البارزة, حوارات 0 comments on المنصف الشابي:هذه حقيقة علاقة سعيد وبن علي وبورقيبة بالقوميين

المنصف الشابي:هذه حقيقة علاقة سعيد وبن علي وبورقيبة بالقوميين

حاوره كمال بن يونس
موقع عربي 21

لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.

ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.

وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.

“عربي21″، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.

اليوم يحاور الكاتب والأكاديمي التونسي كمال بن يونس، في هذا اللقاء الخاص بـ “عربي21”، والذي ننشره على جزأين، المنصف الشابي زهو زعيم قومي سابق، عن علاقات القوميين في تونس بالأنظمة الحاكمة التي مرت على تونس..

عندما اعتقل البوليس السياسي في 1968، في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، 40 ناشطا سياسيا شيوعيا وقوميا واشتراكيا ضمن ما عرف بتسمية “مجموعة آفاق” تبين أن بينهم 14 شخصية من عائلة الشابي، بينهم القيادي البعثي مسعود الشابي و”العروبيان” أحمد نجيب الشابي وابن عمه المنصف الشابي، اللذان لعبا دورا سياسيا كبيرا في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011): الأول على رأس الحزب الاشتراكي التقدمي والحزب الديمقراطي التقدمي والثاني في البرلمان و”الدبلوماسية الموازية” وفي قيادة حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي الذي كان يتزعمه رجل الأعمال والسياسي المخضرم عبد الرحمان التليلي.

في هذا الحوار الخاص بـ “عربي21”، مع الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس يكشف المنصف الشابي عن جوانب من مسيرة اليسار القومي والماركسي في تونس بين العمل السياسي والنقابي السلمي و”التنظيمات الثورية السرية”، بينها “حزب الشعب الثوري” والانتماء إلى “حركات مسلحة” تدربت في ليبيا وفي المخيمات الفلسطينية بلبنان تحت إشراف شخصيات ليبية وقيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش وتيسير قوبعة والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل وجبهة التحرير الفلسطينية بزعامة أبو نضال صبري البنا ورفاقه في العراق..

كما يكشف المنصف الشابي عن جوانب مثيرة في علاقاته بالرسميين في تونس والمنطقة وبشخصيات جزائرية وتونسية بينها الرئيس بن علي ووزراؤه ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق محمد مزالي والرئيس الجزائري الأسبق علي الكافي وبقيادات قومية بعثية وناصرية مؤثرة بينها المحامي والمفكر المصري عصمت سيف الدولة والحقوقي محمد فائق..

كما يكشف عن جوانب من ذكرياته مع قيس سعيد قبل وصوله إلى السلطة في 2019..

وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار :

س ـ أستاذ منصف الشابي أنت سياسي ومفكر وباحث في التاريخ تخرج من جامعات الجزائر وفرنسا وخضت تجارب سياسية وثقافية مختلفة ونشرت كتبا ودراسات علمية نادرة وشهادات مثيرة عن تجارب اليسار الماركسي والقوميين والتيارات الوطنية والعروبية في تونس والمنطقة.. هل عرفت عن قرب الرئيس قيس سعيد قبل وصوله إلى الحكم في 2019؟

وما هو رأيك في شهادة بعض زملائه السابقين في الجامعة مثل المحامي والمستشار السابق في قصر قرطاج محمود المهيري الذي كان أول من كتب عنه بعد انتخابات 2019 وقال عنه إنه “كان قريبا من التيار العروبي الناصري المتأثر بكتب المفكر المصري عصمت سيف الدولة، رغم عدم انتمائه إلى أي مجموعة سياسية أوحزبية”؟

 

 

ـ حسب معلوماتي لم يكن قيس سعيد الطالب ثم الأستاذ الجامعي والناشط السياسي بعثيا أو قوميا ناصريا أو “عصمتيا “..

وقد تعرفت على قيس سعيد عن قرب بعد ثورة 2011 في جلسات نصف شهرية كان ينظمها الجامعي العروبي عمر التريكي نجل المناضل الوطني العروبي أصيل جهة المنستير حسين التريكي، الذي فر من تونس نحو أمريكا اللاتينية بعد الاستقلال لأنه حوكم بالإعدام غيابيا بسبب انحيازه إلى الأمين العام للحزب الدستوري صالح بن يوسف ورفاقه الذين عارضوا بورقيبة بقوة سياسيا وعسكريا..

وأذكر أن تلك الجلسات كان يحضرها سياسيون مستقلون وشخصيات من عدة تيارات كان بينهم رئيس الحكومة والأمين العام الأسبق للحزب الدستوري ما بين 1987 و1989 الهادي البكوش، والقيادي المنشق عن حركة النهضة منار الاسكندراني والجامعي المستقل قيس سعيد والمثقف الدستوري والعروبي مصطفى الفيلالي ..

كانت تلك الجلسات الدورية بمثابة “ناد للتفكير المفتوح” وكان قيس سعيد يحضرها مثلنا لنناقش بحرية المتغيرات في البلاد والآفاق بعد سقوط حكم بن علي..

كان قيس سعيد يلتزم في أغلب الاجتماعات الصمت. ويصغي جيدا إلى مداخلات المشاركين. وكان غالبا يتدخل في آخر الجلسة ليقدم “استنتاجات” أو “ملاحظات” بأسلوب تقريري قطعي، دون أن تناقش مداخلاته. ربما لأنه كان يعتقد منذ ذلك الوقت أنه كان “صاحب رؤية” أو “صاحب مشروع غير قابل للنقاش”..

قيس سعيد لم يكن قوميا عروبيا

س ـ هل كانت مداخلات قيس سعيد في ذلك المنتدى توحي بانتمائه إلى “اليسار القومي”، بما قد يفسر الدعم الكبير الذي حصل عليه في تونس وفي المنطقة من قبل “القوميين” وقياديين في “حركة الشعب” الناصرية التونسية وبعض رموز التيار الماركسي في “حركة الوطنيين الديمقراطيين” مباشرة بعد انتخابات 2019  ثم بعد منعرج 25 يوليو العسكري الأمني السياسي؟

ـ قد يكون بعض القوميين والعروبيين واليساريين يحملون هذا التقييم عنه.. وهو ما قد يبرر تشريك عمر التريكي لقيس سعيد في المنتدى..

لكني استنتجت من خلال تلك الجلسات أن قيس سيعد ليس قوميا عروبيا ولا يساريا ولا إسلاميا بالمفهوم المتعارف عليه، ولكنه أقرب إلى التيار الوطني التونسي، الذي يؤمن بالدولة التونسية ويحرص على “التوفيق بين الوطنية والعروبة والإسلام والدراسات القانونية “..

ومن بين ما شد انتباهي منذ 2012 تمسك قيس سعيد بمواقفه ووجهة نظره، ونزوعه نحو “الحسم في موقف الآخر”، وعدم المغامرة بخوض نقاش مفتوح معه أو الانحياز إلى “موقف أيديولوجي” أو سياسي واضح..

كما لا أذكر أنه كان يستدل بمواقف وكتب عصمت سيف الدولة أوغيره من المفكرين القوميين الناصريين أو البعثيين أو اليساريين أو الإسلاميين، رغم وضوح نزعته “التأليفية” بين المرجعيات العربية والإسلامية و”الثوابت الدينية “..

بن علي والحبيب عمار والماطري كانوا “عروبيين”

س ـ  في كتابك عن الضابط العسكري والمعارض السابق المنصف الماطري (ابن شقيق الوزير محمود الماطري، أول رئيس للحزب الدستوري الجديد في ثلاثينيات القرن الماضي قبل بورقيبة)، توقفت عند مشاركته مع مجموعة من السياسيين والعسكريين “العروبيين” في المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد حكم بورقيبة في 1962.. وتطرقت إلى علاقة الضابط زين العابدين بن علي بتلك المحاولة الانقلابية الفاشلة.. والتي كان من بين المعنيين بها عسكريون وسياسيون عروبيون من بين أصدقاء بن علي، لم تكشفهم الأبحاث ولم تشملهم المحاكمات، بينهم القيادي الوطني العروبي عبد الحكيم مبروك “الخنيسي” والحبيب عمار الذي سيصبح في 1987 عقيدا ثم جنرالا آمرا للحرس الوطني ثم وزيرا للداخلية..

ومعروف أن بن علي قرب إليه المنصف الماطري بعد وصوله إلى الحكم ثم وافق على زواج ابنته من نجله رجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري الذي لعب دورا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا كبيرا جدا قبل ثورة 2011..

ـ هذا صحيح.. حدثني المنصف الماطري والد محمد صخر الماطري مباشرة ومرارا عن ذلك لوحدي ومع بعض رفاقه القدامى وبينهم وزير الداخلية الأسبق الجنرال الحبيب عمار..

وقد نشرت ذلك في كتابي.. وأشرت إلى أن الماطري قال لي في شهاداته إن “مجموعة الإنقاذ” التي حاولت الانقلاب على حكم بورقيبة في 1962 اقترحت على بعض الضباط السامين وبينهم زين العابدين بن علي مشاركتهم لكنه اعتذر..

وكانت شخصيات “عروبية” أخرى نجت من الكشف والاعتقال في تلك المحاولة الانقلابية، بينها الحبيب عمار الذي كان لديه توجه عروبي.. وقد تعرفت عليه عن قرب وتحادثنا مطولا عندما عينه بن علي عضوا في الغرفة الثانية للبرلمان، “مجلس المستشارين”، ليرتاح منه.. وعينني فيه عضوا بصفتي قوميا وفي حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي العروبي..

وأؤكد أن المنصف الماطري والد صخر الماطري كان عروبيا.. وعلى هذا الأساس نشرت كتابا عنه..

زين العابدين بن علي بقي عروبيا بعد وصوله قصر قرطاج والدليل خطابه التاريخي في آب / أغسطس 1990 بعد الاجتياح العراقي للكويت، الذي أعلن فيه رفضه المشاركة في القمة العربية الطارئة في القاهرة التي كان مقررا أن “تعطي شرعية وهمية للتدخل الأمريكي والأطلسي في الخليج “..

والدليل الآخر هو خطابه “التصعيدي” الشهير في النصف الثاني من كانون الثاني / يناير 1991 الذي انتقد فيه الهجوم الأمريكي البريطاني الأطلسي على العراق من منطلقات عروبية وقومية..

أذكر أنني بعد ذلك الخطاب كلمت الوزير مدير الديوان الرئاسي في قصر قرطاج محمد الجريء بصفتي أتولى الأمانة العامة بالنيابة لحزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي وقلت له: “بلغ سيادة الرئيس بن علي دعمنا كقوميين لما جاء في هذا الخطاب التاريخي.. وعلى هذا الأساس نحن ندعم تماما الرئيس بن علي العروبي الوطني ومساره السياسي..”.

وأذكر أن من بين كبار الوزراء والمستشارين في قصر قرطاج وقتها كان المثقف العروبي صالح البكاري.. الذي عين لاحقا وزيرا للثقافة ثم سفيرا في الرباط لمدة تجاوزت العشرة أعوام..

وهذا يؤكد مرة أخرى أن شخصيات علمية وثقافية وسياسية عروبية ومن اليسار القومي نجحت في عهدي بورقيبة وبن علي في تصدر المشهد السياسي والثقافي والإعلامي الرسمي وفي مستوى المجتمع المدني.. وكان لديها حضور في الإدارة المركزية للدولة بقرار من بورقيبة وبن علي..

بن علي والقذافي والجزائر

س ـ وثائق المحاكمات السياسية السابقة في تونس وشهادات عدد من المعارضين السابقين تشير إلى علاقة مميزة ربطت منذ سبعينيات القرن الماضي رئيس ليبيا معمر القذافي وفريقه بزين العابدين بن علي عندما كان مديرا للمخابرات العسكرية قبل اتفاقية كانون الثاني / يناير 1974 للوحدة بين تونس وليبيا ثم مديرا عاما للأمن ما بين 1978 و1980 أي قبل التحرك العسكري الذي قامت به “الجبهة القومية لتحرير تونس”، التي انطلقت من ليبيا والجزائر وكان لديها مئات المسلحين تدربوا مع “ثوار جبهة البوليساريو” أو في مخيمات التدريب في ليبيا والمخميات الفلسطينية في لبنان وخارجه..

ـ  لقد تصالح بن علي بسهولة مع حكومة القذافي فور دخوله قصر قرطاج في 1987 وأعاد بسرعة العلاقات المقطوعة أواخر عهد بورقيبة.. وأمكن له ذلك لأسباب عديدة من بينها “صداقاته” داخل التيار العروبي في تونس وفي ليبيا والمنطقة..

وأسجل مثلا أن عددا من قادة الكومندوس المسلح التابع “للجبهة القومية لتحرير تونس” الذي هاجم مدينة قفصة (جنوبي غربي البلاد) اعترفوا في أبحاثهم وأمام محكمة أمن الدولة بعلاقاتهم بجبهة “البوليساريو الصحراوية” وبنظام القذافي وأن بن علي مدير عام الأمن الوطني كان قريبا منهم.. وقد تسببت تلك الاعترافات في إصدار بورقيبة قرارا بعزل زين العابدين بن علي ورئيسه وزير الداخلية عثمان كرشيد بعد اتهامهم بـ “الفشل” في الكشف عن الكومندوس القادم من ليبيا والجزائر قبل بدء تنفيذ عمليته.. واتهمت بعض شهادات العسكريين في المحافظات الجنوبية للبلاد بن علي وقتها بعدم إبلاغ تقاريرها عن التحركات “المشبوهة” لمجموعات سرية قادمة من ليبيا والجزائر..

وقد أكد عز الدين الشريف وأحمد المرغني القائدان السياسيان “للجبهة القومية العربية لتحرير تونس”، نواة الكومندوس الذي هاجم محافظة قفصة في يناير 1980 أن بن علي كان “قريبا منهم”.. وأنهم تلقوا “تسهيلات” من سياسيين بارزين في ليبيا والجزائر مكنوهم من قيادة عمليات تدريب “الثوار” مع مسلحي جبهة البوليساريو ومقاتلي “الصحراء الغربية” الموالين للنظام الجزائري وأخرى في ليبيا والمخيمات الفلسطينية ومراكز التدريب العربية على السلاح في لبنان..

بل إن عز الدين الشريف كان يقول إنه كان على اتصال شخصي مع زين العابدين بن علي قبل هجوم 1980..

في نفس السياق يؤكد محمد العكرمي الذي كان قياديا في حزبنا، الاتحاد الوحدوي الديمقراطي بعد 1988، أنه كان “على تواصل مباشر مع بن علي منذ عقود وأن بن علي كان عروبيا وقوميا ومناصرا للقضايا العربية وبينها قضايا تحرير فلسطين ورفع احتلال العراق الخ..”.

والمعروف أن العقيد بن علي كان متواصلا مع القذافي .. قبل اتفاقية الوحدة التي أبرمها القذافي وبورقيبة في كانون الثاني / يناير 1974 بجزيرة جربة السياحية في الجنوب التونسي بحضور وزير الخارجية “العروبي” محمد المصمودي.. وقد فوجئ بورقيبة ورئيس الحكومة الهادي نويرة ورفاقهما بكون القذافي اقترح اسم زين العابدين بن علي في “فريق حكومة دولة الوحدة”، التي سميت “الجمهورية العربية الإسلامية”. لذلك أمرا بالتحقيق في الأسباب التي أدت إلى اختياره من قبل القذافي بينما استبعدت قائمته شخصيات كبيرة في الدولة بينها الهادي نويرة رئيس الحكومة والوزراء المقربين منه ومن حرم الرئيس وسيلة بن عمار..

 

 

وكانت نتيجة التحقيق استبعاد بن علي من رئاسة مؤسسة المخابرات العسكرية وتعيينه ملحقا عسكريا في سفارة تونس بالرباط..

لكن بن علي الذي انفتح على الثقافة الغربية وعلى موطنه في المنطقة السياحية بالساحل التونسي ظل قبل توليه الرئاسة وبعد ذلك “عروبيا”.. لأنه أصيل  “عرام” بالقرب من مارث ومدنين وقابس من الجنوب التونسي.. وهي منطقة أنجبت عددا كبيرا من رموز التيار العروبي واليسار القومي قبل استقلال تونس عن فرنسا وفي مرحلة بناء الدولة الوطنية الحديثة ..

في نفس الوقت أذكر كقيادي سابق في “حزب الشعب الثوري” التونسي في 1980 أن التنظيمات القومية واليسارية “السرية” التونسية كان لديها أكثر من ألف مقاتل تونسي في لبنان، بينها حوالي 700 تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومئات كانت تدربهم المخابرات الليبية بإشراف مباشر من رئيسها المعروف عبد الله السنوسي.. فيما كان مئات المسلحين من “اليسار القومي الثوري التونسي” تدربوا مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية وفي ليبيا بتنسيق بين السلطات الليبية وجناح في القيادة العسكرية والسياسية الجزائرية بزعامة سليمان هوفمان رئيس المخابرات وصالح صوت العرب قائد المنطقة العسكرية الثانية سابقا والشريف مساعدية الأمين العام لحزب جبهة التحرير…

وكان عشرات من هؤلاء المسلحين التونسين شاركوا في “كومندوس الهجوم على قفصة في 1980”..

وقد تنقلت شخصيا خلال الـ 48 ساعة التي أعقبت الإعلان عن عملية قفصة، بتنسيق مع المعارض التونسي المقيم في الجزائر الزعيم القومي العربي إبراهيم طوبال، إلى مخيمات المسلحين وقياداتهم في لبنان والعراق وليبيا ثم إلى الجزائر.. ونجحت في إقناع جورج حبش في لبنان وأبو نضال صبري البنا في العراق وقيادات المسلحين التونسيين بتعطيل نقل ما لا يقل عن 500 مسلح تونسي جوا في طائرات ليبية من لبنان إلى الجنوب التونسي لدعم “ثورة تحرير تونس” و”جيش تحرير تونس” الذي انطلق من قفصة..

أخبار, حوارات, ندوات ودراسات 0 comments on تقرير الندوة الحوارية حول:+ توصيات بتطوير الشراكة بين دول جنوب العالم وبلدان ” محور المقاومة للاستعمار”

تقرير الندوة الحوارية حول:+ توصيات بتطوير الشراكة بين دول جنوب العالم وبلدان ” محور المقاومة للاستعمار”

تقرير الندوة الحوارية حول:

المتغيرات في افريقيا وبوادر تشكل النظام العالمي الجديد ودعم مطالب التحرر الوطني 

+ توصيات بتطوير الشراكة بين دول جنوب العالم وبلدان ” محور المقاومة للاستعمار”

بقلم منية العيادي 

نظمت جمعيتا “تونس للكفاءات” و “المؤسسة العربية للدراسات الاستراتيجية ابن رشد” ندوةحوارية بعنوان “المتغيرات في افريقيا وبوادر تشكل النظام العالمي الجديدودعم مطالب التحرر الوطني ومقاومة المشاريع الاستعمارية الجديدة .”

” شارك في تأثيثها مختصون في الدراسات الاقتصادية و الجيواستراتيجية من تونس وبلدان المغرب العربي وافريقيا..

الورقة العلمية التمهيدية للندوة تناولت قدمها الأستاذ كمال بن يونس رئيس المؤسسة العربية الافريقية للدراسات الاستراتيجية ابن رشد ونائب رئيس جمعية ” تونس للكفاءات “.

وأوضحت هذه الورقة التمهيدية أن قضايا التحرر الوطني والانتصار لمحور المقاومة إقليميا ودوليا وبناء نظام إقليمي ودولي عادلين من بين ابرز التحديات التي تواجه نحو ملياري مواطن افريقي ومئات ملايين مواطن عربي ومليار ونصف من شعوب الدول الإسلامية بعد نحو 70 عاما عن الاستقلال عن الاستعمار التقليدي البريطاني والفرنسي والاسباني والإيطالي ..

ودعت ورقة رئيس مؤسسة ابن رشد للدراسات الاستراتيجية العربية الافريقية الإعلاميين والمثقفين وصناع القرار في العالم العربي الإسلامي وفي دول أمريكا اللاتينية واسيا وافريقيا الى إعادة الاعتبار لمطالب التحرر الوطني وإقامة علاقات دولية متعددة الأقطاب تتقاطع فيها مصالح الشعوب ولا تكون أسيرة اجندات دول الاستعمار القديم والجديد أو ” القوى الاستعمارية الصاعدة ” التي تسعى لاختراق افريقيا محاولة الاستفادة من ضعفها وتشرذم دولها و” الحروب بالوكالة ” التي انتشرت فيها .

 الندوة  كانت مناسبة لتقديم محموعة من الورقات والمناقشات التي أعطت الأولوية لتحليل فرضية تحرر دول القارة الافريقية من الاستعمار المباشر وغير المباشر والبدء في مرحلة بناء نظام إقليمي ودولي جديدين سواء في إطار إفريقي-إفريقي أو في إطار إفريقي-عربي-إسلامي لكي تصبح القارة منافسا لبقية قارات العالم والتحديات التي تواجه هذه الفرضية.

تأسيس تكتل عربي-إفريقي قد يكون الأضخم في العالم؟

 

سلّط الخبير الاقتصادي رضا شكندالي الضوء على أهمية التوجه العربي نحو الاستثمار في القارة الافريقية حيث وصف التكتلات العربية والافريقية بالضعيفة على مستوى التبادل التجاري البيني مشيرا إلى أن أنظارالدول الصناعية الكبرى  تتجه اليوم نحو الاستثمار في افريقيا التي تمثل محل تنافس كبير للاستثمار بين دول عظمى في العالم وتسجل بلدانها نسب نمو اقتصادي كبيرة جدا .

وسجل الشكندالي أن تقارير البنك الدولي أثبتت أن الدول الافريقية أدخلت إصلاحات كبيرة على مستوى التشريعات وعلى مستوى مناخ الأعمال جعلت منها بلدانا جاذبة للاستثمارات .

إذن فالفرصة  سانحة بالنسبة للدول العربية التي يمكن أن تؤسس لتكامل اقتصادي عربي-افريقي وافريقي إسلامي ، خاصة وأننا لا نتحدث عن كتلتين منفصلتين بل متكاملتين في ظل وجود 6 دول عربية واقعة في شمال القارة الافريقية (بلدان المغرب العربي ومصر) و5 بلدان عربية متواجدة في جنوب الصحراء (السودان وجنوب السودان وجيبوتي والصومال وجزر القمر) يمكن أن تأهلهما أن يصبحا أضخم تكتل في العالم.

وأشار رضا الشكندالي إلى أن أكثر من نصف العرب يقطنون في افريقيا وبالرغم من ذلك فالعلاقات العربية الافريقية تتميز بالحذر مرجعا أسباب هاته الاستراتيجية الحذرة إلى  رؤية  إلى افريقيا على أنها بيئة للعنف والانقلابات والحروب وتفضيل الطابع السياسي في العلاقات معها على الطابع الاقتصادي  إلى جانب إصرار بعض الدول العربية على التعامل مع الشركاء التقليديين في أوروبا وأميركا على الرغم من أن الأزمة المالية العالمية الأخيرة ضربت وبشدة الطرفين وخاصة أوروبا.

وأكد شكندالي أنه توجد إمكانيات متاحة حاليا لتكامل افريقي عربي إسلامي  تهيئ افريقيا والعالم العربي الإسلامي للعب دور مهم في تأمين التجارة الدولية خاصة وأن شمال افريقيا وغرب الوطن العربي يؤثران في أمن البحر الابيض المتوسط وخطوطه  التجارية بالإضافة إلى وجود قناة السويس ما يجعل هذا التكامل محددا لأمن البحر الأحمر وخطوطه التجارية علاوة على موقع الصومال وجيبوتي المطلة سواحلهما على البحر وخليج عدن وموقع السودان المطل على البحيرات الكبرى في افريقيا الوسطى  مشيرا إلى أن هذا التقارب يمكن أن يؤسس لقوة اقتصادية كبرى تسيطر على أهم الخطوط التجارية في العالم خاصة وأن افريقيا تتوسط قارات العالم على مساحة شاسعة تزيد عن خمس مساحة الأرض والوطن العربي يمتد على قارات ثلاثة ويمسك بأهم المضائق البحرية والممرات المائية في العالم بينما تبلغ سواحله البحرية أكثر من 12 ألف كلم.

38 بالمائة من نفط العالم

 

ودعا المشاركون في الملتقىإلى إمكانية تطوير التنسيق بين دول المنطقة  العربية الافريقية على مستوى الاستثمار الزراعي والفلاحي خاصة وأن الدول العربية تنتج تقريبا حوالي 38 بالمائة مما ينتجه العالم من النفط الذي يستعمل في صناعة الأسمدة إضافة إلى امتلاك افريقيا 4000 كلم من مصادر المياه العابرة فيما تسيطر دول الجوار العربي على منابع المياه داخل الحدود العربية بنسبة 60 بالمائة وهو ما يمكن من مواجهة الشح في مصادر المياه العربية ومن معالجة التصحر وتضييق الفجوة القائمة بين الموارد المائية المتاحة والحاجات الراهنة والمستقبلية في افريقيا.

كما أشارت ورقات الملتقى   إلى أن التكامل الاقتصادي العربي-الافريقي الإسلامي يمكن أن يفرز سوقا استهلاكية كبيرة لأكثر من خمس سكان العالم وهو ما يسيل لعاب كبار المستثمرين ويدفعهم للتعامل مع هذا التكتل وبالشروط التي يريدونها. ..

 

التكامل بين الدول العربية والافريقية والإسلامية

 

..في نفس الوقت لفتت الورقات المقدمة في الندوة بالمنافع السياسية لتطوير التكامل العربي-الافريقي– الإسلامي . هذا التكامل الاقتصادي  سيجعل افريقيا و العالم العربي الإسلامي “ قوة ضغط ديبلوماسية كبيرة تتكون من مئات السفراء والخبراء لدى المنظمات والهيئات الناشطة في المجال الدولي .

وبالتالي سوف تصبح المنطقة “ قوة ضاربة في التفاوض مع الطرف الأمريكي والأوروبي وبشروط قد يفرضها هذا تكتل بلدان ” الجنوب ” الذي يطمح للتحرر الوطني ، عوضا من أن يقبلها من مؤسسات دولية كالاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي التي تفرض شروطا كبيرة على دول الجانبين العربي والافريقي. 

وجددت الورقات العلمية والنقاشات على   ضرورة أن ينخرط الطرفان العربي والافريقي في رؤية اقتصادية ترمي إلى تحقيق المصالح المشتركة للجانبين ويمكن الاستفادة من بعض الرؤى التي تبنتها بعض المؤسسات الإقليمية العربية والافريقية ومنها منظمة الاتحاد الافريقي والبنك العربي للتنمية الاقتصادية بافريقيا.

      

    إفريقيا .. منجم التجديد والابتكار.. مكمن الفرص والتحديات

 

على صعيد اخر قدم الباحث في العلاقات الدولية وعضو مجلس الشباب العربي الافريقي والديبلوماسي السابق بشير الجويني ورقة علمية موسعة للملتقى اعتبرت  أن إفريقيا تواجه تحديات متنوعة تأخذ أشكالا متعددة منها ما هو مغر لكن منها أيضا ما يطرح أسئلة لعل بعض إجاباتها انطلقت منذ 2010.

وأشار إلى أن بعض القوى غيرت نظرتها إلى افريقيا حيث شهدت القارة السمراء نجاحا مطّردا في تدفقات الاستثمار الأجنبي ورغم ذلك لازال عدد من القوى ينظر إليها على أنها مصدر لععد كبير من الثروات الطبيعية لذا وجب تعديل نظرة العالم لافريقيا ونظرتها له وهو ما نجح فيه عدد من القوى الشابة.

 

تجارب الاندماج المالي والتكنولوجي

 

ويشير الباحث إلى أن افريقيا شهدت الكثير من التطورات على المستوى الاجتماعي  والاقتصادي والتكنولوجي وعلى مستوى الاستثمار والبنى التحتية.

 واستعرض بعض التجارب التي شهدتها بعض الدول الافريقية ومنها

** تجربة الإندماج المالي وتتمثل في دمج الفئات ذوي الدخل المالي المنخفض التي لا يسمح لها بالانخراط في عمليات النظام المصرفي بالتعامل مع الجهاز المصرفي وإتمام المعاملات المالية باستخدام المحمول.

وأضاف أن إفريقيا  تحتل المرتبة الأولى عالميا في تنقل الأموال عبر الهواتف.

 التجربة في مجال الخدمات المالية والإدماج بكينيا  equity bank **

** تجربة الشراكة بين جنرال الكتريك وحكومة نيجيريا من خلال مشاريع البنية التحتية، وبناء القدرات وذلك من خلال تدريب الكفاءات والمهارات إضافة إلى تطبيق برامج ومبادرات الرعاية الصحية.

     ** تجارب بيع الطاقة الكهربائية بالهاتف الجوال بكل من كينيا وأوغندا  

      ** تجربة تصنيع السيارات في المغرب و تطوره حيث تم انتاج مليون سيارة في أفق 2020 واستقرار شركات عالمية في البلاد مثل “رينو” و”بيجو” الفرنسيتين وشركة “بي واي دي” الصينية حيث يتصدر المغرب قائمة الدول المصدرة لمنتجات السيارات في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط.

** تجربة انتاج غذائي جديد للتصدي للمجاعة في افريقيا بطرق مستحدثة مثل تجربة الضيعة الكبيرة في نيجيريا  

** تجربة تصنيع مواد غذائية ومنتجات استهلاكية ذات تكلفة معقولة وقابلية استعمال على نطاق واسع مثل تجربة “اندومي” في نيجيريا.

** التركيز على المستقبل بناء على نسب الشباب ومن ذلك تجربة الجمعية الكينية

 /kenya generation

لإعانة الشباب المتخرج حديثا ووأد الهوة بين سوق الشغل والشباب وتجربة المؤسسة الناشئة الجنوب افريقية في مجال التعليم عن بعد

getsmarter

وجامعة القيادة الإفريقية التي تتعامل مع جامعات مرموقة عالميا.

وختم الباحث بشير الجويني مداخلته بالقول إن الموارد المتاحة أمام الإنسان العربي والافريقي الآن هي الأضخم في التاريخ والتحدي ليس تحدي ندرة ووفرة بل هو متعلق أساسا بترجمة هذه الموارد إلى فرص مفضية لتحسين واقع البشرية والتجديد هو النقطة الرئيسية التي يتعين أن ينطلق منها الأفارقة ويعودوا إليها مؤكدا على أن التجديد والتعويل على القوى العاملة الشبابية هو مفتاح الخروج إلى العالم بإفريقيا شابة فتاة وحرة.

متدخلون عبر تطبيقة ” زوم ” :

 لا يمكن للدول الافريقية أن تجد لها موقعا  ضمن النظام الدولي الجديد إلابدعم الجبهة الداخلية

أورد عدد من المتدخلين من البلدان العربية وبلدان الساحل والصحراء عبر تطبيقة ” زوم ” أن افريقيا تمتلك عديد الفرص في سبيل النهوض بهذه القارة وإيجاد موقع ضمن التنافس الدولي خاصة بعد التحولات الجيوسياسية التي شهدها ويشهدها العالم سواء فيما يتعلق بظروف ما بعد جائحة كورونا أو الأزمة الروسية الأكرانية .

وسجلت الورقات المقدمة أن  هنالك عدة عوامل تعرقل  النهوض الافريقي من بينها الضعف السياسي الذي تشهده الكثير من الدول الافريقية  بسبب الاضطرابات و الانقلابات العسكرية التي تشهدها بعضها خاصة في بوركينا فاسو ومالي وافريقيا الوسطى وغينيا وعدم التداول السلمي على السلطة بالإضافة إلى عدم وجود دول لديها اقتصاد صلب ومتطور بل نجد مجموعة من الاقتصادات الريعية .فيما يتعلق بالدول التي تمتلك احتياطات نفطية أو تصدر المواد الأولية ناهيك عن ضعف البنية الاجتماعية الذي تغذيه النعرات الاثنية.

 

التحرر من القوى الاستعمارية التقليدية

 

وأشارت الورقات المقدمة  إلى أن المشكلة تكمن في ضعف البلدان الافريقية على  المستوى الداخلي سواء السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وهو ما يؤثر على تموقعها وقوتها سواء في محيطها الإفريقي أو على المستوى الخارجي مشيرا إلى أن بعض النخب الإفريقية حسب اعتقاده لم تتحرر بعد ولازالت موالية سواء للقوى الاستعمارية التقليدية مثل فرنسا وبريطانيا أو لأخرى جديدة مثل روسيا وغيرها.

وشدد المشاركون بورقات وفي النقاش العا  أنه لا يمكن للقارة الافريقية أن تجد لها مكانا في ظل هذه الفرصة التي يوفرها النظام الدولي الجديد إلا بتقوية بلدانها داخليا سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي بما فيها إضفاء الحوكمة الرشيدة داخل الأنظمة السياسية الإفريقية والتداول السلمي على السلطة وغيرها من الجوانب الداخلية.

         

تكنولوجيا المعلومات والامن السيبراني

 

من جهته أشار الدكتور علي غريب الخبير فيتكنولوجيا الاتصالات والامن السببيرني إلى أهمية وسائل الاتصال والتواصل الحديثة وما تشكله كجزء من برامج التنمية الأفريقية التي أصبحت تعتمد بشكل كبير على مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي قامت بحل عديد المشاكل التي كانت تفصلها قديما عن السوق الاقتصادية العالمية .

كما أشار أيضا إلى أهمية إنشاء مؤسسات تعليمية وجامعات افريقية افتراضية للتدريس عن بعد وما تمثله من فرص لتموقع البلدان الافريقية في العالم الافتراضي العالمي من جهة وما تشكله من دعم لعديد الطلبة سواء من افريقيا أو من بلدان أخرى.

وأكدت ورقة الدكتور علي غريب أنه وسط تحول النظام العالمي الجديد الذي تسيطر عليه الصين وأمريكا يمكن للبلدان العربية والافريقية أن تجد لها مكانة مضيفا أن مؤتمرات القمة الافريقية الصينية والافريقية اليابانية والعربية الافريقية  تعطي الأمل لبقية الدول الافريقية والعربية الصغرى  في بناء نظام إقليمي ودولي جديدين يحترمان السيادة الوطنية ومطالب ” دول محور المقاومة في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية “.

 

الصراعات   الجديدة ..ومسؤولية النخب

 

واعتبر رئيس جمعية تونس للكفاءات الرئيس الشرفي لمنظمة الخبراء المحاسبين في تونس شكري الحيدري أن هنالك مصالح جديدة فرضت على الدول العربية أو الافريقية أو على دول العالم أجمع التي أصبحت ترى مستقبلها في الطاقة والطاقة البديلة وهو ما أدّى إلى وجود تشكلات أخرى  أفرزتها الاكتشافات الجديدة لحقول الغاز والنفط حولت الصراعات نحو شمال افريقيا ومنها بلدان ليبيا والجزائر وموريطانيا وبعض البلدان الافريقية ومن بين تلك المصالح الجديدة أيضا الصراع حول المياه خاصة مع ندرة الأخيرة وحالة الجفاف التي تعاني منها عديد البلدان وما يحدث بين مصر والسودان من ناحية وأثيوبيا من ناحية أخرى حول سد النهضة هو خير دليل.

وقال شكري الحيدري أن الدور منوط بالكفاءات  في تونس والدول العربية والافريقية والإسلامية والاسيوية وسواء كجامعيين أو كباحثين أو كرجال أعمال أو رجال اقتصاد لفهم التموقعات الجديدة واتجاهات الصراعات الإقليمية والدولية واستشراف المستقبل عن طريق مراكز البحوث والدراسات .      

 

     

 

إرادة الشعوب

 

ومن بين مداخلات الحاضرين في الندوة اعتبرت الأستاذة  فايزة غريب أن المستقبل سيكون افريقيا بلا شك مشيرة إلى أن القارة الإفريقية رغم كل مشاكلها والتهديدات التي تشهدها فهي تعج بالفرص مستنكرة تمسّك شباب البلدان الافريقية بالهجرة نحو أوروبا التي ترى أن لا مستقبل لها.

واعتبرت المتدخلة أن افريقيا ترفض كل أشكال الاستعمار ويبقى الأمر منوطا بالشعوب التي يجب أن تدرك وتعي أن المستقبل لها وليس لغيرها وحينها فقط سيتمكن العملاق الافريقي من الانطلاق..

 

تحرير العقليات

 

من جهتها اعتبرت الناشطة في المجتمع المدني سعاد حمدي أن الشعوب العربية والافريقية لن تحرر إلا بتحرر العقول والخروج من دائرة الخضوع للآخر على كل المستويات قائلة إن ما يحكم دول العالم اليوم هو المصالح وفي قاموس تلك الدول لا يوجد صديق دائم أو عدو دائم بل مصلحة دائمة .

وأضافت أن كبرى دول العالم تتنافس حول مصالحها الاستراتيجية بينما لازالت الدول العربية والافريقية تتحدث عن التحرر وهو ما أخر سعيها نحو التقدم

   

 تغطية منية العيادي .        

أخبار, البارزة, حوارات 0 comments on مؤرخ تونسي: بورقيبة اعتمد على شيوعيين وليبراليين ومستقلين

مؤرخ تونسي: بورقيبة اعتمد على شيوعيين وليبراليين ومستقلين

كمال بن يونس


يعتبر المؤرخ والمفكر التونسي المخضرم خليفة شاطر أحد أبرز الباحثين في التاريخ والسياسة الدولية. تعرف عن قرب على أغلب السياسيين والمثقفين والإعلاميين والجامعيين خلال السبعين عاما الماضية بينهم الرؤساء السابقون الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي وفؤاد المبزع والباجي قائد السبسي..
يتابع خليفة شاطر، وهو في العقد التاسع من عمره، الكتابة في وسائل الإعلام التونسية والدولية وإصدار كتب علمية سياسية مثيرة، آخرها كتاب عن عهد الرئيس الأول لتونس الحبيب بورقيبة (1955ـ 1987) وثان عن الزعيم الوطني الليبرالي ورئيس الحكومة الانتقالية قبل الاستقلال الطاهر بن عمار..

عرف خليفة شاطر الرئيس الحبيب بورقيبة وعائلته والمقربين منه عن قرب.. ودرس مع زين العابدين بن علي وعدد من وزرائه ومستشاريه في الثانوية ثم عرفه عن قرب رئيسا. وقد أهله ذلك لتولي مسؤوليات علمية وثقافية وأكاديمية كثيرة في عهدهما، بينها رئاسة مؤسسة جمعية دراسات دولية ومعهد الدراسات الدولية التابع لها والذي تخرجت منه نخبة من الدبلوماسيين وكبار المسؤولين في الدولة..

الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس التقى المؤرخ خليفة شاطر وأجرى معه الحوار التالي الخاص بـ “عربي21” حول صفحات سرية من تطور الحياة الفكرية والسياسية في تونس خلال الـ65 عاما الماضية، والصراعات داخل مؤسسات الحكم والمجتمع والمعارضة بين الشيوعيين والليبراليين والقوميين والإسلاميين:

س ـ أستاذ خليفة شاطر أنت مؤرخ وباحث كبير من بين خريجي جامعة “السوربون” في فرنسا منذ 1974.. عرفت عن قرب مبكرا الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ابن بلدتك المنستير، وتعرفت على أغلب المقربين منه خلال 32 عاما من الحكم وبينهم رئيس الوزراء والمفكر محمد مزالي ومدير الحزب المثير للجدل الوزير محمد الصياح.. ثم ألفت كتابا علميا عن بورقيبة.. كما أنك واكبت المسار السياسي للرئيس زين العابدين بن علي وثلة من رفاقه في المعهد الثانوي بمدينة “سوسة”، 130 كلم جنوبي العاصمة تونس، منذ كنتم طلابا في الثانوية.. فكيف تقيم المرجعيات الثقافية والفكرية للرئيسين بورقيبة وبن علي والحزب الحاكم في عهدهما، ما بين 1955 و2011؟ هل صحيح أنهم اعتمدوا على سياسيين ومثقفين من مدارس “غربية” ليبرالية وشيوعية واشتراكية ودخلا في قطيعة مع رموز التيارات العروبية والإسلامية؟

ـ لا أعتقد أن الزعيم بورقيبة اختلف عن منافسه في قيادة الحزب والحركة الوطنية صالح بن يوسف بسبب العلاقة مع الزعيم جمال عبد الناصر والقومية العربية والإسلام ..

الخلاف كان سياسيا ..حسم لصالح بورقيبة وانصاره الذين كانوا أقلية في قيادة الحزب عام 1955، لكنهم نجحوا في تغيير ميزان القوى لصالحهم بدعم من فرنسا ومن عدد من زعماء الحزب والحركة النقابية الذين ” تضخم دورهم لاحقا” بينهم الحبيب عاشور واحمد بن صالح واحمد التليلي ومصطفى الفيلالي والهادي نويرة والباهي الادغم ..

بعد ذلك كنا في اتحاد الطلبة مباشرة بعد الاستقلال مساندون للحزب ولبورقيبة ، لكن بزرت مبكرا بيننا 3 مجموعات و3 تيارات:

ـ التيار الأول “دستوري” تابع للحزب الدستوري الذي تزعمه الحبيب بورقيبة منذ 1934 ثم أصبح الحزب الحاكم بعد 1956، وكان من بين قادته عبد المجيد شاكر ومحمد بن عمارة ومصطفى الفيلالي ثم محمد الصياح ..

ـ الثاني تيار يضم اليسار الشيوعي والاشتراكي وكان من أبرز رموزه المنصف سلامة، أصيل مدينة المنستير موطن بورقيبة ، وهو قيادي سابق في الحزب الشيوعي التونسي .

وقد جذب المنصف سلامة الى الحزب الدستوري شخصيات شيوعية بينها محمد الصياح الذي سيصبح لاحقا نائب مدير للحزب ثم وزيرا مديرا مركزيا للحزب ووزيرا للتربية والتعليم والتجهيز. ويعتبر الصياح من بين أكثر من أثروا في توجهات الحزب والدولة الفكرية والسياسية في الستينات والسبعينات والثمانينات ..وأوشك أن يعين رئيسا للحكومة في 1980 قبل أن ينحاز الرئيس بورقيبة إلى المرحوم محمد مزالي بتأثير من زوجته وسيلة.

وقد استقطب محمد الصباح والمنصف سلامة وفريقهما شخصيات شيوعية واشتراكية ونقابية يسارية كثيرة انخرطت بدورها في الحزب ثم تولت مسؤوليات عليا في الدولة بينها حقائب وزارية ..

وكان من بين هؤلاء العربي عبد الرزاق و عمر بالخيرية و الهادي الزغل الذي عين وزيرا للشباب والرياضة في حكومتي الهادي نويرة ومحمد مزالي.

وتولي العربي عبد الرزاق مسؤوليات عليا في قطاعات التربية والثقافة والشباب والاعلام بينها مناصب برتبة وزير مثل مدير ورئيس تحرير دار العمل. كماعين عضوا في البرلمان لمدة عشرة أعوام (1974 ـ 1984 ) وفي القيادة العليا للحزب، “الديوان السياسي “، ما بين 1978 و1981.

ـ أما التيار الثالث فكان يضم المستقلين، كنت من بينهم مع شخصيات برزت لاحقا على رأس حركات يسارية، مثل “حركة آفاق”، أو على رأس مؤسسات الدولة. وكان من بين هؤلاء احمد السماوي الذي سيصبح في 1968 من بين قيادات حركة “آفاق”، لكنه عين فيما بعد وزيرا ومسؤولا أول عن قطاعات استراتيجية في الدولة مثل السياحة والنقل ..

وقد نظم “المستقلون” و”الدستوريون” مرارا تحركات ضد محمد الصياح ورفاقه القادمين من الحركة الشيوعية.. لكنهم صمدوا وعززوا مواقعهم عبر اظهار ولاء كبير لبورقيبة والمقربين منه..

بورقيبة والاشتراكية والشيوعية

س ـ كيف تفسر أن الزعيم بورقيبة ورفاقه في الحركة الوطنية انحازوا مبكرا إلى النقابات العمالية والتوجهات اليسارية الاجتماعية رغم قرار حظر الحزب الشيوعي التونسي في جانفي 1963؟ ولماذا انحاز بورقيبة وقيادات البلاد في الستينيات إلى سياسة “اشتراكية” ولتغيير اسم الحزب الحاكم في مؤتمره الوطني في 1964 بمدينة بنزرت من “الحزب الحر الدستوري” إلى “الحزب الاشتراكي الدستوري”؟

ـ لم يكن للرئيس بورقيبة ورفاقه في قيادة الحركة الوطنية التونسية مشروع سياسي اقتصادي أو برنامج اجتماعي ولا أي تصور للدولة الحديثة المستقلة التي كانوا يطالبون بها في عهد الاحتلال .

فلما تغيرت موازين القوى دوليا واضطرت فرنسا إلى الاعتراف باستقلال تونس والمغرب وعدد من مستعمراتها ، انفتح بورقيبة ورفاقه على قيادات النقابات ، وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل ، واستفادوا من دراساتهم الاقتصادية والاجتماعية ، التي كانت متأثرة باليسار العمالي الدولي والتيارات الاشتراكية العالمية .

لكن بورقيبة أعلن مرارا أنه ضد الشيوعية التقليدية وتبنى حتى موفى الستينات “الاشتراكية الدستورية” ( أو الاشتراكية البورقيبية ) وسياسة “التعاضد”، أي تأسيس آلاف الشركات الاهلية التي تشرف على قطاعات التجارة والصناعة والزراعة ، وتكون الملكية فيها أساسا للدولة مع مشاركة للخواص .

فلما فشلت تلك السياسة وتسببت في أزمة اقتصادية اجتماعية أمنية شاملة تخلى عنه وسمح بمحاكمة المشرف على تنفيذها الوزير والزعيم النقابي القوي احمد بن صالح و”اليساريين ” المقربين منه .

ورغم حضر الحزب الشيوعي التونسي ومحاكمة عدد من المجموعات المعارضة اليسارية والقومية فقد تبنى بورقيبة ، ومن بعده الرئيس زين العابدين بن علي ، “إدماج المعارضين السابقين” ونخبة من رموز اليسار الماركسي والقومي ” في الحزب الحاكم وفي مؤسسات الدولة وفي الإدارة الحكومية .

وبالنسبة لمنظمات الشباب التابعة للحزب سمح بورقيبة ومن بعده بن علي ب” الانفتاح على المعارضين السابقين ” وعلى يساريين ماركسيين شريطة التزامهم بالتوجهات الكبرى لسياسته ..

وبعد إقرار التعددية الحزبية في العشرية الأخيرة من حكمه ، كان بورقيبة يستقبل زعماء الأحزاب الشيوعية والاشتراكية واليسارية والليبيرالية ويدعوها إلى ” العودة إلى الحزب “،رغم تبني رئيس حكومته محمد مزالي وزوجته وسيلة للتعددية والديمقراطية السياسية والحزبية …

ورغم قمع السلطات في عهدي بورقيبة وبن علي مرارا للمعارضة بمختلف رموزها فقد حرصا في فترات عديدة على “احتواء المعارضين التائبين” و”التحالف مع النقابات والنقابيين”.

لذلك تضخم دور النقابات وقيادات اتحاد الشغل التي نجحت مبكرا في استقطاب الجامعيين والاكاديميين اليساريين والمستقلين عن الحزب الحاكم .

وقد تزايد دور هؤلاء الجامعيين في عشرية السبعينات التي أسندت فيها رئاسة الحكومة للخبير الاقتصادي الليبيرالي ومحافظ البنك المركزي السابق الهادي نويرة .

الولاء قبل الكفاءة

س ـ هناك من يعتبر أن من بين غلطات الدولة في عهد بورقيبة الاعتماد على شباب من خريجي الجامعات الغربية ممن ليست لديهم خبرة وتجارب، بهدف استبعاد المناضلين الوطنيين الذين كانت ميولتهم عربية إسلامية ومن خريجي جامعة الزيتونة.. فكانت الحصيلة أن أعطيت الأولوية للولاء وليس للخبرة والنجاعة.. وتواصل نفس السلوك بعد بورقيبة..

ـ أولا بورقيبة قرب منه مناضلين سابقين ليسوا من خريجي الجامعات الاوربية ، بينهم عبد الله فرحات، الذي أسندت إليها حقائب كثيرة مهمة جدا بينها الدفاع ، بالرغم من كونه لم يكن من بين حاملي شهادة الثانوية ( الباكالوريا )..اذن فكان يؤمن بأن ” الولاء قبل الكفاءة “..

في نفس الوقت كان بورقيبة حريصا على الترويج لفهم حداثي تقدمي للإسلام والتراث العربي .. لذلك دعا المفكر ووزير المعارف السابق في مصر طه حسين الى القاء خطاب في جامع الزيتونة والى افتتاح السنة الجامعية بحضور الشيخ الطاهر بن عاشور وزملائه .. واستغل بورقيبة المناسبة ليسمع مشايخ الزيتونة ” المحافظين ” بغلطهم عندما حاربوا أفكار المصلح الكبير الشيخ الطاهر الحداد وخاصة كتابه “امرأتنا بين الشريعة والمجتمع “..

وطلب بورقيبة من بن عاشور ومشايخ الزيتونة أن يعيدوا الاعتبار علميا للطاهر الحداد وكتبه بحضور طه حسين فحقق انتصارا عل خصومه “السلفيين” والقوميين والإسلاميين ..خاصة أن كثيرا منهم وقفوا ضده وانحازوا الى خصمه الزعيم صالح بن يوسف بعد اعلان الاستقلال الداخلي المحدود في 1955..

واستغل بورقيبة ذلك المنعرج للتأثير في توجهات اصلاح التعليم وقطاع الثقافة التي كلف بها لاحقا الاديب والمفكر الوجودي محمود المسعدي ..قبل أن تسند حقائب التربية والثقافة إلى شخصيات مثل الشاذلي القليبي ومحمد مزالي والبشير بن سلامة ..الذين لم يكن لهم نفس العمق الفكري والمعرفي ..وكان بورقيبة ومقربون منه يعتبرونهم أقرب إلى ” التيار المحافظ والسلفي “رغم السماح لهم بلعب دور وطني عبر مجلة ” الفكر” ثم على رأس مؤسسات الدولة ..

تراجع المستوى العلمي والثقافي

س ـ كيف تقيم اليوم مستوى العلمي والثقافي للجامعة التونسية وخريجيها الجدد وأدائها؟

ـ للأسف هناك تراجع عام في مستوى الخريجين والجامعيين في الجامعة التونسية وفي عدد من الجامعات العربية بما في ذلك في شعب الدراسات التاريخية والفكرية والفلسفية واقسام الدراسات الدولية ..

لكن بعض الأكاديميين التونسيين لديهم اشعاع عالمي وعربي ولديهم عمق معرفي وقدموا منشورات اثرت المكتبة العالمية مثل المؤرخ والمفكر هشام جعيط الذي توفي العام الماضي بعد أن أثرى المكتبة العالمية بمؤلفات علمية تأليفية عميقة عن التاريخ العربي الإسلامي في مختلف المجالات .

أخبار, حوارات 0 comments on رئيس هيئة “الدفاع عن الحريات والديمقراطية” : انهيار المسار الديمقراطي سيفرز دكتاتورية تدوم عشرين عاما

رئيس هيئة “الدفاع عن الحريات والديمقراطية” : انهيار المسار الديمقراطي سيفرز دكتاتورية تدوم عشرين عاما

++اسقاط حكومة الفخفاخ لم يكن في محله

كمال بن يونس

تأسست مؤخرا في تونس “هيئة وطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية ” بحضور شخصيات من عدة تيارات فكرية وسياسية بينها عياض بن عاشور ، الخبير الحقوقي الدولي ورئيس “البرلمان الانتقالي” عام 2011 ، وزعماء أحزاب لم ينخرطوا في مبادرتي ” مواطنون ضد الانقلاب ” و” جبهة الخلاص الوطني”..

وقد اسندت رئاسة هذه الهيئة إلى المحامي اليساري والحقوقي العياشي الهمامي الذي تزعم بين 2005 و 2008 ” جبهة 18 أكتوبرللحريات ” ، وعين في حكومة الياس الفخفاخ عام 2020 وزيرا مكلفا بحقوق الانسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني لمدة نصف عام .

الاعلامي والاكاديمي كمال بن يونس التقى العياشي الهمامي واجرى معه الحوار التالي:

* استاذ العياشي الهمامي ..

أعلنتم مع فريق من الحقوقيين عن مبادرتكم في سياق سياسي من الحراك المعارض لقرارات الرئيس قيس سعيد منذ يوليو الماضي..

فهل امتداد لمبادرتي مواطنون ضد الانقلاب ، بزعامة الحقوقي اليساري الوزير السابق جوهر بن مبارك ، و جبهة الخلاص الوطني بزعامة السياسي المخضرم المحامي أحمد نجيب الشابي ؟

وهل هي مبادرة تهدف إلى توفير حزامي جديد للمبادرتين الاولى والثاني من بين الشخصيات والأطراف السياسية التي اعتذرت عن الانخراط فيهما لأن سقف مطالبهما السياسية مرتفع جدا مثل الدعوة إلى ” عزل الرئيس” و” إسقاط كامل منظومة 25 يوليو “؟

++ شكرا على طرح السؤال بوضوح ..

لكني أؤكد للجميع أن مبادرتي ” مواطنون ضد الانقلاب ” و” جبهة الخلاص” سياسيتان بامتياز ولديهما أجندا سياسية واضحة ..

في المقابل نحن نشطاء ديمقراطيون نهتم بالسياسة لكننا ندافع أساسا عن عن الحريات العامة والفردية وعن الحقوق .

وقد لاحظنا وجود حاجة في المجتمع وفي البلاد إلى هيئة تجمع بين اولوية الدفاع عن الحريات والحقوق والديمقراطية ..أي أننا نختلف عن المنظمات التي تتعامل مع قضايا حقوق الإنسان مثلا باعتبارها حالات انسانية وسياسية ومطالب معزولة عن النظام السياسي الذي قد يكون استبداديا ودكتاتوريا ..أي أن الانتهاكات فيه تكون شبه دائمة ..

ونعتقد أن من بين شروط احترام الحريات والحقوق النظام الديمقراطي ..

واليوم نعتقد أن النظام الديمقراطي في تونس في خطر وعلينا التحرك بسرعة وبنجاعة لتجنب الأسوأ..

الاستفتاء صوري؟

++ تقول “الديمقراطية في خطر”.. بينما يعترض على ذلك الرئيس وأنصاره ويستدلون استدل بكون قوات الأمن تحمي مظاهرات المعارضة ومؤتمراتها السياسية والإعلامية..

مازلنا نتمتع ببعض الحقوق وهامش من الحريات باتت بدروها مهددة لان رئيس الجمهورية الحالي انقلب على الدستور وقام بتفكيك مؤسسات الدولة المنتخبة وهو بصدد ارساء مؤسسات غير منتخبة مثل هيئة الانتخابات الجديدة التي وقع تنصيبها ومجلس الاعلى للقضاء الذي يراد له أن يعوض المجلس المنتخب ..

ويتخوف الديمقراطيون أن تكون نتيجة الاستفتاء تزييف ارادة الشعب وإضفاء مشروعية على الحكم الفردي بهدف الاستيلاء على السلطة نهائيا..وقتها قد تصبح اجتماعات شخصين من المعارضة او م الإعلاميين خرقا للقانون وللإجراءات الاستثنائية فتعود البلاد إلى مربع الدكتاتورية والاستبداد..

لذلك تتأكد حاجة المجتمع المدني لتشكيل هيئة وطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية.. ترفض دفع البلاد نحو ” استفتاء صوري” وانتخابات تشرف عليها السلطة التنفيذية بعد حل الهيئة العليا المستقلة المنتخبة وتعويضها بهيئة عينتها رئاسة الدولة ..

+ إذا افترضنا أن الاستفتاء سينظم رغم ضعف نسبة المشاركة ،هل من المتوقع أن تطرح السلطة في هذا الاستفتاء فرضيتي تصويت بنعم ولا على المشروع ؟

أم أنها ستتحرك منذ الآن على أساس أن نتيجة الاستفتاء كانت تزكية نتائج الاستشارة الالكترونية ومشروع الرئاسي حول استبدال النظام البرلماني المعدل بنظام رئاسي ..رغم معارضة النقابات والأحزاب ؟

– ليس لدينا أي فكرة ..لم يطلع احد على مشروع الدستور والاستفتاء ..كل شيء ممركز في قصر قرطاج ..

الوثائق حجبت عن الجميع بما في ذلك عن المحسوبين على الرئيس الذين ينتظرون أي إشارة لإعلان مساندتهم ..

لا احد يعرف حجم الأخطار التي تهدد المكاسب الديمقراطية التي ناضل من اجلها التونسيون طوال عقود ..

وليس معروفا بعد ان كان الدستور سوف يعدل كاملا ام جزئيا وعلى اي أساس ؟ ومن سيقوم بذلك؟

وليس معروفا الى حد الان النص الذي يقنن تفاعل الدولة مع نتيجة الاستفتاء اذا ما عارضت الأغلبية المشروع الرئاسي وصوتت ضده ..هل سيتسقيل الرئيس مثلا في صورة التصويت ب”لا”..

لذلك نحن نحذر من الانحراف نحو نظام دكتاتوري لا يكشف الحقيقة للشعب ..ويفاجئ الشعب كل مرة بقرارات تعارضها الأغلبية ولم ينظم حولها حوار تشاركي ..

وحاليا نحن في مناخ يسود فيه الانفراد بالرأي و الاقصاء والخطاب الشعبوي والعداء للغير والتهجم بأسلوب “هلامي” على “الآخر”.. وعلى من وقع اتهامهم ب” الخيانة ” وبكونهم ” يعملون في الظلام والغرف المظلمة “..

دورنا كديمقراطيين وحقوقيين وانصار للحريات أن نقول الحقيقة وأن نسعى لأن نجنب بلادنا التضحية بالحريات والديمقراطية وسقوطها مجددا في مستنقع الدكتاتورية والاستبداد..

+ لكن الاستاذ قيس سعيد فاز في الانتخابات لاسباب عديدة من بنيها أنه كان طوال عقود مناصرا للديمقراطية والدستور ونائبا لرئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري مع استاذه المرحوم عبد الفتاح عمر..فكيف اختلطت الاوراق وتغيرت التحالفات ؟

– نتائج الانتخابات الماضية توحي بأنه وقع “التغرير” بالراي العام والناخبين..

هو استفاد من ” الانتخاب المفيد” في الدور الثاني للانتخابات ..لان الغالبية كانت ضد المرشح الثاني الذي كانت تحوم حوله شبهات فساد ..

هرب الناخبون من القطرة فوقعوا تحت الميزاب..

توقعوا ان رجل القانون الدستوري سوف يكون في مستوى المسؤولية واحترام علوية القانون والدستور و لم يتوقعوا ان تسقط البلاد في الشعبوية والقرارات الفردية التي تنال من المكاسب الدستورية والقانونية ..كما لم يتصوروا أنه يمكن أن يقود مسار انقلاب على الدستور والمؤسسات المنتخبة ..

غلطة استقاط حكومة الفخفاخ

لكن كل الاطراف السياسية تتحمل مسؤولية الدفع بالانتخابات والبلاد نحو المازق الحالي ؟

الا تعتبرون ان من بين الاولويات اليوم أن تعلن قياداتها نقدا ذاتيا عن غلطاتها السياسية بما في ذلك سوء ادارة ملف انتخابات 2019 واسقاط حكومات الحبيب الجملي والياس الفخفاخ وهشام المشيشي وبصفة أخص حكومة الفخفاخ التي كان رئيسها وأغلب أعضائها قريبين إلى الأحزاب التي ناضلت من اجل التعددية والديمقراطية قبل 2011 وبعدها بما في ذلك عبر ” مبادرة جبهة 18 أكتوبر 2005 “؟

– بصفتي رئيس الهيئة ليس من صلاحياتي تقديم موقف من القضايا الخلافية ومن بينها هذه المسألة ..

شخصيا أعتقد أنه لا بد لكل السياسيين القيام بقدر من النقد الذاتي لتعزيز جبهة النضال من أجل الديمقراطية والحريات ولو عبر بيانات عامة نظرية تتعهد بالاصلاح والتغيير ..

+ شخصيا كيف تفاعلت مع تبرئة القضاء مؤخرا للسيد الياس الفخفاخ من شبهات تضارب المصالح و عدم احترام الاجراءات القانونية ؟

شخصيا فرحت كثيرا بتبرئته وتوقعتها منذ البداية ..

لان السيد الياس الفخفاخ كان مطالبا بتسوية بعض الملفات الادارية والقانونية التي تهمه وتهم مؤسساته بعد توليه رئاسة الحكومة بشهرين كحد أقصى ..لكن ذلك كان مستحيلا بسبب الاغلاق العام في 2020 بسبب وباء كورونا .. لان كل الادارات والقباضات اغلقت وصدر قرار رسمي بتاجيل كل العمليات الادراية والمالية والجبائية والقانونية لمدة 4 اشهر ..

وقد تعرض الفخفاخ الى حملة شيطنة بينما الجميع يعلم ان الامر يتعلق بوضعية استثنائية بسبب وباء كورونا وقرار رسمي بالاغلاق العام رافقه قرار تاجيل قانوني لكل الاجراءات الادارية والمالية بما فيها تلك التي تهم الفخفاخ ..

الاجل القانوني انتهى في جويلة وليس في 27 افريل بسبب حالة الحظر الشامل والغلق الكامل للادارات ..

+ هل يمكن ان يؤدي حكم تبرئة السيد الياس الفخفاخ الى مراجعات واعادة فتح باب الحوار بين الاطراف السياسية التي شاركت في حكومته وتصدع التحالف بينها بسبب ما يعتبره البعض ” افتعال ” قضايا عدلية و”اجرائية ” ضد الفخفاخ وحزبه والمقربين منه ؟

— هذا السؤال يجب ان يوجه اليهم

++ هل هناك نقاط التقاء بين جبهتكم الجديدة وتجربة جبهة ” 18 أكتوبر” التي تأسست في 2005 بعد اضراب جوع دام أكثر من شهر في مكتبكم للمحاماة شارك فيه عدد من أبرز زعماء المعارضة والحقوقيين من كل التيارات ..وتطور الى صياغة وثائق فكرية سياسية مجتمعية وتحركات مشتركة دامت سنوات ؟

يقول محمود درويش : ” لكل نهر منبع ومجرى ومراكب”..واليوم نقول ” لكل مقام مقال” ..

اكيدا ان هناك شبه بين جبهتنا الجديدة وتجربة 18 اكتوبر2005 ..

لكن مبادرتنتا اليوم جاءت لأن الاهم بالنسبة الينا تجاوز النقص الحاصل في البلاد اليوم لان بعض المنظمات الحقوقية التقليدية شبه ” معطلة ” في مجال الدفاع عن الحريات ..كما نعتبر أن من بين خصوصيات تجربتنا أنها تعطي أولوية كبيرة للربط بين قيام نظام ديمقراطي والنضال الحقوقي ولا تكتفي برصد الانتهاكات…

لقد حققت ثورة تونس مكاسب عديدة .. وشهد العالم طوال 10 اعوام بنجاحاتها لكنها فشلت في تحقيق الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية ..

فهل يعقل اليوم ان نضحي في نفس الوقت بالمكاسب السياسية وبالاوضاع الاجتماعية الاقتصادية ؟

يجب إصلاح الغلطات السابقة والدفاع عن اسس الدولة الديمقراطية ..لانه اذا فشل مسار التمسك بالديمقراطية الدولة سيجد الشعب نفسه طوال 20 او 30 عاما في مرحلة نظام دكتاتوري وسيعود النضال مجددا من اجل مكاسب محدودة ..

أخبار, البارزة, حوارات 0 comments on نقيب محاماة تونس السابق: بلادنا بحاجة لإنقاذ وطني

نقيب محاماة تونس السابق: بلادنا بحاجة لإنقاذ وطني

كمال بن يونس

استأنف نقيب المحامين التونسيين والوزير السابق عبد الرزاق الكيلاني، فور الإفراج عنه من السجن موفى الشهر الماضي، تحركاته الحقوقية في المحاكم وفي التظاهرات الثقافية والسياسية المعارضة لـ “حل البرلمان وتجميد الدستور” وتطالب بـ “استئناف المسارين الديمقراطي والبرلماني والتراجع عن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء والهيئات الدستورية”..

وانخرط الكيلاني في تحركات يتزعمها حقوقيون وسياسيون يساريون وليبيراليون وإسلاميون وقوميون من أجل تأسيس “جبهة للخلاص الوطني” و”مبادرة ديمقراطية” تعلن قريبا عن “خطة لإنقاذ البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية”..

الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس التقى الكيلاني وأجرى معه الحوار الآتي خصيصا لـ “عربي21”:

 

                        عبد الرزاق الكيلاني يتحدث لكمال بن يونس

س ـ أستاذ عبد الرزاق الكيلاني عرفت منذ 1990 رئيسا لمنظمة المحامين الشباب في تونس وفي البلدان المغاربية ثم نقيبا للمحامين.. وبعد انتخابات أكتوبر 2011 توليت حقيبة وزارية ثم عينت سفيرا في جنيف.. وقد اتهمك بعض خصومك عند اعتقالك مطلع الشهر الماضي بـ”ممارسة السياسة” والانحياز إلى “حزب سياسي”.. فأين الحقيقة؟

ـ أولا ممارسة السياسة والانتماء إلى الأحزاب ليست تهمة بل هي حق يضمنه الدستور والقانون.. لكن من روجوا ضدي “إشاعات” وحاولوا شيطنتي يعلمون جيدا أنني كنت دوما مستقلا عن كل الأحزاب وأنني رافعت عن كل السياسيين من مختلف التيارات بصفتي محاميا وعميدا للمحامين ورئيسا لجمعيتهم وعضوا في الهيئة الوطنية..

كما أنهم يعلمون أنني كنت في موفى 2010 ومطلع 2011 من بين الذين تصدروا مسيرات المحامين والحقوقيين بملابس المحاماة أمام قصر العدالة وفي الشوارع، لأن غالبية المحامين انخرطت وقتها في الحراك الشعبي والاحتجاجات ضد الظلم والاستبداد وساهمت في إسقاط حكم بن علي وفي إنجاح الطور الأول من الانتقال الديمقراطي..

والبعض يعيب علي إلى اليوم دوري في “ثورة الحرية والكرامة” في يناير 2011 وبعدها.. بما في ذلك عندما كنت سفيرا في جنيف لدى منظمات الأمم المتحدة وهيئات حقوق الانسان الأممية..

أغلب الأصدقاء والخصوم متأكدون جيدا من استقلاليتي ومن علاقات الصداقة التي تجمعني مع المحامين والسياسيين من كل التيارات في تونس وفي فرنسا وأوروبا والوطني العربي.. لذلك تضامن معي عند افتعال قضية عدلية ضدي في المحكمة العسكرية عشرات نقباء المحامين الحاليين والسابقين في تونس وفي فرنسا وأوروبا ومن الاتحادات الدولية للمحامين..

يشرفني أن أعرف نفسي بكوني محاميا وحقوقيا مستقلا يؤمن بعلوية الدستور والقانون وبالقيم الكونية..

ودون خوض في التفاصيل أنوه بكون أولوية الأولويات يجب أن تكون اليوم الاحتكام لدستور يناير 2014 الذي أنجزه المجلس الوطني التأسيسي التعددي المنتخب في أكتوبر 2011 بعد مشاورات شملت عشرات آلاف المواطنين والسياسيين، بينهم أكاديميون وخبراء من مختلف المدارس والتيارات بمن فيهم الأستاذ قيس سعيد.

هذا الدستور نموذجي عربيا لأنه نص على احترام “حرية الضمير” و”حرية المعتقد” وعلى مكاسب سياسية وحقوقية بالجملة.. يمكن تعديله لكن من قبل البرلمان المنتخب وليس عبر مراسيم وأوامر ظرفية..

البحيري وراضية النصراوي

س ـ لكن البعض اتهمك بالانحياز إلى حزب النهضة الإسلامي ويستدلون بمرافعتك عن نائب رئيس هذا الحزب الوزير السابق المحامي نور الدين البحيري؟

ـ هذه مغالطة أخرى لأني دافعت عن الزميل المحامي نور الدين البحيري مع عدد كبير من مشاهير المحامين الليبيراليين واليساريين والمستقلين بينهم الأساتذة أحمد نجيب الشابي ورضا بالحاج وحاتم قطران وإسلام حمزة ومحمد الهادفي رئيس المحامين في محكمة تونس وعضو الهيئة الوطنية وعبد الرؤوف العيادي وسمير ديلو…

وفي سياق مهمتنا حاولنا زيارة المحامي نور الدين البحيري في المستشفى، حيث كان في إضراب جوع  وكانت حياته في خطر.. وعندما منعنا عون أمن من زيارته طالبته بقرار كتابي يبرر المنع.. فوقع افتعال قضية ضدي.. وانطلقت محاولات شيطنتي.. لكن المحامين التونسيين والأجانب الذين حضروا استنطاقي أمام القاضي العسكري، وبينهم محامون من فرنسا ورئيس فرع المحامين في تونس محمد الهادفي، أوضحوا أن القضية كانت مفتعلة..

ومن بين المهازل توجيه اتهامات مماثلة لعميد للمحامين مثلي رافع طوال عقود عن كل السجناء والمتهمين في قضايا سياسية ونقابية.. بينها قضايا تهم حقوقيين ومحامين محسوبين على “أقصى اليسار” مثل الصديقة المحامية والحقوقية راضية النصراوي وزوجها حمة الهمامي أمين عام حزب العمال.. الذي أنوه بما كتبه دفاعا عني عندما كنت في السجن..

وقد ذكر الصديق حمة بعلاقات المودة والتقدير التي جمعتني به وبزوجته الأستاذة راضية النصراوي طوال عقود.. وأسجل بكل فخر أني تعلمت منها الكثير مهنيا وحقوقيا.. وهي صديقة مثلما تجمعني علاقات صداقة بالأساتذة أحمد نجيب الشابي ونور الدين البحيري والعمداء شوقي الطبيب وعبد الوهاب الباهي والبشير الصيد.. وكل النقباء ورؤساء جمعية المحامين الشبان الذين وقفوا معي.. بصرف النظر عن ميولاتهم الفكرية والسياسية.. وكان بينهم مثلا الأستاذ محمد عبو الذي دافعت عنه بقوة عند تتبعه واعتقاله في 2005..

جبهة للخلاص والديمقراطية

س ـ وماذا عن انخراطك في المظاهرات التي دعا إليها القياديون في “المبادرة الديمقراطية” وحراك “مواطنون ضد الانقلاب” ومسار تشكيل “هيئة للخلاص الوطني”؟

ـ أسجل أولا أن المحامين وممثلي السلطة القضائية لعبوا دورا كبيرا جدا في تاريخ الكفاح الوطني والحقوقي في تونس منذ أكثر من قرن..

ويعرف الجميع أن نخبة من رواد الحركة الوطنية في عهد الاحتلال، بينهم الزعماء الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والهادي نويرة وفتحي زهير وعبد الرحمان الهيلة.. كانوا محامين ومن رموز الأسرة القضائية الموسعة..

وخلال كل محاكمات المعارضين “اليوسفيين والقوميين والشيوعيين والديمقراطيين الليبراليين والإسلاميين والنقابيين والطلبة” كان المحامون في الموعد دفاعا عن الحريات والقانون والدستور.. وقد حصل شرف الدفاع عن عدد كبير منهم منذ مباشرتي للمحاماة قبل أكثر من 35 عاما..

وبعد منعرج 25 يوليو والقرارات التي أدت إلى “تجميد” الدستور والبرلمان الذي انتخبه ملايين المواطنين في 2019 ثم “حل” المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وهيئة مكافحة الفساد، وقفت مع الشخصيات والقوى التي تؤمن بعلوية الدستور والقانون وبأن الخلافات السياسية تحسم عبر الحوار بين الوطنيين والديمقراطيين وليس عبر “استخدام القوة” وإلغاء المؤسسات الشرعية المنتخبة..

الخلافات السياسية حقيقية.. ومطلوب من كل الأطراف إعلان نقد ذاتي بما في ذلك الأطراف التي شاركت في الحكم قبل ثورة 2011 وبعدها تلك التي وصلت إلى السلطة بعد انتخابات 2019..

وقد كنت وزيرا ثم سفيرا في 2012 و2013 و2014 أسجل أن من بين غلطات حكومات ما بعد ثورة 2011 أن كثيرا من أعضائها والمتحكمين فيها كانت من بين من تنقصهم الخبرة والكفاءة..

لكن لا بديل اليوم عن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وشرعية الانتخابات..

وعندما نتحدث عن حاجة البلاد إلى خطة للإنقاذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي فلا بد من دعم جهود الأطراف التي تدعم هذا المسار وبينهم الأصدقاء في “المبادرة الديمقراطية” وحراك “مواطنون ضد الانقلاب” ونخبة المحامين والأكاديميين الديمقراطيين..

وفي هذا السياق تتنزل انتقاداتي لمهزلة إحالة أعضاء البرلمان على محلات البوليس والمحاكم واتهامهم بـ”الانقلاب” و”التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” بسبب اجتماع افتراضي عبروا فيه عن موقف سياسي يعارض الانقلاب على الدستور..

وتشرفت أن شاركت وترأست في تحركات حول هذا الملف مع خبراء اقتصاد ودراسات استراتيجية ومع شخصيات وطنية مثل الأساتذة أحمد نجيب الشابي وجوهر بن مبارك ورضا بالحاج والحبيب بوعجيلة وشيماء عيسى وإسلام حمزة وعبد الرؤوف العيادي والصافي سعيد وأسامة الخريجي وغيرهم..

ولا يحرجني أن أعلن مجددا أن “محاكمة ممثلي السلطة التشريعية بقرار من السلطة التنفيذية يكرس النيل من مبدأ الفصل بين السلطات ومن استقلالية القضاء ومن شرعية المؤسسات المنتخبة.. وهو انقلاب على الدستور وعلى القانون.. ولا بد من حل سياسي ومن حوار وطني حقيقي لإنقاذ البلاد من مزيد الانزلاقات”..

أخبار, البارزة, حوارات 0 comments on الياس الفخفاخ رئيس الحكومة التونسي السابق للشرق الاوسط: تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022

الياس الفخفاخ رئيس الحكومة التونسي السابق للشرق الاوسط: تحديات بالجملة تواجه تونس ودول المنطقة في 2022

*مطلوب مزيد تطوير شراكة تونس والدول المغاربية مع اوروبا و الخليج

بدأ عام 2022 ودول المنطقة ، وبينها تونس ، تواجه تحديات اقتصادية اجتماعية وسياسية أمنية بالجملة ، بعضها هيكلي وبعضها الآخر ظرفي، في ظل الأزمة الصحية الغير مسبوقة كورونا وانعكاساتها السلبية على مؤشرات التنمية ونسب النمو عالميا وإقليميا ووطنيا ، فضلا عن تضرر تونس من تعاقب سنوات عدم الاستقرار السياسي داخليا وعدم الاستقرار ألامني على حدودها الشرقية خارجيًا.

وإذا سلمنا أن فشل منوال القديم تسبب منذ مطلع هذا القرن في سلسلة من الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ثم في اندلاع الثورة التونسية والثورات العربية في 2011 ، فإن صناع القرار الجدد لم ينجحوا في تغيير هذا المنوال ، فكانت الحصيلة حالة من عدم الرضى الشعبي وعدم الاستقرار تسبب في بروز مخاطر جديدة تهدد العقد السياسي الاجتماعي الذي حصل عليه توافق كبير في مطلع 2014 ، أي الدستور ، كما تهدد التوازنات المجتمعية والاقتصادية والوحدة الوطنية .

ولا يخفي أن تراكم الأزمات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية الهيكلية منذ عقود يوشك أن يتسبب في انهيار الدولة و تراجع الإحساس بالانتماء للوطن الموحد مقابل بروز الولاءات الفئوية والقطاعية و الجهوية ..و في انتشار نزعات الغلو والتطرف.

وأعتقد أن تونس بالرغم من انفتاح مجتمعها ونخبها ورصيد البلاد في عالم التنمية البشرية والسياسية وتجاربها التعددية المتعاقبة .

ليست بمنأى عن هذه المخاطر.

يشهد العالم تطورات جيو استراتيجية وتكنولوجية واقتصادية وسياسية نوعية ستنعكس على فرص التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية في تونس وفي كل دول المنطقة .

وستكسب الرهان في ظل التنافس العالمي الجديد الدول والمؤسسات التي ستحسن توظيف ورقة التحكم في اقتصاد المعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي و تكنولوجيات الاتصالات ومسار الرقمنة .

وبالرغم من المضاعفات السلبية لوباء كورونا على الصعيدين الكوني والإقليمي سوف تتحسن أوضاع الشعوب والدول التي ينجح صناع القرار فيها في مواكبة التقدم السريع في عالم الرقميات .

في المقابل سوف تتسع “الهوة الرقمية ” بين بعض دول الجنوب ودول الشمال ، وسنشهد مزيدا من التراجع لدور الدول والحكومات والمؤسسات التي لا تواكب المستجدات في عالم اقتصاد المعرفة والتحولات الرقمية الجديدة .

في هذا السياق العام بات من الضروري لتونس و لدول شمال افريقيا أن ترفع في مستوى الشراكة والمبادلات مع دول الاتحاد الأوربي.

لقد انطلق مشروع برشلونة الأوربي المتوسطي طموحا في 1995 ثم في القمة الاورو متوسطية الأولى في 2005 .

وكان الهدف تحرير تنقل المسافرين ورؤوس الأموال والسلع في الاتجاهين .

وقطعت أشواط ايجابية رغم الانتكاسات . وساهم الاتحاد الأوربي بصفة جماعية وبعض دوله بصفة ثنائية في تأهيل جزيء للاقتصاد التونسي .

لكن عوامل كثيرة ، من بينها التركيز على إدماج دول أوروبا الشرقية كأولوية على حساب تعهداتها لشركائها في دول جنوب المتوسط ، وبينها تونس ، بما في ذلك فيما يتعلق بدعم الانتقال الديمقراطي والاندماج الاقتصادي والانتقال الرقمي لكن لابد أن تدرك دول أوربا اليوم أن مستقبل استقرارها وأمنها وتوازنها الديمغرافي والاجتماعي رهين شراكة مع دول جنوب المتوسط ، واعتماد شراكة تنموية شاملة وتنظيم تنقل المسافرين والمهاجرين في الاتجاهين دون اختزال التدخلات والمساعدات في ” الحلول الأمنية والعسكرية “.

إن معدل الدخل الفردي في دول شمال البحر الأبيض المتوسط يقدر بعشرة أضعاف دخل المواطن في دول جنوب المتوسط .

إذن فالهوة تزداد عمقا في وقت تعثر فيه الانتقال الديمقراطي وتأخر فيه الانتقال الرقمي وتزايدت فيه نسب الفقر والبطالة ومؤشرات الاضطراب الأمني .

لذلك فمهما كانت التعطيل لحرية التنقل والعقوبات التي سوف تفرض على المهاجرين غير النظاميين سيفرض ملف الهجرة نفسه مجددا بسبب الاختلال الديمغرافي والاقتصادي والهوة الرقمية و ظروف العيش والأوضاع السياسية في ضفتي البحر الابيض المتوسط .

حاليا يقدر عدد السكان في البلدان المتوسطية العشرة بمائتي مليون ساكن شمالا ومثلهم جنوبا .

لكن من المتوقع أن يتراجع النمو الديمغرافي في بلدان جنوب أوروبا،مقابل تضاعف سكان دول جنوب المتوسط قبل عام 2050 .

إذن فمن مصلحة الجميع البدء منذ الآن في شراكة ناجعة في قطاعات التدريب والتربية والتعليم والإنتاج والخدمات واعتماد سياسات مشتركة تجنب دول الجنوب هجرة مزيد من الأدمغة وتضمن للدول الأوربية حاجياتها القادمة من الخبرات والعمال في مختلف القطاعات.

بالتوازي على تونس ودول شمال افريقيا أن توظف إيجابا علاقاتها مع الدول المتقدمة في المشرق العربي وتحديدا مع دول الخليج التي حققت في الأعوام الماضية تقدما اقتصاديا كبيرا وانفتاحا ثقافيا .

أعتقد أن ذلك ضروري وممكن ، خاصة مع الدول الخليجية الشقيقة التي نجحت في تنويع اقتصادياتها واستثماراتها محليا وعربيا ودوليا ودخلت “مرحلة ما بعد النفط “.

كما سيكون مفيدا لتونس ودول المغرب العربي تطوير علاقاتها مع دول الخليح العربية التي برهنت على تقدمها السريع والناجع في مجال الانتقال الاقتصادي و الرهان على تقدم الإنسان و الموارد البشرية والانفتاح الثقافي…

ولا شك أن من بين أولويات المرحلة القادمة بالنسبة لتونس ودول جنوب المتوسط العربية تشبيك علاقاتها الثنائية والإقليمية مع دول الخليج التي يمكن أن ترفع مستوى استثماراتها وشراكتها معها خدمة لمصالح كل الأطراف وتكريسا éلقاعدة تقاطع المصالح .

مؤشرات عام 2022 توحي بكون التحديات خطيرة والغموض كبير لكن تطوير شراكات البينية والإقليمية يمكن أن يساهم في محاصرة الأزمات ..كل الأزمات ..

أخبار, البارزة, حوارات, وجهات نظر 0 comments on العجمي الوريمي : مراجعات المثقفين اليساريين والاسلاميين في تونس تطور تاريخي أجهضه ” الاستئصاليون “

العجمي الوريمي : مراجعات المثقفين اليساريين والاسلاميين في تونس تطور تاريخي أجهضه ” الاستئصاليون “

العجمي الوريمي في حوار فكري سياسي شامل عن بورقيبة والعروبة واليسار والإسلاميين وشكري بلعيد:

بورقيبة تطور من حليف للاصلاحيين العروبيين والاسلاميين إلى ” مدرسة اوغست كونت “

* الثورة الايرانية والسادات أحدثا منعرجا في تاريخ الحركات القومية والاسلامية .

* مراجعات المثقفين اليساريين والاسلاميين في تونس تطور تاريخي أجهضه ” الاستئصاليون “

* شكري بلعيد تطور ..وكان مع حوار متكافئ بين حزب يساري كبير مع النهضة

تونس. كمال بن يونس

يعتبر المفكر والبرلماني العجمي الوريمي نائب رئيس حركة النهضة المكلف ب”الفضاء الاستراتيجي” ، من أبرز الرموز الفكرية والسياسية والنقابية الإسلامية منذ دخوله للجامعة طالبا في الفلسفة عام 1981، قبل أن يصبح ضمن قيادات “الجيل الثاني” لحركة الاتجاه الإسلامي في الحركة الطلابية ” ثم من مؤسسي نقابة “الاتحاد العام التونسي للطلبة”.

اشتهر الوريمي بإسم ” هيثم” ، وعرف بمشاغله الفكرية والثقافية وبانفتاحه وتواصله مع خصومه فكريا وسياسيا وطنيا وداخل حركته ، فيما يعيب عليه بعض معارضيه داخل “النهضة” دفاعه المستميت عن زعمائها التاريخيين بقيادة راشد الغنوشي وعن دعواتهم ” للتوافق والشراكة بين الإسلاميين الديمقراطيين والعلمانيين المعتدلين” .

درس الوريمي الفلسفة في جامعات تونس والمغرب وخاض تجارب ثقافية و إعلامية وحوكم مع قيادة النهضة أمام المحكمة العسكرية مطلع التسعينات وتعرض لأبشع أنواع التعذيب . لكنه اختار بعد ثورة 2011 أن لا يتحمل أي مسؤولية حكومية واكتفى بعضوية البرلمان مؤقتا والعودة إلى البحث العلمي والفلسفي والمشاركة في الحياة الثقافية ومحاولة دعم اهتمام النخب التونسية والعربية بالحوار الفكري وترشيد الفكر السياسي والخطاب الإعلامي.

الاكاديمي والإعلامي كمال بن يونس التقى العجمي الوريمي وأجرى معه حديثا حصريا ل” عربي 21″ حول قراءته للحراك الفكري في الدول العربية وتونس في علاقة بالمراجعات داخل التيارات الإصلاحية والراديكالية الحداثية واليسارية والإسلامية والعروبية ، في سياق ” التداخل ” بين الفكري والسياسي لدى رواد حركات التحرر وبناة الدولة الوطنية .

وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تفسر فكريا توتر علاقات الرموز الفكرية للأطراف السياسية العربية بعد 11 عاما عن ” الثورات العربية “؟

لماذا عاد الاصطفاف السياسي – الايديلوجي والصراع العنيف بين رفاق الأمس ، تحت يافطات فكرية وإيديولوجية بما في ذلك داخل التيارات والأطراف التي نشأت موحدة وتحالفت طوال عقود سياسيا حول شعارات التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية والحريات و ” النهضة الفكرية الثقافية الشاملة”؟

و كيف نفسر التنافر والصراعات التي استفحلت منذ أعوام داخل”تيار الهوية الوطنية” بمكوناته الإصلاحية الليبرالية و العروبية الإسلامية واليسارية” وهو الذي نشأ موحدا ونجح في قيادة الكفاح ضد الاحتلال الاجنبي وبدء مشوار بناء الدولة الوطنية الحديثة؟

+ بالفعل نشأ تيار الهوية موحدا في مراحل الحركة الإصلاحية والكفاح ضد المستعمر : عدم الفصل بين العروبة والإسلام وتقديم قراءة تقدمية للإسلام ، واعتبار الإسلام دينا وحضارة ركيزة للهوية ، والتنويه بأمجاد الحضارة العربية الإسلامية العريقة ورموزها واعتبارها بعدا مهما في محاورة ثقافة الغرب والرد على أدبيات المستعمر ومرجعياته الفكرية ..

ف ينفس الوقت كان هناك وعي بالفجوة التاريخية بين واقع المسلمين وواقع المجتمعات والدول الأوربية . وكان الأمل كبيرا في ردم هذه الفجوة عبر تعميم التعليم وتطويره وتحديث المجتمع والمؤسسات السياسية للدولة الوطنية المستقلة في البلدان العربية الإسلامية ..

ردة فعل النخب الإصلاحية العربية على الفجوة بين واقع العرب والغرب الاستعماري كانت واعية ومنفتحة ، ولم يحكمها منطق رفض الآخر والانطواء ..

بل حصل العكس فبرزت مدارس فكرية منفتحة عليه مع دعوات للإصلاح الفكري والثقافي والتربوي والمجتمعي والاقتصادي ..

لكن الواقع الاستعماري كشف للنخب ، أو لبعضها ، أن واقع التخلف في البلاد العربية يستوجب عقودا من الإصلاح والجهود وربما ” دورة حضارية كاملة ” أي عقودا متعاقبة من النضال والمثابرة ، ومراجعات نقدية عميقة ..

العوامل الذاتية..و” التراث” ؟

* في هذا السياق أدركت النخب العربية أو تيار منها أن أسباب التخلف والتبعية ليست خارجية فقط وأن العوامل الذاتية مهمة جدا ، ومن بينها الهوة مع واقع التعليم والبحث العلمي وبين مستوى جامعات أوربا والعالم العربي الاسلامي ونخبها معرفيا وفلسفية وثقافيا ؟

+ فعلا ..

فقد أدركت النخبة التحديثية العربية التي احتكت بالغرب فكريا وثقافيا وسياسيا ومجتمعيا أن من بين أسباب تخلف مجتمعاتنا وشعوبنا عوامل ذاتية ، بما فيها الهوة بين الثقافات والبون الكبير في التقدم العلمي والفكري وفي استيعاب المستجدات والتناقضات الجديدة ..

فهم تيار من هذه النخب أن ” الموروث الثقافي ” يفسر جانبا من التخلف .. واقتنع أن المصلحة قد تقتضي ” ربح الوقت واختصار المسافات” عبر تبني علوم الآخر وثقافته وفكره ومرجعياته الفلسفية ..وطرح تساؤلات أكثر جرأة وعمقا ..

لذلك فإن مقاربة النخب التحديثية أو “التغريبية” كانت تقوم على استيعاب ثقافة الغرب المتقدم وفكره ومنهجه رغم دعوات قطاع عريض إلى التمسك بالهوية والخصوصيات الثقافية بهدف التعبئة الوطنية والسياسية والحزبية والانتخابية ..

آمن تيار كبير من الوطنيين العرب مبكرا بضرورة الدعوة إلى فهم العقل الغربي من الداخل واستخدام منهجه والتحاور معه بآلياته بما يضمن ” الندية ” و” الشراكة ” دون التورط في ” معارك غير متكافئة “..

سيطرت البراغماتية على منطق النخب التحديثية ، مثلما لمسناه في أدبيات حركات الشباب والتجديد في تونس منذ موفى القرن 19 ومطلع القرن 20 ، على غرار محمد وعلي باش حانبة والبشير صفر وعبد العزيز الثعالبي ورفاقهم ثم الحبيب بورقية ومحمود الماطري ورفاقهما..

وبرزت نفس الظاهرة بين زعماء تيار الإصلاح والحركات الوطنية في المشرق العربي وخاصة في مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين …

امنوا جميعا بهذا المنهج رغم إعلانهم نوعا من التميز عن ثقافة الغرب ..وكانوا بذلك يرشحون أنفسهم ليتصدروا المشهد ويقودوا مجتمعاتهم بصفتهم تحديثيين متمسكين بالهوية الوطنية لشعوبهم..

تقاطع ..ثم تناقضات

* لكن سرعان ما برزت تناقضات داخل هذه النخب والزعامات ؟

+ صحيح برز مبكرا التمايز عربيا وفي البلدان المغاربية وبينها تونس بين ” الاصلاحيين ” المتمسكين بورقة الهوية الثقافية و” البراغماتيين ” الذين رفعوا نفس الورقة لكنهم رجحوا منهج الانفتاح والبراغماتية ..

في هذا السياق يمكن أن نفسر بعض الخلافات التي برزت قبل الاستقلال بين منهج الشيخ عبد العزيز الثعالبي ورفاقه الذين كانوا وطنيين واصلاحيين يسعون الى المصالحة مع فرنسا وثقافتها وفكرها ، وخصومهم بزعامة الحبيب بورقيبة ورفاقه الذين كانوا أكثر ” راديكالية ” سياسيا لكنهم كانوا أكثر براغماتية وجرأة في فتح ملفات ” الموروث” الثقافي والفكري والمجتمعي العربي الاسلامي ..

وتطور التمايز والخلاف إلى حد الاستعداد في الدخول في صراع مع المنافس داخل التيار الوطني ومواجهة الخصم الفكري والسياسي بالعنف ..مثلما تكشفه بعض المواجهات التي وقعت بين زعامات ” زيتونية ” (من خريجي جامعة الزيتونة “) وأخرى ” مدرسية ” ( من خريجي “المدارس العصرية ” الفرنسية أو التونسية الفرنسية ) .

وانتصر في بعض البلدان مثل تونس مشروع قريب من مشروع ” الجمهورية الفرنسية ” في فرض أولية تعميم التعليم و الترويج لثقافة حداثية غربية .. مع العمل على تزعم مشروع ” ثورة اجتماعية ” من بين أولوياتها تحرير مضمون برامج التعليم وتحرير المرأة والأسرة وتعميق التمايز وتجذير الخلاف مع النخبة الوطنية الإصلاحية التجديدية من الداخل ..

كان التياران ينشدان الإصلاح الثقافي والتربوي وترضية الطرف الآخر ( الفرنسي البريطاني الغربي ..)

لكن الاختلاف برز في التفاصيل ، وفي درجة إعلان الولاء للهوية العربية الإسلامية ثم درجة القبول ببعض المناهج الفلسلفية الأوربية الحديثة ..

الثعالبي نفسه كان يريد أن يبرز منفتحا وأن يسترضي فرنسا وان يكون رمزا لحاملي التجديد والتحرر …فزايد عليه الطرف المنافس له بزعامة بورقيبة – الماطري – صالح بن يوسف وتقدم خطوات فكرية وسياسية نحو ” الآخر” ( الغرب وفرنسا ..) لم يكن واردا أن تغامر بتبنيها الرموز الاصلاحية الزيتونية مثل الثعالبي ومحمد الطاهر محمد الفاضل بن عاشور والمختار بن محمود وتلامذتهم رغم دورهم في الحركة الوطنية السياسية والثقافية وفي الحركة النقابية الاجتماعية ..

برز خلاف عند مخاطبة المستعمر بين من يخاطبه بلغته ومن يخاطبه بمرجعيات ثقافية وفكرية مغايرة .

زعماء التيار التحديثي أو ” التغريبي ” خاطبوا سلطات الحماية ببنود الاتفاقية ، ثم رفعوا سقف المطالب السياسية والدعوة الى وضع سياسي جديد فيه تغيير راديكالي وطني ودولي مع الدعوة الى طي صفحة الماضي والاستعداد لشراكة مع المستعمر السابق في صورة اعلان الاستقلال..

في هذا السياق نجح بورقيبة وفريقه في تجنب الوقوع في فخ الاحتواء من قبل الآخر الاستعماري ورفعوا مطالب وطنية أكثر وضوحا من تلك التي رفعها التيار الإصلاحي الزيتوني والليبيرالي .,

وفي مرحلة بناء الدولة الوطنية لعب قادة هذا الجناح من النخبة ورقة التحديث واتهموا منافسيهم و خصومهم بالعجز عن التحرر من الموروث الفكري الديني المحافظ الذي اتهموه بالرجعية والتخلف بما في ذلك فيما يهم الموقف من حرية المرأة وحقوقها ..

ونجع بورقيبة بسرعة في الانتصار على المشروع ” المحافظ ” الذي يرمز له ” الزيتونيون ” مثل الطاهر والفاضل بن عاشور وعبد العزيز الثعالبي والنيفر وجعيط وتلامذتهما والتيار الديني ، ودعوا الى التحرر من النصوص الدينية والفهم السائد القديم لها .

في المقابل دعا خطاب بورقيبة ورفاقه إلى فهم مقاصد الإسلام والتشريع الإسلامي التي اعتبر أنها تؤدي إلى تبني نظم ومفاهيم ومؤسسات سياسية تحديثية غربية ..

بورقيبة ورفاقه درسوا القانون الغربي و النظم السياسية في الجامعات الفرنسية والغربية ، ولم يكتفوا بدراسة القوانين والدساتير بل استوعبوا خلفيتها الثقافية والفكرية والمنهجية التي حكمت واضعيها .. ونجحوا عبر سياساتهم التربوية والثقافية في ابراز نخبة جديدة تحديثية أعلن تيار منها ” القطيعة ” مع التراث العربي الاسلامي أو دخل في صدام معها بحجة مكافحة التخلف والرهان على تحقيق التقدم والنمو ..

بورقيبة ..ومرحلة ما بعد الأديان

* هناك من يعتبر أن نقطة قوة فريق الحبيب بورقيبة ونقطة ضعفها في نفس الوقت أن قيادة الدولة الوطنية أعلنت القطيعة مع الفكر العربي الاسلامي السائد و” التراث المشرقي” بما في ذلك فيما يتعلق بالموقف من الهوية الدينية والاديان والمقدسات ..رغم اعلان بورقيبة مرارا عن اختلافه مع منهج مصطفى كمال أتاتورك وأنصاره..

+أستاذنا المفكر والباحث الكبير عبد الوهاب بوحديبة يعتبر في كتاباته وفي دروسه الجامعية أن بورقية تبنى أفكار الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي ” أوغست كونت ” ومدرسته الوضعية الاجتماعية والواقعية ..

بورقيبة تأثر بنظرية المراحل الثلاثة التي بلورها اوغست كونت ..التي تؤمن بتعاقب المراحل و أن البشرية مرت من “المرحلة اللاهوتية” إلى “المرحلة الميتافيزيقية” ثم إلى ” المرحلة العلمية” …

والأهم أن كونت يعتبر أن كل مرحلة تقطع مع المرحلة السابقة وتتجاوزها ..

وبحكم معرفة بورقيبة للنخبة تجنب مواجهة الشعب التونسي ومعتقداته لكنه فتح مواجهة مع النخب الإصلاحية العربية والإسلامية التي كان يعتبرها محافظة وتقليدية ورجعية ..دون مس من عقيدة الشعب ..

وبعد الاستقلال ووصوله إلى الحكم تبني استراتيجية تعتمد على تغيير المجتمع وأفكاره وتوجهات نخبه عبر مؤسسات الدولة والحزب الحاكم في اتجاه التحديث ..

اليسار التونسي والعربي

* في عدد من الدول العربية ، بينها تونس ، لعب مثقفون وسياسيون من مدارس يسارية ماركسية شيوعية واشتراكية أو قومية عربية دورا كبيرا في توجيه سياسات الحكومات والأحزاب الحاكمة ومنظمات المجتمع المدني رغم الصراعات التي خاضتها مجموعات يسارية في الجامعات والنقابات ضد السلطات .

كيف تقيمون تطور النخب اليسارية بالنخب الحاكمة عربيا وفي تونس ؟ وما صحة ما روجه البعض عن ” دور وظيفي” قامت به نخب يسارية أو إسلامية أو عروبية لصالح الانظمة القمعية وأجهزتها الدعائية أو الأمنية بسبب التقائها في مسار اقصاء خصمها الايديولوجي ؟

** النخب اليسارية الماركسية والقومية التونسية لم تفرز مفكرين ورموزا فكرية في الستينات والسبعينات ..وأغلب كتب المفكرين الماركسيين والقوميين وقع تأليفها غالبا بعد خروج كتابها من حركاتهم السياسية ومن السجون وتفرغهم للبحث العلمي والجامعي ..

لم تفرز التيارات الماركسية والشيوعية والقومية التونسية مفكرين كبارا وكانت محدودة العدد إذا ما استثنينا مجموعة ” العامل التونسي ” الماوية ، المتأثرة بمواقف ماو تسي تونغ ..والتي حوكم مئات من نشطائها السبعينات ..بعد سلسلة محاكمات مجموعات ” آفاق” ..

كانت نشأة هذه المجموعات ردا فعل يساري على سياسات بورقيبة و حكومات الدولة الوطنية .. لكنها كانت في نفس الوقت رد فعل “مأزومة ” في علاقتها بالهوية وعجزت عن الجمع بين برنامجها الاجتماعي وهوية المجتمع وظلت أسيرة تقلبات مواقف كبار المسؤولين والرموز في الحركة الشيوعية العالمية ..

ساهم القمع البوليسي للحركة الطلابية والنقابية وللمعارضة بأالوانها في أن كانت النخب السياسية اليسارية الماركسية والبعثية ” تابعة ” للكتاب والسياسيين اليساريين في العالم وفي المشرق العربي مثل مصر وسوريا والعراق وليبيا..

بل إن أكثر الذين كتبوا من اليساريين الماركسيين كانوا أساسا جامعيين وليسوا مفكرين أو مثقفين…

بعض أساتذة الجامعة واغلبهم من بين المؤرخين ، مثل الهادي التيمومي ، حاولوا أن يقدموا مرجعيات فكرية لأقصى اليسار التونسي عبر كتابات غلبت عليها الايديلوجيا واعادة الشعارات الايديولوجية ” التقليدية ” التي روجها ماركسيون قدامي في العالم قبل مراجعات ما بين الحربين العالميتين وبعدها ..بما في ذلك الدعوة إلى إقصاء التراث والمقدسات والاديان نهائيا …

في المقابل أفرز اليسار التونسي مفكرين ومثقفين جامعيين معتدلين وأكاديميين، مثل المؤرخين علي المحجوبي ومصطفى كريم ، ممن التزموا بالمنهجية العلمية وأنصفوا كل التيارات الوطنية بما في ذلك التيار الإصلاحي الوطني العربي الاسلامي بزعامة رواد جامعة الزيتونية والمدرسة الصادقية مثلا ..

الأممية الاشتراكية ؟

* لكن بعض رموز اليسار التونسي والمغاربي والعربي طور مواقفه وأفكاره في علاقة بالجدل أو الحوارات التي عرفتها مؤتمرات الحركات الاشتراكية والشيوعية العالمية ؟

+ فعلا .. التطور الفكري لليسار التونسي والعربي كان أساسا تابعا للصراعات بين الاممميات الشيوعية والخلافات بين موسكو وبيكين ..

وهنا برز تناقض بين تيار سياسي تختزل ثقافته في كتاب “التناقض” للزعيم الصيني ماو تسوتونغ .. وهو عبارة عن خطاب من 50 صفحة ألقاه الزعيم الصيني قدم فيه رؤية جديدة للاشتراكية والشيوعية تختلف عن الماركسية الليبنية السوفياتية …

كما لاحظنا أن أدبيات بعض اليساريين العرب والتونسيين ظلت أسيرة مقولات وردت في ” البيان الشيوعي” الشهير وبعض كتابات لينين عن خلافات الحركة الشيوعية العالمية …

وعموما لم يسفر انخراط المثقفين والمناضلين اليساريين التونسيين والعرب في تلك الخلافات السياسية بين موسكو وبيكين والأحزاب الشيوعية العالمية إبداعا فكريا وطنيا بل عمق تمزق التجارب الحزبية اليسارية والتنظيمات التي عانت من قمع السلطات خاصة في الستينات والسبعينات ..

في المقابل برزت في بلدان عربية أخرى مثل المغرب والجزائر ومصر وفلسطين ولبنان وسوريا والسودان قامات فكرية من حجم عبد الله العروي وسمير أمين والطيب التيزيني وياسين الحافظ ..

إجمالا يمكن أن نسجل أن الفكر السياسي نفسه داخل الحركة اليسارية التونسية كان غالبا يتاثر بمتغيرات الحركة الشيوعية العالمية وما تنتجه شخصيات وأطراف سياسية فلسطينية وعربية او أحزاب يسارية فرنسية أو أوربية . ..

لذلك كانت اغلب صراعات القوى اليسارية التونسية والعربية حول قضايا مستوردة لا تشغل الرأي العام الوطني ..ولم تطور قراءاتها للنظام السياسي والمجتمع ..و”طبيعة المجتمع “..

كانت أدبياتها منذ موفى الستينات الى نهاية القرن حول خلافات التروتسكيين والماويين و..حول ” الأممية الرابعة “..وقضايا هامشية أخرى مستوردة ..

* بالنسبة لليسار القومي؟

* وماذا عن تيارات اليسار القومي العروبي البعثية والناصرية ؟

+ اليسار القومي العربي في تونس بمكوناته البعثية والناصرية والعصمتية كان بدوره انعكاسات لصراعات العواصم القومية في المشرق العربي وصراعات أجنحة حزب البعث من جهة والناصريين والبعثيين من جهة ثانية ..

الكاتب والاديب التونسي البعثي الكبير ابو القاسم كرو مثلا ألف عددا كبيرا من الكتب ولكنه كان اساسا اديبا وهو من اول البعثيين الذين حالوا التأقلم مع الواقع التونسي رغم الطور الأول من تجربته ومؤلفاته التي كانت مرتبطة بمسار الأحزاب القومية في العراق وسوريا ومصر ..

في نفس الوقت برزت رموز سياسية فكرية قومية عربية مثل مسعود الشابي ومحمد الصالح الهرماسي لكن تأثيرهما ظل لمدة طويلة أساسا خارج تونس : الشابي في العراق والهرماسي في سوريا..

في نفس الوقت برزت النزعة القومية لدى كتاب عروبيين من اليسار الذي أثر في الأحزاب التونسية مثل الاستاذ عبد اللطيف الهرماسي عالم الاجتماع خريج ” مدرسة حزب العامل التونسي ” ثم كان من بين مؤسسي حزب التجمع الاشتراكي والحزب الديمقراطي التقدمي ..

عبد الطيف الهرماسي لديه اهتمام فكري وقدم محاولات ..وقد يكون من بين أبرز الأكاديميين القوميين واليساريين الذين درسوا سوسيولوجيا وأكاديميا صعود الاسلاميين فكريا وسياسيا ودعاهم الى تطوير انفسهم فكريا والتحالف مع اليسار العروبي ..

لكنه قدم اسئلة اكثر مما قدم اجابات ..

وكان الهرماسي من “الأقلية المعتدلة” فلم يستطع أن يؤثر كثيرا لأنه كان عقلانيا وحاول أن يكون مفكرا مستقلا ..

توظيف السلطات لمعارضيها وخصومها

* وماهو رأيك في وجهة النظر التي تعتبر أن بعض رموز اليسار التونسي والعربي خلطوا بين وظيفة “اليسار الاجتماعي الديمقراطي” و”اليسار الوظيفي الايديولوجي” الذي وظفته لوبيات مالية وسياسية وأمنية لضرب بقية معارضيها وخاصة من يسمون ب” الاسلاميين الراديكاليين “:..؟ ..في هذا السياق يتهم البعض بعض الفصائل الفلسطينية بأنها تلعب ” دورا وظيفيا ” لصالح سلطات الاحتلال الاسرائيلية عبر تفعيل معارك ايديلوجية معها لاضعاف جبهات النضال المشترك لحركات التحرر الوطني ؟

* ليس لدي اثباتات تاريخية حول الخيانات والتوظيف..

الديبلوماسي السابق والقيادي في الحزب الحاكم سابقا الحبيب الشغال أورد في كتبه أن “فصائل من اليسار التونسي انشاتها المخابرات الفرنسية في 1959 ..ردا فعل على سياسة الحبيب بورقيبة وبعض مواقفه الوطنية “..

وهو يعتبر ان بعض قيادات حركة “افاق” ( برسبكتيف) وفصائل من اليسار الجديد صنيعة أوربية وفرنسية ..

لكن هل تثبت مثل هذا “الشهادة” أن كل مناضلي اليسار التونسي والعربي لم يكونوا فعلا معارضين وكانوا مجرد ” بيادق” بأيدي المخابرات الأجنبية ؟

الاستنتاج خطير وقد يفتح باب تبادل الإتهامات دون حجج ..

أرجح أن عددا من اليساريين والقوميين كانوا معارضين فعلا على الاقل بالنسبة لحركة العامل التونسي..

قد تكون خضعت لضغوطات وتوظيف اقليمي ودولي فقط ..

في المقابل يرجح الأكاديمي التونسي الفرنسي مايكل العياري في اطروحة الدكتوراه أن أغلب قيادات ” الوطد” ( حركة الوطنيين الديمقراطيين ) كانوا صنيعة أجهزة الأمن التونسية في السبعينات والثمانينات لضرب بقية فصائل اليسار التونسي ثم بقية المعارضين ، وبينهم نشطاء حزب النهضة ، بشعارات “” ثورجية “.

ويذكر العياري من خلال الوثائق التي بحوزته اسماء بالاحرف الأولى ويذكر مهماتهم في أجهزة الاستخبارات ..

النقابيون الراديكاليون واصلوا نفس الدور ..

ويورد مايكل العياري في كتاباته أنه حصل اتفاق في عهد بنن علي مع قيادات” الوطد” وتكليف شخصيات قيادية في مهمات عليا في دواوين والوزراء ومؤسسات الدولة ..مقابل ضرب الاسلاميين وبقية السياسيين الذين يعارضون قمعهم ..وان كانوا ليبيراليين أو يساريين ..

توظيف الاسلاميين ؟

* لكن في المقابل هناك من يعتبر أن بعض الأطراف وظفت الخلافات الإيديولوجية لتفجر خلافات سياسية بين اليسار والإسلاميين عوض الصراع مع السلطات والنظام وأن بعض الاسلاميين قبلوا لعب هذه الورقة اوائل السبعينات ؟؟ ..

++ هذه الرواية تحتاج أيضا اثباتات ..

صحيح أن النظام المصري في عهد أنور السادات أفرج عن المساجين الاسلاميين وانفتح عليهم بما ساهم في اضعاف اليسار الاشتراكي والقومي المصري والعربي ..

وفي تونس قد تكون السلطات غضت الطرف مطلع السبعينات عن التحركات الدينية والثقافية والاجتماعية ل” الجماعة الإسلامية ” وبعض الجمعيات الخيرية والثقافية .

وعندما كلف محمد مزالي بحقيبة التربية شجع التعريب و كلف بعض متفقدي مادة الفلسفة في وزارة التربية ، بينهم محي الدين عزوز وعبد الكريم البراق ، بالتنقل بين المعاهد الثانوية وملاقاة تلاميذ الباكالوريا لنقد بعض الفلاسفة الغربيين وتفسير فلسفة ابي حامد الغزالي وكتاباته عن رحلته الايمانية “بين الشك واليقين” ..

في نفس الوقت كان الخطاب الرسمي للدولة ووسائل الاعلام الرسمية للدولة يحارب الشيوعية من منظور ” الهوية الوطنية “..مثلما وظف بورقيبة محاكمة سيد قطب ثم اعدامه في الستينات ليشن حملة كبيرة على جمال عبد الناصر وعلى القومية والناصرية واليسار..

في نفس الوقت سجلت استقالة علي المحظي ، وهو استاذ فلسفة مشهور في مدينة سوسة ( 150 كلم جنوبي شرقي العاصمة تونس ) من وظيفته احتجاجا على قرار تعريب الفلسفة …وقد لاحظنا ان علي المحظي انتمى بعد 2012 إلى حزب نداء تونس تعبيرا عن معاداته لحزب النهضة و”للاسلام السياسي “.. بما يؤكد أن قضية الخلاف حول تعريب الفلسفة والعلوم لم يكون موقفا بيداغوجيا بل موقفا ثقافيا سياسيا ..

الاسلاميون ” جواد خاسر”؟

+ الاسلاميون كانوا في قيادة حركات الاصلاح والحركات الوطنية في العالم منذ القرن 19 من تلامذة سالم بوحاجب الى الثعالبي والطاهر والفاضل بن عاشور وقيادات صوت الطالب الزيتوني واحزاب الوفد والدستور وجماعة الاخوان المسلمين في عهد حسن البنا التي استضافت الحبيب بورقيبة وقيادات حركات التحررالجزائرية والمغربية والفلسطينية الخ .. لكن صراعهم مع ” العلمانيين ” و” الحداثيين ” لاحقا يجعلها ” جوادا خاسرا “..

في البداية كانت ثورة 23 يوليو المصرية تحالفا بين التيارين القومي العربي والاسلامي ثم دفعتها مافيات نحو القطيعة والصدام ..

حصل في تونس نفس المسار في 1956 ثم في 1981 في عهد محمد مزالي مؤسس مجلة الفكر وكذلك في 1987 عندما اختار بن علي أول الأمر خيار المصالحة مع الهوية العروبة والاسلام وسمى نفسه رجل المصالحة مع العروبة والاسلام ..لكن بعض المافيات فجرت صراعا بين الاسلاميين وقيادة ” العهد الجديد “؟

بعد ثورات 2011 وقف الاسلاميون ضد القوميين واليساريين وتحالفوا مع ” القديم” المحافظ وعربيا مع السعودية وقطر وتركيا ضد ” دول الممانعة ” و”المحور الثوري” السوري الايراني الليبي..

هل هو مجدر سوء تقدير سياسي؟ او موقف مبدئ من اليسار الاجتماعي فتورطوا في لعب “دور وظيفي” ضد الاخر ؟

+ تطورت مواقف الحركات الإسلامية قبل الثورة الايرانية وبعدها في علاقة ببروز مشاريع الثورة الإسلامية الكبرى ومشاريع تصدير الثورة..

الحركات الشبابية العربية استعادت بعد ثورة 1979 في ايران الثقة في المرجعيات الفكرية الإسلامية التقدمية والمقاصدية ..

في مصر والعالم العربي اقترنت مرحلة عبد الناصر وبعض الانظمة البعثية بقمع الاسلاميين ..

وبعد مرحلة ” محنة الاخوان” في الخمسينات والستينات كانت المصالحة مع نظام انور السادات والمصالحة مع عدة انظمة عربية بينها انظمة الخليج ..وقد طور الاسلاميون وقتها ادبيات نقدية لسياسات القمع التي قادتها أحزاب وانظمة ” قومية ويسارية ” عربية وكان ضحيتها الشباب الإسلامي والحركات الإسلامية ..

الثورة الإيرانية دفعت الإسلاميين في كل مكان بما في ذك في مصر نحو ” الراديكالية السياسية ” ..

ثم جاءت زيارة السادات إلى القدس المحتلة ومسار التطبيع بين العواصم العربية وإسرائيل …فبرز منطق الصدام وخطاب التصعيد ضد نظام السادات والأنظمة العربية التي قطعت خطوات في اتجاه مزيد تطبيع علاقاتها مع سلطات الاحتلال الإسرائيلية ..

بالنسبة للحوارات والمواجهات بين الإسلاميين والقوميين واليساريين في عهد مبارك في مصر وبن علي في تونس مثلا لا بد من قراءة عميقة و نقد ذاتي رصين ..مع اخذ عدة عوامل بعين الاعتبار من بينها شراسة قمع الأنظمة ..

صراع “رفاق الأمس” بعد الثورة ؟

* لكن يبدو أن المراجعات الفكرية والسياسية بعد تشكيل جبهة 18 أكتوبر 2005 لم تدم طويلا رغم مشاركة رموز يسارية وعروبية واسلامية من الحجم الكبير فيها بينها احمد نجيب الشابي و خميس الشماري و سمير ديلو وعبد الرؤوف العيادي ومحمد النوري والعياشي الهمامي ..

هل نجحت ” المفافيات ” بسرعة في تكريس سياسة ” فرق تسد “؟ أم أن الخلافات الفكرية والعقائدية كاتت أقوى من الوثائق النظرية التي وقع التوافق عليها ما بين 2005 و2010؟

* البعض يعتقد بوجود توظيف سياسي للخلافات بين النخب في تونس وكامل الوطن العربي قبل ثورة 2011 وبعدها ..

والبعض استغرب مثلا ما وصف ب”افتعال تناقض بين حركة النهضة مع قيادات في الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي ثم مع حزب التيار وبين قيس سعيد والنهضة ..

لكني أعتقد أن المراجعات الفكرية ومؤشرات التقارب بين الاسلاميين والقوميين أو بين احمد نجيب الشبابي ورفاقه والنهضة كانت حقيقية ..والشابي عرف بتصريحاته ومواقفه التي انتقدت ” التوجه الفكري والسياسي الفرنكفوني لمحمد الشرفي ” منذ مطلع التسعينات ..واعتقد أن معركة الشابي مع الشرفي لم تكن مفتعلة ولكنها في علاقة بالتطورات داخل اجنحة من قدماء حركات افاق والعامل التونسي واليسار المستقل .. بما في ذلك فيما يتعلق بالرؤية للهوية الوطنية وتعديل برامج التربية والتعليم والتربية الدينية واصلاح جامعة الزيتونة لتلعب دورا جديدا..

وكذلك بالنسبة لمعارك قيس سعيد الفكرية والسياسية قبل الانتخابات وبعدها ..أعتقد أنها كانت مبدئية ..

وأريد أن أسجل أن الاستاذ الصادق بلعيد ، الذي كان من بين مستشاري الوزير محمد الشرفي، أعلن أمام منتدى التميمي أن الشرفي أعلم المقربين منه أنه قابل زين العابدين بن علي بعد انتخابات 1989 وقدم له تقريرا لبن علي عن خطاب النهضة في الحملات الانتخابية واقنعه بانها “خطر عليه وعلى النظام” ، وان الحل يكون في مواجهتهم ثقافيا وتربويا بدءا من تغيير برامج التدريس داخل مؤسسات التربية والتعليم العمومية ..

صحيح ان العامل الفكري قرب الأطراف السياسية في جبهة 18 أكتوبر وشملت خميس الشماري ونجيب الشابي وحمة الهمامي ..ومهد لبروز مشروع ثقافي فكري سياسي وطني ديمقراطي ..لكن بعض المتطرفين داخل ما يسمى باليسار الراديكالي والعلمانيين المتشددين عرقلوا هذا التطور..

شكري بلعيد بدأ الحوار مع الاسلاميين

واريد أن أسجل أن النكسة الكبيرة التي اصيب بها الديمقراطيون والحداثيون والاسلاميون المعتدلون كانت مباشرة بعد سقوط حكم بن علي عندما تشكلت ” جبهة ايديولوجية ” متطرفة اسئصالية سميت ” جبهة 14 جانفي للقوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية ” وتزعمها يساريون وقتها محسوبون على ” الوطد” بمختلف أجنحته وبعثيون ..ثم دفع حزب العمال الشيوعي الذي يتزعمه حمة الهمامي الى الاتحاق بها ..

كانت تلك ” الجبهة ” أكبر ضربة لمسار 18 أكتوبر وأعادت ” الغلاة ” من هنا وهناك إلى ” الحصون الايديولوجية” ..فشهدنا موجات اعلامية وتحركات هدفها احياء الصراع الاديولوجي وتعميق الاستقطاب وصنع واقع استقطاب ..لان بعض ” الزعامات اليسارية المتشددة ” اكتشفت أن مسار الثورة التونسية والثورات العربية لن يؤدي إلى تعزيز مواقعهم بل سوف يؤدي إلى إضعافهم ..وأن المستفيد من الثورة هو الطرف الاسلامي الاكثر انتشارا وشعبية والاكثر تنظما ..

وقد كنت شخصيا أتحاور مع المرحوم شكري بلعيد ومتواصلا معه إلى أن وقعت جريمة اغتياله البشعة ..

وأشهد أن شكري تتطور من يساري ” فوضوي” لا يؤمن بالتنظم والعمل المشترك متازم في علاقته بالهوية ..الى زعيم لتيار يسير نحو الاعتدال ويؤمن بالتنظم ..وقطع خطوات في اتجاه الحوار السياسي مع كل الاطراف بما في ذلك مع النهضة ..لكنه كان يمهد لذلك بتأسيس ” الحزب السياسي الكبير والموحد لليسار ” حتى يتفاوض اليساريون مع الاسلاميين وبقية العائلات الفكرية والسياسية من موقع القوة ..

أعتقد أن المرحوم شكري بلعيد طرح مشروع فكرة “اليسار الكبير” تمهيدا للحوار والشراكة والعمل المشترك ..فوقع اجهاض هذا المسار ..بما في ذلك عبر اغتياله ..

قتل شكري ومشروعه لانه بعض الاطراف ترفض التوافق بين الاسلاميين والعلمانيين وعمقت الانقسامات بين الحداثيين وتيار الهوية ولم تستسغ توجه شكري وتيار من الوطنيين الديمقراطيين وقيادات حزب العمال وغيره نحو المصالحة مع الهوية التونسية العربية الإسلامية ونحو الواقعية والاعتدال ..

وقد يكون مفيدا إعادة الإعتبار إلى المسار الذي بدأه شكري بلعيد ومقربون منه وتأسيس حزب ” اليسار الكبير والموحد” بما يساهم في توفير مناخ جديد من الحوار الفكري والسياسي والشراكة بين كل العائلات الفكرية على غرار ما وقع مرارا في مراحل الحركة الوطنية والنضال من اجل الحريات قبل تجربة جبهة 18 أكتوبر 2005 وبعدها ..

أخبار, البارزة, حوارات, وجهات نظر 0 comments on السفير الأمريكي: تونس شريك ديمقراطي مهم للولايات المتحدة وسنقدم لها دعمًا أكبر وطويل الأمد

السفير الأمريكي: تونس شريك ديمقراطي مهم للولايات المتحدة وسنقدم لها دعمًا أكبر وطويل الأمد

قال السفير الأمريكي بالجمهورية التونسية دونالد بلوم ان تونس شريك ديمقراطي مهم للولايات المتحدة و سنقدم لها دعمًا أكبر و طويل الأمد.

واشار السفير الامريكي في حوار له مع “مجلة ليدرز” الى ان العديد من أعضاء إدارة بايدن يعرفون تونس جيدًا و سيكون دعمنا أكبر وأقوى في المستقبل.

واضاف دونالد بلوم بالقول؛ لدينا بالفعل عدد كبير من اتفاقيات التعاون ونعمل على مشاريع جديدة في مختلف المجالات وتم تقديم منحة قدرها 400 مليون دولار لتونس في إطار برنامج تحدي الألفية الذي تديره مؤسسة “تحدي الألفية” بهدف زيادة النمو الاقتصادي والحد من الفقر وتعزيز البنية التحتية. تم توفير تمويل آخر لتونس.

وشدد سفير امريكا على ان دعم تونس مستمر ومتزايد ، على الرغم من تراجع المساعدة الأمريكية لبعض البلدان الأخرى.

وفي حديثه عن النقاشات بين تونس وصندوق النقد الدولي قال انه أمر بالغ الأهمية، مشيرا الى ان الولايات المتحدة ستمنح تونس دعمها الكامل، لكن الأمر متروك لتونس لمواجهة تحدياتها الاقتصادية وتغيير منوالها التنموي. كتلة الأجور في القطاع العام مرتفعة للغاية، فالإصلاحات ضرورية للمؤسسات العمومية ولابد من توجيه الدعم الى مستحقيه ومزيد من العدالة الضريبية والوقت يمر بسرعة كبيرة.

واشار الى ان الحكومات المتعاقبة فشلت في القيام بالاصلاحات الضرورية، لكن الوقت الآن أضيق، بل إنه أكثر إلحاحًا لتلتزم تونس بحزم به.
واوضح السفير ان من بين النقاط الإيجابية، الحوار الذي أقيم بين الحكومة واتحاد الشغل و منظمة الأعراف، حوار ينبغي إشراك المجتمع المدني فيه فتونس بحاجة إلى استقرار و تفاهم بين الفاعلين السياسيين و سيعطي هذا التوافق إشارة قوية على مصداقيته للولايات المتحدة وللمانحين.

واكد ان الولايات المتحدة تعمل على زيادة حجم التجارة وكذلك على تشجيع الاستثمار الأمريكي المباشر في تونس، مضيفا بالقول؛ هناك رافعة أخرى مفيدة ، وهي نظام التفضيلات المعمم (GSP) الذي يسمح للمنتجات التونسية بالوصول إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية وضرائب وبفضل هذا النظام، تكتسب منتجات مثل زيت الزيتون والتمور والصناعات التقليدية مكانًا جيدًا في السوق الأمريكية على طول هذا المسار نفسه وسنستكشف فرصًا جديدة.

واشار دونالد بلوم الى انه لم يتم تحديد موعد حتى الآن لاستئناف الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين لكننا ما زلنا نتشاور لتحديد تاريخه و مكانه.

واكد السفير الامريكي الى ان مبادرة الرئيس بايدن لعقد قمة الديمقراطية تهدف إلى جمع الديمقراطيات معًا لمناقشة مصالحها المشتركة والتحديات العالميةومن بين هذه التحديات التي تهدد الديمقراطيات انتشار الأخبار الكاذبة والفساد والاختلاس والهدف هو مواجهتها ومواجهة كل التحديات التي تهدد الأنظمة الديمقراطية.

كما اكد ان التهديدات الإرهابية لازالت قائمة ويمكن أن تأتي من مجموعة متنوعة من المصادر ومع ذلك فإن قدرة تونس على تطوير إمكاناتها في مكافحة الإرهاب وحماية حدودها يجب أن تُدرج كقصة نجاح، لقد أحرز تقدمًا كبيرًا منذ عام 2015 وتم تركيب نظام مراقبة الحدود مع ليبيا وقمت بزيارتها بنفسي وأدركت أهميتها ولقد انتهينا من أول خطوتين له وندخل الآن الخطوة الثالثة وهي عبارة عن نظام مراقبة إلكتروني بتقنية متطورة وحواجز مختلفة، بالإضافة إلى تدريب حرس الحدود على الاستجابة الفورية والفعالة لأي تهديد.

واضاف قائلا؛ لا بد لي من التأكيد على أن التعاون الأمني ​​بين تونس والولايات المتحدة يشمل جوانب مختلفة مثل التدريب وتبادل المعلومات الاستخبارية وغيرها ونحن فخورون بالنتائج المسجلة وقد حققت تونس أهدافا رئيسية في هذا المجال.
كما شدد على ان تونس تاريخيًا لعبت دائمًا دورًا دبلوماسيًا يفوق بشكل واضح حجمها يسعدنا أن يكون لدينا مثل هذا الشريك المتميز.
وقال ايضا: نحن نعيش الآن في عالم يتغير بوتيرة متسارعة والمجتمعات التي لا تستطيع التكيف مع هذه التغييرات العميقة لن تستفيد كثيرًا والدول الديمقراطية هي التي ستزدهر في المستقبل والسبب واضح: لأنها تفتح آفاقًا واسعة أمام شعوبها ويتطلع الشباب التونسي لأن يكون جزءًا من هذه المجتمعات هذا ما يجعلني متفائلاً بهذا النجاح.

حوارات 0 comments on الخبير الدولي في النزاعات والأزمات هيكل بن محفوظ : الدول العربية في حاجة إلى”تسويات سياسية ” لازماتها

الخبير الدولي في النزاعات والأزمات هيكل بن محفوظ : الدول العربية في حاجة إلى”تسويات سياسية ” لازماتها

هكذا أقيم أزمات العراق واليمن والسودان وليبيا

* تونس مهددة ب”حرب أهلية “وانهيار تجربتها الديمقراطية

* في 2011 انهار” النظام القديم” ..ثم تعثر مسار إعادة البناء

حاوره . كمال بن يونس

الخبير الدولي في القانون والنزاعات المسلحة والتسوية السياسية للأزمات هيكل بن محفوظ خاض تجارب ميدانية مع مؤسسات دولية وأممية في مهماتها القانونية والحقوقية والسياسية في عدد من بؤر التوتر من بينها العراق واليمن وليييا ..وهو من بين أبرز أساتذة القانون الدستوري والقانون الدولي في الجامعة التونسية وفي مؤسسات علمية وقضائية عالمية .

الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس التقى هيكل بن محفوظ وأجرى معه هذا الحوار الحصري ب “عربي 21 “حول وضع المنطقة بعد 10 أعوام عن اندلاع الثورات العربية و انهيار عدد من الأنظمة واندلاع حروب بالوكالة في أغلبها ، وشمل الحوار مقترحات وتوصيات للتسوية السياسية بهدف إنقاذ مسارات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي و” الانتقال الديمقراطي” .

* أستاذ هيكل بن محفوظ ..من خلال تجربتك الميدانية في متابعة النزاعات المسلحة والصراعات السياسية في عدد من الدول العربية ، من بينها العراق واليمن ، وفي بلدان أخرى تشهد صراعات سياسية عنيفة مثل تونس ، كيف تفسر متغيرات الخارطة السياسية والجيو استراتيجية للوطن العربي؟

++ الصراعات في المنطقة العربية أصبحت تقليدية ، بعضها لديه بعد إقليمي ودولي مثل اليمن وليبيا ، تغذيها ” لعبة المحاور”.

والبعض من تلك الصراعات ناجمة عن تفكك الأنظمة السياسية القديمة ، مثل النظامين السوري والعراقي ، وهي تقاوم من أجل البقاء ..وتعقد أوضاعها بعد أن أصبحت ميدانا لصراعات مسلحة مع قوى “التطرف العنيف”.

وقد كان العراق أول الأمر ساحة صراعات إقليمية ودولية وأصبحت أزماته اليوم مرتبطة أساسا بمسار إعادة البناء .

في المقابل فإن أزمة بعض البلدان العربية ناجمة أساسا عن فشل نظامها السياسي القديم وعجز مؤسساته ومنظومته عن الصمود في وجه المتغيرات الداخلية والإقليمية. ولم تنجح في انجاز الاصلاحات الاقتصادية والسياسية المطلوبة فانهارت على غرار ما حصل في السودان ..وتونس تعاني بدورها أزمات حادثة منذ انهيار نظامها السياسي في 2011 وتبدو اليوم مهددة بمخاطر كثيرة وحرب أهلية باردة ، رغم النجاحات في تجنب “الأسوأ” أي النزاع المسلح والعنف الشامل.

وعموما تكشف الخارطة الجيوسياسية الاقليمة أن ما يجمع بين تونس ” الهادئة ” وبلدان ” النزاعات المسلحة ” الصراع حول السلطة والثورة وعجز القيادات عن تسويته سياسيا..

منذ 2011 تشهد أغلب الدول العربية ، بما فيها تونس المسالمة ، صراعات حول منظومة الحكم والثروة ..

الآن استفحلت الصراعات حول الإيرادات النفطية والفوسفات والوظائف والتعويضات ..

وتعفن الوضع بسبب تجزئة السلطة ومنظومة الحكم وبسبب المحاصة الحزبية في مستوى الحكومة والإدارة المركزية والجهورية ..

وبات واضحا أن السياسيين عجزوا عن تحقيق إجماع وطني حول المشترك السياسي والاقتصادي والاجتماعي ..وجاء وباء “الكوفيد” فتعمقت الأزمة.. وأصبحت الدولة مهددة في وحدتها ووجودها ..

المعالجة محلية أم دولية ؟

* من خلال مشاركتك في برامج دولية عديدة لتسوية النزاعات هل تعتقد أن التسوية الأنجع تكون داخلية أم خارجية ؟

+ في كل الحالات الحل لا يكون إلا داخليا ..

لكن عند تفكك الدولة وتهديد الأمن الإقليمي والدولي يفرض خيار التدخل لأسباب إنسانية .. والبعض قد يستغل الوضع خدمة لأجندات أجنبية ..ومن الناحية القانونية والأخلاقية لا يكون التدخل الأجنبي شرعيا ينبغي إلا إذا جاء لضمان تسوية سياسية ..

في الخليج مثلا تبنت “قمة العلا” المصالحة ، والمؤمل أن تكون تمهيدا لتسوية سياسية داخلية لحرب اليمن ولتسوية سياسية يمنية ـ يمنية.

وفي ليبيا طالت الأزمة بسبب تعدد مصادر ضخ السلاح الأجنبي إلى الأطراف الليبية المتصارعة .. والاهم اليوم أن يؤدي التدخل السياسي الدولي اليوم إلى تسوية النزاعات المسلحة وإلى إعادة البناء ..

* وماذا عن أزمة تونس بعد 10 أعوام عن ثورتها؟

++ في تونس الوضع مختلف ..اندلعت ثورة رفعت أساسا مطالب اجتماعية لكن النخب الحاكمة المتعاقبة فشلت في مهماتها .

تونس اليوم ليست في مرحلة صراع مسلح..ولكنها تعاني من صراعات علنية نسبيا بين المؤسسات..ويجب تجنب سيناريو تطورها إلى عنف خطير ومواجهات …لذلك لا بد من إيجاد آليات سياسية للتسوية عبر مسارات متكاملة ومتزامنة ، بما يجنب البلاد أزمات أعمق .

تقاسم الثروة والسلطة ؟

* من خلال تجربتك الميدانية في اقليم كردستان العراق هل تعتبر أن خيار تقسيم الدول إلى ” أقاليم ” ضمن ” اتحاد فيديرالي” مخرج لأزمات بعض الدول مثل ليبيا واليمن والسودان وسوريا؟

++ لا أعتقد أن تعامل بعض العواصم مع ” المطالب الكردية” كان ناجحا ..والدليل ان “اقليم كردستان” لم يندمج في محيطه الوطني االعراق الموحد ..لم يحق الاندماج في اطار نظام اتحادي كان مقررا أن يضمن وحدة دولة العراق.
صحيح أن دستور 2005 في العراق اعتمد النظام الاتحادي ..لكنه نص على وجود “مكون إقليمي” واحد داخله هو كردستان وليس حول مجموعة من الأقاليم..والصراع لا يزال قائما مثلما بدأ ، ليس حول قضايا الهوية وحقوق الأقليات وحقوق الإنسان بل حول إيرادات النفط .

ومن بين أسباب الخلاقات السياسية والصراعات والأزمة الاقتصادية الخانقة في اقليم كردستان ان ثروته النفطية التي تشرف عليها السلطة المركزية وتصدرها لا يعاد استثمارها في الاقليم .

في نفس الوقت عندما يبيع الاقليم جانبا من الثروة النفطية لا يعطي حصة النظام الاتحادي اي الى السلطة المركزية في بغداد ..وهو ما عمق تفكك الدولة ..بما لا يخدم الاندماج والانسجام ..

لذلك فان الحل يبدأ ب”تسوية سياسية” تعتمد توزيعا عادلة للسلطة والثروة ..والاشكالية في هذين العنصرين ..

في ليبيا أيضا طالب البعض باعتماد “النظام الاتحادي (الفيدرالي)” ..وفي اليمن دعوات الى نظام اتحادي بعد تقسيم االبلاد الى 5 او 6 اقاليم..بما يعني إعادة توزيع الثورات بين القوى السياسية ومجموعات المصالح ..

وهذه المقاربة غير ناجعة وخطيرة .. ومن الخطير أن يطالب البعض في تونس بتجزئة البلد واحتكار بعض الجهات للثورات الوطنية المشتركة مثل الفوسفات والنفط والغاز ..

بلدان نجحت ..

هل هناك تجارب ناجعة للتوفيق بين شرعية المطالب ” الجهوية ” وط الاقليمية ” والوحدة الوطنية ؟

+ في بعض البلدان مثل جنوب إفريقيا وكينيا والسودان وقع إحداث ” صندوق إيرادات “..أي تجميع كل مداخيل النفط وبقية الثروات في صندوق مركزي وطني ثم توزع حصصا على الولايات والجهات أوالاقاليم..مع محاولة ضمان قدر من الإنصاف والعدالة بينها حسب مساهمتها وحسب حاجياتها ..وتخصيص نسبة من الموارد للدولة الوطنية ..

وفي كل الحالات يجب تجنب سيناريوهات تفكك الدولة ، مثلا عبر إحداث ” صناديق للاستثمار” للجهات تشرف عليها السلطة المركزية ..

تهديد للأمن القومي؟

الخلل بين الجهات والمحافظات هل يمكن أن يتطور الى تهديد الى الامن القومي ؟

معضلة الخلل بين الجهات مهمة جدا ..ويجب أن تعالج ضمن تصور وطني بعيدا عن تشجيع النعرات الانفصالية والجهوية والقبلية..

وهنا يفترض أن يتحقق اجماع حول الامن الوطني وقضايا التنمية ..خاصة عندما تكون الدولة صغيرة وثرواتها محدودة مثل تونس ..

حاليا ليس هناك ارادة واضحة ويسجل تغييب الوعي بالقضايا الرئيسية ..

لكن المخاطر حقيقية .. فقد برزت مرارا في بعض المحافظات الحدودية دعوات الى الانفصال مع التهديد ب”الهجرة الجماعية” ..

وقد كشفت احداث العنف في الملاعب وخارجها وجود مطالب سياسية اجتماعية وتوظيفا للنعرات القبلية والجهوية والايديولوجية..وهي تهديدات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار في مرحلة استفحال عجز الدولة عن تحقيق الخدمات الصحية والاجتماعية مثل التعليم والنقل ..

مؤشرات العنف السياسي تتضاعف ، بما في ذلك في بلدان مثل تونس ، والحل يبدأ بضمان الحوار والتواصل بين السلطات ومكونات منظومة الحكم .كما يجب ضمان الاستقرار السياسي عبر تأكيد الثقة في الدولة ومؤسساتها في جميع المستويات ..وتوقف كل الأطراف عن تغذية الصراعات ..

من خلال تجاربك في عدة بلدان ومناطق ومواكبتك لنماذج معالجة عديدة ؟ ما هي التجارب الانجع ؟

+كل تجربة لها سياقها وتمر بمتغيرات..

في بعض البلدان مثل العراق كان الاعتماد على الإنتاج ألفلاحي والصناعات الغذائية كبيرا ..حاليا تعتمد الدولة أكثر على التوريد لأن الحروب والنزاعات ضربت منظومة الانتاج الزراعي ..

كما أصبح البحث عن مصالح جهوية وحزبية وسياسية ضيقة يعطى الاولوية على اعادة البناء .

في المقابل فإن تونس نجحت في تجنب النزاعات والصراعات المسلحة لكن ساستها يحتاجون وقفة تأمل حقيقية ..

التوافق السياسي أولوية

هناك من يعتبر أن الأولوية اليوم وفي دول الثورات العربية “العودة للتوافق السياسي” ؟

+ نعم التوافق مطلوب..لكنه لا يعني الاتفاقات الهشة..التي تنال من الوحدة الوطنية .

والتوافق يجب أن يؤدي إلى اعادة بناء منوال تنموي جديد ..لتجنب الاسباب العميقة التي تسببت في الاضطرابات والأزمات السابقة ..

وعدم معالجة مثل هذه الاسباب دفع البعض الى الحديث عن “الحاجة الى إعادة بناء والى برامج إعمار”..

وميزة بعض البلدان ، مثل تونس ، أنها يمكن أن تنجز الإصلاح و إعادة البناء بطريقة سلسلة لانها لم نمر بنزاع مسلح مماثل لما جرى في العراق واليمن وليبيا وسوريا..

ميزانيات الدفاع والداخلية

لكن الإحصائيات تكشف في تونس نفسها أن موازنات الدفاع والداخلية تضاعفت حوالي 3 مرات

بعد 2015 ارتفعت موازنتا الدفاع والداخلية ..لكن من حسن حظ تونس أن أعطيت الأولوية مجددا إلى قطاعات التربية والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية الصحة ..

انتخابات سابقة لأوانها؟

بعد 10 أعوام عن الثورة التونسية ، تتنوع أزمات البلاد وهناك من يطالب بتنظيم انتخابات رئاسية أو تشريعية جديدة فيما يطالب آخرون بالتمسك بشرعية الانتخابات ؟

+ في 2013 طالب البعض بإسقاط المجلس الوطني التأسيسي والحكومة ..وتمسك البعض الآخر بدعم المؤسسات المنتخبة مع تعزيزها بالية “الحوار الوطني” ..

في اليمن أيضا تشهد البلاد خلافا بين من يطالب باحترام ” المرجعيات ” بينما يدعو آخرون إلى حل كل المؤسسات بما فيها البرلمان .وحجة هؤلاء أن آخر انتخابات شهدها اليمن كانت في 2003، وحوالي ثلث البرلمان القديم ماتوا..

شخصيا أنا مع الانطلاق من المؤسسات الشرعية على نقائصها ..

وفي تونس بالذات ينبغي احترام المؤسسات الشرعية وعدم دفع البلاد نحو المجهول ، بسبب سيناريو حل البرلمان والدعوة الى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة ..

لكني مع التوافق على مرحلة انتقالية تعالج منظومة الحكم بحلول بديلة حسب مراحل محددة ومتفق عليها..وفي افق سنتين يمكن حل البرلمان وتنظيم انتخابات سابقة لاوانها ..

في الأثناء يمكن الاتفاق على حكومة وحدة وطنية تنجز الإصلاحات المتفق عليها و التي تضمن الاستمرارية والاستقرار وديمومة الدولة وإرجاع الثقة في الأطراف والفاعلين الرئيسيين ..

أخبار, البارزة, حوارات 0 comments on العميد هشام المؤدب: فرنسا مورطة في الاغتيالات في تونس والإمارات تروج لدعاوى الفوضى والانقلابات..

العميد هشام المؤدب: فرنسا مورطة في الاغتيالات في تونس والإمارات تروج لدعاوى الفوضى والانقلابات..

صرح العميد هشام المدب لجريدة السفير في حوار مصور ومباشر، يوم 26 ديسمبر 2020 بجملة من المعلومات الهامة حول دعاوى الفوضى و الانقلابات و الاغتيالات السياسية و دور أجهزة المخابرات في تونس و العالم كما تضمن حواره تحليلا مفصلا للأحداث السياسية المحلية و العالمية .

 

الإمارات من تروج لدعاوى الانقلابات في تونس لأنها تخاف من التجارب الديمقراطية العربية

أولا أنا شخص مستقل ولكن لدي تعاطف مع بعض الجهات التي تحاول النهوض بالبلاد. ثانيا هناك انتخابات أمريكية على الأبواب و توجه الديمقراطيين بالأساس هو إرساء ديمقراطية عالمية و خاصة في دول العالم الثالث و التي تكون محكومة من قبل أمراء و ملوك متشددين و هذا ما يقلقهم لان الديمقراطية تعني المحاسبة وبما ان الرئيس الأمريكي يتبع خططا و استراتجيات في الحكم تعدها له منظمات تفكير مختصة لأنه من المتوقع بعد عقدين أو أكثر ان تتفوق الصين على أمريكا اقتصاديا و لتجنب ذلك من الأفضل ان تكون هناك ديمقراطية سائدة في الدول التي يتعاملون معها. و هذا ما دفع الإمارات إلى الخوف المبالغ فيه وجعلها تدعم و تمول جهة سياسية من الداخل حتى تفتك مقاليد السلطة بالضغط على منظومة الحكم القائمة على ثلاث أحزاب و إيهامنا بوجود تحركات عسكرية لا وجود لها .

و اؤكد على ان  المؤسسة العسكرية في تونس بعيدة كل البعد عن الانقلابات و أحسن مثال لذلك ما حدث في 2011. من ناحية أخرى يوجد فرنسا التي تعيش صراعا مع الولايات المتحدة الامركية حول دول إفريقيا . هذا بالإضافة إلى وسائل الإعلام و منها حتى الأجنبية و خاصة المصرية و الإماراتية  تنقل مغالطات حول الوضع في تونس وتحاول  ترسيخ فكرة ان البلاد تعيش حالة من الفوضى و لكن هذا خاطئ لان البلاد التونسية تعاني فقط من أمور اقتصادية صعبة ولكن ليست كارثية و إمكانية انقلاب الجيش أمر مستحيل .

ماهو موقفك من قضية نبيل القروي

يروقني حقيقة تماسك حزب قلب تونس بعد إيقاف نبيل القروي ولكن لابد من عدم استعمال أجهزة الدولة لخدمة المصالح الشخصية وأدين برامج الحزب التي أصبحت تعمل على إسقاط الحكومة الحالية و تغير رئيس مجلس الشعب  و الاتجاه نحو المنظومة الرئاسية التي تعمل على تكميم أفواه التونسيين و هذا يخدم مصلحة الإمارات ومن جهة أخرى أتساءل لماذا تم إيقافه مباشرة المفروض ان يمنع من السفر و يحجر على ممتلكاته إلى حين صدور حكم .

فرنسا متورطة في أكثر من 40 اغتيال سياسي في تونس بينهم بلعيد والبراهمي

الدولة الفرنسية  نفذت تصفية 22 رئيس جمهورية في إفريقيا عن طريق جماعات تدعي أنها من الإسلاميين لتوريط جهات معينة. في تونس الجنرال ديغول أسس خلية اليد الحمراء المتكونة من 40 شخص و قاموا بعدة اغتيالات منها فرحات حشاد الذي لم تساند الدولة أسرته في افتكاك حقوقهم و الهادي شاكر و بن عمار و صالح بن يوسف وغيرهم.  وتتحمل كذلك مسؤولية اغتيال الشهيدين البراهمي و شكري بالعيد . هذه الأجهزة تملك عقيدة أساسية و هي ان فرنسا لا تملك أصدقاء بل تملك مصالح ورغم ذلك رفض بعض نواب المجلس اعتذار فرنسا لتونس حول مقتل نحو 30 ألف شهيد تونسي .

هذا و تملك أجهزة الاستخبارات الفرنسية ميزانية كبيرة كما تنقسم إلى صنفين الأول ينفذ الاغتيالات داخل حدودها و الثاني خارج حدودها و كلهما يتبع المؤسسة العسكرية الفرنسية ولكن أغلب عناصره مدنيين ومنهم حتى الغير فرنسيين. تمارس هذه الأجهزة نشاطها عبر التجسس على المكالمات الامركية و الصينية و الجزائرية و التونسية .. وعبر التجسس عن طريق القمر الصناعي اليوس وعبر شبكات التواصل الاجتماعي .

ورغم ذلك فرنسا دولة ليست بالحجم الذي نتوقعه لأنها تتغذى من الدول الإفريقية فالحياة السياسية في فرنسا ممولة من الدول الإفريقية. و رغم ذلك تتحكم أيضا في تقرير مصير تلك الدول سياسيا فمثلا في تونس كل من تولوا مناصب رئاسة الحكومة تقريبا يحملون الجنسية الفرنسية مع العلم حتى الفخفاخ الذي عينه رئيس الجمهورية قيس سعيد يحمل الجنسية الفرنسية و متورط في قضية عشرات المليارات التابعة لشركة خاصة وحتى وزير البيئة المورط في عديد القضايا الآن له قرابة بالفخفاخ إذن فرنسا تحمل دائما نية السوء ولا تريد ان تعطي حق البلدان التي مزالت تعتقد أنها من مستعمراتها في اتخاذ القرارات المتعلقة بسياساتها. وقد أذنت في الماضي  بدخول اخطر إرهابي فرنسي أبو بكر الحكيم إلى تونس دون إعلام السلط الأمنية  . ولذلك أدعو أن تميل البلاد التونسية إلى دعم الولايات المتحدة الامركية و التحالف معها فهي تنتهج سياسة جيدة بإمكانها ان تفيدنا لأنها تدعم كل من يدعمها و قد سلمت سابقا وزارة الداخلية التونسية معلومات حول اغتيالات ستحدث في تونس و تزامن ذلك مع الفترة التي اخترقت فيها أجهزة الاستخبارات الامركية حساب البريد الخاص بالرئيس الألماني و الرئيس الفرنسي  .

من جهة أخرى نفذ كذلك جهاز الموساد الإسرائيلي بعض الاغتيالات في تونس و التي لها علاقة بالقضية الفلسطينية مثل اغتيال محمد ألزواري ونشير إلى ان الدستور الإسرائيلي يعفي عناصر الموساد من التتبعات العدلية و رئيس الحكومة هو من يأذن بالاغتيال وهو بدوره يورط معه رئيس الحزب الأول و الحزب الثاني وقبل تنفيذ العملية يتم جمع معلومات تفصيلية و دقيقة عن طريق منظمات و جواسيس فقد اغتال  العالم الإيراني مؤخرا رغم انه كان تحت حماية مشددة من الدولة الإيرانية.

تونس لن تطبع مع إسرائيل

ملف التطبيع مستبعد جدا فنحن نملك ثلاث قضايا هامة أولها القضية الفلسطينية و ثانيها الاعتداءات و الاغتيالات التي نفذها الكيان الصهيوني في تونس و ثالثها اعتداءاته على بعض الدول العربية و طالما لم تحل هذه القضايا فلا وجود للتطبيع وأي سياسي تونسي سيدعم التطبيع سينتهي في الداخل و يحاسب و إي سياسي سيتكلم و يرفض التطبيع سيعرض نفس للرفض و الإقصاء من الجهات الأجنبية و المنظمات الكبرى .و الأهم من ذلك هو ان  إسرائيل تبحث عن التطبيع مع المواطنين ولا تنتظر اعتراف الدول أي أنها تريد من المواطنين استهلاك بضائعها و ثقافتها و لكنها فشلت في ذلك فحتى لو هناك تطبيع مع الأنظمة لن تنجح في إرساء تطبيع مع المواطنين.

من يدعمون عبير موسي سوف يتخلصون منها سريعا

أهم الدول الحاكمة في العالم تتنافس حول الدولار الذي يرتبط سعره بالبترول و لكن اليوم ضعفت قيمة البترول ففي أغلب الإعلانات الغربية هناك تشجيع وتوجيه للمشاهد حتى يستهلك الأجهزة الالكترونية التي تستهلك الطاقة البديلة ولذلك اتجهوا إلى ربط قوة الدولار بالدواء و ربما هذا ما يحيلنا إلى التفكير في اسباب جائحة كورونا . كما أدعو رئيس معهد بستور و المسئولين إلى تجريب أي لقاح يستوردونه على أنفسهم أولا وعلنا حتى نتأكد من جودته .

هناك أمراض عديدة دخلت إلى تونس و خاصة بعد الثورة مثل الكوليرا وهي مفتعلة و تعود إلى مصانع عالمية ولكن هذه المرة ارتكبوا خطا فادحة و ضربوا الغرب و العائلات الحاكمة بفيروس كورونا، و هذا ما سيسرع في إيجاد حل له.

أدعو التونسيين إلى الانتباه و التريث وعدم المساهمة في خدمة جهات أجنبية تريد بث الشوشرة كما أؤكد لعبير موسي ‘ الجهات التي تدعمها لن  تضعها في الحكم ولا تثق في الكفاءات النسائية . ومن يخطئ عليه أن يستقيل حتى وان كان رئيس الجمهورية . ومادامت تونس خالية من الصراعات المسلحة فهي بخير كما أدعو القضاة إلى عدم ترك المجال للجهات السياسة في التحكم بمسار العدالة خاصة في قضية نبيل القروي

دور اتحاد الشغل سيء جدا

اعتقد أن دور اتحاد الشغل و النقابات عامة سيئ جدا و لهم عديد التجاوزات و أتوقع أن النشاط النقابي في طريقه إلى الاندثار.