لا حديث منذ فترة إلا عن التحوير الوزاري المرتقب والذي يعني أن تم تمريره في البرلمان تثبيت يوسف الشاهد في القصبة إلى غاية الانتخابات القادمة وحسم الصراع بينه وبين رئيس الجمهورية ونجله دستوريا وسياسيا.
العبرة في الحكم هي بحصول الحكومة على أغلبية في البرلمان تمكنها من العمل براحة وتمرير القوانين . ويمكن القول أن حكومة الشاهد تتمتع آلان بأغلبية يمكن اعتبارها ضامنة لاستقرار الحكومة ولكنها ليست داعمة ليوسف الشاهد في مشروعه السياسي غير الواضح.
وهنا تبدو كتلة النهضة اللاعب الأساسي في المعادلة البرلمانية رغم محاولات تضخيم دور كتلة النداء / الحر التي لم يعد لها من دور إلا تعطيل العمل النيابي وهذا خيار عبثي و لا جدوى منه على اعتبار أنه لن يسقط الحكومة ولن يمنع تحالفا “انتقاميا” بين النهضة والشاهد ضد حليف غدر بالطرفين.
النهضة اختارت ضمان الاستقرار الحكومي ويبدو سقفه الزمني المعقول هو المصادقة على الميزانية وتحييد اجهزة الدولة عن أي أزمة يسببها بدء سنة جديدة دون ميزانية.
في النصف الثاني من ديسمبر يكون أمام النهضة الخيار بين التخلي عن دعم الحكومة وبالتالي رحيل الشاهد عن القصبة أو التحول من دور الضامن للاستقرار إلى طور الشراكة في إطار مشهد سياسي جديد يدخل فيه نداء حافظ الرياحي المعارضة ويتشكل ائتلاف حكومي جديد يضم النهضة ومشروع تونس الائتلاف الوطني وحزب المبادرة وحزب المسار وربما الحزب الجمهوري.
كلمة السر اذن هي التحوير الذي يبقى وقته المناسب بعد الميزانية في تصور النهضة لاعتبارات عديدة، وعاجلا كما ترى القصبة التي تخشى تهرئة الائتلاف بالضربات الموجهة له من الرئيس وباحتمال وقوع سيناريو يبدو الآن صعبا ولكنه يطبخ على نار هادئة وبعيدا عن الأنظار للإعلان عن عودة مفاجئة واستعراضية للتوافق بين الشيخين.
النهضة لا تبدو مستعجلة على التحوير رغم انه يمكنها أن تحصل فيه على ما تريد ربما انتظارا لنتائج مشاورات وصفها بعض المطلعين عليها، “بباريس 2”. ولكن السبب الأكيد هو ان شروط التحوير لم تتوفر إلى حد الآن بل أصبحت شبه مستبعدة بسبب عدم “جدية” الشاهد في التعاطي مع مواقف النهضة من الشراكة المستقبلية والتي تتطلب كما يبدو اولا : ابعاد العناصر المسؤولة عن تخريب علاقة الشاهد بالرئاسة واتحاد الشغل وحتى النهضة والتي باتت تتصرف اليوم بأكثر عنجهية وغرور من محيط الشاهد
ثانيا : التوقف عن حرب الملفات لتصفية الخصوم
ثالثا: الشجاعة في القيام بالإصلاحات الضرورية
رابعا : وضع تصور لعمل حكومي ناجع ومتجانس في مستوى رئاسة الحكومة والوزارات وفي علاقة بالبرلمان والأحزاب والمنظمات الوطنية
خامسا : التخلي عن الخطاب المزدوج تجاه النهضة من فريق الشاهد أي تعاون في الظاهر ونوايا غير واضحة في الباطن بل ضربات تحت الحزام أحيانا
سادسا : الاعلان بوضوح عن المشروع السياسي ليوسف الشاهد
سابعا : تقديم كل الضمانات على أن وجوده في القصبة كرئيس حكومة لن يكون وسيلة للتأثير في نتائج الانتخابات عبر استخدام الدولة ومقدراتها لفائدته
ثامنا : البرهنة على احترام خصوصية الأحزاب وعدم التشويش عليها بالاختراقات ومحاولات شق صفوفها
تاسعا : احترام استقلالية الإعلام وحياديته والعمل على تكريس ذلك في الإعلام العمومي والمصادر
عاشرا : اختيار فريق كفء ومتجانس ومصغر بإمكانه تحقيق نتائج إصلاحية عاجلة.
بتحقق هاته الشروط يمكن القيام بتحوير وزاري في أي لحظة وفي غيابها يبدو المشهد مفتوحا على كل الاحتمالات.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *