أوضاعنا العربية ليست أفضل  حالا من أوضاعنا الوطنية بل لعلها أسوأ، و تعطلت كلّ مفاعيل القواسم المشتركة بين الشعوب العربية  و كل ما يوحدها و ما  يقرب بينها من لغة و دين و روابط حضارية  و تاريخية عريقة و تكامل اقتصادي و مصير مشترك والشعور  بوحدة الانتماء و الأهداف، و حولتها  الانقسامات العربية -العربية إلى طاقة معطلة و سلبية. و لذلك يعتبر العديد من المتابعين للشأن العربي أنّ الدول العربية لم تشهد مرحلة أسوأ ممّا عرفته  خلال هذا العقد الأخير. فقد ضيّعت بوصلتها تماما وارتبكت أولوياتها و غابت قضاياها المركزية العادلة و منها القضية الفلسطينية عن اهتماماتها الإستراتجية و عن أجندتها و عن سلم أولوياتها بل سعت بعض الدول العربية إلى التطبيع مع إسرائيل و الإستقواء  بها  في خلافاتها مع شقيقاتها العربية.

و لقد بلغت الخصومات  والنزاعات الداخلية العربية حدّا غير مسبوق واتت نيرانها على الأخضر و اليابس  حتّى صار مألوفا أن تقصف  طائرات لدول عربية أراض  دول عربية أخرى و تقتل و تدمّر شعوب عربية بأياد عربية – على غرار ما يجري في اليمن ” السعيد ” – وأصبح  مألوفا ان  تنطلق صواريخ من أراض عربية نحو أراضي دول شقيقه و أن تنتشر عساكر أجنبية مقاتلة في أكثر من أرض عربيه كما هو الأمر في سوريا و ليبيا. وي تم ذلك  على مرأى و مسمع من العالم اجمع و داخل خيمة الإخوة العربية و على حساب  الدين  و الأرض و العرض و كل الآمال العربية في الكرامة و العزة و الوحدة التي  حلمت بها اجيال عديدة. و لا يتحدثنَّ أحد عن ميثاق الجامعة العربية الذي ينص في  المادة الثانية على أن “الغرض من الجامعة هو توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية تحقيقًا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها” فلا أحد يحترمه ويهتم به ويتذكر بأن الجامعة حاضنة للعمل العربي.

والغريب في الأمر أنك تكتشف  و تتيقن كذلك من خلال كلمات سموهم و معاليهم و سيادتهم أنهم متبرمون من الأوضاع مثل شعوبهم  وقلقون مثل شعوبهم و غير مرتاحين مثل شعوبهم لهذه الأوضاع  العربية الوالغة في الرداءة والسوء وهم يبحثون عن السبل والوسائل الكفيلة بإدخال البهجة والسرور والرخاء على شعوبهم ولكنهم مغلوبون على أمرهم  وكأنهم لا يباشرون تسيير أحوال وشؤون شعوبهم  والإشراف على مقدراتها وهم “غلابة” وعاجزون مثلنا وليس بأيديهم ما يحلون وما يربطون ولا حول لهم ولا قوة ولذلك لا تتجاوز مخرجات البيان الختامي سقف العواطف المتبادلة ودعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته نيابة عنا و”التشديد على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية في قمة بيروت في العام 2002 ” بينما إسرائيل تفعل ما تشاء على الأرض الفلسطينية  وتستبيحها طولا وعرضا وتعمل على تغيير الحقائق فيها وذكر البيان كذلك أنه من غير المقبول بقاء المنطقة العربية مسرحاً للتدخلات الخارجية…و هكذا يتواصل العجز العربي رغم ” أن الأمة العربية تمر بمنعطفات خطرة جراء الظروف والمتغيرات المتسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية” وقمة تونس ناجحة كسابقتها ولاحقاتها… ولا عزاء لنا بما يحدث…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *