رفع ما يعرف بـ”الكونغرس التباوي” في ليبيا دعوى بالولايات المتحدة الأميركية ومحكمة الجنايات الدولية، في قضيتين ضد اللواء المتقاعد خليفة حفتر بتهمة ارتكاب مجزرة مرزق وتنفيذ هجمات ضد مدنيين منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
وقبلت محكمة الجنايات الدولية -وفق الكونغرس التباوي- الدعوى الأولى قبل عشرة أيام، فيما رفعت الدعوى الثانية في أميركا الأسبوع الماضي.
ويعد الكونغرس التباوي حزبا سياسيا تأسس عام 2016، ومن أهدافه الدفاع عن أقلية التبو في ليبيا في الداخل والخارج وضمان حقوقها وليس له علاقة بأقلية التبو في دول أخرى.
وقد قصفت طائرة مسيرة دون طيار مطلع أغسطس/آب الجاري مدنيين يحضرون مناسبة اجتماعية في حي القلعة التي يسكنها مكون التبو، مخلفة خسائر بشرية ومادية.
وحاولت قوات حفتر اجتياح مدينة مرزق -جنوب غرب ليبيا- في يناير/كانون الثاني الماضي، مما خلف حرائق في منازل بالمدينة ونهب وسرقات لمنازل عناصر محسوبة على قوة حماية الجنوب التي تضم أفرادا من مكون التبو.

جثث من ضحايا قصف قوات حفتر على مرزق (الجزيرة)
جثث من ضحايا قصف قوات حفتر على مرزق (الجزيرة)
وتتهم قوات حفتر أقلية التبو بدعم المتمردين التشاديين، الأمر الذي ينفيه سكان مرزق، مؤكدين أن الروابط بينهم اجتماعية تاريخية فقط نظرا لأنهم من عرق واحد.
وتعتبر مرزق معقل التبو الذين يعارضون دخول حفتر للمدينة، حيث تسببت الهجمات العرقية المتتالية على مرزق في حصارها وإغلاق العديد من المؤسسات الخدمية والمخابز ومحطات الوقود ونفاد التموين وتكدس القمامة.
جرائم حرب
وأكد رئيس الكونغرس التباوي عيسى عبد المجيد تكليف محام أميركي لرفع دعوى ضد حفتر في أميركا في مقتل مواطنين مدنيين ليبيين من التبو على يد قواته.
وبدأت انتهاكات حفتر في مرزق عند دخول قواته إلى المدينة شهر يناير/كانون الثاني الماضي حيث أحرقت حوالي 95 منزلا وقتلت أكثر من ثلاثين شخصا من التبو فضلا عن عشرات الجرحى.
وعند انسحاب قوات حفتر من مرزق، وجدت عشرات الجثث من الأسرى التباويين الذين تمت تصفيتهم، فيما لا يزال عدد من المختطفين في عداد المفقودين، حسب نشطاء.
وقال عبد المجيد للجزيرة نت، “نعمل على شقين حيث رفعنا دعوى في واشنطن باعتبار أن حفتر جنسيته أميركية، ودعوى أخرى في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمحاكمته على جرائمه ضد المدنيين في ليبيا”.

رفات ضحايا من التبو وجدت بالصحراء وعليهم آثار تعذيب (الجزيرة)
رفات ضحايا من التبو وجدت بالصحراء وعليهم آثار تعذيب (الجزيرة)
واستغرب عبد المجيد صمت مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة عن جرائم حفتر في مرزق، كما استغرب اكتفاءه بالقول إنه لا يعرف جنسية الطائرة التي قصفت مرزق رغم اعتراف أحمد المسماري الناطق باسم قوات حفتر بقصف “القيادة العامة التي يقودها مجرم الحرب حفتر للمدنيين في مرزق”، كما يقول عبد المجيد.
وقصفت طائرة إماراتية مسيرة تابعة لقوات حفتر مدنيين مطلع أغسطس/آب الجاري راح ضحيته أكثر من 48 شخصا ونحو ستين جريحا، مخلفا أضرارا جسيمة في ممتلكات المواطنين.
وأفاد عبد المجيد بوجود اتصالات مع المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني لتقديم دعوى متكاملة ضد حفتر في محكمة الجنايات وأميركا لجميع الجرائم التي يرتكبها، وبينها اختطاف السيدة النائبة في البرلمان سهام سرقيوة وقصف المدنيين في أبوسليم وارتكاب انتهاكات في بنغازي وطرابلس.
هذا، إضافة إلى ضرب مطارات مدنية في مصراتة شرق طرابلس ومعيتيقة في طرابلس وزوارة غربا ومقتل مدنيين في سقوط قذائف عشوائية على أحياء مختلفة في طرابلس وارتكاب مجزرة ضد المهاجرين غير النظاميين في مركزي إيواء تاجوراء وقصر بن غشير.
وأردف عبد المجيد “لدى موعد الأسبوع المقبل مع مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم دلائل جديدة للانتهاكات التي وقعت للمواطنين التبو في مرزق، كما أنني مفوض من قبل عائلات التبو لمتابعة القضية المرفوعة ضد حفتر في أميركا”.
اليوم الأسود
وفي السياق، يصف المواطن في مرزق محمد كوكني مجزرة مرزق باليوم الأسود والفاجعة على مكون التبو وسكان مرزق بصفة خاصة التي ارتكبها “مجرم الحرب خليفة حفتر”.
وأضاف كوكني للجزيرة نت، “جميع من لقوا حتفهم من المدنيين وبينهم ابن أختي، جاء لإسعاف الجرحى والمصابين فتعرض للقصف في الضربة الثانية”.

جثة أحد ضحايا في مجزرة مرزق (الجزيرة)
جثة أحد ضحايا في مجزرة مرزق (الجزيرة)
وأوضح كوكني أن طائرة دون طيار قصفت على التوالي ثلاث مرات المدنيين العزل في مرزق، مشيرا إلى أن عائلات الضحايا يطالبون حكومة الوفاق والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالتحقيق في المجزرة وتقديم الجناة إلى العدالة، خاصة أن مرتكبها معروف.
وأردف “نحن لا نريد حفتر في مناطقنا لأننا غير مقتنعين بمشروعه الاستبدادي ومن حقنا أن نعيش بأمان مثل بقية الليبيين الذين لا يريدون حفتر المجرم”.
القصاص من القاتل
من جهته، أكد علي مرزق عمر -وهو أحد ضحايا القصف- أن المطلب الرئيس لعائلات التبو هو القصاص من القاتل ومنع أي هجمات جديدة على مكون التبو في ليبيا.
ويصف عمر -وهو مسؤول في مدينة مرزق جاء لإنقاذ المصابين- “ذلك اليوم كان عصيبا جدا، لأول مرة أشاهد قصف طائرة مسيرة مدنيين عزلا وأشلاء من البشر والدماء تملأ المكان وقد تعرضت في الضربة الثالثة إلى إصابة بليغة بشظايا وضيق في التنفس”.
وأوضح عمر أن مكون التبو يرفض مطلقا دخول مسلحي حفتر إلى مناطق نفوذه، مشيرا إلى تبعية المدينة إلى حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
واعتبر عمر في تصريحه للجزيرة نت، أن هذا العداء ضد التبو ستكون له عواقب وخيمة على الجنوب الليبي، من بينها الإخلال بالنسيج الاجتماعي في مرزق التي تحمل مكونين، ما سيفضي إلى عداوات مستمرة مستقبلا يصعب مع مرور الزمن تجاوزها وتكوين علاقات جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *