توفيق المديني ( كاتب تونسي في سوريا)

 

أُعِيدَ انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسًا لتركيا لمدة خمس سنوات قادمة ، وتحدث الرئيس التركي أردوغان يوم الثلاثاء الماضي ، عن طموحاته في ولايته الجديدة،إذ قال
أن “هدفنا إنشاء حزام من الأمن والسلام في محيطنا بدءا من أوروبا إلى البحر الأسود، ومن القوقاز إلى الشرق الأوسط وحتى شمال إفريقيا”.

وأضاف: “لدينا مسؤوليات كبيرة وعلينا تقييم السنوات الخمس القادمة بتحقيق مزيد من الإنجازات والاستثمارات “.وتابع: “سننفذ جميع الاتفاقيات التي تصب في صالح تركيا، وسنركز على إمكانياتنا ونجلب الاستثمارات ونضاعف الإنتاج والتصدير وسننجح في ذلك”.

أردوغان والنزعة”العثمانية الجديدة”

لقد أثارت إعادة انتخاب أردوغان ردود أفعال كثيرة في الغرب كما في الشرق،و في العالم العربي من جراء قيادته لتيار ” العثمانية الجديدة” في نظر العرب ،وإن كان رئيس الوزراء التركي الراحل تورغوت أوزال، هو أول من أدرج المفهوم هذا في التداول  في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

ويُعَدُّ أردوغان الرجل القوي في تركيا الذي يقود الخط المعروف باسم ” العثمانية الجديدة” المؤيد  لعودة تركيا إلى مرحلة السلطنة العثمانية، فهو ينتهج سياسة توازن  بين رغبة تركيا في الانضمام إلى الغرب و بين عودتها إلى فضائها الإسلامي الشرقي .وعليه يرى أنَّ من الضروري إخراج تركيا من تعقيدات أزمة الهوية الناشئة عن التعارض المستمر بين الميل نحو الغرب كما حدَّدَهُ المؤسس كمال أتاتورك… وبين تراثها العثماني الشرقي، والثابت أنَّ تركيا – أردوغان تبدو في هذه المرحلة كمن يبحث عن مهمة إقليمية جديدة تحُلُّ محَلَّ المبادئ الثقافية لثورة أتاتورك. أي الثورة التي قامت من أجل تغيير المجتمع من الداخل وفصله عن العالم العربي والإسلامي. لذلك يظهر التحدي أمام أردوغان و”حزب العدالة والتنمية” الفائز في الانتخابات البرلمانية  في القدرة على ضمان دورٍ جديدٍ في المنطقة من دون خيانة التراث الذي خلفته ثورة أتاتورك. ويرى المراقبون أنه في حال أثبتت تركيا بأنَّ الإسلام والديموقراطية يمكنهما التعايش تحت سقفٍ واحدٍ، فإنَّ ذلك يشكل نموذجاً لدول الشرق الأوسط .

فالهوية التركية التي صاغها أتاتورك تُصادم التاريخ والدين، وتقطع مع الإرث العثماني والفضاء الحضاري العربي والإسلامي. وحارب المساجد وتوقف بناؤها وحوّلت مساجد إلى ثكنات عسكرية، وحارب الحجاب ومظاهر التدين واللغة العربية. استبدل في القانون ستة آلاف كلمة عربية بمثلها فرنسية، وألغى الأذان بالعربية. ولا يزال الأتراك يذكرون عدنان مندريس (رئيس الوزراء 1950 – 1960) بإعادة الأذان بالعربية ويرون في ذلك سبب إعدامه.

وحين وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا عام 2002 بوصفه حزبًا يحمل مشروعًا مثقلًا بالنزعة الإسلامية المذهبية الإخوانية والنزعة العثمانية،وانفجار ما يسمى “انتفاضات الربيع العربي “في عام 2011،أصبح أردوغان يتبنى  النموذج الإسلامي السني (الإخواني)العثماني التركي.

وفي سنوات “ثوران انتفاضات الربيع العربي” عمل أردوغان على نشر الأيديولوجيا”العثمانية الجديدة” التي يحملها عبر التركيز على كسر الهوية العلمانية – العسكرية في الداخل التركي  لصالح هوية أقل علمانية وأكثر إسلامية، وفي الخارج رفع شعارًا ضمنيًا هو “العثمانية الجديدة “أي عودة نشر النفوذ التركي في المناطق التي كانت تابعة للدولة العثمانية، معظم الدول الجارة في العالم العربي ، الأمر الذي جعل مشروع الرئيس التركي يصطدم  مع المشاريع التي تقف على طرفي نقيض منه مثل: الإسلام الوهابي في السعودية، والإسلام الأزهري في مصر كما الأنظمة القومية مثل سوريا.

الموقف الأمريكي من إعادة  انتخاب أردوغان

لم تكن ترغب الإدارة الأمريكية الحالية في فوز أردوغان، نظرًا لتوتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة حول عدد من القضايا الإقليمية و الدولية ، لا سيما في موضوع أكراد سوريا الذين يحظون بدعم قوي من الولايات المتحدة،في حين تصنف تركيا المنظمات الكرية “قسد” منظمات إرهابية، وتعتبرها  تهديدًا للأمن القومي التركي.ومن أبرز الملفات التي وترَّتْ العلاقات بين تركيا وأمريكا، موضوع  التقارب التركي مع (روسيا، وإيران) ،وتجاوز تركيا للعقوبات الغربية على إيران -ولا سيما في الملف النووي وتقديم المساعدة لإيران، وكذلك كانت المسألة الكردية عاملًا مشتركًا للتقارب بين (إيران، وتركيا) اللتين تعارضان النزعة الانفصالية الكردية سواء في إيران أو تركيا.

فقد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا، أشارت فيه إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي أعيد انتخابه رئيسا للبلاد لمدة خمس سنوات، هو “حليف تتمنى واشنطن وحلفاؤها الغربيون أن تعمل بدونه، ولم يعد هذا يارًا”.

وذكرت أن أردوغان، شخصية قوية، واصطف مع موسكو لدعم الاقتصاد التركي المتداعي و”سيظل أردوغان مشكلة بالنسبة للغرب يجب التعامل معها” وإدارتها.وأشارت إلى أن أردوغان يواصل الوقوف أمام انضمام السويد إلى الناتو، لرفضها اتخاذ خطوات قاسية، بما فيها ترحيل أكراد يعتبرهم أردوغان إرهابيين.وحسب الصحيفة فقد عارض أردوغان العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا وفتح ممرا استطاعت من خلاله موسكو استيراد بعض السلع التي منعت الولايات المتحدة وأوروبا تصديرها إلى هناك.

وتابعت بأن أردوغان يسعى منذ أكثر من عام لشراء مقاتلات “أف16” إلى جانب أجهزة لتحديث مقاتلاته القديمة. ويدعم بايدن صفقة المبيعات، لكن قادة الكونغرس الغاضبين من عرقلته انضمام السويد إلى الناتو علقوا الصفقة. وفي هذه المواجهة لدى الولايات المتحدة ورقة نفوذ على تركيا من خلال صفقة “أف- 16″، وطلبت الصحيفة من قادة الكونغرس ما وصفته بـ”التصرف بحكمة” قبل أن يفتحوا الطريق أمام الصفقة، مشيرة إلى أنه على إدارة بايدن الحصول على مزيد من التنازلات من تركيا والتي تمنع الأوليغارش الروس من استخدم تركيا كقاعدة لعملياتهم ومكان للسياحة.

كما نشرت صحيفة”وول ستريت جورنال”  تقريرا لمراسليها في تركياجارد ماسلين وإيلفان كيفليتشم، قالا فيه إن فوزأردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية يجعله من أكبر الناجين في التاريخ السياسي القريب، كما أكدا أن الزعيم التركي أمن دوره الأكبر في الشؤون العالمية خلال السنوات المقبلة.

وأشار التقرير إلى أن فوز أردوغان يفتح مرحلة جديدة في حكمه، لافتا إلى أن الرئيس التركي عاند الأضداد في وقت زادت فيه الأزمة قبل الانتخابات بأشهر، فقد ارتفعت معدلات التضخم إلى جانب كارثة الزلزال في شباط/فبراير، كما أنه كان يواجه أكبر تحالف بتاريخ المعارضة التركية.

وأوضحت الصحيفة أن أردوغان أثبت في الانتخابات الأخيرة أنه ما يزال نفس الشخص التكتيكي الذي قاد البلاد من 20 عاما نجا خلالها من محاولة انقلابية فاشلة وحول نظام الحكم في البلاد إلى رئاسي بدلا من البرلماني وأصبح وسيطا في الحرب الروسية بأوكرانيا ولعب ورقة نفوذه في الغرب وأبعد.

وقال جيمس جيفري، السفير الأمريكي السابق في أنقرة عن أردوغان: “يتسم بالهدوء تحت الضغط ويعرف ما يقوم به ويظهر صورة أنه يتحكم بالوضع، وهذا جاذب لمعظم الناخبين، وبخاصة المقترعين الأتراك”.وأكد التقرير أن أردوغان دخل الانتخابات متميزا في المجال الجيوسياسي وبخاصة المواجهة بين روسيا والغرب، حيث قام خلال العام الماضي بتقوية صورته في تركيا وأنه شخصية عالمية مهمة، فمن جهة دعم أوكرانيا بالسلاح وسهل المحادثات بين روسيا وأوكرانيا. ومن جانب آخر عمق العلاقات الاقتصادية مع موسكو. واستخدم الفيتو ضد انضمام السويد للناتو، وهو موقف لقي دعما في تركيا ومنحه ورقة نفوذ على الناتو والغرب.
وقال أستاذ الإستراتيجية في كلية البحرية العسكرية الأمريكية براق قادرشان، إن أردوغان ترك المعارضة تأكل نفسها و”قدم صورة عن قائد ثابت، فلربما لم تحب الزعيم لكنك تعرفه”.

وأضاف: “استخدم أردوغان مصادر الدول لكي يقتلع النصر من أنياب الوحش، حيث بدأ عملية إعادة إعمار في لمح البرق للمناطق المنكوبة من الزلزال وزاد الحد الأدنى للأجور والحد الأدنى لرواتب الموظفين المدنيين. وقبل الانتخابات قدم للبيوت الغاز مجانا لمدة شهر، ومع أن النفقات أدت لتراجع في خزانة الدولة إلا أنها خففت من صدمة المصاعب المالية”.

دعوة إسرائيلية لترميم العلاقات “الهشة” مع تركيا عقب فوز أردوغان

أكد الباحث الإسرائيلي في “معهد السياسة والاستراتيجية”، شاي هارتسفي، ضرورة عمل حكومة الكيان الصهيوني على تعميق العلاقات “الهشة” مع تركيا عقب فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة، ما يدل على أن الشعب التركي اختار من هو معروف على تغيير الاتجاه.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة “معاريف“:الإسرائيلية  “في المستقبل القريب على الأقل، من غير المتوقع حدوث تغييرات بعيدة الأثر في سلوك الرئيس أردوغان في الساحة الداخلية وفي السياسة الخارجية التركية”.

وأشار إلى أن علاقات تركيا مع “إسرائيل” ازدهرت في السنة الأخيرة، كنتيجة للتغييرات في السياسة الخارجية التركية، ووجد هذا الازدهار تعبيره ضمن أمور أخرى، في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، وزيادة حجم التجارة المتبادلة، وفي التعاون بين أجهزة الأمن.
ومع ذلك، فإن القضية الفلسطينية، وبخاصة في كل ما يتعلق بالسلوك تجاه حركة “حماس” والأماكن المقدسة في القدس، ستبقى تشكل بؤرة توتر وخلافات بين أنقرة والاحتلال، وفي ضوء ذلك يتعين على حكومة إسرائيل أن تستغل اللحظة المناسبة وتواصل العمل بالتدريج لتعميق جملة العلاقات مع تركيا.

ونبه هارتسفي، إلى أن “تعميق العلاقات مع تركيا بالتدرج، لا بد أن يتم في ظل إبداء الحذر من تعميق التعاون في مجالات أمنية حساسة، بسبب هشاشة العلاقات، مثلما ثبت في العقد الأخير بعد أحداث سفينة “مرمرة”.

روسيا ترحب بفوز أردوغان

لروسيا مصلحة في فوز أردوغان بولاية جديدة ،ورغم أن حكومته أثبتت أنها منافس شرس لموسكو في ليبيا وسوريا، والقوقاز، فإنَّها في الوقت ذاته شريك ومفاوض موثوق في الحرب والاقتصاد.

وازدادت أهمية تركيا بالنسبة لروسيا  في  ظل أنها تكاد تمثل قناة الوساطة الوحيدة بينها وبين أوكرانيا، وحتى الغرب، وسيطرتها على مداخل البحر الأسود، إضافة لموقفها المتوازن الذي لم ينضم للعقوبات الغربية على موسكو، رغم إدانتها الصارمة للغزو الروسي وتقديمها بعض الدعم العسكري لكييف.

كما أن تركيا، إضافة لكونها شريك اقتصادي ثمين لروسيا في وقت فقدت فيه عملاءها النفط والغاز في الغرب، فهي شريك في برنامج الطاقة النووية التركي، والذي سيكون الأول في العالم بنظام البناء والتشغيل، أي سيبتنى باستثمارات روسية بدأ تحويلها مليارات منها بالفعل.

لقد تساءلت صحيفة “بوليتكو” الروسية في تقرير أعدته إليشين بورازلر، عن الخطوات القادمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وطد من هيمنته على السياسة التركية بعد عقدين من الحكم بفوزه في الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية ، واصفة إياه بـ”الرجل القوي”.

ورأى التقرير أن أردوغان يواجه مهمة صعبة في الداخل التركي لأن اقتصاد البلاد يعاني من مشاكل وتضخم عال وصل العام الماضي إلى أكثر من 80 بالمئة، بينما يواجه المصرف المركزي التركي نقصا في الاحتياطي، وفق الصحيفة.ورجح اقتصاديون أن يحاول أردوغان الجمع بين سياسة النفقات العامة ومقاومة رفع الفائدة، لكن ذلك قد يقود إلى أزمة في مرحلة ما بعد الانتخابات حيث ستتعرض الليرة لمزيد من فقدان القيمة، مشيرة إلى أن أردوغان لم يظهر أي إشارة لتغيير موقفه في “خطاب النصر” بعد الانتخابات.

ورأت الصحيفة أن أهم تحد لأردوغان هو الحفاظ على موقع تركيا في العالم، ففي ظل حكمه لعبت تركيا دورا مهما ومتحديا في القضايا الحيوية، وليس أقل من الحرب الروسية ضد أوكرانيا. ورفضت تركيا فرض عقوبات على روسيا في أعقاب الغزو، ولكنها لعبت دورا مهما في التفاوض على مرور شحنات الحبوب عبر البحر الأسود. وكعضو في الناتو وافقت على عضوية فنلندا في التحالف، ولكنها لا تزال ترفض المصادقة على عضوية السويد.

وتوقعت الصحيفة استمرار العلاقات التركية- الروسية على مستواها القوي فيما ستظل أنقرة حليفا حيويا وإن كان صعبا للناتو، مرجحة أن يوافق أردوغان على عضوية السويد حالة حصل على موافقة أمريكية لبيع مقاتلات اف-16 لتركيا. وبحسب الصحيفة فإن علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي ستظل صعبة، ليس لأن الكتلة الأوروبية تتهم أردوغان بتقويض حكم القانون في بلده، بل ولتهديده بإرسال ملايين اللاجئين إلى القارة.

ماذا يعني فوز أردوغان لبلدان الشرق الأوسط؟

تلقى الرئيس التركي أردوغان رسائل تهنئة من جميع أنحاء الشرق الأوسط بمناسبة إعادة انتخابه لولاية رئاسيةجديدة  ، بعد أن بات أردوغان بات رمزا للثبات في نظام إقليمي يخضع لإعادة تشكيل كاملة.إن الرئيس التركي رجب طيب يمثل “الأب الروحي” السابق للحركات الإسلامية في العالم العربي، إِذْ أصبح شريكا رئيسيا في تعزيز أي توازن جديد في المنطقة.

العلاقات مع دول الخليج

وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، أن السعودية والإمارات كانتا من أوائل الدول المهنئة بفوز أردوغان بالرئاسة، ما يشير إلى انتهاء المواجهة العنيفة بين محور أنقرة- الدوحة الذي أيد الثورات العربية، مع محور الرياض- أبوظبي الذي يعارض أي تشكك حول نمط الحكم الاستبدادي.

ورأت الصحيفة أن فشل الثورات العربية وضعف الإخوان المسلمين في المنطقة، ثم تراجع الاقتصاد التركي دفع الرئيس أردوغان إلى شن “حملة سحرية” تجاه خصومه اعتبارا من سنة 2020. وأدى هذا التحول إلى استعادة العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، ثم أنقرة والرياض في حزيران/يونيو 2022، مقابل إنقاذ خزائن البنك المركزي التركي ووعود باستثمارات بمليارات اليوروهات في تركيا.

وقبل أيام قليلة من الجولة الثانية، في 25 أيار/مايو؛ رحب أردوغان أيضا بدعم دول الخليج، ووعد بتعزيز هذه العلاقات المربحة بمجرد إعادة انتخابه. وتُعد تركيا، باعتبارها سوقًا ناشئة ذات إمكانات نمو قوية، وجهة استثمارية جذابة للأنظمة الملكية البترولية المنخرطة في عملية التنويع الاقتصادي بعد النفط.

العلاقات المصرية

وذكرت الصحيفة أن أردوغان تلقى تهنئة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في رسالة محايدة، في إشارة إلى تحسن العلاقة بين الرجلين بعد عقد من الخلاف. ففي صيف 2013، وجد جزء كبير من جماعة الإخوان المسلمين، الناجين من انقلاب السيسي ومطاردة الإسلاميين التي انطلقت في هذه العملية، ملاذًا في تركيا. ومنذ إعادة إطلاق العلاقات بين البلدين، التي تم إضفاء الطابع الرسمي عليها في آذار/مارس 2023، شهد هؤلاء المصريون المنفيون ضغوطًا متزايدة.

إيران وضمان الاستقرار

ولفتت “لوموند” إلى أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان من بين أوائل القادة الذين هنأوا أردوغان. وتمثل إعادة انتخابه، في نظر الجمهورية الإسلامية، ضمانة للاستقرار والاستمرارية في علاقاتها مع جارتها التركية. كما أن الهيئات القريبة من السلطة لم تخف تفضيلها لإعادة انتخاب أردوغان.

صمت دمشق

لم يهنأ الرئيس السوري بشار الأسد أردوغان، الذي وصفه في يوم من الأيام بأنه “قاتل متعطش للدماء”. وكان خصمه، كمال كيلتشدار أوغلو، يحظى بتقدير أكبر من دمشق: فقد ألمح إلى إمكانية تطبيع غير مشروط للعلاقات بين سوريا وتركيا.

ولفتت الصحيفة لوموند إلى أنه تحت ضغط موسكو، بدأ ت سوريا ، في شتاء 2022، المفاوضات مع تركيا، بغية المصالحة. وكان أردوغان حريصًا على إعطاء الانطباع بأنه يعمل على عودة اللاجئين السوريين، وهو مطلب ملح بشكل متزايد من الشعب التركي، وقد اقترح فكرة اللقاء قبل الانتخابات الرئاسية، لكن الأسد، الذي لم يكن لديه أي سبب لتقديم هذه الهدية لجاره، رفض طلبه.فقد وضع  الرئيس الأسد شرطًا مسبقًا لأي لقاء مع أردوغان ألاوهو سحب القوات التركية، التي تحتل جزءًا من شمال سوريا، وإنهاء دعم أنقرة للحركات الإرهابية،وبالتالي تجد دمشق نفسها الآن أمام رجب طيب أردوغان أكثر نشاطًا بفضل إعادة انتخابه، مما يترك توقعات بمفاوضات أكثر شدة. وكانت أنقرة صريحةً في أن انسحابها من سوريا مرهون بتحقيق تسوية نهاية للصراع السوري على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2015.

والمعروف أن هذا القرار وضع خارطة طريق لاتفاق أطراف النزاع السوري الداخلي على إقامة حكم ذي مصداقية، غير طائفي أو فئوي، وعلى دستور سوري جديد. ولكن، وبعد مضي 7 سنوات على صدور القرار الأممي، وإشراف الأمم المتحدة على سلسلة لقاءات بين الأطراف السورية، ليس ثمة تقدم يُذكر، سواء فيما يتعلق بإعادة بناء الدولة السورية، أو وضع دستور سوري جديد محلَّ توافق بين النظام والمعارضة.

ويمثل إعادة انتخاب الرئيس التركي أيضا سببًا للقلق الشديد لدى الأكراد، الذين يخشون أن ينفذ تهديداته بالهجوم البري على مواقعهم في شمال سوريا. أما بالنسبة للمعارضين السوريين، من ناحية أخرى، تثير إعادة انتخاب السيد أردوغان – بشكل نسبي – الارتياح. بينما تدهورت وضعية اللاجئين السوريين في تركيا منذ أن استعادت أنقرة الاتصال مع دمشق، كان السيد كيليتشدار أوغلو يعد، إذا تم انتخابه، بإعادتهم بالقوة وبشكل جماعي إلى سوريا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *