تونس: كمال بن يونس

كشف وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة التونسي منجي مرزوق في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يجري هذه الأيام مشاورات رسمية مع نظيره الجزائري محمد عرقاب، باسم الحكومة التونسية، بهدف «التسريع في إبرام العقد الجديد الخاص بالتزود بالغاز الجزائري الذي يوفر ثلثي استهلاك تونس منه».
وأورد مرزوق أن محادثات الحكومتين التونسية والجزائرية الاقتصادية «إيجابية جداً»، وتشمل التعاون في توظيف الطاقات المتجددة المرتبطة بالشمس والرياح وإنتاج وتوزيع الغاز والنفط والكهرباء بين تونس والجزائر والمغرب وليبيا لمواجهة فترات الذروة في الاستهلاك.
كما تشمل المحادثات التونسية الجزائرية الحالية تحسين ظروف تزويد ليبيا بالكهرباء التي تنتج في الجنوب التونسي، ومن بين الجهود والأفكار الحالية إنشاء محطة كهرباء كبيرة بالقرب من ميناء «الصخيرة» الصناعي (200 كلم عن الحدود التونسية الليبية)، تكون موجهة إلى ليبيا في مرحلة أولى وإلى بقية المنطقة في مرحلة ثانية. وكشف الوزير التونسي أن المحادثات التونسية الجزائرية حول تطوير الشراكة بين البلدين وبين كل الدول المغاربية في قطاع المحروقات والكهرباء والطاقات المتجددة تقدمت منذ مدة، ومن المتوقع أن تتوج بتوقيع العقد الجديد للشراكة بين تونس والجزائر الذي ستمتد صلاحياته حتى عام 2030، لأن صلاحية العقد القديم انتهت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووقع تجديده لمدة شهرين بصفة وقتية. وسيتضمن العقد الجديد تخفيضاً في السعر وأسعاراً تفضيلية في المبادلات الثنائية في مجالات المحروقات والطاقة.
وبين مرزوق أن من بين مزايا الشراكة التونسية الجزائرية في قطاع الطاقة التقليدية والطاقات المتجددة، إلى جانب الأسعار التفضيلية، أنها تمكن البلدين من «مرونة» لا توفرها بقية الدول، ومن أبرز مظاهر تلك المرونة مراعاة «طاقات الخزن المحدودة في تونس» وعدم تطبيق قاعدة «خذ وادفع فورا Take and pay».
وفيما يخص مستجدات حقل نوارة الصحراوي للغاز، الذي أعلن عن بدء استغلاله مؤخراً والذي من المقرر أن يوفر حوالي نصف إنتاج تونس من الغاز وثلث استهلاكها، أوضح مرزوق أن هذا الحقل الموجود في أقصى الجنوب التونسي الذي طال انتظاره وقع تدشينه في شهر فبراير (شباط) الماضي، وكان من المقرر أن ينتج حوالي مليوني متر مكعب، لكن مشاكل فنية برزت وأدت إلى تخفيض إنتاجه إلى أقل من النصف. وتابع: «دعيت مؤسسة بريطانية لتدارك هذه المشاكل الفنية، لكن «وباء كورونا» وقرار غلق المطارات وفرض الحجر الصحي على المسافرين القادمين الخارج، تسبب في تأجيل التدخل الفني من قبل المهندسين البريطانيين وستجري عملية الإصلاح والصيانة عن بعد».
وكشف مرزوق أن الغاز الذي ينتج في هذا الحقل سوف ينقل عبر أنبوب طوله 370 كلم من الصحراء التونسية إلى قطب الصناعة والطاقة والمناجم في منطقة قابس (400 كلم جنوبي العاصمة)، وتتولى شركة الكهرباء والغاز التونسية خزنه وتسويقه وطنياً. وتوقع مرزوق أن يسمح التنسيق التونسي الجزائري الليبي في تحسين منتوج تونس من الغاز والكهرباء والطاقات البديلة، بما سوف يرفع قيمة صادرات تونس إلى ليبيا من الكهرباء من حوالي 400 مليون دينار (نحو 140 مليون دولار) حالياً، إلى مستويات أعلى كثيراً.
أما فيما يخض آفاق الخروج من الأزمة التي يعاني منها قطاع المناجم والشركة الوطنية للفوسفات، التي كانت صادراتها أهم موارد الدولة من العملات الأجنبية، فتوقع الوزير مرزوق أن تنجح الحكومة الجديدة بالتعاون مع الأطراف الاجتماعية في معالجة معضلة قطاع مناجم الفوسفات الذي يمر بأزمة خانقة منذ 10 أعوام. وقد استفحلت مشاكله بعد ثورة 2011 بسبب معضلات البطالة في الجنوب الغربي وحرص آلاف العاطلين والنقابيين على الحصول على وظيفة دائمة فيها.
وبلغ الأمر بالمؤسسة المشرفة على هذا القطاع ومكوناتها حد العجز عن تسديد الرواتب الشهرية لموظفيها وعمالها، حيث تسببت إجراءات بعد الثورة في زيادة عدد هؤلاء العمال إلى حوالي 28 ألفاً، بينما لا تحتاج الشركة أكثر من 11 ألفا. كما تسببت الاضطرابات الاجتماعية والاعتصامات العشوائية في تعطيل النقل الحديدي والبري للفوسفات، مما أدى إلى تخفيض الإنتاج من 8 ملايين طن في 2010 إلى حوالي 3 ملايين طن. وقد ارتفع هذا الإنتاج مجدداً في العامين الماضيين وناهز 4 ملايين طن، لكنه لا يزال في حدود نصف الإنتاج في مرحلة اشتدت فيها المنافسة الدولية وتراجع فيها ترتيب تونس الدولي بين مصدري الفوسفات من المرتبة الثانية عالمياً إلى المرتبة الثامنة. واعتبر الوزير أن إنقاذ قطاع الفوسفات إنتاجاً وتصديراً ممكن، إذا توقفت الإضرابات والاعتصامات العشوائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *