قدرة تركيا على أن تكون طرفاً يُعتدّ به، في حال اندلاع أزمة عسكرية. وسيشكّل هذا الأمر إنجازاً كبيراً لروسيا، بيد أنه سيُحْدث تغييراتٍ عميقةً في سياسة الدفاع الجوي للحلف. الخلاصة بسيطة: فمع وجود منظومة إس 400 في قلب الدفاع الجوي التركي، سيمسي كامل مخزون الناتو من طائرات إف 16 وإف 35 في دائرة الخطر، لأن روسيا ستتمكّن على الأرجح من (قراءة) أداء هذه الطائرات، عبر نظام روسي. وهذا أمر يرفضه الناتو، وأميركا أيضا، لأنه ما من طريقة لـ(عزل) الطائرات العسكرية التركية عن رادارات منظومة إس 400″، وفق مارك بيريني في مقالته “هل دقّ جرس خروج تركيا من الناتو؟”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط: 29/3/2019.
أثار شراء تركيا منظومة الدفاع الروسية أسئلة محرجة لأميركا بشأن إمكانية استمرار نشر أصول أميركية مهمة في قواعد إنجرليك وقونية ومَلَطْية. الأولى تضم عشرات الرؤوس الحربية النووية الجاهزة، في وقت تنشر فيه أصول روسية في قواعد أخرى؟ فثقة الغرب بتركيا تزعزعت أساسًا، ليس فقط بسبب شراء منظومة الصواريخ الروسية، وإنما أيضا بسبب مواضيع مهمة أخرى، تشمل الخلافات بشأن التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية ونقل الغاز الروسي عبر تركيا والتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، وتدخل روسيا سياسيًا في السياسة المحلية لدول أوروبية، إلى جانب الخلافات بشأن الخيارات الاجتماعية في تركيا التي لا تتواءم مع معايير الاتحاد الأوروبي ودول الغرب، وتخوف “الناتو” من خسارة تركيا، وقد قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، في تصريحات خلال مشاركته في مؤتمر الأمن السنوي الذي ينظمه معهد آسبن في ولاية كولورادو الأميركية: “إن تعاون الناتو مع تركيا أعمق بكثير من مسألة صفقة مقاتلات إف 35″، مشدّداً على أن “تركيا كانت جزءاً من نظام الدفاع الجوي المتكامل لحلف الناتو، وستبقى كذلك”.
هذا على الصعيد السياسي، أما على الصعيد العسكري، فإن المنظومة الروسية لا تلبي
“أثار شراء تركيا منظومة الدفاع الروسية أسئلة محرجة لأميركا بشأن إمكانية استمرار نشر أصول أميركية مهمة في قواعد إنجرليك وقونية ومَلَطْية” احتياجات تركيا للحماية من الصواريخ البالستية، ذلك أن المنظومة مخصصة للتصدي للطائرات أساسا، وأنها ستبقى بحاجةٍ إلى منظومة إضافية لتغطية هذا الجانب. منظومة الدفاع الأميركية باتريوت تغطي هذا الجانب، وهي، على الرغم من الدعاية الكثيفة والصخب الإعلامي الروسي لترويج منظومة إس 400، أكثر تطورا ومردودية، وفق خبراء الأسلحة، ناهيك عن انعكاس عدم دمجها في نظام رادار الدفاع الجوي لـ”الناتو” على فعاليته وقدراته بالنسبة لتركيا، وهذه ستكون محدودة للغاية، وفق خبير الصناعات العسكرية التركي، أردا مولود أوغلو. ولهذا، على تركيا ألا تتخلى عن سعيها إلى شراء أنظمة بديلة، مثل منظومة الدفاع الصاروخي الأميركي باتريوت، وفق خبير الطيران العسكري هاكان كيليتش، لكنها (المنظومة) ستفيد في التخفيف من الاعتماد على طائرات الدورية من مقاتلات إف 16 لحماية الأراضي التركية من هجمات مباغتة، وهي (الدوريات) عملية مكلفة في ضوء مساحة الدولة الشاسعة، وحدودها الطويلة، وعدد الدول التي تحدّها، والتوترات التي تعيشها مع عدد منها على خلفيات تاريخية وحديثة، بالإضافة إلى الصراعات الساخنة التي تعرفها بعض هذه الدول، وتداعياتها المحتملة على الأمن القومي التركي، وتوفيرها (المنظومة) تكاليف تحليق هذه المقاتلات، من جهة، ومساهمتها، من جهة ثانية، في إطالة عمر هذه المقاتلات، على اعتبار أنّ تلك لن تضطر إلى التحليق أوقاتا طويلة، من أجل حماية المجال الجوي.
لقد أطلق شراء تركيا منظومة إس 400 حملة ضغوط متبادلة أميركية ــ تركية، عبر إطلاق مواقف سياسية وإجراءات ميدانية، من وقف تسليم طائرات إف 35 لتركيا إلى وقف مشاركتها في إنتاج أجزاء من الطائرة، مرورا بالدفع بتعزيزات عسكرية إلى القواعد الأميركية في منطقة تل أبيض، وإشراك السعودية والإمارات، غريمتي تركيا، في إدارة منطقة شرق الفرات،
“أميركا تريد صياغة ميزان القوى الإقليمي في ضوء توجهها إلى إعطاء أفضلية استراتيجية لإسرائيل” والتلويح بفرض قيود على الاستثمارات في السندات الأميركية، وتقييد وصول الشركات التركية إلى القطاع المالي الأميركي، بالإضافة إلى استهداف القطاعات العسكرية التركية، والشركات العاملة داخله. وبالتالي، سيكون من المستحيل لتلك الشركات شراء مكونات أميركية للمعدّات التي تنتجها في تركيا، من الجانب الأميركي، وحشد قوات تركية خاصة على الحدود، بمواجهة بلدتي تل أبيض وتل رفعت، وقصف مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية في تل رفعت وجوارها، وتحريك ملف اللاجئين، استفزاز اللاجئين عبر ترحيلهم إلى سورية، عفرين خصوصا، لدفعهم إلى التحرك نحو أوروبا، للضغط على أميركا والاتحاد الأوروبي، والتلويح بشراء طائرات روسية من طراز سوخوي 57، من الجانب التركي، في محاولةٍ لتسجيل نقاط في صراع الإرادات، في إطار سعي كل طرف إلى إجبار الطرف الآخر على الرضوخ لإرادته، والقبول بتصوراته وخياراته السياسية والعسكرية، علما أن أميركا تريد صياغة ميزان القوى الإقليمي في ضوء توجهها إلى إعطاء أفضلية استراتيجية لإسرائيل، للتخفف من التزاماتها المالية والدفاعية إزاءها، وفق محللين، ما يستدعي تقويض قدرات دول منافسة، مثل إيران وتركيا. في المقابل، تريد تركيا التحرّر من الهيمنة الغربية بعامة، والأميركية بخاصة، لكن مشكلتها اتفاق أميركا وأوروبا على تقييد حركتها، وعدم وجود ظهير دولي يوافق على توجهاتها وخياراتها السياسية والثقافية، وكعب أخيلها؛ هشاشة اقتصادها في مواجهة عقوباتٍ غربية مباشرة.

وجهات نظر 0 comments on الأحزاب و الائتلافات بين محطتي 2014 و 2019 … نداء تونس بين التذرر و تقلص الحجم الانتخابي و النهاية الموضوعية .. بقلم علي اللافي

الأحزاب و الائتلافات بين محطتي 2014 و 2019 … نداء تونس بين التذرر و تقلص الحجم الانتخابي و النهاية الموضوعية .. بقلم علي اللافي

رغم أن نداء تونس عند تأسيسه في جوان 2012 كان عمليا استجابة لتفاعلات تطور المشهد السياسي بعد انتخابات أكتوبر 2011 ونتاج لقراءة بعض روافد نخبوية منها النقابي واليساري والدستوري والتجمعي لذلك المشهد ورغبة البقاء والاستفادة لبعض أركان الإدارة التونسية المتنفذة ورؤية بعض رجال أعمال ومديري شركاتهم ومصالحهم، إضافة لتجاوب مع رؤية قوى إقليمية ودولية وطبيعة إستراتيجيتها في التفاعل مع ترتبات الربيع العربي وثوراته التي أرادت دول خليجية وشرق أوسطية حرقها وغلق أقواسها، فان الحزب استطاع النجاح تكتيكيا ومرحليا ولكنه فشل فشلا ذريعا في القدرة على التمدد في المشهد السياسي كما أربكته الصراعات والتناحرات والتجاذبات في اتجاه أطراف المحاور الإقليمية، فكيف تذرر الحزب وأصبح في حالة سيلان تنظيمي وسياسي، وكيف تقلص حضوره السياسي، وما هي آفاقه المستقبلية في أفق الاستحقاقات الانتخابية بنسختيها التشريعية والرئاسية؟

أول أخطاء قيادات ومؤسسي نداء تونس والواقفين وراءه هو أنهم اعتمدوا عقلية التجميع بدون أن تحرص قياداته المباشرة على توفير الشروط الموضوعية لمفهوم الحزب السياسي، ذلك أن روافده الفكرية والسياسية والنقابية لم تكن قادرة على التخلص من مقولاتها الإيديولوجية التي كانت تتصارع حولها ومع منافسيها من ليبراليين وقوميين وإسلاميين وتيارات ماركسية مناوئة لها، في رؤيتها وطرحها الفلسفي والاجتماعي، وبالتالي كان طبيعيا أن تتفجر الصراعات والتناحرات بل وأن تسود لغة الهروات منذ الأشهر الأولى (الصراع على المناصب والتسميات في مارس 2015 والتلاسن ولغة العصي والعنف في أكتوبر من نفس السنة على غرار حادثة الحمامات المعروفة…)

لم تستطع محاذير الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي في التوفيق بين مكونات الحزب وخطوطه ورغم أنه نبه البعض في لقاءات منذ منتصف 2013 أن الحزب هو “فترينة وان التجمع هو الماكينة”، إلا أن مرزوق ويساريي النداء أرادوا الاستحواذ على المقاعد والمناصب في القصر والحكومة وفي هياكل الحزب المركزية وفي تنسيقياته الجهوية…

رغم أن الباجي وضع قاعدة أساسية واحترازية من البداية وهي “أن من يكون نائبا في كتلة الحزب لا يسمى لا في الحكومة ولا في القصر الرئاسي ولا أي من المسوؤليات الكبرى”، إلا أن البعض سرعان ما خالف تلك القاعدة وأربك هياكل الحزب التي تعددت وتناحرت وأصبحت مجرد مُسميات، بل وضاع الحزب وقراراته بين اجتماعات الهياكل المُختلف على أجنداتها وتوقيتها وموقعها في التجسيد العملي لإطارها التنظيمي والتوجيهي لأعضاء الحزب وأتباعه في الجهات بحيث أصبح البعد الغنائمي مُسيطرا على الأذهان وعلى العقليات …

غاب الحزب كمؤسسة عن التأطير ولعب أي دور فعلي ومفصلي وأصبحت المواقع في الحكومة والقصر رهانا أساسيا وأوليا وهنا تدخل “المتنفذون” وحكام الظل بشكل رئيسي وخاصة في تشكيل المحاور وفي تقديم هذا وتأخير ذلك، وأصبح الحزب بين رجال “شفيق” وبين رجال “لطيف”، وأصبح إرباك الحكومة خبزا يوميا حتى أن مجموعة مرزوق طالبت بإسقاطها منذ صائفة 2015 في اجتماع بمدينة المنستير…

زاد انشقاق أكتوبر 2015 الأمر سوء وتعدد الغاضبون وعوض تبيان القُدرة على تشكيل أربع حكومات مثلما تم الترويج له أثناء الحملة الانتخابية في صائفة 2014، أصبحت الحكومة وفي ركنها الندائي مُهتزة حتى تم تهديد رئيس الحكومة الحبيب الصيد بالخروج من رئاستها أو “تمرميده”، ورغم أن الصيد اعتمد على النهضة وعلى الإدارة في حكومتيه لاستقرار عملها في حده الأدنى، فان الشاهد الذي سُمي بناء على تٍرأسه لجنة 13 التي حاولت إصلاح أوضاع الحزب، وجد نفسه تحت الضغوط المتعددة فاستبطن استرجاع الصلاحيات ووضع النداء وأوامره على الرف…

بحلول الذكرى الخامسة لتأسيس الحزب أي في 16 جوان 2017 وجد مؤسسو النداء أنفسهم في خمس أحزاب بالتمام والكمال (نداء تونس – المستقبل – المشروع – بني وطني – تونس أولا)، ولم يتوقف نزيف الاستقالات والانشقاقات والصراعات وإرباك الكتلة والحكومة وأنشطة القصر السياسية واليومية…

مع بداية ماي 2018 تحول الصراع إلى رأس هرمي السلطة التنفيذية بمفعول وأسباب مرتبطة بنداء تونس والذي تسارعت خيباته ومؤتمراته واجتماعاته “الهتشكوكية” نحو مزيد من التذرر وتأسيس مُسميات أخرى على غرار “شق الحمامات” و”شق المنستير” بعد أن تم تأسيس “تحيا تونس” حول رئيس الحكومة وبرئاسته في مرحلة متقدمة، فانه لا يمكن تغييب أن القصر الرئاسي قد أدار ديوانه ثلاث مديرين رئيسيين ندائيين غادروه نحو أحزاب ثلاث مؤسسة على المقاس وللغاية وهي”تونس أولا”(رضا بلحاج) و”تحيا تونس”(سليم العزابي) و”أمل تونس”(سلمى اللومي)، كما أن داعمي الحزب الإعلاميين ورجال الأعمال المحوريين قد تحولوا إلى أحزاب بديلة على غرار “قلب تونس” لنبيل القروي أو “البديل التونسي”( فوزي اللومي) أو “أمل تونس” ( سلمى اللومي الرقيق)…

إن تسارع الأحداث وحضور الأجندات الانتخابية وتعدد المنافسين على القاعدة الانتخابية للحزب، تجعل مستقبله مهتزا وقد تنحصر كتلته النيابية القادمة على افتراض بقاءه قائما في الساحة السياسية، وسيظل ذلك مرتبطا بمدى قدرته على توظيف جزء من لوجستيك متوفر له سياسيا وإداريا واعتباريا، والثابت الأساسي أن حجم نداء تونس وبقائه لم يعد بيده بل بيد الآخرين من حيث رؤيتهم لدوره ومستقبله أو في التحالف معه واعتباره طرفا، وطبعا الحديث هنا مداره “نداء المنستير” والذي ربح أخيرا ومؤقتا معركة “الباتيندة” (Patente) والتي انتصر فيها مؤقتا المدير التنفيذي السابق ونجل الرئيس…

عمليا ستكون مهمة الأمين العام الحالي والمنتدب “علي الحفصي” صعبة وشاقة وتتطلب المراوغة والمناورة وانتظار هجومات خصوم الحزب ومناوئيه، وذلك أمر يعيه الحفصي ويستوعبه جيدا خاصة وانه رياضي في السابق ولم يكن يوما وجها سياسيا إلا بمنطق الانخراط في الحزب الحاكم المنحل في عهدي الاستبداد…

لا يملك حزب نداء تونس بديلا موضوعيا للسبسي الأب كمرشح للرئاسية، باعتبار أن ترشحه أمر جد مستبعد بسبب وضعه الصحي واستيعابه كخبير لطبيعة المرحلة وقراءاته للتجارب الماضية وترتبات ما حدث في المنطقة وخاصة في الجزائر، ولذلك سينتظر أعضاء الحزب ترشيح الرئيس لشخصية اعتبارية باسم الحزب أو من خارجه أي كمرشح مستقل، ولكن هذا الخيار أيضا سيبقى ضعيفا نتاج أن الأمر مقتصر موضوعيا على شخص غير راغب ولا متحمس أن يكون رئيسا مثلما لم يكن متحمسا أن يكون حتى وزيرا حاليا في حكومة الشاهد…

وجهات نظر 0 comments on إيران تذلّ ترامب و تهين بريطانيا .. بقلم بولبابه سالم

إيران تذلّ ترامب و تهين بريطانيا .. بقلم بولبابه سالم

صور انزال القوات الخاصة للحرس الثوري الإيراني فوق ناقلة النفط البريطانية قرب مضيق هرمز و اقتياد طاقمها نحو المياه الاقليمية الإيرانية ارعب الانقليز و جلب لهم المذلة بعد ايام من احتجازهم ناقلة نفط ايرانية في مضيق جبل طارق ،، و قال أحد المحللين البريطانيين لصحيفة the Observer ان ذلك العمل كان بسبب رعونة وزير الخارجية المنحاز لسياسات ترامب ، و بريطانيا اليوم غير مؤهلة للانخراط في الصراعات الدولية نظرا لاوضاعها الداخلية الصعبة مع قرب الانتخابات .

قبل ايام اسقطت الدفاعات الجوية الايرانية طائرة تجسس امريكية دون طيار وهي الاغلى في سلاح الجو الأمريكي ،، و مما زاد في ارباك الامريكان و ترامب ان منظومة الدفاع الجوي التي استعملتها إيران محلية الصنع و متطورة جدا حيث لم تستعمل مثلا منظومة اس 300 الروسية التي تملكها وهو ما يؤكد تطور الصناعات العسكرية الإيرانية .

عجز ترامب عن الرد خوفا من التورط في حرب شاملة ليعلن قبل يومين عن اسقاط طائرة ايرانية مسيرة ،، نفت ايران الخبر ثم بث الحرس الثوري صورا دقيقة لمدمّرة امريكية التقطتها تلك الطائرة المسيرة مما جعل بعض مسؤولي الكنغرس يهاجمون الرئيس و يدعونه الى التوقف عن التصريحات غير المسؤولة .

تريد ايران ان تقول للقور الكبرى و العالم انها شرطي الخليج و قوته الضاربة و ان كل شيء تحت مراقبتها ،، وهو امر كثف محاولات الاوروبيين للتهدئة و انقاذ الاتفاق النووي لانهم لا يثقون بترامب الذي مارس عليهم عقوبات تجارية قبل عام .

ترامب يهدد و يزمجر و يرسل البوارج الحربية لكنه لا يحارب ،، وهي السياسة نفسها التي اتبعها مع كوريا الشمالية قبل ان يصبح صديقا لكيم جونغ و يزور الخط الفاصل بين الكوريتين . التهديد جزء من المفاوضات السياسية و الايرانيون بارعون في السياسة بل الفرس هم الذين علموا العالم السياسة .وهاهم يواجهون التهديد بالتحدي و الاستعداد للحرب ،، و اوراق ايران كثيرة فلها حلفاء في المنطقة و قد توسع نطاق الحرب وهو ما عبّر عنه زعيم حزب الله حسن نصر الله و الذي هدد بتدمير اسرائيل ، كما لهم الحوثيون في اليمن و لهم قوات في سوريا و الحشد الشعبي في العراق .. ايران تتحدى و السعودية التي تنفق الاف المليارات على التسلح تستدعي القوات الامريكية لحمايتها من جماعة الحوثي .

لكن ، من اين لإيران كل هذه القوة ؟

ايران دولة ذات سيادة و ديمقراطية لها حكومة وطنية و تستثمر ثرواتها لتطوير البلد ،، ايران تمتلك التقنية النووية الدقيقة و توظفها في المجال الطبي كما تكثف تجاربها لإنتاج لقاحات ضد الأمراض المستعصية ،، ايران تصنع السيارات (كل السيارات الادارية محلية الصنع) و تصنع السفن و الطائرات و الغواصات و امتلكت كل مكونات تكنولوجيا الصواريخ و استثمرت ادمغتها و الكفاءات التي جلبتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بناء منظومة دفاع جوي متطورة نظرا لتفوق أعدائها في هذا المجال و استخلصت العبر من الحروب التي دارت في الشرق الاوسط .
تعلم ايران ان العالم لا يفهم سوى لغة القوة و لا يحترم سوى الأقوياء لذلك تتحدى الولايات المتحدة و بريطانيا ،، و الدولة القوية يكون لها امتداد في محيطها للتأثير و الاستثمار ،،
انتقدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ذات مرة ايران في الامم المتحدة بسبب تدخلها في العراق ، رد عليها وزير الخارجية كمال خرازي : “لم أر في حياتي أكثر وقاحة من الامريكان ، يأتون من آلاف الكيلومترات لاحتلال العراق و يلوموننا على التدخل في هذا البلد وهو جار لنا “لم.
ليت العرب يتعلمون من إيران .

كاتب و محلل سياسي

البارزة, وجهات نظر 0 comments on امتناع رئيس الجمهورية عن ختم القانون الانتخابي : رفض لمنطق الإقصاء أم وجود لخلافات في الكواليس ؟

امتناع رئيس الجمهورية عن ختم القانون الانتخابي : رفض لمنطق الإقصاء أم وجود لخلافات في الكواليس ؟

 

منية العيادي

 

أثارت مسالة عدم ختم رئيس الجمهورية للقانون الأساسي المتعلق بإتمام و تنقيح قانون الإنتخابات و الإستفتاء جدلا سياسيا و قانونيا كبيرا حيث تضاربت أراء المختصين في القانون و المُحللين السياسيين بخصوص الخطوات الواجب اتباعها فيما بعد .

و يذكر أن رئيس الجمهورية تجاوز الآجال القانونية لختم القانون الانتخابي الذي انتهى يوم أمس و أشارت أشارت عديد المصادر إلى أن رئيس الجمهورية رفض الامضاء على القانون الانتخابي بعد التعديلات و أعاده إلى رئاسة الحكومة الذي بدوره أرسل القانون غير ممضى إلى المطبعة الرسمية التي رفضت نشره لأنه غير ممضى و هو ما فتح باب الجدل بين السياسيين و الأحزاب السياسية .

 

حافظ قائد السبسي: ما كان يجب أن يطرح هذا القانون شهرا قبل الانتخابات التشريعية و الرئاسية و الباجي لا يقوم بشيء ضدّ مبادئه ”

قال حافظ قائد السبسي رئيس اللجنة المركزية لنداء تونس مساء أمس إن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي امتنع عن ختم القانون الانتخابي قبل انقضاء الاجال القانونية عند منتصف الليلة مشيرا إلى أنه سيخرج إلى الرأي العام لتوضيح الأسباب معتبرا أن منطلقات رفض الإمضاء تعود إلى رفض الاقصاء.

و أضاف حافظ قائد السبسي خلال برنامج تلفزي : ” لا أحد يمكنه وضع نفسه في مكان رئيس الجمهورية خاصة أن القانون له خلفيات كبيرة على مستقبل تونس و ما كان يجب أن يطرح هذا القانون شهرا قبل الانتخابات التشريعية و الرئاسية”.

و تابع : ” اعتقد أن الرئيس اتخذ قرارا هاما و قد أصبح في ظل غياب المحكمة الدستورية اعلى سلطة و من مشمولاته حماية الدستور و حماية العملية الانتخابية “ مضيفا أنه “ان الرجل لا يقوم بشيء ضدّ مبادئه ” .

و أشار إلى وجود “خط أحمر لا يمكن تجاوزه مع الباجي قائد السبسي” متابعا “هذه السلطة منحها الدستور لرئيس الجمهورية ولا يمكنه أن يمارسها إلا بمفرده” مضيفا “لا أحد يمكنه الضغط على الباجي لا إبنه و لا إبن عمه و لا إبن خاله و لا حتى زوجته ولا اي إنسان”.

و ختم قائلا “مهما كان قرار رئيس الجمهورية بالختم على القانون الإنتخابي أم لا فهو لصالح الشعب التونسي و وحدته و لنجاح العملية الديمقراطية”.

 

بن تيشة : رئيس الجمهورية لم يختم القانون لأنه “يرفض منطق الإقصاء و سيتوجه بكلمة للشعب التونسي خلال الأيام القليلة القادمة

المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن نتيشة، شدد على أن الرئيس لم يختم القانون لأنه “يرفض منطق الإقصاء ويرفض أن يمضي تعديلات قدت على المقاس لجهات معينة”، مؤكدا أن الرئيس هو الحامي لدستور جانفي 2014 والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
و أضاف بن نتيشة إن قائد السبسي سيتوجه بخطاب للشعب التونسي خلال الأيام القليلة القادمة و سيوضح كل النقاط الخاصة بموضوع ختم تعديلات قانون الانتخابات و الاستفتاء و مواضيع أخرى، مضيفا أن رئيس الجمهورية في صحة جيدة و كان قد توجه يوم 5 جويلية الحالي بكلمة للشعب ابان امضائه على دعوة التناخبين ، و هو ما يؤكد ممارسته لأنشطته التي خولها له الدستور بصفة عادية.

 

النهضة تعبر عن انشغالها لعدم ختم القانون الانتخابي

من جهتها ‏‎عبرت حركة النهضة في بيانها الصادر اليوم السبت 20 جويلية 2019 عن انشغالها بعدم ختم التعديلات المنقحة للقانون الأساسي المتعلق بقانون الانتخابات و الاستفتاء داعية الكتل البرلمانية و الأحزاب إلى المسارعة بالاجتماع و التشاور من اجل معالجة تداعيات هذه الوضعية، و اقتراح الترتيبات المناسبة للخروج منها.

‏‎ و دعت مختلف هياكل الحركة ومناضليها إلى حسن الاستعداد للانطلاق في تقديم قائمات الحزب بمختلف الدوائر الانتخابيّة إلى الهيئات الانتخابية الفرعية في الآجال القانونية مشددة على العمل على تجاوز كل تداعيات تشكيل القائمات والتركيز على إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الوطني الهام، وإفشال كل الحملات الدعائية المغرضة التي تستهدف وحدة الحركة ومكانتها الوطنية والتجربة الديمقراطية برمتها.

 

 

غازي الشواشي : عندما يتعمد رئيس الدولة خرق دستور البلاد الذي أقسم على إحترامه تصبح الاستقالة عليه واجبة

قال النائب بالبرلمان و الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي إن ختم القانون في آجاله الدستورية (فصل 81) واجب محمول على رئيس الدولة لا اجتهاد فيه خاصة بعد التخلي عن استعمال صلاحية الرد الى البرلمان أو عرض القانون على الاستفتاء

و اعتبر الشواشي أن رئيس الجمهورية بعدم إمضائه على القانون الانتخابي تعمد خرق دستور البلاد الذي أقسم على إحترامه و بالتالي تصبح الاستقالة عليه واجبة.

 

عصام الشابي: امتناع الرئيس عن ختم قانون الانتخابات سيضع البلاد في مواجهة غير مسبوقة

الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي كان قد أبدى تخوفه من أن لا يقوم رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بواجبه الدستوري، و أن يمتنع عن ختم وتوجيه قانون تعديل المجلة الانتخابية للنشر بالرائد الرسمي بعد أن أحجم عن ممارسة حقه في إعادة مشروع القانون لقراءة ثانية أو عرضه على الاستفتاء الشعبي بعدما رفضت هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين الطعن في دستورية تلك التعديلات .

و اعتبر الشابي في تدوينة نشرها على حسابه على الفيسبوكأن امتناع الرئيس عن ختم قانون الانتخابات “سيضع بذلك البلاد في مواجهة حازمة غير مسبوقة بتعطيله عمل دواليب و مؤسسات الدولة عشية فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الباب أمام تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة” .

و أضاف الشابي : “في الأزمة الفارطة دعونا الله أن يحمي رئيس الجمهورية من كل مكروه، واليوم ندعو رئيس الجمهورية الى تحمل مسؤولياته وعدم فتح الباب أمام المغامرات التي تستهدف الصرح الديمقراطي الذي يأمل التونسيون في استكمال بنائه، أرجو أن لا يرتكب الرئيس خطأ جسيما.”

https://www.facebook.com/issam.chabbi/posts/10217404647101054

 

هيئة الانتخابات و الحل البديل : ”تطبيق القانون الإنتخابي الحالي

أفاد عضو الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، أنيس الجربوعي، بأنّ الهيئة وجّهت تعليماتها إلى جميع هيئاتها الفرعية، تدعوها فيها إلى تطبيق القانون الحالي المتعلّق بالإنتخابات و الإستفتاء المُنقّح سنة 2017 و ذلك بعد عدم ختم القانون الجديد من قبل رئيس الجمهورية و نشره بالرائد الرسمي.

و أوضح الجربوعي أنّه تمّ توجيه هذه التعليمات خلال الدورة التكوينيّة التي نظّمتها الهيئة الإنتخابية بسوسة، يومي 18 و19 جويلية 2019، لفائدة أعوان الهيئات الفرعية، بحضور مجموعة من الخبراء. وأضاف أن التعليمات تضمّنت أيضا عدم مطالبة المترشّحين بأيّ من الشروط التي نصّت عليها التعديلات صلب القانون الجديد، مبيّنا في الآن ذاته أنّه في صورة ختم القانون ونشره في الرائد الرسمي، يتعيّن على الهيئة وفروعها تطبيق التعديلات الجديدة.

 

الباجي و المتضررون من تعديل القانون : بين القول برفض الإقصاء و التأويلات بوجود صفقة سياسية

من بين أكثر المتضررين من هذه التنقيحات ، نبيل القروي صاحب حزب “قلب تونس” الذي كان قد دعا في إطار حملة وطنية رئيس الدولة إلى طلب رأي الشعب بواسطة الاستفتاء طامعا في إلغاء العمل بهذه التعديلات في الانتخابات التشريعية و الرئاسية إلا أن رئيس الجمهورية لم يتفاعل مع هذا المطلب مما جعل الجميع يعتقد بأنه سيختم القانون و بذلك تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ قبل فتح باب الترشحات للتشريعية إلا أن رئيس الجمهورية لم يُمض على القانون مما فتح باب التأويلات على مصراعيه حول وجود طبخة سياسية بين النتضررين و نجل الرئيس.

و يرى مراقبون أن عدم الختم هو الضمانة الأساسية لكي لا يعتمد القانون الجديد في التشريعية اذ لا ينص الدستور على أي عنصر اكراه أو ختم آلي في صورة انقضاء آجال الأيام الأربعة . كما لا يفترض كذلك أي إجراء «عقابي» في صورة عدم الختم في الآجال.

كما نفت عديد الوجوه المعارضة أن امتناع الباجي قائد السبسي عن إمضاء القانون في صيغته المعدلة يوم أمس لم يكن سببه رفض الأقصاء و أن هذه التعديلات منافية للدستور مثلما أشار إلى ذلك حافظ السبسي و نور الدين بن تيشة لأنه لو رأى عناصر لا دستورية في القانون لرده إلى مجلس النواب أو لاستعمل حقه في عرضه على الاستفتاء .

 

 

يُذكر أنّ مجلس نواب الشعب صادق يوم 18 جوان 2019، خلال جلسة عامة، على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإتمام وتنقيح قانون الإنتخابات و الاستفتاء برمته، وذلك بموافقة 128 نائبا واحتفاظ 14 بأصواتهم مقابل رفض 30 آخرين.

و تتعلق التنقيحات التي دعمتها بعض الكتل البرلمانية بالخصوص، باعتماد العتبة بنسبة 3 بالمائة في الإنتخابات التشريعية، إلى جانب التصويت على تنقيحات حول الحاصل الإنتخابي، إذ لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المُصرّح بھا في احتساب الحاصل الإنتخابي.

و تضمن مشروع القانون الإنتخابي أيضا تنقيحات تتعلق بعدد من الشروط الواجب توفرھا في المترشح للانتخابات، كرفض ترشح، و إلغاء نتائج من تبين قيامه أو استفادته من أعمال تمنعھا الفصول 18 و 19 و20 من قانون الأحزاب، أو تبيّن استفادته أو قيامه بالإشھار السياسي خلال السنة التي سبقت الانتخابات بالنسبة إلى التشريعية و الرئاسية.

كما صوّت النواب على تعديلات تتعلق برفض ھيئة الإنتخابات الترشحات للتشريعية و الرئاسية لمن يثبت قيامه بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي و مبادئ الدستور، أو يُمجّد انتھاكات حقوق الإنسان.

امتناع رئيس الجمهورية عن ختم القانون الانتخابي : رفض لمنطق الإقصاء أم وجود لخلافات في الكواليس

وجهات نظر 0 comments on موريتانيا بعد انتخاب الرئيس الجديد : تحديات أمنية و انشغال بالتطورات في الجزائر و السودان .. بقلم كمال بن يونس

موريتانيا بعد انتخاب الرئيس الجديد : تحديات أمنية و انشغال بالتطورات في الجزائر و السودان .. بقلم كمال بن يونس

  • الأوضاع المعيشية تشغل الفئات الشعبية أكثر من السياسة

 

 

يتابع المراقبون في الدول العربية والإفريقية والأوربية باهتمام كبير تطورات الأوضاع في موريتانيا بعد مظاهرات المعارضة والفئات الشعبية الفقيرة بعد الانتخابات الرئاسية التي نظمت في أجواء هادئة ، وأسفرت عن نقل السلطات من الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد العزيز إلى وزير الدفاع السابق ولد الغزواني بأغلبية 52 بالمائة من الأصوات .

وبالرغم من انتقادات بعض الحقوقيين والمعارضين لنتائج الانتخابات فإن أعين صناع القرار موجهة في نفس الوقت إلى قصر الرئاسة في نواق الشط والى محيطها الاقليمي بسبب استفحال التعقيدات الامنية والعسكرية والسياسية في دول الساحل والصحراء وبلدان شمال افريقيا ، لاسيما في  الجزائر ومالي وفي السودان وليبيا.

 وقد تسببت الخلافات بين نواق الشط والرباط في القمة الافريقية حول الملف الصحراوي ، ثم دعوة ممثل البوليزاريو لحضور موكب تنصيب الرئيس المرويتاني الجديد في انتقادات وجهها مسؤولون مغاربة الى الجانب الموريتاني في ملف تعتبره الرباط سياديا ويهم وحدتها الوطنية .

 وقد اعتبر الخبير في الشؤون الافريقية علي اللافي أن “عين المجتمع الدولي موجهة اليوم الى موريتانيا بحكم انشغال قيادات العالم والمنطقة بالتطورات الامنية والسياسية الاستراتيجية التي تشهدها دول المنطقة وخاصة الجزائر والسودان ومالي والى سيناريوهات تطور الحرب الاهلية في ليبيا والانتخابات التونسية المقررة للخريف القادم.

 وأورد وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس أن ما تشهده الدول المغاربية والعربية ، وخاصة تونسوموريتانيا والجزائر وليبيا ، يؤكد أن المنطقة يتقاسمها تياران : الأول يدعم التسويات السياسية والانتقال الديمقراطي للسلطات عبر الانتخابات ، والثاني يدفع في اتجاه دعم دور المؤسسات العسكرية والامنية ، بحجة ضعف المعارضة السياسية المدنية ، مقارنة بالمجموعات المحسوبة على ” تيار الاسلام السياسي “.  

في المقابل فسر الخبير الجزائري في الشؤون الدولية والافريقية سرحان الشيخاوي الاضطرابات في موريتانيا ودول الساحل والصحراء عموما ب”الخصوصيات الإستراتيجية التي تجعلها محط اهتمام دول العالم المشغول بعودة الحديث عن ميليشيات الارهابيين المتسترين باسم الدين  في أفريقيا مثل داعش والقاعدة في المغرب الاسلامي وعقبة بن نفاع “.

 كما توقع الخبير الجزائري يونس بحري ان يتسبب التنافس التجاري والعسكري الاوربي التركي الصيني الامريكي على ثروات المنطقة الشمال- إفريقية في خلط الاوراق عديد القوى الدولية والإقليميية .

 في نفس الوقت توقع الخبير زهير مخلوف أن تتضارب مصالح دول المنطقة ، من موريتانيا الى الجزائر والسودان وليبيا ، مع حلفائها التقليديين بعد أن تطورت العلاقات الاقتصادية والسياسية بين نواق الشط والرياض ، إلى درجة تكفل السلطات في المملكة العربية السعودية بأغلب ديون موريتانيا هذا العام .

في المقابل تدهورت علاقات السلطات الموريتانية منذ اشهر مع الاطراف المحسوبة على ” الاسلام السياسي” بما فيها ” حزب تواصل” الذي يصف قادته خطابهم بالاعتدال ويعلنون أنهم يختلفون مع التيارات السلفية المتشددة ومع ادبيات جماعة الاخوان المسلمين االمصرية .

ويدعو بعض قادة هذا الحزب السلطات الموريتانية الى التعامل معهم ضمن سياسة جديدة للشراكة والتوافق الوطني على غرار ما فعلت سلطات الرباط وتونس مع حزبي العدالة والتنمية والنهضة .

وكان أنصار هذا الحزب حققوا فوزا نسبيا في الانتخابات البلدية التي نظمت قبل عامين في البلاد ، وهو ما أثار تخوفات بين خصومهم في موريتانيا وخارجها .

في نفس الوقت  حذر عدد من المتابعين للشأن الموريتاني ، وبينهم الكاتب ولد سيدي الشيخ أحمد من أن تتسبب الصعوبات الاجتماعية الاقتصادية والتحديات الامنية التي تواجه الفئات الشعبية الموريتانية في تفجير ” حراك شعبي شبابي واسع ” فتحذو حذو السودان والجزائر.

 ويستحضر هؤلاء المتخوفون من انفلات الاوضاع باحتجاجات سنة 2011، التي كانت نوعا من التفاعل مع نجاح ” الثورات العربية ” والاضطرابات الاجتماعية الشبابية التي بدأت في تونس ومصر ثم شملت غالبية الدول العربية .

 في كل الحالات لا يمكن إغفال التطورات الايجابية التي قطعتها موريتانيا والتي تشهد منذ منتصف 2018، انتقالا ديمقراطيا هادئا وقع تتويجه بعد انتخابات الشهر الماضي  بنقل السلطات إلى أحد رموز الدولة وزير الدفاع السابق “ولد الغزواني”بموافقة الرئيس المتخلي…