أخبار, البارزة 0 comments on ما مكاسب إسرائيل من تنصيب غوايدو رئيسا لفنزويلا ؟

ما مكاسب إسرائيل من تنصيب غوايدو رئيسا لفنزويلا ؟

علق سفير إسرائيلي، على اعتراف “إسرائيل” بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، رئيسا لفنزويلا، مؤكدا أن الأمر سيعود بالفائدة.

و أوضح أن دعم غوايدو ليكون رئيسا انتقاليا، “سيضيق الخناق على حزب الله في فنزويلا”، وفق قوله.

و رأى السفير الإسرائيلي السابق في مصر، إسحاق ليفانون، أن اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بزعيم المعارضة الفنزويلية غوايدو “رئيسا لفنزويلا، ووقوف إسرائيل إلى جانب دول العالم في هذه المسألة، هو خطوة صحيحة”.

و أوضح في مقال في صحيفة “إسرائيل اليوم”، أن “قطع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وفنزويلا على مدى أكثر من عقد من السنين، والعداء الشديد من هذه الدولة لإسرائيل، وتسكع زعيميها الأخيرين مع أعدائنا، لا يترك مكانا كبيرا للتردد”، وفق قوله.

و أكد أن هناك “مصلحة لإسرائيل في صعود حكم جديد في فنزويلا”، مضيفا: “الآن ينبغي الانتظار لنرى كيف يتطور الصراع بين مؤيدي الرئيس مدورو ومؤيدي غوايدو”.

و قال: “قادة الجيش يؤيدون مدورو، كما أن قادة الجيش في مصر أيدوا في حينه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إلى أن رجحت الكفة الجماهير في ميدان التحرير، وبقي أن نرى إذا كانت بلازا بوليفار التي في قلب العاصمة كاراكاس ستصبح ميدان التحرير الفنزويلي”.

علاقة فنزويلا بحزب الله

و ذكر ليفانون، أن هناك “جانبا هاما على نحو خاص بالنسبة لإسرائيل، وهو تواجد حزب الله في فنزويلا، فالعلاقة الشخصية التي سادت بين الرئيس السابق هوغو شافيز ورئيس إيران السابق محمود أحمدي نجاد، شقت الطريق لتواجد حزب الله في بلاد محرر أمريكا الجنوبية، سيمون بوليفار”.

و نوهت مؤخرا، مستشارة سابقة في وزارة الدفاع الفرنسية، كايرا دريسي، أنه “ليس سرا أن حزب الله يعمل دون رقابة وعقاب وبرعاية الرئيس أطلق يديه نحو تجارة المخدرات في أراضي الدولة لغرض تمويل نشاطاته”.

و نوّه السفير إلى أن “سلطات فنزويلا أغمضت عيونها، وسمحت بذلك لأذرع المنظمة الأخطبوطية، في حين انضم حزب الله إلى الصين وروسيا وكوبا التي تؤيد مدورو”، معتبرا أن “الميل بلغ ذروته عندما عين الرئيس مادورو في 2017 طارق العيسمي في منصب نائب الرئيس، وأودع في يديه الرقابة على أجهزة الأمن”.

و أشار إلى أن العيسمي، من أصل سوري، ويعد “مقربا جدا من إيران وحزب الله، وقد فتح بوابات فنزويلا على مصراعيها أمام حزب الله، الذي بدأ على الفور بتثبيت نفسه في الدولة”، وفق قوله.

أما الولايات المتحدة، التي “كانت على وعي بتواجد المنظمة في فنزويلا، فقد عملت ونجحت في إقالة العيسمي من منصبه، وهو اليوم مطلوب من دول عدة”، وفق ليفانون الذي زعم أن “التغيير السلطوي في فنزويلا سينقذ الدولة من الأزمة التي علقت فيها بقيادة شافيز ومادورو، وسيؤدي إلى التضييق على خطى حزب الله في فنزويلا”.

و لفت إلى أنه “من المعقول أن تنضم فنزويلا الجديدة إلى البرازيل، الأرجنتين، بارغواي وكولمبيا في صراعها ضد حزب الله في جنوب أمريكا، بهدف تقويض شبكة تهريب المخدرات وتبييض الأموال التي طورتها المنظمة في سيوبيد دل أستى”.

و يحتمل أن يكون هذا الاعتبار، بحسب السفير الإسرائيلي قد “ساهم في قرار إسرائيل الانضمام للدول الراغبة في مصلحة فنزويلا، وهذا ما ينبغي الترحيب به”، وفق قوله.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on من شروط إجراء الإنتخابات القادمة … حياد الدولة ؟ .. بقلم الدكتور المنصف السليطي

من شروط إجراء الإنتخابات القادمة … حياد الدولة ؟ .. بقلم الدكتور المنصف السليطي

يعد انتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات و استكمال بقية أعضائها بعد أن منت علينا لجنة التوافقات بالبرلمان ب”مكرمة” ، خطوة في اتجاه إنجاز الانتخابات التشريعية و الرئاسية القادمة، و لكن من شروط إنجازها توفير مناخ انتخابي ملائم لابد للهيئة و لمختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين بالإضافة إلى مؤسسات الدولة من العمل على إيجاده.

نعم تكلفة الانتقال الديمقراطي لازالت مرتفعة في بلادنا و أغلب المؤشرات و الدلالات تؤكد أن أوضاعنا لم تستقر بعد على توازنات سياسية و اجتماعية و اقتصادية دائمة و مستمرة و واضحة المعالم بعد اهتزاز العالم القديم من تحت أرجلنا ؛ و سردية الانتقال السحري من الضيق الى البحبوحة و من الفقر الى الغنى و من الشدة الى الرخاء اتضح أنها تتطلب مراحل طويلة و الكثير من الحكمة و الدربة و الخبرة، و لكن اليوم بهذه الخطوة و إرجاع الروح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، نأمل أن تمر البلاد إلى مربع الوضوح السياسي و الاستعداد للاستحقاقات القادمة بأكثر توازن و استقرار ، فاليافطة الكبيرة المرفوعة الآن هي أن الانتخابات مدخل صحيح لتجاوز أوضاعنا الراهنة .

و لكن العديد من الأسئلة الهامة لازالت مطروحة اليوم بإلحاح من قبل جهات عديدة متابعة للشأن الوطني ،فهل من الممكن إجراء الانتخابات في ظل تنامي الصراع المستمر بين رأسي السلطة التنفيذية و في سياقات عدم حياد الدولة و في ظل الأجواء المشحونة و المتوترة والتي تكثفت فيها التجاذبات السياسية و تبادل التهم بين مختلف مكونات المشهد المجتمعي و دخول إتحاد الشغل على الخط للمساهمة في إعادة توزيع التكتلات و النقاط الساخنة و مراكز القوة و النفوذ في الساحة السياسية ؟ و هل بإمكان تونس تحمل تكلفة صراع القوى السياسية التي يصل بها الأمر إلى استعمال أدوات و أجهزة الدولة هذا بالإضافة إلى نيران الدول الصديقة التي لا يهمها أن تستكمل التجربة التونسية دورتها العادية الانتخابية لتثبيت و تدعيم و تكريس حلمها الديمقراطي ؟ فهل بإمكان تونس تحمل تبعات هذه التعقيدات و الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي لتأمين المسار الديمقراطي و تأمين التجربة ككل ؟

و في خضم هذه الانشغالات و المعارك الحزبية و تعدد الأجندات السياسية و تقاطعها ، نحن مطالبون بالعمل على إنجاح هذا الاستحقاق الوطني لإخراج البلاد من أوضاعها المتردية و الصعبة و السيئة التي آلت إليها و ذلك عبر المرور على صندوق الاقتراع لتشكيل حكومة قوية تتجاوز إرهاصات و أوجاع المرحلة التي تعيشها تونس اليوم ، فما العمل حتى نتفق جميعا على قانون اللعبة ولا يستأثر أحد بإمكانيات الدولة و يتوجه نحو الانتخابات المقبلة بحوافز مادية و سياسية أكبر من خصومه ؟

و لذا من الصعب عدم طرح مسألة حياد الدولة و هي من أهم شروط انعقاد انتخابات شفافة و لها مصداقية لما لها من انعكاسات مباشرة و مهمة على نتائج الانتخابات حتى ندفع البلاد في الاتجاه الصحيح و نخرجها من منطقة الضغوطات و نبنى المرحلة القادمة على الرصيد و الإمكانات الذاتية لكل حزب هذا بالإضافة إلى أن إمساك مؤسسات الدولة العليا عن كل ما يوحي بتقسيم المجتمع و ما يساهم في الاستثمار في الحقد و الكراهية و الدفع نحو مواقف مجتمعية تؤلب فئة ضد اخرى و تعمق جراحات و أعطاب الدولة .

أوقفوا هذا النزيف حتى لا نثقل كاهل الوطن و نجد أنفسنا نعيد البناء من الأول و لكن في الاتجاه المعاكس و لا عزاء عندئذ لشهود الزور و أولهم من ساهم في العبث بحياد الدولة.

أخبار, البارزة 0 comments on من هو جون بولتون الذي يهندس حروب ترامب القادمة ؟

من هو جون بولتون الذي يهندس حروب ترامب القادمة ؟

على إثر القانون، لم يختر بوش إلا صقره المفضل في الإدارة “بولتون”، وأرسله في رحلة طويلة وشديدة الأهمية حول العالم ليحاول الضغط على وإقناع أنظمة أكثر من 90 دولة لقبول القانون الأميركي كما لو أنه أحد قوانينهم الخاصة غير القابلة للمساس، وهي رحلة وصفها بولتون بنفسه بأنها أحد أفضل إنجازات حياته على الإطلاق، رغم عدم نجاحه في إقناع نصف الدول التي زارها تقريبا. لكن، وبينما كان ذلك إنجازه، فإن رحلته تلك باختلاف نتائجها أطلقت سلسلة من ردود الأفعال بعيدة المدى كان لها أبلغ الأثر في تكوين رأي عام دولي ضخم مؤيد للمحكمة ومناهض للسياسات الأميركية، وساهمت أيضا في تكوين جدار حماية للقوات الأميركية من الملاحقة أثناء غزو العراق بعدها بأشهر قليلة، وكذا بعد الغزو [ترفض واشنطن التصديق على معاهدة روما حتى اللحظة].

ولأن الصقر الجمهوري لا يتنازل عن مواقفه تقريبا، ورغم أن المحكمة الجنائية غضت النظر كليا عن انتهاكات القوات الأميركية في عهد بوش الابن حول العالم، وتجاهلت مسلسل التعذيب المتصل الذي قادته واشنطن في عواصم الشرق الأوسط وأقبية سجونها، وفي معتقلاتها غير الشرعية وكارثية السمعة وعلى رأسها “جوانتانامو”، رغم ذلك فإن بولتون واصل احتقاره للمحكمة، وعارضها بشدة في تحركها للتحقيق في جرائم حرب ارتُكبت في دارفور جنوب السودان، إلا أن بوش تجاوز اعتراض بولتون في حادثة نادرة، وكان سفيره في الأمم المتحدة وقتها، وسمح للمحكمة بفتح ملفات انتهاكات دارفور، مطبقا سياسة جديدة تتعاطى مع المحكمة الدولية فيما يخدم المصالح الأميركية فقط.

ظل بولتون واسع النفوذ لأكثر من ثلاثة أعوام، ورغم ذلك فقد كوّن الكثير من العداوات جراء مواقفه الحادة وتصريحاته الأكثر حدة، كان بعضها مع أهم أفراد الإدارة الأميركية، كرئيسه المباشر ووزير الخارجية “كولين باول” والذي توارد أن بولتون كان يحجب عنه معلومات حساسة ويمرر له ما يدفع بقراراته نحو توجهات الأخير نفسها، وكخلافاته مع مستشارة الأمن القومي “كونداليزا رايس”، وحتى بوش نفسه، من تغير رأيه فيه قائلا إن بولتون “هو شخص غير جدير بالثقة بداية”، حسب رواية مجلة التايمز عام 2008، تصريح رد عليه بولتون ضمنا في العام نفسه واصفا إدارة بوش بأنها “إدارة منهارة فكريا لدرجة تصيب بالأسى”، فضلا عن عداواته مع مجتمع الاستخبارات، والذي رأى أن بولتون يقوض جهودا رفيعة المستوى لإبقاء الأوضاع مستقرة مع الدول التي تُصنّف في خانة أعداء واشنطن، كمهاجمته واتهاماته المستمرة لكوبا وكوريا الشمالية.

وقد نجحت هذه العداوات في نهاية المطاف في دفع بوش للتخلي عنه، خاصة بعد تعيينه لكونداليزا رايس في منصب وزيرة الخارجية عام 2005، والتي أبدت رغبتها في التخلص من بولتون وإرساله لنيويورك تجنبا لأي صدام محتمل بينهما، وفي بدايات العام نفسه، فبراير/شباط(12)، أُقيل “بولتون”، ثم رشحه بوش لمنصب السفير الأميركي للأمم المتحدة، في إحدى أكثر مفارقات السياسة الأميركية غرابة في العقدين الماضيين.

الصديق الإسرائيلي

كانت فترة “بوش” الأولى هي إحدى أكثر الفترات توترا في علاقات واشنطن مع المؤسسات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، حيث ضربت العاصمة عرض الحائط بعدد لا بأس به من القوانين الدولية الخاصة بالحروب وحل المنازعات، فضلا عن تورطها في جملة من الانتهاكات الحقوقية جراء غزوي أفغانستان والعراق، لذا فقد تفاءلت المنظمة الدولية الأكبر بجولته الأوروبية في مستهل فترته الرئاسية الثانية، يناير/كانون الثاني لعام 2005، وارتفع سقف الآمال الخاصة بترميم العلاقات أعقاب مساهمة الأمم المتحدة الفعالة في إجراء أول انتخابات عراقية فيما بعد الغزو، لكن تلك الآمال سرعان ما ضُرب بها عرض الحائط عندما أعلن بوش أن مرشحه لمنصب السفير الأميركي للمنظمة هو “جون بولتون”.

وتروي الصحافية الأميركية “سامانثا باور”(13) أن العاملين بالمبنى الرئيس في نيويورك “ساروا في أروقته غير مصدقين، وهم من كانوا ينتظرون اسما مخضرما يعيد الدفء بين المنظمة وأكبر داعميها في العاصمة الأميركية”، فلطالما عُرف بولتون بكراهيته للأمم المتحدة وعدم اكتراثه بها على أفضل الظروف معلنا ذلك في أكثر من مناسبة، ملخصا قناعته في عبارة واحدة قائلا إن مبنى الأمم المتحدة 83 طابقا، فلو اختفت منها عشرة طوابق فلن يلاحظ أحد شيئا.

وفي ظل رجل يرى الدبلوماسية هدرا للوقت، ويرى أن استخدام المفاوضات مع الدول “المارقة” هراء، ويرى أن مقاعد مجلس الأمن الدائمة ينبغي أن تتقلص لمقعد واحد للولايات المتحدة فقط، في ظل هذه القناعات كان من العسير على أي أحد تقبل ترشيح بولتون لمنصب السفير، وبينما اكتفى الأمين العام وقتها “كوفي عنان” بالضحك قائلا إنه لا يريد مناقشة أمر ترشيح بولتون للمنصب، فإن الكونغرس الأميركي كان أكثر حسما، حيث لم ير ترشيح بولتون النور القانوني، وفشل بوش في الحصول على النسبة اللازمة للتصديق على الترشيح في ظل مجلس شيوخ ذي أغلبية ديمقراطية، لكن الرئيس الأميركي كان يرغب في إزاحة بولتون على الأرجح من وزارة الخارجية، لذا فقد استغل فترة تعطيل الكونغرس الصيفية وعيّنه سفيرا في أول أغسطس/آب 2005.

السفير الأمريكي  لدى الأمم المتحدة -آنذاك- يقدم أوراق اعتماد للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في نيويورك 2005 (رويترز)

كان التعيين متسقا مع السياسة الخارجية الأميركية في تلك الفترة، وركز بولتون على مشروعه الطامح لإعادة تأهيل مجلس الأمن، وأيضا إعادة تأهيل مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة، وحظي الأخير بالنصيب الأكبر من هجوم بولتون والذي لم يكن بدعا من توجهات الولايات المتحدة تلك الفترة، حتى للأجنحة اليسارية والليبرالية سياسيا وإعلاميا [على سبيل المثال اشتركت نيويورك تايمز في الهجوم وثمّنت توجهات بولتون بشأن المجلس]، وعلى كل حال فإن حقبة بولتون في المنظمة التي يمقتها سرعان ما انتهت عندما تنامى إدراك بأن الكونغرس سيوقف تجديده بعد استحواذ الديمقراطيين على الغرفتين (الشيوخ والنواب) أواخر عام 2006، لذا فقد قبل “بوش” استقالته في ديسمبر/كانون الأول من العام المذكور.

بدءا من العام التالي 2007 تحوّل بولتون إلى طريقه الخاص مرة أخرى ولكن بنكهة أكثر براغماتية، خاصة مع قدوم إدارة أوباما المناقضة لكل رؤى الصقر الجمهوري، وهي فترة أصبح فيها أحد الوسطاء السياسيين النافذين في العاصمة، فعاد إلى معهد أميركان إنتربريز كباحث أول، وأخذ مكانه في شبكة “فوكس نيوز” اليمينية كمحلل سياسي رئيس، وفي يناير/كانون الثاني لـ 2009 طالب بتفعيل “الحل الثلاثي” للقضية الفلسطينية، حل(14) يعود بموجبه قطاع “غزة” للإدارة المصرية، وتذهب الضفة الغربية للإدارة الأردنية، وتأخذ إسرائيل بقية الأراضي باعتراف عالمي، مضيفا أن حل الدولتين قد أثبت فشله، وواصفا مطالبة الفلسطينيين بإقامة دولة على أنه “خدعة”، وبعدها بعام واحد في 2010 أسس مبادرة “أصدقاء إسرائيل” رفقة إحدى عشرة شخصية دولية رفيعة المستوى، وهي مبادرة تُعنى بالدفاع عن “الدولة الإسرائيلية” ضد أي جهد قد يقوّضها عالميا، وما زالت المبادرة فاعلة حتى الآن.

ولأجل مد دائرة صلاته لمستويات أكثر تأثيرا في الطبقات السياسية لواشنطن، توسع بولتون في علاقاته مع القطاع الخاص(15)، حيث شهدت عشر السنوات الماضية عمله كمستشار لعدد من الشركات التقنية والعسكرية وشركات الطاقة، منها شركة “EMS” للاتصالات العسكرية قبل الاستحواذ عليها عام 2011 من قِبل مجموعة “هني-ويل”، وشركة الخدمات النفطية “دايموند أوف شور دريلينج” ذات الحضور القوي في الخليج العربي وجنوب شرق آسيا، وأيضا في المجلس الاستشاري لشركة بتروكيماويات تُدعى “حلول البلازما المتقدمة”، مجلس ضم بجانب بولتون “كريستوفر هارفِن”، رئيس شركة “سانيتاس الدولية”، وهي شركة لوبيات حامت حولها شبهات بعدم تسجيلها لبعض عملائها الدوليين مخالفة للقانون الأميركي الصارم بهذا الشأن(16).

بجوار ذلك، فقد حجز بولتون مكانه في منغوليا، وهي دولة آسيوية بمنزلة فاصل جغرافي طبيعي بين روسيا والصين، حيث تحوّلت منغوليا الغنية بالمعادن، وأحد أهم مصادر اليورانيوم العالمية، إلى نقطة التقاء وعمل ساخنة للمسؤولين الأميركيين السابقين وشركات اللوبيات أيضا، فعمل بولتون مستشارا للحكومة المنغولية بعقد مرتبط بشركة “كيج الدولية”(17)، وهي شركة لوبيات عملت لترويج اهتمامات النظام المنغولي أمام إدارة أوباما بدءا من ديسمبر/كانون الثاني لعام 2010، ويرأسها رجل الأعمال الأميركي الناشط في منغوليا “ليو جياكوميتو”، رئيس مجلس إدارة “منغوليا فورورد”؛ وهي شركة تنقيب عن اليورانيوم تضم في مجلس إدارتها “بولتون” أيضا، وقامت ببناء شبكة اتصالات قوية مع المسؤولين المنغوليين في وقت تنافسي، في ساحة تشهد حربا بين عمالقة الطاقة العالميين كـ “روسأتوم” الروسية و”أريفا” الفرنسية و”ريو تنتو” الكندية”، من يتنافسون جميعا على الاحتياطات المنغولية من المعدن النووي(18).

لذا، وفي خضم تلك العلاقات لم يكن ترشيح بولتون لمنصب مستشار الأمن القومي، في منتصف مارس/آذار للعام الماضي، محل ترحيب حار من المحافظين الجدد وصقور واشنطن فحسب، وإنما من أرباب عمله السابقين أيضا، لكن ذلك الترحيب لم يكن السمة المشتركة بين الجميع بطبيعة الحال، وكانت الأخبار غير سعيدة وبعثت توجسا في أرجاء العاصمة مؤثرة على بعض الجمهوريين أنفسهم، خاصة مع مواقف بولتون المعروفة والأكثر صرامة من توجهات ترامب كما فصلنا، وكونه يمتلك ما يفتقده ترامب تماما: العمق، والقدرة على اتخاذ القرارات “الجنونية” بشكل أكثر ذكاء ومهارة، والأهم؛ قدرته على دفع ترامب لحرب حقيقية في أي مكان في العالم.

الصقر

“يجب أن تنهي السياسة الأميركية الثورة الإسلامية الإيرانية.. إن الاعتراف بنظام إيراني جديد في عام 2019 من شأنه أن يزيح العار الذي حدث عندما شاهدنا الدبلوماسيين الأميركيين رهائن لمدة 444 يوما. ويمكن للرهائن السابقين قطع الشريط لفتح السفارة الأميركية الجديدة في طهران”

(جون بولتون)

 

 كان تعيين بولتون كمستشار أمن قومي، وبومبيو كوزير خارجية، بمنزلة تسليم فعلي لقيادة القرار السياسي من ترامب إلى الاثنين وبشكل نهائي

على مر تاريخها، لم تعرف الولايات المتحدة الكثير من الصقور(19) الذين يمكنهم قيادة أي رئيس لبدء حرب حقيقية تأكل الأخضر واليابس، وكانت الاستثناءات قليلة دوما وأتى على رأسها “ديك تشيني”، نائب “جورج بوش” الابن والمعروف في أميركا بالرئيس الحقيقي أثناء ولايتي بوش، لذا كان من الطبيعي أن تصاب الأروقة السياسية للعاصمة بالخوف عندما شرع ترامب في إستراتيجية يقضي بها على التوتر الدائم في البيت الأبيض منذ أن وطئه بقدميه، وهي إستراتيجية بسيطة تُعنى بالقضاء على المعارضة الداخلية له عن طريق تكوين مجلس حرب غير رسمي خاص به.

ولأجل ذلك كان تعيين بولتون كمستشار أمن قومي، وبومبيو كوزير خارجية، بمنزلة تسليم فعلي لقيادة القرار السياسي من ترامب إلى الاثنين وبشكل نهائي، وللمفارقة فإن الناجي الوحيد من “مذبحة ترامب الإدارية” والذي يميل لانتهاج الدبلوماسية ولا يدق طبول الحرب دائما؛ كان هو وزير الدفاع “جيمس ماتياس”، مع تساؤل وقتها عن الوقت المتبقي له في منصبه قبل أن يطيح به ترامب ليجلب أحد صقوره إليه، وهو ما حدث بعدها بثمانية أشهر، حيث يُنتظر مغادرة الجنرال “ماتياس” لمنصبه بعد أقل من شهر، نهاية فبراير/شباط القادم.

قبل بولتون، كانت كلمات ترامب أكثر صخبا وظهورا من أفعاله، وعلى عكس الشائع كان الرئيس الصاخب يتراجع في حربه التجارية التي يشنها على العالم، فأعفى الحلفاء من الرسوم الجمركية للمعادن، وبدأ بتسهيل الأمور في مفاوضات إعادة اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية “نافتا”، وضيّق نطاق تعريفاته الضخمة على الصين بعد أخذه بتقييم التأثيرات السلبية الكبيرة والمتوقعة على الأميركيين، ولم يأخذ خطوة تجاه طهران بما يتناسب مع الأجندة الإسرائيلية المرادة، وهي أجندة تُمثّل أول عبارة فيها الانسحاب من الاتفاق النووي، وفي كل ذلك افتقد ترامب للعمق المطلوب شكلا ومضمونا، وكذا القدرة على اختراق بيروقراطية العاصمة.

كانت مواقف بولتون واضحة دوما، فهو درع للإسرائيليين، ولا يرى “الدولة الفلسطينية” مشروعا محتملا بالأساس، ويصادق “مجاهدي خلق” ويرى فيهم حلمه بتغيير النظام الإيراني

مَثّل بولتون إضافة وفرت كل ذلك، الرجل الذي كان على قائمة الترشيحات منذ عام ترامب الأول لكنه رفضه لعدم إعجابه بشاربه الكث، وكان أول تحرك للمستشار الجديد والصديق الإسرائيلي الحميم تجاه عدوه الأساسي في طهران، لذا فقد نجح في إقناع ترامب -أواخر مارس/آذار وأبريل/نيسان- بإبطال الضمانات الأمنية الأميركية المعطاة لإيران في الاتفاق النووي، قبل أن يقود القارب الرئاسي لشاطئ إلغاء الاتفاق، أوائل مايو/أيار للعام الماضي في خطاب ترامب المتلفز الشهير، وهو إلغاء عُد بمنزلة نصر بولتون الأول بمنصبه الجديد، بعد أن قدم طريقة الخروج من الاتفاق النووي للرئيس الذي اشتكى قبلا أن فريقه “لم يقدم له أي طريقة للخروج منه”.

قبل بولتون أيضا، تزايدت التسريبات من البيت الأبيض من أعضاء مجهولين في الإدارة اتفقوا جميعا على أن الدستور الأميركي والمبادئ المؤسسة للولايات المتحدة يواجهان تهديدا مستمرا يتجسد في هيئة “رئيس مارق”، لكن بولتون في سبتمبر/أيلول الماضي غيّر ذلك التوجه، وكان أول خطاب متلفز عام لمستشار الأمن القومي بمنزلة صرخة حربية لمعركة شنها على المحكمة الجنائية الدولية، إثر رغبتها نهاية عام 2017 في فتح تحقيق حول جرائم حرب محتملة ارتُكبت في أفغانستان عام 2003، متهما إياها وغيرها من الكيانات العالمية بأنها “مؤامرة غير شرعية من دعاة ومؤيدي توسيع نفوذ المؤسسات الدولية ونمط الحكم العالمي متعدد الدول”، مطالبا باستغلال الفرصة و”خنق المحكمة الدولية في مهدها”.

إلا أن عضو إدارة ترامب الوحيد في ذلك الوقت الذي لم يتعرض لأي هجوم إعلامي بعد توليه المنصب، لم يكن بصدد مهاجمة المحكمة الدولية على مقترح قيد التداول من عام سبق، لذا اعتقد أن خطابه غير الدبلوماسي بمنزلة صرف انتباه وتحييد للهجوم العنيف الذي تعرض له الرئيس في تلك الفترة، خاصة بعد أن وضح فيه بولتون أيضا أن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن العام الماضي لم يكن فقط بسبب نية المحكمة الجنائية المعلنة مؤخرا بملاحقة إسرائيل، وإنما جاء الإغلاق كـ “عقاب عام للفلسطينيين، من يرفضون خوض مفاوضات بناءة مع الإسرائيليين”، حد تعبيره.

الخلاف الجوهري بين ترامب وبولتون يبقى بشأن الملف الروسي، فبينما يحافظ ترامب على سلوكه الودود تجاه الكرملين، يرى بولتون أن موسكو لا تسعى إلا لتقويض الدستور الأميركي

كانت مواقف بولتون واضحة دوما، فهو درع للإسرائيليين، ولا يرى “الدولة الفلسطينية” مشروعا محتملا بالأساس، ويصادق “مجاهدي خلق” ويرى فيهم حلمه بتغيير النظام الإيراني، ويروج لهم في واشنطن على أنهم معارضة نظام الملالي الوحيدة التي ينبغي للرهان الأميركي أن يستقر عليها، متجاهلا تاريخ المنظمة المسؤولة عن مقتل العديد من الأميركيين قبل “الثورة الإسلامية”، ومحافظا على ظهوره الدائم كمتحدث في راليهم السنوي بالعاصمة الفرنسية باريس، وهو رالي يتوارد أنه يدفع عشرات الآلاف من الدولارات لمتحدثيه. ويختلف بولتون مع ترامب بشأن كوريا الشمالية، حيث يرى المفاوضات معها “أسوأ من هدر للوقت” كما كتب في مقال له على موقع “ذا هيل” قبلا، ويتمثل حل معضلة كوريا النووية بالنسبة له في بدء محادثة بين ترامب والرئيس الصيني “تشي جين بينج” ودفعه لرعاية حل “توحيد الكوريتين” ورفع الحماية الصينية عن النظام الشمالي، بينما تساعد واشنطن كوريا الجنوبية على غزو الشمال وإنهاء المشكلة من جذورها.

لكن الخلاف الجوهري بين ترامب وبولتون يبقى بشأن الملف الروسي، فبينما يحافظ ترامب على سلوكه الودود تجاه الكرملين، يرى بولتون أن موسكو لا تسعى إلا لتقويض الدستور الأميركي، وأن هذه “أفعال حرب حقيقية” كما كتب، ما يوجب ردا حربيا من أميركا، ويؤمن بولتون أن بوتين قد قام بخداع ترامب أثناء لقائهما على هامش قمة العشرين الاقتصادية صيف عام 2017، لذا وعلى الأرجح فإن هذا الخلاف كان من أسباب تعيين بولتون في منصبه أيضا، حيث أراد ترامب على ما يبدو من ذلك التعيين أن يحيد الاتهامات التي لا تتوقف عن علاقته المختلفة بروسيا وبوتين، عن طريق وضع أحد كارهي الروس في أعلى منصب أمني بإدارته، إلا أن ذلك الخلاف يتضاءل بشدة في ظل بصمة الصقر الجديدة الحالية، وربما الأخطر، على النظام الفنزويلي.

عراب الانقلابات
زعيم المعارضة الفنزويلي “خوان غوايدو” (الجزيرة)

عندما أعلن زعيم المعارضة الفنزويلي “خوان غوايدو”، منذ أيام قليلة، تنصيب نفسه رئيسا بالوكالة مستغلا بندا دستوريا يسمح لقائد المعارضة بتولي الرئاسة في البلاد، كان ترامب هو أول من اعترف به كرئيس مطالبا العالم باعتراف مماثل، نافيا شرعية نظام الرئيس “مادورو”، وقائلا إن بلاده ستستخدم كامل قوتها الدبلوماسية والاقتصادية للضغط من أجل “استعادة الديمقراطية في فنزويلا”، ثم تبعه “بومبيو” يوم السبت الماضي بقوله إنه “لا تأخير أو ألعاب مرة أخرى، حان الوقت لكل دولة للاختيار بين الوقوف مع قوات الحرية أو الوقوف مع نظام مادورو وفوضاه”(20)، لكن بولتون لم يتبع خطا دبلوماسيا كعادته، وكان أكثر وضوحا عندما شرح باختصار أن الأمر متعلق بالنفط(21) وما يمكن أن يجلبه للولايات المتحدة.

Embedded video

في حديثه لقناة الأعمال بشبكة فوكس  يوم الاثنين الموافق 28 من يناير 2019، قال بولتون إن الإدارة تخوض محادثات مع شركات النفط الأميركية الكبرى الآن العاملة في فنزويلا، أو الفنزويلية المالكة لحصص في السوق الأميركية كشركة “CITGO”، وهي شركة ضخ وقود أميركية تمتلك الحكومة الفنزويلية معظمها، وأنه سيكون من المفيد إن استطاعت الشركات الأميركية الاستثمار في فنزويلا واكتشاف واستخراج النفط هناك، وأضاف أن إدارة ترامب تعمل على الوصول بالحالة الفنزويلية الآنية لأفضل ناتج ممكن للولايات المتحدة واقتصادها.

يُمثّل التصريح إشارة بالغة الوضوح على تورط واشنطن الفعلي في دعم الانقلاب الناعم، على أفضل الظروف، أو تدبيره كاملا على أسوأها، ويُرجح الاحتمال الثاني خاصة بعدما نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مقالا(22) الجمعة الماضية توضح فيه أن تحرك “غوايدو” لتولي السلطة تم بترتيب على مدار الشهر الحالي مع أساطين إدارة ترامب: نائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية بومبيو، وبالطبع جون بولتون، أكثر من يفضل تغيير الأنظمة المناهضة للمصالح الأميركية، ومن يطلق على فنزويلا وكوبا ونيكاراجوا منذ زمن طويل مصطلحه الشهير “مثلث الطغيان اللاتيني” (Troika of tyranny).

في الملف الفنزويلي فإن توجهات ترامب وبولتون تتطابق بالكلية، فلطالما رأى ترامب أنه على الدول الغنية بالنفط أن تدفع ثمن الحماية الأميركية من نفطها، وهو ما صرح به علنا أثناء الثورة الليبية عام 2011، عندما قال إنه ينبغي لإدارة أوباما الذهاب لإنقاذ حيوات الليبيين واستئصال نظام القذافي بعملية عسكرية دقيقة، وبهذا ترتفع شعبية الأميركيين بين الثوار الذين سيسيطرون على البلاد، ومن ثم تطالب واشنطن بثمن هذه العملية أو 50% من النفط الليبي، وأضاف أن الثوار سيحبونهم لدرجة أنهم سيعرضون 75% من نفط البلاد للولايات المتحدة وليس نصفه فقط.

يتبنى بولتون وجهة نظر مماثلة كما أوضح في تصريحاته السابقة لفوكس، وهو يرى أيضا أن على ترامب إرسال قوات عسكرية لفنزويلا للإطاحة بمادورو وتأمين غوايدو، ورغم أن ترامب ليس متحمسا في الوقت الحالي للخيار العسكري تبعا لنقاط شعبيته المنخفضة بعد أطول إغلاق حكومي في تاريخ أميركا، فإن إرسال القوات الأميركية للحدود الفنزويلية ومن ثم للداخل ما زال خيارا على طاولته بالفعل، وقد ظهر بولتون مؤكدا ذلك على منصة غرفة المؤتمرات الصحافية في البيت الأبيض(23)، يوم الاثنين الموافق 28 من يناير 2019، وبيده مفكرته الشخصية مكتوب عليها “أفغانستان: نرحب بالمحادثات” و”5000 جندي في كولومبيا”، جملتان التقطتهما عدسة مصور وكالة أسوشيتد برس “إيفان فوتشي”، ويعتقد أن بولتون قد كتبها عمدا لتوجيه رسالة إلى نظام “مادورو”.

شارك بولتون في التحضير للانقلاب الناعم الحالي، ولأن ترامب كان مهتما دوما بفنزويلا منذ يومه الأول كرئيس، ووضعها على رأس جدول أعماله -مع إيران وكوريا الشمالية- طالبا إحاطة عن الدولة اللاتينية في اليوم الثاني لرئاسته، في ظل ذلك فإن الساحة كانت مهيأة بشدة لصقور البيت الأبيض لدفع خطتهم لتغيير نظام “مادورو” بعد انتخابات الرئاسة الفنزويلية منتصف العام الماضي، مايو/أيار، وقد اجتمع بعض مسؤولي الإدارة رفيعي المستوى في التوقيت نفسه مع قيادات في الجيش الفنزويلي في محاولة لتغيير تأييدهم لمادورو، ولكن هذه الخطة لم تنجح كثيرا على الأرجح.

لذا تم الدفع بخطة التغيير الناعم لطاولة ترامب، ثم بدأ التواصل مع المعارضة الفنزويلية عن طريق بولتون وبومبيو وبعض أعضاء الكونغرس أواخر ديسمبر/كانون الثاني المنصرم وأوائل الشهر الحالي، وتم تتويج هذه المجهودات بمكالمة هاتفية، بالليلة السابقة لإعلان غوايدو، من نائب الرئيس “بنس” للأخير أعلمه فيها بتأييد ترامب المطلق واعترافه به رئيسا إن قام بانتزاع الرئاسة بالإجراء الدستوري، وهي الليلة نفسها التي شهدت اجتماعا لبعض أعضاء إدارة ترامب، ومنهم بولتون، لتنسيق ما سيحدث في الحديقة الأميركية الخلفية بعد تنصيب مادورو رسميا كرئيس منذ قرابة ثلاثة أسابيع.

في هذه الأثناء، وبعد تعيين “إليوت إبرامز”، صديق بولتون الحميم والمعروف بـ “مساعد الوزير للحروب القذرة”، كمبعوث وزير الخارجية الأميركي لفنزويلا، ومع تاريخه الحافل في هندسة حربي نيكاراغوا والسلفادور وفضيحة إيران كونترا وغيرها، وتوجهات بولتون وصقورية بومبيو، مع كل ذلك فإن ذلك الثلاثي بات يُعرف في العاصمة الآن بـ “محور الشر” الخاص بترامب، وهو محور لن تتوقف بصماته غير السياسية عند فنزويلا على الأرجح.

بومبيو أقنع ترامب في عام واحد بتعيينه وزيرا للخارجية، ونجح في ذلك لأنه اكتشف مفتاح التعامل مع الرئيس وهو العلاقة الشخصية

برغم ذلك، فمن المرجح أن يطيح ترامب مستقبلا وقبيل انتخابات 2020 ببولتون من إدارته، ورغم أن ذلك يبدو للوهلة الأولى ترجيحا غير منطقي كون الانسجام الحالي لا يعطي إشارة على ذلك، فإن الإطاحة المحتملة ستأتي لأسباب عدة، منها تخلص ترامب من وجه سيجلب عليه متاعب إعلامية وشعبية لن تنتهي [بدأ بولتون في التسبب بذلك بالفعل]، ومنها صدام محتمل على الخلفية الروسية تحديدا، لكن السبب الأهم يكمن في شخص ربما يصعب هضم توقع تورطه في الإطاحة ببولتون، وهو بومبيو(24) نفسه.

بعكس بولتون، والذي لم يكن خيارا أولا أو حتى ثانيا لترامب في منصبه، فإن بومبيو لطالما مَثّل للرئيس الأميركي الفتى الذهبي القادر على حل المشكلات، وقد أكد بومبيو هذه القناعة لدى ترامب عندما وضعه الأخير على رأس الاستخبارات المركزية الأميركية في فترة وُصفت بأنها الأسوأ بين الرئيس والـ “CIA”. ففي تلك الفترة كان ترامب مقتنعا بشدة بأن الـ “CIA” تسعى لإسقاطه من خلال تسريباتها المتواصلة، لكن بومبيو نجح بعد تعيينه في تثبيت سفينة الاستخبارات وتهدئة الأوضاع بينها وبين البيت الأبيض، إلى حد وصفه من قبل بعض المعارضين لترامب وبعض العاملين بالسي آي إيه بأنه ذكي للغاية وعفوي.

فضلا عن ذلك، فإن بومبيو أقنع ترامب في عام واحد بتعيينه وزيرا للخارجية، ونجح في ذلك لأنه اكتشف مفتاح التعامل مع الرئيس -عكس معظم مسؤولي الإدارة السابقين- وهو العلاقة الشخصية، وبينما كان معظم أفراد الإدارة يتعاملون مع ترامب كرئيس تقليدي، كان بومبيو يستثمر في علاقته الشخصية معه أكثر من استثماره في عمله بشكل طبيعي.

وبينما يرى بومبيو في نفسه كما يرجح رئيسا مستقبليا، ويستغل عمله الجديد الذي سعى إليه كوزير للخارجية لبناء ذلك الميراث، فإنه سيصطدم لا محالة بالصقر شديد الحدة “بولتون”، والذي يسعى لإثبات راسخ، وللمرة الأخيرة على الأرجح في حياته المهنية، أنه يمكن لإدارة أميركية تبني اتجاهاته للتعامل مع الدول “المارقة” والعالم ومؤسساته، وأنها ليست اتجاهات متطرفة كما يُطلق عليها في نهاية المطاف، وسيكون ذلك الاصطدام بمنزلة مؤشر شديد الوضوح على مدى نجاعة بولتون من عدمها في إدارة الصراع المتوقع القادم، وهو صراع لا يمتلك فيه نسبة النجاة الوظيفية الأكبر على الأرجح.

الجزيرة

البارزة, وجهات نظر 0 comments on الجنوب الليبي: رهانات حفتر الجديدة بين الأدوار الإسرائيلية و الصراعات الدولية في إفريقيا .. بقلم علي اللافي

الجنوب الليبي: رهانات حفتر الجديدة بين الأدوار الإسرائيلية و الصراعات الدولية في إفريقيا .. بقلم علي اللافي

 بعد التقارب المُعلن بين تل أبيب وبعض عواصم العرب، وتفاهمات مع الداخل الفلسطيني ممثلاً في السلطة الفلسطينية، لم يعد لأنظمة وشخصيات وفاعلين عرب ذلك الحرج الكبير في التعامل العلني مع الكيان الصهيوني واستقبال قادته واستثمار نفوذهم الكبير على عواصم العالم الغربي، ولكن ما هي عمليا علاقة الاسرائليين بما يحدث في الجنوب الليبي من تطورات، ولماذا تنامت الصراعات الدولية في ليبيا وتحديدا بعد وصول بعض من قوات حفتر لمدينة سبها في الجنوب الليبي ؟

  • أحداث الجنوب وتنامي التعاون التشادي الاسرائيلي

انطلق حفتر هذه المرة وعلى عكس المرات الثلاث السابقة، بعيداً صوب الجنوب تاركاً رجاله وبعض مُمثليه يشاركون في حملة ضد السراج (فريق الذباب الالكتروني لحفتر يستعمل مئات الحسابات والصفحات)، ومتجاهلا جهود الأمم المتحدة، التي تطمح خلال الأسابيع القادمة إلى جمع الأطراف الليبية في الملتقى الوطني الجامع لتقرير مصير الانتخابات والدستور، والأغرب أنه لم يُعر اهتماما يذكر حتى لنتائج زيارة المبعوث الأممي في الفترة الماضية إلى سبها (جنوب شرق)، واستمر مرور أرتال عساكره صوب الحدود الليبية-التشادية لملاحقة مُقاتلي المعارضة التشادية الذين أصبحوا يتحصنون داخل مناطق ليبية في استضافة حلفائهم من قبيلة “التبو”، وصولاً إلى مناطق في العمق التشادي، بالتوازي مع قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بزيارة لــ”نجامينا” لاستكمال مشاورات ثنائية حول ملفات مشتركة من بينها طلب تدخل تل أبيب للمساعدة في تأمين الحدود مع ليبيا،  وذلك بعد شهرين من زيارة تاريخية قام بها الأخير إلى إسرائيل في نوفمبر  الماضي، لاستكمال مناقشة ملفات التعاون بين البلدين، مبيناً أن من بين تلك القضايا قضية الحدود مع ليبيا…

والأكيد أن حفتر هذه المرة لا يتحرك بمفرده، فالغارة التي شنتها طائراته على تمركز للمعارضة التشادية في منطقة “كوري بوكدي” والتي تبعد عن الحدود الليبية داخل الأراضي التشادية بـ100 كيلومتر تقريباً تشير إلى تنسيق مع النظام التشادي، وهو ما أكدته تصريحات المتحدث باسم قوات المعارضة التشادية، “محمد الطاهر ارديمي”، والتي أشارت إلى أن طيران حفتر شن غارة على موقع تابع للمعارضة التشادية لتقديم الدعم لحلفائه من قوات “العدل والمساواة” السودانية، لافتاً إلى وقوع اشتباكات، بين تلك القوات، وذلك يومي الأحد والاثنين الماضيين….

ولعل اللافت أيضاً هو توجه “الكتيبة 166” وكتيبة “خالد بن الوليد”، أبرز كتائب حفتر بكامل عتادهما إلى الجنوب الليبي، ضمن “عملية عسكرية جديدة”، وذلك بعد توجه طلائع عدّة وإمدادات عسكرية قبل أيام إلى الجنوب، دون تحديد أماكن تمركز تلك القوات وقواعدها، وتم ذلك بعد اجتماع موسع عقده حفتر في القاعدة العسكرية بالمرج، شرق البلاد، مع عدد من قادة قواته، لبحث خطط عسكرية للسيطرة على الجنوب الليبي….

وتُشير المعطيات إلى خلطة جديدة من التحالفات الجديدة تضم رئيس التشاد “إدريس ديبي إتنو” ورئيس حركة تحرير السودان، “مني اركو مناوي”، الذي ينحدر من أصول قبلية ينتمي لها ديبي نفسه، ربما كانت سبباً في ربط التحالف بينهما، وحفتر من جانب آخر، إلى جانب علاقة في الظل مع إسرائيل…

وكانت صحف إسرائيلية ودولية، من بينها موقع “ديبكا” الاستخباراتي، قد أكدت أن رئيس تشاد ناقش خلال زيارته لإسرائيل نهاية نوفمبر الماضي ملف الحدود مع ليبيا وقضية الحركات المعارضة لنظامه التي تنتشر في مناطق الحدود حتى عمق الأراضي الليبية، بل أكد الموقع أن “ديبي” طلب مشاركة إسرائيل في مقاومة تلك الحركات التي وصفها بـ”الإرهابية”، أما القناة العاشرة العبرية فقد أكدت أن “ديبي” قدم طلبات عاجلة لــ”نتنياهو” من بينها دعم أمني وعسكري عاجل لنظامه….

والثابت  أن توجه حفتر صوب الجنوب قد جاء بعد زيارات قام بها إلى تشاد للقاء إدريس ديبي إتنو، لتنسيق الجهود بهدف تضييق الخناق على القوات التي تعارض النظام التشادي ومحاولة إنهائها، في مقابل مصالح مشتركة تُمكن وتُتيح لحفتر السيطرة على الجنوب بمساعدة تشادية، وأيضا  من قوى دولية بشكل غير مباشر ومستتر، وهو ما يعني  أن أهداف حفتر متعددة ومتشابكة هو وحلفائه الجدد في الجنوب، وهو لم يعد يُعول فقط على حلفائه السابقين من قبائل “التبو”، الذين اعتمد عليهم كُلياً في الفترات السابقة، بل وجه كتائبه الأبرز للعملية الجديدة، كون مقاتلي المعارضة التشادية ينتمي بعضهم لهذه القبيلة، كما قد يعكس عدم ثقة قبائل الجنوب الأخرى فيه وعدم رغبتها في دعمه بمقاتلين من أبنائها…

ومن الواضح أن أهداف العملية الجديدة قد تتجاوز الجنوب الليبي المرتبط أساساً بدول جوار مثل الجزائر وتشاد والسودان…

وعمليا لم تعد علاقة حفتر بالإسرائيليين أو ربما توظيفه لهم، خافية على أحد، وهنا لابد من التذكير أنه صرح برغبته في التعامل مع إسرائيل في تصريحات في نهاية سنة 2014  وهنا لابد من التأكيد أن مستشاره السياسي السابق محمد البوصير قد أشار إلى وجود علاقات ممتدة لحفتر برجل المخابرات الإسرائيلي “آري بن مناشي”  كما أكد “البوصير” أن الضابط الإسرائيلي وفر لحفتر الاتصالات المباشرة مع الإسرائيليين وأنه قد أبرم معه عقداً بقيمة 6 ملايين دولار للترويج له في أوساط غرف صناعة القرار الأميركي….

  • الجنوب بين حفتر وحلفائه الإقليميين والدوليين

عملية حفتر العسكرية المسنودة بقوة هذه المرة هي الرابعة خلال أقل من عامين،  وان كانت حُجة حفتر أنه يحارب المرتزقة والعصابات الإجرامية والإرهابيين وهنا لابد من التأكيد على المسوغ في تصريحات حفتر حيث أكد أن خصومه متعاونين مع دول أجنبية لتغيير الطبيعة السكانية في مناطق الجنوب ومدنه المختلفة؛ التي تمتد على مساحات شاسعة وأراض صحراوية قاحلة…

وبالبحث عن المرتكز الاقتصادي في المعارك الأخيرة فهدف حفتر هذه المرة أيضا على حقول النفط ومنابعه في مناطق ومدن جنوب البلاد وملاحقةُ مسلحي المعارضة التشادية الذين استعان بهم هو نفسه في حروبه السابقة في مدينتي “بنغازي” و”درنة” ومنطقة الهلال النفطي في شمال ليبيا، ومما لا شك فيه أن للإماراتيين دور بارز في خطة حفتر للسيطرة على الجنوب الليبي، عبر الدعم بالأموال والعتاد والسيارات المسلحة، واستمالة القبائل القاطنة لتلك المنطقة بالأموال، فمنذ أسابيع (نهاية أكتوبر ثم بداية ديسمبر) عدة زار الإمارات وفد قبلي من الجنوب، وتشاور مع أطراف إماراتية حول إمكانية تقديم الدعم القبلي لتحركات المليشيات الموالية لحفتر في تلك المنطقة، ومعلوم أنه منذ أسابيع وصلت إلى قاعدة تمنهنت في ضواحي مدينة سبها آليات ومعدات حربية من معسكرات تابعة لحفتر في شرق البلاد، ولم يصل معها مسلحون من الشرق… والسبب أن حفتر يريد هذه المرة الاعتماد على مسلحين مليشياويين موالين له، ينتمون إلى قبائل من الجنوب، تمثل أطيافه السكانية ومناطقه المختلفة…

ومع ذلك فان الآراء منقسمة بين هذه القبائل حول جدوى هذه العملية وإمكانِ نجاحها، فعملية إطباق السيطرة الكاملة على الجنوب الليبي (الذي يمكن وصف تركيبته السكانية بأنها معقدة بعض الشيء، ومتخمة بالتناقضات العرقية والصراعات القبلية التاريخية) أمر صعب؛ يُجبر من يريد السيطرة عليه على ضرورة الدخول في تفاهمات مع مختلف القوى المحلية والقبلية التي لبعضها ارتباطات إقليمية بدول الجوار الأفريقي لليبيا. وهذه المكونات السكانية لم تسلم هي نفسها من الانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا منذ منتصف 2014 …

سطوة قبائل “التبو” التي لديها امتدادات قوية في تشاد؛ لن تجعل مهمة حفتر ميسورة وهي نظريا مستحيلة لان الصحراء ممتدة وستتيه القوات والأهداف وعلى فرضية حدوث تلك السيطرة لن تكون إلا مؤقتة، وسيوظّفها في الترويج لنفسه بصفته رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في أي تسوية سياسية قادمة، وسيؤيده في ذلك داعموه الإقليميون، وعلى رأسهم الإمارات وخاصة مع قرب عقد الملتقى الوطني الجامع…

ومن حيث النتائج فان دق طبول الحرب في الجنوب سيعمق جراحَه ويزيد من إنهاك ساكنيه، فتراجع الأوضاع المعيشية للمدنيين، وتجدّدُ الانتهاكات وارتفاع وتيرتها في تلك المنطقة، والنقص الحاد للبنزين والمحروقات.. حمل ذلك عائلاتٍ بأكملها على النزوح نحو مدن الشمال، بحثا عن أمن واستقرار لن يقع وخاصة بعد رفض العسكري المعروف “علي كنة” التحالف معه…

رغبة حفتر، ومن ورائه الإمارات ومصر، في إشعال مزيد من الحروب في ليبيا تتصادم بقوة مع جهود المجتمع الدولي خاصة بعد زيارة سلامة لمدينة سبها الأيام الماضية حيث أجرى مشاورات مع قادة سياسيين وقبليين جنوبيين، وقال بعد الزيارة  أن هناك صعابا كبيرة وظروفا حَرِجة يعانيها أهالي الجنوب الليبي بل أنه  دعا حكومة الوفاق والمجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة وحزم لدعم الجنوب، واحتواء الأوضاع المتأزمة في مدنه ومناطقه المختلفة…

  • تنامي الصراعات وعلاقتها بما جرى ويجري في الجنوب

يُمكن القول أن الصراع في ليبيا مستمر بين الأطراف المحلية وبين الأذرع الإقليمية الخادمة والمشتغلة لقوى دولية التي ترغب في الحصول على الثروات الليبية الهائلة والنادرة، وبناء على ذلك ستتضارب و ستتقاطع المصالح مجددا بل وستعدد الساحات بين تصاعد وخفوت الجبهات خلال الأسابيع والأشهر القادمة ورغم أن المعركة الحقيقة أصبحت سياسية فان منطق خفوت ساحة واشتعال أخرى سيتواصل  وهو ما يفسر تجدد الخلافات الايطالية الفرنسية وحدة الخطاب بين البلدين وهو ما يكشف جوانب مخفية من صراع المصالح، كما ستتباين وستتبين التقاطعات المتعلقة بالتحركات العسكرية الحاصلة في الجنوب وخاصة إثر إعلان مجموعات مسلحة ولائها لحفتر بناء على إخلال الحكومة المركزية بواجباتها في مدن الجنوب حيث انعدم الأمن وغابت الخدمات ومقابل ذلك اعتمد حفتر وحلفائه الإقليميين سياسة شراء الذمم و في هذا الإطار تتنزل محاولات حفتر السيطرة على القاعدة العسكرية اللويغ (ثاني قاعدة من حيث الحجم في ليبيا و الواقعة جنوب مدينة القطرون) والمدينة الأخيرة هي آخر مدن الجنوب الغربي الليبي على الحدود مع النيجر والتشاد و التي تفصل بينها و بين القاعدة الفرنسية Madama الواقعة أقصى شمال النيجر قرابة 100 كلم،  وقاعدة اللويغ هي الآن تحت سيطرة قوة درع الصحراء و آمر هذه القوة هو إبراهيم الشحات أصيل مدينة القطرون (قوة قريبة من فبراير و موالية لحكومة الوفاق)

ومن خلال المعطيات والقراءات سالفة الذكر أعلاه، يمكن التأكيد أن الغرض من وراء محاولة السيطرة على القاعدة من طرف حفتر هو   البحث عن التمدد في فضاءات شاسعة للإيهام بالسيطرة على مساحات كبيرة من الجغرافيا الليبية غير آهلة بالسكان إثر تعثراته في الشرق الليبي وانقلاب بعض حلفائه هناك عليه، إضافة إلى عجزه عن التقدم العسكري للغرب و خصوصا في اتجاه العاصمة طرابلس التي هدد مرارا باقتحامها في سياق حربه الإعلامية و الكلامية ..

أما في الجنوب فان الهدف الأولي هو التحكم المباشر في أحد أهم مسارات الهجرة السرية العابرة من شمال إفريقيا نحو جنوب أوروبا و إيطاليا بالخصوص، وهنا يمكن التساؤل: هل سيتمثل دور حفتر المستقبلي في تجميع المهاجرين والقادمين من أثيوبية و إرتريا و جنوب السودان والتشاد و النيجر في قاعدة “اللويغ” ثم نقلهم إلى ميناء “رأس لانوف” النفطي للهجرة عبر البحر، وأثناء عبورهم للمتوسط عبر عمليات (الأكيد سيطلق عليها صفة “الإنسانية”)؟

ومن سيثب  أنه لن تكون هناك عمليات توظيف مستقبلية أو إعداد لوجستي لمقاتلين في اتجاه دول بذاتها وأنهم  لن يتم فرزهم في عرض البحر ثم تدريب بعضهم ثم إرجاع جزء منهم إلى التشاد أو غيره من البلدان لتوظيفهم في صراعات المنطقة…

بل أن السؤال الأهم: من قال أننا لسنا أمام حادثة شبيهة بحادثة الفلاشا الأثيوبيين والتي جدت أطوراها في ثمانينات  القرن الماضي والتي يذكرها كل من عايش تلك الفترة؟  ربما؟

المصدر: أسبوعية الرأي العام التونسية بتاريخ 31 جانفي 2019

أخبار, البارزة 0 comments on تركيا تتحدى واشنطن و أزمة ثقة خانقة تُعكر الأجواء

تركيا تتحدى واشنطن و أزمة ثقة خانقة تُعكر الأجواء

تعيش تركيا هذه الأيام سلسلة من التحديات التي تتفاقم يوماً بعد يوم في ظل اختلاف مصالحها مع مصالح الدول الكبرى التي تبحث عن تركيا غير تركيا التي يبحث عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهذا الأمر يجعلها في حالة صدام دائم مع مشاريع الغرب وخططه التي يسعى لتنفيذها في الشرق الأوسط، ومن هنا يمكننا أن نفهم شيئاً عن الأسباب الكامنة خلف التذبذب المستمر في العلاقة بين واشنطن وأنقرة والتي وصلت إلى طرق مسدودة في كثير من المراحل التي شهدناها خلال الأعوام القليلة الماضية، لكن هناك مجموعة من المصالح المشتركة التي يحاول الطرفان الحفاظ عليها قدر المستطاع ضمن أسلوب براغماتي يتقنه الطرفان بكل حرفية لكن “أزمة الثقة” بدأت تنخر عظام العلاقات بين البلدين بسبب الخذلان الذي تعرّضت له تركيا من حليفتها أمريكا.

تركيا

ما يؤرّق تركيا بشكل أساسي هو “متلازمة الأكراد” هذا الموضوع الذي يعدّ العصا السحرية بيد واشنطن والذي تستطيع من خلاله ترويض تركيا إلى حدود معينة، ورغم كل المحاولات التركية للإفلات من هذا الأمر إلا ان واشنطن مستمرة في استغلاله والاستفادة منه قدر المستطاع وحتى آخر رمق، فبالنسبة للأتراك كل ما يتعلق بالأكراد يجدون فيه خطراً عليهم، وعلى أمنهم القومي، بينما تجد واشنطن فيهم الحليف والورقة الرابحة التي تشكّل التوازن المطلوب على الحدود “التركية – العراقية – السورية – الإيرانية” ولكي تغضب واشنطن أنقرة نجدها تلعب معها لعبة “شدّ الحبل” والتي خسرت فيها تركيا حتى اللحظة إحدى أهم الجولات من خلال تسليمها القس الأمريكي أندرو برانسون دون أن تحصل على المعارض التركي فتح الله غولن وتعيده إلى تركيا، على الرغم من أنها حاولت استرداده بعد أن وجدت في مقتل خاشقجي فرصة لذلك من خلال الضغط على حليفة واشنطن التقليدية “السعودية” لإجبار أمريكا على تقديم بعض التنازلات مقابل طيّ تركيا ملف خاشقجي إلا أن أنقرة لم تفلح بذلك حتى اللحظة ولذلك وجدنا ملف خاشقجي مفتوحاً حتى اللحظة مع وقف التنفيذ بحق الجناة.

أمريكا

على المقلب الآخر نجد واشنطن غير واثقة بأنقرة ولا بسياسة أردوغان التي تجد فيها خطراً على مصالحها، خاصة في سوريا وفلسطين والعلاقة مع إيران وغيرها من الملفات، ومن هنا اعتبر مدير الاستخبارات القومية الأمريكية دان كوتس أن السلطات التركية تسعى إلى تحدي أمريكا في المنطقة، مشدداً على أن العلاقات بين البلدين تزداد صعوبة، وقال كوتس في كلمته يوم أمس الثلاثاء، خلال جلسة استماع في لجنة الاستخبارات لمجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأمريكي: “تمرّ تركيا، وفق تقديراتنا، بتحوّل في هويتها السياسية والقومية، الأمر الذي سيعقّد إدارة العلاقات بين واشنطن وأنقرة خلال السنوات الـ5 المقبلة”، وأوضح كوتس: “الطموحات الإقليمية لتركيا وعدم ثقتها بأمريكا بالإضافة إلى ارتفاع مستوى تسلّط زعمائها تزيد من صعوبة العلاقات الثنائية وتعزز استعداد أنقرة لتحدي أهداف سياسات واشنطن في المنطقة”، وتشهد العلاقات بين تركيا وأمريكا، الدولتان الحليفتان في إطار الناتو، توتراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة خاصة بسبب دعم واشنطن لتنظيم “وحدات حماية الشعب” الكردية، الذي تعتبره أنقرة إرهابياً وتحاربه على مدار أكثر من 3 عقود، وتجري تصريحات كوتس، الذي ينسّق أعمال 16 مصلحة ووكالة استخباراتية في أمريكا، في الوقت الذي تهدد فيه تركيا بشن عملية عسكرية جديدة في سوريا ضد المسلحين الأكراد، الذين تعاونت معهم واشنطن في الحرب ضد “داعش”.

الأكراد مجدداً

تنفّس الأكراد الصعداء عند الحديث المقتضب الذي جرى مؤخراً بين الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية الجناح السياسي لـ”قوات سوريا الديمقراطية” إلهام أحمد، ليلة الاثنين الماضية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وذلك في فندق ترامب، عندما مرّ الرئيس بطاولتها ليلقي عليها التحية، وظل في محادثة معها لمدة 10 دقائق، بحسب “سي إن إن” التي قالت: إن ترامب تصادف وجوده في فندقه لجمع تبرعات تتعلق بحملاته السياسية.

وخلال اللقاء صرّح الرئيس دونالد ترامب بكلمات وصفت بـ”المطمئنة”، ووجهها إلى الرئيسة التنفيذية إلهام أحمد، ونقلت شبكة “سي إن إن” أن الرئيس الأمريكي قال للقيادية الكردية، في اجتماع دبلوماسي غير تقليدي في فندق ترامب إنترناشونال، في واشنطن، مساء الاثنين: “أنا أحب الأكراد.”

واستغلت إلهام أحمد الزيارة المباغتة، وسألت ترامب ما إذا كان يريد أن يترك الأكراد في سوريا ليذبحهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن ترامب وعدها بألّا يفعل ذلك، وقالت السياسية الكردية، الثلاثاء: “لقد شعرنا بتحسّن كبير، لكننا لا نزال نبحث عن مزيد من الاجتماعات.

إذن ترامب يعي تماماً كيف يستفزّ الأتراك ومتى، وتركيا أيضاً تدرك تماماً كيف تتحرك في هذا الشرق، لذلك نجد الجدال يصل إلى أقصاه بين هاتين الدولتين في أغلب الحالات، خاصة وأن العلاقة بينهما معقدة كثيراً وتنطوي على عدد كبير من الملفات التي يشترك الطرفان في بعضها ويتعارضان في البعض الآخر، وكما تلوّح واشنطن بدعم الأكراد نجد تركيا تلوّح بشراء صفقة “اس 400” من روسيا، وتحذّر واشنطن من الاتجاه شرقاً في حال ضغطت عليها أكثر من ذلك، كما أنها ترتبط مع إيران بعلاقة استراتيجية متينة دفعتها لعدم مشاركة أمريكا وانصياع الدول الأخرى لفرض العقوبات على إيران.

أخبار, البارزة 0 comments on مدير الاستخبارات الأمريكية: الجيش السوري سيستعيد في العام الحالي 2019 بقية الأراضي الخارجة عن سيطرته

مدير الاستخبارات الأمريكية: الجيش السوري سيستعيد في العام الحالي 2019 بقية الأراضي الخارجة عن سيطرته

قال مدير الاستخبارات القومية الأمريكية، دان كوتش ، أن الجيش السوري سيستعيد في العام الحالي 2019 بقية الأراضي في سوريا والخاضعة لسيطرة المعارضة السورية والأكراد.

وأضاف دان كوتش في تقرير قدمه لمجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأمريكي يقول فيه أن ” قوات الرئيس السوري بشار الأسد هزمت المعارضة السورية لدرجة كبيرة ، وهي تسعى حاليا لاستعادة السيطرة على كامل سوريا ” .

وأوضح كوتش أن هدف القوات السورية في الدرجة الأولى هو استعادة إدلب وشرق سوريا ، بالتزامن مع بدء إعادة الإعمار في بقية المناطق السورية مع تعزيز اتصالاتها الدبلوماسية مع الدول الأخرى

وقال كوتش أن السلطة في دمشق ستسعى لتجنب حصول نزاعات أو حرب مع الكيان الإسرائيلي و تركيا

وأكد خلال تقريره أن مسلحي المعارضة المدعومة باستمرار من تركيا لن تكون قادرة على التصدي لقوات الجيش السوري خلال عملية استعادة إدلب

وأشار أن دمشق ستركز جهودها بشكل أكبر على استعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد شرق سوريا، موضحا ً بالقول ” أن دمشق ستحاول الاستفادة من الضعف الأمني للأكراد والضغط عليهم من قبل تركيا من أجل إبرام اتفاق مربح ، بالتزامن مع سعيها للحد من النفوذ التركي في سوريا .

وتابع : ” ستعمل دمشق أيضا على استعادة السيطرة على الأراضي الواقعة شمال غرب سوريا والتي تقع تحت النفوذ التركي ” .

وفي سياق متصل أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنه من المتوقع أن يفقد تنظيم “داعش” آخر أراض يسيطر عليها في سوريا خلال الأسبوعين القادمين، لصالح قوات تدعمها واشنطن.

وقال القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، أمس الثلاثاء: “أود أن أقول إن 99.5% من الأراضي، التي كان تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر عليها، أعيدت إلى السوريين، وسيصبح ذلك 100% في غضون أسبوعين“.

أخبار, البارزة 0 comments on السعودية تعتزم افتتاح سفارتها في سوریا خلال العام الحالي

السعودية تعتزم افتتاح سفارتها في سوریا خلال العام الحالي

كشفت صحيفة “التلغراف”البريطانية أن السعودية تعتزم إعادة علاقاتها مع سوريا وافتتاح سفارتها في العاصمة دمشق خلال العام الجاري، بعد سنوات على انقطاع العلاقات الدبلوماسية منذ الأزمة السورية عام 2011.

وأضافت الصحيفة، أن هذه الخطوة من السعودية، وهي أقوى دولة في المنطقة كانت تعارض الرئيس السوري بشار الأسد، باتت اعترافاً رسمياً بالأسد كرئيس شرعي لسوريا بعد 8 سنوات على معارضته.

و نقلت الصحيفة عن أحد الدبلوماسيين البريطانيين، قوله مع ابتسامة مرتبكة إن المحطة التالية في خدمته الدبلوماسية قد تكون دمشق، إذ “بلا أدنى شك، بعد سنة أو سنتين، سنعيد فتح سفارتنا هناك “.

وكانت العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين السعودية وسوريا بدأت بالتراجع منذ اندلاع الازمة في سوريا عام 2011 وانقطعت العلاقات بعد أن أغلقت السعودية سفارتها في دمشق، وإعلان السفير السوري في السعودية غير مرحب به مع حلول عام 2012.

وتشهد سوريا هذه الأيام عودة دفء العلاقات العربية السورية، بدأت بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق ولقائه بالرئيس بشار الأسد، إلى جانب إعلان كلٍّ من الإمارات والبحرين عن عودة افتتاح سفارتي البلدين في سوريا بعد انقطاع دام سنوات.

فيما نقلت صحيفة قبس الكويتية، أن عودة سفارة الكويت إلى دمشق مرهونة بقرارات الجامعة العربية، مشيرة أن السفارة السورية في الكويت تعمل بشكل طبيعي، ومؤكدة في الوقت نفسه أن السفارة الكويتية ستعود إلى دمشق قريباً بحسب مصدر سوري صرّح للصحيفة.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on هل ما تزال أمام نداء تونس فرصة ؟ .. بقلم خالد شوكات

هل ما تزال أمام نداء تونس فرصة ؟ .. بقلم خالد شوكات

لا بد لي من القول بداية، انه ليس لي أدنى مشكلة في ان يطرح السيد يوسف الشاهد مشروعا سياسيا على التونسيين، فان يكون بمقدور التونسيين طرح مشاريع سياسية جديدة، والمساهمة بشكل دوري في تجديد العقل السياسي الوطني، فذلك من فضائل النظام الديمقراطي، إِلَّا ان اعتراضي الوحيد – وما يزال- كما قلت هذا الامر قبل ما يزيد عن العام، فهو استغلال وسائل الدولة لبناء وإطلاق حزب سياسي، اذ هو امر شديد الخطورة على مستقبل الديمقراطية وانحراف اخلاقي وسياسي غير مقبول وقد تكون عواقبه على الجميع وخيمة.

اما بالنسبة لنا في حركة نداء تونس، وفيما عدا النقطة المشار اليها سلفا، اي اجراء انشقاق إضافي لكن بموارد الحكومة، فإننا قد اعتدنا تقريبا على هذه الحالة التي يخرج فيها علينا بعض رفاقنا ليزعموا اننا انحرفنا عن الطابع الديمقراطي والحداثي، وأنهم جاءوا لمقاومة الانحراف وتقويم المسار، وهي حجة متهافتة برأينا يفندها الموقع السياسي الذي اختاره المنشقون منذ يومهم الاول في الحكم، وهو التوافق مع الحركة التي انشقوا لاجل توافقنا معها، اي حركة النهضة ذات المرجعية الاسلامية، ومن هذا المنطلق فان من ينهى عن سلوك ويأتي بمثله يفترض ان لا يعتد كثيراً برأيه، لانه عمليا قد اختار تعويض “توافق الندية” ب”توافق التبعية”.

لكن، بالمقابل، لا يمكن لندائي صادق ان يتجاهل امر الانشقاقات المتواصلة وان ينفي حالة الوهن التي وصلنا اليها جراء اخطاء تسييرية شبه قاتلة واصرار يبلغ درجة العناد على العزة بالاثم ورغبة في عدم اجراء اي نقد او تقويم او تصحيح حقيقي، ناهيك عن الإنصات اليه والعمل بمقتضياته والشجاعة في القيام بموجباته ولو كانت مؤلمة، فقد بلغت حالة المرض الندائي درجة تستوجب حلا في مستوى الجراحة، وليس مجرد وصف مسكنات الم وتهدئة، ولعل المؤتمر الديمقراطي الانتخابي – ان تمكنا من بلوغه بطبيعة الحال- يشكل كما قال بعض الرفاق والاخوة، اخر فرصة للنداء حتى يكون قادرًا على الاستمرار في لعب دور رئيسي، والا فان مصيره لن يختلف عن مصير حزبي التكتل والمؤتمر، او الحزب الاشتراكي الدستوري الذي انتهى برحيل بورقيبة عن السلطة، والتجمع الذي انهار بانهيار نظام بن علي، اذ يقدر بعضهم ان النداء سينتهي كذلك بانتهاء عهد الباجي. 
انني – بكل تواضع- من قيادات المرحلة التأسيسية 2012/2013، وقد كنت احد أعضاء الهيئة التسييرية التي اختارها الرئيس المؤسس الباجي قاىد السبسي، عددهم خمسة وعشرون قياديا من ضمنهم الاثنى عشرة عضوا في هيئة التأسيسية، وربما اكون احد خمسة او ستة من مجموعة ال25 المشار اليها، ممن لم يغادروا الحزب لتأسيس احزاب اخرى او ممن استقالوا او جمدوا عضويتهم، وقد يكونوا تراجعوا لاحقا، ومن هنا ارى انه من واجبي ومن حقي في الوقت نفسه ان أبدي رأيا في مستقبل الحزب، في هذه اللحظة المفصلية الحاسمة التي يتوقف عليها مصير النداء الذي لا يمكن لأحد إنكار الدور الذي لعبه في تحقيق التوازن السياسي وانقاذ مسار الانتقال الديمقراطي، وبعد ان كانت تونس في طريقها الى بناء نظام احادي جديد يهيمن الاسلاميون عليه.

و لعلي أوجز رؤيتي المسقبلية للنداء في ثلاث نقاط أو رهانات أساسية: 

– النقطة الأولى: ان نخرج من المؤتمر بقيادة ندائية مقنعة، تتشكل من افضل الكفاءات الندائية، كفاءات تحوز على المواهب الضرورية في العمل السياسي والسمعة الطيّبة البعيدة عن الشبهات والقدرة على العمل المشترك والإيمان بخصائص النداء التاريخي في التنوع والوسطية والاعتدال والحداثة والوطنية. وعلى الرغم من كل الانشقاقات التي حصلت، فان خزّان النداء ما يزال يتوفّر على العديد من القيادات الوطنية والجهوية والمحلية والنسوية والشبابية التي تتوفر على المطلوب من القدرات لربح الرهانات السياسية والانتخابية القريبة القادمة، ومنح النداء نفسا جديدا يرمم صورته المهشمة والمشوهة. 

– النقطة الثانية: ان نخرج من المؤتمر برؤية مستقبلية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، يجري تضمينها في وثائق ولوائح وبيانات واضحة، فكرية وسياسية وتنموية اقتصادية واجتماعية، تستند الى مفهوم مبدئي وواقعي في نفس الوقت للنداء باعتباره نسخة معاصرة لحزب الحركة الوطنية الاصلاحية التونسية، وبالرغم من كل ما قيل وما يقال عن النزعة “البرغماتية” والمحددات الغنائمية لحركة نداء تونس، فان للحركة رصيدا من الوثائق المكتوبة والمرئية والمسموعة لا يستهان به، ارتبطت خاصة بمحاولات التأثيث الفكري والسياسي خلال المرحلة التأسيسية، لا مناص من الاستفادة منه في هذه المرحلة التأسيسية الجديدة التي تحتاج قدرا من الإحياء والتجديد في آن.

– النقطة الثالثة: ان نخرج من المؤتمر بمؤسسات حزبية واضحة المعالم وثابتة، تعكس الرغبة في بناء حزب ديمقراطي مؤسساتي قادر على ربح رهان الاستدامة وتجاوز البعد “الشخصاني”، ويليق فعلا بتمثيل التراث السياسي الوطني الاصلاحي، ويصحح الصورة التي التصقت بالنداء خلال السنوات الماضية، في علاقة ب”الباتيندا” وجماعات الضغط والمصالح الضيقة، فالمؤسسات الديمقراطية وحدها هي التي تضمن للأحزاب الكبرى ديمومتها وتربط القوانين بالفضيلة وتفتح المجال امام المواهب لارتقاء اعلى سلم الحزب والدولة، ودون مؤسسات ستنهار البنى تباعاً وستنحدر الممارسة الحزبية الى ما يقود الى نهاية موشكة قريبة، خصوصا في ظل نظام ديمقراطي يقوم على لعب سياسي مفتوح البقاء فيه سيكون في النهاية للأصلح.

ثمّةَ من الاصدقاء و الرفاق و الاخوان من يقول لنا انكم تنفخون في جسم ميّت، وثمة من يؤكد على ان المشروع الندائي قام منذ البداية على أسس خاطئة غير قابلة للتصحيح، كما ثمّةَ من يشير الى الطابع “الغنائمي” البنيوي للنداء فيما يتصل بالعلاقة بالدولة، الى جانب من يقول بأن العناصر الندائية الجيدة قد غلبتها العناصر “المافيوزية” وانتهى امرها.. كل هذه الامور واردة ولا يمكن تهميشها او تجاهلها، لكن الثابت عندي وعند عدد من المساهمين في التأسيس حريصون كل الحرص على القيام بواجبنا تجاه حزبنا الى اخر رمق، فان كانت النهاية محتومة فلتكن إذًا مشرفة من خلال قيامنا بواجبنا في النقد والنصح والتوجيه والتصحيح ما استطعنا، والله من وراء القصد والله ولي التوفيق.

 

 

*قيادي في حركة نداء تونس

البارزة, وجهات نظر 0 comments on كلفة عدم بناء المغرب الكبير .. بقلم امحمد مالكي

كلفة عدم بناء المغرب الكبير .. بقلم امحمد مالكي

ستحُل بعد أيام قليلة الذكرى الثلاثون لإنشاء “اتحاد المغرب العربي” (17 شباط/ فبراير 1989 – 17 شباط/ فبراير 2019)، وسيتم، دون شك، التذكير بهذه المناسبة عبر وسائل الإعلام، والتباكي على النتائج المتواضعة والضعيفة التي جنتها شعوب المنطقة من هذا التنظيم الإقليمي، الذي أحيطت به عند تأسيسه العديد من الرهانات، والكثير من الآمال والتطلعات.

كنت شاهدا على إبرام معاهدة مراكش المعلِنة عن ميلاد “اتحاد المغرب العربي”، وواكبت، كمواطن يقطن في مدينة “ابن رشد الحفيد” (مراكش)، التصريحات والتطلعات التي عبر عنها قادة الدول الخمس الموقّعِين على وثيقة التأسيس (موريتانيا – المغرب – الجزائر – تونس – ليبيا)، وساهمت كباحث ببعض الكتابات عن طبيعة هذا الاتحاد، وأبعاده، والآفاق المتاحة أمامه. وتعاقبت السنون وبقيت مواظبا على مواكبة مسار هذا الاتحاد، وتأرجحه بين المدِّ والجزر، وكل سنة كانت تمُر دون التقدم على طريق الإنجاز، كما نضيّع فرصاً وإمكانيات، وكنا نخلف موعدَنا مع التاريخ، أي كنا نفرّط في ما أتاحت الاتحادات الناجحة لغيرنا من سُبل التطور ومصادر اكتساب المناعة وامتلاك القوة الجماعية.

سيُنهي الاتحاد المغاربي بعد أيام عقدهُ الثالث، ورصيده من الإنجازات التي تضمنتها معاهدته ووقع عليها قادتُه، وباركتها شعوبه، ضعيفة ولا تدعو بالجملة إلى الوقوف عندها. فباستثناء عملية الهيكلة والتأسيس، أي إرساء الأجهزة التي تم التنصيص عليها في المعاهدة، وعقد بضع دورات لمجلس الرئاسة بحسبه أعلى هيئة مقررة في البناء المشترك، لم تُسفر العقود الثلاثة عن نتائج واضحة، وازنة وفعلية، بسبب التوتر الذي ساد علاقات بعض أطرافه (المغرب والجزائر)، والذي أفضى إلى توقف انعقاد مجلس رئاسته منذ العام 1994. وحين توقف الرأس عن الاشتغال والمبادرة، طال الجمود كل أعضاء الجسم وأطرافه. ومرة أخرى أضاع المغاربيون موعدهم مع التاريخ، كما أضاعوه عام 1958 في أعقاب انعقاد مؤتمر طبنجة والإعلان عن إنشاء “اتحاد كونفدرالي”، وأعادوا إضاعته سنة 1974 مع الدعوة إلى تأسيس الوحدة الاقتصادية، من خلال ما سمي وقتئذ “مؤتمر وزراء الاقتصاد” والمؤسسات المنبثقة عنه.

 

باستثناء عملية الهيكلة والتأسيس، أي إرساء الأجهزة التي تم التنصيص عليها في المعاهدة، وعقد بضع دورات لمجلس الرئاسة بحسبه أعلى هيئة مقررة في البناء المشترك، لم تُسفر العقود الثلاثة عن نتائج واضحة

ثمة خيط رابط بين لحظات الضياع الثلاث، يمكن من خلاله تفسير تعثر المشروع المغاربي والكلفة التي تؤديها الشعوب المغاربية جراء هذا التخلف.. إنه عدم تنزيل البناء المغاربي المشترك منزلة القضية الاستراتيجية ذات الأولوية، والتي يجب تعبئة كل الطاقات والإمكانيات من أجل نجاحها واستمرارها حيةً ومتجددةً ومؤثرةً في الحياة العامة للمنطقة. أما القصد بـ”الاستراتيجية” في هذا المقال، فيعني عدم امتلاك الإرادة الواعية واللازمة للبحث عن المشترك من أجل تغليب فرص البناء على عناصر الفُرقة والتباعد.

تُشكل ثنائيةُ “المغرب – الجزائر” عُقدة تفسير التعثر الحاصل في البناء المغاربي المشترك ومفتاح الحل، لاعتبارات متعددة، أبرزها وزن الدولتين الديمغرافي، والسياسي والاقتصادي. وإذا كان للدول الثلاث الأخرى مكانتها في البناء الجماعي، فإن للمغرب والجزائر القدرة على إعاقة هذا البناء أو إنجاحه، دليلنا في ذلك أن مقررات مؤتمر طنجة لعام 1958، توقف تنفيذها بعد إعلان استقلال الجزائر سنة 1962، ودخولها فما سمي “حرب الرمال” عام 1963، وأخفقت صيغة “مؤتمر وزراء الاقتصاد” عام 1975 للأسباب نفسها، أي توتر العلاقات المغربية الجزائرية. أما “اتحاد المغرب العربي” فتوقف بدوره سنة 1994 في أعقاب الهجوم الإرهابي على مواقع سياحية في مدينة مراكش، تورط فيها أشخاص من أصول جزائرية.

ثمة أسباب عديدة لتفسير مصادر التوتر المغربي الجزائري، منها ما هو وجيه وموضوعي، والكثير منها ذاتي ولا يستند إلى العقل والمنطق. لنترك الجوانب الذاتية وغير المنطقية جانبا، وننظر إلى العناصر العقلانية في البناء المغاربي المشترك، أي الضرورات التي تعمّ بالخير العام والفائدة على شعوب المنطقة، وتُؤمن سبل المناعة والقوة لبلدانها. ولنعزز نظرنا بالممارسات المُثلى التي راكمتها التجارب الناجحة من حولنا، ونطرح سلسلة من الأسئلة عسى أن نمسك بجوهر هذه الضرورات.

 

أسباب عديدة لتفسير مصادر التوتر المغربي الجزائري، منها ما هو وجيه وموضوعي، والكثير منها ذاتي ولا يستند إلى العقل والمنطق

فما الذي يمنع الجزائر والمغرب من فتح حوار صريح وموضوعي عن كل القضايا الخلافية التي تؤجج التوتر بينهما؟ وما الذي يمنعهما من تقديم نقد ذاتي متبادل عن الأخطاء (إن وجدت) والنظر إلى المستقبل على أسس جديدة ورؤية مغايرة؟ وما الذي يمنع من إشراك مواطني البلدين في إبداء رأيهم بشكل حر وإرادي في قضية البناء المشترك؟ لماذا لا تُفتح الحدود البرية وإتاحة فرصة انسياب الأشخاص والأموال بين البلدين، بالقانون ووفق أحكامه وآلياته؟

يُقنعنا التاريخ وتجارب الاتحادات الناجحة أنه لا خيار أمام الدول المتجاورة، والتي تجمعها روابط قوية، سوى وسيلة الحوار الصريح والصادق والمسؤول، كما ليس أمامها أفق سالك سوى العمل المستمر من أجل المشترك، ونبذ الخلافات، أو على الأقل ترشيد خسائرها.. ألم يكن تاريخ ألمانيا وفرنسا وديان دماء، وحروبا لا حدود لها؟ ومع ذلك أقنعت آفة الحرب وكوارثها البلدين بأن قوتهما في وحدتهما، أي في تعاونهما وبحثهما المستمر والصادق عن المشترك، الذي يعم بالفائدة والخير العام على شعبيهما وشعوب فضائهما التاريخي والحضاري.

إن كلفة عدم بناء المغرب الكبير كبيرة وفادحة، وقد قدر قيمتها البنك الدولى منذ سنوات بفقدان 2 في المئة من الناتج الخام الوطني لكل دولة مغاربية. والمؤسف أن الضياع ما زال مستمرا باستمرار تعثر المشروع، ولا يُعرف على وجه اليقين متى يتوقف الضياع، وتهب ريح الوعي على عقول النخب المغاربية.

أخبار, البارزة 0 comments on هل رفضت تونس و الجزائر تحليق نتنياهو بأجوائهما نحو المغرب ؟

هل رفضت تونس و الجزائر تحليق نتنياهو بأجوائهما نحو المغرب ؟

كشف موقع “أنباء تونس” نقلا عن مصادر جزائرية وصفها بـ”الموثوقة” رفض السلطات التونسية و الجزائرية “بشدة” السماح لطائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتينياهو، عبور الأجواء التونسية و الجزائرية في اتجاه المغرب الذي كان من المبرمج أن يزورها.

و أفادت ذات المصادر، أن مسؤولين فرنسيين و أمريكيين و إسبانيين و سعوديين و إماراتيين مارسوا ضغوطات كبيرة على المسؤولين التونسيين و الجزائريين من أجل إعطاء الضوء الأخضر لاختراق طائرة رئاسية إسرائيلية أجواء البلدين بهدف العبور إلى المغرب، مع الالتزام بإبقاء الأمر طي السرية و الكتمان، و عدم تسريبه للصحافة حتى لا يتسبب في ردة فعل شعبية غاضبة على حكومتي البلدين، لكن دون جدوى.

و أكدت المصادر ذاتها أن السلطات التونسية و الجزائرية رفضتا اقتراحا فرنسيا آخر يقضي بإرسال طائرة مغربية لنقل رئيس الوزراء الإسرائيلي و عبور الأجواء التونسية و الجزائرية بشكل عادي و غير ملفت للانتباه، فيما يشبه التمويه، و لم تستبعد نفس المصادر أن يكون هناك تنسيق تونسي جزائري حول هذا الرفض.

فيما قالت مصادر أخرى، إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كان من المفروض أن يزور المغرب، في نهاية جانفي الجاري، لكن السلطات المغربية طلبت تأجيل الزيارة إلى موعد آخر سيتم تحديده لاحقًا.

و أفادت المصادر نفسها، أن مصالح الطيران المدني في إسبانيا كانت على علم بأن طائرة مسؤول إسرائيلي بارز ستتعامل مع مصالح المراقبة في مطار بجنوب إسبانيا، أثناء الرحلة من فلسطين المحتلة إلى بلد مغاربي يعتقد على الأرجح أنه المغرب، كما أن وفدا أمنيا إسرائيليا زار المطار ذاته يوم 15 جانفي الجاري في إجراء يهدف لتأمين الزيارة، قبل أسبوعين من تنفيذها، إلا أن الزيارة أجلت في نهاية المطاف لأسباب مجهولة، وفق صحيفة “أنباء تونس”.

و كانت نتاع بار، مراسلة صحيفة إسرائيل اليوم، ذكرت أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “قد يقوم قريبا بزيارة إلى إحدى دول شمال أفريقيا في شهر مارس المقبل، فيما ذكر مصدر كبير أبلغ صحيفة ناطقة بالفرنسية أن نتنياهو سوف يزور المغرب “.
 
و أضافت أن “نتنياهو سيحضر معه مبادرة أمريكية للملك المغربي محمد السادس هدفها حل الصراع المستمر في الصحراء المغربية التي ترى فيها المملكة المغربية جزءا لا يتجزأ من أراضيها”. 

و أوضحت أن نتنياهو “معني بزيارة المغرب كجزء من حملته الطبيعية مع الدول العربية و الإسلامية، كما أنه يرغب بالتقارب مع المغرب، و استغلال موقعها في العالمين العربي و الإسلامي كرئيسة للجنة القدس، لمحاولة التعاطي مع صفقة القرن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.