تقود رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي الخميس، حوارات ومشاورات مع المعارضة البريطانية، من أجل التوصل إلى تسوية بشأن اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، بعد أن رفض غالبية ساحقة من النواب الاتفاق الذي تفاوضت بشأنه مع بروكسل.

و قررت ماي عدم المشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي الدولي، وأعلنت المتحدثة باسمها أن “رئيسة الوزراء لن تتوجه إلى دافوس وستركز عملها على الملفات هنا”.

و من المقرر أن تنسحب لندن من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، وقبل أقل من عشرة أسابيع فقط، يسود عدم اليقين حول ظروف ذلك مع فشل الحكومة حتى الآن في التوصل إلى خطة تدعمها غالبية في البرلمان.

و وضعت المعارضة شروطها طالبة من ماي أن تستبعد بكل وضوح احتمال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.

و قالت في هذا السياق: “لن تكون مهمة سهلة، لكن النواب يعلمون أنه من واجبهم التحرك للصالح الوطني العام، والتوصل إلى توافق في الآراء”.

و رفض زعيم العمال جيريمي كوربن بشكل قاطع لقاء ماي طالما لم يحصل على تأكيد من جانبها بهذا الصدد.

و في حين دعا قادة الاتحاد الأوروبي لندن الى توضيح موقفها، فإن فرضية تأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم تعد من المحرمات على جانبي القناة، بينما ما زالت الحكومة البريطانية منقسمة حيال التسويات التي يمكن القيام بها.

و قد نجت ماي بفارق ضئيل الأربعاء من مذكرة لسحب الثقة تقدم بها حزب العمال، في أول تصويت ضد حكومة بريطانية منذ 26 عاما.

وباشرت بعدها باستقبال قادة المعارضة مساء الأربعاء مع إدراكها جيدا أنها ستضطر إلى اقناعهم بعيدا عن معسكرها إذا أرادت أن تجد مخرجا من هذا المأزق، بعد عامين ونصف العام من محاولتها توحيد حزبها دون نجاح.

“خطوط حمر”

و قال كوربن في خطاب أمام ناشطين في هاستينغس (جنوب شرق انكلترا): “على ماي أن تتخلى عن خطوطها الحمر”، داعيا أيضا إلى استبعاد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.

و دعا ماي إلى التباحث بجدية “حول طريقة التفكير بالمستقبل” محذرا إياها من محاولة “ابتزاز النواب للتصويت مرة جديدة على اتفاقها المتسرع”، مضيفا أن “عرض التباحث تبين أنه مجرد للإعلام، ولم تدرك ماي حجم أحداث الأسبوع”، على حد قوله.

و بين الخطوط الحمر التي حددتها ماي، رغبتها بالخروج من الاتحاد الجمركي الأوروبي بينما يريد حزب العمال البقاء فيه.

و كتبت النائبة الوحيدة عن حزب الخضر كارولين لوكاس بعد لقائها ماي الخميس على تويتر إن محاولات رئيسة الوزراء “تأتي بعد فوات الأوان. ليس هناك ما يشير إلى أنها تريد التوصل إلى تسوية”.

و أمام تيريزا ماي حتى الاثنين لكي تقترح “خطة بديلة”، وهو مشروع بديل يجب أن يبقى متماشيا مع الاتفاقية الأصلية. وسيتم طرح تعديلات أعضاء البرلمان الأوروبي للتصويت الثلاثاء 29 كانون الثاني/يناير، قبل شهرين من تاريخ خروج بريطانيا من التكتل الاوروبي وفقا لوزيرة العلاقات مع البرلمان اندريا ليدسوم.

استطلاع جديد

 
و بحسب صحيفة “التايمز” فإن ليدسوم ومسؤولين آخرين مشككين في الاتحاد الأوروبي لا يزالون يريدون تحديد مهلة زمنية لـ”شبكة الأمان”، الحل الذي تم التوصل إليه لتجنب عودة فرض حدود برية بين ايرلندا الجمهورية العضو في الاتحاد الاوروبي، وايرلندا الشمالية وهو ما يندد به بشدة مؤيدو بريكست.

و يريدون أيضا أن تشمل الخطة البديلة وعدا بالتفاوض على اتفاق للتبادل الحر يشبه النموذج الكندي.

من جهته، أكد وزير المالية المؤيد لأوروبا فيليب هاموند أن سيناريو خروج بريطانيا بدون اتفاق والذي يثير قلق الأوساط الاقتصادية سيتم التخلي عنه، وذلك في اتصال هاتفي مع رؤساء شركات.

في هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فيليب الخميس إطلاق “خطة مرتبطة ببريكست بدون اتفاق” لمواجهة احتمال يبدو أنه لم يعد “غير مرجح” لخروج بريطانيا بدون اتفاق من الاتحاد الأوروبي.

بدوره، قال رئيس حزب المحافظين براندون لويس إن الحكومة تجري محادثات مع الأحزاب الأخرى بذهنية “منفتحة جدا” لكنها لا تزال مصممة بالنسبة لهدفها التمكن من اعتماد سياسة تجارية مستقلة بعد بريكست.

و أوضح الخميس لهيئة الإذاعة البريطانية: “هذا يعني أنه ليس بإمكاننا البقاء ضمن الاتحاد الجمركي الحالي”.

دعا أكثر من 170 من شخصيات العالم الاقتصادي إلى إجراء استفتاء جديد في بريطانيا حول بريكست. وكتبوا في رسالة مفتوحة نشرتها الخميس صحيفة التايمز أن “الأولوية الآن هي لمنع خروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق. و من أجل القيام بذلك، الوسيلة الوحيدة الممكنة هي الطلب من المواطنين ما إذا لا يزالون يرغبون في مغادرة الاتحاد الأوروبي”.

لكن براندون لويس أكد أن الحكومة لا تعتقد أن استفتاء جديدا “هو الطريقة المناسبة للمضي” في هذه العملية. وقد استبعدت ماي هذا الخيار حتى الآن معتبرة أنه لن يكون ديموقراطيا.

و فكرة تنظيم استفتاء ثان يدافع عنها أيضا الحزب الليبرالي الديموقراطي وحزب الخضر والحزب القومي في ويلز والذين يحضون زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن على أن يحذو حذوهم.

و أظهرت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” ونشرته صحيفة “ايفنينغ ستاندارد” المسائية، أن 56% من البريطانيين سيصوتون للبقاء في الاتحاد الأوروبي في حالة إجراء استفتاء جديد، في نسبة هي الأعلى منذ استفتاء جوان 2016 بشأن بريكست.

شمل الاستطلاع الذي جرى الأربعاء 1070 شخصا تجاوزت أعمارهم 18 عاما بناء على طلب من حركة “بيبلز فوت” التي تدعو لاستفتاء ثان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *