علي اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

 

** تمهيد

 

  • كثير من المُتابعين لا يُعطون مساحات في تحاليلهم أو أي قيمة تُذكر للخلفيات التاريخية للأحداث في قراءاتهم للتطورات في البلدان الإفريقية وخاصة في دول الساحل والصحراء، ولعل مثال ما يجري اليوم في التشاد وعلاقة ذلك بليبيا أكثر تعبيرا على ما تمت الإشارة اليه بخصوص تلك القراءات،فالقارئ لتاريخ البلدين منذ عقود وخاصة منذ بداية السبعينات يعي جيّدا وجود المشتركات العرقية والاثنية بين البلدين وتداخل الروابط والعوامل المؤثرة نتاجا للجوار الجغرافي وأيضا وبناء على مؤثرات السنوسية على الحياة السياسية والاجتماعية في البلدين منذ أكثر من قرنين…

 

  • ما كان نظام العقيد “القذافي” ليبقى في السلطة في بلد عمر المختار حتى سنة 2011 لولا سقوط “حسين حبري” في بداية التسعينات وأيضا لولا الالتقاء الفرنسي/الليبي بعد حرب 1987 في التشاد بين البلدين وهو ما ترتب عليه دعمهما لقوات “ديبي” في الوصول لنجامينا انطلاقا من الأراضي السودانيةبداية سنة 1990 ومن ثم السيطرة على مقاليد الحكم طيلة ثلاثة عقود، ومن الواضح أن باريس وطرابلس يومها قد انتقمتا من “حبري” الذي ربط بين الجنود الأسرى الليبيين (بقيادة “حفتر”)وبين للأمريكيين وليلتحقوا لاحقا بالمعارضة الليبية (بقيادة “محمد يوسفالمقريف”)، وهو ما أكدته أخيرا ومنذ أسبوعين تحديدا رواية المدير العام للأمن الخارجي الفرنسي حول تلك الحقبة وتلك الاحداث …

 

  • اليوم وفي حالة فشل المُتمردين في الوصول إلى السيطرة على الحكم في تشاد وقلب الأمور على الجنرال “محمد كاكا” (ابن “ديبي”)،سيكون عليهم موضوعيا العودة إلى ليبيا والاستعداد لمحاولة أخرى بل والبحث عن أطراف دولية واقليمية قوية وداعمة لهم لا فقط موظفة لهم تكتيكيا فقط، أما في حالةفوزهم وتربّعهم على مقاليد الحكم في العاصمة “نجامينا” فمما لا شك فيه أنهمسيلعبون دورا إقليميا وأولى خطواته هي البحث في التأثير على الوضع في ليبيا بداية من جنوبها باعتبارهم انطلقوا من هناك…

 

  • يبقى السؤال المطروح موضوعيا هو أي مؤثرات قصيرة المدى ومتوسطة المدى لما جرى ويجري وسيجري في التشاد على تطورات الأحداث على ليبيا وعلى حكومة الوحدة الوطنية وعلى المسار الانتقالي الليبي في افق انتخابات 24 ديسمبر 2021؟

 

** حيثيات التطورات الأخيرة في التشاد وخلفياتها التاريخية والاجتماعية  

1- عمليا لم ينتظر السفير الأمريكي في ليبيا كثيرا، فبعد ساعات من الإعلان عن وفاة الرئيس التشادي”ادريس ديبي”، اجتمع – اي”ريتشاردنورلاند”- مع رئيس المؤتمر العام للتبو”عيسى عبدالمجيد منصور” وتم وفقا لبلاغات السفارة تداول طبيعة التطورات الأخيرة في التشاد وطبيعة مؤثراتها على ليبيا، وهو رد مُباشر على سؤال طرح موضوعيا اثناء الاحداث أي اين يتموقع الأمريكيونفي الصراعات الجارية في التشاد، وما هي استراتيجيتهم في المنطقة وفي مؤثرات ما يجري على ليبيا تحديدا؟

 

2- تم عمليا طرح أسئلة عديدة بخصوص حقيقة ما وقعفي التشاد منذ 11 افريل الحالي خاصة وان “ديبي” استقبل “نتنياهو” نهاية 2018 وان علاقاته بباريس قوية واستراتيجية وهو يقود بدلا عنها حربا ضد الإرهاب في بحيرة التشاد، وهو أيضا من أمضى اتفاقيات مع “أنقرة” و”موسكو”و”بكين”، وهو ما يعني ان هناك سيناريوهات ثلاث لما جرى ويجري:

 

  • السيناريو الأول:ويتمثل فيوقوف أطراف دولية واقليمية وراء دعمالمعارضة التشاديةلتغيير السلطة في “نجامينا” كُلّيا وانه لم يعد مقبولا وفق تلك الرؤية انه كان مطلوبا رحيل نظام بقي أكثر من ثلاث عقود وأن طبيعة ما يجري في الإقليم ووفقا لصراع النفوذ دوليا وبناء على ما جرى في ليبيا وفي كل المنطقة، فانه لابد من ان تكونا المعارضة شريكا في الحكم في أفق السنتين القادمتين…

 

  • السيناريو الثاني:ويتمثل في أن مساندة المعارضة والذي في هذه الحالة قامت به أطراف اقليمية وظيفيا لصالح أطراف دولية بعينها، بينما كان المُبيَّت هو تغيير نظام “ديبي” من داخله والذي ليس غريبا انه تم التخلص منه من قبل مقربين ومن الوارد حتى ابنه – وهو امر تم سابقا في أكثر من بلد افريقي- ، ويعتقد مراقبون أن باريس فعلت ذلك عبر غطاء وفره حلفائها الإقليميين المساندين للجنرال “حفتر” وبما بتحالف تكتيكي مع الروس أو الإسرائيليين أو كلاهما وهنا قد نحصل على إجابة سر ذلك التحشيد العسكري الذي كان يتم في الجنوب وفي “سرت” و”الجفرة” في وقت كانت فيه الأطراف الليبية جالسة على طاولة الحوار…

 

  • السيناريو الثالث:ويتمثل في أن تكون التطورات في التشاد قد أدت الى ما أدت اليه بغض النظر عن الطريقة التي تم بها دعم أو تحشيد المعارضة (وهي معارضة منقسمة على نفسها وتتكون من فسيفساء فصائل وهي خمس بالنسبة لتلك الناشطة انطلاقا من الأراضي الليبية مضاف لها مكونات أخرى في الشمال التشادي وانطلاقان من دارفور في السودان)، وان الأطراف الدولية على تداخل مع أطراف عدة ولكن طبيعة الصراع النفوذ بينها لم يمكن أي منها من فرض خياراته وانتظر التطورات فسبقتها جميعا…

 

  • السيناريو الرابع: ويتمثل في خطة أمريكية متكاملة استطاعت ان تستوعب طبيعة التدخلات الدولية وأن تحتويها وأن تتجاوزها تخطيطا وتنفيذا (بما في ذلك الحضور الفرنسي القوي في التشاد وفي دول المنطقة)، وتتحكم فيها والطبيعة الفسيفسائية للمعارضة التشادية وطبيعة محيط “ديبي” والذي أربك أطرافا دولية بعلاقاته المتعددة افريقيا ودوليا، ولا يعني هذا السيناريو أن الامريكيين لم يكونوا واقعيين في التكيف مع الوقائع والسياسات المنزلة من طرف منافسيهم الدوليين في كل ما جرى…

 

3- ممَّا لا شك فيه أن لقاء “نورلاند/منصور” -الذي تحدثنا عنهأعلاه-يتصلموضوعيا بالتطورات الجارية في تشاد بناء أن الصراع هناك يتخذ من جملة أبعاده بُعدا عرقيا، فالمعارضة التي قادت الهجوم على إقليم “تيبستي” وخاضت اشتباكات مع قوات نظام “ديبي” في “كانم”، كانت قد انطلقت من جنوب ليبيا، خاصة وأن أغلب مكوناتهاتنتمي إلى قبيلة القرعان(مكون رئيسي من مكونات “التبو”المعارضة لــــــ”ديبي” ونظامه وحلفائه منذ سنة 1990).

 

4- التداخل الاجتماعي والثقافي بين الليبيين والتشاديينوانعكاسات الداخل التشادي على الأوضاع في جنوب ليبيا وصراع النفوذ على مواطن الثروة والتجاذبات الدولية حول المنطقة يعود عمليا الى بداية ثمانينات القرن الماضي، ففي سنة 1982 كان “ديبي” من داعمي “حسين حبري” (من “القرعان”) في الإطاحة بسلفه “غوكوني عويدي”(وهو كذلك من القرعان)، وقد فر هذا الأخير إلى “الكاميرون” ثم لجأ إلى “الجزائر” حيث عاش طويلا قبل العودة إلى “إنجامينا”، وظهر قبل أيام في الصورة وهو يجتمع مع الجنرال “محمد ديبي”(رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحالي والمرفوض من قبل المعارضة شكلا ومضمونا)…

 

5- واجه الرئيس “ديبي” حركات تمرد عنيفة ومحاولات كثيرة للانقلاب على نظامه أو لاغتياله شخصيا، وكان للجانب القبلي دور كبير في ذلك، فهو ينحدر من قبيلة “زغاوة” الأفريقية التي لا يتجاوز حضورها نسبة 0.9 في المئة من الشعب التشادي، ولكنّها قوية عسكريا حيث تنتشر في شرق تشاد وغرب السودان، وذات ثقل كبير في مثلث دارفور، وإليها ينتمي “الجنجويد”، وكان لها دور في الحرب الأهلية هناك انتهى باتفاقية السلام مع النظام السوداني السابق بقيادة “عمر البشير” والممضى سنة 2009وتم توظيف الآلاف منهم للقتال في صفوف قوات الجنرال المتقاعد “خليفة حفتر” منذ سنة 2016 ان لم يكن قبلها…

 

6- الثابت أن قوات المعارضة التشادية (والذين يصفهم نظام ديبي وحلفائه المحلين والاقليميين بــــ”المتمردينالتشاديي”)، قد بدؤوا هجومهم على المدن الشمالية التشادية في 11 أفريل الجاري، انطلاقا من قواعد في مدن جنوب ليبيا وعبر خمس تنظيمات تقريبا…

 

7- زعيم المعارضة التشادية”محمد مهدي علي”هو من الدارسينفي فرنسا وهو من الحاملين لجنسيتها ونشط أيضا في الحزب الاشتراكي ولا تزال أسرته تعيش هناك، وعاد للعاصمة التشادية اثر ابرام نظام “ديبي” لاتفاقية السلام سنة 2005 مع “الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة”حتى أنه حُظي بمنصب رفيع في وزارة البيئة والبنية التحتية، ولكنه غادر البلاد عشية محاولة الانقلاب التي تعرض لها النظام في 2008، فانضم إلى المتمردين في دارفور، ثم التحق بـــــ”اتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية”بداية سنة 2015 ويومها كلفه زعيمها “محمد نوري” بتدريب القوات المقاتلة للمعارضة داخل الأراضي الليبية، ولم تمض اشهر قليلة حتى بت الخلافات بين الرجلين وليتم طرده من الحركةفاتجه إلى تشكيل فصيل خاص به، واتخذ من منطقة “وادي مسعودة” في جبال الحساونة مقرا لتدريب قواته، وفي نهاية 2016 تعرض ذلك الموقع لقصف من قبل قوات “حفتر” وليُصرّحَ هذا الأخير يومها أن قواته”معنية بالتصدي للإرهابيين والمتمردين الذين يهددون أمن دول الجوار…”

 

8- عرف الجنوب الليبي خلال السنوات الماضية صراعات عدة بناء على خلفيات عرقية حتى أن بعض العرب والطوارق في مدن ليبية عدة في الجنوب الليبيوجهوا اتهامات لتبو ليبيا بالعمل على تشكيل كيان انفصالي لتأسيس دولة التبو في المنطقة لتجمع شتات الإثنية الموزعة بين أربع دول هي ليبيا وتشاد وجمهورية النيجر والسودان، ورغم أن نسبتهم في المجتمع التشادي لا تتجاوز 6.5 بالمائة إلا أن أهم – أي التبو/القرعان- كان لهم خلال العقود الماضية ومنذ الستينات أدوارا مهمة ورئيسية في الصراعات العسكرية والسياسية وخاصة بعد سيطرة الشماليين على الحكم منذ نهاية سبعينات القرن الماضي حيث تم يومها إقصاء الجنوبيين المسيحيين…

 

9 – إثر ثورة 17 فبراير دخل”التبو”في تحالفات مع قوى قبلية ضد أخرى بل وخاضوا معارك في مدن فزان (الجنوب الليبي على غرار “أوباري”و”مرزق” و”سبها”و”الكفرة”، حتى أن “عيسى عبدالمجيد منصور”أي زعيم قبيلة “التبو” في ليبيا أعاد سنة 2012 إعادة تنشيط ما يسمى بـــــــ”جبهةالتبو لإنقاذ ليبيا” الا أنه تقلب في مواقفه من جهة وفي خوضه لصراعات مع الطوارق وخاصة سنة 2013 قبل أن يتم التقلب في تحالفاته وخاصة إثر الازمة الليبية بداية من ماي 2014 [1]….

 

** التطورات الحالية في التشاد ومؤثراتها الجيوسياسية على ليبيا؟ 

 

  • معلوم أن تقارير إخبارية قد تم نقلها مباشرة اثر الإعلان عن وقف إطلاق النار في ليبيا في شهر فيفري الماضي ومفادها أن الرئيس الراحل “ادريس ديبي”قد أكد قال لحلفائه الفرنسيين أنه “يعتقد أن نهاية الحرب في ليبيا تعني بدايتها في تشاد…”، وهو استشراف طبيعي ومنتظر من رئيس وعسكري وشخص متمرس ودكتاتور بيده كل الأجهزة الأمنية والعسكرية التشادية، وهذه الأخيرة كانت تتابع ولا شك منذ 2011 نشاط المعارضة التشادية المسلحة في الجنوب الليبي، إلا أن “ديبي” سقط قبل ذلك ومنذ بداية الألفية في بناء تراكم كمي للخصوم حيث قوات المعارضة في الشمال و”بوكو حرام” من الجنوب وتنظيمي “القاعدة”و”داعش” من الشمال الغربي، ومضاف إلى كل ذلك مخاطر التصعيد المستمرة على الحدود الشرقية مع السودان، وتناقضات سياسية وإثنيةومناطقية من الداخل أكثر من ان تحصى أو تعد أوحتَّى تُضبط بأي شكل من الاشكال، وعمليا كان “ديبي” يبني ويُشبك تحالفات عديدة ومتناقضة محليا واقليما ودوليا، وهي تحالفات مكَّنته من الصمود طويلا ولسنوات عدة وهو الذي بقي في الحكم 30 سنة تزوج خلالها 13 مرة بعضها سياسي لا أكثر ولا اقل على غرار زواجه قبل الأخير من السودانية “امينة هلال” سنة 2004…

 

  • كل المتابعين للتطورات في دول الساحل والصحراء بما فيها التطورات الحاصلة في التشاد،يؤكدون أنه بالنظر للوضع في شمال افريقيا وغربها، أنه لا يمكن الفصل بين ما يدور في دول تلك المنطقة عن بعضها وأن تطورات في احد تلك البلدان ستكون لها ترتباتها وآثارها على بقية دول المنطقة خاصة في ظل تفجر الأوضاع في أكثر من جبهة افريقية(القرن الافريقي – مُشكل “سد النهضة” بين السودان ومصر من جهة واثيوبيا من جهة ثانية[2] مهما مثاليان للذكر لا الحصر)، وبذلك القياس لا يمكن عمليا ومنهجيا فصل تطورات الاحداث الجارية في التشاد وليبيا حيث يحضر التاريخ والجغرافيا بكل تفصيلهما مضاف اليه طبيعة الصراع الدولي على ثروات دول الساحل والصحراء وهي دُول تعتبر بوابة ومنفذ مركزي للصحراء الكبرى ومعلوم أنه بالقرب من مطار “سارة” في الجنوب الليبي توجد منطقة مساحتها تقارب 500 كلم مربع وتحوي ذهبا نادرا وثمينا إضافة الى ثروات أخرى قريبة من الحدود التشاديةمثل “اليورانيوم” كمثال للذكر لا الحصر، وهو ما يجعل عملية التسابق والتلاحق الإقليمي والدولي كبيرةبل ويمكن ان يحول كل المنطقة لصراعات وحروب مباشرة وغير مباشرة ويجعل من أدوار الوظيفيين والوكلاء المحليين في تصاعد وتنام غير مسبوقين…

 

  • بداية من سنة 2015 تعددت الاتهامات الموجهة للفرنسيين بمحاولة بسط نفوذهم على الإقليم (ليبيا – التشاد – بقية دول الساحل والصحراء…) والذي يحتل مكانة تاريخية لديهمخاصة وأنهم سيطروا على مجمل دوله خلال الحرب العالمية الثانية بل هم بنوا ومنذ أكثر من اربع عقود علاقات مع مختلف الاثنياتمقابل انتباههم مبكرا لضرورة بناء علاقات قوية ومتشابكة مع “التبو” تحديدا في دول ليبيا والتشاد والنيجر والسودان، وهو ما جعلهم في تقاطع وانقطاع مع بقية الأطراف الدولية والإقليمية وهدفا للسهام في كل من ليبيا والتشاد ويتم تحميلهم –أي الفرنسيين- باستمرار أزمات المنطقة خاصة بعد اخطائهم الاستراتيجية والقاتلة واصطفافهم منذ 2014 مع أحد اطراف الصراع في ليبيا – أي مع حفتر وحلفائه الاقليميين والدوليين- واصطفافهم الكلي مع نظام “ديبي” في “التشاد” منذ بداية التسعينات…

 

  • لا شك أن التداخل كبيروموسع بين الليبيين والتشاديين خاصة على المستويين الاجتماعي والثقافي ذلك أن أغلب القبائل الليبية لها امتدادات داخل تشادوالعكس أيضا صحيح حتى أن هناك مسؤولين ليبيين وتشاديينلهم أقارب في البلد الثاني على غرار وزير الثقافة في حكومة الوحدة الوطنية – كمثال للكر لا الحصر من بين عشرات الأمثلة في الحقل السياسي فقط فبالك في بقية المجالات- وهناك أيضا تشابك ثقافي واضح كرسته الدعوة السنوسية منذ أكثر من قرنين – مثلما ذكرنا ذلك في فقرة سابقة – ويعلم الجميع أن الجنوب الليبي قد تحول منذ أكثر من عقدين الى منطقة صراع نفوذ إقليمي ودولي وان استطاع نظام “القذافي” استعمال الاحتواء والتبريد واللعب على التوازنات الا انه ونتاج أخطاء استراتيجية وقاتلة قد مهد عن وعي او بدون وعي لتعقيد ذلك الصراع والذي امتد منذ سنوات لكل دول الساحل والصحراء كما ذكرنا سابقا بل أن “ليبيا” و”التشاد”قد تحولتا منذ أكثر من سبع سنوات الى مركز للصراعات بين الأمريكيين والروس والصينيين من جهة وبين الفرنسيين والامريكيين من جهة ثانية، إضافة للحضور التركي والإيراني والاماراتي بأشكال مختلفة وقبل كل ذلك وجود اختراق إسرائيلي ممهنج وفي اطار السرية المطلقة منذ اكثر من ثلاثة عقود ولتتحول اسرائيل الى لاعب أساسي بالمكشوف منذ بداية 2018 ولكن عبر خطوات نعتقد أنها متأنية تخطيطا وهي غير متسرعة حاليا…

 

  • لا شك أن وجود الرئيس الفرنسي في موكب الوداع الأخير للرئيس الراحل ( حضر معه فقط حوالي 12 رئيس دولة افريقي)،قد وجه رسالة مضمونه الرئيسي دعم السلطات الانتقالية، والثابت أن مصرع “ديبي” وهو على جبهة القتال ضد فصيل من المعارضة المسلحة قد أربك ساسة باريس ودق لديهم ناقوس خطر نظرا لوجود قواتهم في تشاد والتي كانوا يعتقدون أو هم برمجوا أن تكون في مأمن عن تداعيات الصراع في ليبيا وأن نحو خمسة آلاف جندي فرنسي يكفون لحماية نظام إنجامينا، إلى أن استيقظت باريس على الفاجعة/ الكابوس، بما سيجعلها تُعيد النظر في حساباتها السابقة وتُقيّم تحالفاتها الحالية مع الأطراف الدولية ومع حلفائها الإقليميين وقبل ذلك مع حلفائها المحليين – أي الوظيفيين – في التشاد وليبيا…

 

  • هامش المتغيرات الممكنة وطبيعة وكنه التطورات الحالية واللاحقة في التشاد ستكون مؤثراتها المباشرة على المشهد السياسي في ليبيا كبيرة وغير محدودة، ولكن السؤال كيف ووفقا لأي عوامل وتفاصيل وخاصة في أفق انتخابات 24 ديسمبر 2021 المرتقبة تحديدا؟

[1] أنظر دراسة الكاتب “في ظل ما يجري في التشاد والجنوب الليبي، التبو: من هم وما هو مستقبلهم في ليبيا وفي دول الساحل والصحراء؟” أسبوعية “الراي العام” التونسية بتاريخي 21 و28 فيفري 2019 كما نشرت الحلقات أيضا في موقع افريقيا 2050

[2]أنظر مقال الكاتب “سد النهضة: مسارات الاحداث تاريخيا وماهية التطورات الأخيرة” نشر على صفحات أسبوعية الراي العام التونسية بتاريخ 22-04-2021 ص 20-21

المصدر ، دوية 24/24 بتاريخ 27 افريل 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *