عزيزة بن عمر

بعد أن خرجت سوريا من “الحضن العربي” عام 2011 عندما قررت الجامعة العربية تعليق عضويتها، و إبقاء المقعد شاغرا، رغم الموافقة على تسليمه للمعارضة السورية في قمة الدوحة 2013، إلا أن المقعد عاد شاغرا بعد ذلك.

ها هو اليوم يتيح التحوّل الكبير الذي طرأ على المزاج العربي، التطبيع الكامل للعلاقات مع سوريا في المستقبل القريب، متمثلا في زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق الأسبوع الماضي واللقاء الذي جمع قيادات في المخابرات السورية مع نظرائهم المصريين في القاهرة، وإعلان الإمارات العربية المتحدة، الخميس، فتح سفارتها في دمشق، ثم وصول أول رحلة طيران تجارية سورية إلى تونس بعد سنوات من المقاطعة . وبقي النظام السوري راغبا في العودة لمقعده بحسب مراقبين، ورغبت دول عربية بذلك إلا أن ذلك إلى الآن لم يترجم واقعا، لكن بعض القرائن ربما تدل على اقتراب عودة ممثل سوريا للجامعة العربية.

الإمارات تعيد فتح سفارتها في سوريا :

وذكرت مصادر خليجية مراقبة أن الإمارات تقود تيارا عربيا لا يريد أن يكرّر تجربة عزل العراق التي أوصلت الوضع فيه إلى لحظة الغزو الأميركي ودخوله في المدار الإيراني كاملا.

و أعادت الإمارات فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاق دام سبع سنوات. ووفق بيان لوزارة الخارجية الإماراتية، “أعلنت أبوظبي عودة العمل في سفارة الدولة بالعاصمة السورية دمشق”.

و أضافت المصادر الخليجية أن العزلة العربية هي فرصة إيران التامة، و أن نظام الرئيس بشار الأسد تحت التأثير الإيراني الآن، ولكن ضمن توازنات مع قوى أخرى خصوصا روسيا. و توقعت أن تقوم القمة العربية المقبلة المؤمّل عقدها في تونس، بإعادة تأهيل نظام الأسد و استيعابه في المحيط العربي.

و عدّ وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، قرار الإمارات بعودة عملها السياسي و الديبلوماسي في دمشق، وليد قناعة بأن المرحلة القادمة تتطلب الحضور والتواصل العربيين مع الملف السوري حرصا على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها.

و قال ديبلوماسي عربي طلب عدم نشر اسمه في حديث إلى “رويترز” الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن الغالبية تريد إعادة سوريا لمقعدها في الجامعة مشيرا إلى أنه لا يتوقع معارضة سوى ثلاث أو أربع دول.

جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في أبريل نيسان إن قرار تعليق عضوية سوريا كان متسرعا.

موقف دول الخليج من عودة سوريا إلى الجامعة العربية:

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، الأربعاء، تقريراً قالت فيه إن بعض الدول العربية تعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 8 سنوات من تعليق عضويتها.

و قالت الصحيفة البريطانية، نقلا عن مصدر لم تكشف عنه، إن “دول الخليج تعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 8 سنوات من تعليق عضويتها”، وأضافت أنه “وفي مرحلة ما من العام المقبل من المرجح أن يتم الترحيب بالرئيس السوري بشار الأسد في الجامعة العربية ليشغل مقعده مرة أخرى بين قادة العالم

و ذكّرت “الغارديان”، في تقريرها، بأنه “تم طرد سوريا من جامعة الدول العربية عام 2011 بسبب ردها العنيف على المدنيين، مشيرة إلى أن تلك الخطوة فشلت و تطورت الأمور إلى حرب كبيرة”.
كما أشارت إلى “أن الزيارة التي قام بها الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، الأسبوع الماضي، بادرة ودية من جانب السعودية في ضوء علاقاتها الوثيقة بالخرطوم”.

وصرحت مصادر ديبلوماسية لصحيفة “الغارديان”، بأن هناك إجماعا بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية البالغ عددها 22 دولة على ضرورة إعادة سوريا إلى الجامعة، على الرغم من أن الولايات المتحدة تضغط على الرياض و القاهرة لتأجيل الخطوة.

و أضافت المصادر أن “الرغبة في إعادة سوريا إلى حضن الجامعة العربية قد تكون استراتيجية جديدة من جانب السعودية و الإمارات في محاولة لإبعاد دمشق عن طهران، وتغذيها الوعود بتطبيع العلاقات التجارية وإعادة الإعمار، حيث تحتاج إعادة إعمار سوريا إلى قرابة 4000 مليار دولار”.

بدورها، نقلت صحيفة “الوطن” السورية، عن رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي، تأكيده أن التراجع عن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، لن يأخذ وقتا طويلا، مشددا على أنه “لا تضامن عربيا بلا سوريا”.

و قال عبد الهادي، الذي يشارك في اجتماعات وفعاليات الجامعة العربية: “هناك جهود حثيثة من عدد كبير من الدول العربية التي تسعى من أجل أن تعود سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية”. وأضاف: “الكثير من الدول لا مانع لديها في ذلك، ونعتقد أن الأمور ستسير في هذا الاتجاه، وخاصة بعد أن توضحت الأمور بأن الذي جرى في سوريا كان في جزء كبير منه يهدف إلى تدميرها خدمة للمشاريع الإسرائيلية في المنطقة”.

وحول الدول التي تبذل جهودها لإعادة سوريا إلى الجامعة، أشار إلى أن أكثر من نصف عدد دول الجامعة العربية يؤيدون ذلك.

موسكو: عودة سوريا إلى الأسرة العربية ستسهم في تسوية النزاع

أشار الممثل عن الخارجية الروسية، إيغور تساريكوف، إلى أهمية الجهود الرامية إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية كجزء من مساعي تحريك عجلة التسوية السياسية في البلاد.

وقال الدبلوماسي الروسي اليوم، أثناء اجتماع موسع للجان التنسيق المشتركة الروسية-السورية الخاصة بعودة اللاجئين، إن العمل على عودة سوريا إلى الجامعة العربية يمثل اتجاها مهما ضمن التسوية السياسية في البلاد، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق يوم 16 ديسمبر الجاري للقاء نظيره السوري بشار الأسد تشكل خطوة ملموسة في هذا الاتجاه.

وجدد تساريكوف ترحيب الخارجية الروسية بأول زيارة لزعيم عربي إلى سوريا منذ تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية شهر نوفمبر 2011، مضيفا أن هذه الزيارة ستسهم في استئناف العلاقات بكامل النطاق بين سوريا والدول العربية الأخرى وعودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة قريبا.

وقال: “ننطلق من أن عودة سوريا إلى الأسرة العربية من شأنها أن تسهم إسهاما محسوسا في عملية التسوية السورية بالتوافق مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

ليبيا تدعم عودة سوريا للجامعة العربية ودعوة الأسد لحضور قممها:

من جانبه أعلن حسن منصور، الديبلوماسي في الحكومة الليبية المؤقتة التابعة لمجلس النواب، أن حكومة بلاده تدعم استعادة سوريا مكانتها في الجامعة العربية، كبلد مؤسس للمنظمة.

وق ال منصور لوكالة نوفوستي اليوم الجمعة: “سوريا يجب أن تعود إلى مكانها في جامعة الدول العربية. هذا بلد مؤسس ووجودها هام وضروري، خاصة في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها منطقتنا”.

و أعرب الديبلوماسي في الحكومة الليبية المؤقتة التابعة لمجلس النواب والمتمركزة بشرق البلاد، أعرب عن أمله في دعوة سوريا إلى القمم العربية في عام 2019 ، والتي ستعقد في بيروت و القاهرة و تونس.

و أضاف الدبلوماسي أن انتصار سوريا على الإرهابيين بدعم من الحلفاء يخلق مناخا دبلوماسيا جديدا في العلاقات مع دمشق، وعلى وجه الخصوص، افتتاح سفارة الإمارات في دمشق بعد ست سنوات من إغلاقها.
وقال الدبلوماسي الليبي “إن افتتاح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في سوريا هو خطوة نحو تحسين العلاقات العربية بشكل عام، ومع سوريا على وجه الخصوص. وهذه الخطوة هي جزء من عملية التنسيق الجارية بين الدول العربية لاستعادة إحدى العواصم العربية المحورية الرئيسية – دمشق”.

و في السياق ذاته قال مصدر في الإدارة الرئاسية التونسية في وقت سابق، لوكالة نوفوستي، إن العديد من الدول العربية، بما فيها تونس والجزائر، تنسق الجهود لإعادة سوريا إلى المنظمة. ووفقا لمصدر الوكالة، يعتزم الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، مناقشة دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة الجامعة العربية في تونس في مارس القادم ودعوته كذلك إلى قمة بيروت في يناير.

وستستضيف تونس القمة السنوية لجامعة الدول العربية في نهاية مارس من العام المقبل. ومع ذلك، ووفقا لوزير الخارجية التونسي، فإن مسألة مثل استئناف عضوية سوريا في الجامعة العربية يجب أن تحل على أعلى مستوى من قبل جميع أعضاء المنظمة.

الجامعة العربية: لا مؤشرات على تغير موقفنا تجاه عودة سوريا

أعلن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، حسام زكي، إنه لم يطرأ تغيير على موقف الجامعة من عودة سوريا إلى المنظمة، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني لدمشق لم تجر بالتنسيق مع الجامعة.

وقال زكي، في تصريحات للصحفيين أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية: “إن المعطيات التي لدينا لا توحي بوجود تغيير في موضوع سوريا (تجميد أنشطتها في الجامعة العربية)”، واستدرك زكي قائلا: “ولكننا لا نصادق على أي تغيير في الفترة المقبلة”.

يذكر أن سعد بن عمر، مدير “مركز القرن” للدراسات في السعودية، كان قد قال إن كافة الأطراف ترحب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وأنه لا أحد يستطيع نكران أن سوريا دولة عربية وستظل عربية.
وأضاف، أن سوريا ذات تأثير هام في مجموعة الدول الأعضاء بالدول العربية، إلا أن ما حدث بعد 2011؛ خلق نظرة خاصة تجاه سوريا من قبل الدول العربية، خاصة في ظل احتوائها لمجموعات إيرانية، تمثل خللا في منظومة الأمن القومي العربي، وأن وجود تلك المجموعات قد يؤدي إلى إحداث زلازل في المنطقة العربية في المستقبل، خاصة أن هذه المجموعات يمكن أن تختفي وتظهر فيما بعد.

ودعا البرلمان العربي في وقت سابق، مجلس الجامعة العربية إلى إعادة سوريا إلى الجامعة، بعد سبع سنوات من تعليق عضويتها فيها.

يذكر أنه تم تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في نوفمبر 2011، و استدعت بعض الدول العربية سفرائها من دمشق، إلا أن القيادة السورية اعتبرت قرار الوزراء العرب بتعليق مشاركة سوريا في عمل المنظمة العربية، غير قانوني وفاقد للشرعية.

وسوريا واحدة من الدول المؤسسة للجامعة العربية، ومع ذلك، لم تشارك الجامعة العربية فعليا في المفاوضات حول التسوية في هذا البلد العربي، على الرغم من حقيقة أن هذه الدولة من البلدان الرئيسية في العالم العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *