طرحت زيارة رئيس حكومة الوفاق الليبية إلى دولة الجزائر وكذلك زيارة وزير خارجية “تركيا” وتأكيد الأخيرة على اتفاقها مع “الجزائر” في الملف الليبي مزيد من التساؤلات والتكهنات حول دور جزائري منتظر ربما يدعم خطوة “أنقرة” لدعم الحكومة الليبية وما إذا كانت الدولة الجارة لليبيا قد وافقت فعليا على ذلك.

وأكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو في العاصمة الجزائرية، أن “بلاده ستتعاون مع الجزائر على أساس المصالح المشتركة في القضايا الإقليمية المختلفة، وفي مقدمتها الأزمة الليبية، مضيفاً “هناك تطورات تتعلق بالبلدين. إذا عملنا سويًا، فإننا على ثقة من أننا سنحقق السلام والاستقرار”.

“طرابلس خط أحمر”

في حين، أكد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون خلال لقائه بنظيره الليبي، فايز السراج أن “العاصمة الليبية “طرابلس” خط أحمر ترجو بلاده ألا يجتازه أحد، داعيا مجلس الأمن إلى “فرض الوقف الفوري لإطلاق النار في ليبيا، كما دان بقوة “المجزرة التي حصدت أرواح حوالي 30 طالبا في الكلية العسكرية بطرابلس بعد قصف من قبل طائرات مسيرة داعمة لحفتر، واصفا الحادثة بأنها جريمة مروعة ترتقي إلى جريمة حرب”.

وجاءت زيارة “السراج” تصريحات وزير خارجية تركيا ليطرحا تساؤلات من قبيل: هل وافقت “الجزائر” فعليا على التعاون مع “أنقرة” في الملف الليبي؟وما أوجه هذا التعاون وتأثيره على الوضع السياسي والعسكري”؟.

“دعم وتعاون”

من جهته، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، عادل كرموس أن “موقف الجزائر ودورها لايحتاج إلى محاولات استمالة من قبل تركيا أو حكومة الوفاق، لأن موقفها واضح من البداية من الحرب على العاصمة “طرابلس”، فهي ترفض الحل العسكري وتدعو دوما للحوار الليبي وتدعم الحكومة الشرعية”.

وأشار في تصريحات لـ”عربي21″ إلى أن “توقيت هذه الزيارات الآن يأت من باب تأكيد الدعم وتعزيز الموقف خصوصا بعد أصبحت “الجزائر” من ضمن الدول المشاركة في مؤتمر “برلين” المزمع عقده في الفترة المقبلة، فربما يكون هدف الزيارات لها الان توحيد المواقف في هذا التجمع الدولي”، حسب كلامه.

“عودة للملف الليبي”

من جهته، رأى رئيس جمعية البحوث والدراسات من أجل اتحاد المغرب العربي (مستقلة)، حبيب حسن اللولب أن “الجزائر رغم أنها ابتعدت عن ليبيا قليلا بسبب أوضاعها الداخلية، إلا أنها عادت من جديد للملف ليس لنصرة فريق على آخر لكن من أجل تفعيل الحوار الليبي”.

وأشار في تصريحات لـ”عربي21″ إلى أن “الجزائر منفتحة على كافة الدول، بهدف إنجاح المسعى السياسي وتغليب فرص الحوار والمصالحة وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة، لذا من “المهم اقتراح خريطة طريق تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب كافة الجيوش الأجنبية بما فيها القوات التركية وتشكيل قوة عسكرية لحفظ السلام من تونس والجزائر والمغرب بمساندة ودعم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لحل الأزمة الليبية”، كما قال.

“طمأنة وغطاء دبلوماسي”

وأشار الباحث الليبي ورئيس منظمة “الديمقراطية وحقوق الإنسان” ومقرها “واشنطن”، عماد الدين المنتصر إلى أن “تركيا تحتاج إلى غطاء دبلوماسي من الجزائر بعد قرارها إرسال دعم عسكري لليبيا، كما أن زيارة “أوغلو” جاءت لطمأنة االجزائر بالنسبة لنوايا “أنقرة”.

 

وأضاف لـ”عربي21″:كما أن هناك أرضية مشتركة بين كل من الجزائر وتركيا وحكومة الوفاق وهي دعوتهم جميعا لوقف إطلاق النار والعودة للحوار، لكن نتساءل هنا عن الدور الحقيقي والفعلي للجزائر كونها جارة لدولة تجابه كل من مصر والإمارات والسعودية وفرنسا وروسيا، فدعم هذه المجابهة لا يكون بالتنديد أو برسم خطوط وهمية حمراء، لكن بالدعم الفعلي وهذا حقنا التاريخي على الجزائر التي نعتز بدماء وأموال تشرفنا ببذلها لها رخيصة في حرب التحرير”، حسب كلامه.

“محاصرة حفتر وداعميه”

لكن أستاذ القانون الدولي والأكاديمي المصري، السيد أبو الخير أكد أن “التنسيق من قبل “تركيا” وأيضا حكومة “الوفاق” الليبية مع الجزائر أمر مطلوب سياسيا وعسكريا، لموقعها الهام ولضرب حصار على قوات “حفتر” ومنع وصول أية مساعدات له، لذا التواجد التركى الليبي بالجزائر ليست مصادفة ولكنه مرتب لبحث ما المطلوب من تركيا فى ليبيا”.

وأوضح في تصريح لـ”عربي21″ أنه “من الممكن أن تدعم الجزائر الوفاق الليبية وأن تعمل القوات التركية تحت قيادة الجزائر حتى تتجنب تركيا معارضة بعض الدول العربية من تدخلها فى ليبيا، لأن دخول الجزائر على الخط مع تركيا يزيد من الضغط السياسى والعسكرى على حفتر وداعميه وينهي وجوده سريعا”، حسب رأيه.

“تدخل محدود”

الباحث الجزائري في العلاقات الدولية، علي منير دوالة أشار إلى أن “الجزائر تعرف جيدا أن الدخول في المعترك الليبي غير ممكن إطلاقا وأنه مغامرة، ومع تمترس كل طرف ليبي وراء حلفاءه تجد الجزائر نفسها اليوم على أبواب حرب أهلية في ليبيا بنكهة عالمية”، حسب تعبيره.

وأوضح أن “موقف الجزائر التاريخي والراسخ هو عدم التدخل في شؤون الغير واستعمال الوسائل الديبلوماسية لحل الأزمات الدولية وهو موقف أثبت نجاعته في كثير من القضايا، لذا أعتقد أن الموقف السليم للبلاد الآن هو رفض كل أنواع التدخل ومن كل الأطراف والدعوة لحل الأزمة الليبية عبر الحوار وبطرق سلمية”.

وتابع لـ”عربي21″ بسبب كل ما سبق فإن الجزائر لن تقف مكتوفة الأيدي، وربما اقوم بالتدخل المحدود من خلال التنسيق الأمني والمخابراتي لمنع نشوب حرب بالوكالة في ليبيا وبالقرب من حدود الجزائر، لذا تحاول الأخيرة ملأ الفراغ السياسي والأمني بل والاقتصادي هناك”، كما توقع.

“لن تتورط في الدعم”

لكن المدون والناشط السياسي من الشرق الليبي، عيسى رشوان رأى أن “الجزائر لن تتورط في الشأن الداخلي الليبي ولن تسمح باستخدام أراضيها ومطاراتها في أي أعمال عسكرية داخل ليبيا، وسوف تعمل من خلال المجال الدبلوماسي المعروف للتعامل مع الملف الليبي”.

وحول تحذير الرئيس الجزائري من الاقتراب من “طرابلس”، قال: “تحذيره من باب الخوف والتنبيه من الانزلاق إلى حرب المدن التي عانت منها “الجزائر” سابقا وقاست الويلات، وكون الجزائر تشارك ليبيا في حدود صحراوية مفتوحة وفي عدة مكامن للنفط والغاز وكذلك خطر التيارات المتشددة، لذا ستكون الجزائر حاضرة بكامل ثقلها في الملف الليبي”، كما صرح لـ”عربي21″.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *