• الأوضاع المعيشية تشغل الفئات الشعبية أكثر من السياسة

 

 

يتابع المراقبون في الدول العربية والإفريقية والأوربية باهتمام كبير تطورات الأوضاع في موريتانيا بعد مظاهرات المعارضة والفئات الشعبية الفقيرة بعد الانتخابات الرئاسية التي نظمت في أجواء هادئة ، وأسفرت عن نقل السلطات من الرئيس المنتهية ولايته محمد عبد العزيز إلى وزير الدفاع السابق ولد الغزواني بأغلبية 52 بالمائة من الأصوات .

وبالرغم من انتقادات بعض الحقوقيين والمعارضين لنتائج الانتخابات فإن أعين صناع القرار موجهة في نفس الوقت إلى قصر الرئاسة في نواق الشط والى محيطها الاقليمي بسبب استفحال التعقيدات الامنية والعسكرية والسياسية في دول الساحل والصحراء وبلدان شمال افريقيا ، لاسيما في  الجزائر ومالي وفي السودان وليبيا.

 وقد تسببت الخلافات بين نواق الشط والرباط في القمة الافريقية حول الملف الصحراوي ، ثم دعوة ممثل البوليزاريو لحضور موكب تنصيب الرئيس المرويتاني الجديد في انتقادات وجهها مسؤولون مغاربة الى الجانب الموريتاني في ملف تعتبره الرباط سياديا ويهم وحدتها الوطنية .

 وقد اعتبر الخبير في الشؤون الافريقية علي اللافي أن “عين المجتمع الدولي موجهة اليوم الى موريتانيا بحكم انشغال قيادات العالم والمنطقة بالتطورات الامنية والسياسية الاستراتيجية التي تشهدها دول المنطقة وخاصة الجزائر والسودان ومالي والى سيناريوهات تطور الحرب الاهلية في ليبيا والانتخابات التونسية المقررة للخريف القادم.

 وأورد وزير الخارجية التونسي السابق أحمد ونيس أن ما تشهده الدول المغاربية والعربية ، وخاصة تونسوموريتانيا والجزائر وليبيا ، يؤكد أن المنطقة يتقاسمها تياران : الأول يدعم التسويات السياسية والانتقال الديمقراطي للسلطات عبر الانتخابات ، والثاني يدفع في اتجاه دعم دور المؤسسات العسكرية والامنية ، بحجة ضعف المعارضة السياسية المدنية ، مقارنة بالمجموعات المحسوبة على ” تيار الاسلام السياسي “.  

في المقابل فسر الخبير الجزائري في الشؤون الدولية والافريقية سرحان الشيخاوي الاضطرابات في موريتانيا ودول الساحل والصحراء عموما ب”الخصوصيات الإستراتيجية التي تجعلها محط اهتمام دول العالم المشغول بعودة الحديث عن ميليشيات الارهابيين المتسترين باسم الدين  في أفريقيا مثل داعش والقاعدة في المغرب الاسلامي وعقبة بن نفاع “.

 كما توقع الخبير الجزائري يونس بحري ان يتسبب التنافس التجاري والعسكري الاوربي التركي الصيني الامريكي على ثروات المنطقة الشمال- إفريقية في خلط الاوراق عديد القوى الدولية والإقليميية .

 في نفس الوقت توقع الخبير زهير مخلوف أن تتضارب مصالح دول المنطقة ، من موريتانيا الى الجزائر والسودان وليبيا ، مع حلفائها التقليديين بعد أن تطورت العلاقات الاقتصادية والسياسية بين نواق الشط والرياض ، إلى درجة تكفل السلطات في المملكة العربية السعودية بأغلب ديون موريتانيا هذا العام .

في المقابل تدهورت علاقات السلطات الموريتانية منذ اشهر مع الاطراف المحسوبة على ” الاسلام السياسي” بما فيها ” حزب تواصل” الذي يصف قادته خطابهم بالاعتدال ويعلنون أنهم يختلفون مع التيارات السلفية المتشددة ومع ادبيات جماعة الاخوان المسلمين االمصرية .

ويدعو بعض قادة هذا الحزب السلطات الموريتانية الى التعامل معهم ضمن سياسة جديدة للشراكة والتوافق الوطني على غرار ما فعلت سلطات الرباط وتونس مع حزبي العدالة والتنمية والنهضة .

وكان أنصار هذا الحزب حققوا فوزا نسبيا في الانتخابات البلدية التي نظمت قبل عامين في البلاد ، وهو ما أثار تخوفات بين خصومهم في موريتانيا وخارجها .

في نفس الوقت  حذر عدد من المتابعين للشأن الموريتاني ، وبينهم الكاتب ولد سيدي الشيخ أحمد من أن تتسبب الصعوبات الاجتماعية الاقتصادية والتحديات الامنية التي تواجه الفئات الشعبية الموريتانية في تفجير ” حراك شعبي شبابي واسع ” فتحذو حذو السودان والجزائر.

 ويستحضر هؤلاء المتخوفون من انفلات الاوضاع باحتجاجات سنة 2011، التي كانت نوعا من التفاعل مع نجاح ” الثورات العربية ” والاضطرابات الاجتماعية الشبابية التي بدأت في تونس ومصر ثم شملت غالبية الدول العربية .

 في كل الحالات لا يمكن إغفال التطورات الايجابية التي قطعتها موريتانيا والتي تشهد منذ منتصف 2018، انتقالا ديمقراطيا هادئا وقع تتويجه بعد انتخابات الشهر الماضي  بنقل السلطات إلى أحد رموز الدولة وزير الدفاع السابق “ولد الغزواني”بموافقة الرئيس المتخلي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *