حاوره كمال بن يونس
موقع عربي 21

لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.

ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.

وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.

“عربي21″، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.

اليوم يحاور الكاتب والأكاديمي التونسي كمال بن يونس، في هذا اللقاء الخاص بـ “عربي21”، والذي ننشره على جزأين، المنصف الشابي زهو زعيم قومي سابق، عن علاقات القوميين في تونس بالأنظمة الحاكمة التي مرت على تونس..

عندما اعتقل البوليس السياسي في 1968، في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، 40 ناشطا سياسيا شيوعيا وقوميا واشتراكيا ضمن ما عرف بتسمية “مجموعة آفاق” تبين أن بينهم 14 شخصية من عائلة الشابي، بينهم القيادي البعثي مسعود الشابي و”العروبيان” أحمد نجيب الشابي وابن عمه المنصف الشابي، اللذان لعبا دورا سياسيا كبيرا في عهد الرئيس زين العابدين بن علي (1987 ـ 2011): الأول على رأس الحزب الاشتراكي التقدمي والحزب الديمقراطي التقدمي والثاني في البرلمان و”الدبلوماسية الموازية” وفي قيادة حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي الذي كان يتزعمه رجل الأعمال والسياسي المخضرم عبد الرحمان التليلي.

في هذا الحوار الخاص بـ “عربي21”، مع الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس يكشف المنصف الشابي عن جوانب من مسيرة اليسار القومي والماركسي في تونس بين العمل السياسي والنقابي السلمي و”التنظيمات الثورية السرية”، بينها “حزب الشعب الثوري” والانتماء إلى “حركات مسلحة” تدربت في ليبيا وفي المخيمات الفلسطينية بلبنان تحت إشراف شخصيات ليبية وقيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش وتيسير قوبعة والجبهة الشعبية ـ القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل وجبهة التحرير الفلسطينية بزعامة أبو نضال صبري البنا ورفاقه في العراق..

كما يكشف المنصف الشابي عن جوانب مثيرة في علاقاته بالرسميين في تونس والمنطقة وبشخصيات جزائرية وتونسية بينها الرئيس بن علي ووزراؤه ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق محمد مزالي والرئيس الجزائري الأسبق علي الكافي وبقيادات قومية بعثية وناصرية مؤثرة بينها المحامي والمفكر المصري عصمت سيف الدولة والحقوقي محمد فائق..

كما يكشف عن جوانب من ذكرياته مع قيس سعيد قبل وصوله إلى السلطة في 2019..

وفيما يلي نص الجزء الأول من الحوار :

س ـ أستاذ منصف الشابي أنت سياسي ومفكر وباحث في التاريخ تخرج من جامعات الجزائر وفرنسا وخضت تجارب سياسية وثقافية مختلفة ونشرت كتبا ودراسات علمية نادرة وشهادات مثيرة عن تجارب اليسار الماركسي والقوميين والتيارات الوطنية والعروبية في تونس والمنطقة.. هل عرفت عن قرب الرئيس قيس سعيد قبل وصوله إلى الحكم في 2019؟

وما هو رأيك في شهادة بعض زملائه السابقين في الجامعة مثل المحامي والمستشار السابق في قصر قرطاج محمود المهيري الذي كان أول من كتب عنه بعد انتخابات 2019 وقال عنه إنه “كان قريبا من التيار العروبي الناصري المتأثر بكتب المفكر المصري عصمت سيف الدولة، رغم عدم انتمائه إلى أي مجموعة سياسية أوحزبية”؟

 

 

ـ حسب معلوماتي لم يكن قيس سعيد الطالب ثم الأستاذ الجامعي والناشط السياسي بعثيا أو قوميا ناصريا أو “عصمتيا “..

وقد تعرفت على قيس سعيد عن قرب بعد ثورة 2011 في جلسات نصف شهرية كان ينظمها الجامعي العروبي عمر التريكي نجل المناضل الوطني العروبي أصيل جهة المنستير حسين التريكي، الذي فر من تونس نحو أمريكا اللاتينية بعد الاستقلال لأنه حوكم بالإعدام غيابيا بسبب انحيازه إلى الأمين العام للحزب الدستوري صالح بن يوسف ورفاقه الذين عارضوا بورقيبة بقوة سياسيا وعسكريا..

وأذكر أن تلك الجلسات كان يحضرها سياسيون مستقلون وشخصيات من عدة تيارات كان بينهم رئيس الحكومة والأمين العام الأسبق للحزب الدستوري ما بين 1987 و1989 الهادي البكوش، والقيادي المنشق عن حركة النهضة منار الاسكندراني والجامعي المستقل قيس سعيد والمثقف الدستوري والعروبي مصطفى الفيلالي ..

كانت تلك الجلسات الدورية بمثابة “ناد للتفكير المفتوح” وكان قيس سعيد يحضرها مثلنا لنناقش بحرية المتغيرات في البلاد والآفاق بعد سقوط حكم بن علي..

كان قيس سعيد يلتزم في أغلب الاجتماعات الصمت. ويصغي جيدا إلى مداخلات المشاركين. وكان غالبا يتدخل في آخر الجلسة ليقدم “استنتاجات” أو “ملاحظات” بأسلوب تقريري قطعي، دون أن تناقش مداخلاته. ربما لأنه كان يعتقد منذ ذلك الوقت أنه كان “صاحب رؤية” أو “صاحب مشروع غير قابل للنقاش”..

قيس سعيد لم يكن قوميا عروبيا

س ـ هل كانت مداخلات قيس سعيد في ذلك المنتدى توحي بانتمائه إلى “اليسار القومي”، بما قد يفسر الدعم الكبير الذي حصل عليه في تونس وفي المنطقة من قبل “القوميين” وقياديين في “حركة الشعب” الناصرية التونسية وبعض رموز التيار الماركسي في “حركة الوطنيين الديمقراطيين” مباشرة بعد انتخابات 2019  ثم بعد منعرج 25 يوليو العسكري الأمني السياسي؟

ـ قد يكون بعض القوميين والعروبيين واليساريين يحملون هذا التقييم عنه.. وهو ما قد يبرر تشريك عمر التريكي لقيس سعيد في المنتدى..

لكني استنتجت من خلال تلك الجلسات أن قيس سيعد ليس قوميا عروبيا ولا يساريا ولا إسلاميا بالمفهوم المتعارف عليه، ولكنه أقرب إلى التيار الوطني التونسي، الذي يؤمن بالدولة التونسية ويحرص على “التوفيق بين الوطنية والعروبة والإسلام والدراسات القانونية “..

ومن بين ما شد انتباهي منذ 2012 تمسك قيس سعيد بمواقفه ووجهة نظره، ونزوعه نحو “الحسم في موقف الآخر”، وعدم المغامرة بخوض نقاش مفتوح معه أو الانحياز إلى “موقف أيديولوجي” أو سياسي واضح..

كما لا أذكر أنه كان يستدل بمواقف وكتب عصمت سيف الدولة أوغيره من المفكرين القوميين الناصريين أو البعثيين أو اليساريين أو الإسلاميين، رغم وضوح نزعته “التأليفية” بين المرجعيات العربية والإسلامية و”الثوابت الدينية “..

بن علي والحبيب عمار والماطري كانوا “عروبيين”

س ـ  في كتابك عن الضابط العسكري والمعارض السابق المنصف الماطري (ابن شقيق الوزير محمود الماطري، أول رئيس للحزب الدستوري الجديد في ثلاثينيات القرن الماضي قبل بورقيبة)، توقفت عند مشاركته مع مجموعة من السياسيين والعسكريين “العروبيين” في المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد حكم بورقيبة في 1962.. وتطرقت إلى علاقة الضابط زين العابدين بن علي بتلك المحاولة الانقلابية الفاشلة.. والتي كان من بين المعنيين بها عسكريون وسياسيون عروبيون من بين أصدقاء بن علي، لم تكشفهم الأبحاث ولم تشملهم المحاكمات، بينهم القيادي الوطني العروبي عبد الحكيم مبروك “الخنيسي” والحبيب عمار الذي سيصبح في 1987 عقيدا ثم جنرالا آمرا للحرس الوطني ثم وزيرا للداخلية..

ومعروف أن بن علي قرب إليه المنصف الماطري بعد وصوله إلى الحكم ثم وافق على زواج ابنته من نجله رجل الأعمال الشاب محمد صخر الماطري الذي لعب دورا سياسيا واقتصاديا وإعلاميا كبيرا جدا قبل ثورة 2011..

ـ هذا صحيح.. حدثني المنصف الماطري والد محمد صخر الماطري مباشرة ومرارا عن ذلك لوحدي ومع بعض رفاقه القدامى وبينهم وزير الداخلية الأسبق الجنرال الحبيب عمار..

وقد نشرت ذلك في كتابي.. وأشرت إلى أن الماطري قال لي في شهاداته إن “مجموعة الإنقاذ” التي حاولت الانقلاب على حكم بورقيبة في 1962 اقترحت على بعض الضباط السامين وبينهم زين العابدين بن علي مشاركتهم لكنه اعتذر..

وكانت شخصيات “عروبية” أخرى نجت من الكشف والاعتقال في تلك المحاولة الانقلابية، بينها الحبيب عمار الذي كان لديه توجه عروبي.. وقد تعرفت عليه عن قرب وتحادثنا مطولا عندما عينه بن علي عضوا في الغرفة الثانية للبرلمان، “مجلس المستشارين”، ليرتاح منه.. وعينني فيه عضوا بصفتي قوميا وفي حزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي العروبي..

وأؤكد أن المنصف الماطري والد صخر الماطري كان عروبيا.. وعلى هذا الأساس نشرت كتابا عنه..

زين العابدين بن علي بقي عروبيا بعد وصوله قصر قرطاج والدليل خطابه التاريخي في آب / أغسطس 1990 بعد الاجتياح العراقي للكويت، الذي أعلن فيه رفضه المشاركة في القمة العربية الطارئة في القاهرة التي كان مقررا أن “تعطي شرعية وهمية للتدخل الأمريكي والأطلسي في الخليج “..

والدليل الآخر هو خطابه “التصعيدي” الشهير في النصف الثاني من كانون الثاني / يناير 1991 الذي انتقد فيه الهجوم الأمريكي البريطاني الأطلسي على العراق من منطلقات عروبية وقومية..

أذكر أنني بعد ذلك الخطاب كلمت الوزير مدير الديوان الرئاسي في قصر قرطاج محمد الجريء بصفتي أتولى الأمانة العامة بالنيابة لحزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي وقلت له: “بلغ سيادة الرئيس بن علي دعمنا كقوميين لما جاء في هذا الخطاب التاريخي.. وعلى هذا الأساس نحن ندعم تماما الرئيس بن علي العروبي الوطني ومساره السياسي..”.

وأذكر أن من بين كبار الوزراء والمستشارين في قصر قرطاج وقتها كان المثقف العروبي صالح البكاري.. الذي عين لاحقا وزيرا للثقافة ثم سفيرا في الرباط لمدة تجاوزت العشرة أعوام..

وهذا يؤكد مرة أخرى أن شخصيات علمية وثقافية وسياسية عروبية ومن اليسار القومي نجحت في عهدي بورقيبة وبن علي في تصدر المشهد السياسي والثقافي والإعلامي الرسمي وفي مستوى المجتمع المدني.. وكان لديها حضور في الإدارة المركزية للدولة بقرار من بورقيبة وبن علي..

بن علي والقذافي والجزائر

س ـ وثائق المحاكمات السياسية السابقة في تونس وشهادات عدد من المعارضين السابقين تشير إلى علاقة مميزة ربطت منذ سبعينيات القرن الماضي رئيس ليبيا معمر القذافي وفريقه بزين العابدين بن علي عندما كان مديرا للمخابرات العسكرية قبل اتفاقية كانون الثاني / يناير 1974 للوحدة بين تونس وليبيا ثم مديرا عاما للأمن ما بين 1978 و1980 أي قبل التحرك العسكري الذي قامت به “الجبهة القومية لتحرير تونس”، التي انطلقت من ليبيا والجزائر وكان لديها مئات المسلحين تدربوا مع “ثوار جبهة البوليساريو” أو في مخيمات التدريب في ليبيا والمخميات الفلسطينية في لبنان وخارجه..

ـ  لقد تصالح بن علي بسهولة مع حكومة القذافي فور دخوله قصر قرطاج في 1987 وأعاد بسرعة العلاقات المقطوعة أواخر عهد بورقيبة.. وأمكن له ذلك لأسباب عديدة من بينها “صداقاته” داخل التيار العروبي في تونس وفي ليبيا والمنطقة..

وأسجل مثلا أن عددا من قادة الكومندوس المسلح التابع “للجبهة القومية لتحرير تونس” الذي هاجم مدينة قفصة (جنوبي غربي البلاد) اعترفوا في أبحاثهم وأمام محكمة أمن الدولة بعلاقاتهم بجبهة “البوليساريو الصحراوية” وبنظام القذافي وأن بن علي مدير عام الأمن الوطني كان قريبا منهم.. وقد تسببت تلك الاعترافات في إصدار بورقيبة قرارا بعزل زين العابدين بن علي ورئيسه وزير الداخلية عثمان كرشيد بعد اتهامهم بـ “الفشل” في الكشف عن الكومندوس القادم من ليبيا والجزائر قبل بدء تنفيذ عمليته.. واتهمت بعض شهادات العسكريين في المحافظات الجنوبية للبلاد بن علي وقتها بعدم إبلاغ تقاريرها عن التحركات “المشبوهة” لمجموعات سرية قادمة من ليبيا والجزائر..

وقد أكد عز الدين الشريف وأحمد المرغني القائدان السياسيان “للجبهة القومية العربية لتحرير تونس”، نواة الكومندوس الذي هاجم محافظة قفصة في يناير 1980 أن بن علي كان “قريبا منهم”.. وأنهم تلقوا “تسهيلات” من سياسيين بارزين في ليبيا والجزائر مكنوهم من قيادة عمليات تدريب “الثوار” مع مسلحي جبهة البوليساريو ومقاتلي “الصحراء الغربية” الموالين للنظام الجزائري وأخرى في ليبيا والمخيمات الفلسطينية ومراكز التدريب العربية على السلاح في لبنان..

بل إن عز الدين الشريف كان يقول إنه كان على اتصال شخصي مع زين العابدين بن علي قبل هجوم 1980..

في نفس السياق يؤكد محمد العكرمي الذي كان قياديا في حزبنا، الاتحاد الوحدوي الديمقراطي بعد 1988، أنه كان “على تواصل مباشر مع بن علي منذ عقود وأن بن علي كان عروبيا وقوميا ومناصرا للقضايا العربية وبينها قضايا تحرير فلسطين ورفع احتلال العراق الخ..”.

والمعروف أن العقيد بن علي كان متواصلا مع القذافي .. قبل اتفاقية الوحدة التي أبرمها القذافي وبورقيبة في كانون الثاني / يناير 1974 بجزيرة جربة السياحية في الجنوب التونسي بحضور وزير الخارجية “العروبي” محمد المصمودي.. وقد فوجئ بورقيبة ورئيس الحكومة الهادي نويرة ورفاقهما بكون القذافي اقترح اسم زين العابدين بن علي في “فريق حكومة دولة الوحدة”، التي سميت “الجمهورية العربية الإسلامية”. لذلك أمرا بالتحقيق في الأسباب التي أدت إلى اختياره من قبل القذافي بينما استبعدت قائمته شخصيات كبيرة في الدولة بينها الهادي نويرة رئيس الحكومة والوزراء المقربين منه ومن حرم الرئيس وسيلة بن عمار..

 

 

وكانت نتيجة التحقيق استبعاد بن علي من رئاسة مؤسسة المخابرات العسكرية وتعيينه ملحقا عسكريا في سفارة تونس بالرباط..

لكن بن علي الذي انفتح على الثقافة الغربية وعلى موطنه في المنطقة السياحية بالساحل التونسي ظل قبل توليه الرئاسة وبعد ذلك “عروبيا”.. لأنه أصيل  “عرام” بالقرب من مارث ومدنين وقابس من الجنوب التونسي.. وهي منطقة أنجبت عددا كبيرا من رموز التيار العروبي واليسار القومي قبل استقلال تونس عن فرنسا وفي مرحلة بناء الدولة الوطنية الحديثة ..

في نفس الوقت أذكر كقيادي سابق في “حزب الشعب الثوري” التونسي في 1980 أن التنظيمات القومية واليسارية “السرية” التونسية كان لديها أكثر من ألف مقاتل تونسي في لبنان، بينها حوالي 700 تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومئات كانت تدربهم المخابرات الليبية بإشراف مباشر من رئيسها المعروف عبد الله السنوسي.. فيما كان مئات المسلحين من “اليسار القومي الثوري التونسي” تدربوا مع جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية وفي ليبيا بتنسيق بين السلطات الليبية وجناح في القيادة العسكرية والسياسية الجزائرية بزعامة سليمان هوفمان رئيس المخابرات وصالح صوت العرب قائد المنطقة العسكرية الثانية سابقا والشريف مساعدية الأمين العام لحزب جبهة التحرير…

وكان عشرات من هؤلاء المسلحين التونسين شاركوا في “كومندوس الهجوم على قفصة في 1980”..

وقد تنقلت شخصيا خلال الـ 48 ساعة التي أعقبت الإعلان عن عملية قفصة، بتنسيق مع المعارض التونسي المقيم في الجزائر الزعيم القومي العربي إبراهيم طوبال، إلى مخيمات المسلحين وقياداتهم في لبنان والعراق وليبيا ثم إلى الجزائر.. ونجحت في إقناع جورج حبش في لبنان وأبو نضال صبري البنا في العراق وقيادات المسلحين التونسيين بتعطيل نقل ما لا يقل عن 500 مسلح تونسي جوا في طائرات ليبية من لبنان إلى الجنوب التونسي لدعم “ثورة تحرير تونس” و”جيش تحرير تونس” الذي انطلق من قفصة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *