عام كامل مر على انقلاب الجيش السوداني على الثورة في البلاد، فقد خرج وقتها رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان، في خطاب مُتلفز ليعلن حل مجلسي السيادة والوزراء وحالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية.

وفي هذا الانقلاب، اعتقل الجيش عددًا من المسؤولين المدنيين في الحكومة والمجلس الانتقالي من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وزوجته. حيث كان قد تولى السلطة في السودان منذ عام 2019 وذلك بموجب اتفاق توصل إليه الأطراف بعد بضعة أشهر على الإطاحة بالرئيس عمر البشير وإنهاء حكمة الذي استمر 30 عامًا. ووقتها خرجت تظاهرات حاشدة في مختلف انحاء البلاد للمطالبة بالتراجع عن الانقلاب، والتي شهدت صدامات بين المتظاهرين والجيش واضرابات عن العمل واغلاق للموانئ وعصيان مدني، أفضى في النهاية إلى تراجع الجيش عن بعض قراراته والإفراج عن حمدوك وبعض الشخصيات السياسية، والعودة إلى مسار الثورة حسب البيانات الرسمية والتصريحات.

اليوم وبعد عام على الانقلاب خرجت تظاهرات حاشدة في معظم مدن السودان، في إحياء لذكرى الانقلاب العسكري، وأكد المتظاهرون رفضهم لحكم العسكر، وطالبوا بحكومة مدنية كاملة الصلاحيات. وعلى الرغم من أن السلطات استبقت التظاهرات بنصب الحواجز على الطرقات الرئيسية وقطع الجسور بين المناطق والمدن السودانية ولاسيّما العاصمة الخرطوم ونشر المدرعات فيها، وقطع شبكة الإنترنت في البلاد، إلا أن ذلك لم يمنع خروج الآلاف إلى الشوارع، وخصوصا في مدن العاصمة الثلاث الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، إضافة إلى تظاهرات في مدن أخرى، مثل مدني وسط البلاد، وعطبرة شمالاً، وبور سودان شرقًا.

التظاهرات في العاصمة تخللتها مواجهات بين المتظاهرين والشرطة وذلك بعد محاولة المتظاهرين الاقتراب من القصر الرئاسي، ليُسجّل عشرات المصابين من المحتجين، حيث أطلقت قوات الامن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي عليهم. واطلق على التظاهرة اسم (مليونية 25 أكتوبر). وقالت لجان المقاومة الشعبية، إن تظاهرات اليوم بعد عام من الانقلاب العسكري يجدد فيها الشعب السوداني رفضه لحكم العسكر، ويطالب بحكومة مدنية كاملة. مشددة على أن الشعب سيواصل نضاله الثوري حتى إسقاط الانقلاب.

الاتحاد الأوروبي طالب السلطات السودانية بالعودة فورًا لحكومة انتقالية مدنية في البلاد. ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الجيش السوداني لاحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. واعتبر أن الجيش يتحمل مسؤولية خاصة عن تراجع الاقتصاد واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد خلال العام الماضي. وأكد بوريل أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية سياسية إلا إذا تحلّت الأطراف بالشجاعة والإرادة السياسية اللازمة لتجاوز المأزق الحالي. داعيًا السلطات وقوى الأمن للتحلي بضبط النفس وحماية الأرواح وحرية التعبير.

الانقلاب العام الماضي حدث بعد ساعات قليلة من مغادرة المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي، في ذلك الوقت جيفري فيلتمان، للخرطوم وذلك بعد انخراطه في اجتماعات عديدة مع الأطراف السودانية، ناقشت الخلافات بين المدنيين والعسكريين، وأعرب وقتها عن تفاؤله بوجود مخرج للأزمة السودانية، وبعد وقت وجيز نفذ القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان انقلابه العسكري مخالفا بذلك الوعود التي أطلقها بحماية البلاد من أي انقلاب عسكري والحفاظ على الفترة الانتقالية، خلال اجتماعه الأخير مع فيلتمان.

ووفق تقرير مفصل نشرته منظمة حاضرين الحقوقية عن الانتهاكات ضد المتظاهرين، فقد تجاوز عدد المصابين خلال قمع الأجهزة الأمنية للاحتجاجات 7000 بينهم 400 طفل. واوضح التقرير أن عدد الإصابات البليغة يقدر بـ 1074 بينهم 116 طفلًا. وكشف التقرير عن 50 حالة اعتداء جنسي، خلال الاحتجاجات، بينها 3 حالات اغتصاب. وبينما قتل أكثر من مئة متظاهر خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات، تشهد البلاد أعمال عنف أهلي واسعة النطاق، حيث قتل خلال عام من الانقلاب 500 شخص في دارفور. وكان المجتمع الدولي، قد أوقف جملة من المساعدات والمنح للسودان تقدر بنحو 4.5 مليارات دولار، في أعقاب الانقلاب العسكري، كما أعلن نادي باريس تعليق إعفاء ديون السودان. وتمت الدعوة الى اتفاق شامل لإنشاء حكومة انتقالية بقيادة مدنية في السودان، تعيد الانتقال الديمقراطي في البلاد. تلتزم بمساعدة الشعب السوداني على تحقيق أهداف الثورة، في بلد مستقر ومزدهر يعيش في سلام مع نفسه ومع جيرانه. ومنذ عام يغيب الاستقرار عن الأراضي السودانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *