نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لكل من مديرة المشروع الدولي لمساعدة اللاجئين، بتسي فيشر، وسفيرة أمريكا السابقة لدى الأمم المتحدة، سمانثا باور، تقولان فيه إن الرئيس ترامب قام قبل عامين بتوقيع أمر إداري، قضى بمنع دخول المسافرين من عدد من الدول المسلمة لأمريكا، مشيرتين إلى أنه كانت لهذا القرار تداعيات أليمة. 

 

و تقول الكاتبتان في مقالهما، إن “فتاة سورية مراهقة، كانت قد نجت من الموت في قصف، وكانت بحاجة ماسة لعملية جراحية في أمريكا، منعت من السفر إليها من ألمانيا، ومنع طفل صومالي في السابعة من عمره من الانضمام لأمه بعد وفاة أبيه، واضطرت مواطنة أمريكية للانتقال إلى سوريا لتعيش مع زوجها الذي منع من الذهاب إلى أمريكا، وفي الواقع فإن المئات من اليمنيين، الذين خضعوا لإجراءات التأكد الأمني، ووافقت وزارة الخارجية على منحهم تأشيرات، وتم من وقتها سحب تلك الموافقات، أو منعوا من السفر إلى أمريكا”. 

 

و تضيف الكاتبتان: “كانت منظمتنا، المشروع الدولي لمساعدة اللاجئين، من بين أوائل المنظمات التي قدمت دعوى متحدية الأمر الإداري، وفزنا ببعض قرارات المحاكم لإيقاف تطبيق حظر السفر مؤقتا، لكن في جوان أقرت المحكمة العليا نسخة معدلة من الحظر بعدد 5 إلى 4 أصوات، وانحازت الأغلبية لوزارة العدل، التي زعمت بأن نظام عفو (قويا)، يسمح للمواطنين من البلدان التي حظر سفر مواطنيها بأن يقدموا طلبات للاستثناء من الحظر إن كان هناك مبرر مقبول، واستخدمت إدارة ترامب هذه الحجة على أنها دليل على أن الحظر قائم على أساس المخاوف الأمنية، وليس عنصريا، لمنع دخول الأشخاص لأمريكا بناء على دينهم”.

 

و تشير الكاتبتان إلى أن “هذا (الضمان) كان أساسيا في قرار المحكمة، حيث احتج القاضي جون روبرتز، الذي حظي رأيه بأغلبية الأصوات، بأن وجود نظام عفو سيوفر ضمانا لحماية الاستثناء من الحظر على أسس إنسانية، ولذلك فهو يدعم (حجة الحكومة بوجود مصالح أمن قومي شرعية)، لكن القاضي ستيفين بريير أعرب عن مخاوف جادة من إجراءات العفو، وقالت القاضية سونيا سوتوماير بأن نظام العفو هو مجرد صورة ليس آكثر”. 

 

و تعلق الكاتبتان قائلتين إن “ذلك كان صحيحا، فإن عملية الاستثناء غامضة وعشوائية وقاسية جدا، ولم تخفف من أثر الحظر على آلاف العائلات في ظروف صعبة للغاية، وفي المحصلة فإنها تجعل حكم القانون محل سخرية”.

 

و تلفت الكاتبتان إلى أن نظام الاستثناء من الحظر ينص على أن المحظورين من السفر إلى أمريكا بسبب جنسيتهم قد يمنحون استثناء إن نجحوا في تحقيق ثلاثة أشياء: على المتقدمين بالطلب إثبات أن منعهم من دخول أمريكا سيتسبب بـ”صعوبات كبيرة”، وأن دخولهم لأمريكا يخدم “الصالح القومي”، وأن دخولهم لأمريكا “لا يشكل تهديدا للأمن القومي أو السلامة العامة للولايات المتحدة”، إلا أنه ليست هناك تعليمات عن كيفية التقديم، أو الجهة التي تستقبل طلبات الاستثناء، وليست هناك استمارة لملئها، و”هذا خرق لنص الحظر، الذي يوجه بوضوح الوزراء والأمن القومي لتوضيح العملية”.

 

و تنوه الكاتبتان إلى أنه “ليست هناك طريقة لمعرفة عدد الأشخاص الذين قدموا طلبات استثناء، لكن ما نعرفه هو أن وزارة الخارجية فسرت أحكام الحظر بطريقة قاسية جدا: ففي الفترة ما بين 8 ديسمبر 2017 و 30 أفريل 2018، وبحسب البيانات الوحيدة التي وفرتها الإدارة لنا، فإن حوالي 98% ممن قدموا على تأشيرات لم يحصلوا على استثناء”. 

 

و تبين الكاتبتان أنه “بسبب قانون حرية المعلومات، فإننا نعلم أن وزارة الخارجية ليست مستعدة حتى لدراسة الظروف السائدة في بلد المتقدم، وإن كان الحظر يتسبب (بمشقة كبيرة)، وما يعنيه هذا عمليا هو أن امرأة يمنية يعيش زوجها في الولايات المتحدة لا تستطيع أن تحتج بالجرائم التي تعاني منها عائلتها أو بلدتها دليلا على (المشقة الكبيرة)، وبعض القنصليات ترفض ابتداء تسلم أي أدلة إضافية يقدمها مقدم طلب التأشيرة ليثبت أهليته للحصول على استثناء”.   

 

و تجد الكاتبتان أن “النظام ليس عديم الجدوى فقط، لكنه تعسفي أيضا، ولا يبدو أن الاستثناء يمنح إلا في الحالات التي حظيت بدعاية واسعة، كما حدث مع فناني الأداء في مسرحية، الذين حصلوا على تأييد ممثلين مشهورين، مثل ستينغ وبنديكت كامبر باتش، لدعم طلباتهم للاستثناء، التي تم قبولها في المحصلة، وبفضل التغطية الصحافية الكبيرة، فإنه تم منح أم يمنية تحن إلى رؤية طفلها وتوديعه قبل وفاته استثناء”.

 

و تستدرك الكاتبتان بأن “الغالبية العظمى من مقدمي الطلبات المستحقين لا يستطيعون الحصول على مثل هذه الدعاية الواسعة، والأهم من ذلك، هو أنه يجب ألا تكون هناك حاجة لا للظروف المأساوية ولا لشهادات المشاهير لإحراج الحكومة لتطبق قوانينها ومعاييرها”.

 

و تختم الكاتبتان مقالهما بالقول: “لا يمكن علاج الحظر ضد المسلمين من هدفه التمييزي ولا الآثار المأساوية المترتبة عليه، ولم تظهر إدارة ترامب ولا مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون إرادة لإلغائه، وحتى يتم إلغاء هذه السياسة المتعصبة، فإنه يجب على الكونغرس أن يحاسب الإدارة على توجيهاتها لإنشاء نظام استثناء فعال وشفاف يخفف من معاناة آلاف العائلات”. 

 

  “عربي21”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *