عزيزة بن عمر
تعديل قانون الانتخابات يثير جدلا واسعا في الأوساط السياسية فيما تجادل الحكومة بأنه ضروري لتحصين الديمقراطية الناشئة “ممن يسعون للتحايل على القانون واستغلال ثغرات القانون السابق”.

صادق مجلس نواب الشعب اليوم علي الفصل 42 مكرر بموافقة 127صوتا ،الذي يضبط عدم قبول الترشحات للانتخابات الرئاسية لكل شخص تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال 12 شهرا التي تسبق الانتخابات بإعمال تمنعها الفصول18و19و20 من المرسوم عدد87 لسنة2011 المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية وذلك علي الاحزاب السياسية او مسييريها او تبين قيامه أو استفادته من الاشهار السياسي كما يعرفه الفصل 2من المرسوم116 المتعلق بحرية الاعلام السمعي البصري.

و ينص القانون على أنه يجب على هيئة الانتخابات أن ترفض ترشح من تتأكد استفادته من الجمعيات الأهلية ومن تلقى تمويلا أجنبيا في الاثني عشر شهرا التي تسبق الانتخابات.

و قال الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني إن الاحزاب السياسية ملزمة منذ 2014 بهذا القانون. ولكن القرار الجديد سيشمل المستقلين بهدف تكافؤ الفرص بين المستقلين والأحزاب وبهدف حماية الديمقراطية في تونس.

لكن مالك قناة نسمة نبيل القروي قال لرويترز ”ما يحصل هو انتكاسة قوية للديمقراطية.. إنه قانون خصص لإقصائي من السباق بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن ملايين التونسيين ينوون التصويت لي.. لكن سوف نتوجه للقضاء للطعن“.تعديل قانون الانتخابات يمنع نبيل القروي من الترشح للرئاسة

و ذكر مصدر حكومي تحدث لرويترز أن القانون لا يستهدف القروي أو غيره وإنما الغرض منه فقط حماية الديمقراطية ممن يسعون للتحايل على القانون واستغلال ثغرات القانون السابق.

و قال نعمان العش” لمغرب نيوز” إن تعديل قانون الانتخابات يأتي تلبية لرغبة رئيس الحكومة يوسف الشاهد وأُعدّ على مقاسه لخوض السباق الرئاسي، لكن الشاهد الذي أسس حزبا باسم ‘تحيا تونس’ بعد خصومات ومعارك مع حزبه السابق ‘نداء تونس’ لم يعلن رسميا ترشحه للانتخابات الرئاسية.

تذهب جميع المؤشرات باتجاه إسقاط مشروع التعديل الانتخابي؟؟؟؟

جاء مقترح تعديل القانون الانتخابي بغاية إبعاد رؤساء المؤسسات الإعلامية و الجمعيات من السباق الانتخابي، وهو ما أحدث جدلاً واسعاً بين مؤيد لتنقية المناخ السياسي و فرض المساواة بين المترشحين و رافضين يعتبرونه إقصاء للخصوم السياسيين وضرباً للمنافسين.

وانطلق الجدل مع إعلان نبيل القروي مالك قناة نسمة الخاصة و جمعية “خليل تونس” نيته الترشح للانتخابات الرئاسية عبر قناته التلفزيونية الأمر الذي عارضه كثيرون بسبب ما وصفوه استغلالاً لمنبر إعلامي و توظيفاً للعمل الخيري لخدمة أهدافه السياسية وطموحاته الانتخابية.

و يشير المشروع الجديد إلى أنه “لا يقبل الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال السنة الانتخابية بأعمال يمنعها التشريع المتعلق بالأحزاب السياسية على الأحزاب ومسيريها والتي تخص سقف جمع التبرعات و الهبات و الوصايا و التمويل الأجنبي و التمويل من قبل الذوات المعنوية و الإشهار السياسي وتوزيع الامتيازات المالية”.

و كان القيادي بالحركة، الحميد الجلاصي، اعتبر في تصريح صحافي أن توظيف القروي لجمعيته “خليل تونس” و قناته من أجل الدعاية السياسية، يعتبر تحايلاً على الشعب التونسي و ابتزازا له، كما أشار إلى أن ما تقوم به رئيسة جمعية “عيش تونسي” يعتبر خرقا للقانون، على حد تعبيره.

وأشار الجلاصي إلى أن توقيت طرح هذا القانون ليس صائباً، خاصة أنه يأتي قبل أشهر قليلة من موعد الانتخابات، وذلك يعتبر توظيفاً للشاهد لأجهزة الدولة من أجل غايات و مصالح شخصية.

و كانت حركة النهضة أدانت ما اعتبرته تحايلا على الرأي العام من خلال توظيف بعض الأطراف للعمل الخيري والإعلامي بمجال العمل السياسي، في إشارة مبطنة إلى مالك قناة نسمة نبيل القروي الذي أعلن الترشح للانتخابات الرئاسية في 10 نوفمبر الثاني المقبل.

و في المقابل أكد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي و مرشحه للانتخابات الرئاسية، محمد عبو، ” لمغرب نيوز” دعم حزبه و مساندته لمنع ترشح أصحاب مؤسسات إعلامية و جمعيات خيرية للانتخابات، بقطع النظر عن دوافع الحكومة من اقتراح هذه المبادرة، حسب تعبيره.

و قال عبو إن نواب التيار سيُصوتون لفائدة هذا المقترح لأن ذلك يخدم المسار الديمقراطي في تونس بقطع النظر عن القلق الذي تشعر به الحكومة إزاء صعود طرف معين أو تقدمه للانتخابات.

و شدد عبو على أن يكون العمل الخيري بعيدا عن السياسة، معتبرا أنه من غير الأخلاقي السكوت عن التلاعب بالقوانين.

قانون على المقاس

و لكن الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي يقول إنه يرفض تمرير التعديلات المقترحة على القانون الانتخابي في هذا الوقت بالذات، مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر المقبل، لأنها “صيغت على المقاس بطريقة إقصائية”.

و يضيف المرزوقي في تصريح تلفزيوني رغم أن لدي تحفظات كثيرة على صاحب قناة نسمة و ممارساته فإني أرفض تغيير قواعد اللعبة قبل فترة وجيزة من انطلاق السباق الانتخابي”، معتبرا أنه كان من الأجدر القيام بتلك التعديلات لتنقيح القانون الانتخابي قبل سنة على الأقل من انطلاق موعد إجراء الانتخابات.

و دعا عددا من الجمعيات الناشطة في مراقبة نزاهة الانتخابات على غرار “مراقبون” و”عتيد” إلى تأجيل النظر في تعديل القانون الانتخابي عقب انتخابات 2019، إلى حين توسيع المشاورات بشأنه و إشراك جميع الأطراف اللاعبة في الساحة الانتخابية لتحقيق أكبر قدر من التوافق حوله.

و تقول رئيسة الجمعية التونسية من أجل نزاهة و ديمقراطية الانتخابات ليلى الشرايبي إن تغيير قواعد اللعبة الانتخابية في المسافة الأخيرة من الانتخابات يضر بمصداقية الانتخابات و نزاهتها و يفتح الباب إلى التشكيك في نتائجها و إدخال البلاد في أزمة غير محسوبة.

و اعتبرت ليلى في حديثها لها أن رفع العتبة الانتخابية له تداعيات سلبية على الأحزاب الصغيرة و المستقلين، مع أن المدافعين عن الترفيع في العتبة يرون أنها سترشّد الترشحات و تمكّن من ضمان برلمان ذي كتل قوية قادرة على تحقيق الاستقرار الحكومي و سَنّ التشريعات الإصلاحية.

و لم يستبعد مراقبون لجوء جزء من نواب البرلمان للطعن أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، في دستورية القانون المتعلق بالانتخابات و الاستفتاء إن تم تمريره عبر توافق بعض الكتل البرلمانية أو حتى لجوء رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي نفسه للطعن فيه.

ليزي : الانتخابات الرئاسية و التشريعية المقبلة في موعدها
في أعقاب ذلك أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في البلاد تم ضبط مواعيدها وفقاً للقانون، وأن مطالب بعض الأطراف بالظروف الامنية و الاقتصادية الوطنية و الاقليمية وحديثها عن إمكانية تأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية لن تثني الهيئة عن مواصلة عملها.

و قال عضو هيئة الانتخابات عادل البرينصي “إن الهيئة جاهزة و مستعدة لإجراء الانتخابات، معتبراً أن الوضع العام ليس أسوأ، وفق توصيفه، من سنة 2014، ومؤكداً أن التأجيل لا يكون الا في صورة وجود خطر داهم يهدد أمن واستقرار البلاد”.

و أعرب عضو الهيئة الانتخابية عن اعتقاده بأن تنقيح القانون الانتخابي في هذا الظرف “غير محبذ أخلاقيا و سياسيا و غير مناسب من حيث التوقيت”، على حد قوله، مشيرا الى ان الهيئة مطالبة بتطبيق القانون في صورة اجراء التعديل وعدم التدخل في عمل السلطة التشريعية.

يذكر أنّه تمّ رفع الجلسة العامة بتاريخ 13 جوان 2019 المخصّصة للتصويت على تعديل القانون الانتخابي لعدم اكتمال النصاب في ظل حضور 63 نائبا فقط، ثمّ رفعها مرّة أخرى للتشاور بين الكتل البرلمانية.

و على الرغم من المصاعب الاقتصادية التي يشعر بها أغلب المواطنين منذ الاطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 2011، فإن تونس تحظى بإشادة واسعة باعتبارها النموذج الديمقراطي الناجح الوحيد في المنطقة بعد صياغة دستور حديث وإجراء انتخابات حرة في 2011 و2014 وانتقال ديمقراطي سلس دون عنف.الانتخابات التونسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *