خرج سكان العاصمة الليبية طرابلس من منازلهم لانتهاز فرصة وقف إطلاق النار بين الجماعات المسلحة و إستئناف حياتهم العادية، لكنهم لاحظوا أمرا واحدا على الفور وهو أن الفصائل لم تسحب أسلحتها الثقيلة من المواقع الإستراتيجية في المدينة.

حيث دارت مواجهات عنيفة خلّفت عشرات القتلى بين أربع جماعات مسلحة كبرى في طرابلس وخصوم لها من مناطق أخرى.

وعلى الرغم من عدم خرق إتفاق وقف إطلاق النار لا تبدو علامات الإطمئنان ظاهرة فالجميع لا يستبعد إستئناف المواجهات في أي لحظة.

** إنسحاب حذر

وسحبت الفصائل المسلحة شاحناتها التي تحمل المدافع المضادة للطائرات وفككت نقاط التفتيش التي أقامتها على الطرق، لكنها احتفظت بأسلحتها الثقيلة في مواقع رئيسية مثل مطار معيتيقة وعند الوزارات وبعض الشوارع الرئيسية في العاصمة.

قال الصحفي أحمد الخميسي لـ”سبوتنيك” :”أنه بالرغم من وقف إطلاق النار إلا أن الوضع على الأرض غير مطمئن، مشيرا إلى وجود استعدادات في منطقة وادي الربيع، وإعادة انتشار وتمترس لدبابات”.

وأشار الصحفي الليبي إلى أن تحرك الميليشيات يشير إلى إعادة التمركز، مما يتوقع معه استعدادها لجولة جديدة من الاشتباكات، لافتا إلى أن الفائدة الوحيدة لوقف إطلاق النار تتمثل في خروج بعض العائلات العالقة من مناطق الاشتباكات.

و توعدت الجماعات المسلحة باستئناف القتال إذا لم تسفر المحادثات التي يستضيفها مبعوث الأمم المتحدة الخاص غسان سلامة عن تسوية دائمة.

في سياق متصل قال أحمد بن سالم المتحدث باسم قوة الردع، إحدى أقوى الوحدات المسلحة في طرابلس “نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار طالما لم يتم اختراقه من الطرف الآخر”.

وتابع “قوتنا ما زالت متمركزة في مكانها… ونحن ننتظر ما الذي يستجد بخصوص وقف إطلاق النار”.

و أكد اللواء السابع وهو الجماعة المنافسة الرئيسية لقوة الردع أنه سيبقى في مواقعه أيضا.

** تحذيرات

شدّد المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة أنه ستقع محاسبة كل الأطراف الضالعة في إشتبكات طرابلس حيث

قال في خطاب شديد اللهجة أمام مجلس الأمن:”إن الجماعات التي تنتهك وقف إطلاق النار يجب أن تحاسب وإن وقت الإفلات من العقاب انتهى”.

و يحاول سلامة منذ نحو عام تمهيد الطريق لإجراء انتخابات عامة، لكنه لم يذكر المزيد من التفاصيل حول ما الذي يعتزم فعله إذا انتهكت الهدنة.

قال طارق المجريسي الباحث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية لميدل إيسيت “من المشجع أنه قال صراحة إن الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي”.

وأضاف “لكن كالمعتاد، تفاصيل التنفيذ غائبة كيف ستُطبق إجراءات المراقبة والعقاب التي ذكرها عمليا؟”

وقال دبلوماسي غربي “ينبغي لسلامة أن يقوم بعمل جريء الآن، لكن ليس من الواضح ما الذي باستطاعته أن يفعله. إذا لم يحدث شيء ستكون تلك استراحة للميليشيات لاستجماع قوتها”.

أدانت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني محاولة تقويض إيقاف وقف إطلاق النار وخرق الهدنة.

و دعت وزارة الداخلية في بيان لها المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه هذه الخروقات وتحميل الجهة التي يثبت اختراقها وقف إطلاق النار المسؤولية.

وطالب بيان الوزارة الليبيين بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية الضيقة بحسب نص البيان.

** دور الجيش الليبي

رغم إعلان البعثة الأممية في ليبيا، عن توصلها لاتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل المتناحرة في طرابلس، فإن المناوشات لم تتوقف نهائيا بين الفصائل المسلحة.

أكد مصدر حكومي من العاصمة الليبية أن أيا من الأطراف المتقاتلة المحسوبة على حكومة الوفاق لم تعلن التزامها باتفاق وقف إطلاق النار حتى الآن.

على جانب آخر، أجمع خبراء ومحللون ليبيون على ضرورة تدخل الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، في العاصمة طرابلس، باعتباره الحل الوحيد لإنهاء الصراع الدموي بين الميليشيات، الذي خلف عشرات الضحايا.

أشار الباحث السياسي في الشأن الليبي عبدالحفيظ غوقة في تصريحات صحفية، أن ما يجري في طرابلس من صراع بين مختلف الجماعات المسلحة المسيطرة على العاصمة إخوانية ومقاتلة ومناطقية، يدفع ثمنه المدنيون من ممتلكاتهم ومقدرات الليبيين ومؤسساتهم العامة المختلفة.

وأضاف “غوقة” أن الحل هو توحيد المؤسستين العسكرية والأمنية لإنهاء تواجد الميليشيات المسلحة الإرهابية وفوضى السلاح خارج شرعيتهما، قائلا: “أعتقد أن هذا ما يتم حاليا ويجري العمل عليه وما يجري في العاصمة من قبل اللواء السابع وهو قوة قوامها وأساسها عسكريون منضبطون مرجعيتهم القيادة العامة للجيش الوطني بقيادة حفتر، التي لم تفصح حتى الآن عن موقفها لأسباب تبدو منطقية، ستكون الأفضل لصالح استقرار العاصمة وبسط الأمن فيها من قبل قوات الجيش النظامي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *