فاجأ المحيط الرئاسي في الجزائر، الرأي العام بتعيين عناصر”حكومة سابقة” لإدارة حملة الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أفريل القادم، مما يرجح حسم فوز الرئيس الحالي بـ”الولاية الخامسة”.

و كُلّف رئيس الوزراء الأسبق، عبدالمالك سلال، بالإشراف على حملة بوتفليقة وهي رابع مرة يتولى فيها إدارة الحملة الانتخابية، وسط ذهول قادة أحزاب التحالف الرئاسي وعديد الشخصيات المحسوبة على الرئيس.

و قاد سلال الحكومة الجزائرية من3 سبتمبر 2012 إلى 24ماي 2017، و أطيح به بعد فشله في إقناع “إخوان الجزائر” بالدخول إلى الحكومة التي أعقبت انتخابات تشريعية مثيرة جرت في 4 ماي2017، حيث استقبل بقصر الحكومة، عبدالرزاق مقري، رئيس حركة “مجتمع السلم”، وأبلغه رغبة بوتفليقة في شغل حقائب وزارية.

علاقة “الإيليزيه”

و لدى تنحيته بقرار رئاسي مفاجئ في صيف 2017، سربت صحف فرنسية “صدمة باريس”، التي لم تكن “تنتظر التخلي عن سلال ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، بعد أعوامٍ من تواجدهما بقلب الأحداث السياسية التي مرت بها الجزائر، وخاصة تلك المرتبطة مباشرة بالمصالح الاقتصادية لفرنسا”.

و تناولت الصحافة وقتها أن مدير الأمن الخارجي بمخابرات فرنسا، برنارد إيمي، وبّخ معاونيه “لفشلهم في الدراية المسبقة بقرار تنحية عبدالمالك سلال من رئاسة الحكومة الجزائرية، وتعيين عبدالمجيد تبون خلفًا له”.

و يعتقد مصدر سياسي جزائري من تكتل “التحالف الرئاسي” أن تعيين محيط الرئيس بوتفليقة لعبدالمالك سلال مديرًا لحملته الانتخابية، هدفه “إرضاء باريس وكبح دعمها المفترض لأيّ مرشح غير الرئيس الحاكم منذ 1999”.

و يرى المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، في حديث لـ”إرم نيوز”، أن باريس حاولت الإيعاز لجهات نافذة بدعم ترشح الجنرال المتقاعد من الجيش الجزائري، علي غديري، ومن ذلك مسؤولين في الإعلام “الفرانكفوني” الموالي لفرنسا وكذلك رجال الأعمال الذين يحوزون على استثمارات ضخمة فيها، مثل الملياردير البارز يسعد ربراب.

و يحتفظ رئيس الوزراء السابق، عبدالمالك سلال، بشبكة علاقات متشعبة مع دوائر صنع القرار الفرنسي، وقد استجاب في حادثة “طريفة” لتوجيهات وزير الدفاع الفرنسي السابق، جون إيف لودريان، بتعيين مواطنه الرياضي كريستيان غوركيف مدرّبًا للمنتخب الوطني الجزائري.

و حامت حول سلال شُبهات فساد بسبب قربه من رجال الأعمال وترخيصه لهم بصفقات “مشكوك في قانونيتها”، بمعية وزير الصناعة السابق عبدالسلام بوشوارب الذي لاحقته تهم “أوراق بنما” الشهيرة، ومن هؤلاء رجل الأعمال علي حداد مالك المجمع الإعلامي “وقت الجزائر” وصاحب شركة الأشغال العامة المستحوذة على كبرى صفقات إنجاز الطرقات.

و قاد رئيس الوزراء المعين خلفًا لسلال وقتها، عبدالمجيد تبون، معركة مع “رجال سلال” المقربين من الدوائر الفرنسية، ضمن مسمى “المال السياسي” ولكنه فشل في ذلك تحت ضربات موجعة وجهتها إلى حكومته شبكات رجال الأعمال اللصيقة بسابقه عبدالمالك سلال.

 

قيادة أركان

 

و استنجد رئيس الوزراء السابق، العائد إلى واجهة الأحداث السياسية (سلال)، بوزراء سابقين لدعم أركان الحملة الانتخابية للرئيس المفترض إعلان ترشحه بعد ساعات أو أيام قليلة، فيما يشبه “حكومة مصغرة” وهي خطط تكتيكية من نزيل قصر “المرادية” الرئاسي بأعالي الجزائر العاصمة.

و عيّن سلال الوزير والمدير السابق لديوانه، مصطفى كريم رحيال، مديرًا لشؤون التنظيم، ووزير الصحة السابق عبدالمالك بوضياف مديرًا للتحضير اللوجيستيكي، ووزير المياه السابق عبدالقادر والي مسؤولًا للعلاقات مع الأحزاب.

و أسنُدت مهمة التعامل مع الإعلام إلى وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، وتعيين وزير الإعلام السابق حمراوي حبيب شوقي مساعدًا له، بينما يتولى وزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية ومعه وزير النقل السابق عمار تو مسؤولية المهرجانات الانتخابية، بمساعدة وزير الشباب السابق بلقاسم ملاح في البرمجة.

و جيء بالقيادي في حزب “تجمع أمل الجزائر” والمستشار السابق لسلال، إلى  مديرية الحملة الانتخابية مكلفًا بالجمعيات والتنظيمات الطلابية، ومعه القيادي في حزب رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى “التجمع الوطني الديمقراطي” منذر بوذن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *