منية العيادي

 

 

“ثوروا على الفساد و الفقر و منطومة الحقرة” من آخر الكلمات التي نطق بها المصوّر الصحفي عبد الرزاق زرقي، قبل أن يضرم النار في جسده احتجاجا على وضع و ظروف اجتماعيّة قاسية لم يشفع له عمله كمصور تلفزي متعاون مع إحدى القنوات الخاصة في أن يتحدّاها و يتجاوزها.

بوعزيزي آخر و من نفس المدينة ” القصرين” يشعل نفسه في حادثة أليمة عرّت حجم الفساد الذي ينخر قطاع الإعلام في تونس و كشفت مدى معاناة جانب كبير من العاملين في القطاع من صحفيين و مصورين و تقنيين يعملون من أجل ملاليم قليلة لا تكفيهم قوت يومهم.

عدد كبير من الصحفيين في تونس يشتغلون في أوضاع هشة و على أجور ضعيفة مقارنة بغلاء المعيشة و تدهور المقدرة الشرائية و الزيادات المشطّة في الأسعار و جاءت هذه الحادثة لتفجر انتفاضة في الوسط الإعلامي على حالة الفوضى التي يعيشها القطاع و تواصل اعتماد سياسة التشغيل الهش مع غياب التغطية الاجتماعية نتيجة عدم احترام العديد من المؤسسات الإعلامية لقانون الشغل  و اعتماد سياسة الاستغلال للعاملين في القطاع الإعلامي  .

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين نعت في بيان لها فقيد القطاع محملة المسؤولية للدّولة “رالتي ساهمت في جعل القطاع الصحفي مرتعًا للمال الفاسد و المشبوه، الخادم لمصالح ضيّقة بعينها، و دون مُراقبة لمدى التزام المؤسسات الإعلامية بالقوانين الشغلية و التراتيب الجاري بها العمل على حساب قوت الصحفيين و معيشتهم” حسب نص البيان.

كما حذرت النقابة أصحاب المؤسسات الإعلاميّة المتنصلة من احترام قانون الشّغل و تعهاداتها في إطار كرّاس الشّروط الذي وضعته الهيئة التعديلية، من مواصلة العبث بحقوق الصحفيين في التغطية الاجتماعية و الصحية، و من مواصلة الأطراف الحكومية وخاصة وزارة الشؤون الاجتماعية في التواطئ مع هذه المؤسسات و التقاعس عن القيام بدورها الرقابي للالتزام بتطبيق القانون.

كما أعلنت عن سلسلة من التحركات الاحتجاجية قد يكون من بينها الإضراب العام في القطاع مثلما أعلن عن ذلك نقيب الصحفيين ناجي البغوري حول إمكانية تنفيذ إضراب عام في قطاع الصحافة و الإعلام يوم 14 جانفي 2019 تنديدا بالوضعية الهشة التي يعيشها عدد من الصحفيين .

بيان اعتبرته نخبة هامة من الصحفيين خاوٍ و مجرد حبر على ورق محملين النقابة و بقية الهياكل المتشدقة بالدفاع عن حقوق الاعلاميين جزءا كبيرا من المسؤولية عمّا آلت إليه أوضاع العاملين في القطاع الإعلامي .

النقابة العامة للإعلام باتحاد الشغل بدورها دعت في بيان لها الحكومة إلى القيام بحملات تفقدية داخل كافة المؤسسات الإعلامية عبر تفقديات الشغل و اتخاذ القرارات الضرورية لإيقاف تواصل عدم تطبيق القوانين المعمول بها في الإعلام السمعي البصري و المقروء و اعتماد قانون الغاب .

كما طالبت النقابة بفتح تحقيق حول أسباب عملية حرق الصحفي المصور عبد الرزاق الزرقي لنفسه و محاسبة كل من تسبب في هذه المأساة الاجتماعية و الإنسانية.

و في السياق ذاته، دعت النقابة الحكومة و الهياكل المسيرة للقطاع السمعي البصري الخاص إلى فتح مفاوضات حول إنشاء قانون خاص بقطاع السمعي البصري الخاص، كما دعت الجامعة التونسية للصحف إلى الانطلاق في جولة جديدة في المفاوضات الاجتماعية في الصحافة المكتوبة مطالبة كافة الأطراف الاجتماعية في القطاع إلى فتح ملف التشغيل الهش في القطاع.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *