يوم زيارة رئيس وزراء الباكستان عمران خان الجمهورية الاسلامية الايرانية (الاحد 21 أفريل الجاري) تسربت تحاليل حول إمكانية أن يكون المسؤول الباكستاني يحمل رسالة وساطة بين الدولتين المسلمتين الكبيرتين إيران والسعودية، رغم أن العنوان الرسمي للزيارة هو بحث التعاون الأمني في مكافحة الارهاب وقد سبق أن صرح وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قرشي، بأن المسلحين الذين قتلوا 14 من عناصر الأمن الباكستاني في بلوشستان  الخميس الماضي كانوا من الانفصاليين البلوش ومؤكدا أن لديهم معسكرات تدريب وقواعد لوجستية في الأراضي الإيرانية

كما سبق أيضا أن أعلنت طهران بدورها أن التفجير الانتحاري الدموي الذي أودى في فبراير الماضي بأرواح 27 عنصرا في الحرس الثوري بمحافظة سيستان-بلوشستان الحدودية ارتكبه انتحاري باكستاني، وهو منتم إلى جماعة “جيش العدل” التي لديها قواعد داخل باكستان.

غير أن الأحلام سرعان ما تبخرت حين تتالت المواقف السعودية والممارسات التي لا تُدرَج إلى في معنى التصعيد مع الجارة الشقيقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

1: تصريح نائب وزير الدفاع السعودي

في مؤتمر دولي انعقد بروسيا من 23 إلى 25 من شهر  أفريل الجاري ـ بحضور حوالي ألف مندوب من 100 دولة وثلاثين وزير دفاع ـ ندد نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بما أسماها الرؤية الإيرانية، التي قال “إنها قائمة على نشر التطرف ودعم المليشيات الطائفية”، مضيفا” أن رؤية طهران تقوم على عدم الاستقرار في المنطقة، في مقابل رؤية السعودية 2030 التي تسعى للسلام والاستقرار”، مشيراً إلى “عزم بلاده على التصدي للتطرف والإرهاب والطائفية مهما كلف الأمر”.

وذكر أن “رؤية إيران منذ 1979” (عام الثورة الإيرانية)، هي الرؤية “الدموية والتخريبية التي يحاول النظام الإيراني فرضها بالدم والنار والدمار”، مضيفاً أن النظام في طهران يستمر “في تغذية الطائفية وعدم احترام القوانين الدولية”، وداعياً إلى “الاختيار بين الفوضى التي تنشرها إيران، والأمن والاستقرار”.

وقال” أن النظام الإيراني يشارك الأفكار والمنطلقات والوسائل مع الجماعات الإرهابية، ومنها “مليشيا” حزب الله “الإرهابية” في لبنان، و”مليشيا” الحوثيين الإرهابية في اليمن…التي سعت للاستيلاء على الدولة اليمنية، واعتدت على المملكة العربية السعودية”، متهماً طهران ب”السعي للاستيلاء على اليمن من خلال دعم الحوثيين، الذين يسيطرون على الحديدة ومعظم الحواضر في البلاد.”

وهو إذ يصنف النظام الإيراني نظاما داعما للجماعات “الإرهابية” و”مُصَدِّرًا لثورة عابرة للحدود” ومشجعا على “الطائفية” فإنه بذلك يقطع كل أمل في مصالحة أو في جلوس على مائدة حوار لمعالجة الخلافات بالطريقة السلمية بما يحقق مصالح الشعوب الاسلامية وبما يحفظ حقوق الأمة ويحمي ثرواتها ويحقن دماءها.

2 الإعدامات والخلفية المذهبية

قالت السلطات السعودية إنها نفذت يوم الثلاثاء 23 أفريل الجاري أحكام الإعدام بـ 37 من المواطنين السعوديين بعد إدانتهم بالإرهاب

.

وجاء في تصريح نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية على تويتر “تنفيذ حكم القتل تعزيرا وإقامة حد الحرابة في عدد من الجناة لتبنيهم الفكر الإرهابي المتطرف وتشكيل خلايا إرهابية للإفساد والإخلال بالأمن وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية”

وقالت الوكالة “إن واحدا من الذين نفذ فيهم حكم الإعدام صلب لاحقا، وهو عقاب لا ينفذ إلا لأشد الجرائم خطورة”.

يُروى أن بعض المحكومين بالإعدام هم من الأطفال الذين يبلغوا سن العشرين.

وجرى تنفيذ الأحكام في العاصمة الرياض ومكة والمدينة والقصيم وعسير والمنطقة الشرقية التي تسكنها الأقلية الشيعية في السعودية

وهو ما جعل بعض المراقبين يستنتجون بأن سلطات السعودية تمارس عملية “التصفية المذهبية” توقيا من كل احتمالات تمرد الأقليات “الشيعية” تعاطفا مع إيران ـ في حالة الحرب ـ بما هي دولة “شيعية”، وقد سبق أن أعلنت وزارة الداخلية السعودية في بيان لها يوم 02 جانفي 2016 عن إعدام 47 شخصا بينهم الشيخ الشيعي نمر النمر،  وذكرت وزارة الداخلية السعودية في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية يومها “أن الحكم جاء بعد أن ثبت على المتهمين “اعتناق المنهج التكفيري المشتمل على عقائد الخوارج، المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، ونشره بأساليب مضللة، والترويج له بوسائل متنوعة، والانتماء لتنظيمات إرهابية، وتنفيذ مخططاتهم الإجرامية”.

مثل هذه الإعدامات وتحت عناوين “الإرهاب” و”الطائفية” و”التكفير” و”الإجرام” وعلى وقع طبول الحرب في المنطقة وفي ظل توتر العلاقة بين دولتين مسلمتين كبيرتين، لا يمكن إلا أن تكون مغذية للفتنة المذهبية بين دولة سنية تاريخيا وأخرى شيعية وقد كان ممكنا أن يكونا جناحي أمة يتعاونان لتحقيق الرفاه والتقدم والأمن لشعوبنا العربية التي تعاني أزمات اجتماعية وأمنية وصحية وتعليمية وثقافية ودينية.

3: معركة النفط والتهديدات الايرانية

في مؤتمر صحفي عقده يوم الاثنين 21 أفريل الجاري قال بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية “إن أرباح النفط تمثل “المصدر الأول” لتمويل أنشطة طهران، وبالتالي ينبعي إنهاء الإعفاءات من حظر شراء النفط الإيراني الممنوحة سابقا لبعض الدول”
مضيفا أن “صادرات النفط تعطي النظام الإيراني نحو 40% من أرباحه، و أن العقوبات الأمريكية قد منعت إيران، إلى حد الآن، من الحصول على أرباح تزيد عن 10 مليارات دولار كان سيخصصها النظام الإيراني لدعم مجموعات مثل حماس وحزب الله، وكذلك لمواصلة تطوير برنامجه الصاروخي”
ولطمأنة من قد يتخوفون من الأثار السلبية للحظر النفطي على الجمهورية الاسلامية الايرانية قال بومبيو :” أن السعودية والإمارات تعهدتا بضمان عدم حدوث شح في السوق النفطية العالمية” .

المسئولون الإيرانيون اعتبروا موقف السعودية والإمارات موقفا عدائيا وأعلنوا بأنهم لن يسمحوا لأحد بأن يأخذ حصتهم في السوق النفطية وهي رسالة واضحة بأن القوات الإيرانية ستمنع عبور حاملات النفطي الخليجي لمضيق هرمز وقد قال الإمام علي خامنئي على الأمريكيين إذا أرادوا عبور مضيق هرمز أن يتكلموا مع الذين يحمونه، ويقصد الحرس الثوري الذي صنفه ترامب “إرهابيا” وسيجد نفسه مضطرا للتحاور معه.

الرئيس الايراني حسن روحاني قال “السعودية والإمارات اتخذتا موقفا لا يستطيعان تحمل تبعاته” وهو تصريح واضح الدلالة بأن إيران لن تقبل بأن يسطو أحدٌ على حصتها من النفط والحال أن نفط المتواطئين ضدها يمر من ممر هو تحت مرمى وإشراف الحرس الثوري.

وقد كان قائد الثورة الإيرانية قد   اختار الجنرال حسين سلامي قائدا عاما للحرس الثوري خلف اختار للجنرال محمد علي جعفري، الجنرال حسين سلامي يصنف من الصقور وقد سبق أن هدد بإزالة الكيان الصهيوني من الخارطة داعيا “الإسرائيليين” إلى “تعلم السباحة استعدادا للهرب عبر البحر”.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *