أبو يعرب المرزوقي يصف قيس سعيد ب” زعيم الدراويش” ويعلن الحرب على قيادات النهضة والمقاومة الفلسطينية واللبنانية والقوميين العرب

· دافع عن الشاه والانظمة العربية وشبه سعيد بالقذافي والشيوعيين السوفيات و” دونكيشوط”

· اتهم القوميين العرب وحماس وحزب الله وايران باختراق تونس منذ عهد بن علي

نشر الجامعي المتقاعد وأستاذ الفلسفة سابقا والوزير المستشار في حكومة الترويكا (2012- مطلع 2013 ) مقالا مطولا ومثيرا بعد يوم واحد من اعلان نتائح الاننتخابات الرئاسية نشره في موقع t24.tn ثم في صفحته الرسمية في فايس بوك ( بتاريخ 16 نوفمبر الجاري) ، وصف فيه الشعب التونسي وملايين الناخبين الذين صوتوا لفائدة الاستاذ قيس سعيد ب” الدراويش ” ووصف فيه الرئيس المنتخب ب” زعيم الدراويش” و” دون كيشوط”..ووجه اتهامات خطيرة اليه والى قيادات النهضة والمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، وخاصة حركة حماس وحزب الله ، و عدد من الزعامات العربية والاسلامية وايران ..

 

وتعهد ابو يعرب المرزوقي ، وهو من مواليد 1947 بجهة بنزرت وتخرج من السوربون ، بمحاربة ” القيادة الحالية لحركة النهضة ” والقوميين العرب وايران والشيعة وقيادات حزب الله وحماس ..الخ وفيما يلي النص الكامل للمقال :

·

تونس لن تكون العاصمة الخامسة…أبو يعرب المرزوقي يحلّل نتائج الرئاسيّة ويبدي رأيه في قيس سعيّد

لهذا العنوان علاقة بما فاخر به بعض قيادات مليشيات الملالي في سوريا مدعيا أن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية مستردة ما كان جزءا من امبراطوريتها التي أزالها الفتح الإسلامي. وتحليلي لما جرى في الانتخابات أوصلني إلى أن هذا المشروع يتمدد الآن إلى المغرب الكبير ويريد أن يجعل تونس لبنان ثانية حتى يكون لهم فيه ما كان لهم منطلقا في المشرق الكبير.
اليوم عيد الجلاء وهو عيد تونس عامة وعيد المدينة التي أنا منها بنزرت خاصة لانها تعد رمزه. فقد كانت أكبر قاعدة للحلف الاطلسي ولفرنسا موجودة فيها (1961). وأكبر عدد من الشهداء التونسيين في حرب التحرير سقطوا في معركة الجلاء. وهم ليسوا من مدينة بنزرت وحدها (وكان من اسرتي بعض الشهداء) بل من كل أبناء تونس الذين أتوا لتحقيق هذا الهدف.
وأعتقد جازما أن تونس صارت مستهدفة استهداف العراق وسوريا واليمن والبحرين وكل محميات الخليج وقبلها منطلقا لهذا الاستهداف لبنان وخاصة بعد الحرب الأهلية التي جرت فيها. والاستهداف بدأت علاماته تبرز لذوي البصيرة ولعل فقدانها مع محاولة التغطية يفيدان أن البعض على علم بالاستهداف بل لعلهم من أدواته على الأقل بالانتساب إلى من سيمتهم بمليشيات القلم مقارنة بمليشيات السيف من جنس حزب الله.
والعلامات عند من يحسن تأويلها حتى لو اقتصر على البصر دون البصيرة بارزة في الأحداث التي تجري في الأقليم وكلها من جنس التطابق الموقفي مع أصحاب لعان أمريكا وأسرائيل بالأقوال والقيام بما تأمران به بالأفعال لأن إيران تتصور أنهما يريدان منها المساعدة في القضاء على القوة الوحيدة التي يحاربانها لأنها هي التي قام عليها كل تاريخ الأمة: سنة الاقليم من الماء إلى الماء بل وفي العالم كله.
وقد ظهرت هذه العلامات إما في مواقف دونكيشوت الذي حقق “المعجزة” المزعومة في الانتخابات بحجة أن الشباب عاد إلى الفاعلية السياسية بعصا موسى أو في مواقف المصفقين لهذه المغامرة التي ستنهي الثورة والتجربة الديموقراطية وتعيدنا إلى لجان القذافي الشعبية أو إلى سوفيات روسيا أو إلى الكتبة والمتفلسفين بأفكار هي من سقط متاع الفلسفة الوجودية:
1-العلامة الأولى هي المطابقة التامة في الموقف العنتري من فلسطين وتحريرها بأقوال من جنس أقوال فيلق القدس الذي ليس لقائده من عمل إلا احتلال بلاد العرب مثله مثل عميله حسن نصرالله. فأول شيء استعمله زعيم الدروايش – قيس سعيد – هو الكلام على فلسطين بنفس لغة أذيال إيران من العرب. وقد يعجب الكثير من وصفي إياه بزعيم الدروايش. والعجب علته نسيان القراء أن السيسي لما أسقط الثورة في مصر كان سر نجاحه أنه كان زعيم الدراويش لاننا لو حسبنا من كان معه حينها لكان عددهم أكثر من 75 في المائة من الشعب المصري:
أتباع التصوف وهم الاكثرية في مصر
ثم السلفية عامة والمدخلية منها خاصة
ثم المسيحيين
ثم العلمانيين.
ونفس هذا الامر تكرر في تونس. فلا أحد ينكر أن حركات التصوف عادت من جديد وأن “أعراس” من يسمونهم الأولياء الصالحين وهم عندي طالحون قد عادت من جديد وأن جل زعماء تونس صاروا يتبركون بهم وحتى بالغريبة (كنيس يهودي في جربة).
وعندي أن كل مزايد على الموقف الذي يحقق مصلحة فلسطين وأجمع عليه أهل الدار قبل الجار أي العرب هو الموقف السليم. وكل ما عداه مزايدة هدفها إلهاء العرب بعنتريات لا تقدم القضية بل تؤخرها. وهو ما قلته لقياداتها الأعلى في كل مناسبة لقيتهم – في تونس وطهران وقطر وحتى في سوريا قبل الثورة – وخاصة بعد الانتخابات التي أوصلتهم إلى الحكم فنصحتهم بترك السلطة التنفيذية والاكتفاء بالتشريعية.
2-العلامة الثانية هي المطابقة مع أذيال القومية ممن صاروا يتفاحلون بنواب لا واحد منهم نجح بغير الاسعاف ممن يعتبرون الثورة عبرية وليست عربية ويحالفون الأسد عميل إيران وزعيم الطائفية ودمية اسرائيل التي لولاها لما صمد ساعة أمام ثورة الشعب السوري.
3-العلامة الثالثة هي بداية الدعوة من بعض الشباب الذي “دروشوه” لتكوين ما يشبه مليشيات إيران في العراق بدعوى مساعدة الدرويش في تحقيق برنامجه الذي هو الاطاحة بمؤسسات الدولة والعمل خارجها بالشارع. وهي نفس التقنية التي استعملها الخميني لما أطاح بجيش إيران وعوضه بحرس الثورة.
4-العلامة الرابعة هي حماقة القيادة العليا الحالية لحركة النهضة التي لا تختلف عن حماقة حماس لما فرحت بالحكم ونسيت شروطه – وقد حذرت منها قياداتها الأعلى – هي الرغبة في الحكم مهما كانت الظروف ولو أدى ذلك في النهاية إلى القضاء على ما لأجله وجد الإسلام السياسي الذي هدفه تحقيق التحرر والتحرير مرحلة تؤدي إلى شروط القيام المستقل بما يفرضه العصر من حجم جعل الأمم لا تكون حرة إلا بحجم العماليق.
5-والعلامة الأخيرة هي “تفاقه” بعض الكتبة والمتفلسفة حول الإيمان الحقيقي والروحانيات لكأن دونكيشوت صار من حجم الرسل بأفكار هي من سقط المتاع وهي في الحقيقة عين المعاني التي تتأسس عليها الفاشيات: مثل الإيمان الحق والروحانية الحقة والرجولة الحقة إلخ …وغالبا ما كانت هذه المعاني من الدلائل على نقيضها عند المتغنين بها. فالإيمان الحق من السرائر والروحانية الحقة مثلها والرجولة ايضا لا يعلمها إلا صاحبها إذ إن الجسد ليس إلا ما يظهر من الروح مثلما أن الروح ليست إلا ما لا يظهر من الجسد. وكل من يتغنى بها يفيد أنه يجهل هذه الحقائق الذي يبني عليها أحكاما تدل على السذاجة وليس على الفكر.
ولعل أهم العلامات هي هذه العلامة الأخيرة لأنها هي اساس الأربعة المتقدمة عليها ومبنية على فكرتين حمقاوين:
أولاهما من تأثير مفهوم الصدق الأصيل التي كانت من ممضوغات الوجودية ذات الميول المسيحية التي يستحي أصحابها من الاعتراف بها فيزعمونها فلسفية وعميقة إذ إن مؤسسها ينتسب إلى الاكوينية المحدثة وإن زعم تنصله منها (هيدجر) والتي هي في الجوهر عين النفاق اللاواعي لأن أصحابها يزعمون أن ذروة الذاتية أو وهم المطابقة مع ما يعيه الإنسان من ذاته هو الحقيقة الفعلية لما هو عليه.
وطبعا فمن يقول هذا الكلام لا يثبت إلا حمقه. فلا فرق بين من يعتبر الحواس الخارجية كافية لمعرفة الطبيعة فيظن الادراك الحسي الخارجي علما بالطبيعة وبين من يعتبر الحواس الداخلية كافية لمعرفة ذاته والإنسان فيظن الإدراك الحسي الداخلي علما بالسرائر.
فالحواس الخارجية ليست مجرد حس بل هي مصحوبة بحكم معرفي لابد فيه من تأليف عقلي وهو العقل العامي في مقابل العقل العلمي والفلسفي من بعده.
والحواس الباطنية مثلها ليست مجرد وعي بالذات بل هي مصحوبة بحكم معرفي لا بد فيه من تأليف عقلي وهو العقل المتعامق عند الوجوديين مثل هيدجر وسارتر متوهمين أن ذلك هو ” الأتونتسيتاتAuthenticität ” والصدق الأصيل.
وبمثل هذا الوهم قبل هيدجار أن يصفق لهتلر متبعا الحس العامي بالصدق الأصيل. والكثير من الحمقى اليوم يصفقون لدرويش ظنوه يمثل الاتونتيسيتيت الروحية والدينية والصدق. وقد يكون لتصفيق هيدجر لهتلر مبرر تاريخي هو: 1-إذلال ألمانيا في شروط الصلح بعد الحرب الأولى وقدرة هتلر على إعادة بناء قوة ألمانيا التي دمرتها الحرب.
2- أزمة 29 وما عاناه الشعب الألماني من الجوع والفقر والبطالة حتى صارت الخبرة الواحدة تشترى ببرويطة من عملة ألمانيا التي فقدت قميتها.
أما الفكرة الثانية فهي إعادة نظام العالم بمنطلقات التخريف حول أهمية ثورة تونس لإعادة النظر في مفهوم الدولة والديموقراطية. فاختير لها قيس سعيد الذي لا يمكن مقارنته بالبناة الكبار في التاريخ بل بدونكيشوت وليس بهتلر نظرا لعدم قابلية تونس للمقارنة مع ألمانيا رغم سخافات فيلسوفه في مشروعه الذي نشره في 2011.
ثم إن ثورة تونس حتى لو بالغنا في تقديرها فينبغي ألا نقع في وهم أن تونس صارت بذلك قائدة للعالم: فما من ثورة قاد أصحابها العالم لم يكن لهم قبلها وزن يمكن من ذلك. ففرنسا مثلا كانت قبل ثورتها معلمة أوروبا كلها من ألمانيا إلى روسيا. وروسيا كانت قبل ثورتها على الاقل في الابداع الأدبي والعلمي والفلسفي في مقدمة العالم وحتى إيران فإن الخميني وجد دولة صاعدة بفضل ما تحقق خلال النظام السابق مع تغني الإيرانيين بمجدهم قبل الإسلام.
أما ما يمكن أن يؤدي إليه دونكيشوتنا فهو سيجعل تونس قاعدة إيرانية مثل لبنان ليصبح التونسيون من جنس أصحاب يا لثارات الحسين في العراق وسوريا ولبنان واليمين أي الفوضى الخلاقة التي هي بالجوهر حرب أهلية ليعيدنا إلى الحرب بين من خانوا الحسين ويدعون الدفاع عنه في قتل من يسمونهم أحفاد يزيد: جعل تونس في وضعية العراق وسوريا ولبنان واليمن يكون أبناء البلد حمير لاستعادة إيران إمبراطوريتها التي سعت إليها منذ اغتيال الفاروق إلى اليوم.
لكن حتى لو بقيت وحدي فلن أسمح بذلك وسأبذل كل جهدي لفضح المشروع الذي يهدف لجعل تونس لبنان ثانية. وإذا واصلت قيادات النهضة العليا في العمل مع دونكيشوت لتحقيق مشروعه وليس المشروع الذي من أجله حاولت العمل معهم دون أن أنضم إلى الحزب فإني سأعلن موقفي صراحة منهم وأدعو لتحرير الحركة منهم فضلا عن كوني على رأي الأستاذ جعيط بأن اسم النهضة أوسع من أن يحصر في حركة أو حزب.
ولهذه العلة كانت كل كلماتي خلال الحملة التي شاركت فيها (انتخابات 2011) هي تحقيق المصالحة بين بورقيبة و الثعالبي للشروع في تحقيق ثورة التحرر واستكمال التحرير جمعا بين الأصالة والحداثة المتعقلتين لأن الأصالة تحدثت (كما حدث في كل النخب الإسلامية) والحداثة تأصلت (كما حدث في تركيا أو حتى في الجزائر حاليا وفي ماليزيا واندونيسيا) ولم يبق مبرر للصراع بين البورقيبية والثعالبية مدافعا عن هذا المعنى لإنهاء الحرب الأهلية الباردة بين الإسلاميين وغيرهم ممن يخافون على نمط المجتمع في تونس وإليه كنت أحاول توجيه فكر شباب النهضة ومن يسمع لي من قياداتهم الكبرى والصغرى.
لكن إذا مالت النهضة إلى غير هذا الموقف التصالحي وركبت موجة دونكيشوت فإني سأقاومها ما استطعت إلى ذلك سبيلا. واعتقد أن الكثير من قيادات النهضة الشابة لن تقبل بإضاعة جهاد نصف قرن من اجل كريسي يطمع فيه الطامعون. ذلك أني أعتبر أن عهد الكيانات الضعيفة التي فرضها الاستعمار بفرض حدود عندنا وإزالة الحدود عنده لا يمكن أن تكون خيارا استراتيجيا للتنمية الاقتصادية والثقافية ومن ثم فهي علة التبعية.
ولا تحرر من دون الانتساب إلى مجموعة أقدر على الندية. والانتساب إلى امبراطورية إيرانية يعني القبول بالعبودية التي نراها في العراق وفي سوريا وفي لبنان إلخ..
تونس لن تكون العاصمة الخامسة التي تسيطر عليها إيران بل ستكون بداية تحرير العواصم الاربعة التي تسيطر عليها بإذن الله وعونه.
المعركة كانت في تونس بين من يريدون تحرير تونس من الهيمنة الفرنسية وبين توابع فرنسا أو الحركيين كما هي حاليا في الجزائر. ولا تزال هذه المعركة جارية في تونس. لكن المعركة الأكثر إلحاحا كانت جارية في السر وها هي قد صارت علنية بقيادة دونكيشوت والشباب سواء كانوا على وعي أو بلا وعي بسبب حيل الملالي وعملائهم في تونس. والعلامات التي ذكرتها لا يجهلها متابع لما نتج عن الاختراقات التي كانت موجودة منذ عهد ابن علي لكنها ازدادت مع الثورة عندما فقدت الدولة سيطرتها على ما يجري في البلاد وخاصة ما يجري من تدخلات واختراقات جعلتها قطعة جبن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *