قال المحلل العسكري والاستراتيجي حاتم الفلاحي، إن إيران تخشى من التهديدات الأمريكية، واصفاً ردها على مقتل رجلها القوي في المنطقة بأنه أظهر ضعف ترسانتها العسكرية.

وتحدث “الفلاحي” في حوار خاص مع “الخليج أونلاين” حول الرد الإيراني على مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وكشف لماذا فضلت إيران ضرب قواعد أمريكية في العراق بدلاً من الخليج، كما تطرّق لأذرع إيران في المنطقة والدور الذي قد تؤديه بأوامر من طهران.

لا وجه للمقارنة
يقول “الفلاحي” إنه بدون أدنى شك أن إيران تخشى من التهديدات الأمريكية وإمكانية إقدام واشنطن على رد فعل “غير محسوب” من جانب طهران، خاصة أنه لا يُمكن المقارنة إطلاقاً بين ما تمتلكه الولايات المتحدة من قدرات عسكرية وتكنولوجية وبين ما تمتلكه إيران التي تعيش وضعاً مأزوماً في الداخل.

ويوضح “الفلاحي” في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أنه كان أمام إيران أهداف في منطقة الخليج العربي أقرب من تلك التي استهدفتها في العراق، خاصة أنها تسيطر على تلك المياه بشكل كبير جداً، ولديها بحرية “مقلقة” للولايات المتحدة، لكنها فضلت استهداف القواعد العسكرية بالعراق.

ويكمل موضحاً: إن “الأسطول الخامس الأمريكي يوجد في البحرين، وهناك قواعد في الكويت وعُمان وقطر”، مشيراً إلى أنه كان بإمكان إيران أن تنفذ الضربات بتكلفة أكبر من تلك الصواريخ التي يصل مداها إلى 880 كيلومتراً.

وأشار إلى أن طهران آثرت أن تضرب هذه الأهداف في العراق على ضرب تلك الموجودة بالخليج، والتي وصفها بالحيوية بالنسبة إلى الأمريكيين، ما يجعل رد واشنطن عليها كبيراً جداً، معتبراً أن إيران اختارت “أخف الأضرار”.

ضعف الترسانة العسكرية
وكشف أن الضربة الإيرانية باتجاه القواعد الأمريكية بالعراق أظهرت “ضعف الترسانة العسكرية الإيرانية”، فضلاً عما أسماه “هزالة الرد الإيراني”، موضحاً أن إيران استطاعت في الفترة الماضية أن تطور كثيراً من الأسلحة، لكنها لم تجرب في ساحة معركة حقيقية.

وكشف أن الحرس الثوري الإيراني اعترف بإطلاق أكثر من 22 صاروخاً على دفعتين، لافتاً إلى أن ما وصل واعترفت به “البنتاغون” هو 12 صاروخاً فقط، وهو ما يفسر سقوط كثير من الصواريخ في الطريق، وسقوط قسم آخر في أماكن خالية “لا يوجد بها أحد”.

حاتم الفلاحي

وبنظرة عسكرية، يقول الفلاحي لـ”الخليج أونلاين”، تبين من خلال الهياكل التي تركت في هذه الصواريخ أن جزءاً منها “لا يحمل رأساً حربياً متفجراً”، وهو الأساس في تفجير الصاروخ.

ويتفق الخبير الاستراتيجي مع تلك الأصوات التي تؤكد تراجع الخيار العسكري؛ مستنداً لتصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بأنه تم الرد على مقتل سليماني، وما قاله الرئيس ترامب بأن “كل شيء على ما يرام”، في الخطاب الذي أدلى به “سيد البيت الأبيض”.

لكن “الفلاحي” يعتقد أن مجرد الرد الإيراني على واشنطن هو تقليل من هيبة الولايات المتحدة في المنطقة، في حال أخذت الأمور بالقياسات الحقيقية، مؤكداً الانتقال من الحرب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة، ولكنها “بشكل محدود”.

أذرع إيران
أما بخصوص أذرع إيران واحتمالية ردها على واشنطن وحلفائها فأوضح الخبير العسكري أن هذا الأمر يرتبط بما يصدر من ولي الفقيه؛ لكونها مليشيات ولائية تأخذ أوامرها من طهران، ومن ثم فإن تحركها منوط بما تقرره إيران تصعيداً أو تهدئة، مستبعداً أن تقدم فصائل الحشد الشعبي على توجيه ضربات؛ بسبب وجود إشكال داخلي بخروج المظاهرات الشعبية ووجود تصعيد مع الولايات المتحدة.

وحول إمكانية استهداف قواعد أمريكية في دول خليجية قال المحلل العسكري إن رسالة الحرس الثوري الإيراني أوضحت أنه سيتم قصف تلك الدول، وتعتبرها جزءاً من المنازلة؛ في حال خرجت منها طائرات أمريكية ضد إيران.

لكنه استدرك قائلاً: “إن الصراع في اليمن سيبقى مستمراً، ويمكن أن تتطور ضربات الحوثيين وتستهدف الإمارات بضربات أقوى”.

وأطلقت إيران، فجر الأربعاء (8 يناير)، عشرات الصواريخ على قاعدتي “عين الأسد” و”حرير” العسكريتين في العراق، اللتين تضمان قوات أمريكية (عددها 5 آلاف في مختلف أرجاء العراق)؛ رداً على مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في غارة جوية أمريكية ببغداد، الجمعة الماضي (3 يناير).

وجاء القصف الأمريكي على خلفية اقتحام عشرات المحتجين التابعين للحشد الشعبي حرم السفارة الأمريكية في بغداد، أواخر العام المنصرم، وإضرامهم النيران في بوابتين وأبراج للمراقبة، قبل أن تتمكن قوات مكافحة الشغب العراقية من إبعادهم إلى محيط السفارة.

اقتحام السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء المحصنة جاء رداً على غارات جوية أمريكية استهدفت مواقع لكتائب “حزب الله” العراقي، أحد فصائل “الحشد الشعبي”، بمحافظة الأنبار، ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً و48 جريحاً بين مسلحي الكتائب.

وشنت الولايات المتحدة الضربات الجوية رداً على هجمات صاروخية شنتها الكتائب على قواعد عسكرية عراقية تستضيف جنوداً ودبلوماسيين أمريكيين، قتل خلال إحداها مقاولاً مدنياً أمريكياً قرب مدينة كركوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *