أخبار, البارزة 0 comments on «ذي إنترسبت»: هذه هي طريقة إسرائيل في التأثير على سياسات أمريكا

«ذي إنترسبت»: هذه هي طريقة إسرائيل في التأثير على سياسات أمريكا

بينما تعيش الولايات المتحدة في خضم النزاعات والاتهامات بمعاداة السامية الموجهة لعضوتي الكونجرس إلهان عمر ورشيدة طليب على خلفية تصريحاتهما المناهضة لإسرائيل، نشر موقع «ذي إنترسبت» الأمريكي تقريرًا للكاتب ريان جريم، مدير مكتب الموقع في واشنطن، يتحدث فيه عن تفاصيل فيلمٍ وثائقي ممنوع من العرض يكشف مدى تأثير أموال جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في عملية صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، موضحًا أنَّ اللوبي المؤيد لإسرائيل يتباهى بتقديم الرشاوى السخية للسياسيين الأمريكيين من أجل تنفيذ جدول أعماله داخل واشنطن.

أشار الكاتب إلى أنَّ الجدل حول قوة اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن لا يزال مستمرًا بعد أن ردت إلهان عمر، النائبة الأمريكية الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا، بحدة على تقاريرٍ تفيد بأنَّ كيفين مكارثي، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي، كان يستهدف كلًا من إلهان عمر وزميلتها رشيدة طليب، النائبة الديمقراطية المسلمة عن ولاية ميشيجان.

وذكر جريم أنَّ إلهان عمر اقتبست بعض كلماتٍ من أغنية الراب الأمريكية It’s all about the Benjamins baby، لتُلمح إلى أنََّّ تحرك مكارثي جاء مدفوعًا بالإنفاق السخي لجماعات الضغط الإسرائيلية في واشنطن. وعندما سئلت إلهان عمر عن الجهة المقصودة بكلامها، أجابت بوضوح أنَّها تقصد «لجنة الشؤون العامة الأمريكية ـ الإسرائيلية (أيباك)»، وهي إحدى أقوى منظمات اللوبي اليهودي في أمريكا والعالم.

وحسبما أوضح الكاتب في تقرير، يُمكن فهم الجدل الدائر حول تأثير الجماعات الموالية لإسرائيل من خلال تحقيقٍ أجرته قناة «الجزيرة» القطرية، حيث استطاع مراسل صحافي التخفّي واختراق منظمة «مشروع إسرائيل»، التي مقرها واشنطن. وتمكَّن مراسل قناة «الجزيرة» من تسجيل محادثات على نحوٍ سري على مدى ستة أشهر في عام 2016 بشأن الإستراتيجية السياسية للمنظمة وحجم نفوذها وتأثيرها. ومع ذلك، وفقًا للتقرير، لم تعرض قناة «الجزيرة» ذلك التحقيق قط؛ إذ امتنعت عن إذاعته جراء الضغط من اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن.

وأفاد التقرير أنَّ موقع «الانتفاضة الإلكترونية» المؤيد للقضية الفلسطينية حصل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) على تلك المادة الفيلمية الوثائقية المكوَّنة من أربعة أجزاء ونشرها، لكنَّه فعل ذلك خلال أسبوع انتخابات التجديد النصفي الأمريكية؛ لذا لم تجذب كثيرًًٍا من الاهتمام في ذلك الوقت.

و حول ما جاء في ذلك الفيلم الوثائقي، أفاد التقرير أنَّ قادة اللوبي المؤيد لإسرائيل تحدثوا صراحةً عن كيفية استخدامهم المال للتأثير على العملية السياسية الأمريكية بتعليقاتٍ فجَّة للغاية لدرجة أنَّها لو كانت صدرت عن منتقدين لهم، كانوا سيتهمونهم بمعاداة السامية.

ويلفت الكاتب إلى أنَّ ديفيد أوكز، مؤسس منظمة «هاليف»، التي تساعد في إرسال الشباب إلى مؤتمر منظمة «أيباك» السنوي، قد وصف للمحقق الصحافي كيف تقوم «أيباك» ومانحوها بتنظيم عمليات جمع تبرعات خارج المظلة الرسمية للمنظمة حتى لا تظهر تلك الأموال عند الإفصاح عنها أنَّها قادمة من المنظمة على وجه التحديد.

ووصف أوكز واحدة من الجماعات التي تُنظّم عمليات جمع التبرعات في واشنطن ونيويورك، قائلًا: «هذه هي أكبر مجموعة سياسية مُخصَّصة تحديدًا لهذا الغرض، وبالتأكيد الأكثر ثراءً، في واشنطن العاصمة»، مؤكدًا أنَّها لا تمتلك اسمًا رسميًا، لكنَّها مرتبطة بشكلٍ واضح بمنظمة «أيباك». وأضاف أوكز: «إنَّها جماعة أيباك. وتُحدث فرقًا حقًا. بالتأكيد تفعل ذلك. إنَّها تحقق أفضل النتائج المرجوة من جمع الأموال وقادرة على بناء شبكة علاقات عامة على نحوٍ استثنائي». وأفاد موقع «ذي إنترسبت» بأنَّه لم يتلق ردًا من أوكز و«أيباك» على طلبات الموقع الأمريكي من أجل التعليق على ما جاء في تقرير الكاتب ريان جريم.

يجادل أوكز، حسبما جاء في التقرير، بأنَّ اللوبي المؤيد لإسرائيل لا يستطيع تنفيذ جدول أعماله بدون إنفاق الأموال، قائلًا إنَّ «أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ لا يفعلون أي شيءٍ دون الضغط عليهم، ويمتنعون عن إنجاز الأمور ما لم تضغط عليهم للمضي قدمًا، والطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي المال».

ويقول الكاتب: «إنَّ أوكز وصف عملية جمع التبرعات لأنتوني براون، الديمقراطي الذي رشَّح نفسه لعضوية الكونجرس، باعتبارها وسيلةً نموذجية»، مضيفًا أنَّ أوكز أخبر محقق قناة «الجزيرة» بأنَّهم «يريدون من المجتمع اليهودي العمل وجهًا لوجه في هذه البيئة الصغيرة، وأن يتأكدوا من أنَّهم إذا منحونا المال، سنستطيع فرض صفقةٍ مع إيران. وبهذه الطريقة، عندما يحتاجون إلى شيءٍ من أي عضو، مثل الصفقة الإيرانية، يستطيعون حشده سريعًا وعرض 30 ألف دولار عليه. وهذا يؤثر حقًا».

ويلفت جريم إلى أنَّ مثل هذا الادعاء لا يختلف كثيرًا عمَّا كانت تصفه إلهان عمر، التي أًدينت بسببه بشدة. فعلى سبيل المثال، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في أعقاب تغريداتٍ نشرتها إلهان عمر أنَّ «اللجنة اليهودية الأمريكية طالبت باعتذارٍ، واصفةً تلميحها بأنَّ أيباك تدفع أموالًا للسياسيين الأمريكيين من أجل الحصول على دعمهم بأنَّه كذب واضح ومعاداة مذهلة للسامية». وفي حين اعتذرت إلهان عمر يوم الاثنين 11 فبراير (شباط) عن تغريداتها، لكنَّها أصرّت على أنَّ «أيباك» وغيرها من جماعات الضغط تُشكّل ضررًا على السياسة الأمريكية.

وفي متابعته لكشف ما جاء في الفيلم الوثائقي الذي مُنِعَ عرضه، أفاد جريم أنَّ أوكز وصف فعالية جمع تبرعاتٍ استضافها جيفري تالبينز، أحد كبار مديري صناديق التحوّط، بأنَّها مثل بئر لا تنضب مياهه، قائلًا: «في نيويورك، مع تالبينز، لا نسأل عن شيءٍ بخصوص الفلسطينيين البغيضين؛ لأنَّها قضية صغيرة وغير مهمة. القضية الأهم هي إيران. نريد أن يكون كل شيء مركزًا على إيران». وأضاف أوكز أنَّ «ما يحدث هو أنَّ تالبينز، الذي تُقدَّر ثروته بنحو 250 مليون دولار، يجتمع مع أعضاء الكونجرس في الغرفة الخلفية، ويخبرهم بالضبط عن أهدافه. ويسلمونه مظروفًا يحتوي على 20 بطاقة ائتمانية قيمة كل واحدة ألف دولار».

ووفقًا للتقرير، أوضح أوكز أنَّ نادي تالبينز في نيويورك يتطلب حدًا أدنى من التعهد بالتبرع قيمته 10 الآف دولار للانضمام والمشاركة في مثل هذه الفعاليات، وثمة بعض الأشخاص يدفعون أكثر من الحد الأدنى بكثير.

ويذكر الكاتب أنَّ أيباك تدعو، على موقعها الإلكتروني، للانضمام إلى عضويتها الخاصة بها، متعهدةً بدفع ما لا يقل عن 5 آلاف دولار لكل دورة انتخابية.

في الوقت نفسه، سلَّط الكاتب الضوء على ما أكدَّه يُدعى إريك جالاجر، الذي كان مسؤولًا كبيرًا في أيباك في الفترة بين 2010 إلى 2015، بشأن إنَّ أيباك تحصد ثمار تلك الجهود. إذ قال للمحقق الصحافي بقناة «الجزيرة» خلال لقاءٍ مُسجَّل سرًا: إنَّ «الحصول على مساعدة أمنية بقيمة 38 مليار دولار لإسرائيل تُعد أمرًا مهمًا، وهو ما فعلته أيباك لتوها. كل شيء تفعله أيباك يركز على التأثير على الكونجرس».

أشار الكاتب في تقريره إلى أنَّ الفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان «اللوبي (The Lobby)»، كان من إنتاج وحدة التحقيقات التابعة لقناة «الجزيرة»، ويضم لقطاتٍ مصورة سجَّلها المُحقّق الصحافي بكاميرا خفية، بعد أن قدَّم نفسه بصفته ناشطًا يهوديًا مؤيدًا لإسرائيل من بريطانيا يريد التطوع في منظمة «مشروع إسرائيل».

وتابع التقرير أنّ المحقق الصحافي، الذي حظى بشقةٍ فاخرة في حي دوبونت سيركل بواشنطن، استضاف اجتماعاتٍ ولقاءاتٍ متعددة، وانغمس اجتماعيًا على نطاقٍ واسع داخل المجتمع المؤيد لإسرائيل وكسب ثقة كبار المسؤولين، الذين كشفوا له عن تفاصيل سرية جرى تسريب الكثير منها؛ مما أثار نقاشاتٍ واسعة حولها في وسائل الإعلام العالمية.

ونُشرت نسخة مرافقة للفيلم حسبما ذكر التقرير، تسلط الضوء على نفوذ اللوبي الإسرائيلي في المملكة المتحدة، وأحدثت جدلًا إعلاميًا كبيرًا. وقد كشفت تلك النسخة عن مؤامرة يُدبّرها مسؤول في السفارة الإسرائيلية في المملكة المتحدة من أجل «استهداف» أعضاء مؤيدين للفلسطينيين داخل البرلمان، وهو الأمر الذي أدى إلى استقالته.

ومع ذلك، أوضح التقرير أنَّ الفيلم تضمَّن عدة لقطات من الولايات المتحدة؛ مما جعل المسؤولين يدركون حينها سريعًا أنَّهم تعرضوا للاختراق. ومن ثمَّ، تقدَّم اللوبي الإسرائيلي بشكوى رسمية في المملكة المتحدة يزعم أنَّ البرنامج معادٍ للسامية، لكنَّ وكالة الاتصالات البريطانية رفضت هذا الادعاء، مشيرةً إلى أنَّ «ما ورد في البرنامج لم يكن يشير إلى أنَّ أيًا من الأفراد المعنيين كانوا يهودًا، بالإضافة إلى أنَّه لا توجد إشارات تتعلق بإنتماءهم الديني».

في المقابل، مارس المسؤولون الموالون لإسرائيل في الولايات المتحدة ضغوطًا سياسية بدلًا عن تقديم شكوى رسمية. إذكتبت مجموعة من 19 نائبًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خطابًا إلى وزارة العدل الأمريكية تطالب بإجراء تحقيقٍ شامل في «جميع الأنشطة التي تقوم بها قناة الجزيرة في الولايات المتحدة»، واقترحوا أن تقوم السلطات بتسجيل شبكة «الجزيرة» الإعلامية  باعتبارها وكيلًا أجنبيًا.

ونوه الكاتب في ختام تقريره إلى أنَّ قطر رضخت في نهاية المطاف للضغوط ولم تذع الفيلم الوثائقي.

 

«ساسة بوست».

البارزة, ندوات ودراسات 0 comments on قراءة في المسار التاريخي لليسار التونسي

قراءة في المسار التاريخي لليسار التونسي

مركز الدراسات الإستراتيجية والديبلوماسية

 

الملخص :

كان برمنيدس الفيلسوف اليوناني  عدو الحركة والصيرورة لا يرى إلا الثبات معتبرا الصيرورة  من الاوهام التي يجب تخطيها وفي مقابل ذالك مثلت الحركة والجدل، الحل الذي تمكن به سقراط من قتل الأب البرمنيدي  وإزاحته عن مشروعه وخطابه الفلسفي، نستعير هذه المواقف لنسلط الضوء على تجربة اليسار التونسي بمختلف توجهاته  ونتفاجئ خلال مسيرته إنه في توجه لا جدلي ولا تاريخي في موقفه من التيار الاسلامي وخاصة  حركة النهضة  فهو ثابت الرؤية والموقف  لم يتقدم ولو خطوة في اتجاه الاعتراف أو التعاون  بل كلما حاول الإسلامي مدّ يد التقارب إلا ولاحقته الشكوك والاتهامات الجاهزة بل و قد يحمل جرائر غيره من اليمين  في مكان ما من العالم هذا إن لم يجد اليسار ما به يدينه من أخطاء سايرته منذ النشأة الأولى.

مقدمة:

إن المعارك التي خاضها اليسار مع الإسلاميين في أواخر السبعينيات والتي مني فيها بهزائم على مستوى الاستقطاب الطلابي بعد أن كان صاحب السبق  هي التي عمقت شرخ الهوة بينهما فلم يغفر له ذالك فضلا عن القراءة الأرثوذكسية للماركسية تجاه الدين، وهو ما جعل الشرخ يزداد عمقا كلما انتصر الإسلامي في أي معركة سياسية  ورغم أن الثورة وحدت كل التونسيين وكان من المفترض تجاوز المعارك الإيديولوجية والاصطفاف أمام الاستحقاقات العاجلة في انتظار تحقيق الآجل ورغم أن قادة الفاعلين السياسيين في تونس الجديدة هم طلبة الأمس إلا أن الملاحظ مغادرة الطالب الإسلامي لطفولته السياسية وأصبح واقعيا ويراعي منطق الجدل والتاريخ  بخلاف خصمه اليساري الذي ضل خارج الواقع يكرر بغرور الطوباوي اسطوانة هي وليدة مناخ ماقبل سقوط جدار برلين  فكان الواقع ساكنا وجامدا لا حراك فيه  يتبنى اليساري مهما كانت مرجعيته ونموذجه المسألة الحزبية الإسلامية ضمن أفق لا يتخطاه  إذ هو  وحده  الوصي على دولة الاستقلال وإن الإسلامي هو الخطر الأكبر وفي أحسن الحالات يجب ألا يتخطى عمله الحزبي والسياسي المواطنة التي تمنحه الحرية الثقافية دون استحقاقاتها السياسية ، هذا ما ستثبته التجربة اليسارية التونسية  فلنتتبعها في مختلف مساراتها وعبر تنوع مرجعياتها .

1/من رحم الحزب الشيوعي  الفرنسي خرجت أول نسخة تونسية يسارية :

 ولدت هذه النسخة المشوهة إبان الاستعمار ولكن رغم تونستها  لم تستطع أن تنحت لها مكانا وسط التيارات  الحزبية التقليدية والمناشط النضالية فبقيت على هامش الدولة /الجماهير وقد نجح الحزب الحر الدستوري التونسي الجديد  بزعامته الشابة  على يد الزعيم الحبيب بورقيبة في أخذ زمام المبادرة واحتكار التمثيل الشعبي  مقصيا عصفورين بحجر واحد  يمينه اعني الحزب الدستوري في نسخته القديمة  المحافظة  ويساره أعني الحزب الشيوعي التونسي  مؤلفا مع اتحاد الشغل وممثلي الأعراف واتحاد الفلاحين والمرأة  تحالفا بقي قائما حتى آخر ورثائه اعني التجمع الدستوي الديمقراطي الذي تم حله بعيد الثورة  فعاد الحزب الشيوعي التونسي للنشاط القانوني بعد ما اظطرت الدولة التونسية  تحت ضغط الواقع الاجتماعي الخارجي والواقع الداخلي المتأزم في معركة الخلافة  إبان فترة المرحوم محمد مزالي في الثمانينات ولكن رغم نضاله مع بقية القوى السياسية من أجل الحرية والديمقراطية لم يستطع هذا الحزب الموغل في القدم حتى ضمان نشاط يميزه داخل الجامعة بفصيله الطلابي وكانت الجامعة وقتئذ تموج بالتيارات الفكرية والسياسية  لذالك اعتبر هذا الحزب من طرف أهله وذوي قرباه  قبل خصومه  حزب نخبوي يمثل البورجوازية التقليدية طبقيا وإن كان مؤسستيا ينتمي إلى الأحزاب الشيوعية ذات المطالب الاجتماعية  وكثيرا ما اتهمه رفاقه اليسار بالعمالة وفي أحسن الحالات  بولائه لأجندة غير وطنية . وإنّ أتباع هذا الحزب  هم انتلجنسيا مثقفة ومعلمنة تكاد تكون بيروقراطية في عملها تتميز بشبكة من العلاقات الثقافية والاقتصادية   متينة مع القوى العميقة للدولة  وتعلن بوضوح بعد الثورة انها الامينة على الارث البورقيبي  وتنظر بريبة لكل التيارات الدينية وحتى القومية  وخاضت تجارب متعددة الفعل السياسي بعد الثورة من تحالفات  ومناشط  داخل العاصمة ومدينتين كبيرتين هما سوسة وصفاقس   إضافة إلى مدن الشمال  والغرب والجنوب لأن الجنوب بقسميه ظل عصيّا على الاختراق  بوصلتها الوحيدة  في كل مناشطها الخصومة مع النهضة بما هي المعادل الموضوعي للإسلام السياسي  واستطاع هذا الحزب  في أول انتخابات تشريعية حرة ضمان مقاعد بفضل القانون الانتخابي  المستند لأفضل البقايا  الذي سوقوا له بعد أن كشّر الإسلام السياسي عن أنيابه في عملية الاكتساح  الانتخابي  هذه المقاعد وإن كانت قليلة العدد  إلا أنها من جهة الإعلام وأدوات صناعة الرأي كانت الأكثر حضورا والأقوى فعالية  مما أثر إيجابا على تقليم أظافر النهضة الفصيل السياسي الأهم ذو المرجعية الدينية.  ولعل المفارقة العجيبة أن حصيلة  معارك القطب الحداثي أو  المسار أو حزب التجديد( عناوين للحزب الأقدم في تونس الحديثة أي الحزب الشيوعي التونسي )  لم توضع في جرابه وإنما في جراب حزب النداء  وهو يلعب دور حزب المخزن كما يحلو للمغاربة وصف حزب السلطة  فلم  يفز  هذا الحزب بأي مقعد في الانتخابات  التشريعية الأولى بعد الثورة  مما جعل  خصومه من اليمين أو اليسار يطلقون عليه حزب اليسار وتتحرك سواكن الأحداث والسياسة  لتؤدي به إلى  المشاركة في حكومة  يرفضها  حزب النداء  ومن المفارقات العجيبة أن أعداء الأمس هم اليوم حلفاء في مركب واحد  فالحكومة الحالية ربانها  النهضة والشاهد بفصيله الخارج من جلباب النداء وسمير بالطيب اليساري الشيوعي  وحزب المبادرة ممثلا للدساترة والتجمعيين.  

2/مع بداية الاستقلال واثناء تحديث الدولة للبنى التحتية :

عبر بناء المدارس والمستشفيات وعمليات الإصلاح الزراعي  وتحديث البنى الفوقية من خلال خيارات ثقافية  وفكرية  لعل أهمها أقرار مجلة الأحوال الشخصية ونشر ثقافة الصحة الإنجابية وتبني الاشتراكية كعنوان للتحديث  توّج أخيرا بالتعاضد  كخيار استراتيجي ضمن موضة عالمية عنوانها العدالة الاجتماعية  ضمن هذا السياق  خرجت تجربة يسارية جديدة لكنها تونسية المولد وليدة هذا التحديث  وتريد أن تواصله إلى حدّه الأقصى وهي تجربة البرسبيكتيف  وهم طلبة من سكان المدن والحواضر  جلهم من الطبقات الوسطى وما دونها  وفّرت لهم الدولة  السكن والدراسة وفضاءات للنشاط الثقافي من دور ثقافية ومكتبات وسينما  وإذا كانت تجربة الحزب الشيوعي  السابقة ظلت في العاصمة ومتعالية عن الطبقات الشعبية وهي تقليدية وغير منفتحة على التجارب اليسارية  الأخرى  وتكاد البيروقراطية تقتلها فإن حركة برسبيكتيف  أرادت أن تسد هذه الفراغات  وتكون البديل الحقيقي والقادر على إنجاز التطلعات  والآمال للشعب التونسي  فالنظام البورقيبي ليس نظاما شيوعيا ولا هو يساريا ولا هو حتى علماني  رغم جرع الحداثة والعقلانية التي يتمتع بها إلا أنه اتهم بالعمالة للقوى الاستعمارية  وبالتالي ظل الاستقلال منقوصا  بالنسبة إليهم وما على اليسار إلا إتمام المسار..  كانت حركة برسبيكتيف  حركة شبابية ثورية هي خليط من طلبة وقوى مثقفة  مطلعة على القراءات الماركسية الجديدة وخاصة في تأويلاتها الفرنسية  وحاولت صياغة نموذج تونسي يكون بديلا عن خيارات الدولة الوطنية  و قد تزامنت أواخر السبعينيات ثلاثة أحداث كبرى  الأولى محلية والثانية  قومية والثالثة يمكن وصفها بالعالمية وهي النكسة أو ما يعرف بحرب الأيام الستة  وتلتها مباشرة أحداث ماي في فرنسا  وقبلهما   إعلان فشل تجربة التعاضد  والتوجه نحو الخيارات الليبرالية محليا  بتسلم السيد الهادي نويرة  رئاسة الوزراء  أكسبت هذه الوقائع والأحداث الحركة اليسارية الجديدة  مزيدا من التعاطف والنفوذ داخل أسوار الجامعات  رغم أن الدولة  بحزبها الأوحد وبتحالفاته مع النقابات قد سلط عليهم حملاته وعنفه حتى كادت هذه الحركة أن تندثر  وتجهض محاولاتها في المهد  وكثير من انصارها تشرد خارج الوطن  معتكفا على خيار التكوين الأكاديمي  ليضع له موقع قدم داخل الجامعة تدريسا وتكوينا للطلبة فيما بعد ومن بقي داخل تونس إما اختار السلامة والعمل في الجمعيات الحقوقية مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان  أو الثقافية  مثل نوادي السينما أو الفرق المسرحية أما من كان عصيّا على التطويع  فكان مصيره السجن. 

3/قمع الدولة العنيف للأفاقيين جعل اليسار يتمترس داخل أسوار الحرم الجامعي:

  مع مطلع السبعينيات  كان كادر التدريس  في معظمه من البرسبكتف أو متعاطف معهم وقد توج عملهم  بالسيطرة  على النقابة الوحيدة الطلابية في انتخابات شرعية أعني  الاتحاد العام لطلبة تونس  وكان بعيد الاستقلال حكرا على الحزب الحاكم أي الحزب الاشتراكي الدستوري التونسي و كان حدث الانتصار اليساري مربكا للسلطة في بداية السبعينات  ولم يستسغ النظام هذه النتائج فكان انقلاب قربة  ودخلت الجامعة من ذالك الوقت في معركة كسر العظام للدولة التي ظلّ سلطانها خارج الجامعة. وتمكن اليسار من تنظيم  هياكله النقابية المؤقتة ولم يكن يسمح للحزب الحاكم  بأي نشاط طلابي داخل الجامعة بل من يشتم منه رائحة الاقتراب من النظام  يواجه بعنف شديد هو الشكل المقابل لعنف الدولة إزاء خصومها  فداخل أسوار الجامعات التونسية لا صوت يعلو على صوت المعارضة فبين روادها  وطلابها شباب ثائر وقادم من مناظق نائية  ومهمشة  ويكتسب داخلها المعارف والفنون والوعي ويتمكن من الاطلاع على آخر منتجات الفكر تحليلا ومضامين  وللمنتج الماركسي ريادته كما وكيفا . وبديهي أن تكون الماركسية أيام الحرب الباردة وتورط أمريكا في الفيتنام تجارة رابحة لكن الماركسية مدارس.  فأي يسارية اختارها الطالب التونسي ؟

داخل اسوار الجامعة  توجد نماذج يسارية فسيفسائية متنوعة  وقد يجد الطالب نفسه مع فصيل في الصباح حتى إذا أمسى أعلن انتسابه لخصمه .إن نظرة على التجارب اليسارية  العالمية  التي كانت ملهمة لليسار التونسي  بعد فشل التجربتين السابقتين (وهما الحزب الشيوعي التونسي الذي ضل كلاسكيا ومتعاليا عن الطبقات الكادحة وتجربة برسبيكتيف على أهميتها إلا أن شدة القمع جعلت منها نخبة أكادمية متعالية بدورها عن النضال اليومي من اجل حلم العذالة الاجتماعية ومحاربة الامبريالية)  تعطينا التالي

** التجربة اليسارية البولشفية وعنها خرجت نماذج لينينية تروتسكية/لينينية ستالينية

** التجربة الصينية  ونموذجها ماو                                                                         

** تجربة أنور خوجه بألبانيا

** التجربة اليوغسلافية وبطلها الماريشال تيتو

** التجربة الفرنسية بيسارها المتنوع                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ** تجربة الأحزاب اليسارية في السودان و لبنان و سوريا  و العراق

 مع ملاحظة أن التجارب العربية ضلّت تجارب ثقافية فكرية أكثر منها تجربة سياسية   ولا يفوتنا هنا أن نسجل ظهور التوجه القومي لدى بعض الطلبة  خصوصا وأن النكسة ألقت بظلالها على الواقع السياسي التونسي علما وإنه توجد خصومة بين عبد الناصر وبورقيبة   لأسباب  لا تخفى على أحد  وهذه الخصومة هي التي  دفعت وزارة الشؤون الدينية  للاحتفاء بأربعينية الشهيد سيد قطب بأمر من الزعيم بورقيبة الذي ندد اشد التنديد بإعدام الأديب سيد قطب بل ومنح بورقيبة جوازات سفر تونسية للإخوان . وهكذا طيلة السبعينات غدت الجامعة التونسية مسرحا لألوان ومذاهب متعددة كل واحدة تدعي أنها قارب الخلاص والنجاة وتتهم خصومها بالعمالة والخيانة أو بالتحريف  وكثيرا ما يتصادم الطلبة  وتتعطل الدروس   ولم تتدخل الدولة زمن بورقيبة  في هذه الخصومات بل بقيت تراقب عن كثب ولا يقلقها الامر طالما هي خطب عصماء لا تسمع إلا في الداخل ولا أثر لها في الخارج  ولأول مرة  يتمكن اليسار التونسي من تجاوز النخبوية  فالجامعة هي خزان مهم  للمستقبل والفاعلية السياسية عند تخرج الطلبة  وانظمامهم لسوق الحياة  داخل المجتمع  وبذالك استطاع اليسار بمختلف تشكيلاته  التغلغل في المؤسسات والوظائف  الإدارية وعبرها الانخراط في النقابات والنوادي الثقافية على قدر ما تتيحه الدولة من هامش للحرية. 

4/  الجامعة فضاء حرّ فيه تناقش الأطروحات  وتتبلور الأفكار :

ويمكن للطالب من خلال المعلقات التي دأبت الفصائل على تعليقها  أن يطلع على الأخبار المحلية قبل العالمية  والكل يدلي بدلوه فصيل أوحد ووحيد ممنوع هو الفصيل المنتمي للحزب الحاكم .  لقد تحركت الجامعة التونسية مع الأحداث المحلية(حوادث قفصة،أحداث الخبز ) والقومية (حرب أكتوبر) والعالمية (الثورة الفيتنامية ) .  تحركها  منسجما مع المزاج الشعبي موجها الاتهام للسلطة الحاكمة وقد دفع الطلبة أثمانا باهضة في هذه الاحتجاجات  إلى حد الاستشهاد  في أحداث الخبز. أواخر السبعينيات  وفي غفلة من القوى اليسارية ظهر التيار الإسلامي  وكان ظهوره في البداية محتشما  وشبه دعوي  ينطلق من المساجد ليبشر بأن الخلاص والحل لن يكون إلا بالعودة للإسلام الصافي  حتى إذا انتظم هذا الحراك واشتد عوده تطلع لموقع قدم  داخل العمل النقابي  في اتحاد الشغل وداخل أسوار الجامعة  ومع أن القوى اليسارية حاولت في البداية منعه واعتبرته نسخة مشوهة ومضللة وعميلة للحزب الحاكم  إلا أن إصرار هذا التيار على الكلام وعلى التواجد  كان قويا إلى حد اكتساحه بعض المقاعد في انتخابات المجالس العلمية و كان حضوره قويا في الكليات العلمية ومحتشما في الحقوق والآداب إذا ما استثنينا كلية الشريعة . بقي التيار اليساري وفيا لموقفه من الإسلاميين  منذ لحظة ميلاده. إنهم  نتاج مؤامرة الدولة بحزبها الحاكم ليكسر شوكة اليسار ويقلص نفوذه  وعند الخطب الحماسية  هو يمثل  مؤامرة أمريكية بترودولارية ولكن هذا التوصيف  على وجاهته إلى حد ما  في كون الدولة رعت نشاة هذا التيار في بدايته  لكن لا يمكن بحال أن يفسر تفسيرا موضوعيا  كيف استطاع وفي وقت وجيز اكتساح  الساحات الجامعية  وافتكاك زمام المبادرة  حتى فنيا فالتونسيون تعرفووا على الفن الملتزم  للشيخ إمام  من خلال اليسار ولكن سرعان ما تم استدعاؤه من قبل الاتجاه الإسلامي  وتبني كل أغانيه وحفظها  وقد لعبت الثورة الإيرانية ومقولاتها  القرآنية من الاستكبار والطاغوت والاستضعاف… الخ كلها لعبت دورا في إشعاع النشاط الإسلامي والذي سمي لاحقا  من الأكاديمي  الاجتماعي  السيد عبد الباقي الهرماسي بالاسلام الاحتجاجي تمييزا له عن الاسلام الكلاسيكي  

ان العائلة الطلابية طوال الثمانينات وحتى قبلها والى الآن تنتمي الى نفس العائلة الاجتماعية وتعيش نفس الاوضاع وتعاني نفس المشاكل  ولكن على مستوى الخيارات  يتفرقون فواحد منهم يختار جنة ماركس الموعودة في الارض  والآخر جنة الاديان  الموعودة في  السماء  /الارض    ولم تتمم العشرية الثمانينية  نهايتها حتى اصبحت المجالس العلمية والتي كانت حكرا على اليساريين اصبحت  محسوبة على الإسلاميين  الأمر الذي دفعهم نحو الحسم في مسالة النقابة وأعلنوا تشكيلتهم النقابية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للطلبة ليحفز الضفة الأخرى على وضع حد لهياكلهم المؤقتة ويتمّ الإعلان عن انطلاق مسيرة الاتحاد العام لطلبة تونس  ووقع التأسيسين في عهد وعدت فيه السلطة بالديمقراطية والحرية والإصلاح  عند إزاحة الزعيم بورقيبة بانقلاب ابيض  قاده الوزير الأول ورجل الأمن بن علي  وعلى الفور اعترفت الدولة بالنقابتين. 

5/إن ما يحسب لليسار ممثلا في الأفاقيين والقريبين منهم :

 إنه التقط لحظة نقص الدولة في نمطها الجديد النوفمبري  وحاجتها إلى المشروع الفكري فابن على هو أمني عسكري بالأساس وتعوزه الأفكار الكبرى وأراد أن يقطع الطريق على الإسلاميين خصومه التقليدي  الذي بدا هو الآخر يريد أن يمنح ابن علي المشروعية الفكرية  عبر اقتراح من الإسلاميين  للدعوة إلى انتخابات رئاسية وتشريعية  غير أن  الخطأ الفادح  تمثل في مشاركتهم الواسعة في الانتخابات التشريعية تحت يافطة المستقلين ( لأن ابن على ودولته العميقة  أخذ يماطلهم ربحا للوقت )  واكتساحه الساحات تقديرا منه إلى أن الساحة الاجتماعية مثل الساحة الطلابية.  هذا الخطأ الكبير والذي أبان فيه  التيار الإسلامي عن مدى جماهيريته جعلت الدولة بمنظومتها  من داخلها  وحتى من خارجها تحذر القيادة الجديدة  من  الخطر الاسلامي  من داخلها  تداعى الإعلاميون والنخب الليبرالية وأصحاب المصالح  وبعض أشباه المثقفين واللائكيون على النمط الفرنسي  أما من خارجها فالقوى الحزبية المعارضة التقليدية كحركة الديمقراطيين الاشتراكيين  والحزب الشيوعي الذي اتخذ اسما جديدا هو حزب التجديد بعد إحداث البوستروكيا  أو التجمع الاشتراكي بزعامة اليساري نجيب الشابي  (وهذا الاخير لم يغادر في مواقفه مربع التوتر في تحليل الظاهرة )كل هؤلاء اعتبروا الاسلام السياسي خطرا  متوقعا  وحتى التي تنشط خارج الشرعية القانونية كحزب العمال الشيوعي  بزعامة حمة الهمامي تحرك في ذات الاتجاه مؤلفا   كتابا كله شيطنة وهرسلة للتيار الإسلامي متخذا له عنوانا مستفزا (ضد الظلامية). وقد  تداعى الكل من الداخل (النظام والسيستام ) كما من الخارج (المعارضة ) لتحذير السلطة الجديدة من الخطر الإسلامي ورفع شعار لا ديمقراطية مع أعداء الديمقراطية وكان الظرف مناسبا  للتجربتين السابقتين  أعني التجديد وآفاق  ليضعا خدماتهما تحت طلب الدولة في عهدها  الجديد أو التجمع  لقد استغل قسم من اليسار هذا الفزع ودخل في تحالف مع الدولة وكان بطل هذا الخيار الدكتور محمد الشرفي الذي أنجز ما يسمى بإصلاح التعليم على أنقاض الإصلاح البورقيبي  الذي أنجزه  محمود المسعدي، وقد توج هذا التحالف بما يسميه الاسلاميون سياسة تجفيف  منابع التدين ودخل الإسلاميون في التسعينيات في معركة غير متكافئة فكانت المحرقة أو ما يعرف في أدبياتهم بأيام الجمر . فقد منع الاتحاد العام التونسي للطلبة  وجُرم قادته وسجنوا وانسحب التيار الإسلامي من الأنشطة الطلابية ولم يبق داخل الجامعة الا الفصائل اليسارية التي يمكن إجمالها في .

1 الوطد

2 البوكت

3 القوميون

لينظم لاحقا التجمعيون ويعلنوا تواجدهم بالجامعات التونسية  رغم أنف اليسار واستطاعت الدولة أن توظف هذا الفصيل ضد الآخر  ودخلت الجامعة مرحلة التهميش والضحالة الفكرية  فإذا كان الرافد الرئيسي لرواد الجامعة  هو التعليم الثانوي فإن المنظومة التربوية ترهلت حتى لم يبق منها إلا الشكل وكان من استراتيجية النظام التساهل في النجاح حتى أصبحت الشهادات العلمية لا قيمة وازنة لها  لقد اختار النظام تعليم النخبة أما التعليم العمومي  فهو مجرد شكل لا مضمون فيه فالطالب يلتحق بالجامعة وأبسط المعارف لا يمتلكها  في حين  كان طالب الستينات والسبعينات والثمانينات  يأتي وهو ممتلك لخياراته الوجودية والفكرية وقادر على اتخاذ المواقف .

6/ الجنرال ابن علي يثبّت أركان حكمه:

استطاع  ابن على  تثبيت أركان حكمه  موظفا بطريقة ذكية كل المطبات والوقائع العالمية لصالحه  فمن أزمة الخليج والحرب على العراق وصولا إلى الغزو الأمريكي  لأفغانستان وأحداث 11 سبتمبر الشهيرة  كل هذه الاحداث تم توظيفها في اتجاه سلامة خياراته  وقدم نفسه للغرب كنموذج ناجح في محاربة التطرف  لكن القبضة الحديدية لوحدها لا تكفي فالطبيعة كما أكد الفيلسوف أرسطو تأبى من الفراغ لذا محاربة الإسلام السياسي ممثلا في النهضة  كان يجب أن يصحبه بديل روحي وفكري ولم يكن حلفاؤه اليساريون ولا منظومة الاسلام الرسمي قادرين على إمداده  فوقع أول إنذار له  المتمثل في تفجيرات القاعدة في الغريبة بجربة  وكان حدثا مشككا في قبضته الحديدية  ثم تلاه الحدث الأعمق إلا وهو معركة سليمان التي انتبهت الدولة إليها بالصدفة  لقد انتصرت الدولة  في معركتها  مع التطرّف وكانت الرسالة واضحة  وهي أن الجيل الجديد من الاسلاميين والتيارات الدينية  ليست مثل سابقاتها  وإن لم تتسارع الأنظمة  لقراءة المرحلة الجديدة قراءة نافذة لعمقها لن تستطيع توقي مخاطرها ولكن نظام ابن على غره انتصاره ورفض أي إمكان للمصالحة في حين جاره الغربي أي الجزائر  دخل في عملية ما اصطلح عليه بالوئام المدني . في ضل غياب التيارات الإسلامية  تسللت القوى اليسارية  إما تحت داعي الاستقلالية أو بغطاء الانتساب للتجمع(الحزب الحاكم ) إلى عمق الدولة ومؤسساتها  فهذا أول أمين عام للاتحاد العام لطلبة تونس  سمير العبيدي  يرشح لوزارة الشباب والرياضة ( في حين زميليه في الاتحاد المضاد عبد الكريم الهاروني وعبد اللطيف المكي  يعانيان الأمرين  ) هذا الأمر لم يشمل فقط المناصب السيادية بل حتى الجمعيات الحقوقية (مثل رابطة حقوق الانسان ) والفضاءات الثقافية وخاصة وسائل الاعلام  بل حتى الجمعيات النسوية ولكن أهم اختراقات اليسار كانت  في الاتحاد العام التونسي للشغل معتبرين هذا الفضاء مجالهم الحيوي الذي لا يمكن أن يكون إلا يساريا  خصوصا وأن التحالف القديم بين الدولة والعاشوريين انتهى بترهل الأخيرين  فكان الانخراط في الاتحاد  وهو مؤسسة عريقة  إنما نشأت كسلطة مضادة  وطوال العشرين سنة  قبل الثورة لم يكن موجودا فيه إلا  بعض قدماء العاشوريين  واليساريين بمختلف توجهاتهم البوكت والوطد والعروبيين وبعض من الاسلاميين على استحياء وتحت يافطة الاستقلالية و كانوا يتقاسمون المصالح ضمن حدود يسمح بها النظام مع أحداث سليمان  وميلاد الجيل الجديد  من الإسلاميين  حاول بعض اليساريين  الدخول على الخط  أما كحقوقيين يعنيهم أمر حقوق الإنسان أو كمحامين من واجبهم الدفاع عن وكلائهم  وقد تبين للجميع أن الدخول في حرب ضد النهضة الفصيل الإسلامي الأقوى  صحبة أجهزة الدولة  (متعللين بأن النهضة عدو بينما ابن علي وحزبه الحاكم  خصم سياسي ) وكان  النظام هو الرابح الاكبر الذي سرعان ما  انتكس وتراجع على كل وعوده من حرية وديمقراطية وعدالة بل هو الآن يفوت للقطاع الخاص آخر مكتسبات الشعب التونسي  وهنا بدأت تتشكل الرؤية الثانية  حول الإسلاميين في الوعي الجمعي اليساري  والتي ظلت يشتغل ضمن أطرها الحقوقي  وفي أحسن الحالات المربع الثقافي  فالإسلامي  محرم عليه العمل السياسي  ولكنه مسموح له بحرية التعبير والنشاط الثقافي .

7/ الحوض المنجمي:  فتيل الأزمة بين البوكت و النظام:

جاءت أحداث الحوض المنجمي  لتزداد الهوة اتساعا  بين قسم من اليسار اعني البوكت  والنظام  فكان من ضحاي عنف  الدولة الشباب الشيوعي التابع لحزب العمال ومنذ ذالك الوقت اصبح زعيم هذا الحزب السيد حمة الهمامي مختفيا . وتبين للجميع أن هذا النظام    غير قابل للانفتاح وأنه الخصم الأول للحرية وأن مكاسب الدولة الوطنية بدأت تتفكك لصالح مافيا ورجال هم أصدقاء الأصهار…  تداعى الكل للتعاون  ومجابهة الديكتاتورية  واعتبر أن الصمت  جريمة يتحمل وزرها كل من يضع يده في يد النظام وممارساته  وتم أول لقاء بين الإسلامي واليساري طالما أن الخصم واحد وأن التاريخ لا يرحم فظهرت  وثيقة 18 أكتوبر وجمعت المعارضة  الرئيسية لنظام بن علي  بمافيهم حركة النهضة  وهي عبارة عن مجموعة من المبادئ  والخطوط العامة الموجهة هي الحد الادنى من الإجماع الوطني هذه الوثيقة على أهميتها نسيها الكل بعد الثورة  للأسف  حيث انكفأ كل تيار نحو مشاكله الداخلية وعداوته الخارجية. وكان حدث الثورة في 17/14 حدثا  لا يقل أهمية عن حدث الاستقلال بل فيهم من يعتبره ميلاد الجمهورية الثانية ولقد كان له تبعات على دول الجوار والمحيط  وتمكن التيار الإسلامي  من إعادة التشكل بسرعة مذهلة  وقد عادت قيادته من الخارج عودة الأبطال  حاملين معهم  تجارب سياسية وفكرية  لدى الغرب الانجلوسكسوني  ولأن الحرية فتح بابها على مصراعيها  لم تعد النهضة هي صاحبة القول الفصل في التعبير عن  التوجهات الاسلامية فلقد تغير العالم (بفضل العولمة) وجرت مياه كثيرة في البحيرة التونسية  والشباب  الجيل الجديد الذي ترعرع في عشرينية بن علي  لم تعد تغريه الايديولوجيا سواء اليسارية أو القومية أو الإخوانية بل على تخوم الإيديولوجيا ظهرت حركات وتوجهات  متطرفة  سواء يمينية ممثلة في السلفية بشقيها العلمي/الجهادي أو حداثية هي إفراز للعولمة من سلوكيات ومظاهر احتجاجية هي أقرب للتقليد للغرب  منها للمعاناة . لقد ارتبكت النخبة إزاء  هذه الفسيفساء التونسية الجديدة  فالشذوذ في اللباس والمظهر  كان صادما وتحالفت كل القوى اليسارية والعلمانية وحتى الاحزاب ذات المرجعية البورقيبية  ضذ التيار السلفي ونمط عيشه الذي يدافع عنه   ويعد به ودخل الطرفان في الاستفزاز المتبادل الأول يملك الإعلام وأدوات صناعة الرأي  والدولة وإن بشكل غير مباشر والثاني استولى على المساجد ونشط من خلال الخيم الدعوية  والكتب والنشريات  مستغلا إلى أقصى حد نسائم الحرية  . وكانت السنة الأولى بعد الثورة  سنة أعادت التونسيين  للأسئلة الهووية  رغم إن الثورة عنوانها المطالب الاجتماعية والحرية .. ومن خلال الجدل الحزبي والجمعياتي والثقافي  بدت تونس عند اليساريين واللائكيين  تغوص في اتجاه الشرق(وتحديدا صحراء نجد)  وتعيش وضعية الردة عن المدنية فدق ناقوس الخطر واستطاعت القوى اليسارية المتنوعة أن تتشكل في جبهة  واحدة ضلعها الوطد والبوكت والعروبيين (البعث و قسم من الناصريين بزعامة الشهيد الحاج البراهمي) في حين فضل اليسار الكلاسيكي واللائكي تشكيل القطب الحداثي  الكلاسيكي أما اليسار الوسط أو ما يعرف باليسار الاجتماعي  وزعيمه  السيد مصطفى بن جعفر  فنشط من خلال حزب التكتل في مقابل هؤلاء  كان حزب نجيب الشابي  الحزب المعارض الشرس والذي اتسع إشعاعه وكان يمكن أن يكون الورقة الرابحة لولا أخطاؤه القيادية(فهو لم يتحرر بعد من أوهامه في ما يتعلق بالتيار الإسلامي ) والتي جعلته على الهامش ويخسر كل معاركه الانتخابية وقد شارك الإسلاميون في أول انتخابات حرة وديمقراطية واستطاعت أن تحوز رضاء جزء كبير من الشعب التونسي  مستفيدة من المعركة الانتخابية التي حشرها فيها خصومها الحداثيين واليساريين  أو قد تكون هي من حملتهم الى هكذا خيارات  فلقد تمايزت عن الخطاب السلفي  المتطرف وفي نفس الوقت تلونت بالوان الحداثة وقيمها  وكان الانتصار الكاسح ومن ثم ميلاد سلطة الترويكا تحت قيادة النهضة .

8/الإسلامي في الدولة : من السجن و التشرد إلى الحكم و القيادة

 كان المشهد سرياليا  فهذا شق من الإسلاميين يقود ويمسك بأجهزة الدولة وشق آخر يصنع المستقبل من خلال وضع دستور للوطن  قد يعيش مئات السنين وشق آخر يحتل الشارع والمساجد ويرسم المشهد التونسي. إنها الطامة الكبرى والقيامة العظمى ولا بد من فعل شيء ما للحد من هذه المخاطر  هذه هي الصورة الكارثية التي  روجها  التيار اليساري بمختلف شقوقه وحتى الليبرالي والتجمعي   ومن ثم كان  لا بد من توظيف كل الإمكانات المتاحة  فكان الاتحاد العام التونسي للشغل  هو القوة المضادة وعبره يمكن فعل شئ ما للحد من تغلغل النهضة  وكان وسائل الاعلام المقروؤة وخاصة المسموعة والمرئية تصنع رايا عاما يشيطن الرئاسة ويستغل اخطائها ويتهم الوزراء ويعيرهم باسمائهم ومظهرهم وتحت يافطة الحرية كان كل شئ مباحا الإشاعة والكذب والتزييف  إضافة إلى كل هذا كانت الحكومة مرتبكة واياديها مرتعشة  ولم تستطع ان تعالج الملف السلفي  بالعمق الذي يستحقه فلم تع الخطر الذي يشكله  خاصة التيار الجهادي فيه  والذي يمكن اختراقه بسهولة من قبل ارادات دولية لا يرضيها الوضع التونسي. وما يعنينا هو أن الجبهة اليسارية  بقيت وفية لرؤيتها للتيارات الدينية منذ فترتها الطلابية  فالاسلام السياسي  هو ضناعة امبريالية مخابرتية  وهو ضد تطلعات الجماهير ويوظف الدين أو هم تجار لا يختلفون عن الراسمالي السارق لعرق الكادحين غير أن الإخواني يسرق الرأسمال الرمزي  أي الدين  كما أن النهضة هي الأشطر  وذالك لأنها قرأت التاريخ جيدا  ويرى اليسار الاستئصالي أن الجهاديين وأنصار الشريعة التي أصبحت فيما بعد  داعش أو القاعدة  أكثر صدقا من الإخوان  لأنهم يجرّمون الديمقراطية ويكفرون العلمانية ولا يعترفون بالدولة في حين ان  النهضويون  يخادعون ويأخذوا الديمقراطية في وجهها الكمي حتى إذا فازوا في الانتخابات لن يغادروا مربع كرسي السلطة  لأن هؤلاء لا تقع  الديمقراطية  عندهم  إلا مرة واحدة . لقد التقت مصالح  مختلف الأحزاب والتوجهات الحداثية وحتى الدولة العميقة مع الجمعيات والنقابات واليسار بمختلف قواه والليبراليين والمنظومة الحزبية القديمة التقوا جميعهم ضد النهضة وطرق إدارتها لأجهزة الدولة لتضاف التحديات الاقتصادية وحتى الطبيعية ليصبح المناخ مناسبا لاهتزازات وتوترات ذات مطالب اجتماعية تتعلق بالشغل  وتسرب  الارهاب عبر مسارب  هذه التوترات لتزيد الصورة قتامة والوضع كارثيا وازدادت  مصاعب الحكم  بتصرفات السلفيين الحمقاء  من غزوات وتظاهرات  وخطب كلها تحد للنظام  وعدم اعتراف بالدولة  …  وكانت مناسبة للقوى التي تريد أن تقطع عن المسار اتجاهه  فكانت تجربة الانتقال نحو الاغتيال السياسي  ولم يكن زعيم الوطد اختيارا عبثيا ليكون أول ضحية  فهو المحامي المعروف وصاحب الظهور الإعلامي  المتميز في محاربة ما يعتبره تجارة بالدين  لقد تم اغتياله من طرف التيار السلفي  ليتحول الى زعيم /رمز   وتحول من مجرد خصم سياسي  يهاجم الإسلام السياسي  إلى شهيد الحرية  والكرامة  بل بطلا قوميا ووطنيا لا يقل شأنه عن المجاهدين  اللذين دفعوا دماءهم  في سبيل الاستقلال ودفن في مربع العظماء في مقبرة الزلاج  وأعطى هذا الاغتيال للجبهة زخما جماهيريا  وربما مصداقية انعكست نتائجها لاحقا  في الانتخابات  ولم تكد حركة النهضة تمسح جراحات الاغتيال الأول وتداعياته لينضاف اغتيال ثان  يجعلها في قفص الاتهام إلى حد اللحظة … فخرجت  النهضة من الحكومة ضمن توافقات رعاها المجتمع المدني بأضلعه الأربعة (نقابتي العمال والأعراف والمحامون وحقوق الإنسان )….  وأخيرا خرجت تونس بدستورها الجديد  لكن الموقف اليساري ازداد توهجا وأصبح أكثر راديكالية في مواجهة خصمه النهضاوي  فهو قد دفع ثمن معارضته له غاليا فالشهيدين هما زعيمين كبيؤين احدهما يساري لينيني والأخر عروبي ناصري  والاغتيال وقع تحت أنظار وربما بتواطئ مع أجهزة الدولة  وبهذا الاغتيال( والى حين تكشف الحقيقة) لم يعد اليساري التونسي وخاصة الوطدي فيه قابلا لأي رواية  لا تشير بإصبع الاتهام إلى النهضة.

9/أول انتخابات تشريعية ورئاسية في تونس بعد إقرار الدستور :

 جرت انتخابات حرة تشريعية ورئاسية هي الأولى بعد إقرار الدستور الجديد  وكان من الطبيعي أن تخترق الجبهة  مجلس النواب  وتشكل كتلتها المعارضة وخرجت النهضة من  المعركة الانتخابية بأخف الأضرار فتحصلت على الرتبة الثانية  في حين  استطاع الباجي قائد السبسي جمع الفرقاء التونسيين بروافدهم الحداثية واللائكية والنقابية والتجمعية  ومن خلال النداء استطاع الفوز  بالمرتبة الأولى في التشريعيات وفاز بكرسي الرئاسة . وقد رفصت كتلة الجبهة التحالف مع النداء (وفاء لمنطق قديم يرى في نفسه انه الاجدر وانه الوصي على آمال وتطلعات الجماهير في حين نداء تونس ليس الا نسخة جديدة من النظام القديم )وافاق تونس (حزب ليبرالي ) ليفرز الواقع النيابي التونسي ما عرف بالتوافق  وتشكلت الحكومة الاولى ثم الثانية  واكتفى  اليسار بالمعارضة  وبين الفينة والاخرى يشير باءصابع الاتهام الى النهضة في عملية الاغتيال  وكان يسمي الاتهامات بانها تحميل للمسؤولية السياسية  وليس الجنائية. ثم ليتلقف نهاية التوافق  ويعلن للعموم ان النهضة لديها جهاز سري  وانها رتبت ورعت عملية اغتيال البراهمي  عن طريق هذا الجهاز وبالتالي عدم براءتها من الاغتيال الأول  وقدمت من خلال هيئة الدفاع عن الشهيدين وثائق تدعي إنها أدلة تورط الغنوشي رأسا وبعضا من القيادات  النهضوية  وهذا الجهاز  لا يعلم به جزء من القيادات الكبرى والوسطى  وأعادت لوبياتها الإعلامية التذكير بأن النهضة هي إخوانية  والأجهزة السرية اختصاص إخواني بامتياز  وقد طالبت الهيئة حل الحزب ومحاكمة قياداته  وشوهت سجله السياسي  عبر الأذرع الإعلامية والثقافية متهمة النهضة بالتغلغل في الدولة أيام الترويكا والسيطرة على القضاء وهكذا عدنا إلى المربع الأول  في العداوة  حيث كل الأسلحة مباحة  بما فيها التعاون مع أجنحة في  الدولة العميقة التي تعتبر  أن  نهاية ابن علي لا يعني الاعتراف  بالخصم القديم أي النهضة  وانصارها  وقد دخل النداء ممثلا في الرئاسة على الخط  واراد تهديد النهضة من خلال هذا الملف حتى يحسم أمر رئيس الحكومة الجديد والمتنطع على الرئيس  ولكن النهضة حسمت أمرها مع الاستقرار الحكومي  غير عابئة بما يخطط لها واثقة من براءتها معتبرة أن  ما تقوم به الجبهة مجرد رقصة ديك مذبوح يكاد يعرف هزيمته الانتخابية القادمة فأراد ذبح النهضة واهما أن الخزان الانتخابي النهضاوي سيسيح دمه في القبائل .

10/نحن في مطلع سنة 2019 و لكن مواقف اليساريين لم تغادر مربع سنة 1980/1970

 إنه لمن المفارقات العجيبة والتي تستعصى على التحليل المواقف من الإسلام السياسي  كيف أن المحافظ أو اليميني سياسيا قابل للتغير ويتأقلم بسرعة فائقة ويغادر ببراغماتية مذهلة الاحلام الشبابية الطوباوية بل هو لديه إمكان التوافق حتى مع جلاده القديم  يفهم متطلبات عصره يقرأ جيدا الخارطة الجيوسياسية غير مستعجل بل إنه في جدله السياسي مع الآخرين يتفاعل ضمن مربع الخصومة لا العداوة حتى مع اليسار وليس لديه أي اعتراض إلا على القوى الاستئصالية المتطرفة أكانت يمينا (داعش واخواتها ) أو يسارا راديكاليا  فلم تعد مقولات الاستضعاف /الاستكبار  ولا المفاهيم الدينية  والفقهية مستعملة في خطاباتهم  بل أكثر وعيا بضرورة التوافق مع الجميع من أجل تخطي مرحلة الانتقال الديمقراطي( وهي مرحلة صعبة ودقيقة ) بسلاسة وهدوء في حين لا زال المؤمن بالجدل والصيرورة  أي اليساري الجبهاوي  غير مستعد لأي تغيير يذكر في تعامله مع الخصوم والأعداء  مازال قادته في خطبهم وأقوالهم  يروجون اسطوانتهم القديمة حول الاسلاميين ويتعمدون عن قصد خلط الأوراق   فهم بالنسبة لهم  يمثلون كتلة واحدة لا فرق بينهم الا في التكتيكات هو يرى اهل اليسار فرق وتوجهات وحتى قراءات ويتكتل في جبهة دليل اعترافة بالالوان المتعددة داخل الطيف اليساري لكنه يحرم ذالك على الاسلاميين انهم ملة واحدة   وفرقة تتاجر بالدين . وعندما يتكلم قادة الجبهة  في أي موضوع لا بد أن يكيل الاتهامات لعدوه  النهضاوي  يعيد المقولات  التي طالما كررها في المرحلة الطلابية  وبالتالي نجده لا جدليا في مواقفه ولا يقول بصيرورة احكامه  وتاريخيتها انه اذا اكتسب من اليميني ثباته ومحافظته حتى إننا نستطيع أن نؤكد أن اليساري التونسي ليس يساريا ولا هو جدليا .

خاتمة:

إن الحداثة حسب اليسار هي  الوجه الخفي لمؤامرة القوى الامبريالية/الاستعمارية ضد مصالح الامة ونجاحاته في الانتخابات  ليست جدارة ولكنها خطة جهنمية لتزييف الوعي الجماهيري  عن طريق المال الفاسد والاعلام الكاذب  وبالتالي لا اعتراف ولا تعاون موقف يعود بنا الى المعارك الطلابية زمن السبعينيات  وإن  قدر تونس كما يرون ان تؤجل كل المعارك حتى استئصال هذه الزائدة الدودية  فلا مجال للإسلاميين في الحكم وعلى كل القوى التقدمية والحداثية أن تتكتل مهما كانت تبايناتها  من أجل فضح وتشويه هذا السرطان  فهذه القوى هي خصوم وليسوا أعداء  هنا يمكن التعاون مع الدولة وأجهزتها ومع الأعراف ومع الليبراليين  مع كل من يعادي الإخوان حتى الصوفية وممثلي الدين الرسمي يمكن التفاهم معه  وتأجيل المعركة إلى أن يتم قبر هذا التيار . إنه ذات الموقف الذي  تكرره كل الفصائل الطلابية اليسارية منذ نشأة الاتجاه الإسلامي  رغم أنه التيار الإسلامي  المعتدل حسب كل المراقبين ويمكن أن ينشط ثقافيا وله الحق في كل شىء إلا التحزب  أي أن النهضويين الأبرياء من جريمة الاغتيالات والذين لا علاقة له بالعنف  يمكن أن يشاركوا في الأنشطة السياسية في عائلة قريبة لتوجهاتهم أما أن تشكل جماعة  في هيئة حزبية فهذا ممنوع  ومن ثم لا ديمقراطية مع أعداء الديمقراطية وإن المطلوب هو حل حزب النهضة ومحاكمة قادته  وعدم السماح بأي نشاط حزبي ذي مرجعية دينية  إذ أن توفير المناخ الديمقراطي يقتضي  عدم السماح للأحزاب الدينية وبالتالي الحياد إزاء الدين وعدم توظيفه في المعارك السياسية. ومن ثمة  محاكمة المورطين بشبهة الاغتيالات والعنف وتأهيلهم لمستوى المواطنة.  تبقى في التجربة اليسارية التونسية بعض الاستثناءات التي ضلت فردية ولا أثر لها فعلي في الواقع مثل تجربة جلبار النقاش أو الدكتور المرزوقي أو مصطفى بن جعفر  أما الخط العام فهو الذي بيناه وقد فوّت اليسار على نفسه الاستفادة من تجربة اليسار في أمريكا اللاتينية أو ما يعرف بلاهوت التحرير أو بعض القراءات الجديدة للإرث الشيوعي أو دراسات ما بعد الحداثة  وهي تجارب واقعية وفكرية مثلت إحدى المصادر الرئيسية للجدل داخل العائلة النهضوية كما أثبت ذالك الدكتور عبد الباقي الهرماسي حول الإسلام الاحتجاجي ويقصد به النهضة التونسية.  إن تونس تخسر الكثير بالعداوة المفتعلة بين تيار الإسلامي الوسطي واليسار وإن الانتماء الطبقي لعموم الأنصار من الطرفين كان كفيلا بالرقي بالتجربة التونسية  إلى أفق أبعد وللأسف الذي يتحمل المسؤولية هو اليسار  وهو مازال لم يغادر مربع العداوة الزائفة وتقديري أن حركة التاريخ تمضي ولن يتوقف المسار التونسي الحديث انتظارا للحظة نضج  لن تأتي لعقم في الرؤية.

عقيل الخطيب ( باحث تونسي )

أخبار, البارزة 0 comments on موقع استخباراتي: باريس وافقت على الولاية الخامسة لبوتفليقة مع تحفظات

موقع استخباراتي: باريس وافقت على الولاية الخامسة لبوتفليقة مع تحفظات

أكد موقع استخباراتي فرنسي أن باريس، وبعد أن كانت تعارض بشدة ترشح عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة؛ عادت لمراجعة حسابتها؛ حيث وافقت رسمياً على سيناريو خلافة الرئيس الجزائري لنفسه بعد عدة محادثات بدأت على أعلى مستوى وبأقصى تقدير مع مبعوثين من الجزائر.

ونقلاً عن مصدر مقرب من الاليزيه، أوضح موقع “مغرب انتليجنس” (نسبة للمنطقة المغاربية وليس المغرب) maghreb-intelligence أن الرئاسة الفرنسية لم تجد بديلا آخر تراهن عليه، معتبرة أن خيار أحمد أويحيى الوزير الأول، ورئيس حزب السلطة الثاني (التجمع الوطني الديمقراطي)  غير صالح، نظرا لكونه لا يحقق الإجماع داخل القيادة العليا للجيش الجزائري.

وأضاف المصدر أنه يمكن لوصول أويحيى أن يثير انقلابا عسكريا، كما توضح مذكرة من الاستخبارات الفرنسية موجهة إلى الإليزيه. وعليه يقول المصدر: “شروط الانتقال السلمي بقيادة أحمد أويحيى دون وقوع أضرار لم تتحقق بعد في الجزائر”.

وتابع موقع “مغرب انتليجنس” التوضيح أن السفير الفرنسي لدى الجزائر غزافييه دريانكورت، ضاعف الاجتماعات مع بداية العام الجديد، بهدف الحسم في خيار العهدة الخامسة لبوتفليقة؛ حيث أوصى في ملاحظاته المرسلة إلى قصر الإليزيه بدعم هذا التوجه على أمل ظهور منافس مناسب. على الأقل، في انتظار الوقت اللازم لإعداد عملية انتقال حقيقي لحل أزمة خلافة بوتفليقة.

لكن قصر الإليزيه ( الرئاسة الفرنسية) شدد على ضرورة اتخاذ الاحتياطات، إذ يخشى الدبلوماسيون الفرنسيون من فرضية الموت المفاجئ لعبد العزيز بوتفليقة أو أي تدهور آخر في حالته الصحية.

وكخطوة احترازية، أكد “مغرب انتليجنس” نقلاً عن مصدره المقرب من الاليزيه؛ أن موريس غوردو مونتاني، الأمين العام لوزارة الخارجية الفرنسية، اقترح على الرئيس إيمانويل ماكرون الضغط على محاوريه الجزائريين من أجل تعيين، وبأسرع وقت، نائب للرئيس، يكون مستعداً لمواجهة الفراغ السياسي الذي قد يهدد استقرار الجزائر.

و لطمأنة باريس، فقد تم اعتماد هذا الخيار من قبل محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي وعد في هذا السياق بتعديل  الدستور في إعلان ترشحه.

أخبار, البارزة 0 comments on مصادر : قرار استدعاء سفير الرباط “للتشاور” رسالة إلى الملك سلمان لسحب ملف العلاقات السعودية ـ المغربية من وليّ العهد

مصادر : قرار استدعاء سفير الرباط “للتشاور” رسالة إلى الملك سلمان لسحب ملف العلاقات السعودية ـ المغربية من وليّ العهد

تفاجأت الرياض من حجم رد المغرب باستدعاء سفيره المنصوري للتشاور في الرباط حول مستقبل العلاقات. و حسب صحيفة «القدس العربي» فإن القصر الملكي المغربي أراد تنبيه الملك سلمان بن عبد العزيز بتولي العلاقات بدل تركها في يد ابنه محمد ومساعديه.

و كان المغرب قد استدعى سفيره المنصوري من الرياض للتشاور بعدما مس بعض الإجراءات السعودية ملفات مغربية حساسة وهي الصحراء الغربية، وذلك بعدما بثت قناة «العربية» منذ أسبوعين برنامجا يقدم المغرب بصورة الدولة المحتلة للصحراء، ويجعل من البوليساريو ممثل الشعب الصحراوي.
وتدرك الرباط بأن قيام «العربية» ببث هذا البرنامج جرى بعدما توصلت بأوامر من ولي العهد أو فريق عمله بالرد على المغرب بسبب مضمون الحوار الذي أجرته قناة «الجزيرة» مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة منذ ثلاثة أسابيع، وكشف فيه عن عدم استعداد المغرب لاستقبال محمد بن سلمان عندما كان متوجها إلى الأرجنتين للمشاركة في القمة العشرين، وكذلك أعلن عن انسحاب المغرب من حرب اليمن.

و تؤكد مصادر عليمة بالعلاقات بين القصر الملكي المغربي والسعودية استحالة إقدام الملك سلمان بن عبد العزيز على استفزاز المغرب لأنه يكن عطفا خاصا لهذا البلد ويقيم في قصره في طنجة بين الحين والآخر، وإن كان المرض يمنعه الآن من زيارة طنجة، وبالتالي الاستفزاز هو صادر عن ولي العهد محمد بن سلمان الذي اتخذ في وقت وجيز مجموعة من القرارات التي تعرب عن غياب فهم لممارسة السلطة، وخاصة في العلاقات الدولية، وهو ما جعل السعودية تقترب من مرتبة الدولة المارقة في العلاقات الدولية.

و لم تدرك الرياض حساسية ملف الصحراء للرباط عندما تأتي مبادرة سلبية من حليف قدمت له خدمات أمنية وسياسية. فقد توترت العلاقات المغربية-الأمريكية على خلفية الصحراء، حيث كان المغرب قد أقدم على إلغاء المناورات العسكرية خلال أفريل 2014 عندما أرادت واشنطن التقدم إلى مجلس الأمن الدولي بمقترح ينص على مراقبة قوات المينورسو حقوق الإنسان في الصحراء.

و يبدو أن غياب رد فعل من طرف الرياض على قرار المغرب سحب السفير للتشاور نابع من وعي السعوديين بالخطأ الذي ارتكبوه مع المغرب، خاصة ديوان الملك سلمان، فقد أدركوا أن سياسة بن سلمان ستجعل الدول الحليفة تبتعد عن هذا البلد أكثر من دعمه في المشاكل التي يعاني منها الآن مع الغرب بسبب اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر الماضي، والتورط المفترض في تمويل الحركات الدينية المتطرفة.

 

 القدس العربي 

أخبار, البارزة 0 comments on مؤتمر وارسو.. قصة “السيرك” الذي يعده ترامب لتقويض النفوذ الإيراني

مؤتمر وارسو.. قصة “السيرك” الذي يعده ترامب لتقويض النفوذ الإيراني

في عام 1979، كانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ترقبُ بقلق مصير الاحتجاجات الإيرانية على مصير الشاه محمد رضا بهلوي، حليف إسرائيل ورجل واشنطن في الخليج العربي، لذا فإن نجاح الثورة وقتها يمثل خطرًا على مصالحها في المنطقة، لكنّ عدة برقيات سرية بعثها آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية تعّهد خلالها بالحفاظ على أحلاف واشنطن القائمة في المنطقة مقابل السماح بسقوط الشاه، وبعد أربعين عامًا يأتي مؤتمر وارسو ليتوّج فشل سياسات الولايات المتحدة ضد إيران.

بهدف محاولة إعادة رسم خريطة الصراعات والتحالفات في العالم والشرق الأوسط، دعا وزير الخاريجة الأمريكي مايك بومبيو 70 دولة لحضور «مؤتمر وارسو» للسلام في بولندا في منتصف فبراير (شِباط) الجاري، تكون على رأس أولوياته مناقشة النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، ومحاولة وضع حل نهائي للقضية الفلسطينية والوصول إلى تطبيع عربي علني شامل بين العرب وإسرائيل.

لماذا اختارت واشنطن مدينة وارسو تحديدًا ؟

كانت بولندا إحدى دول أوروبا الشرقية التابعة لمعسكر السوفييت والتي تسير على نهج الاشتراكية، وحين شرعت الولايات المتحدة عام 1955 في تأسيس حلف الناتو العسكري، سُرعان ما قابل المعسكر الآخر ذلك بتكوين حلف وارسو في نفس العام تحت شعار المحافظة على الأمن والسلام في أوروبا، وكان الهدف منه الحفاظ على تبعية الأنظمة القائمة، وحين حاولت تشيكوسلوفاكيا -إحدى الدول الأعضاء بالحلف- التنصل من مبادئ الحزب الشيوعي الاشتراكي تدخل الحلف عسكريًا عام 1968 ومنع أي تحول ديموقراطي بها.

توقيع اتفاقية تأسيس حلف وارسو

ولم يصمد حلف وارسو سوى 44 عامًا، فعقب انيهار الاتحاد السوفيتي، وسقوط جدار برلين عام 1991، لم يعد هناك حاجة لبقاء الحلف، خاصة بعدما تحوّل من مؤسسة عسكرية إلى منظمة سياسية، لتنجح واشنطن بعد ذلك في اجتذاب الدول الأعضاء السابقين للانضمام إلى حلف الناتو، عدا روسيا وريثة أمجاد الاتحاد السوفييتي، وبذلك انتقلت بولندا من جناح موسكو إلى واشنطن.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي عدم مشاركتها في المؤتمر، علّقت صحيفة «ذي ناشيونال» الأمريكية، بأن اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وارسو يأتي لأنّ بولندا تقودها حكومة يمينية لها علاقات أفضل مع الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا، وبرغم تصريح وزير الخارجية البولندي بتمسك بلاده بالاتفاق الدولي الذي انسحب منه ترامب، إلا أنه عاد وصرح بأن الاتفاق النووي لا يمنع إيران من الأنشطة التي تزعزع استقرار المنطقة، وبخلاف الرمزية التاريخية للمدينة، فإن اختيارها مرة أخرى يأتي إحراجًا لأوروبا التي ترفض سياسات الرئيس الأمريكي.

لماذا أثار المؤتمر غضب عدة دول ؟

بينما أكدت نحو 60 دولة حضورها للمؤتمر، نددت إيران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف بتحركات الولايات المتحدة ضدها، كما استدعت طهران القائم بأعمال السفارة البولندية احتجاجًا على استضافة مؤتمر اعتبرته إيران مُعاديًا لها، وفي تدوينه له على موقع «تويتر» غرّد ظريف قائلا: «في حين أنقذت إيران البولنديين في الحرب العالمية الثانية، فإنها تستضيف الآن سيركًا يائسًا ضدنا».

محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني

وبخلاف رفض الاتحاد الأوروبي للمؤتمر، فإن روسيا التي سبق أن استفزها حلف الناتو بعقد قمته في مدينة وارسو عام 2016، أعلنت أنها تلقت دعوة للمشاركة في المؤتمر، لكنها شككت في جدواه على لسان وزير خارجيتها، معتبرة أن أجندته وُضعت لخدمة السياسة الأمريكية الهادفة إلى ردع طهران، كما أنها أكدت أنّ رفضها يأتي أيضًا لأن الدعوة التي تلقتها تنص على أن الوثيقة الختامية تعدّها فقط الولايات المتحدة وبولندا من دون مشاركة الدول الأخرى في ذلك، وهو ما وصفته موسكو بأنه غير مقبولة في الشؤون الدولية.

  1. وبالرغم أنّ تحضيرات المؤتمر تزامنت مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى السعودية والإمارات، إلا أن الضغوطات التي تعرض لها لحضور المؤتمر لم تثنيه عن موقفه، فالسلطة الفلسطينية رفضت دعوة الجانب الأمريكي للحضور، والتي رأتها «مؤامرة أمريكية تهدف إلى جعل المشاركين يتبنون وجهات نظر الولايات المتحدة بشأن قضايا المنطقة، ولا سيما قضية فلسطين»، وبحسب ما كشفته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فإن صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر سيُعلن بعض التفاصيل السرية حول الخطة الأمريكية للسلام المعروفة باسم «صفقة القرن».

وبخلاف تحفظات تركيا على وارسو، فإن خارجيتها أعلنت حضورها للمؤتمر ولكن بتمثيل منخفض سيقتصر على مستوى سفارتها في بولندا، أما لبنان فقد دفعه تحفظاته إلى إعلانه عدم الحضور، وخلال القمة التي عقدت بين وزيري الخارجية اللبناني والإيراني في بيروت، أعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل مقاطعته للمؤتمر بسبب حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو الذي أعلن تلقيه دعوة للمشاركة.

ما هي الدول العربية التي ستحضر المؤتمر ؟

في الوقت الذي حثت السلطة الفلسطينية الدول العربية على مقاطعة مؤتمر وارسو، أعلن وزير الخارجية البولندي أنّ عدد الدول العربية التي أكدت حضورها إلى جانب إسرائيل هم 10 دول (السعودية والإمارات ومصر وتونس والبحرين واليمن والأردن والكويت والمغرب وعمان)، وهو ما تعتبره فلسطين طعنة في الظهر، محذرة من أن أحدًا لا يحق له التحدث باسم القضية الفلسطينية في ظل عدم حضور وفد منظمة التحرير من جهة، وبعدم أحقية الولايات المتحدة رعاية الملف الفلسطيني خاصة بعدما اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل من جهة أخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن صفقة القرن لم تظهر حتى الآن تفاصيلها رسميًا، لكن الصحافة الأجنبية سربت بعض بنودها المتمثلة في إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة وأجزاءً من الضفة الغربية، وأجزاء من سيناء المصرية مع توفير الدول الراعية لذلك الاتفاق 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة، مع تأجيل وضع القدس وقضية عودة اللاجئين لمفاوضات لاحقة، على أن تبدأ محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.

 

ساسة بوست

أخبار, البارزة 0 comments on هل أحرق صراع المصالح و النفوذ في ليبيا خطّة غسان سلامة ؟

هل أحرق صراع المصالح و النفوذ في ليبيا خطّة غسان سلامة ؟

لم تنجح مفاتيح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في فك العقدة الليبية،  رغم المحاولات و المبادرات الدولية لحلّ الأزمة ورأب الصدع بين الفرقاء، ما حدا ببعض المراقبين إلى التكهّن بـ“احتراق“ خطّة سلامة في ليبيا في ظلّ تصاعد ”صراع المصالح و النفوذ“ بهذا البلد.

و مع دعوة الاتحاد الأفريقي إلى تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا مطلع جويلية القادم بهدف إيجاد حل للنزاع الداخلي ، يعود إلى الواجهة الحديث عن استعصاء الحل الليبي، في ظل غياب رؤية واضحة لخارطة الانتخابات في بلد يغرق في الانقسامات السياسية و هشاشة السلطة المركزية.

حسابات المصالح

و يرى المختص في الشأن الليبي، بلحسن اليحياوي، أنه بالرغم من طرح مواعيد مختلفة للانتخابات والتي حددت بدءًا من الصخيرات، ومن جانب مبعوث الأمم المتحدة الذي حدد أكثر من تاريخ لها، إلا أن هناك عجزًا عن الاتفاق حول إجراء هذه الانتخابات من عدمها، وهذا الفشل يطال الانتخابات التشريعية، وعملية الاستفتاء على الدستور لاختيار النظام الذي ستكون عليه الدولة الليبية المقبلة.

و يُرجع الباحث التونسي هذا التأجيل المتكرر، إلى الطبقة السياسية المهيمنة على الحكم في ليبيا، حيث تتقاطع مصالح أطرافها مع مطالب الشعب الليبي، فضلا عن تدخل القوى الدولية والتي تسعى إلى ضمان أجنداتها ومصالحها وديمومة نفوذها قبل إجراء هذه الانتخابات.

وشدد اليحياوي على أنّ النزاع على ليبيا أضرم نار الخلاف بين الحليفين التقليديين فرنسا وإيطاليا، ناهيك عن النفوذ القطري والباحث عن موطئ قدم هناك.

ويستبعد المختص في الشأن الليبي، إجراء انتخابات فعلية في ليبيا في هذا التوقيت، نظرًا لتعدد القوى السياسية في المشهد الليبي من مجموعات مسلحة وأطراف سياسية متناحرة من مجلس رئاسي، وتشريعي والجيش، وجميعهم يبحثون عن ضمان بعدم سحب البساط من تحت أقدامهم في حال إجراء هذه الانتخابات.

 

معركة “ الخطوة الأخيرة“

من جهته، قال الباحث الليبي عز الدين عقيل في تصريحه لـ “ إرم نيوز“، إن المشهد الليبي تغير منذ أسبوعين، وولى الليبيون مسألة الانتخابات وراء ظهورهم، بانتظار نتائج العملية العسكرية التي يقودها المشير خليفة حفتر في الجنوب الليبي.

وأكد الباحث الليبي أن ليبيا ستشهد استنساخًا لسيناريو مصر غداة سقوط نظام حسني مبارك، بقيادة المشير محمد حسين طنطاوي الذي تولى قيادة المجلس العسكري أنذاك، مرجحًا قيام ما سماها بالانتفاضة في العاصمة الليبية، طرابلس، مع قرب توجه الجيش الليبي إلى العاصمة بعد انتهاء الحملة العسكرية لحفتر بالجنوب الليبي.

وعن خارطة الطريق الأممية لغسان سلامة والتي يهدف من خلالها  إلى إجراء انتخابات في البلاد، قال عقيل، إن الشعب الليبي ليس بحاجة لهذه البعثة المستغلة للانقسامات، وغياب التوافقات، وفق تقديره، داعيا سلامة إلى حزم أمتعته، بانتظار دور قريب للجيش الليبي بقيادة المشير في المشهد السياسي الجديد بليبيا.

ورقة سلامة الأخيرة

و على إيقاع هذه التكهّنات تتحدّث مصادر عن تأجيل محتمل لمؤتمر الإعداد لانتخابات ليبيا هذا العام لحين الحصول على مزيد من الدعم من الأطراف المتناحرة.

و كان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، يسعى إلى عقد المؤتمر في الأسابيع الأولى من 2019، مع ترجيح إجراء الانتخابات في جوان  المقبل.

و منذ عام 2017، يعمل المبعوث الأممي الخاص غسان سلامة على خطة إجراء الانتخابات لكنها تأجلت في ظل الانقسام الذي يهيمن على المشهد العام بليبيا، وبحسب مصادر إعلامية فإن سلامة لن يعلن عن مكان و موعد حتى يشعر بوجود دعم كاف من جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا.

و بموجب خطة فرنسية كان يتعين إجراء انتخابات في ليبيا يوم العاشر من ديسمبر غير أن المسعى باء بالفشل بسبب انقسامات بين زعماء متصارعين بالإضافة إلى تصاعد العنف في العاصمة طرابلس.

 

 

إرم نيوز

أخبار, البارزة 0 comments on إلى أي مدى تؤثر صحة زعماء المغرب العربي على دولهم ؟

إلى أي مدى تؤثر صحة زعماء المغرب العربي على دولهم ؟

ربما لا يعد الملف الصحي لقادة دول المغرب العربي، وما يثيره من جدل، بالأمر الجديد.

ففي عام 2017، أثار تقرير للبرلمان الفرنسي بهذا الشأن لغطا كبيرا، كاد أن يتطور إلى أزمة دبلوماسية مع تونس والجزائر والمغرب. فقد ذكر التقرير أن المشاكل الصحية لزعماء الدول الثلاث تمثل في حدّ ذاتها “مصدرا لعدم الاستقرار السياسي”.

واليوم، أُثير النقاش مجددا في هذه المسألة مع إعلان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، ترشحه في انتخابات الرئاسة المقبلة، قد تنتهي ببقائه في منصبه للولاية الخامسة على التوالي.

فما هو الوضع الصحي لزعماء الدول الثلاث؟ وهل هو فعلا مصدر اضطراب؟

 

“مخاطر” العهدة الخامسة

التقرير الفرنسي شكك في قدرة بوتفليقة (81 عاما) على ممارسة صلاحياته، وذلك بعد تدهور حالته الصحية جراء إصابته بجلطة دماغية في عام 2013.

وفي السنوات القليلة الماضية، لم يظهر بوتفليقة في العلن سوى مرات قليلة، بدا فيها منهكا، مكتفيا باستقبال ضيوف أجانب في قصر المرادية، ولا يتحدث إلا بصعوبة. كما أظهرت صور الرجل على كرسي متحرك، تارة لوضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري يخلد شهداء الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وتارة لتدشين شبكة قطارات بالعاصمة الجزائرية.

وتتزايد التساؤلات بشأن هوية من يقود البلاد فعليا، وسط غياب الرئيس الجزائري أو تغييبه عنه، كما ألمح رئيس الحكومة الجزائرية السابق، علي بن فليس، الذي يعتقد أن “بوتفليقة قد لا يعلم بترشحه لولاية رئاسية خامسة”.

وفي هذا السياق، قالت رئيسة حزب “الاتحاد من أجل التغيير والرقي”، زبيدة عسول، لبي بي سي إن “ما يهم الفريق الحاكم الحالي هو البقاء في السلطة”، مضيفة أن “العهدة (الفترة الرئاسية) الخامسة ستكون كارثة حقيقية على البلاد”.

لكنّ القيادية في التجمع الوطني الديمقراطي، أميرة سليم، اعتبرت أن ترشح بوتفليقة جاء بعد “مطالب شعبية بالنظر لحصيلة حكمه منذ 1999”.

ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية، علي ربيج، أن تكون “نتيجة الانتخابات قد حسمت فعلا، بعد ترشح بوتفليقة”.

 

“شديد الهشاشة”

وبالنسبة لتونس، أشار تقرير البرلمان الفرنسي إلى أن الرئيس الباجي قائد السبسي (92 عاما) تقدم في السن، بدرجة تجعل من ممارسة مهام منصبه في السلطة أمرا “شديد الهشاشة”.

ولم يتسنّ للسبسي التقدّم لانتخابات الرئاسة في عام 2014 إلا بعد التوصل لاتفاق مع زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، بعدم تحديد سقف لسنّ المرشحين في الدستور.

ويرفض طاقم السبسي التطرق لسنّ الرئيس باعتباره “شكلا من أشكال التمييز على أساس السنّ”. ويعتبر الرئيس التونسي ثاني أكبر زعيم في العالم سنّا، بعد الملكة إليزابيث.

لكنّ القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض، محمد عبو، دأب على مطالبة الرئاسة التونسية بتقديم تقرير طبي حول صحة السبسي.

وقد أشار الرئيس التونسي، في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، إلى أن “الدستور يسمح له بالترشح لفترة رئاسية ثانية”.

وهناك مساع داخل حزب “نداء تونس”، الذي أسسه السبسي ويديره نجله، حافظ، لإقناع الرجل بالترشح لولاية ثانية.

لكنّ المحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي، شدّد على ضرورة توفّر الحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي في المرحلة المقبلة، محذرا من سيناريو نهاية عهد الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، حين أصيبت البلاد بالشلل التامّ جراء عجز مؤسس الجمهورية التونسية.

وأطاح رئيس الحكومة آنذاك، زين العابدين بن علي، ببورقيبة في السابع من نوفمبر 1987، في ما عُرف آنذاك بـ”الانقلاب الطبي”.

ويقول الناشط اليساري التونسي، نجيب البكوشي، إن “القادة يعرفون أبواب الدخول لقصر الحكم لكنهم لا يعرفون باب الخروج منه”.

 

غموض في المغرب

يشير التقرير الفرنسي إلى أن ملك المغرب، محمد السادس (55 عاما)، “يعاني مرضا يتطور بشكل بطيء”، لكنه يصف الرجل بأنه “شجاع وتقدمي وصاحب رؤية في عدد من المجالات”.

وبصفة عامة، يلفّ الغموض الوضع الصحي لملك المغرب الذي خضع في العام الماضي لعملية جراحية في القلب.

وحينها، شددت وكالة الأنباء المغربية الرسمية على أن الملك “سيتمكن من استئناف عمله دون أي قيود بسبب الحالة الصحية”.

لكنّ غياب الرجل المتواصل عن المملكة غذى شكوكا بشأن قدرته على مواصلة الحكم. وقضى الملك أقل من ثلاثة أسابيع في بلاده خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الماضي، وهو ما أدى إلى تأجيل استقبال الرباط سفراء جدد، لعدم تحديد مواعيد لتقديم أوراق اعتمادهم.

ويعتبر الخوض في الوضع الصحي لمحمد السادس من المحظورات في المغرب، منذ أكثر من عشر سنوات.

و في سبتمبر 2009، مثل الصحفيان علي أنوزلا وبشرى الضوو أمام القضاء بتهم “ارتكاب جنحة نشر وسوء النية والترويج لأخبار كاذبة وخاطئة”، بسبب مقالات حول صحة الملك.

 

 

بي بي سي

أخبار, البارزة 0 comments on كيف تحولت المغرب في عهد ابن سلمان من حليف إلى خصم ؟

كيف تحولت المغرب في عهد ابن سلمان من حليف إلى خصم ؟

أخذت العلاقة بين المغرب والسعودية منحى تصعيديًّا منذ شهور، وصلت ذروتها الأيام الجارية بسلسلة قرارات مغربية تضمنت استدعاء سفيرها في الرياض، ووقف مشاركة بلادها في العمليات العسكرية في اليمن والتي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعودية منذ ما يقرب من أربعة أعوام، والتي كان قد سبقها تعلل مغربي بازدحام جدول الملك لعدم استقبال ولي العهد السعودي خلال زيارته الأخيرة.

يرسم التقرير التالي أبعاد الأزمة التي تطورت في الأيام الأخيرة، والتحولات التي مرت بها العلاقة بين البلدين، بين بداية ولاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، والفترة اللاحقة لها، المتزامنة مع ترقية نجله محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد السعودي، واستحواذه على سلطات واسعة.

https://youtu.be/B2ljTOqh_7E

 

التحول في العلاقات الثنائية.. من عهد “الأب” إلى عهد “الابن”

في بداية ولاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، حاكمًا للسعودية، خلفًا لشقيقه الراحل عبدالله؛ تحولت المغرب بالنسبة للرياض لحليف استراتيجي، ومدخل رئيسي لتطبيق سياسته القائمة على توسيع حضور المملكة في القضايا الكُبرى بمنطقة الشرق الأوسط، خصوصًا المرتبطة بالمنطقة المغاربية؛ والتي غابت كثيرًا عن خريطة النفوذ السعودية في سنوات الملك عبدالله. ربما عزز من هذا التقارب العلاقة الخاصة والشخصية التي جمعت سلمان مع حاكم المغرب؛ والتي انعكست، بدورها، على تفضيل الملك السعودي للمغرب للاحتفال بزفاف أحد أبنائه في 12 يوليو (تموز) العام قبل الماضي، وأيضًا واجهة سياحية مُفضلة له؛ اعتاد فيها دومًا قضاء عطلته الصيفية داخل قصر مملوك له بمدينة طنجة المغربية، والتي شكلت موردًا ماليًا مهمًا، إذ شكلت نفقات زيارة ملك السعودية 1.5٪ من عائدات السياحة الخارجية للبلاد، مما يساهم في نمو الاقتصاد المغربي.

واحدة من هذه القضايا الكُبرى؛ كانت الرغبة السعودية في تحجيم النفوذ الجزائري بدعم من المغرب، التي تلاقت رغبتها مع سياسة الرياض في تقييد الدولة الأفريقية؛ في ظل دعم الأخيرة لـ«جبهة البوليساريو»، وانخراطها بإمكاناتها النفطية الكبيرة في مساندة «جبهة البوليساريو»، وهي المسألة التي تسعى المغرب، من خلال دعم السعودية لها، إلى موازنة الضغط الجزائري عليها، بعلاقات متينة مع دول الخليج العربية.

مقابل ذلك، رأت السعودية في المغرب الحليف الاستراتيجي المفضل في إنجاز مُهمتها لتحجيم النفوذ الجزائري؛ بعدما اتبعت الأخيرة مواقف تتناقض مع سياسة الرياض، أبرزها رفض المُشاركة في تحالف عاصفة الحزم الذي تقوده الرياض، واتباعها سياسة مخالفة في الأزمة السورية عبر دعم نظام بشار الأسد، ومساندته من أجل استمراره في الحُكم، فضلًا عن رفض تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية.

وقد ترجم هذا التحالف الثنائي مواقف المغرب المتماهية مع الرياض في الكثير من القضايا الإقليمية والتي كان على رأسها المُشاركة في عاصفة الحزم، وتقديم دعم معلوماتي للرياض تجاه خصمها الجزائر، بينما تحرك سلمان في المقابل في تقديم دعم مالي سخي للمغرب، تضمن تقديم السعودية منحًا مالية لا تُسترد للمغرب، في مايو (أيار) 2016، شاملةً ثلاث اتفاقيات تمويل، تصل قيمتها الإجمالية إلى 230 مليون دولار، تخصّص الأولى لمشروع خاص بالري الفلاحي، والثانية لمشروع توفير التجهيزات الطبية للمستشفيات العمومية، فيما تخصّ الاتفاقية الثالثة مشروعًا لدعم المقاولات المتوسطة والصغرى، فضلًا عن زيادة الاستثمارات السعودية، وكذلك تسهيل حصول المواطنين المغاربة على فرص عمل في الدول الخليجية؛ لمنع تفاقم مشكلة البطالة من ناحية أخرى.

امتد هذا الدعم لمساندة سياسية من جانب الرياض في قضية الصحراء الغربية، وتحركها للحصول على إجماع خليجي لدعمها أمام الأمم المتحدة؛ والذي عبر عنه تصريحات رسمية أكدت على موقف الرياض الداعم للمغرب في قضيته.

رهان السعودية على المغرب باعتباره حليفًا استراتيجيًا لها، في هذه المرحلة، تعكسه كذلك الوثيقة المُسربة ضمن وثائق «ويكليكس»، والتي تُظهر انزعاجًا مغربيًا لما نشرته صحيفة «الحياة اللندنية» سعودية التمويل، بعنوان «دولة متكاملة في مخيمات البوليساريو تنتظر الاستفتاء»، وهي المسألة التي ارتآها وزير خارجية المغرب أمرًا مُهددًا للتحالف بين البلدين، بينما كان جواب السعودية مُمثلًا في اتصال تليفوني، بين وزير خارجية المغرب والعاهل السعودي، الذي طمأنه بموقف بلاده الثابت، والمؤيد للمملكة المغربية في قضيتها.

لم يستمر هذا التحالف طويلًا؛ بعدما ارتقي محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد، وتحول للآمر الناهي داخل المملكة، بسياسة خارجية جديدة مع المغرب؛ عمدت إلى تهميش حضورها في القضايا الأساسية، بالتزامن مع تصعيد إعلامي سعودي في قضايا أساسية تعدها الرباط خطًا أحمر أبرزها قضية الصحراء الغربية.

شكلت سياسة المغرب الخارجية، التي خرجت عن التوافق مع الرياض، خصوصًا في قضية حصار قطر، دافعًا لولي لعهد لتفكيك التحالف معها شيئًا فشيئًا بمواقف تصعيدية خصوصًا تجاه قضية الصحراء الغربية، وتجاهله الدعوة الرسمية المغربية العام الماضي لزيارتها؛ قبل أن تُصعد الرياض من جديد بتأجيل اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية السعودية الثالث عشر، والذي كان مقررًا نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، بطلب من الرياض، وكذا إلغاء نشاطات ثقافية سعودية كان مقررًا أن تصاحبه في عدد من المدن المغربية؛ لترد المغرب باستدعاء سفيرها.

 

مستشارا ولي العهد و “الصحراء الغربية”.. هكذا نشأت الأزمة

تزامن ارتقاء محمد بن سلمان لمنصب ولي العهد، مع ظهور نخبة جديدة موالين له، منحهم السلطات والصلاحيات لإعادة رسم خريطة للسياسة الخارجية الجديدة للرياض، والتي كان من أبرز سماتها اتباع نهج تصعيدي تجاه المغرب في كثير من القضايا المُشتركة؛ عقابًا لها على بعض المواقف التي خرجت فيها عن الإجماع السعودي، والتي أدت بالتبعية لتراجع المغرب خطوات للوراء في الكثير من الملفات بين البلدين، والتنافر مع هذه السياسة السعودية الجديدة، وصلت ذروتها لسحب السفير المغربي مؤخرًا.

يعد الخامس من يونيو (حزيران) 2017، تاريخ قطع السعودية والثلاثي العربي العلاقات مع الدوحة، الحدث الأكبر في اختبار جدية العلاقة بين المغرب وولي العهد السعودي؛ بعدما قررت الأولى تبني موقف حيادي تجاه الأزمة، عبر عنه بيان صدر عن الخارجية المغربية ذكرت فيه أنه: «معني بهذه الأزمة، لكنه يتبنى موقفًا محايدًا بنّاءً»، ودعت من خلاله إلى «حوارٍ صريحٍ وشاملٍ يقوم على أساس محاربة التطرف الديني، والوضوح في المواقف، والوفاء بالالتزامات، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».

لم يستمر المغرب طويلًا في هذا الموقع الحيادي، والمساحة الرمادية؛ ليعقبها ببيان ثان يقول فيه إنه سيرسل طائرات محمّلة بمواد غذائية إلى قطر «تماشيًا مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما تستوجبه، خاصة خلال شهر رمضان الكريم من تكاتف وتآزر وتضامن بين الشعوب الإسلامية»؛ وزيارة لاحقة للملك المغربي للدوحة، والتي شهدت توقيع المغرب على 11 اتفاقية مع قطر في مختلف المجالات، من ضمنها الاقتصاد والسياحة والتجارة والطاقة والثقافة وغيره، في دعم واضح للموقف القطري، وخلاف مع السياسة السعودية الجديدة؛ ومؤشر أكبر على تفكك التحالف في بداية ولاية حُكم الملك سلمان.

مستخدمًا رجاله ووسائل إعلام سعودية، رسم ولي العهد خطة تصعيدية؛ بدأها مستشاره الأمني السابق سعود القحطاني بنشر تغريدة على حسابه بموقع تويتر، عقب تحرير الدرهم المغربي، قال فيها :«عووووووم يا عوام… تعويم الدرهم المغربي بهذا قرار صائب سيصبحن المغربيّات أقل من ريال سعودي، مراكش عالسريع»، قبل أن يحذفها لاحقًا.

شخص آخر كان محطة هامة في التصعيد، هو المستشار الآخر لولي العهد، تركي آل الشيخ، الذي لعب دورًا في مُناكفة المغرب، عبر الإيحاء بنشر صور له مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم لدعم الملف الأمريكي على حساب الملف المغربي في استضافة كأس العالم 2026، وهو ما عبر عنه لاحقًا آل الشيخ بنشر تغريدة ذكر فيها: «هناك من أخطأ البوصلة، إذا أردت الدعم، فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم، ما تقوم به هو إضاعة للوقت، دع «الدويلة» تنفعك…! رسالة من الخليج إلى المحيط».

تأكد ذلك من واقع تصريحات تلفزيونية لآل الشيخ لشبكة بلومبرج الأمريكية حين أجاب على سؤال من ستدعم الرياض في ملف كأس العالم، قائلًا:«الولايات المتحدة من أقدم وأقوى حلفاء السعودية، وهم قرعوا أبوابنا منذ عام 2017، وطلبوا منا المساعدة وقمنا بالرد على ملفهم وراجعناه، أما إخواننا في المغرب فلم يطلبوا منا المساعدة في هذا الشأن إلا قبل شهر فقط، وقد قطعنا وعدًا للأمريكيين، لذلك نحن سنصوت للولايات المتحدة».

القضية الثالثة التي استخدمها ولي العهد في تصعيده ضد المغرب كانت «الصحراء الغربية»، إذ أذاعت قناة العربية الموالية للنظام السعودي مؤخرًا تقريرًا يتحدث عن غزو المغرب للصحراء الغربية، من خلال إظهار خريطة المغرب مبتورة من صحرائه، وعلى أنها دولة أخرى غير تابعة للمغرب تحت مسمى «الصحراء الغربية»، وهي الجزء التي يعتبرها المغرب ضمن مناطقه الجنوبية.

وأمام كُل هذا التصعيد الذي يبدو استفزازيًا، والذي وصل ذروته مؤخرًا مع نشر قناة العربية تقريرًا عن قضية الصحراء الغربية؛ أخذت المغرب خطوات للوراء في علاقتها مع الرياض، والتي كان مؤشرها الأهم هو تعلل الملك محمد السادس بازدحام جدول أعماله، لعدم لقاء ولي العهد خلال الزيارة التي قام بها في عدة دول استثنى منها المغرب، عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ردًا على عدم تجاوب السعودية مع دعوة الملك محمد السادس لولي العهد لزيارة بلاده نهاية العام الماضي. ليتبع ذلك قرارات جديدة أخيرة لملك المغرب؛ أبرزها استدعاء سفير الرباط من الرياض، ووقف مشاركة بلاده في العمليات العسكرية في اليمن.

 

“سحابة عابرة”  أم “أزمة مستمرة” ؟

«سحابة عابرة»، هو ما وصف به السفير المغربي وقائع الأزمة بين بلاده والسعودية، بعدما أكد واقعة استدعائه لبلاده، وهو ما كرره وزير الخارجية المغربي خلال لقاء على قناة الجزيرة القطرية، نهاية الشهر الماضي، بمعنى مُشابه، حين ذكر «أن علاقة المغرب مع المملكة العربية السعودية قوية، وضمانتها العلاقة المتينة التي تربط بين الأسرتين الملكيتين، وبين جلالة الملك وخادم الحرمين الشريفين»، بينما تعكس المؤشرات على أرض الواقع خلافًا أكبر، وتحولًا كبيرًا في العلاقة بين البلدين، حتى وإن تم تجاوز هذه الأزمة العابرة بين البلدين.

و تحمل التصريحات الرسمية المغربية رغبة كبيرة في وضع حد للتصعيد بين البلدين؛ فالبلد الأفريقي مُدرك لأهمية الرياض ماليًا وسياسيًا لها طيلة السنوات الماضية، غير أن سياسة ولي العهد السعودي ورجاله لا تتقاطع مع هذه الرغبة؛ وتستفز المغرب، وقد تدفعها لقرارات أكثر تصعيدًا واستفزازًا للقيادة السعوديّة المُمثلة في ولي العهد السعودي.

ولعل الإشارة في جُل التصريحات الرسمية المغربية للملك سلمان بن عبدالعزيز مؤشر شديد الأهمية في التعويل على تدخله لإعادة العلاقات بين الجانبين بشكل طبيعي؛ وهو الأمر الذي تستبعده أغلب التحليلات المنشورة في وسائل الإعلام المغربية كحال التقرير الذي حمل عنوان «بعد استدعاء السفير.. هل دخلت علاقات الرباط والرياض مرحلة الجمود؟»، ومنشور في موقع فبراير الإلكتروني المغربي، إذ نقل الموقع عن المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير قوله إن «العلاقات المغربية السعودية جد متشابكة تاريخيًا، ولكنها لن تستمر بالقوة التي كانت تعرفها من قبل».

 

 

المصدر:  ساسة بوست

البارزة, وجهات نظر 0 comments on هل يؤثر توتر العلاقة بين السعودية و المغرب على المعاملات التجارية و المالية بين البلدين

هل يؤثر توتر العلاقة بين السعودية و المغرب على المعاملات التجارية و المالية بين البلدين

محطات من الخلافات غير المعلنة انتقلت من السرية إلى العلنية

 

منية العيادي

 

يبدو أن توتر العلاقة بين المغرب و السعودية على خلفية قضية الصحراء الغربية التي أثارت “أزمة” بين البلدين اعتراضا على تقرير نشرته قناة العربية المقربة من الدوائر الحاكمة في السعودية يخالف الموقف المغربي من قضية الصحراء الغربية ، بدأ يحصي آثاره بعد قيام الخارجية المغربية باستدعاء سفيريها في الرياض ثم أبو ظبي وسط توقعات بمزيد تعقّد الأزمة التي بدأت تلقي بضلالها على المعاملات المالية و التجارية بين البلدين .

 

*** تقرير ” العربية” القطرة التي أفاضت الكأس

 

 مثل التقرير الذي نشرته قناة “العربية” القطرة التي أفاضت الكأس و شكلت نقطة التحول في العلاقة بين البلدين و جاء فيه أن ”  الصحراء الغربية كانت مستعمرة إسبانية انسحبت منها إسبانيا عام 1975 و منحت الرقابة عليها لكل من المغرب و موريتانيا “.

و اعتادت السعودية، على مر سنوات، تأكيد موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، إلا أن تقرير قناة “العربية “، التي يراها البعض مقربة من السعودية، يشير من وجهة نظر مراقبين مغاربة، إلى عدم احترام السيادة المغربية التاريخية على الصحراء الغربية.

و جاء التقرير بعد مرور بضعة أيام على مقابلة أجراها وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مع قناة “الجزيرة” القطرية قال فيها إن “المغرب طور مشاركته أو غير مشاركته انطلاقا من تطورات وقعت على الواقع، انطلاقا من تدبير التحالف، و انطلاقا من تقييم المغرب نفسه للتطورات في اليمن”.

و رغم تصريحات السفير مصطفى المنصوري الذي أكد أن المغرب و السعودية تربطهما علاقات قوية قديمة تمر حاليا “بسحابة عابرة” فإن التاريخ يشير إلى أن العلاقات المغربية السعودية شهدت أزمة صامتة قبل سنتين، لتنتقل مؤخرا من السرية إلى العلنية، بشكل مفاجئ .

 

*** الديبلوماسية المغربية- السعودية من التحالف إلى التخوين 

 

 جاء تقرير قناة العربية بعد مرور بضعة أيام على مقابلة أجراها وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، مع قناة “الجزيرة” القطرية قال فيها إن “المغرب طور مشاركته أو غير مشاركته انطلاقا من تطورات وقعت على الواقع، انطلاقا من تدبير التحالف، و انطلاقا من تقييم المغرب نفسه للتطورات في اليمن”.

و أضاف بوريطة أن المغرب “لم يعد يشارك في العمليات العسكرية في اليمن ولم يحضر المناورات العسكرية أو الاجتماعات الوزارية الأخيرة للتحالف”.

و لم يساند المغرب السعودية ضد قطر في الأزمة الخليجية، بل اتخذ موقفا محايدا داعيا إلى التقريب بين وجهات النظر دون الاصطفاف مع طرف ضد الآخر.

كما لم يعرب المغرب عن تأييده للموقف السعودي في قضية مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في اسطنبول.

و يُلوم المغاربة السعودية على تصويتها لصالح ملف (الولايات المتحدة و المكسيك) لتنظيم كأس العالم 2026، و ضد ملف المغرب الذي كان يطمح في الفوز باستضافة البطولة.

و كانت الدبلوماسية المغربية اصطفت في مواقفها، بشأن القضايا العربية و الإقليمية و حتى الدولية، في محور الرياض أبو ظبي، و بلغت قراراتها، في بعض الأحيان، مستويات تجاوزت سقف التوقعات؛ على غرار ما حدث في أزمة البحرين و إيران (2009)، حيث اكتفت دول هذا الحلف بالإدانة و التنديد، بينما قرّرت الرباط حينها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران. غير أن الأزمة الخليجية شكلت لاحقا القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقات الرياض بالرباط، بعدما اختار المغرب الخروج عن المألوف، بإعلانه التزام الحياد البنّاء في موقف مفاجئ، تلاه قرار إرسال مساعدات غذائية عاجلة لدولة قطر، خلال الأيام الأولى لاندلاع الأزمة، ثم تقديم مقترح للوساطة بين الطرفين.

و اعتبرت السعودية هذا التموقع بمثابة خيانةٍ غير متوقعة من حليف استراتيجي، تربطهما قواسم مشتركة كثيرة، ما حداها، في سياق معين، إلى اقتراح منحه، بمعية الأردن، العضوية في دول مجلس التعاون الخليجي. لذا رفضت كل الوساطات التي اقترحها محمد السادس في كل من أزمتي رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ماي 2018 و الأمير الوليد بن طلال مارس 2018 ابن خالة الأمير مولاي هشام العلوي. 

و تجلت مؤشرات التوتر بين البلدين، بعد أن غيرت المغرب من مشاركتها في التحالف السعودي الإماراتي، و عدم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الرباط بعد الجولة الأخيرة التي قام بها إلى بلدان المغرب العربي، عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا .

و بدا أن المغرب لم يرغب في أن يكون جزءا من تحركات ولي العهد السعودي الذي زار بلدانا عربية بعد أزمة مقتل خاشقجي، وفسر وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة في حوار للجزيرة، بكون “التوقيت و الترتيبات حالت دون ذلك”.

 

*** الرياض و أبو ظبي لم تلتزما بالوعود المالية التي تعهدتا بها للمغرب

 

كان لعدم وفاء العربية السعودية بالتزامها بمنح مساعدات مالية للمغرب، إبّان الربيع العربي، سببا إضافيا لإعادة الرباط النظر في موقعها، فوفقا لتقارير رسمية مغربية، لم توف سوى قطر و الكويت بالتزامهما بمنح الدعم المخصص للمغرب بدفع مبلغ 1٫25 مليار دولار لكل منهما، بينما دفعت السعودية 868 مليون دولار فقط من إجمالي 1٫25 مليار دولار تم التعهد به عام 2012.

و تداولت عدة مصادر إعلامية توقعاتها بتأخر مساعدات السعودية للمغرب و المنح المالية التي وعدت بها الرياض الرباط منذ اندلاع ثورات الربيع العربي.

و حسب مراقبين، فقد تؤدي تداعيات الأزمة، إلى مزيد من التأخير للمنح السعودية للمغرب، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية إضافية مرتقبة على العلاقات التجارية بين البلدين.

و سبق لمحافظ المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، أن أوضح، عندما سئل حول احتمال تجديد اتفاق الهبات بين المغرب و دول الخليج، بأن ذلك يبقى رهينا بالمستوى السياسي.

و يقول الخبير الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر،  إن تأخر صرف ما تبقى من الهبات الخليجية، ساهم في تدهور عجز الميزان التجاري في العام الماضي.

لكنه يرى أن مستقبل المساعدات لن يكون رهينا بالتعاطي مع مجلس التعاون الخليجي، كتكتل منسجم في المستقبل، بل يتعلق الأمر بالعلاقات مع كل دولة على حدة.

و لم تتعدّ هبات دول الخليج للمغرب في العام الماضي 285 مليون دولار، بعدما دفع انخفاض وتيرة صرفها الحكومة المغربية إلى خفض توقعاتها من 720 مليون دولار إلى 480 مليون دولار.

وتعهدت قطر والسعودية و الإمارات والكويت بمنح المغرب 5 مليارات دولار بين 2012 و 2016، لتمويل مشاريع تنموية في المملكة، إذ تعهد كل بلد بتوفير 1.25 مليار دولار.

ويشير تقرير حديث ملحق بمشروع موازنة العام المقبل 2019، إلى أن عدم حصول المغرب على كامل المنح التي وُعد بها في 2012، يرجع إلى تأخر السعودية و الإمارات في وفاء ما التزمتا به.

و يوضح التقرير الذي تضمن بيانات إلى غاية أوت الماضي، أن قطر و الكويت أوفتا بالتزاماتهما، بينما لم تتعد مساهمات الإمارات و السعودية على التوالي 1.03 مليار دولار و 868 مليون دولار.

و يتجلى أن العديد من المشاريع علقت في سياق التوتر بين البلدين، فلم يجر الحديث منذ 2017، عن إنشاء خط بحري لشحن السلع، بما يفضي إلى تقليص كلفة النقل و زيادة حجم المبادلات.

و كان ذلك الخط يحظى بالأولوية في اجتماعات مجلس الأعمال المغربي/ السعودي، الذي لم يُعقد منذ عامين.

و كان مجلس التعاون الخليجي قد تبنى -في دورته الـ32 التي شهدتها الرياض عام 2011- قرارا بمنح المغرب هبة بخمسة مليارات دولار في ست سنوات بهدف تمويل مشاريع تنموية.

 

*** هل تطول الأزمة تمويل ميزانية الاسيسكو

 

التأثيرات أيضا يبدو أنها وصلت إلى المنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة “الإيسيسكو” و مقرها “الرباط” بعد أنباء عن إمكانية إستقالة مديرها العام السعودي عبد العزيز بن عثمان التويجري و عدول السعودية عن تمويلها أو التقليل من حجم حصتها من  تمويلات المنظمة و التي تقدر ب 80 % من الميزانية . 

و سبق أن أشاد عبد العزيز بن عثمان التويجري،  بمبادرة الملك محمد السادس، التي دعا فيها إلى إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار و التشاور بين المغرب و الجزائر، من أجل الانكباب على دراسة جميع القضايا المطروحة بينهما بكل صراحة و موضوعية وصدق و حسن نية، و بأجندة مفتوحة دون شروط أو استثناءات.

ورأى التويجري في المبادرة الملكية خطوة مهمة في سبيل حل الخلافات بين البلدين، و إحداث التكامل بين دولتين عضوين في “الإيسيسكو”، و لهما دور كبير في تعزيز العمل الإسلامي المشترك.

 

 

 

أخبار, البارزة 0 comments on ترحيل إخواني مصري محكوم بالإعدام .. هل يمثل بداية تحول للسياسة التركية تجاه الإخوان ؟

ترحيل إخواني مصري محكوم بالإعدام .. هل يمثل بداية تحول للسياسة التركية تجاه الإخوان ؟

ربما لأنّها المرة الأولى التي يكشف فيها عن حالة تسلم فيها تركيا مطلوباً للعدالة إلى السلطات المصرية، بعد ترحيلها لشاب مصري ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، محكوم عليه بالإعدام من إحدى محاكم الجنايات المصرية، على خلفية اتهامه بالاشتراك في عملية اغتيال النائب العام المصري، هشام بركات، ويدعى محمد عبد الحفيظ حسين، ذهب بعض المراقبون إثر تلك الواقعة، لاعتبارها بداية لتغير في سياسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تجاه الدولة المصرية المعادي لها، من جهة، وجماعة الإخوان المسلمين المحتضن لها من جهة أخرى، بعدما فتح أردوغان أبواب الدولة التركية للجماعة لتكون المأوى والملاذ الآمن لها، عقب الإطاحة بحكم الرئيس الإخواني، محمد مرسي، من حكم مصر، وانخراط جماعته في نشاطات معادية للدولة المصرية.
الإخواني المصري محمد عبد الحفيظ، البالغ من العمر 29 عاماً

الإخواني المصري محمد عبد الحفيظ، البالغ من العمر 29 عاماً

 

لفهم ما يجري

المدقق في تفاصيل الواقعة، ربما سيخرج بنتائج مختلفة عن تلك النتيجة السابقة، وأن ما جرى ويجري، يرتبط بالانشطارات العنيفة التي تضرب أجنحة الجماعة، و ما تبع ذلك من انحياز السلطات التركية لصالح أحد الأجنحة في مواجهة الأخرى، أو خضوع أحد الأجنحة لاشتراطات الدولة التركية دون غيرها.

ترحيل الإخواني عبدالحفيظ يشي بانشطارات عنيفة تضرب أجنحة الجماعة

في صباح 16 كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، كان محمد عبد الحفيظ، البالغ من العمر 29 عاماً، قد وصل إلى مطار أتاتورك، قادماً من مقديشو، إلا أنّ السلطات التركية اكتشفت أن تأشيرته الإلكترونية غير صالحة، فأخبرهم أنّه يريد اللجوء السياسي، فاحتجزته السلطات.
بدأ عبد الحفيظ بالتواصل مع قادة وشباب من جماعة الإخوان في تركيا، كان من بينهم محمود حسين، أمين عام الجماعة، وعادل راشد، وصابر أبو الفتوح، القياديان البارزان في التنظيم، للتوسط له لدى السلطات لمنحه اللجوء السياسي، إلا أنّ هؤلاء رفضوا التوسط له، بعد أن وصفه أحدهما بأنه ينتمي لداعش، وآخرون بأنه ينتمي لحركة حسم أو لحركة الجهاد.

فزع شباب الجماعة في تركيا من موقف هؤلاء القادة، فـ”حسم” بعملياتها في الداخل المصري تلقى تعاطفاً واسعاً لدى صفوف الجماعة، فضلاً عن أنها أحد منتوجات القيادي الراحل، محمد كمال، الذي خاض صراعاً قبل وفاته مع القيادات القديمة للجماعة على رأسهم محمود عزت، حول منسوب العنف ضد الدولة المصرية ودرجاته.

"حسم" بعملياتها في الداخل المصري تلقى تعاطفاً واسعاً لدى صفوف الجماعة

“حسم” بعملياتها في الداخل المصري تلقى تعاطفاً واسعاً لدى صفوف الجماعة

 

جبهة ضدّ جبهة

حاولت جبهة محمود حسين في تركيا، التنصل من اتهام التخلي عن عبد الحفيظ، إلا أنّ الجبهة المناهضة لهم سرّبت تسجيلات صوتية للقيادي صابر أبو الفتوح، وهو يتحدث عن أن عبدالحفيظ لا ينتمي للجماعة، وأنه يعمل ضمن حركة حسم، فضلاً عن رسائل “واتساب” أرسلها الشاب من مطار تركيا إلى تلك القيادات يستغيثهم فيها لإنقاذه، دون ردّ منهم على تلك الرسائل.

عبد الحفيظ تواصل مع قادة وشباب من الإخوان في تركيا قبيل تسليمه لكنهم تجاهلوه

موقف هؤلاء القادة قد يشي بأنّهم لم يتخلوا فقط عن الجناح العسكري للجماعة، المتمثل في تنظيمي حسم و لواء الثورة، والتبرؤ منهما، بل التمادي حتى معاقبة من يستمر في الأداء العسكري والإرهابي لدرجة التواطؤ وربما التحريض على تسليمهم للسلطات المصرية.
يعزّز ذلك الاتجاه انخفاض منسوب عمليات الحركات الإرهابية المنبثقة عن جماعة الإخوان في العام الماضي، لدرجة انعدامه تقريباً، وظهور المتحدث باسم حسم ليؤكد انفصاله عن الجماعة الأم، مع إبداء احترامه لها.
فبدا أنّ هناك تباينات ضخمة تعرضت لها الجماعة، بعدما تحدثت مصادر داخلها عن قرارات صدرت من إبراهيم منير، القيادي الإخواني المقيم في لندن، وجهت لجناح الإخوان المحسوب على القيادي محمد كمال، عند اجتماع قادته في تركيا، كان أبرز تلك القرارات، وقف عمليات العنف في داخل الدولة المصرية، وإلا قام بإبلاغ السلطات التركية عنهم، وتسليمهم إلى مصر.

 

تمردات داخلية

بافتراض أنّ هناك من داخل “حسم” و”لواء الثورة” من قام بالاستجابة لقرارات القيادات القديمة والمتنفذة للجماعة، وأنّ هناك من تمرد، فذلك يقود إلى فك لغز ظاهرة انخفاض منسوب العمليات إلى حدّ التلاشي، وتفسير عدم قيام جهة ما بتبني عملية الباص السياحي الأخيرة، في منطقة الهرم، جنوب القاهرة، مطلع العام الجاري.

 

فربما قامت جبهة داخل تنظيمي حسم أو لواء الثورة، بالتمرد على قرارات الجماعة في الخارج، فقامت بالعملية دون أن تتبناها خشية من ردّ فعل الجماعة، فضلاً عن الخوف من رد الفعل الأمني، الذي ربما يصل إلى مرحلة تنفيذ عمليات إعدام لمحكومين داخل السجون.
إذاً، لم تتدخل قيادات الإخوان لدى السلطات التركية، للإفراج عن عبد الحفيظ، وقال محمد غنيم، أحد الشباب الموالي للجماعة: إنّ السلطات التركية رفضت دخول الشاب المصري لأراضيها لعدم وجود ما يفيد منحه حقّ اللجوء السياسي، وقامت بإعادته على الطائرة المتجهة للقاهرة، بعدما تبين لديها أنّه لا ينتمي للجماعة.

صابر أبو الفتوح، القيادي الإخواني، برّأ لجمهور الإخوان تركيا من ترحيل عبد الحفيظ؛ بل كشف عن أنّ الجماعة هي من عدّته متطرفاً، وأنكرت صلتها به، ما يعني أنّ السلطات التركية لم ترحّل شاباً بصفته إخوانياً؛ بل رحّلته بصفته داعشياً، أو متطرفاً، ينتمي لحركة حسم.
أبو الفتوح قال أيضاً: إنّ محمود غزلان، أحد أبرز قادة الإخوان، أخبره بأنّ الشاب متطرف، مشيراً في تسجيله الصوتي إلى ثقته في الحكومة التركية التي لم ترحّل إخوانياً من داخل أراضيها؛ بل منعت دخول متطرف للبلاد، في إشارة إلى الفارق بين الحالتين.

 

اتهامات بالبيع

يؤكد ما سبق عدد من شباب الإخوان في تركيا، منهم محمد عزت، الذي قال إنّ أصدقاء محمد عبد الحفيظ علموا بترحيله لمصر، يوم الجمعة 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، وتسليمه للقاهرة بتواطؤ من جماعة الإخوان.
أما إسماعيل ياشا، الكاتب التركي، قريب الصلة من جماعة الإخوان، فسارع بكتابة مقال على موقع “عربي 21″، حاول فيه طمأنة جموع الإخوان في تركيا، قائلاً إنّ ما حدث في واقعة ترحيل عبد الحفيظ ليس مؤشراً على تحولات في سياسة النظام التركي.
رغم هذه المحاولة التي بذلها ياشا، إلا أن ذلك لم يكن مسكناً لكافة أعضاء الجماعة الذين شارك المئات منهم بعمليات عنف وإرهاب داخل مصر، بل حتى للذين لم يتورطوا، ومن الممكن أن تسلمهم تركيا إذا قدمت الدولة المصرية أدلة ثابتة على الاتهامات الموجهة ضدهم، أو تأكدت السلطات التركية من ذلك.

فمع أنّ قادة الإخوان من الجناح المحسوب على محمود حسين لم يتدخلوا للإفراج عن عبد الحفيظ، فلا يعني ذلك أنّ السلطات التركية لم يكن لها رغبة في تسليمه، حتى ولو تحدثت أنباء عن فتح السلطات تحقيق عن الواقعة وملابساتها.

فكون أنّ هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات التركية بتسليم شخص ذي خلفية إخوانية إلى مصر، فإن ذلك يشي بدخول الدولة التركية في اتفاقية ما لتسليم العناصر المتورطة في عمليات عنف أو منعها من دخول البلاد، على الأقل.

موقف السلطات التركية سيتضح إذا سلمت الإخواني أبو العلا المتهم بقضايا إرهاب داخل مصر

موقف السلطات التركية سيتضح إذا سلمت الإخواني أبو العلا المتهم بقضايا إرهاب داخل مصر

 

الاختبار الأخير

أقرّ ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنّ الشاب المصري المحكوم عليه بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري، محمد عبد الحفيظ حسين، رُحِّل بالفعل إلى بلاده، بعد أن قدم من مقديشو بتأشيرة غير مناسبة، ولم يطلب اللجوء السياسي، كاشفاً أنّه سيتم فتح تحقيق في عملية ترحيل الشاب المصري المحكوم عليه بالإعدام إلى بلاده.

قد تفك حادثة عبدالحفيظ لغز انخفاض منسوب العمليات الإرهابية في مصر

إلا أنّ موقف السلطات التركية سيتضح إذا كانت ستقوم بترحيل إخواني آخر متهم في قضايا إرهاب داخل مصر، وهو عبد الرحمن أبو العلا، الذي اعتصم من أجله عشرات الشباب من الإخوان في مقر جمعية رابعة في تركيا، لمنع ترحيله هو الآخر.
فإن صدقت الأنباء عن نية السلطات التركية في عزمها ترحيل أبو العلا، فإنّ الأمور قد ترجح في صالح تحولات نوعية في سياسة النظام التركي، في موقفه من الإسلاميين المتطرفين المتورطين في قضايا إرهاب، و ما يزالون يتمتعون بالحرية على الأراضي التركية.