أخبار, البارزة 0 comments on تعرف على قضية الصحراء الغربية التي أثارت “أزمة” بين السعودية و المغرب

تعرف على قضية الصحراء الغربية التي أثارت “أزمة” بين السعودية و المغرب

ذكرت وسائل إعلام مغربية أن الرباط استدعت سفيرها لدى السعودية للتشاور، فيما يشير إلى خلافات بين البلدين.

و أكد السفير مصطفى المنصوري استدعاءه من الرياض للموقع الإخباري (360) المؤيد للحكومة.

و أضاف المنصوري للموقع الإخباري أن المغرب و السعودية تربطهما علاقات قوية قديمة تمر حاليا “بسحابة عابرة”.

و قال مسؤول حكومي لرويترز إن المنصوري موجود في المغرب منذ نحو أسبوع دون أن يحدد المسؤول سببا لذلك.

وقال السفير للموقع الإخباري (360) إن استدعاءه يرجع إلى قيام قناة العربية التلفزيونية التي وصفها بأنها مقربة من الدوائر الحاكمة في السعودية ببث تقرير مصور يخالف الموقف المغربي من قضية الصحراء الغربية.

وأيدت السعودية ودول الخليج العربية الأخرى تقليديا سيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر باستقلالها.

لكن ما هي تفاصيل قضية الصحراء الغربية ؟

الصحراء الغربية منطقة شاسعة تقع شمال غربي افريقيا و مساحتها حوالي 266 ألف كيلومتر مربع، و يدير المغرب نحو 80 في المئة منها والباقي تديره جبهة البوليساريو.

و تشير التقديرات إلى أن عدد السكان حوالي نصف مليون، يتوزعون على المدن الرئيسية في المنطقة، التي خضعت للاستعمار الإسباني في الفترة الممتدة من 1884 إلى 1976 وبعد خروجه تنازع عليها المغرب وجبهة البوليساريو.

فقد صعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما اتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.

وفي 16 أكتوبر 1975 أعلن المغرب تنظيمه “المسيرة الخضراء” باتجاه منطقة الصحراء، و في جانفي 1976 أُعلن عن قيام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” بدعم من الجزائر.

وبدأ المغرب مطلع ثمانينيات القرن الماضي ببناء جدار رملي حول مدن السمارة والعيون وبوجدور لعزل المناطق الصحراوية الغنية بالفوسفات والمدن الصحراوية الأساسية، وجعل هذا الجدار أهم الأراضي الصحراوية في مأمن من هجمات البوليساريو.

وتعزز موقف المغرب بتخلي ليبيا منذ 1984 عن دعم البوليساريو و انشغال الجزائر بأزمتها الداخلية.

وتعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية والانسانية في العالم.

ولجأ خلال هذه الحرب الكثير من الصحراويين إلى الجزائر حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.

ويتباين تقدير عددهم حيث ينسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية القول إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و 125 ألف لاجئ.

وتشير وكالات الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظل ظروف صعبة.

جبهة البوليساريو

اسم البوليساريو انتقاء للحروف الأولى لعبارة اسبانية تعني: “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”.

و تأسست الجبهة في 20 ماي 1973 بهدف إقامة دولة مستقلة في الصحراء الغربية.

وبدأ النشاط العسكري للبوليساريو أثناء الاستعمار الإسباني للمنطقة وقد تلقت مساعدات من ليبيا والجزائر.

و أعلنت ما بين 1975 و 1976 تأسيس “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وشكلت حكومة في منطقة تندوف بأقصى الجنوب الجزائري.

وتولى رئاسة الجبهة مصطفى سيد الوالي الرقيبي لمدة ثلاث سنوات منذ تأسيسها عام 1973 حتى مقتله في 9 جوان 1976 خلال هجوم على العاصمة الموريتانية نواكشوط، فخلفه محمد عبد العزيز أمينا عاما للجبهة ورئيساً لمجلس قيادة الثورة من أوت 1976 حتى وفاته في ماي عام 2016 عندما تولى إبراهيم غالي.

الجزائر

وتقول الجزائر إن دعمها للبوليساريو مسألة مبدأ مثل دعمها لنيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا من قبل ودعمها للقضية الفلسطينية، بينما يرى بعض المراقبين أن العلاقة بين الجزائر والجبهة باتت تاريخية.

ويقول الضابط الجزائري السابق، أنور مالك إن سبب هذا الدعم الجزائري لا يتعلق بما تعلنه الجزائر من “عدالة القضية” فقط، “بل لأن الجزائر وجدت فرصة لتصفية حسابات قديمة ومتجددة مع المغرب، حيث إن له أطماع معروفة في الصحراء الجزائرية وأيضا توجد منافسة على الزعامة في المغرب العربي”.

وكانت منظمة الوحدة الأفريقية أول من بادر للبحث عن تسوية للقضية، وخاصة في مؤتمرها التاسع عشر المنعقد بأديس أبابا عام 1983. لكن انسحاب المغرب عام 1984 من المنظمة عندما اعترفت بـ”الجمهورية العربية الصحراوية” عرقل مساعيها.

وقد لعبت الجزائر دورا بارزا في دعم قضية استقلال الصحراء الغربية على المسرح السياسي الدولي وفي هذا الإطار جاء اعتراف منظمة الوحدة الأفريقية بالحكومة الصحراوية.

واستمر غياب المغرب عن المنظمة حتى عاد إلى عضوية الاتحاد الإفريقي في يوليو/تموز عام 2016 رغم استمرار اعتراف الاتحاد بالجبهة، لكن عودة المغرب كان لها أسبابها المرتبطة بالواقع السياسي والاقتصادي للمنطقة.

الأمم المتحدة

و منذ عام 1988 طرحت الأمم المتحدة حلولا متنوعة للقضية شملت الاستفتاء‏ الذي كان مطروحا خلال ثمانينيات القرن الماضي والذي كان سيؤدي إلى أحد خيارين، الأول الانضمام للمغرب‏ وهو أمر ترفضه البوليساريو ، والثاني الانفصال عنه وتكوين دولة الصحراء الغربية المستقلة وهو أمر غير مقبول للمغرب.

و قد وضعت الأمم المتحدة الترتيبات الكاملة لتنظيم عملية الاستفتاء بدءا بإقرار وقف إطلاق النار بين الجانبين عام 1991، لكن عملية الاستفتاء تعطلت بسبب عدم الاتفاق على من يحق له المشاركة فيه.

و كان هناك اقتراح منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا واسعا تحت الإدارة المغربية، فرفضت البوليساريو الاقتراح‏‏ وتضامنت معها الجزائر في حين وافق المغرب.

وطرح كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة خيار التقسيم حلا رابعا عام ‏2002 على أن يكون للمغرب الثلثان وللبوليساريو الثلث، فرفض المغرب.

وفي عام 1991، بدأت الأمم المتحدة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية.

و هدد المغرب في عام 2016 بعدم السماح لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العاملة في الصحراء الغربية بعد أن استخدم الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، خلال زيارته لمدينة تندوف، تعبير “الاحتلال” في إشارة إلى ضم المغرب لمنطقة الصحراء بعد انسحاب الاستعمار الاسباني عام 1975.

و قد عبرت الولايات المتحدة مرارا عن مساندتها للخطة التي طرحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكما ذاتيا، معتبرة الخطة “واقعية وذات مصداقية”.

و كانت الرباط قد طرحت في عام 2007 خطة تمنح الصحراء بموجبها قدرا كبيرا من الحكم الذاتي ولكن مع الاحتفاظ برموز السيادة المغربية كالعلم والنشيد الوطني والعملة المغربية.

أخبار, البارزة 0 comments on لماذا رفضت إندونيسيا فكرة الدولة الإسلامية و كيف صارت نموذجاً للتسامح و التعددية ؟

لماذا رفضت إندونيسيا فكرة الدولة الإسلامية و كيف صارت نموذجاً للتسامح و التعددية ؟

بعد زيارته لها في صيف العام 2010، أشاد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بالتجربة الديمقراطية في إندونيسيا، واعتبرها نموذجاً لقيم التسامح والتعددية. أما وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون فاعتبرتها نموذجاً للديمقراطية في العالم الإسلامي. فما سبب هذا الاعجاب. وكيف تشكلّ هذا النموذج ؟ وباعتبارها البلد المسلم الأكبر، ما الدور الذي لعبته الحركات الإسلامية في هذا النموذج، وما هو موقعها منه، عبر مختلف مراحل تشكيله ؟

في مواجهة المستعمر

تعود نشأة الأشكال الأولى للتنظيمات السياسية الإسلامية في إندونيسيا إلى بداية القرن العشرين، عندما كانت إندونيسيا تحت سيطرة الاستعمار الهولندي، وكانت هذه النشأة مرتبطة بتشكّل الهوية والوطنية والنضال ضد المستعمر. وفي عام 1912 تشكّلت “الرابطة الإسلامية”، أول حزب سياسي وطني، والتي تعتبر الجذر لكل الحركات والجماعات الإسلامية التي ظهرت في إندونيسيا لاحقاً.

كانت الرابطة تتألف من الجمعيات الإسلامية وتجمعات المقاومة ومدارس التعليم الديني، وكان البعد الإسلامي فيها متداخلاً مع الأبعاد القومية والوطنية والتحررية، ورغم ظهور عدد من الجمعيات التي ركزّت على الجوانب العلمية والخيرية، كالجمعية المحمدية (1912)، وجمعية الإصلاح والإرشاد (1914) ونهضة العلماء (1926)، إلا أنّ الرابطة بقيت الأكثر ارتباطاً بالجانب السياسي. وفي الحرب العالمية الثانية، شاركت الرابطة في النضال ضد الاستعمار الياباني للبلاد، حتى نهاية الحرب عام 1945.

طلاب يدرسون في كُتّاب بجزيرة جاوا.. زمن الاستعمار الهولندي

طلاب يدرسون في كُتّاب بجزيرة جاوا.. زمن الاستعمار الهولندي

 

“دار الإسلام”.. حيث يسود حكم الشريعة

وبعد استقلال البلاد عام 1945، وصل الرئيس سوكارنو إلى الحكم، وهو الزعيم القومي الذي انخرط في حركة التحرر وأصبح أبرز قادتها، وكان مع رفاقه يمثل التيار العلماني داخل الرابطة الإسلامية، في حين كان القيادي الإسلامي “سيكارماجي كارتوسويرجو” (Sekarmadji Kartosoewirjo) قائد التيار الديني، الذي كان يسعى لتطبيق الشريعة. ورغم الخلافات، إلّا أنّ التيارين كانا في توافق قبل الاستقلال؛ توحيداً للصفوف في مواجهة المستعمر. وهو ما انقلب بعد الاستقلال.

التيار الإصلاحي الإندونيسي يمتثل في ثلاث منظمات هي: منظمة نهضة العلماء والجمعية المحمدية إضافة إلى رابطة الطلاب الإسلاميين

أصبح سوكارنو رئيساً للبلاد، وقامت اللجنة التحضيرية للاستقلال والمُكلّفة بكتابة الدستور بشطب النصّ على الحكم بالشريعة، مراعاةً لمطالب الأقليات غير المسلمة (حوالي 12% من السكان). وأعلن سوكارنو عن المبادئ الخمسة لحكم البلاد، والشهيرة بـ “البانتشاسيلا”، دون ذكر الحكم بالشريعة بينها، وهي: الإيمان بإله واحد، وإنسانية عادلة ومتحضرة، ووحدة إندونيسيا، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وعلى إثر ذلك، قرر كارتوسويرجو الإعلان عن قيام دولة إسلامية إندونيسية في جزيرة “آتشيه”، وكانت المناطق التي تخضع لحكمه تسمى باسم “دار الإسلام”، باعتبار أنّ حكم الإسلام و الشريعة هو المطبّق فيها، ومن هنا جاء اسم حركته “حركة دار الإسلام”.

تصاعد الصراع بين الحركة المتمردة وسوكارنو وتحوّل إلى صراع مسلح خلال الخمسينيات، إلى أن تم إخماده مع اعتقال كارتوسويرجو عام 1962، ومن ثم تنفيذ حكم الإعدام بحقّه، لتنتهي بذلك المرحلة الأولى من التجربة الإسلامية في إندونيسيا المعاصرة.

كارتوسويرجو.. لحظة تنفيذ حكم الإعدام عام 1962

كارتوسويرجو.. لحظة تنفيذ حكم الإعدام عام 1962

 

دولة إندونيسيا الإسلامية.. إعادة البعث من جديد

تزايدت الاضطرابات في عهد سوكارنو مع المحاولة الانقلابية الشيوعية، وما تبعها من انتهاكات وحملات قتل وسجن وتعذيب. وفي عام 1967 انتهت الأمور إلى تعيين سوهارتو رئيساً بسبب تدهور حالة سوكارنو الصحية.

اتجه سوهارتو لفتح الباب أمام مظاهر الأسلمة المتزايدة في سبعينيات القرن الماضي، وذلك في إطار مساعي مواجهة الشيوعية واليسار، خاصّة بعد سقوط “سايغون” عاصمة فيتنام الجنوبي، وانتشار الثورات الشيوعية إلى دول الجوار، ككمبوديا ولاوس.

منظرو تيار الإسلام الإصلاحي يشتركون في رفض فكرة الدولة الإسلامية و الدعوة لـ “إسلام ليبرالي” يتبنى قيم الحرية والتسامح والتعددية

في مرحلة السبعينيات، شهدت الحركات الإسلامية الإندونيسية تطوّرات مهمّة، تمثّلت في صعود تيار إسلامي متطرّف، بدايةً من ظهور حركة “كوماندو جهاد”، التي أعلنت الحكومة منتصف عام 1977 اعتقال (185) عنصراً منها، ووجهت لهم تُهَم الانتماء إلى تنظيم إرهابي. وكان تنظيم “كوماندو جهاد” يسعى لإحياء جهود كارتوسويرجو لتأسيس “دولة إندونيسيا الإسلامية”، وبالتالي فإن هذا التنظيم اعتبر بمثابة استمرار لحركة “دار الإسلام”.

وتبع ذلك ظهور التنظيم الذي عُرف باسم “ارهاب ورمان” بقيادة “موسى ورمان”، وانصبّ تركيز هذا التنظيم على استهداف المخبرين؛ انتقاماً لاعتقالات واسعة طالت قياديين إسلاميين نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات.

إعدام أحد عناصر تنظيم "كوماندو جهاد"

إعدام أحد عناصر تنظيم “كوماندو جهاد”

 

“الثورة الإسلامية” و”القاعدة”.. في إندونيسيا

و بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، طلب موسى ورمان الدعم من الخميني، في حين أعلن “عمران بن زين” عن تشكيل “المجلس الثوري الإسلامي الإندونيسي” بقيادته، مستوحياً فكرة المجلس من الثورة الإيرانية.

 

وفي هذه المرحلة، برز اسم “أبو بكر باعشير”، الذي أسس رفقة “عبدالله سونغكار”، وبعد خروجهما من السجن وانتقالهم إلى ماليزيا عام 1982، “الجماعة الإسلامية”، قبل سنوات من الإعلان عن إطلاقها رسمياً عام 1993. وتزامن انطلاق عمل الجماعة مع انطلاقة الحرب في أفغانستان ضد السوفييت، فنسّقت مع “مكتب الخدمات” (على الحدود الباكستانية-الأفغانية)، والذي كان مسؤولاً عن تجنيد “المجاهدين”، فكانت الجماعة تتولى مهمة إرسال المقاتلين من إندونيسيا وعموم جنوب شرق آسيا. وقد وصل عدد المقاتلين الإندونيسيين في أفغانستان إلى نحو ثلاثة آلاف.

رغم الضربات القوية التي تلقاها، فإنّ التيار الجهادي الإندونيسي عاد للحياة من جديد مؤخراً

وفي عام 1998 وبعد نهاية حكم سوهارتو، عاد باعشير وسونغكار إلى إندونيسيا، ووفق تقرير نشرته المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (ICG) عام 2003، فإنّ الجماعة قامت بالتواصل مع أسامة لادن زعيم تنظيم القاعدة، و تلقت منه الدعم، للتحول بذلك إلى فرع محلي للتنظيم العالمي.

ومع مطلع الألفية الجديدة تلقت الجماعة ضربة قاصمة بعد توجيه الاتهام لها بالوقوف وراء تفجير بالي عام 2002، وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا عام 2004، وما تبع ذلك من موجة اعتقالات وإعدامات طالت قياديي الجماعة وعناصرها، وانتهت باعتقال باعشير عام 2005.

ورغم الضربات القوية التي تلقاها، فإنّ التيار الجهادي الإندونيسي عاد للحياة من جديد مؤخراً، مع انخراط أعداد من الاندونيسيين في الصراع السوري، وانضمام نسبة منهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما جاءت ارتداداته مع هجوم جاكرتا في كانون الثاني (يناير) عام 2016، الذي أثار المخاوف من هذه العودة.

تم اعتقال أبو بكر باعشير عام 2005

تم اعتقال أبو بكر باعشير عام 2005

 

عودة الديمقراطية.. و حضور إسلامي متواضع

بلغت الأزمة الاقتصادية ذروتها عام 1997، وكانت إندونيسيا أشدّ الاقتصادات تضرراً من الأزمة الآسيوية ذلك العام. وفي يوم 12 أيار (مايو)، وعلى إثر ضغوطات وحراك شارع قادته حركات طلابية، أعلن سوهارتو استقالته وتنحّيه عن السلطة لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في المشهد السياسي الإندونيسي وليبدأ بذلك فصل جديدة من قصّة الإسلاميين في إندونيسيا.

 

استلم يوسف حبيبي السلطة لمدة عام، وضع خلاله الأسس لحقبة ما بعد سوهارتو، وقاد عملية التحوّل الديمقراطي. وفي عام 1999 جاءت أول انتخابات ديمقراطية، ورغم هذا التحوّل، إلا أنّ الأحزاب الإسلامية لم تتمكن من تحقيق الانتصار منذ ذلك الحين.

بلغت الأزمة الاقتصادية ذروتها عام 1997، وكانت إندونيسيا أشدّ الاقتصادات تضرراً من الأزمة الآسيوية ذلك العام

ففي عام 1999 كانت الغلبة لحزب “النضال من أجل الديمقراطية”، في حين لم تحقق الأحزاب الإسلامية مجتمعةً أكثر مما نسبته 20% من المقاعد في مجلس الشعب. وفي عام 2004، فاز حزب “جولكار”، وفي عام 2009 عاد حزب النضال من أجل الديمقراطية للصدارة من جديد، وهكذا استمرت سيطرة الأحزاب العلمانية، في حين لم تتجاوز الأحزاب الإسلامية مجتمعة نسبة الثلث من مجموع الأصوات.

وبعد انتخابات عام 1999، ووصول الأحزاب الإسلامية إلى مجلس الشعب، ورغم عدم سيطرتها وتشكيلها أغلبية، إلاّ أنّ المسعى الأول على جدول أعمالها كان المطالبة بإعادة استدخال النصّ الخاص بحكم الشريعة في الدستور، وفي عام 2001 جاءت محاولة اقتراح هذا المطلب، إلا أنّ مجلس الشعب رفض الاقتراح بأغلبية 81%.

“العدالة والرفاهية”.. تحولات أيديولوجية

شاركت أربعة أحزاب إسلامية التوجّه في الحكومات المتعاقبة، وكان “العدالة والرفاهية” أبرزها حضوراً. و يعود تأسيس الحزب إلى العام 1998، وقد نشأ من رحم “حركة التربية”، التي نشطت منذ الثمانينيات، وتألفت بالأساس من طلبة الجامعات، وتركزّت جهودها على الدعوة.

كانت مشاركة الحزب الأولى في انتخابات العام 1999، وحصل فيها على نحو (1.44) مليون صوت و(7) مقاعد، ثم في عام 2004، حصل على (8.325) مليون صوت و(45) مقعداً، وفي 2009 حصل على (8.2) مليون صوت و(57) مقعداً، وفي عام 2014، حصل على (8.48) مليون صوت و(40) مقعداً. وقد عرف الحزب تحولات أيديولوجية كبيرة؛ ففي مرحلة التأسيس كان أقرب لحركات الإخوان المسلمين التقليدية وكان ينادي بحكم الشريعة، أما اليوم فقد تحوّل إلى حزب وطني يتبنّى مبادئ “البانتشاسيلا”.

أنيس متى القيادي بحزب العدالة والرفاهية في مهرجان انتخابي للحزب

أنيس متى القيادي بحزب العدالة والرفاهية في مهرجان انتخابي للحزب

 

التيار الإصلاحي: لا نريد دولة إسلامية!

ويعود السبب في ضعف حضور الإسلام السياسي في إندونيسيا إلى وجود اتجاه إسلامي بديل، وهو عبارة عن تيار من التجمعّات الإصلاحية التي تتبنى رؤية ليبرالية وعلمانية ولا تدعو إلى تحكيم الشريعة. و يتمثّل هذا التيار في ثلاث منظمات بالأساس، وهي: منظمة نهضة العلماء، والجمعية المحمدية، إضافة إلى رابطة الطلاب الإسلاميين.

الجمعية المحمدية هي الأقدم بينها، يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1912، على يد المفكّر والمجدد الإسلامي “أحمد دحلان” الذي كان متأثراً بفكر محمد عبده الإصلاحي، وبحسب ما تعلن عنه الجمعية، فإنّ عدد أعضائها اليوم يقدّر بـ (50) مليون، وهي تمتلك وتدير نحو (500) مستشفى و(171) جامعة و(9277) مدرسة.

أما منظمة “نهضة العلماء” فتأسست عام 1926، على يد الفقيه الشافعي “محمد حسيم”، وقد وصل عدد الأعضاء المنتسبين لها عام 2003 إلى (40) مليون إندونيسي، وقد اعتبرها معجم أكسفورد عن “الإسلام و السياسة” الصادر عام 2013، أكبر منظمة إسلامية مستقلة في العالم. تشرف المنظمة على سلسلة من المدارس العلمية التي تتبع المذهب الشافعي، وعلى عدد كبير من المستشفيات والجمعيات الخيرية.

أما رابطة الطلاب الإسلاميين، فتأسست عام 1947 بمبادرة من الأستاذ الجامعي “لافران بان”، ويقدّر عدد أعضائها اليوم بعشرة ملايين عضو، وهي لا تقتصر على الطلبة المنتظمين بالدراسة، وإنما تضمّ الخريجين أيضاً.

علم جمعية "نهضة العلماء" مرفوعاً في أحد محافلها

علم جمعية “نهضة العلماء” مرفوعاً في أحد محافلها

وتشترك هذه التكتلات الثلاثة في رفض إقامة دولة إسلامية بإندونيسيا، واعتبار ذلك غير مناسب للبلاد، وأن شكل الدولة الإندونيسية الحالي هو الأنسب للدولة الإندونيسية المترامية الأطراف وذات العدد السكاني الذي يفوق الربع مليار نسمة.

و قد خرجت أسماء سياسية بارزة من رحم هذه المنظمات، أهمها الرئيس الإندونيسي الأسبق “عبد الرحمن وحيد”، الذي تولّى رئاسة منظمة نهضة العلماء مدة 15 عاماً، قبل أن يصل إلى رئاسة البلاد عام 1999 خلفاً ليوسف حبيبي. كما وصل “أمين ريس”، الرئيس الأسبق للجمعية المحمدية (1995-2000) إلى منصب رئاسة الجمعية الاستشارية الشعبية (مجلس الشعب الإندونيسي) في الفترة  1999 وحتى 2004.

أحمد شافعي معاريف من أبرز وجوه الفكر الإسلامي الليبرالي في إندونيسيا

أحمد شافعي معاريف من أبرز وجوه الفكر الإسلامي الليبرالي في إندونيسيا

ويعتبر عبد الرحمن وحيد، إلى جانب “أحمد شافعي معاريف” (من الجمعية المحمدية)، والبروفسور “نورشوليش مجيد” (من رابطة الطلاب)، أبرز منظري تيار الإسلام الإصلاحي، وقد اشتركوا في رفض فكرة الدولة الإسلامية والدعوة لـ “إسلام ليبرالي” يتبنّى قيم الحرية والتسامح والتعددية، وساهموا معاً في نشر هذه الأفكار والقيم في المجتمع الإندونيسي، وتبديد الاعتقاد الذي كان سائداً منذ الاستقلال وحتى الثمانينيات بأن “البانتشاسيلا” (مبادئ الحكم الخمسة) تضعف العقيدة الإسلامية.

ولازال المخاض مستمراً في هذه الدولة الأكبر في العالم الإسلامي، وهو مترافق مع تراجع لمطالب ودعاوى “الدولة الإسلامية”، مقابل اتجاه متزايد نحو تقبل مبادئ الحرية والتعددية والعمل الوطني.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on الشعب التونسي – الجزائري .. في خطر .. بقلم كمال بن يونس

الشعب التونسي – الجزائري .. في خطر .. بقلم كمال بن يونس

المطالبة بوحدة مصير” الشعب التونسي الجزائري” واعتباره بلدا واحدا لم تبدأ بالغارة الفرنسية على الوطنيين الجزائريين والتونسيين في ساقية سيدي يوسف يوم 8 فيفري 1958، بل صدرت منذ 1918 عن المناضل الوطني محمد باش حانبه ( 1981-1920) ، شقيق زعيم “حركة الشباب التونسي” مطلع القرن الماضي المناضل علي باش حانبه ..علما أن أغلب زعماء الحركة الوطنية في تونس في القرن الماضي، وبينهم العلامة عبد العزيزالثعالبي، كانوا من أصول جزائرية ..كما كانت الاراضي التونسي وجامعاتها ومعاهدها قبلة أغلب الوطنيين الجزائرييين وبينهم الرئيس الاسبق هواري بومدين خريج جامعة الزيتونة..

وقد تبنى الوطنيون الجزائريون والتونسيون هذا الشعار منذ ذلك التاريخ ..
 

كما بادرت وزارتا الدفاع في تونس والجزائر قبل أعوام بإصدار كتاب عنوانه هذا الشعار، ساهم في تأثيثه جامعيون ومؤرخون وسياسيون من البلدين .

+ واذ اقترن احياء أحداث الساقية قبل أيام بإعطاء اشارة انطلاق مشروع مشترك حدودي جديد يشمل  قطاع الطاقة ، فإن حجم التحديات الجديدة التي تواجه تونس والشقيقة الجزائر ينبغي أن تشجع صناع القرار في  البلدين على تطوير مستوى الشراكة والمشاورات فورا..وفي كل المجالات..

+ مصادر مسؤولة في عواصم عالمية تؤكد أن البلدان المغاربية ودول الساحل والصحراء المغاربية عامة والجزائر وتونس خاصة أصبحت مهددة بمخاطر كثيرة ، من بينها توريطها في اضطرابات أمنية سياسية واجتماعية كبيرة تزيد في إضعاف سلطاتها المركزية وفي معاناة مواطنيها.

و من واجب تونس وكل دول المنطقة دعم صناع القرار في الجزائر لضمان سلامة ترابها الوطني وإجهاض كل السيناريوهات القديمة – الجديدة للنيل من وحدتها الوطنية ومحاولة تقسيمها تحت يافطات عديدة ، مع استخدام ” ورقة الأقليات ” و بعض الاختلافات الثقافية والاجتماعية القديمة جدا بين العرب والبربر..

كما يجب اجهاض سيناريوهات احياء المشروع الاستعماري لعام 1930 حول تقسيم المغرب الاقصى الشقيق الى دولتين واحدة ” ايمازيغية بربرية ” في الشمال والثانية عربية ..

+ ومع اقتراب موعد الانتخابات الجزائرية والتونسية يتخوف كثير من المراقبين من افتعال أزمات أمنية جديدة في الشقيقة الجزائر وفي تونس ، خاصة في المناطق الحدودية، للتسبب في الغاء الانتخابات أو تأجيلها أو إضعاف مصداقيتها السياسية  .

وتكشف وسائل الإعلام الجزائرية منذ مدة ارتفاع منسوب الإحساس بالخطر من المتغيرات الجيو استراتيجية والمستجدات في بعض ” الدول الإفريقية المجاورة “وليبيا ، بسبب ” الزحف الإسرائيلي ” على المنطقة ؟؟.

+ وفي الوقت الذي تستعد فيه تونس والدول العربية لاستضافة مؤتمر وزراء الداخلية العرب ثم قمتين مهمتين : الاولى عربية أوربية في القاهرة والثانية عربية في تونس ، يجب أن تكون على رأس مشاريع القرارات المحافظة على الوحدة الوطنية في كل دول المنطقة وخاصة الجزائر والمغرب وتونس وليبيا.. ووقف مسلسل ابتزاز ساستها خدمة لأجندات استعمارية جديدة و” لوبيات” تحركها مصالح ضيقة  …

++ لقد ثبت خلال الاعوام الماضية أن استقرار الاوضاع الامنية والسياسية في الشقيقة الجزائر ساهم في تنقل ملايين السياح ومئات رجال الاعمال الجزائريين والتونسيين في الاتجاهين ..كما دعم فرص التنسيق بين القيادات الامنية والعسكرية في البلدين وارباك عصابات  التهريب والارهاب والجريمة المنظمة ..

كما أثبتت عشرية التسعينات من القرن الماضي ، أن مخططات ” الفوضى الخلاقة ” والعمليات الارهابية لم تستهدف الجزائر وحدها بل كل دول المنطقة ..

و ليس من مصلحة تونس والدول المغاربية والعربية والاوربية  اليوم دفع بلد كبير مثل الجزائر وجيرانها مجددا نحو مربع العنف والفوضى وعدم الاستقرار..

فعسى أن ينجح ساسة المنطقة والعالم في تحييد الدول المغاربية عامة ، وتونس والجزائر خاصة ، عن أجندات العنف والعنف المضاد ومخططات ” الاستعمار الجديد”..وعلى كل الاطراف السياسية والشخصيات الوطنية التونسية والجزائرية الدفع نحو التكريس الفعلي ل”مزيد تقاطع المصالح “..حتى يجسم حلم محمد باش حانبة ورفاقه قبل قرن ، ببناء دولة واحدة تجمع كل أبناء “الشعب التونسي الجزائري..”

أخبار, البارزة 0 comments on المغرب يستدعي سفيره بالإمارات.. و السعودية السبب

المغرب يستدعي سفيره بالإمارات.. و السعودية السبب

استدعى المغرب سفيره لدى الإمارات محمد آيت أوعلي، اليوم السبت، و ذلك بعد يوم من استدعائه سفيره لدى السعودية مصطفى المنصوري على ضوء الأزمة الأخيرة بين البلدين.

و ذكرت وسائل إعلام مغربية أنه تم استدعاء أوعلي بالفعل لـ”التشاور” على خلفية “التوتر” الحاصل في العلاقات مع السعودية، وهو موجود حالياً في الرباط، وفق ما نقلت قناة “الجزيرة” عن مصدر لم تسمه.

و قالت صحف مغربية من بينها “هبة بريس” إن استدعاء السفير المغربي يأتي بعد تصاعد حدة التوتر بين المغرب وبعض البلدان الخليجية، كالسعودية.

و تقود السعودية والإمارات تحالفاً مشتركاً في اليمن، وتواجه الدولتان اتهامات متكررة بزعزعة استقرار دول في المغرب العربي.

و يأتي هذا الاستدعاء بعد تأكيد السفير المغربي في الرياض استدعاءه هو الآخر إلى الرباط للتشاور بشأن ما وصفها بالمستجدات الحاصلة في العلاقات المغربية السعودية.

و الخميس الماضي، بثت قناة “العربية” السعودية فيلماً وثائقياً ضد الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وكان الشعرة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات بين المغرب والسعودية، التي شابتها توترات كثيرة خلال الأشهر الماضية.

و على أثر الفيلم المثير للجدل في مضمونه وتوقيته، سارع المغرب إلى سحب سفيره لدى الرياض، وأعلن انسحاب قواته المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في اليمن منذ 4 سنوات تقريباً.

و هاتان الخطوتان تشيران إلى خروج المغرب عن صمته فيما يتعلق بالاستفزازات السعودية التي بدأتها بعد أن التزمت الرباط بموقف محايد إزاء الأزمة الخليجية منتصف 2017، وما أعقبها من توتر في العلاقات بين المملكتين.

و سبق تلك الخطوتين رفض الرباط استقبال ولي عهد السعودية محمد بن سلمان أواخر العام الماضي، نزولاً عند رغبات الشعب المغربي الذي استنكر الزيارة في أعقاب جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفق وسائل إعلام مغربية.

أخبار, البارزة 0 comments on تصاعد الحملة الأميركية على حزب الله عشِيّة الإنتقال من الثقة إلى الملفات المعقّدة

تصاعد الحملة الأميركية على حزب الله عشِيّة الإنتقال من الثقة إلى الملفات المعقّدة

يحتفل لبنان بعيد مار مارون، بمشاركة رئاسية في الجميزة، يغادر على اثرها الرئيس سعد الحريري إلى الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في «قمة الحكومات العالمية» على ان يلتقي ولي عهد دولة الإمارات الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان إيذاناً بإطلاق حركة باتجاه العواصم العربية والدولية، مقابل حركة إقليمية – دولية – عربية بإتجاه لبنان مع إطلاق حكومته، وعشية نيلها الثقة، إذ يصل الاثنين كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف، كل على حدى، لنقل التهاني بتأليف الحكومة، ورؤية سلم الأولويات في الشق المتعلق بالملفات الإقليمية والداخلية.

ويستقبل الرؤساء الثلاثة أبو الغيط، وظريف كل على حدة، في إطار مهمة كل منهما في بيروت.

وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيستقبل ظريف في السراي الكبير.

 

حزب الله و فنزويلا

و بالتزامن، شملت الولايات المتحدة الأميركية إيران و حزب الله في حملتها على الرئيس الفنزويلي نيقولاس مادورو الذي وصفه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو «بالشرير»، متهماً حزب الله (أي بومبيو) بأن لديه «خلايا ناشطة» في فنزويلا، و في جميع أنحاء أميركا الجنوبية.

بدوره، سارع مادورو إلى نفي وجود أي علاقات لسلطات بلاده مع «حزب الله»، مشددا على ان فنزويلا قادرة على الدفاع عن نفسها بقواتها.

و قال مادورو، ردا على سؤال من صحفي عقب كلمة ألقاها اليوم الجمعة حول التطورات الجارية في بلاده: «لا علاقة تربطنا بحزب الله، لكن فنزويلا تستضيف كثيرا من اللبنانيين الذين يقيمون هنا».

و أضاف مادورو: «ان فنزويلا قادرة على حماية نفسها بذاتها، وهي لا تحتاج إلى أي مجموعات مسلحة للدفاع عنها».

وتأتي الحملة عشية نيل الثقة الأربعاء المقبل، وانصراف الحكومة، بعد ذلك إلى العمل، لمعالجة الملفات المعقدة، سواء التي تتعلق بالفساد، ودور مؤسسات الرقابة، لا سيما التفتيش المركزي، في ظل «نزاعات» طائفية على المراكز في الوزارات والإدارات، من الزراعة إلى الطاقة وصولاً إلى الجامعة اللبنانية، أو الملفات التي تتعلق بدراسة قبل مجلس الوزراء، أو إعادة النظر بالتلزيم بالتراضي، عبر تشريعات قانونية جديدة، كما يطالب حزب الله.

 

استراحة بين محطتين

و بين الاستراحة السريعة لحكومة «الى العمل» ما بين محطة إقرار البيان الوزاري، وانطلاق جلسات الثقة النيابية في البرلمان يومي الثلاثاء والاربعاء، حيث يتوقع ان تنال ثقة قياسية تتجاوز المائة صوت، تطل الدولة اللبنانية بأركانها الثلاثة اليوم على اللبنانيين من كنيسة مار مارون لمناسبة عيد شفيعه، في مشهد يفترض ان يُعيد ما فقدته من ثقة شعبية وربما دولية وإقليمية، نتيجة التجاذبات السياسية التي رافقت مفاوضات تشكيل الحكومة، وكادت ان تُهدّد البلاد بانهيارات مالية واقتصادية.

و فيما باشرت الأمانة العامة لمجلس النواب توزيع نسخ من البيان الوزاري للحكومة على النواب، بواسطة البريد، أو عبر «الايميل» لتعويض يومي العطلة الرسمية اليوم وغداً، بحسب النظام الداخلي الذي يفرض ان يكون البيان في عهدة النواب قبل 48 ساعة من موعد جلسة التلاوة، ومن ثم مناقشته، توقعت مصادر نيابية ان تكون الثقة قياسية، وان تكون غير مسبوقة، حيث لن يحجبها أكثر من 8 نواب، في حال تمّ احتساب نواب كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي الثلاثة: أسعد حردان، سليم سعادة والبير منصور، إضافة إلى نواب حزب الكتائب الثلاثة: سامي الجميل، نديم الجميل والياس حنكش مع النائبين بولا يعقوبيان واسامة سعد.

لكن مصدراً قيادياً في الحزب القومي أبلغ «اللواء» ان الحزب لم يأخذ القرار بعد في شأن إعطاء الثقة أو حجبها أو حتى الامتناع عن التصويت، على الرغم من عتبه على عدم تمثيله في الحكومة، وهو الحزب اللبناني العريق الذي ينتشر على مساحة الوطن، إلا انه في الوقت نفسه يأخذ بالاعتبار انه طرف في منظومة سياسية هي فريق 8 آذار ولديه حلفاء ممثلين في الحكومة لا يجوز تجاهلهم.

تجدر الإشارة إلى ان حكومة الرئيس الحريري الأولى في عهد الرئيس ميشال عون والتي تشكّلت في العام 2016 فازت بـ87 صوتاً من أصل 92 نائبا حضروا الجلسة يومذاك في حين حجب الثقة 4 نواب وامتنع واحد.

 

حقيبة شؤون النازحين

وفي انتظار جلسات مناقشة البيان الوزاري وما قد يتخللها من «سوق عكاظ» نيابي، تفاعلت مسألة امتناع الوزير السابق لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي عن تسليم الوزارة إلى خلفه الوزير الجديد صالح الغريب، لأنه «لا يسمح لنفسه القيام بتسليم الوزارة لممثل النظام السوري في هذه الحكومة»، على حدّ ما أوضح لـ«اللواء» أمس، الأمر الذي استتبع ردان من الحزب الديموقراطي اللبناني، الذي ينتمي إليه الوزير الغريب، ومن حزب «التوحيد العربي» الذي اسسه الوزير السابق وئام وهّاب، اجتمعا على القول بأنه لا يشرفهما ان نستلم هذه الوزارة الإنسانية في الدرجة الأولى من وزير أصبح عنواناً «للتوطين والتآمر على النازحين ولبنان، ووزير سابق هاجم باستمرار الجيش اللبناني، الا ان بيان «الديموقراطي» لاحظ انه لا يوجد نص في الدستور يوجب اجراء عملية التسلم والتسليم في الوزارات.

ولفت الانتباه، في هذا السياق، ان كتلة «ضمانة الجبل» التي يرأسها النائب طلال أرسلان جمعت أمس في اجتماعها الدوري في خلدة وزيرين هما وزير المهجرين غسّان عطاالله إلى جانب الوزير الغريب، وهو ما يفسّر جانباً من «غضب» رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على إعطاء خصمه أرسلان وزيرين بمساواة الوزيرين اللذين اعطيا للحزب الاشتراكي.

ولم يخف المرعبي في حديثه لـ «اللواء» عتبه على الرئيس الحريري لتسليمه وزارة النازحين إلى فريق محسوب على النظام السوري، مشيرا إلى انه كان بالإمكان إعطاء الوزير الغريب أي وزارة أخرى، معرباً عن خشيته من ممارسات ملتبسة تجاه النازحين بعدما سلم الملف إلى مقرّب من النظام الذي قام بقتلهم وتهجيرهم. (التفاصيل ص3)

ظريف في بيروت غداً

تزامناً مع هذه المسألة الخلافية التي تعكس انقساماً بين اللبنانيين، ما زال يتكرس يومياً بينهم منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي يحتفل بذكرى استشهاده يوم الخميس المقبل، يفترض ان يواجه لبنان استحقاقاً يتمثل بزيارة وزير الخارجية الإيرانية محمّد جواد ظريف إلى بيروت غداً الأحد وتستمر حتى يوم الاثنين، حيث من المقرّر ان يلتقي الرئيسين عون ونبيه برّي بالإضافة إلى نظيره جبران باسيل، من دون ان يلتقي رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سيصادف وجوده في دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في القمة العالمية للحكومات في دبي والتي يتوجه إليها اليوم.

وفيما لاحظت مصادر دبلوماسية ان زيارة ظريف كانت مقررة اصلاً قبل ولادة الحكومة، وان الهدف منها شرح موقف المحور الذي تقوده بلاده من الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية، وابلاغ المسؤولين اللبنانيين بأن أي هجوم أميركي على المواقع الإيرانية سيرد عليه بعنف، فإن هذه المصادر لا تستبعد ان يتطرق المسؤول الإيراني إلى العرض الذي سبق ان قدمه قبل أيام الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، بمساعدة الجيش اللبناني بمنظومة دفاع جوي إيراني، والذي اثار بدوره خلافاً لم يتسن له ان يأخذ ضجة، لاعتبارات تتصل بالعلاقة بين الحزب و«التيار الوطني الحر» بعد تسلمه حقيبة الدفاع بشخص الوزير الياس بو صعب الذي تجنّب التعليق على العرض رغم كونه المسؤول عن هذا الملف.

إلا ان الرئيس السابق ميشال سليمان ورداً على السيّد نصر الله بأن إيران عرضت على لبنان تسليح الجيش في عهده، «نفى ان يكون قد قدم له عرض جدي في هذا الشأن»، مؤكداً انه إذا كانت إيران تريد تسليح الجيش، فحرّي بها ان تطلب من حزب الله إعطاء سلاحه إلى الجيش، فنحل بذلك المشكلة، ويكون في مقدور الجيش الرد على إسرائيل عندما تعتدي عليه.

 

.. و أبو الغيط الإثنين

وفي تقدير المصادر الدبلوماسية، ان زيارة ظريف والتي تحمل الكثير من الدلالات السياسية، في ظل شد الحبال الإقليمي بين المحورين الأميركي والإيراني، وجاءت بمثابة ردّ على جولة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في المنطقة، ومن ضمنها زيارة مساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت، تختلف عن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، التي تقتصر على تقديم التهاني بالحكومة الجديدة، وتسليم رئيس الجمهورية دعوة لحضور القمة الاورو – المتوسطية، المقررة في 24 و25 شباط الحالي في شرم الشيخ، والتي يغيب عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لارتباطه بمسائل داخلية، من دون ان تتطرق إلى الملف السوري بسبب الفرملة الأميركية والأوروبية والعربية لإعادة العلاقات مع سوريا إلى سابق عهدها.

و بحسب المعلومات فإن لبنان لم يحسم بعد مشاركته في قمّة شرم الشيخ، ولم يُقرّر مستوى المشاركة فيها، اما بوفد برئاسة الرئيس عون أو وزير الخارجية، وعزت السبب إلى ان وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في بروكسل الأسبوع الماضي للبحث في أزمة النزوح السوري وكيفية مساعدة الدول المضيفة ومنها لبنان، لم يتفقوا على مقاربة أزمة النزوح، خصوصاً حول مصطلحي «العودة الآمنة» التي يعتمدها لبنان الرسمي أو «العودة الطوعية» التي يعتمدها المجتمع الدولي.

في سياق متصل، اثار عضو كتلة «المستقبل» النائب بكر الحجيري، ما وصفه بـ«استباحة الجيش السوري لبلدة الطفيل الحدودية، كاشفاً عن تحرك ستقوم به الكتلة في اتجاه الحكومة لاصدار موقف رسمي يدين توغل الجيش السوري في البلدة، والمطالبة باستدعاء السفير السوري لابلاغه برفض لبنان لهذا الخرق للسيادة»، معتبراً ان «اي خرق للسيادة سواء اتى من جيش عدو أو صديق هو تعد واعتداء مباشر على البلد».

 

مؤتمر القضاء

الى ذلك، علمت «اللواء» ان القصر الجمهوري يستضيف قريبا مؤتمر القضاء الذي اشار اليه رئيس الجمهورية مؤخرا لكن موعده لم يحدد بعد.

و افادت مصادر مطلعة على التحضيرات لهذا المؤتمر ان قضاة ومحامين وحقوقيين وخبراء قانونيين وفاعليات مرتبطة بعمل القضاء والعدالة سيشاركون فيه، ويبحث المؤتمر وفق المصادر نفسها في تطوير عمل القضاء والقوانين الخاصة به لترسيخ العدالة وتسهيل العلاقة بين المواطن والدولة وكذلك تطوير قانون العقوبات وتسهيل الاجراءات القضائية ببت الدعاوى.

 

«بوعزيزي» لبنان

وسط هذه الأجواء، أحدث حادث إحراق المواطن جورج زريق نفسه أمس، احتجاجاً على رفض إدارة ثانوية بكفتين الأرثوذكسية في الكورة اعطاءه افادة مدرسية عن ابنته لتسجيلها في مدرسة أخرى، وتوفي نتيجة الحروق البليغة التي اصيب بها، حالة من الاحتضان الشعبي والسياسي لضحايا الوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه المواطن اللبناني، باعتبار ان مأساة زريق الذي وصف بـ«بوعزيزي اللبناني»، نسبة إلى التونسي «بوعزيزي» الذي احرق نفسه احتجاجاً على الوضع المعيشي الذي كان يعيشه، تتلاقى مع مأساة غالبية الآباء الذين باتوا عاجزين عن تأمين حياة كريمة لأبنائهم بسبب الضائقة المعيشية، وينظم تحرك مدني الاثنين أمام وزارة التربية تضامناً مع أسرة زريق.

وبغض النظر عن الملابسات التي رافقت حادث زريق وتحديد المسؤوليات والظروف المعيشية، وصفت بأنها «وصمة عار على جبين الوطن» احيطت بهالة كبيرة من التعليقات والمواقف السياسية أجمعت على ضرورة ان تشكّل حافزاً للحكومة الجديدة لأن تولي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة الأولوية في عملها، بحسب ما جاء في البيان الذي اذاعه وزير التربية اكرم شهيب الذي أوعز بفتح تحقيق لجلاء الملابسات، كاشفاً بأن الوزارة استوعبت هذا العام في المدارس الرسمية آلافاً من التلامذة الذين انتقلوا إليها من التعليم الخاص بسبب صعوبة الظروف المعيشية والاقتصادية.

المصدر: صحيفة اللواء اللبنانية

البارزة, وجهات نظر 0 comments on إلى الانتخابات دون مراوغات .. “وقفت الزنقة بالهارب” .. بقلم محمد القوماني

إلى الانتخابات دون مراوغات .. “وقفت الزنقة بالهارب” .. بقلم محمد القوماني

تدلّ مؤشرات عديدة على أنّنا نتهرّب من الاستحقاق الانتخابي، التشريعي والرئاسي لنهاية سنة 2019، والتي بدأناها بإحياء الذكرى الثامنة للثورة، وأنّنا ننزاح، بوعي وبغير وعي، إلى أجواء انتخابات 2011 و2014 وموضوعاتها. وكان المأمّل أن تكون للسنوات دلالتها، وأن يعي السياسيون المعنيون بالترشّح، أنّ العودة الدورية لصناديق الاقتراع أداة الناخبين الديمقراطية لمحاسبة السياسيين، وأنّ الوضع مختلف هذه المرّة. فالتونسيات والتونسيون ينتظرون أجوبة واضحة ومقنعة ووعودا قابلة للتحقّق في التصدّي لمشاغلهم وانتظاراتهم المعيشية التي تراكمت وصارت تنغّص حياتهم وتتهدّد مستقبل أولادهم. ولا يجب أن تكون المناكفات الثقافية والسياسية في مواضيع مهما كانت أهميتها، على غرار مبادرة قانون المساواة في الإرث وما يعرف بملف الجهاز السرّي والمدارس القرآنية، هروبا من مواجهة مُستحقّة للتحدّيات الاقتصادية والاجتماعية. فلنا أن نُولي موضوعات الخلافات ما تستحقّ من اهتمامات، لكن علينا أن نسجّل ما يجمعنا فيها من مشتركات، حتى لا تضيّع مناورات المناكفات بوصلة الانتخابات.

 

خطوة هامة.. لكن..

توفّق مجلس نواب الشعب، وسط الأسبوع الماضي، في تجديد ثلث أعضاء الهيئة العليا للانتخابات واختيار رئيس لها، بعد أزمة حادة عاشتها الهيئة وعجز المجلس عن وضع حدّ لها لمدّة فاقت السنة. كانت خطوة هامة، ارتاح لها التونسيون وتوقف عندها المتابعون، على طريق إزالة العوائق التي تتهدّد الاستحقاق الانتخابي نهاية العام. كنّا ننتظر تثمين هذه الخطوة وتعزيز التوافق في البرلمان باتجاه حسم بقية الملفات التشريعية ذات الصلة بالانتخابات، وفي مقدمتها استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية و إقرار التنقيحات بالمجلة الانتخابية، والتقدم في التوافقات السياسية والاجتماعية لتهيئة أفضل الظروف لانتخابات شفافة يقبل الجميع بنتائجها. لكن للأسف، وجدنا أنفسنا بعد أيام معدودات، ننشغل بملف جديد بالغ الأهمية، عقب تعهّد القضاء بتجاوزات قانونية خطيرة جدا فيما سمي بالمدرسة القرآنية بالرقاب. ونشطت ببلادنا مجدّدا مساع محمومة من جهات ايديولوجية وسياسية عديدة، لتغذية التجاذبات الحادّة واستعادة الاستقطاب الثنائي البغيض.

 

الاستقطاب ليس تنافسا

تعرف ديمقراطيات عريقة في الشرق والغرب حالات من التنافس الانتخابي بين الأحزاب، لا يستبعد فيها استعمال حرب “الملفات” في إحراج الخصوم وإسقاطهم انتخابيا. ويأخذ التنافس في مراحله الحاسمة صيغة ثنائية، لتصطفّ الأطراف المختلفة إلى أحد المتقابلين الرئيسيين. ويخضع ذلك التنافس لضوابط سياسية وأخلاقية وقانونية، وينتهي بإعلان نتائج الاقتراع وتهنئة المهزوم للفائز حزبا أو تحالفا أو رئيسا…ليتوحّد الجميع بعد ذلك في خدمة المشروع الوطني الجامع باحترام القوانين والخضوع للمؤسسات والانضباط لمقتضيات الديمقراطية في انتظار استحقاق جديد ومنافسة متجدّدة. وهذا التنافس الديمقراطي لا يندرج ضمن ما نعنيه بالاستقطاب، الذي يقوم على استعداء الخصم وشيطنته واستباحة كل الوسائل لهزمه ومنعه من المنافسة مجدّدا، عبر العمل على استبعاده أو استئصاله إن لزم الأمر وتوفّرت الفرصة. فالاستقطاب احتراب بين قطبين وليس تنافسا بين مُختلفين.

 

استدعاء الاستقطاب مجدّدا

فانطلاقا من الجدال الحادّ حول مشروع قانون المساواة في الإرث، الذي تقدم به رئيس الجمهورية، وتمّ فيه إخراج الصراع من المنابر إلى الشوارع، ومن المحاججة إلى التحشيد، وحضرت في خطابات أنصار الرأيين المتقابلين مخالفات صريحة للدستور والقانون، وعبارات أقرب إلى الحرب الأهلية الثقافية، التي تعود بالبلاد إلى أجواء الاستقطاب المقيت وتيه “العلمنة والأسلمة” و”الحداثة والهوية” والمناخات التي وفّرت أرضية الإرهاب والاغتيالات السياسية، وكادت أن تعصف بالثورة والسلم الأهلية.

ومررورا بما يٌعرف بملف “الجهاز السري” الذي استندت فيه هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي على وثائق بملف قضائي تمّ الحكم فيه بإدانة مصطفى خذر في نهاية سنة 2013، لتثير شكوكا حول ملابسات تلك القضية، ولتكشف للرأي العام بعض مستندات الملف، وتزعم أن مستندات أخرى تمّ حجزها ولم ينظر فيها القضاء، تؤكد حيازة حزب حركة النهضة لجهاز سري يعمل بالتوازي مع أجهزة الدولة الرسمية ويخترقها، بل يتجسّس على دول عظمى وعلى دول شقيقة. وأنّ هذا الجهاز يورّط النهضة في المشاركة في اغتيال الشهيدين. ومنذ ندوة 02 أكتوبر 2018 تحوّلت هيئة الدفاع عن الشهيدين إلى مدفعية سياسية ثقيلة ضدّ النهضة، وباتت رأس حربة للجبهة الشعبية، يتنقل أعضاؤها بين المنابر الإعلامية ويطوفون جهات الجمهورية، بدل أروقة المحاكم، لشرح “ملف الجهاز السري لحركة النهضة” والتشكيك في مدنيتها والمطالبة بحلّها.

وانتهاء بالجدال المستعر هذه الأيام حول ما يسمّى بالمدارس القرآنية، الذي غذّى مجددا أجواء الاستقطاب المشار إليها. فبدل أن يتوحّد الجميع على دعم مجهود القضاء وانتظار حكمه في قضية الرقاب، والتشنيع بشبهات الجرائم في حق الأطفال خاصة، والتوقّف عند التقصير الحاصل من مختلف المسؤولين، والانتباه إلى المخاطر الجمّة التي تتهدّد الأمن القومي والمجتمع التونسي، من خلال ما تمّ كشفه بهذا الفضاء أو ما قد يكتشف بفضاءات مماثلة، والتجنّد للتصدّي لها قبل غرق المركب الوطني، فإنّه بدل ذلك، سرعان ما خرج الموضوع عن سباقه، لنقع في مقاربات المناكفات والمزايدات، ويتمّ الاحتماء بالدفاع عن المقدسات والنزوع إلى تصفية الحسابات، وتضيع البوصلة في مثل هذه الملفات. فتصبح المعركة الخطأ ضدّ “الاستئصاليين ممّن يستهدفون هوية الشعب المسلم ويحاربون القرآن” من جهة، وضدّ “حزب حركة النهضة الذي يرعى التطرف الديني ويحمي محاضن الإرهاب” من الجهة المقابلة.

وفي كل هذه المعارك على أهميتها، وكما نتبيّن في المحصّلة، يحضر الاستقطاب الأيديولوجي والسياسي، وتغيب مشاغل المواطنين الحيوية، وكأنّ المنخرطين في هذه الصراعات يتعمّدون الهروب من مواجهة الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماية المتأكدة في برامجهم الانتخابية المفترضة.

 

وقفت الزنقة بالهارب

لن يكون مسموحا ولا مُجديا في انتخابات 2019، تكرار سيناريو الاستقطاب مهما كانت العناوين. ومهما كانت المناورات والمراوغات، ومهما حصل من توظيف للمستجدات، فإنّه باقتراب الانتخابات ستقف الزنقة بالهارب، ليُواجَه المترشحين من الأحزاب والمستقلين، بأسئلة الناخبين، على غرار ما هي حلولكم لمشكلة المديونية المتفاقمة؟ كيف ستجلبون الاستثمار وتخلقون الثروة؟ ما الحلّ لخفض ملحوظ لنسبة البطالة؟ وكيف السبيل للتعاطي مع حوالي المليون من المعطّلين؟ ما هي رؤيتكم للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المتأكدة؟ كيف تعيدون التوازن للمالية العمومية؟ كيف تخفّضون كتلة الأجور بالميزانية ونسبتها في مختلف الوزارات؟ كيف ستتعاطون مع المؤسسات العمومية ذات الصبغة الانتاجية التي تعاني من الخسائر والديون؟ ما هي برامجكم المقترحة لتحسين البنية التحتية والنهوض بالصحة والتعليم والنقل؟ وما هي مصادر تمويل الإصلاحات؟ ما معنى الحوكمة الرشيدة؟ وكيف تقيسون نجاحها؟ ما هي خططكم المرحلية للقضاء على الفساد؟ ما ذا ستفعلون مع الاقتصاد الموازي؟ كيف تدمجونه؟ ما هي الحوافز وآليات الردع؟ ماهي مقترحاتكم العملية للعدالة الجبائية؟ وكيف ستجعلون المهن االحرة تخضع لما تقرّرون؟ ما هي مشاريعكم للجهات المهمشة ولتفعيل التمييز الإيجابي؟ هل أنتم مع منحة للبطالة ودفتر علاج لكل مواطن؟ من أين ستمولون ذلك؟ كيف ستتعاملون مع توقيف الإنتاج في مصالح حيوية؟ كيف ستضعون حدّا للجريمة التي صارت تهدّد أمن المواطنين؟ …

 

خاتمة

 

إنّ الاستفادة من دروس الماضي المرير تجعلنا حريصين على تجاوز الاستقطاب، والخروج من التِيه الذي أوقعتنا فيه ثنائيّات عديدة، كانت “العلمنة” و”الأسلمة” أبرزها. فهموم الوطن الذي يجمعنا ومشاكل الواقع وتحدياته المشتركة، التي نجتهد في اجتراح حلول لها، عناصر توحّدنا أكثر من عناصر أخرى أيديولوجية أو أجندات خارجية تشتّتنا. والقضايا الثقافية الخلافية تكون الانتخابات فرصة لتبيّن موقف الرأي العام منها، وليست أداة لإرباك الانتخابات بها.
––-–

 

* مقال منشور بجريدة الرأي العام، العدد 94، تونس في 07 فيفري 2019.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on في ظل ما يجري في التشاد و الجنوب الليبي … التبو: من هم؟ و ما هو مستقبلهم في ليبيا و في دول الساحل و الصحراء ؟ (1 من 2) .. بقلم علي اللافي

في ظل ما يجري في التشاد و الجنوب الليبي … التبو: من هم؟ و ما هو مستقبلهم في ليبيا و في دول الساحل و الصحراء ؟ (1 من 2) .. بقلم علي اللافي

“التبو” مجموعة قبائل وعشائر بدوية ذات هوية زنجية عربية مختلطة، تسكن الصحراء الكبرى  خاصة منطقة جبال تيبستي، وتمتهن تنمية المواشي، وتتألف من قبيلتين أساسيتين هما “التدَّا” و”الدازا”، وقد كثر الحديث عنهم خلال الأيام الماضية وخاصة في ظل التطورات الأخيرة ميدانيا وعسكريا في كل من التشاد والجنوب الليبي وطبيعة ردود أفعال مختلف الأطراف وهذا أمر منتظر منذ مدة بناء على تغير خارطة التحالفات وتعدد عمليات التواصل بين الأطراف والمكونات والدول في الساحل والصحراء الإفريقيتين، وهي تحالفات سيكون لـــ”التبو” فيها أدوارا ومواقع رئيسية بل وسيكونون محور ورهان الأحداث مستقبلا، فمن هم “التبو”، وما هي أصولهم وما هو مسارهم التاريخي وما هي طبيعة اصطفافاتهم قبل وبعد ثورة فبراير؟، وما هي أدوارهم الراهنة في ظل الصراعات والاشتباكات القائمة في التشاد والجنوب الليبي وما هي آفاقهم السياسية خلال الأشهر والسنوات القادمة وليبيا وغي دول الساحل والصحراء  ؟

 

  • التعريف والأصول والانتشار الجغرافي

1- من هم التبو ؟

“التوبو” أو “التبو” (من التبو القديمة، وتعني “شعب الصخر”[1])، هي جماعة عرقية تعيش في شمال تشاد، جنوب ليبيا، شمال شرق النيجر و شمال غرب السودان، و يعيش “التبو” إما كرعاة رُحل أو كمزارعين بالقرب من الواحات ويعتمد مجتمعهم على النظام القبلي، حيث تمتلك كل قبيلة واحات، ومراعي وآبار خاصة بها، وينقسم التبو عموماً إلى جماعتين متقاربتين: التيدا (أو التـِدا، التودا) والدازا (أو الدازاگا، الدازاگارا، الدازا)، وهما يتشاركان نفس الأصل ويتحدثان لغتين متقاربتين تسميا التيدا (تيدا التبو) و الدازا (الدازا گوران)، وينتمي كلاهما إلى اللغات النيلية الصحراويةويتحدث شعب “التبو” لغات “التبو” المشتقة من الفرع الصحراوي لعائلة اللغات النيلية الصحراوية…

يعيش التيدا في أقصى شمال تشاد، حول حدود ليبيا والنيجر وفي جبال تبستي. ينتشر شعب الدازا في شمال تشاد ومنطقة شرق النيجر وشمال غرب السودان الدازا، الموجودين في الجنوب من التيدا، هم الأكثر عدداً، 1.500.000 شخص، بينما يبلغ عدد التيدا 750.000 شخص وتؤكد المصادر أن تجمعات من التبو ظلت تعيش في مصر حتى عشرينيات القرن العشرين….

 

أ- الأصول

 

 الثابت الوحيد من حيث أصولهم بشكل دقيق أنهم سكنوا منطقة الساحل الأفريقي منذ قرون غابرة، وقد نسبهم المؤرخون على غرار “هيرودوت” (مؤرخ يوناني) إلى المجموعة الزنجية الإثيوبية (أي الحبشية)، والذي أكد أن مواطن سكنهم منذ قرون هي فزان في ليبيا مرورا بتشاد وصولا إلى النيجر، مع امتدادات محدودة في الدول المجاورة على غرار السودان و أفريقيا الوسطى، وهو ما يفسر طبيعة ملبسهم وتقاليدهم وطرق عيشهم خلال العقود الماضية، وإن كان تأثرهم بالرافد العربي المتاخم لهم من الشمال أمر بين وجلي، فهم يرتدون العمائم البيض إضافة إلى تعلقهم بالإبل وبالصحراء وحياتها…

و قد أكد بعض المؤرخين الأوربيين أن التبو يشبهون من حيث ازدواج هويتهم قبائل “آيت باعمران” في جنوب المغرب الذين يعتبرهم جيرانهم في الجنوب (من عرب بني حسان وبني معقل) من الأمازيغ، في حين يعتبرهم الأمازيغ عربا… وكذلك التبو، يُصنفهم جوارهم الزنجي عربا وفي الآن نفسه يُصنفهم العرب زنوجا….

تتألف مجموعة التبو من نحو 50 عشيرة يُعتقد على نطاق واسع أن نحو نصفها وُلد من تمايُزات عشائرية نشأت بسبب النمو الديمغرافي للمجموعة، ولعوامل أخرى تتعلق بالتمدن والتحديث في المحيط السياسي والاجتماعي للمجموعة وهو الساحل الأفريقي. وتحصر دراسات اجتماعية أُنجزت في الحقبة الاستعمارية بطون التبو في 36 بطنا….[2]

وهنا تجدر الإشارة إلى أن تسمية “التبو” يعود شيوعها إلى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، حيث لاقى المستعمر الفرنسي مقاومة شرسة من مقاتلي التبو، وكذلك من “الطوارق” و”الفُلّان”، على عكس المجموعات الزنجية الخالصة التي كانت في أغلبها مهادنة للحملات الاستعمارية بل تم الاحتفاء والترحيب بها في أحيان كثيرة…

وبشكل عام يُمكن حصر مواطن التبو في مساحة تُقدر بمليون وربع مليون كيلومتر مربع توجد كلها في منطقة الصحراء الكبرى، مع الإشارة إلى أن كثافتهم في هذا الفضاء الفسيح ضعيفة جدا، فالإحصائيات المتوفرة تُقدرهم بـ400 ألف نسمة.

يمارس التبو الرعي والتنمية الحيوانية على نطاق واسع، ويُفسر ارتباطهم بقطعانهم فساحة المساحات التي يتحركون عليها بحثا عن الكلأ والماء. وقد نجد -في حالات نادرة- لدى بعض عشائر التبو أنشطة زراعية محدودة.

 

  • المسار التاريخي لقبائل التبو في الصحراء الإفريقية

 

تاريخ التبو يكتنفه الكثير من الغموض وتغلب عليه الثقافة الشفوية بينهم وقد عانى المؤرخون كثيرا من قلة المعلومات عن هذه القبائل، ومعظم الذين كتبوا عن التبو وتاريخهم هم من الرحالة الغربيين وبعض العرب من الذين جابوا الصحراء الليبية منذ حوالي ثلاث قرون، وأما التبو فلم يكتبوا شيئا عن أنفسهم، ولم يتركوا آثارا واضحة يمكن الاستدلال بها لمعرفة تاريخهم البعيد وحتى المعاصر منه…

ويمكن البدء بتاريخ التبو في ما دونه المؤرخون عن قبائل تسكن جزء من شمال ليبيا وجنوبها وهي قبائل “الجرمنت” و”التروجليدات“، حيث كانت هذه القبائل تشبه في صفاتها وأوصافها التبو، وهو ما يؤكد أن قبائل “التبو” هم من سكان ليبيا الأصليين، وليس كما يدعي البعض بأنهم هاجروا من اليمن أو إثيوبيا أو القرن الإفريقي، ومعظم الرحالة الذين قدموا إلى ليبيا في مختلف العصور تحدثوا عن التبو ووجودهم في الجنوب الليبي، ولكن في معظم كتبهم لم يكتبوا عنهم بالشكل الوافي ومعظم الكتب الغنية بالمعلومات عن التبو لم تترجم إلى العربية أصلا في ما وردت إشارات مبكرة لشعب التبو في الأدب الإسلامي على غرار تلك التي رافقت الإشارة لشعب “الزغاوة” في نص من القرن الثامن للعالم العربي “ابن قتيبة“، أما في القرن التاسع فقد أشار الخوارزمي إلى شعب الدازا (التبو الجنوبيون)…

 

أ- المسار التاريخي للتبو حتى بداية سبعينات القرن الماضي

 

عرفَ “التبو” الإسلام متأخرين نسبيا، ويعود الفضل في انتشار تعاليمه بينهم إلى أسرة السنوسيين الصوفية الشهيرة في منطقة الصحراء الكبرى وبرقة في شرق ليبيا، وهكذا ساد لديهم إسلام صوفي اختلط كثيرا مع التقاليد حتى بات يعسرُ التمييز بينهما.

وتتفق أغلبية الدراسات التي تناولت المجموعة على أن تقاليد “التيدا” تحديدا تحكم مناحي الحياة كلها تقريبا، وتبدو السمة البارزة للمنظومة القيمية والأخلاقية لمجموعات التبو، وقد قاوم التبو بشدة الاستعمار الفرنسي الذي غزا المنطقة مطلع القرن العشرين، ورفضوا الانخراط في مخططاته التعميرية الرامية إلى تثبيت السكان في تجمعات قروية ثابتة، وآثروا على ذلك ترحالهم الدائم بحثا عن الكلأ لقطعان ماشيتهم….

ويُفسر هذا الرفض ضعفَ اندماج التبو في الحياة السياسية التي نشأت في ظل الاستعمار، وانتهت إلى قيام الدول الوطنية في أفريقيا خلال ستينيات القرن العشرين، ومع ذلك فقد تمكنوا لاحقا من المساهمة في المسار السياسي لبعض الدول الناشئة، كما أنَّ قيادات سياسية منهم يعود لها الفضل في تأسيس جبهة “فرولينا” التي  قادت التمرد على أول رئيس لتشاد (وهو فرانسوا تومبال باي)، إثرَ قمعه انتفاضة المنمّين في منطقة مانغالمي سنة 1965…

تعيش مجموعات التبو في ظل الدول الوطنية المنبثقة عن الحقبة الاستعمارية، لكن لا تزال مشاركة التبو ضعيفة في الحياة السياسية، ونسبة التمدن والتعليم في صفوف التبو ضعيفة للغاية، وهو أمر ينسحب على هذه المنطقة المصنفة ضمن مناطق العالم الأشد فقرا…

ومع ذلك، شارك التبو في عمليات “تمرد” بعدد من الدول “طلبا للإنصاف والعيش الكريم”، ومن أمثلة ذلك مشاركتهم في حركات مناوئة لأنظمة الحكم في تشاد والنيجر.

 

 ب- الأوضاع المعاصرة للتبو في التشاد و ليبيا

 

التشاد: تنحدر أغلب الطبقة السياسية التشادية من عرقية الدازا، وأثناء الحرب الأهلية التشادية (1966-1979)، أصبح الدرده يشغلون المزيد من المناصب الهامة، وقبل ذلك وتحديدا سنة 1965 فرضت الحكومة التشادية سلطة مباشرة على جبال تبستي، وأرسلت حامية عسكرية وإداريين إلى بارداي، عاصمة مقاطعة تبستي. وفي غضون سنة واحدة أي سنة 1966 أثارت انتهاكات السلطة معارضة قوية بين التبو،الدرده وداي كيشيدمي، المعترف به لكن لم يكن يحظى سوى بتقديراً محدوداً في ذلك الوقت، ذهب للمنفى في ليبيا، ومع دعم الطلبة التبو في جامعة البيضاء الإسلامية، أصبح رمزاً لمعارضة الحكومة التشادية، وعزز هذا الدور مكانة الدرده بين التبو

بعد عام 1967، كان الدرده يأمل حشد التبو في الجبهة التشادية للتحرير الوطني. بعد فترة وجيزة، أصبحت السلطة الأخلاقية سلطة عسكرية، عندما أصبح ابنه گوكوني وداي أحد قادة جيش التحرير الثاني للجبهة، أصبح گوكوني شخصية وطنية؛ وساعد بدور هام في معركة نجامينا عام 1979 و1980، وخدم كرئيس للدولة في ذلك الوقت، شمالي آخر، حسين حبري من الدازا، خلف گوكوني من التيدا عام 1982، وفي النهاية فقد سلطته لصالح إدريس ديدي من الزغاوة بعد ثمانية سنوات….

ليبيا: عانت أقلية التبو في ليبيا فيما ويصف بالتمييز الهائل وخاصة تحت سلطة معمر القذافي (1969- 2011)، ففي ديسمبر 2007 مثلا جردت حكومة القذافي يومذاك ليبيين تبو من جنسيتهم، مدعية أنهم ليسوا ليبيين، لكنهم تشاديين. بالإضافة إلى ذلك، منعت السلطات المحلية دخول أفراد من التبو البلاد للتعليم والرعاية الصحية[3]، ورداً على ذلك، قامت جماعة مسلحة تدعى جبهة التبو لإنقاذ ليبيا بانتفاضة في نوفمبر 2008 التي استمرت خمسة أيام وتسببت في وفاة 33 شخص قبل أن تسحقها قوات الأمن الحكومية، على الرغم من المقاومة والشجب العام، إلا أن نظام القذافي استمر في اضطهاده لأقلية التبو في ليبيا. بدءاً من نوفمبر 2009، بدأت الحكومة برنامجاً للترحيل الإجباري وهدم منازل التبو، تاركة الكثير من التبو بلا مأوى. اعتقل عشرات من المحتجين على هدم منازلهم، وتعرضت العائلات التي رفضت الرحيل للضرب…

 

ت- “التبو” بين 2011 و 2015

مع اندلاع الثورة الليبية على نظام القذافي في فيفري 2011، انخرط التبو على نطاق واسع في قتال النظام الليبي السابق حتى سقوطه..

ومنذ 2012 دخلوا في مواجهات عنيفة مع بعض جيرانهم من القبائل العربية بمنطقة الكفرة، أما في مارس 2012، فقد اندلعت اشتباكات دموية بين قبائل التبو والقبائل العربية في مدينة سبها بجنوب ليبيا. رداً على ذلك، هدد عيسى عبد المجيد منصور، زعيم قبيلة التبو في ليبيا بالانفصال، منتقداً ما اعتبره “تطهيراً عرقياً” ضد التبو، وصرح قائلاً: “نحن نعلن إعادة تنشيط جبهة التبو لإنقاذ ليبيا لحماية شعب التبو من التطهير العرقي”…[4]

ومثلما حدث منذ ثلاث عقود ونتاج عدم توافر الوظائف في جنوب غرب ليبيا، اشتغل الكثير من التبو مهربين لمهاجري غرب أفريقيا المتجهين إلى أوروپا ومن المعلوم أن التبو والطوارق أيضا يُسيطرون على طرق التهريب الرئيسية في الصحراء الكبرى…..

وفي أكتوبر 2014، فقد شهدت مدينة “أوباري” قتالا بين “التبو” والطوارق استمر عامين كاملين، وسقط بسببه عشرات القتلى والجرحى ونزح عن المدينة قرابة 80% من سكانها، وانتهى هذا الاقتتال بتوقيع اتفاق الدوحة بين قبائل التبو والطوارق يوم 23 نوفمبر 2015 بوساطة من دولة قطر…

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]   MacMichael, Harold: A history of the Arabs in the Sudan and some account of the people who preceded them and of the tribes inhabiting Darfur. 1922.

[2]   انظر موسوعة الجزيرة، “قبائل التبو” تاريخ الاطلاع 01-02-2019 ….

[3]  في تقرير نشرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أفادت جمعية الشعوب المهددة بوجود “تمييز هائل” ضد أقلية التبو، التي تقيم في الركن الجنوب الشرقي من البلاد حول واحة-بلدة الكفرة….

[4]  كانت جبهة التبو لإنقاذ ليبيا جماعة معارضة نشطة في أحداث فوضى 2007-2008 التي “اضطهدت بقسوة” من قبل حكومة القذافي…

البارزة 0 comments on الفضاء الإعلامي و قوى الضغط قبل انتخابات 2019: التمويل.. الإشهار.. التحزب.. المصالح.. و الخارج (تقرير)

الفضاء الإعلامي و قوى الضغط قبل انتخابات 2019: التمويل.. الإشهار.. التحزب.. المصالح.. و الخارج (تقرير)

نقصد بقوى الضغط الأطراف الفاعلة في توجيه الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية والتأثير في الإنتاج الصحفي، في اتجاه الانحياز والتوظيف والدعاية والتواطؤ. وقد تعمل قوى الضغط على إزاحة مؤسسات أو صحافيين من المشهد بعدة أدوات منها المالية والقانونية وحتى بالحملات التشويهية.

و نحن لا نتحدث هنا عن “مجموعات الضغط” التي يكون دورها مهنيّا و”حرفيا” في إطار إسداء خدمات، تؤدّيها الشركات الخاصة والجمعيات المنظمات غير الحكومية ومكاتب الدراسات والاستشارات. بل نتناول ملف القوى “الخفيّة” أحيانا التي توظّف غيرها لتحقيق أهداف مجموعات وكيانات وحتى مصالح دول، عبر أساليب تحايل ومخالفة للأعراف المهنية ومنتهكة للقوانين أحيانا، وعادة ما تتمتع قوى الضغط هذه بحصانة تكفلها مواقع تمركزها ونوعية حزامها الداعم والمستفيد.

و كان الصحفي محمود الذوادي كتب منذ سنتين سلسلة مقالات بعنوان يستخدم استعارة سوداء “أزمات أخلاقية ومأزق مالي..مؤسّسات إعلامية تحتطب” (والاحتطاب ينسب إلى المجموعات الإرهابية التي تنفذ عمليات سطو لتمويل أنشطتها). وقال الذوادي: “بعض القنوات التلفزية الكبيرة والأكثر سطوة ومشاهدة تستخدم نفس أساليب الإذاعات المحلية أو اكثر لؤما لامتهان الصحفيين وإجبارهم على تبني أجندات وسياسات أعرافهم أو لجمع المال إلى حد الاستثراء. إنّها تستفيد من النفوذ السياسي”.

تنتعش عمليات “الاحتطاب” مع الدخول في المراحل الانتخابية، ويجري مسبقا تأهيل الأدوات الإعلامية “بتسمينها” ماليا لتكتسب القدرة على أداء الدور الموكول في الدعاية والدعاية المضادة. فالمال هو محور عمل قوى الضغط ويتم ضخّه للمستفيدين عبر عائدات الإعلانات أو عبر المنح الخارجية وكذلك عبر التمويل غير المعلن. وذلك رغم تشتت مظاهر قوى الضغط.

و يمكن رصد توزع قوى الضغط على عدة مواقع:

الدولة

عبر استخدام نفوذ مسؤولين كبار والمكلفين بالاتصال في مختلف مواقعهم، حسب قدرات الفاعلين الاتصاليين على استخدام علاقاتهم العامة ونفوذهم في الضغط.

وقد وثقت نقابة الصحافيين في بعض تقاريرها محاولات استخدام النفوذ للضغط على مؤسسات وصحافيين، سواء من قبل رئيس الجمهورية نفسه أو من ديوانه. وقد أبدى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مؤخرا تذمّره من أنّ الطفرة التي شهدها الفضاء الإعلامي بعد الثورة (75 جريدة ورقية و72 صحيفة الكترونية و44 إذاعة و17 قناة تلفزيونية) أصابت الرأي العام بالتذبذب وولدت حالة من الإفراط في الحرية.

ويعمد بعض مسؤولي الاتصال الوزاري والإداري إلى اعتماد الإغراء بالمعلومات الحصرية لاستقطاب صحافيين ومالكي مؤسسات، لتحييدهم أو لتوظيفهم في الدعاية لأشخاص.

الأحزاب

مكّنت موازين القوى بعض الأحزاب أن تحاول استخدام نفوذها لتوجيه الخط التحريري للمؤسسات أو لمعاقبة صحافيين من مشغليهم، وهو ما توفر، بقدر نسبي، لحركة النهضة خلال سنتي 2012 و2013، ثم فسح المجال لحركة نداء تونس منذ أواخر سنة 2014. وأتاحت إدارة مؤسسات إعلامية من قبل مقربين من حركة النهضة لأن يكون الخط السياسي أو تصوّر الخط السياسي عامل ضغط على مؤسسات أو صحافيين.

وأثارت مؤشرات صعود كبير لنداء تونس سنة 2014 هواجس داخل الوسط الإعلامي تفاوتت ردود الأفعال إزاءها من التواطؤ إلى التوظيف والدعاية وانتظار المنافع. وأظهرت شكوى مالكة إذاعة “كاب اف ام” ضد برهان بسيس في جويلية 2017 مثالا للضغوط الحزبية على مؤسسات وصحافيين.

كما مثّل تهديد حزب نداء تونس في أكتوبر الماضي بمقاطعة بعض وسائل الإعلام نوعا من الضغوط على الصحافيين في الحصول على المعلومات.

و أظهرت نتائج تقرير أعدّته الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري حول “رصد التعددية السياسية في القنوات التلفزية والإذاعية (23 جانفي – 12 مارس2017)، اعتمادا على جملة تدخلات الفاعلين السياسيين وقيس المساحة الزمنية، وجود محاذير من أن تتحول إحدى القنوات العمومية إلى أداة دعاية لصالح طرف سياسي معيّن (هو الجبهة الشعبية)؟ كما اثار التساؤل إن كانت توجد قوة ضغط داخل مؤسسة التلفزة العمومية تدفع نحو عدم الحياد ؟

و لئن كانت معايير الإعلام السمعي البصري العمومي هي الأفضل، فإنّ ذلك لا يحجب وجود أجندات حزبية وإيديولوجية منحازة، إداريا أو تحريريّا، وأيضا بسبب التسيّب والإهمال الإداري داخل المؤسسة.

وإذا كان ذلك شأن الإعلام العمومي، فما بالك بالحال في الإعلام السمعي البصري الخاصّ، الذي لا توجد ضمانات قد تصونه من قوى الضغط الحزبية، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية التي يكون للإعلام، دون شك، دور فاعل ومحوريّ في توجيه الرأي العام خلالها.

المجموعات الإيديولوجية في المؤسسات العمومية

لا تملك بعض الأحزاب نفوذا يخوّل لها استخدام الضغوط، لكنّ سيطرة بعض الموالين لها على غرف التحرير، فسح لها المجال لتنفيذ أجنداتها الإعلامية، ويتجلى ذلك خاصة في المؤسسات العمومية (الوطد في الصحافة الورقية العمومية، بعض مكونات الجبهة الشعبية في التلفزة والإذاعات الوطنية).

وتتحكم هذه المجموعات في المضامين الإعلامية مستقوية، أيضا، بالجهاز الإداري المشرف على التعيينات والبرمجة.

الإذاعات الجهوية الخاصة

الإذاعات الجهوية مملوكة لرجال أعمال أغلبهم مقرب من النظام القديم، أمّا الإذاعات الجمعياتية الجهوية فيملكها منتمون لتيارات فكرية وسياسية. وتظهر أرقام الاستبيانات أنّ الإذاعات الجهوية الخاصة بأنواعها هي الحائزة على أكبر نسبة استماع، مقابل الإذاعات العمومية، بما يرشحها لأن تكون قوة تأثير فاعلة. ومن الملاحظ أنّ إذاعتين هامّتين من حيث نسب الاستماع في الوطن القبلي معاديتان بشكل صريح لأحد الأحزاب الحاكمة وتحوزان على أغلب المستمعين في دائرتين انتخابيتين كبيرتين.

وتعيش أغلب الإذاعات الجهوية الخاصة ظروفا مالية صعبة تجعلها في متناول الأجندات المستقوية بالمال. ويشار إلى أنّ إذاعة جمعياتية خاصة بسيدي بوزيد حصلت على تمويل أوروبي حكومي ضخم في فترات تأسيسها.

المؤسسات الإعلامية الأجنبية المنتصبة في تونس

المقصود أساسا القنوات التلفزية المرتبطة بوزارات خارجية (فرانس 24 وروسيا اليوم) أو بأحزاب وأمراء (قنوات السعودية والإمارات)، إضافة إلى وكالات الأنباء التي تديرها دول لها أجندات في تونس. فقنوات مثل (الميادين والعربية ودبي وأبو ظبي وسكاي نيوز والإخبارية و”أون تي في” المصرية والعالم والمنار وفرانس 24 وبراس تي في الإيرانية وروسيا اليوم…) تحوّلت إلى حاضنة إعلامية للمعادين للثورة ولليسار، ولفرض رؤية أنظمة في الخطاب الإعلامي، كما أنّ العدد الكبير لهذه القنوات بخط تحرير متقارب مكّنها من ترويج صورة سلبية لتونس في الخارج. وتوفر هذه القنوات الدعم المالي لكثير من الشخصيات بعنوان استضافة “خبراء ومحللين” كما انتدبت عددا من الصحفيين ووفرت لهم مرتبات كبيرة مكنتهم من التحرك والفعالية في الوسط الصحفي بفضل موقعهم الاجتماعي المترفه.

وإلى جانب القنوات التلفزية، تلعب وكالات أنباء رسمية عربية وأوروبية دورا كبيرا في الترويج لصورة خاصة عن تونس مرتبطة بأجندات أنظمة.

التمويل الأجنبي للمنظمات

حصلت الجمعية التونسية للإعلام البديل على تمويل قدره  452 ألف دينار من الاتحاد الأوروبي، حسب الإعلام المنشور في صحيفة “الشروق” يوم 1 جوان 2017. وكشفت إحصائية نشرت في وقت سابق أن حجم المال الأجنبي الذي استفاد منه جزء من المجتمع المدني التونسي بلغ 18,305 مليون دينار سنة 2017 وحدها.

وترصد التمويلات لأنشطة في الفضاء العام ترتبط في أغلبها ببرامج منخرطة في الشأن العام وتحتل صدارة الاهتمام، وإذا علمنا أنّ عددا كبيرا من السياسيين الفاعلين حزبيا اليوم، مرّوا من الجمعيات الحقوقية وشبكات المواطنة. وفي ظلّ وجود العشرات من الجهات الأجنبية المانحة والسخيّة لا تتوفّر معلومات إن كانت تلك الجهات تطلب من الجمعيات مضمونا معيّنا للأنشطة شرطا للتمويل، أو تفرض شروطا قبل اتفاقية التمويل تعطيها صلاحية توجيه الأهداف، حسب قوة الضغط المستفيدة من التمويل، بشعارات الحريات الأكاديمية والشبكات الحقوقية الكونية والتنظيمات العمالية الدولية وحرية التعبير والإبداع وإنسانية الفنّ. وتنعكس قوة المال الأجنبي في أرصدة الجمعيات على أنشطتها الباذخة التي تحظى بالتغطية الإعلامية الواسعة لمضامينها وللشخصيات القيادية الفاعلة.

الصحافة الاستقصائية

مثّلت الأعمال الصحفية الموصوفة ضمن النوع “الاستقصائي” توجها مهنيا جديدا في الساحة الإعلامية التونسية، وقد استخدمت الأعمال الأولى التي ظهرت تحت هذا العنوان منذ سنة 2012 برعاية منظمات تدريب عربية وأوروبية، لإنجاز ملفات محرجة للمؤسسة الأمنية ووزارة الخارجية، ثم انخرطت بعض الأعمال في جمع الوثائق والملفات المتعلقة بحالات يشتبه في كونها فساد مالي، منها ما يرجع إلى ما قبل الثورة ومنها ما نشأ بعد الثورة. وقد تم استخدام هذه الملفات بدرجة ارتباطها بشخصيات حكومية أو حزبية، وهو ما أحدث حالة من الإرباك في كثير من الحالات. وارتبط إنجاز بعض الأعمال بتعاون من بعض السياسيين، أبرزها ما كشف عنه من تعاون شق محمد عبّو في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سنة 2012 في ما وصف بقضية الشيراتون المتعلقة بوزير الخارجية رفيق عبد السلام، بتسريب فاتورة خلاص استخدمتها مدوّنة لصياغة قصّة إخبارية مثيرة.

نقابة الصحافيين

تمتلك نقابة الصحافيين القدرة على توجيه المضامين الإعلامية، بعنوان انضباط المنخرطين لمواقف المكتب التنفيذي المنتخب، وكذلك في إطار واجب التضامن الصحفي. ويمكن في هذا الصدد التذكير بتحركات النقابة في جانفي 2012 ضد التعيينات الحكومية على رأس المؤسسات العمومية والمصادرة، والإضراب العام والمقاطعة الجزئية لأنشطة وزارات، وما يتخلل ذلك من شعارات ومضامين ترويجية للتحركات في الفضاء الإعلامي.

ويشار أيضا إلى مواقف أخرى للنقابة تقييما لآراء الأحزاب في القوانين المعروضة للمصادقة والمتعلقة بالحريات والإعلام، وكذلك التحالفات التي تعقدها النقابة مع منظمات محلية ودولية لفرض مطالبها.

ومثّلت المراصد التي أنشأتها النقابة، فيما يتعلق بالحريات وبأخلاقيات المهنة وغيرها، عوامل ضغط على الصحافيين وعلى المؤسسات، رغم طابعها التعديلي الضروري، وتفصح التقارير المنشورة دوريا عن خطاب سياسي واضح للنقابة تقييما للمشهد الوطني والحزبي والفاعلين والمضامين السياسية. لكنّ المراصد أيضا، وسائل مهنيّة قادرة على تقويم الأداء الإعلامي.

الهيئات التعديلية

أضاف المجلس الوقتي للصحافة هيئة تعديلية إضافة إلى “الهايكا”. وتمتلك الهيئات التعديلية سلطة عقابية تصل إلى سحب التراخيص. كما أنّ صلاحية منح التراخيص، في حدّ ذاتها، تُعدّ أداة ضغط.

ويمكن لهذه الهيئات أن تتحكم في الموارد المالية للمؤسسات سواء بأعباء الغرامات (الهايكا)، أو التدخل في مقاييس توزيع الإشهار (مجلس الصحافة). وتخوّل النصوص المنظمة لهذه الهيئات التدخل عبرها للضغط ولإنصاف الضحايا أيضا.

المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية

يتعرض الصحافيون إلى محاذير كثيرة في التعامل مع هذه المؤسسات التي تتجاوز، بعضها، صلاحياتها، في مناسبات كثيرة وتفرض على الصحافيين والمؤسسات تدابير استثنائية وعراقيل لظروف العمل وإنتاج المضامين.

مؤسسات سبر الآراء

أظهرت نتائج سبر الآراء وقيس المشاهدة أنّ هذه المؤسسات قادرة على التأثير في صورة المؤسسات الإعلامية وفي مواردها المالية، والمثال الأبرز على ذلك الجدل بين قناة “التاسعة” وشركة “سيغما” في موسم شهر رمضان 2017.

موارد الإعلانات

تمثل الإعلانات المورد الأساسي لضمان بقاء المؤسسات الإعلامية الخاصة، أمّا المؤسسات العمومية فمواردها ميزانية الدولة والضريبة الموظفة على فواتير الكهرباء والغاز. وتُظهر الأرقام حجما كبيرا للأموال الموزعة في سوق الإعلانات، بلغ 220 مليون دينار سنة 2015 و 219 مليون دينار سنة 2016.

وحازت القنوات التلفزية 61 بالمائة من حصة الإشهار بقيمة 135 مليون دينار سنة 2016، تليها الإذاعات بمبلغ 34 مليون دينار ثم الصحافة المكتوبة (19,8 مليون دينار) والانترنت (7 مليون دينار). وأنفق مبلغ 22 مليون دينار على اللافتات الإشهارية.

1- عائدات الإعلانات في مؤسسات الإعلام السمعي البصري:

أ- القنوات التلفزية

تتوزع المساحات الإعلانية على القنوات التلفزية والإذاعات بشكل متفاوت تتحكم فيه مؤسسات قيس المشاهدة التي تحدد اختيارات المستشهرين. وتبلغ سوق الإعلانات ذروتها في شهر رمضان، حيث قدرت عائدات الإعلانات في رمضان 2015 بـ28,7 مليون دينار، مقابل 106 م د موزعة على باقي الأشهر.

وتستعد القنوات التلفزية التونسية لشهر رمضان بشكل استثنائي بالإنفاق على إنتاج برامج هذا الشهر لرفع نسبة مشاهدتها واستقطاب الإعلانات. وقد لحقت قناة “التاسعة” خسائر فادحة بتقلص مساحات الإعلانات الممنوحة لها في موسم رمضان 2017، واعتبرت إدارة القناة أنّها استهدفت من مؤسسات قيس المشاهدة. وبيّنت أرقام سنة 2016 الترتيب الآتي للمؤسسات المدعومة بعائدات الإعلانات:

1) نسمة 34 بالمائة/ 2) الحوار التونسي 20 بالمائة/ 3) التاسعة 20 بالمائة/ 4) حنبعل 11 بالمائة/ 5) الوطنية الأولى 8 بالمائة/ 6) تونسنا 2,7 بالمائة/ 7) الوطنية الثانية 0,9 بالمائة.

ب- الإذاعات

تتصدّر إذاعة موزاييك سوق الإعلانات بحصة 14,2 مليون دينار تليها جوهرة اف ام (8 مليون دينار) ثم ابتسامة اف ام IFM (6 مليون دينار) وشمس (3,7 مليون دينار) واكسبرس اف ام (2,6 مليون دينار).

وتكشف هذه الأرقام أنّ مساحة الإعلانات ترتبط أيضا بالخط التحريري، فرغم أنّ إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم تأتي في المرتبة الثانية من حيث نسب الاستماع فهي لا تحوز على حصة الإعلانات المناسبة.

ج- الإعلانات في الصحافة الورقية

لا يختلف مقياس توزيع الإعلانات على الصحافة الورقية عن الإعلانات السمعية البصرية خاصة فيما يتعلق بالإشهار للخواص، أمّا الإعلانات العمومية فتخضع لطلب العروض ولا يخضع للشفافية، كخضوعها للعلاقات الشخصية وتوظيف الخط التحريري. وتستقطب الصحف اليومية أغلب الإعلانات تليها المجلات ثم الأسبوعيات. ويفسّر ذلك عوامل اختفاء صحف والصعوبات التي تعرفها أخرى اليوم.

غرف تحرير وغرف توجيه

تتنوع أدوات الضغط والتوجيه في الفضاء الإعلامي، بما جعله سوقا يتنافس عليه المتنافسون في تحصيل الأدوات القابلة للتوجيه. وتجدر الإشارة إلى أنّنا لا نروم من هذه القراءة الطعن في هذا المشهد إذ أنّه حتى في الدول الديمقراطية العريقة تنشط القوى في الظاهر وتعلن المؤسسات عن اصطفافها دون خجل، وتفصح عن دعمها للطرف الذي اختارته، دون أن تدّعي الحياد، وذلك ما نفتقده عندنا حيث تعمل قوى معروفة، بشكل خفيّ لإدارة توجهات الرأي العام وشنّ حملات التضليل والدعاية، وغيرها من المضامين التي تصبّ في صالح أجندات داخلية وحتى خارجية في المناسبات الانتخابية وعند الأزمات.

وقد لوحظ منذ سنوات قليلة أنّ بعض الشخصيات والأحزاب لجأت إلى فضاء التواصل الاجتماعي لتدير بنفسها صفحات “مدفوعة” للتوقي من التضليل والاستهداف، ولترميم الصورة التي تآكلت في الإعلام التقليدي، ولإكمال ما نقص من مضامين “قصّر” الإعلام في تغطيتها، وغير ذلك مما يتيحه الفضاء الأزرق بكل حرية. ولكن ذلك قد تكون له حدود في الفترات الانتخابية لم تضبطها هيئة الانتخابات سابقا، وستجد نفسها مضطرّة لذلك إن تحوّل “الفايسبوك” إلى ساحة انتخابية موازية.

أخبار, البارزة 0 comments on الجزائر..”حكومة مصغرة” تعيد سلال إلى إدارة الحملة الانتخابية لبوتفليقة

الجزائر..”حكومة مصغرة” تعيد سلال إلى إدارة الحملة الانتخابية لبوتفليقة

فاجأ المحيط الرئاسي في الجزائر، الرأي العام بتعيين عناصر”حكومة سابقة” لإدارة حملة الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل القادم، مما يرجح حسم فوز الرئيس الحالي بـ”الولاية الخامسة”.

و كُلّف رئيس الوزراء الأسبق، عبدالمالك سلال، بالإشراف على حملة بوتفليقة وهي رابع مرة يتولى فيها إدارة الحملة الانتخابية، وسط ذهول قادة أحزاب التحالف الرئاسي وعديد الشخصيات المحسوبة على الرئيس.

و قاد سلال الحكومة الجزائرية من3 سبتمبر 2012 إلى 24ماي 2017، و أطيح به بعد فشله في إقناع “إخوان الجزائر” بالدخول إلى الحكومة التي أعقبت انتخابات تشريعية مثيرة جرت في 4 ماي2017، حيث استقبل بقصر الحكومة، عبدالرزاق مقري، رئيس حركة “مجتمع السلم”، وأبلغه رغبة بوتفليقة في شغل حقائب وزارية.

علاقة “الإيليزيه”

و لدى تنحيته بقرار رئاسي مفاجئ في صيف 2017، سربت صحف فرنسية “صدمة باريس”، التي لم تكن “تنتظر التخلي عن سلال ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، بعد أعوامٍ من تواجدهما بقلب الأحداث السياسية التي مرت بها الجزائر، وخاصة تلك المرتبطة مباشرة بالمصالح الاقتصادية لفرنسا”.

و تناولت الصحافة وقتها أن مدير الأمن الخارجي بمخابرات فرنسا، برنارد إيمي، وبّخ معاونيه “لفشلهم في الدراية المسبقة بقرار تنحية عبدالمالك سلال من رئاسة الحكومة الجزائرية، وتعيين عبدالمجيد تبون خلفًا له”.

و يعتقد مصدر سياسي جزائري من تكتل “التحالف الرئاسي” أن تعيين محيط الرئيس بوتفليقة لعبدالمالك سلال مديرًا لحملته الانتخابية، هدفه “إرضاء باريس وكبح دعمها المفترض لأيّ مرشح غير الرئيس الحاكم منذ 1999”.

و يرى المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، في حديث لـ”إرم نيوز”، أن باريس حاولت الإيعاز لجهات نافذة بدعم ترشح الجنرال المتقاعد من الجيش الجزائري، علي غديري، ومن ذلك مسؤولين في الإعلام “الفرانكفوني” الموالي لفرنسا وكذلك رجال الأعمال الذين يحوزون على استثمارات ضخمة فيها، مثل الملياردير البارز يسعد ربراب.

و يحتفظ رئيس الوزراء السابق، عبدالمالك سلال، بشبكة علاقات متشعبة مع دوائر صنع القرار الفرنسي، وقد استجاب في حادثة “طريفة” لتوجيهات وزير الدفاع الفرنسي السابق، جون إيف لودريان، بتعيين مواطنه الرياضي كريستيان غوركيف مدرّبًا للمنتخب الوطني الجزائري.

و حامت حول سلال شُبهات فساد بسبب قربه من رجال الأعمال وترخيصه لهم بصفقات “مشكوك في قانونيتها”، بمعية وزير الصناعة السابق عبدالسلام بوشوارب الذي لاحقته تهم “أوراق بنما” الشهيرة، ومن هؤلاء رجل الأعمال علي حداد مالك المجمع الإعلامي “وقت الجزائر” وصاحب شركة الأشغال العامة المستحوذة على كبرى صفقات إنجاز الطرقات.

و قاد رئيس الوزراء المعين خلفًا لسلال وقتها، عبدالمجيد تبون، معركة مع “رجال سلال” المقربين من الدوائر الفرنسية، ضمن مسمى “المال السياسي” ولكنه فشل في ذلك تحت ضربات موجعة وجهتها إلى حكومته شبكات رجال الأعمال اللصيقة بسابقه عبدالمالك سلال.

 

قيادة أركان

 

و استنجد رئيس الوزراء السابق، العائد إلى واجهة الأحداث السياسية (سلال)، بوزراء سابقين لدعم أركان الحملة الانتخابية للرئيس المفترض إعلان ترشحه بعد ساعات أو أيام قليلة، فيما يشبه “حكومة مصغرة” وهي خطط تكتيكية من نزيل قصر “المرادية” الرئاسي بأعالي الجزائر العاصمة.

و عيّن سلال الوزير والمدير السابق لديوانه، مصطفى كريم رحيال، مديرًا لشؤون التنظيم، ووزير الصحة السابق عبدالمالك بوضياف مديرًا للتحضير اللوجيستيكي، ووزير المياه السابق عبدالقادر والي مسؤولًا للعلاقات مع الأحزاب.

و أسنُدت مهمة التعامل مع الإعلام إلى وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، وتعيين وزير الإعلام السابق حمراوي حبيب شوقي مساعدًا له، بينما يتولى وزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية ومعه وزير النقل السابق عمار تو مسؤولية المهرجانات الانتخابية، بمساعدة وزير الشباب السابق بلقاسم ملاح في البرمجة.

و جيء بالقيادي في حزب “تجمع أمل الجزائر” والمستشار السابق لسلال، إلى  مديرية الحملة الانتخابية مكلفًا بالجمعيات والتنظيمات الطلابية، ومعه القيادي في حزب رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى “التجمع الوطني الديمقراطي” منذر بوذن.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on النداء و عقدة المؤتمر .. رواية من الداخل .. بقلم خالد شوكات

النداء و عقدة المؤتمر .. رواية من الداخل .. بقلم خالد شوكات

طرح موضوع المؤتمر على حركة نداء تونس منذ سنة 2013، حيث قام الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي بتشكيل أول لجنة وطنية للتفكير في المؤتمر، جرى تحويلها لاحقا في السنة نفسها الى لجنة وطنية للاعداد للمؤتمر، وقد كان لي شرف عضوية كلتا اللجنتين وان اشغل فيهما موقع “المُقَرِّر” المسؤول عن صياغة جميع الوثائق الناتجة عن اشغالهما، وهي وثائق ما تزال صالحة الى هذا اليوم، باعتبارهما قانونيا جزء من أدبيات الحزب، واذكر هنا إنني كلفت بعرض اعمال اللجنة في اجتماع للمكتب التنفيذي ووجد العرض ترحيبا وتأييدا واسعا من جلّ القيادات الندائية، التي اقتنعت بأنه لا مستقبل لحزب لم ينظم مؤتمره التأسيسي.

و بمناسبة الذكرى الثانية لتأسيس الحركة، وفي أفق انتخابات 2014، وفي شهر جوان تحديدا من ذلك العام، كلفت بإعداد مشروع لتنظيم مؤتمر وطني، قمت بعرضه شخصيا على الرئيس المؤسس في منزله الخاص بضاحية سكرة، بحضور عدد ضيّقٌ من القيادات الندائية حينها، وانتهى العرض بما قدرنا في حينها انها موافقة من سي الباجي على عقد المؤتمر الوطني قبل انعقاد الانتخابات التشريعية والرئاسية، فقد كان دافع الحماسة والتصميم على عقد المؤتمر الخوف من ان يصل النداء الى الحكم – كما هو متوقع حينها- دون وجود مؤسسات حزبية قوية وقادرة على حماية الحركة من اي مفاجآت قد تحدث جراء مقتضيات السلطة، وقد صدقت التوقعات في جانبيها، اي الفوز والحكم، وانتهى النداء الى ما هو عليه اليوم من ضعف وهوان، وعلى الرغم من ابداء الرئيس المؤسس موافقته المبدئية على عقد المؤتمر الا انه سرعان ما تراجع جراء ضغوط مجموعات ندائية رأت في الامر مؤامرة بغاية تصفيتها.

فما الذي حال دون تنظيم مؤتمر في حضرة الرئيس المؤسس، كان بمقدوره ان يزود الحركة بمؤسسات تقيه برد الحكم والسلطة، وتحول دون هذه الرداءة والانهيارات والانشقاقات التي زعزعت الثقة في حزب يفترض انه وارث حزب الحركة الوطنية وا لاصلاحية التونسية و ممثل المدرسة الدستورية العريقة ؟ و ما الذي ما يزال يحول دون قدرة النداء على تنظيم مؤتمر وطني مقنع حتى تحوّل الأمر الى ما يشبه العقدة الندائية المزمنة ؟

و قبل الإجابة على هذا السؤال، وهو ما تروم هذه الورقة تقديم محاولة فيه، عليَّ الاعتراف بأنّ مخيّلتي لم تسعفني يوما لتوقّع المستوى الهابط الذي أدركته الممارسة الحزبية والعبثية السياسية التي تابعتها خلال السنوات الاخيرة، فهو وضع فاق كل التصوّرات والتقديرات مهما كانت جانحة في استشراف السوء والانحطاط، حيث استبيحت جميع الوسائل وجرى الاستهتار بكافة القواعد والاعراف والأخلاقيات، وتحوّل الخلاف في وجهات النظر بين القيادات الندائية المؤسسة حول قضايا أساسية أصلية أو مستجدّة من بينها المؤتمر، الى معارك كسر عظم غير مشرّفة، غالبا ما انتهت الى انشقاقات فرّخت أحزابا سياسية جديدة او انسحابات حرمت النداء من خيرة كفاءاته وخبرائه في عديد الاختصاصات التي يحتاجها الحزب والدولة، ولعل اكثر ما في هذا الامر من خطورة، هو ان معالم هذا المشهد الندائي ما تزال قائمة، وان ذات المنطق ما يزال يقود الشأن الندائي في الظاهر والباطن، مما لا يدفع كثيرا الى التفاؤل بان النداء قادر على فك عقدته مع المؤتمر في الأجل المعلن أو في أجل لاحق قريب، لكن المستحيل ليس ندائيا كما يحلو لبعض القيادات الندائية الوفيّة القول.

إن ما أدّى خلال السنوات الست الماضية الى عجز النداء عن تنظيم مؤتمر وطني مقنع، لم يعدم الى حدّ الساعة، ان لم نقل ان العوامل المعرقلة قد تفاقمت اكثر، وهي عوامل منها ما يتصل بخصائص النداء، ومنها ما يتعلّق بخصائص الانتقال الديمقراطي، ومنها ما ينبع من خصائص الشخصية التونسية، ولعلّه بمقدورنا ايجاز أهمّها كما يلي:

– أوّلاً: ان ايماننا بالتنوع في إطار حركة قامت واكتسبت هويتها وخصوصيتها باعتبارها حركة متنوعة الروافد، كان ايمانا سطحيا وظاهريا وصوريا وظرفيا، اكثر مما هو ايمان عميق وباطني وبنيوي ودائم مثلما يقتضي الحال، وبالتالي فقد كان التجمع الندائي تجمع أطراف كلّ واحد منها يضمر الشرّ للطرف الاخر متى ما تغيّرت الظروف والمعادلة، وكان هنا منطق المغالبة هو السائد في العقل الباطن، مما جعل المؤتمر أشبه بالمشروع الانتقامي في نظر أحد الروافد، والمشروع الإقصائي لدى رافد اخر، الامر الذي يتناقض تماما مع وظيفة المؤتمر الأصلية، فالمؤتمر مناسبة لولادة الأحزاب في بعض الاحوال، ومناسبة لتقوية الأحزاب في احوال اخرى. ومن هذا المنطلق على الندائيين التسلّح بقناعة مفادها ان النداء يجب ان يظل متنوعا، وان المؤتمر عليه ان يكون ضامنا للتنوع ومكرّسا له مؤسساتيا، وهو ما لا يمكن تحقيقه الا بالاعتراف المتبادل بين الروافد الندائية والاتفاق على اليات تمثيل شامل للجميع في مؤسسات الحركة.

– ثانيا: ان جزءًا من المشكل مردّه مناخ حزبي ملبّد بغيوم الشكوك والتخوين وهواجس امنية وأوهام تروِّج لها بعض العقليات المريضة التي تشكّلت غالبا في ظل العهود السابقة للثورة، والتي غالبا ما تتحدث عن اختراقات ومؤامرات ومخططات داخلية وخارجية لضرب الحركة او توظيفها او تطويعها، وعندما تسود هذه الأجواء المسمومة تذبل الافكار الايجابية وتموت روح المبادرة البناءة وتحاصر الكفاءات وتتراجع المشاريع المفيدة ويطغى اهل الرداءة ممن لا يستمرون الا في مثل هذه الفضاءات غير الطبيعية، وعلى الرغم من خروج ثمانين بالمائة من القيادات الندائية الا ان اجواء العشرين بالمائة الباقية ما تزال متشبثة الى الان بذات الأجواء، ولم يخل امر الأقلية المتشبثة بالنداء من منغصات الانقسام والصراعات غير المبررة، فكيف لأجواء الانقسام ان تقود الى مؤتمر مقنع كما نرجو.

– ثالثا: ان احد اهم مصادر الأزمة الندائية غلبة المفاهيم المنحرفة للظاهرة الحزبية وللحكم والسلطة، فالعقل السياسي الموجه لكثير من القيادات الندائية مشدود لمحدد “الغنيمة” اكثر مما هو مشدود ل”مشروع حضاري وطني” يهدف الى التقدم بالوطن وإلحاقه كما يقول الرئيس المؤسس بركب الامم المتحضرة، فبدل ان يلتزم النداء ببرنامجه الانتخابي الهادف الى إنقاذ الاقتصاد الوطني، اصبح غاية عدد كبير من قادة النداء وممثليه في مؤسسات الحكم نيل نصيبهم من كعكة المصالح ومواقع السلطة واستنزاف ما تبقى مما خلّفه النظام السابق من ثروة. ولهذا فقد انتصر اهل ” الغنيمة والتكمبين” على اهل “القدرة والكفاءة”، وتقدّمت المشهد الندائي شخصيات “غنائمية” لن يكون بمستطاعها مساعدة النداء على بلوغ مؤتمر وطني مقنع أبدًا، ولن تفضي سيرتها كما أشير سلفا، الا لما يتفق مع مصالحها في البقاء مدة أطول في السلطة التي وحدها تضمن حماية هؤلاء من شرور الشبهات التي تحوم حولها وتنغص عيشها.

و في الختام، لا مناص من القول بان المؤتمر ليس مجرد اعلان نوايا حسنة او تحديد موعد له، قد يؤجل مرة أولى وثانية وثالثة بتعلّات غالبا ما تشير الى الأسباب الأصلية او تتحاشى ذكرها، فالمؤتمر هو السلطة الأعلى التي يتوقف على حسن ادائها مستقبل الحزب، وعلينا الوعي بانه دون تفاهمات سابقة صلبة بين الروافد الندائية، يسبقه اعتراف قوي متبادل واتفاق على تكليف الأكفأ مسؤولية الاعداد والتنظيم والقيادة والتسليم لاحقا بقواعد اللعبة بكل روح رياضية، فان النتيجة لن تكون أبدًا مرضية.. والحق أقول ان المقدمات التي تابعتها طيلة الأشهر الماضية لا تبشر أبداً بخير، وان المحصلة بالتالي

لن تكون كما نتمناه بالصورة المأمولة.. على الرئيس المؤسس ان يدرك ان النداء لن يستمر الا اذا اعتمدنا قاعدة النزاهة والشفافية والكفاءة، وربطنا الحزب بمشروع الوطن الحضاري الذي يبقى الغاية العظمى.

 

 

*قيادي في حركة نداء تونس