بعد الإجماع الحاصل إثر فشل حوارات قرطاج التي أشرف عليها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قبل تعليقها على ترحيل الأزمة السياسية الحاصلة منذ أشهر إلى قبّة مجلس نواب الشعب بباردو، باتت الحسابات والتحالفات البرلمانيّة عنوانا أساسيا للمرحلة وللأزمة في نفس الوقت فبعد الفشل في تنحية رئيس الحكومة يوسف الشاهد عبر “التوافقات” ضمن “وثيقة قرطاج 2” بات البرلمان هو المكان الوحيد الذي يمكن للمطالبين بإقالته إثبات عزلة الحكومة وعدم قدرتها على تمرير مشاريع القوانين أو التحوير الوزاري المرتقب، وبالتالي عدم شرعيتها السياسية.

 

في نفس الوقت الذي يسعى فيه خصومه لحشد الأصوات تحت قبة الجلسة العامة لمعاقبته برلمانيّا، تظهر الكثير من المؤشرات والمتغيرات الأخيرة التي أفرزتها الأزمة والصراع الواضح بين السبسي الإبن ويوسف الشاهد أن رئيس الحكومة يحظى بدعم عدّة كتل نيابية بإمكانها أن توفّر للأخير أغلبية مريحة لتمرير قانون المالية و التحوير الوزاري.

 

مرزوق يختار صفّ الشاهد

المكتب التنفيذي لحزب حركة مشروع تونس دعا الخميس 18 أكتوبر 2018، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى “المبادرة بتغيير حكومي يراجع نقاط القصور والضعف في الأداء على قاعدة برنامج عمل يسمح بإيقاف نزيف التوازنات الماليّة والاقتصادية ويضمن تدابير عمليّة للتخفيف من معاناة المواطنين جهويّا ومحليّا، ويقع عرضه على البرلمان في أقرب الآجال”.

 

وأكد الحزب في بيان صادر عنه استعداده “للمشاركة في الحوار حول التعديل الحكومي وخطة عمل الحكومة المقبلة، مع رئيس الحكومة وبقية القوى الوطنيّة المعنيّة” ملاحظا ما أسماه “تفاقم التمزقات والتجاذبات السياسية التي تشهدها الساحة الحزبيّة والمشهد البرلماني، مما يمنع من تركيز الجهود على عمليّة الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي ويهدّد مسار استكمال بناء المؤسسات الدستوريّة”.

 

 

بيان المكتب التنفيذي لحركة مشروع تونس صدر سويعات قليلة بعد مغازلات للحركة صادرة عن الناطق الرسمي باسم نداء تونس أنس الحطّاب التي إعتبرت أن النداء والمشروع خط واحد.. ولم يتأخّر الردّ على المغازلة فقد أكّد النائب عن المشروع حسونة الناصفي في تصريحات صحفيّة أن المشاورات مع نداء تونس وصلت إلى طريق مسدود بسبب وجود حافظ قائد السبسي الذي إشترط حزبه رحيله للتفاوض.

 

الأمين لحركة مشروع تونس محسن مرزوق أكّد بدوره أن “نداء تونس إنتهى” وتحدّث عن مشاورات مع كتلة الإئتلاف الوطني حديثة النشأة لتشكيل تحالف وقوّة سياسية وإنتخابية لإعادة التوازن إلى المشهد السياسي.

 

مرزوق قال في حوار لإحدى الورقيات التونسيّة “لسنا طرفا في معركة كسر العظام لن نحطم البلاد من اجل أن يذهب الشاهد، هناك من يفكر هكذا ومستعدون للقيام بكل شيء ، نحن ضد هذه المقاربة ذات الطابع العدمي كما انها مقاربات انتحارية. موقفنا منذ البداية نريد حكومة فاعلة قادرة على الانجاز”.

 

أغلبيّة مريحة

مع المتغيّرات الأخيرة وتداعيات الأزمة السياسية المتفاقمة بدأت تتّضح بشكل كبير طبيعة توجّهات التصويت داخل الكتل النيابية تحت قبة مجلس نوّاب الشعب، فالحكومة تحتاج لأغلبية تتمثّل في 109 نائب لتمرير مشاريع القوانين المهمّة وإلى نفس الأغلبية للحصول على الثقة في تحوير وزاري بات حديث ومطلب كثيرين في المرحلة الأخيرة.

 

يتّضح بلغة الحسابات أن أصوات كتلة حركة النهضة النهضة وكتلة الإئتلاف الوطني وكتلة الحرّة لمشروع تونس تمكّن رئيس الحكومة يوسف الشاهد من أغلبية مريحة، وربّما ساحقة لتمرير مشاريع القوانين وللحصول على الثقة في صورة الإعلان عن تحوير وزاري بنحو 120 صوتا مرتقبا في الجلسات العامة.

 

هزيمة أخرى للسبسي الإبن؟

منذ أكثر من سنة فشل المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي في إسقاط رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإبعاده عن قصر الحكومة بالقصبة بوسائل مختلفة. فقد سقطت حسابات السبسي الإبن في حوارات قرطاج بتصويت خمسة أطراف لصالح بقاء الشاهد وأربعة فقط لرحيله حول طاولة “قرطاج 2”. وفشل بعد ذلك في إسقاط الشاهد بتوظيف الأزمة الإقتصادية والإجتماعيّة، بإسناد من الإتحاد العام التونسي للشغل.

 

هزيمة أخرى لحافظ قائد السبسي ستكون ساحقة هذه المرّة بسبب عجزه عن حشد العدد الكافي من نواب الشعب صلب الجلسة العامّة للتصويت ضد التحوير الوزاري المرتقب أو ضدّ مشاريع القوانين الحكوميّة، فعدد نواب الحزب رغم إنصهار الوطني الحر صلبه لا يمنع الشاهد من الحصول على أغلبية داخل البرلمان.

 

 

 

رغم التصريحات المتحدثة بكثافة العودة القوية للنداء إلى الواجهة وللتحكّم في بعض خيوط المناورة السياسية بعد إنصهار الوطني الحر صلبه إلاّ أنه بات عاجزا كليّا عن ذلك حتّى في صورة تجنيده لكلّ الكتل النيابية المتبقيّة للتصويت ضدّ التحوير الوزاري، وهو أمر مستحيل، في ظلّ إنحياز كتل النهضة والإئتلاف الوطني والحرة للإستقرار الحكومي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *