أخبار, البارزة 0 comments on أبرز الدول الأفريقية التي خسرتها فرنسا لصالح التمدد الروسي

أبرز الدول الأفريقية التي خسرتها فرنسا لصالح التمدد الروسي

شهدت دول عديدة في أفريقيا تحولات واضحة في التحالفات خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية، بعد أن نحت باتجاه روسيا والكتلة الشرقية بشكل عام، متحللة بذلك من قبضة النفوذ الفرنسي الغربي الذي ظل يحكم سيطرته على القارة لعقود طويلة.

ورصدت “عربي21” تحولات مثيرة في خارطة النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري في نحو 9 دول أفريقية على الأقل لصالح روسيا، وذلك بعد أن كانت هذه الدول ضمن دائرة النفوذ التقليدي لفرنسا والغرب عموما، منذ أن كانت مستعمرات سابقة، وصولا إلى إعلان استقلالها وتولي حكومات موالية في ستينيات القرن الماضي.

ضرب المعسكرات الفرنسية

شهدت الأيام والأشهر القليلة الماضية أخبارا غير سارة لباريس، وذلك بعد أن أطاحت انقلابات عسكرية في ثلاث دول، وهي النيجر والغابون وبوركينا فاسو، بحلفاء تقليديين لفرنسا، ما مثل ضربة لمعسكراتها السابقة، لصالح التمدد الروسي.

وعلى سبيل المثال، كان رؤساء الدول الثلاث المذكورة يدينون بالولاء لفرنسا، ويفتحون لها الأبواب على كافة المستويات، مقابل توفير الحماية لهم، وضمان استمرارهم في الحكم، الأمر الذي خلق حالة من العداء الشعبي لفرنسا في تلك الدول، خاصة بين أولئك الحالمين بالتغيير، وانعكس ذلك لاحقا في صورة تأييد شعبي للانقلابات العسكرية ضد حلفاء باريس.

مهاجرون يروون لـ”عربي21″ شهادات مروعة عن الوضع في تونس.. “هل نحن فعلا بشر؟” (شاهد) ويعد التدهور الاقتصادي أيضا عاملا مشتركا في كل الدول التي حدثت فيها انقلابات نتيجة الفساد والمحسوبية وغياب العدالة وانعدام الشفافية وضعف الكفاءة من قبل رؤساء وحكومات هذه البلاد.

وتركز روسيا حاليا، كما فرنسا في السابق، على الجوانب الاقتصادية للاستفادة من خيرات وثروات أفريقيا اللامحدودة، لا سيما المعادن النفيسة، والنفط. وفي سبيل ذلك دفعت بشركة “فاغنر” العسكرية الخاصة للعمل في عدد من دول القارة، تحت غطاء أمني وعسكري.
وبينما تتواجد روسيا فعليا وتبسط نفوذها الواسع في العديد من الدول الأفريقية، فإنها تخطط لقضم المزيد من حصة الكعكة الفرنسية في أفريقيا، لكن الدول التالية يبرز فيها التواجد الروسي بشكل واضح وفقا للخارطة أدناه:

Image1_9202346153415694825.jpg

 

ليبيا

رغم أن روسيا لا تقيم علاقات وطيدة بنفس القدر مع كل من الشرق والغرب الليبي اللذين يتنازعان السلطة في البلاد، إلا أن التواجد الروسي في ليبيا والنفوذ الكبير لها، يشكل عقبة أمام إيجاد حل للأزمة الراهنة في البلاد.

تقيم روسيا علاقات استراتيجية مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق، وتمده بالدعم العسكري والسياسي، وظهر ذلك إبان هجوم اللواء المتقاعد على طرابلس في نيسان/ أبريل عام 2019 حيث شاركت قوات “فاغنر” في هذا الهجوم الذي انتهى بالفشل.

وتسيطر فاغنر حاليا على مواقع ومعسكرات ومطارات في الشرق الليبي، وتتخذ من وسط البلاد منطلقا لعملياتها في دول أفريقيا.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي، فرج دردور، لـ”عربي21″، إن ليبيا تعدّ محطة مهمة بالنسبة لروسيا، إذ تعدّ قاعدة خلفية ولوجستية مهمة لانطلاق عمليات فاغنر في بلدان أفريقية.

بدأ التغلغل الروسي في السودان عن طريق شركة “مروي جولد” المحلية التي تعود ملكيتها إلى شركة “إم إنفست” الروسية، المتخصصة في التعدين، وذلك في أعقاب اتفاق جرى بين الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، عام 2017.

تلا ذلك قدوم قوات فاغنر إلى السودان، وتمركزها في أماكن حماية الاستثمارات الروسية، وفي مهمات تدريب للقوات السودانية.

في عام 2018 أيضا، وثقت مجموعة الأبحاث الروسية “CIT” أدلة على أن “فاغنر” ساعدت القوات السودانية في قمع الاحتجاجات العامة في الخرطوم، وهي احتجاجات أدت في النهاية إلى الإطاحة بالبشير بعد بضعة أشهر.

بعد الإطاحة بالبشير، ترسخت علاقة “فاغنر” مع قائد قوات الدعم السريع حميدتي، التي تقود حاليا حربا ونزاعا ضد قوات الجيش التي يقودها رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان.

يكشف تحقيق أجرته شبكة “سي إن إن” في تموز/ يوليو 2022 أن القيادة السودانية، منحت روسيا حق الوصول إلى ثروات الذهب في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا مقابل الدعم العسكري والسياسي.

مالي 

يشير استخدام روسيا لحق النقض من أجل وقف تمديد العقوبات الدولية ضد مالي قبل أيام إلى حجم العلاقات بين البلدين.

وتعهدت روسيا أمام الأمم المتحدة، الاثنين الماضي بمواصلة تقديم “مساعدة شاملة” إلى مالي، التي يوجد بها نحو ألف مقاتل من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة.

واستولى مجلس عسكري في مالي على السلطة بعد انقلاب عام 2021، وفي أعقاب ذلك عقد المجلس شراكة مع مجموعة فاغنر الروسية.

ومؤخرا صوت المجلس المؤلف من 15 عضوا لإنهاء مهمة حفظ السلام التي استمرت عشر سنوات في مالي بعد أن طلب المجلس العسكري فجأة من القوة التابعة للأمم المتحدة هناك مغادرة البلاد، وهي خطوة قالت الولايات المتحدة إن مجموعة فاغنر تقف وراءها.

وكان المجلس العسكري قد طرد القوات الفرنسية من البلاد، وكرس لقطيعة تامة مع فرنسا التي كانت تسيطر على البلاد، على مدار عقود، وصل بها الحد إلى فرض اللغة الفرنسية لتكون اللغة الرسمية لهذا البلد الذي يعتبر أكثر من 90% من سكانه مسلمين.

أفريقيا الوسطى

بدأ الحضور الروسي في أفريقيا الوسطى في 2017 حين تبرعت روسيا بأسلحة خفيفة للجيش، سرعان ما تحول ذلك إلى وجود أمني فعال، إثر إرسال موسكو 170 من نخبة قوات “فاغنر”.

خلال فترة وجيزة سيطر الروس على جميع المهام الأمنية المهمة في أفريقيا الوسطى بما في ذلك حراسة الرئيس فوستين أرشانغ. وفي خطوة تعكس حجم التعاون بين الطرفين، تم تعيين الروسي فاليري زاخاروف، ضابط المخابرات السابق، في منصب مستشار الأمن القومي للرئيس فوستين أرشانغ.

ولم تقف العلاقات عند هذا الحد، بل تطورت أكثر، ففي آب/ أغسطس 2018؛ وقَّع البلدان اتفاقية تعاون عسكري وجرى السماح بافتتاح مكتب لتمثيل وزارة الدفاع الروسية في بانغي، وأعلن رئيس أفريقيا الوسطى أن بلاده تدرس السماح بإنشاء قاعدة عسكرية فوق أراضيها، فضلًا عن سيطرة روسيا على مناطق واسعة ضمَّت مناجم الماس والذهب واليورانيوم.

على إثر ذلك، قامت فرنسا بسحب جزء من طاقمها العسكري وجمدت مساعدتها التي تبلغ عشرة ملايين يورو وعلَّقت التعاون العسكري الثنائي وسط اتهامات لحكومة فوستان أرشانغ بالتواطؤ مع حملة مناهِضة لفرنسا تقودها روسيا.

النيجر

يعد انقلاب النيجر الذي وقع في تموز/ يوليو الماضي أكبر الصفعات التي تلقتها فرنسا في البلد الأفريقي، إذ احتجز المجلس العسكري الجديد الرئيس محمد بازوم، أحد أبرز حلفاء فرنسا، بل وآخر حلفائها الأقوياء في منطقة الساحل الأفريقي، ما جعل الأخيرة تتبنى موقفا معاديا صريحا من الانقلاب، مطالبة بإعادة بازوم إلى منصبه.

الغابون

وسقطت الغابون أيضا من قبضة النفوذ الفرنسي بعد أن أعلن عسكريون الأربعاء الماضي عن استيلائهم على السلطة وإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية وحل المؤسسات الحكومة.

وسرعان ما أدانت الحكومة الفرنسية، الانقلاب العسكري في الغابون، مؤكدة أنها “تراقب بانتباه شديد تطورات الوضع، وتؤكد رغبتها في أن يتم احترام نتيجة الانتخابات”، وبينما لم تتضح بعد سياسات المجلس العسكري الجديد في البلاد، إلا أن عزل الرئيس علي بونغو، الحليف البارز لفرنسا، يشكل خسارة جديدة مدوية للنفوذ الفرنسي في البلد، وسط تكهنات بدخول روسيا لملء الفراغ الفرنسي.

بوركينا فاسو

أصبحت علاقات روسيا مع بوركينا فاسو في دائرة الضوء منذ أن طردت الأخيرة القوات الفرنسية في شباط/ فبراير الماضي في خطوة يعتقد أنها ستعزز العلاقة الأمنية مع موسكو.

والجمعة، قالت الرئاسة في بوركينا فاسو إن وفدا روسيا أجرى محادثات مع رئيس البلاد المؤقت إبراهيم تراوري خلال اجتماع تناول التعاون العسكري المحتمل بين البلدين.

تراوري يتوقع أن يسير على خطى نظيره المالي، لجلب مليشيات فاغنر الروسية لتحل محل القوات الفرنسية في محاربة الجهاديين.

وكدليل على توتر العلاقة بين بوركينافاسو وفرنسا، فقد علقت الأخيرة مساعداتها التنموية وتلك المتعلقة بدعم الميزانية المخصصة لبوركينا فاسو، بعد أيام من إعلان بوركينا فاسو ومالي أنهما ستعتبران أي تدخل عسكري ضد الحكام العسكريين الجدد في النيجر بمثابة “إعلان حرب”.

موزمبيق

بدأ التسلل الروسي إلى هذا البلد تحت غطاء محاربة تنظيم الدولة الذي انتشر عام 2018 في شمال موزمبيق، وبالضبط في مقاطعة كابو ديلغادو، الغنية بحقول الغاز الطبيعي.

وعقدت “فاغنر” شراكات مع “موزمبيق” لمحاربة التنظيم، فمنذ أيلول/ سبتمبر عام 2019 يتواجد نحو 300 عسكري من الشركة الروسية في البلاد مزودين بطائرات بدون طيار وأدوات عسكرية عالية التقنية لتحليل البيانات.

وينتشر عناصر “فاغنر” في بلدة “موسيمبوا دا برايا” الساحلية، ومنطقتي ناكالا ونامولا القريبتين من كابو ديلغادو، التي تستثمر فيها كبرى الشركات العالمية 60 مليار دولار لاستغلال حقول الغاز البحرية، وهي أكبر استثمارات في أفريقيا.

وبالتزامن مع ذلك، فقد زار الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي، موسكو في آب/ أغسطس 2019، ووقع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقيات في مجالات الطاقة والدفاع والأمن، تلاه إرسال معدات عسكرية إلى العاصمة مابوتو بينها مروحية هجومية من نوع “مي17”.

أريتريا

تتمتع هذه الدولة بعلاقة بعلاقات قديمة مع روسيا التي دأبت على تقديم دعم مالي وعسكري على مر السنين.

وتسعى روسيا إلى استخدام الإمكانات اللوجستية لميناء مصوع على البحر الأحمر، والترانزيت عبر مطار هذه المدينة، في إطار علاقات وثيقة بين الطرفين امتدت منذ عام 1993 بعد أن استقلت أريتريا عن إثيوبيا.

 

عربي 21

أخبار, البارزة 0 comments on تصريحات وزيرة بلجيكية تثير أزمة دبلوماسية مع إسرائيل

تصريحات وزيرة بلجيكية تثير أزمة دبلوماسية مع إسرائيل

وزيرة التعاون والتنمية كارولين غينّيز تحدثت في مقابلة مع صحيفة محلية عن قتل الأطفال الفلسطينيين ومسح قرى بكاملها من الخريطة وتدمير مدارس وأحياء ممولة من الاتحاد الأوروبي

أثارت تصريحات وزيرة التعاون والتنمية البلجيكية كارولين غينّيز عن انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين، أزمة دبلوماسية مع تل أبيب، وفق إعلام بلجيكي، فيما لاقت ترحيبا فلسطينيا.

وكانت غينّيز تحدثت في مقابلة مع صحيفة “دي مورغن” المحلية، نُشرت الجمعة، عن قتل الأطفال الفلسطينيين ومسح قرى بكاملها من الخريطة وتدمير مدارس وأحياء ممولة من الاتحاد الأوروبي.

وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة “HLN” البلجيكية، “تمسكت الوزيرة غينّيز بكلامها الذي تسبب بمشكلة دبلوماسية بين بلادها وإسرائيل”.

ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الوزيرة قوله لوسائل الإعلام البلجيكية، إن غينّيز “غير نادمة على تصريحاتها في المقابلة”.

وأضافت أن الوزيرة أشارت أيضا إلى “دعم بلجيكا حل الدولتين في القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فإذا تعرضت الديمقراطية وحقوق الإنسان لضغوط في أي مكان بالعالم، فسنعارض ذلك”، وفق المصدر نفسه.

وقالت غينّيز في تصريحاتها التي أعادت نشرها بعدة لغات على حسابها في منصة إكس: “يُعد 2023 للأسف العام الأكثر دموية منذ فترة طويلة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث قُتل 218 فلسطينيًا و28 إسرائيليا، ومن بين القتلى الفلسطينيين 34 طفلا”.

وأضافت: “شهدنا أيضا تدميرا منظما للبنية التحتية على الجانب الفلسطيني في الأشهر الأخيرة، وهذا يدفع مجتمعات بكاملها إلى الخروج من قراها، وكثيرا ما تم تمويل تكاليف هذه البنى التحتية بشكل مشترك من خلال الدعم الدولي”.

وأردفت الوزيرة البلجيكية: “ما زلت أدين ذلك احتراما لجهود المجتمع الدولي، ومن المقرر أيضا إجراء محادثة جادة مع السفير الإسرائيلي حول هذا الموضوع في 7 سبتمبر (أيلول الجاري)”.

من جهتها، رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان بتصريحات الوزيرة البلجيكية.

واعتبرت أن تلك التصريحات “تتسق تماماً مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتدعم حل الدولتين ومبادئ حقوق الإنسان كما أشارت إليها (الوزيرة البلجيكية)”.

وأدانت الوزارة “الهجوم الإسرائيلي البشع وغير المبرر الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية ضد الوزيرة وتصريحاتها”.

واعتبرت أن الهجوم الإسرائيلي يندرج “في إطار الدعاية التضليلية وترهيب الجهات التي توجه انتقادات لدولة الاحتلال ومحاولات لطمس حقيقة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم تاريخي وعمليات قمع وتنكيل واضطهاد وتمييز عنصري تحدثت عنها عديد المنظمات الحقوقية والإنسانية ذات المصداقية بما فيها الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية”.

وفي وقت سابق الجمعة، استدعت تل أبيب سفير بلجيكا لديها جان لوك بودسون، للتعبير عن “الاستنكار الشديد” بعد تصريح الوزيرة البلجيكية غينّيز عن انتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.

كما قالت سفيرة إسرائيل في بروكسل إيديت روزنزفايغ-أبو، عبر حسابها على منصة “إكس”، إن وزارة الخارجية احتجت للسفير البلجيكي وطلبت توضيحات بشأن تصريحات الوزيرة غينيز.

فيما لم يصدر تعليق رسمي من وزارة الخارجية الإسرائيلية حتى الساعة 21:00 تغ.

أخبار, البارزة 0 comments on الأمين العام للأمم المتحدة: العدالة العالمية تتيح لإفريقيا التصدي لأسباب الفوضى

الأمين العام للأمم المتحدة: العدالة العالمية تتيح لإفريقيا التصدي لأسباب الفوضى

رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، أن العدالة العالمية تتيح لإفريقيا التصدي لأسباب الانقلابات وعدم الاستقرار.

وقال غوتيريش في مؤتمر صحفي، “تمسّكُنا بالعدالة والإنصاف في إدارة عالمنا يتيح لإفريقيا فرصة التصدي للانقلابات وعدم الاستقرار السياسي”.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى دعم الجهود الدبلوماسية لمختلف المؤسسات الإفريقية لتحقيق الاستقرار والديمقراطية بالقارة”.

وتابع: “نحتاج إلى تهيئة الظروف التي تسمح للأفارقة بمعالجة الأسباب الجذرية للمشاكل التي يواجهونها”.

وحثّ غوتيريش “جميع البلدان الإفريقية على التحرك بسرعة لإنشاء مؤسسات ديمقراطية ذات مصداقية ودعم سيادة القانون”.

وشدد على أن “العديد من الدول يواجه تحديات عميقة في مجال الحكم، ولكن الحكومات العسكرية ليست الحل”.

تأتي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة غداة انقلاب جديد تشهده القارة الإفريقية خلال سنوات قليلة وسط عدم استقرار سياسي.

والأربعاء، شهدت الغابون انقلابا عسكريا هو الثالث خلال 3 سنوات في إفريقيا، بعد النيجر في 26 يوليو/ تموز الماضي، ومالي عام 2022، ما أثار موجة من المواقف الدولية التي أعربت في غالبيتها عن القلق العميق إزاء حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها القارة.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on بعد انقلاب النيجر : الانظمة العسكرية والبوليسية تنتشر في افريقيا .. بقلم توفيق المديني

بعد انقلاب النيجر : الانظمة العسكرية والبوليسية تنتشر في افريقيا .. بقلم توفيق المديني

احتدام الاستقطاب الإقليمي و الدولي في المنطقة المغاربية وجنوب الصحراء
مجلة البلاد اللبنانية:تصدر أسبوعيًا عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان، العدد رقم 398، تاريخ الجمعة 28/7/2023.
توفيق المديني
في ضوء توالي الاعترافات الدولية ، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ودعم مقترح الحكم الذاتي، الذي يعرضه الملك المغربي محمد السادس كـ”حلّ وحيد” للملف المتنازع عليه بين المغرب من جهة، وجبهة البوليساريو ومن ورائها الجزائر من جهة أخرى ، منذ اندلاع النزاع المسلح في عام 1976 ،جاء اعتراف الكيان الصهيوني ب”سيادة المغرب ” على الصحراء الغربية، ليشكل تحولاً نوعيًا في الصراع و الاستقطاب الإقليمي في منطقة المغرب العربي.
وعل النقيض من التحالف الاستراتيجي بين المغرب و الكيان الصهيوني ، الذي أصبح حقيقة واقعية في منطقة المغرب العربي، يخوض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون معركة على الصعيد الدولي في آخر زيارتين له لكل من روسيا و الصين،من أجل إعادة تأسيس نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وإنهاء الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة، والمطالبة بمقعدين دائمين لإفريقيا في مجلس الأمن الدولي، تأمل أن تشغل أحدهما الجزائر،لا سيما أنَّ الصين أعلنت دعمها “لمطالب الدول الإفريقية العادلة برفع الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة السمراء بحرمانها من التمثيل الدائم داخل مجلس الأمن”.
أما في دول الساحل وجنوب الصحراء، تشهد القوة الاستعمارية الفرنسية تراجعًا ملحوظًا، لا سيما في مالي مع حصول الانقلاب العسكري في 18 أغسطس/ آب 2020، حين اعتقل الجيش رئيس الدولة إبراهيم أبو بكر كيتا ورئيس وزرائها، إثر اضطرابات شعبية عمّت البلاد نتيجة استمرار تدهور الحالة الاقتصادية والأمنية.
ومنذ تولي الحكومة العسكرية الحكم في مالي، طالبت بمراجعة الاتفاقية الدفاعية التي كانت تربط البلاد بفرنسا واعتبرتها مدخلا إلى انتهاك السيادة الوطنية، وبدأت بعدها سلسلة إجراءات لفك الارتباط مع فرنسا، وتقليص نفوذها العسكري بوجه خاص ،لمصلحة تنامي نفوذ روسيا ، من خلال استجلاب قوات “فاغنر” لمحاربة المجموعات الإرهابية الناشطة في مناطق مختلفة من البلاد.
وكان المجلس العسكري في بوركينا فاسو طالب في شهر يناير2023، الجنود الفرنسيين بالرحيل، وذلك بعد بضعة أشهر من مغادرة مماثلة للقوة الفرنسية من مالي التي وجهت بوصلتها نحو روسيا.
وفي ضوء تنامي الشعور المناهض للوجود العسكري الفرنسي في باماكو،عاصمة مالي، كما في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو،قابله في نيسان/إبريل 2022، إقرار برلمان النيجر نصًا يُجِيزُ انتشار قوات أجنبية على التراب الوطني بهدف التصدي للجماعات المتطرفة التي تنشط خصوصاً في غرب البلاد، قرب الحدود مع مالي وبوركينا. وشكلت العاصمة النيجرية نيامي أحد الخيارات المتقدمة لاستقبال القوات الفرنسية التي غادرت بوركينا، إذ لا تزال فرنسا تنشر قوات عسكرية في ساحل العاج (900 عنصر) والنيجر (2000) والسنغال (500).
وفي حزيران/يونيو الفائت، قال رئيس النيجر محمد بازوم: “لست خادماً لفرنسا”، في محاولة لاستمالة الرأي العام والمنظمات النافذة في المجتمع المدني، التي دعت مراراً إلى التظاهر ضد فرنسا في 2021 و2022.
واعتبر أمادو بونتي ديالو، الأستاذ في جامعة نيامي، أنَّ التفات رئيس النيجر إلى القوى الغربية، وبينها فرنسا، ينطوي “على مجازفة سياسية” بالنسبة إليه، مضيفاً: “ينبغي التحلي بيقظة شديدة، فالناس لن يقبلوا بأي شيء حين يظهرون تمسكاً شديداً بسيادتهم”. وبات الشعور المناهض لفرنسا موضوعاً طاغياً، وخصوصا في السياسة الداخلية لدولة النيجر، التي حصل فيها الانقلاب العسكري يوم الإربعاء الماضي، بوصفه انقلابًا مناهضًا للوجود العسكري الفرنسي.
مبررات اعتراف الكيان الصهيوني بمغربية الصحراء
قبل الاعتراف الإسرائيلي، أعلنت دول عديدة اعترافها هي الأخرى بما يعرف في المملكة بـ”مغربية الصحراء”. وفي مقدمة تلك الدول ، الولايات المتحدة في شهر ديسمبر 2020، حين أعلن رئيسها السابق، دونالد ترامب، بأنه يدعم سيادة المغرب على الصحراء، بينما أكد في تغريدة على حسابه على تويتر أنَّ قراره يتناسب مع موقف المغرب التاريخي من استقلال الولايات المتحدة 1776، باعتباره أول دولة تعترف بالولايات المتحدة كدولة مستقلة.
وتعزّز الموقف المغربي مؤخرا بإعلان إسبانيا هي الأخرى، تأييد مقترح الحكم الذاتي، وهي الخطوة التي فتحت الباب أمام تطبيع علاقات البلدين، بعد أزمة دبلوماسية حادة دامت نحو عام.
وبعد أن التزمت الحياد لعقود، باتت مدريد، تعتبر أن خطة الحكم الذاتي هي “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” في الصحراء الغربية.
من دون شك ندَّدَتْ جبهة البوليساريو باعتراف”إسرائيل” بمغربية الصحراء، وقالت في بيان لها إنَّ الاعتراف “لا قيمة قانونية ولا سياسية له، مضيفة أنَّه لن يزيد الشعب الصحراوي إلا إصرارًا على مواصلة كفاحه التحرري في مختلف الجبهات”.
وجاء موقف “بوليساريو” موافقًا للموقف الجزائري، حيث حمّل بيان وزارة الإعلام في “الجمهورية الصحراوية” ذات الاعتراف المحدود، المجتمع الدولي مسؤولية التداعيات الخطيرة المترتبة عما وصفه بـ”التحالف الإسرائيلي – المغربي” وما رأى فيه سعيًا “لاستغلال الحرب في الصحراء الغربية لتطبيق أجندات تخريبية مشتركة، أمنية وعسكرية، تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار منطقة شمال افريقيا والساحل عموما”.
وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، الخميس الماضي ، إنَّ قرار “إسرائيل” الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، يشكل “انتهاكًا جديدًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي”.
إذا تركنا ردود الفعل من جانب جبهة بوليساريو و الدولة الجزائرية جانبًا، فإنَّ ما يلفت الانتباه في هذا الموضوع، المبررات التي تسوقها “إسرائيل” في اعترافها بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية ،وفي هذا السياق يؤكِّدُ الكاتب الإسرائيلي يوسي متسري مراسل الشؤون الخارجية في القناة الإسرائيلية 13 ، في مقال ترجمته صحيفة عربي 21، ونشرته بتاريخ 21يوليو/تموز 2023،أنَّ “الخطوة الإسرائيلية باتجاه الصحراء الغربية مرتبطة بما حصل في عام 2020، حين تم التوقيع على اتفاقات التطبيع مع أربع دول: الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ففيما منعت الإمارات الضم الإسرائيلي للضفة الغربية، وخرج السودانيون من القائمة السوداء الأمريكية، واعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لكنَّ توقيت الاعتراف الإسرائيلي بهذه السيادة المغربية على هذه المنطقة، وفي هذا الوقت بالذات، يطرح كثيرا من الأسئلة اللافتة”.
وأضاف الكاتب الإسرائيلي أنَّ “السبب الأول يكمن في رغبة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يحدّ من آثار العزلة السياسية التي تعيشها حكومته الحالية، والثاني أنَّ الاعتراف يأتي بمنزلة فرصة لتشجيع العلاقات الخارجية لإسرائيل، والثالثة تذكر أن العلاقات مع المغرب لها رمزية كبيرة في الجمهور الإسرائيلي؛ لأنه البلد الأصلي لواحدة من أكبر الجاليات اليهودية، وأكثرها نفوذا، ومُنع الإسرائيليون من زيارتها حتى وقت قريب”.
يربط الكيان الصهيوني بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بالبعد الإقليمي للصراع المحتدم بينه وبين إيران،الذي يمتدُ من المشرق العربي إلى المنطقة المغاربية، إذ تتحدث العديد من التقاريرالإسرائيلية ، أنَّ إيران تسلح الجزائر من خلال “جبهة البوليساريو” في سعيها من أجل الاستقلال، كما تم الإبلاغ عن نشاط لطائرات إيرانية بدون طيار في المنطقة.
من وجهة نظر إسرائيلية، جبهة الصراع في المنطقة العربية ليست هادئة، ولعلها شبيهة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، حيث تحلق طائرات إيرانية بدون طيار فوق أوكرانيا، مما يجعل من الصحراء ساحة جديدة للصراع بين “إسرائيل” وإيران، استكمالا لاستمرار هذا الصراع في جميع أنحاء العالم، سواء كان في الصحراء أو الشرق الأوسط أو أوروبا أو أي مكان آخر، وفي هذه الحالة ليس لدى “إسرائيل” المزيد من الترف للجلوس مكتوفة الأيدي أمام مثل هذا التهديد.
يُعَدُّ المغرب زبونًا مهمًا للصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهو يحتاج الكثير من المعدات والتكنولوجيا العسكرية التي تبيعها “إسرائيل” بهدف مساعدة الجيش المغربي في الصحراء، مما يعني انحيازًا إسرائيلياً بجانبه في هذا الصراع، وإن لم تعلن ذلك، حتى قبل أن تعرب عن دعمها لكون الصحراء جزءًا من الأرض المغربية، حيث ساعدت المغاربة بالوسائل العسكرية على تقوية قبضتهم عليها، والآن أكملت الخطوة الأمنية العسكرية بأخرى دبلوماسية أيضا.
الرهان الجزائري للإنضمام إلى منظمة البريكس
وهكذا دخلت منطقة المغرب العربي في نطاق احتدام الصراع الإقليمي بين المغرب وحلفائه الكيان الصهيوني و أمريكا وفرنسا وإسبانيا ، وبين الدولة الوطنية الجزائرية، التي زار رئيسها عبد المجيد تبون كل من روسيا (حزيران/يونيو الماضي)والصين(17تموز/يوليو الجاري) في نطاق تعزيزالشراكات الاقتصادية و التجارية والتسليحية ،والمراهنة،على الصين وروسيا للانضمام إلى منظمة بريكس، التي تضم إلى جانب روسيا والصين وجنوب إفريقيا كلا من البرازيل والهند.
ويراهن الرئيس تبون، على الثقل الذي تمثله الصين داخل بريكس، في إقناع بقية الدول الأعضاء بالموافقة على انضمام الجزائر للمنظمة، كعضو ملاحظ أولا، ثم عضو كامل الصلاحيات.وسبق أن أعلنت الصين دعمها “الكامل وترحيبها الكبير بانضمام الجزائر إلى مجموعة بريكس”، خلال لقاء السفير الصيني بالجزائر لي جيان، بالأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني، في مارس/آذار2023.
وبذلك تكون الجزائر ضمنت دعم أهم بلدين في مجموعة بريكس، وهما الصين وروسيا، الأخيرة أعلنت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف، أنَّ “الجزائر بمؤهلاتها هي المنافس الرئيسي” للانضمام إلى بريكس.
ومن المقرر أن تعقد قمة بريكس في جنوب إفريقيا، ما بين 22 و24 أغسطس/آب المقبل، وقدمت نحو 20 دولة طلب انضمامها إلى بريكس بينها السعودية ومصر والإمارات ونيجيريا وإثيوبيا والسنغال.
بينما أعلنت الجزائر في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تقديمها طلبًا رسميًا للانضمام إلى منظمة بريكس، بعدما تمت دعوة الرئيس تبون، في يونيو 2022، للتحدث خلال قمة بريكس التي عقدت بالصين.
لكن الانضمام إلى بريكس يحتاج توفر جملة من الشروط، لم يتم الاتفاق بشأنها أو الإعلان عنها، وهو ما أشار له الرئيس الجزائري أكثر من مرة تصريحا أو تلميحا، حيث قال في أحد تصريحاته الصحفية “عضوية بريكس تعتمد على الظروف الاقتصادية التي تعتمدها الجزائر إلى حد كبير”.
أسباب الإطاحة بنظام الرئيس النيجري محمد بازوم
أعلن عسكريّون، مساء يوم الأربعاء 26تموز/يوليو 2023، أنّهم أطاحوا بنظام الرئيس النيجري محمد بازوم ،في بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، باسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”.
وقال الكولونيل ميجور أمادو عبد الرحمن، الذي كان محاطاً بتسعة جنود آخرين يرتدون الزيّ الرسمي: “نحن، قوّات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قرّرنا وضع حدّ للنظام الذي تعرفونه”.وأضاف: “يأتي ذلك على أثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصاديّة والاجتماعيّة”.
وأكّد “تمسّك” المجلس بـ”احترام كلّ الالتزامات التي تعهّدتها النيجر”، مطمئناً أيضاً “المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلّق باحترام السلامة الجسديّة والمعنويّة للسلطات المخلوعة، وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان”. وأعلن إغلاق الحدود وفرض حظر تجوال في أنحاء البلاد مع تعليق عمل كافة مؤسسات الجمهورية.وأضاف البيان أن “الأمناء العامين للوزارات سيكونون مسؤولين عن تصريف الأعمال، وأن قوات الدفاع والأمن تدير الوضع”، مطالبا “الشركاء الخارجيين بعدم التدخل”.
وقال رئيس النيجر محمد بازوم في أول تصريح له، بعد الانقلاب عليه، إنَّ المكاسب التي حققت سيحميها المواطنون المؤمنون بالديمقراطية، وذلك بعد ساعات من إعلان مجموعة من العسكريين عزله من السلطة، عقب احتجازه في القصر الرئاسي.
وطالبت الولايات المتحدة الأربعاء بإطلاق سراح رئيس النيجر. وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان في بيان: “ندين بشدة أي محاولة لاعتقال أو إعاقة عمل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في النيجر والتي يديرها الرئيس بازوم”.
ودعا وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى “الإفراج الفوري” عن رئيس النيجر.وأعلن بلينكن أنّ استمرار المساعدات التي تُقدّمها بلاده للنيجر مرهون بـ”الحفاظ على الديمقراطيّة” في الدولة الأفريقيّة.وأدانت فرنسا “أيّ محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوّة” في النيجر، بحسب ما قالت وزيرة الخارجيّة الفرنسيّة كاترين كولونا.
النيجر من أفقر دول العالم، رغم غناها باليورانيوم والغاز، وهذا يفسر إلى حد كبير الاهتمام الواسع من قبل أمريكا وفرنسا بالانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم ، من قبل العسكريين المناهضين للتواجد العسكري الفرنسي و الأمريكي في النيجر.
وكانت النيجر التي تتقاسم الحدود مع مالي بنحو 800 كيلومتر، من بين البلدان الإفريقية الأوائل التي اشتركت مع القوة الإفريقية بنحو 680 جنديا، باعتبارالأزمة المالية تمثل له مشكلاً أمنياً داخلياً. و كان الرئيس النيجري السابق محمدو يوسوفو الذي انتخب في ربيع 2011، اعتبر أن التدخل العسكري الفرنسي حظي بشعبية كبيرة في إفريقيا، من أجل دحر قوات الطوارق والإسلامييين المتشديين الذين سيطروا على شمال مالي منذ بداية سنة 2012، إذ يوجد مليون من الطوارق من بين 12 مليون عدد سكان النيجر.
لقد كان النيجر لوقت طويل ألدورادو هادىء ل”فرانس أفريك”بالنسبة لمجموعة “أريفا” النووية الفرنسية ،قبل أن تصبح خلال بضع سنوات مصدراً للمشاكل:تهديدات متمردي الطوارق، وعمليات خطف رهائن، ففي أرليت (الف كيلومتر شمال شرق نيامي عاصمة النيجر ) التي تشكل موقعاً لاستخراج الأورانيوم شهدت آخر عملية خطف من قبل تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي “، وهو ما دفع مجموعتا “أريفا” و”فينسي” الفرنسيتان إلى إجلاء كل العاملين فيهما.
مجموعة “أريفا” النووية الفرنسية تحتاج إلى علاقات ديبلوماسية مستقرة بين باريس ونيامي،لضمان أنشطتها ، و تأمين مستقبل استثماراتها : أكثر من ثلث إنتاجها العالمي(8600طن من اليورانيوم في سنة 2009) يأتي من مناجم سمير وكوميناك.
فقد لقي الانقلاب تنديداً واسعاً من قبل فرنسا، وهي الدولة المستعمرة للنيجر سابقاً، وكذلك من قبل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن قبل الولايات المتحدة، التي تسعى إلى زيادة نفوذها في القارة الإفريقية، ومن المعلوم أيضاً أنَّ هناك صراعاً أمريكياً – فرنسياً على توسيع النفوذ في القارة التي شهدت أنواع الاستعمار كافة، وعانت وتعاني من سياسات الهيمنة الغربية التي جعلتها أفقر القارات في العالم وأكثرها تخلفاً.‏
إذاً واشنطن لاتخفي رغبتها في توسيع تواجدها العسكري في إفريقيا وتأمين مصالحها ومواجهة أي نفوذ آخر، وخاصة النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل والصحراء ، الذي بدأ يلاقي معارضة قوية من قبل مالي وبركينا فاسو و النيجر.
وهكذا يتضح بجلاء أن الصراع الأمريكي مع دول أخرى مثل فرنسا،وروسيا، والصين، على النفوذ والثروة في القارة الإفريقية بلغ أوجه، وأنَّ واشنطن لن تفرط في نفوذها المتزايد ومصالحها الاقتصادية والعسكرية في النيجر وفي غيرها من البلدان الإفريقية….
خاتمة:
أصبح الوجود العسكري الفرنسي في بلدان الساحل وجنوب الصحراء غير مرغوب فيه من قبل شعوب المنطقة، التي أصبحت تناهض القوة الاستعمارية الفرنسية .وبات الوجود العسكري الفرنسي موضوعاً في السياسة الداخلية لهذه البلدان، وتستخدمه قوى داخل الجيوش الإفريقية مناهضة لفرنسا و أمريكا للوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها انطلاقاً من الاعتماد على الرأي العام الإفريقي المناهض للسياسات الاستعمارية الفرنسية والأمريكية، واستبدال التحالفات الكلاسيكية السابقة بالتحالف مع روسيا و الصين، القوى الدولية الصاعدة.
وهذه الظاهرة مرتبطة بالوضع الأمني في المنطقة، وكذلك بـنية فئة من الرأي العام في بلدان الساحل وجنوب الصحراء الانتقال إلى مرحلة جديدة والحصول على استقلال جديد.
وقد شذَّ النيجر عن هذا الخط السياسي الجديد في ظل رئاسة محمد بازوم ، لأنَّ النيجر مثلاً تواجه تهديدات إرهابية هائلة، وفي رأي الرئيس بازوم أنَّ دعم القوى الغربية يوفر إيجابيات تفوق السلبيات لمساعدته في خوض هذه التحديات.
ولهذا السبب حصل الانقلاب العسكري في النيجر.

أخبار, البارزة 0 comments on قضية التآمر: ايداع مطالب افراج جديدة والاستماع الى عبد الكريم الزبيدي ورضا شرف الدين ومحمد الحامدي

قضية التآمر: ايداع مطالب افراج جديدة والاستماع الى عبد الكريم الزبيدي ورضا شرف الدين ومحمد الحامدي

: اعلنت “هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين” في ما يعرف بقضية التآمر على امن الدولة اليوم الاثنين 24 جويلية 2023 انها اودعت اليوم مطالب افراج جديدة في حق عدد من الموقوفين بناء على معطيات جديدة في القضية.

واكدت الهيئة في بلاغ صادر عنها نشرته على صفحتها بموقع فايسبوك ان مطالب الافراج تتعلق بكل من عصام الشابّي وجوهر بن مبارك وغازي الشوّاشي ورضا بالحاج وعبد الحميد الجلاصي وخيّام التّركي.

وافادت بان فرقة مكافحة الإرهاب قامت في الأيّام الأخيرة بالإستماع إلى عدد من الشّخصيات السياسيّة قالت ان من بينهم محمد الحامدي القيادي السابق بالتيار الديمقراطي وعبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الاسبق ورضا شرف الدّين رجل الاعمال والرئيس السابق للنجم الساحلي وغيرهم بناء على إنابة عدليّة كان قد أصدرها قاضي التّحقيق المتعهّد بقضيّة “التّآمر”.

ولفتت الى انها تمكّنت بمناسبة حضورها بعض الإستنطاقات من الإطّلاع على فحوى بقيّة السّماعات مؤكدة انها تشكِّل دليلا إضافيا على براءة كل المتّهمين في هذه القضيّة وانها تنسف نهائيّا سرديّة “التّآمر” مضيفة انه بناء على هذه المعطيات الجديدة قامت صبيحة اليوم بايداع مطالب الافراج.

يشار الى ان الايقافات في القضية انطلقت منذ شهر فيفري الماضي بايقاف الناشط السياسي خيام التركي ثم رجل الاعمال كمال اللطيف وعبد الحميد الجلاصي القيادي السابق بحركة النهضة قبل ان تشمل في وقت لاحق عدد اخر من السياسيين والمحامين على غرار جوهر بن مبارك وشيماء عيسى وعصام الشابي ورضا بلحاج ولزهر العكرمي وغازي الشواشي.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on توظيف المنصات في جذب ملياري سائح إلى المنطقة العربية .. بقلم كمال بن يونس

توظيف المنصات في جذب ملياري سائح إلى المنطقة العربية .. بقلم كمال بن يونس

كتابات ابن بطوطة وابن خلدون ومارك بولو و«الرحالة» روّجت بنجاح للسياحة

أطلق إعلاميون وخبراء اتصال واقتصاد ومسؤولون حكوميون عن قطاعات الإعلام والاتصال والسياحة في اتحاد إذاعات الدول العربية وجامعة الدول العربية والمنظمات الدولية للسياحة، صيحات فزع بعدما كشفت دراسات أن الدول العربية خسرت 300 مليار دولار من مداخيلها السياحية.

جاء ذلك خلال مؤتمر دولي كبير استضافته تونس، وذُكر خلاله أن هذه الخسائر تراكمت بسبب جائحة «كوفيد – 19» وانتشار التلوث في منطقتي البحر الأبيض المتوسط والمشرق العربي وارتفاع حدة المنافسة الإقليمية والدولية للسياحة العربية. وخلص الخبراء والمسؤولون إلى ضرورة بدء «خريطة طريق الإنقاذ والنمو» باعتماد استراتيجيات إعلامية واتصالية توظف في آن معاً وسائل الإعلام التقليدية والجديدة والإعلام الإلكتروني والمنصات الاجتماعية وشبكات ملايين المدوّنين ورواد «الإعلام البديل». ودعم عبد الرحيم سليمان المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية، وفهد الفهيد رئيس المنظمة العربية للسياحة، هذا التمشي الجديد، وتوقعا أن يكون مستقبل مئات ملايين المواطنين العرب أفضل من واقعهم بفضل انخراط وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في الترويج لصناعة السياحة العربية في العالم أجمع. وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، توقع أحمد رشيد الخطابي الأمين العام المساعد للجامعة العربية ورئيس قطاع الإعلام والاتصال، أن «يسهم الإعلام في ترفيع عدد السياح الذين يزورون العالم العربي سنوياً من نحو 900 مليون العام الماضي، إلى أكثر من ملياري سائح في ظرف سنوات».

ابن بطوطة وابن خلدون وماركو بولو

على صعيد متصل، وخلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، عدّ التيجاني الحداد، رئيس المنظمة العالمية للصحافيين وكتاب السياحة ووزير السياحة التونسية السابق، أن «الكتابة السياحية الحديثة بدأت منذ كتب الرحالة والمؤرخين، خصوصاً كتب محمد بن عبد الله الطنجي المغربي المعروف بـ(ابن بطوطة 1307 – 1377م)، والعلاّمة التونسي المغاربي العربي عبد الرحمن بن خلدون (1332 – 1406)، ورحلات الإيطالي ماركو باولو في القرن الثالث عشر، كما نقلت عنه في كتب (عجائب العالم) وكشفت جوانب طريفة من رحلته إلى شرق آسيا و(طريق الحرير) نحو الصين». ونوّه التيجاني الحداد، الذي كان أول من أسّس مجلة سياحية عربية قبل نحو 3 عقود، بـ«ضرورة توظيف الإعلام التقليدي والجديد» من أجل الترويج لقطاعات الصناعات التقليدية والتراث والسياحة والخدمات في العالم العربي. ومن ثم، حمّل مسؤولية إنجاز هذه المهمة إلى 4 أطراف؛ هي: المنظمة العالمية للسياحة التي يوجد مقرها في إسبانيا وتموّل من قبل الأمم المتحدة، والمنظمة العالمية لوكالات الأسفار، والمنظمة العربية للسياحة التي يوجد مقرها في جدة، ومنظمة منطقة البحر الأبيض المتوسط للسياحة.

ودعا الحداد القائمين على قطاعي الإعلام والسياحة عربياً ودولياً إلى تفعيل الشراكة والتعاون مع المنظمة العالمية للصحافيين وكتاب السياحة «لإنجاز مخططات التنمية السياحية والاقتصادية عربياً بالشراكة مع وسائل الإعلام التقليدية والجديدة»، وضمان «مواكبة رغبات السائح التي تتغير بسرعة وتتطور بمفعول الزمن واختلاف المعطيات، مثلما تكشفه ملايين الصفحات الاجتماعية والإلكترونية».

منصات إلكترونية عربية

في السياق ذاته، دعا الخبير المصري مساعد المنظمة العربية للسياحة وليد علي الحناوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى استحداث منصات عربية إلكترونية تروّج، بالشراكة مع اتحاد إذاعات الدول العربية والمنظمة العربية للسياحة، للقطاع السياحي العربي عبر شبكات وتطبيقات الإنترنت عالمياً التي تتفاعل مع تغريدات وتدوينات وشهادات مئات ملايين السياح في العالم أجمع تشمل تطبيقات «يوتيوب» و«تويتر» و«تيك توك» وكل المواقع الاجتماعية الجديدة. وذكر الحناوي أن هذه التطبيقات تستقطب حالياً مليارات البشر من مراحل الاستكشاف والبحث عن الوجهات السياحية والحجز إلى طور السفر وإنجاز المهمات السياحية، «لذلك يجب تأسيس مجلس عربي للإعلام السياحي والإعلام الجديد» لتفعيل مثل هذه الخطة التي تربط بين التنمية السياحية ومواكبة الثورات الإعلامية والاتصالية العالمية.

أيضاً، رأى عدد من الخبراء والسياسيين ورجال الأعمال في تونس والمنطقة، أن قطاع السياحة والصناعات التقليدية يمكن أن «يلعب دور المنقذ من الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تراكمت منذ سنوات واستفحلت بسبب مضاعفات (كوفيد – 19) وحرب أوكرانيا والحروب بالوكالة التي تشهدها المنطقة». ودعا محمد قنطارة، أستاذ الإعلام في الجامعة ومسؤول الاتصال سابقاً في وزارة الخارجية التونسية في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»، إلى «توظيف الإعلام الجديد وصحافة المواطن والمنصات الاجتماعية والمدوّنين المختصين بالسياحة في الترويج للوجهات السياحية». وشدّد على ضرورة إشراك السيّاح في الحملات الإعلامية السياحية والترويجية الوطنية عبر مواقعهم الخاصة على «فيسبوك» وباقي المواقع الاجتماعية والإلكترونية التي أصبحت تبث يومياً مليارات من الفيديوهات القصيرة والصور والكتابات التوثيقية والشهادات التي توجه سلوكيات مليارات من السياح والمستهلكين في العالم. ودعم هذه التوصيات محمد ماني المدير في وزارة السياحة التونسية، وبهجت محمد أبو النصر مدير إدارة السياحة بجامعة الدول العربية، من خلال تصريحين لنا، أكدا فيهما أن مضاعفة مداخيل قطاع السياحة عربياً من نحو 7 في المائة إلى أكثر من 15 في المائة من الناتج المحلي لكل دولة عربية يستوجب التعجيل بتطوير خطة الاتصال والتأقلم مع انفتاح الشباب والأطفال وغالبية المستهلكين على المواقع الاجتماعية والإلكترونية وفضاءات الحوار التفاعلي فيها.

وفي الحين الذي تؤكد فيه غالبية التقارير والدراسات الوطنية والعالمية، تراكم المؤشرات السلبية اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وسياسياً، عالمياً وفي عدة دول عربية، بينها الدول التي تعاني منذ عقد كامل من اضطرابات سياسية وأمنية وحروب، رأى السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصعوبات يمكن أن تكون ظرفية إذا جرى تفعيل مقررات القمم العربية وبينها مقررات قمتي جدة والجزائر». ولقد صرّح أحمد أبو الغيط، أمين عام الجامعة، على هامش زيارة إلى تونس دشن خلالها «مركز أعمال كبيراً» تابعاً لاتحاد إذاعات العربية، بأنه «متفائل بمستقبل الدول العربية إعلامياً وثقافياً واقتصادياً». وبرر أسباب تفاؤله بـ«النجاحات في عدة قطاعات، وبينها السياحة والإعلام»، وأيضاً بتطور الدول العربية حديثاً من حيث مواردها البشرية وثرواتها العلمية والاقتصادية والطاقات الشابة التي برزت في قطاعات الثقافة والفنون والكتابة والإعلام وتكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي.

السياحة… والإعلام

من جانبه، نوه محمد بن فهد الحارثي، رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، بالشراكة التي توصل إليها الاتحاد مع المنظمة العربية للسياحة وتنظيمهما معاً، بمناسبة المهرجان السنوي للإذاعات والتلفزيون، مؤتمراً حول «الإعلام السياحي» وسبل توظيفه. وشرح عن أهمية ترفيع عدد السياح الذين يزورون المنطقة من العالم أجمع وتسهيل فرص تنمية السياحة البينية، بعدما أكدت كل التقارير انتعاش السياحة العالمية منذ العام الماضي، بعد الاضطراب الكبير في حركة الطيران والأنشطة السياحية بعد سنتين من جائحة «كوفيد – 19».

عودة إلى أحمد رشيد الخطابي، فإنه نوّه بمبادرة التنسيق بين مؤسسات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمنظمة العربية للسياحة واتحاد إذاعات الدول العربية دعماً للإعلام السياحي والإعلام الاقتصادي، وتوظيف قدرات وسائل الإعلام العربية وتكنولوجيا الاتصال الدولية لرفع عدد السياح في المنطقة والسياحة البينية العربية خاصة. ولاحظ الخطابي أن نسبة السياحة البينية في أوروبا مثلاً تتجاوز 80 بالمائة من مجموع السياح، بينما تحوم هذه النسبة عربياً حول 40 في المائة فقط. ولذا عدّ أن الدول العربية مطالبة بتوظيف الإعلام وتكنولوجيا الاتصال وبرامج الإصلاح الإداري وتبسيط الإجراءات بهدف رفع عدد السياح العرب الذين يختارون إجازاتهم في بلدان عربية.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on المفكر الأمريكي دانيال برومبارغ : لا يمكن إقصاء الإسلاميين مهما كانت اختلافاتنا معهم

المفكر الأمريكي دانيال برومبارغ : لا يمكن إقصاء الإسلاميين مهما كانت اختلافاتنا معهم

نوه مدير دراسات الديمقراطية والحوكمة في جامعة جورجتاون المفكر الأمريكي دانيال برومبارغ في حديث مع “عربي21″ بـ”ثراء التجارب التعددية والديمقراطية” التي عرفتها تونس والدول العربية بعد الانتفاضات الاجتماعية وثورات 2011 رغم تعثر مسار الانتقال الديمقراطي وتراكم الأخطاء ومؤشرات الإخفاق السياسي والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية..

وأقر المفكر الأمريكي بأن “أطرافا محلية وإقليمية ودولية ساهمت في إجهاض مسار الانتقال الديمقراطي السلمي عربيا وما سمي بـ”الاستثناء التونسي” من بينها بعض “صناع القرار في المنطقة” الذين عملوا على “إجهاض الجهود الجدية لبناء نموذج للتوافق السياسي والاشتراك في الحكم والاحتكام إلى الدستور والقوانين الديمقراطية “بمشاركة شخصيات وأحزاب إسلامية من بينها قيادات حزب النهضة التونسي بزعامة راشد الغنوشي ورفاقه الذين تحاورت مع بعضهم مرارا في واشنطن وفي المنطقة خلال العشرية الماضية “.

حوارات مع قيادات من النهضة؟

وكشف برومبارغ أن الغنوشي ورفاقه سمعوا خلال حواراتهم في واشنطن مع شخصيات أمريكية ودولية قبل نحو 10 أعوام انتقادات لما وصفه البعض بـ”المرونة المبالغ فيها” و”الاجتهاد المبالغ فيه” إلى درجة أن بعضهم سألهم: “ماذا تبقى من ثوابت الإسلام بعد كل اجتهاداتكم وتبريركم “للتوافق مع الآخر”، عند صياغة دستور 2014؟

ونوه الخبير الأمريكي بفصول كثيرة في ذلك الدستور قائلا: “كان دستورا أنجز بفضل جهود واضحة شاركت فيها تيارات سياسية علمانية وليبيرالية حداثية وأخرى محافظة وطنية عروبية إسلامية أو معتدلة.”.

وأفاد دانيال برومبارغ بأن الجامعيين والخبراء والحقوقيين في الولايات المتحدة والغرب وفي العالم أجمع تابعوا باهتمام “تجارب المصالحة والتوافق داخل البرلمان والحكومة والعمل المشترك بين ممثلي أحزاب وتيارات ونقابات مختلفة المرجعيات في تونس ما بعد انتخابات 2011”.

واعتبر أن المسار الذي سارت فيه النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التونسية العلمانية والإسلامية والوطنية المعتدلة يمكن أن يكون “نموذجا” رغم تعثره، لأن هذا المسار مهد لبلورة بوادر “عقد سياسي وعقد اجتماعي توافقي” ليس فيه تغول لأي حزب ولا لأي طرف مهما كان حجمه الانتخابي ومهما كان عدد الأصوات التي فاز بها في صناديق الاقتراع.. وكانت تلك خطوة انتقالية ضرورية لبناء “المشترك” ورفض إقصاء الأحزاب والأطراف السياسية التي لم تفز في الانتخابات بمقاعد كثيرة ..

نيلسون مانديلا عربي

لكن هل يمكن اليوم الحديث عن “مسار ديمقراطي تعددي” أو عن “انتقال ديمقراطي سلمي” بعد إجهاض التجارب الانتخابية والتعددية سياسيا في أغلب بلدان “الثورات العربية” بدءا من المنعرجات العسكرية والأمنية التي عرفتها مصر وليبيا واليمن وسوريا منذ 2013 وصولا إلى “قرارات 25 تموز/ يوليو 2021” في تونس التي اعتبرتها المعارضة “انقلابا على الدستور وعلى شرعية انتخابات 2019؟”.

الأكاديمي الأمريكي الذي يستعد لإصدار كتاب عن تونس وتجربتها الديمقراطية وفي الانتقال السياسي عقب على سؤالنا قائلا: عشرية ما بعد ثورة يناير 2011 شهدت غلطات كثيرة من بينها عدم بروز زعماء ونشطاء شجعان في حجم الزعيم الجنوب أفريقي الذي قاد مسار مصالحة وطنية وانتقال ديمقراطي واقعي ضمن مشاركة كل الأطراف دون إقصاء بما فيهات تلك التي كانت في صدارة المشهد السياسي قبل سقوط الحكم العنصري ونجاح حركة “المؤتمر الوطني”.. لذلك فإنه لا بد من بروز “نيلسون مانديلا جديد” في تونس وفي أغلب دول المنطقة..

وفي تونس وفي عدد من الدول العربية وقع الخلط بين “المسار الانتقالي الديمقراطي” و”التوافق الواضح حسب عقد سياسي” و”الحوار الوطني الشامل والصريح” من جهة والقرارات الظرفية التي كانت أقرب إلى “وقف إطلاق النار بين خصوم الأمس” من جهة ثانية..

واستنتج المفكر الأمريكي أن تونس ونخب دول المنطقة التي تؤمن بالتعددية والديمقراطية والإصلاح تحتاج إلى مرحلة من التفكير والنقد الذاتي والتأسيس لمسار انتقال ديمقراطي جديد.. وقد تحتاج تونس وبعض الدول “مسارا انتقاليا ثانيا وثالثا”…

“إقصاء الإسلاميين غير ممكن”

وبعد تعاقب الانقلابات عربيا منذ القرن الماضي على نتائج صناديق الاقتراع عندما يكون الفائز حزبا له مرجعيات إسلامية هل يمكن الحديث عن سيناريو المضي في المسار الديمقراطي الانتخابي دون البدء بإقصاء “كل الأحزاب الدينية” ومن يسمون “بالإسلاميين” أو قوى “الإسلام السياسي” ومنهم من شارك في العملية الانتخابية؟

ردا على هذا السؤال قال المفكر الأمريكي إن “التجربة أثبتت أن سياسيين في إسرائيل وفي الدول الديمقراطية الغربية الحليفة لها وفي المنطقة حاولوا تجاهل نتائج انتخابات 2006 في فلسطين عندما فازت بالأغلبية قائمات قريبة من حركة المقاومة الإسلامية حماس.. كما أنهم رفضوا في القرن الماضي وبعد ثورات 2011 الانتخابات التي كان الفائزون فيها محسوبين على “الاتجاه الإسلامي” أو ما يسمى بـ”أحزاب الإسلام السياسي”..

لكنه استطرد قائلا: “رغم ذلك أعتقد أنه لا يمكن إقصاء ملايين الناخبين من أنصار التيارات المحافظة والأحزاب الدينية والمترشحين من أنصار “الاتجاه الإسلامي” مهما كانت اختلافاتنا الفكرية والسياسية معهم.. وقد أثبتت التجارب فشل الحلول الأمنية في معالجة الظواهر الثقافية والسياسية وفي تجاهل ميولات قسم من الرأي العام ومناصرته لسياسيين يسميهم غيرهم بـ”المحافظين”.. كما أنه لا يمكن لأي انتقال ديمقراطي أن ينجح إذا لم يقترن بحوارات صريحة سياسية واجتماعية وثقافية وسياسية دون إقصاء”.

ودعا المفكر الأمريكي كل الفاعلين السياسيين إلى تقييم تجربة العشرية الماضية دستوريا وقانونيا وسياسيا والعمل على إنجاز “مسار انتقال ديمقراطي ناجع جديد “.. بعد تدارك “الأخطاء السابقة” ومن بينها الخلط بين “المصالحة الوطنية” و”قرارات التهدئة العابرة بين الفرقاء” ضمن منطق “وقف إطلاق النار في الحروب”.. مع التسليم بعقم سياسات الإقصاء لكل الأطراف بما في ذلك للتيارات الليبيرالية أو لمرشحي التيار الإسلامي والقوى المحافظة..

أخبار, البارزة 0 comments on الشيخ محمد بن زايد يصل تركيا لبحث تعزيز العلاقات الاستراتيجية ودفع الشراكة الاقتصادية الشاملة

الشيخ محمد بن زايد يصل تركيا لبحث تعزيز العلاقات الاستراتيجية ودفع الشراكة الاقتصادية الشاملة

استقبله في المطار الرئيس رجب طيب إردوغان

قالت وكالة أنباء الإمارات إن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وصل اليوم إلى مدينة إسطنبول في زيارة عمل لتركيا، يبحث خلالها تعزيز العلاقات الاستراتيجية ودفع الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمع البلدين. وذكرت الوكالة الرسمية أنه كان في استقبال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى وصوله المطار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بالإضافة إلى هاكان فيدان وزير الخارجية التركي وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين. ورافق رئيس الإمارات خلال الزيارة وفد يضم كلاً من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، والشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان.

بالإضافة إلى الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار الشؤون الخاصة في ديوان الرئاسة، والشيخ سلطان بن حمدان بن محمد آل نهيان مستشار رئيس البلاد، وعلي الشامسي الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني، والدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة.

يذكر أن البلدين وقّعا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في مارس (أذار) الماضي، التي يتوقع أن تسهم بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار سنوياً في غضون 5 أعوام، كما تخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7 في المائة. وبلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 40 في المائة عن عام 2021، و112 في المائة عن عام 2020، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات. وكانت الإمارات قد أعلنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في تركيا، يركز على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

أخبار, البارزة 0 comments on تونسيون بين مؤسسي الحركات القومية والبعثية في المشرق والمغرب .. بقلم كمال بن يونس

تونسيون بين مؤسسي الحركات القومية والبعثية في المشرق والمغرب .. بقلم كمال بن يونس

لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.

ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.

وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.

“عربي21”، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.

تختلف القراءات في تقييم الدور الذي لعبه المثقفون والنشطاء السياسيون التونسيون المغاربيون المحسوبون على “تيارات الهوية العروبية الإسلامية” وعلى الحركات “الوحدوية” التي تبنت شعارات “ثورية” رفعها مبكرا رموز الحركات المناهضة للاستعمار في المشرق والمغرب وقادة الأحزاب  الوطنية والتيارات البعثية والقومية من بينها الثالوث الشهير “الحرية والاشتراكية والوحدة” (مع اختلافات في الترتيب بين البعثيين والناصريين وبقية القوميين)..

لكن عدة حقائق تفرض نفسها عند تقديم أي قراءة تأليفية ـ تركيبية ـ تحليلية لتجارب التيار القومي العربي في تونس والدول المغاربية وتأثيراته الثقافية والفكرية والسياسية والحزبية في مرحلتي الكفاح الوطني وبناء الدول الحديثة ثم في مرحلة ما بعد انتفاضات 2010 ـ 2011 والمتغيرات الجيو استراتيجية التي عقبت انفجار “الثورات الشبابية العربية” ..

“عربي21”، فتحت ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.

في هذا السياق يقدم الأكاديمي والإعلامي التونسي كمال بن يونس سلسلة من الورقات حول الجذور الثقافية والرموز الفكرية والسياسية والحزبية للتيارات الوحدوية والقومية في تونس والمنطقة المغاربية .

كما يقدم قراءة لـ 3 تجارب سياسية خاضها القوميون العرب في تونس من خلال مشاركاتهم، قبل الاستقلال عن فرنسا في 1956 وبعده، في حركات وتنظيمات سياسية سلمية وأخرى مسلحة أو “ثورية”، إلى جانب تجاربهم في الصفوف الأولى في الحكم وفي المعارضة بعد ثورة 2011 ثم بعد منعرج قرارات 25 تموز (يوليو) 2021 التي اعتبرتها المعارضة “انقلابا على السلطات المنتخبة وعلى الدستور الشرعي”.

سرديات التاريخ القومي

قدم كبار الإعلاميين والأكاديميين التونسيين والمغاربيين، وبينهم التونسيان هشام جعيط ومصطفى الفيلالي والمغربيان عبد الله العروي ومحمد عابد الجابري، قراءات و”سرديات” عديدة لنشأة التيار الوحدوي العروبي ودوره في تونس وبلدان شمال إفريقيا منذ نشأة تيارات الإصلاح ومفكري النهضة وحركات التحرر الوطني في القرن التاسع عشر ومطلع القرن الـ20 .

وأثبت الباحث في تاريخ الأفكار في العهد المعاصر فتحي القاسمي العلاقة بين بروز التيارات الوطنية والعروبية الإسلامية المعاصرة بالديناميكية والشراكة التي برزت طوال القرنين الماضيين بين رموز الفكر الإصلاحي في جامعتي الزيتونة بتونس والقرويين في فاس المغربية ونظيراتهما في المشرق العربي وأوروبا..

وتكشف هذه السرديات أن التيارات الإصلاحية والثورية الوطنية العروبية ازدهرت في تونس والبلدان المغاربية في علاقة بحملة نابليون بونابورت الاستعمارية على المشرق العربي ما بين 1978 و1801 “والصدمة الثقافية الحضارية” التي تسببت فيها هيمنة قوات الاحتلال الفرنسي والبريطاني ثم الإيطالي والإسرائيلي على كامل المنطقة طوال القرنين الماضيين..

وتزايد دور الوطنيين العروبيين بعد هزائم اسطنبول وحلفائها في الحرب العالمية الأولى واتفاقية سايكس ـ بيكو الفرنسية البريطانية في 1916  التي قسمت “تركة الإمبراطورية العثمانية” إلى دويلات، ثم بعد مزيد تقسيم العالم العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية ..

كما برز التيار الوطني العروبي الإسلامي بعد إعلان اللورد البريطاني بلفور في 1917 الذي مهد لاحتلال فلسطين والقدس، ودخول العرب طور “معركة وجود” و”معارك حدود” وصراعات “مع الآخر”.. بما في ذلك صراعات حول هوياتهم الثقافية المحلية والإقليمية والإسلامية، من جهة، وحول تحقيق تطلعاتهم للوحدة وشعارات ” الثورة العربية الكبرى الأولى ” التي انفجرت في 1916 بزعامة ” الشريف حسين بن علي ” في مكة وتوقع روادها أنها ستؤدي إلى تأسيس دولة عربية موحدة ، فكانت نتيجتها توظيفهم من قبل المحتل البريطاني لمزيد تقسيم الدولة العثمانية وكامل العالم العربي الاسلامي.

الزعماء العروبيون في تونس ومحيطها المغاربي

اعتبر باحثون في الجامعات التونسية والمغاربية في حواراتهم مع “عربي21″، بينهم المؤرخ الكبير عبد الجليل التميمي مؤسس “المجلة التاريخية المغاربية”، أن الزعيم الوطني العروبي الإسلامي العالمي عبد العزيز الثعالبي ونظيره الجزائري عبد الحميد بن باديس ورفاقه في جمعيتي العلماء المسلمين وطلبة شمال إفريقيا المسلمين كانوا مع الزعيمين الليبيين سليمان الباروني وعمر المختار من رواد التيار الوطني العروبي فكريا ثقافيا وسياسيا..

وأورد التميمي في حديث لـ “عربي21” أن من بين أبرز مؤسسي تيار العروبة فكريا وسياسيا داخل الحزب الدستوري والحركة الوطنية التونسية يوسف الرويسي خريج الخلدونية والزيتونة ورفيق الزعيم بورقيبة في سجن القديس نيكولا في مرسيليا الفرنسية في الاربعينيات ثم رفيق الزعيم الوطني العروبي الحبيب ثامر منذ 1943 في برلين والمشرق العربي ..

في نفس السياق اعتبر المؤرخ والمدير السابق لمعهد تاريخ الحركة الوطنية في تونس محمد لطفي الشايبي في حديث مع “عربي21” أن أول من تزعم فكريا وسياسيا التيار العروبي الوطني التونسي هم الزعماء الحبيب ثامر وعلي البلهوان ويوسف الرويسي مع رفاقهم المغاربيين في قيادات الحركات الوطنية العربية ومكاتب تحرير المغرب العربي في برلين والقاهرة ودمشق .

وقد نشر الرويسي في الثلاثينيات مقالات فكرية سياسية وطنية عروبية في صحيفة “تونس الفتاة” الناطقة باسم جمعية الشبان المسلمين التي أسسها في 1934 شباب وطنيون من خريجي المعهد الصادقي بزعامة الرشيد إدريس وزيتونيون مستنيرون بزعامة الشيخ محمد الصادق بسيس الذي كان بدوره من بين المتأثرين بالمصلح العروبي اللبناني في المانيا شكيب أرسلان .

ويستدل لطفي الشايبي بوثائق تاريخية عديدة من بينها كتاب مذكرات الزعيم الوطني ورئيس حكومة تونس الأسبق الباهي الادغم .

وقد أكد كتاب الباهي الأدغم وجود علاقة متطورة بين الزعيم الحبيب ثامر مع قيادي قومي عراقي في مرحلة ما بين الحربين، وأنه كان على تواصل مبكر مع أبرز مؤسسي التيار العروبي في ألمانيا ما بين الحربين المفكر اللبناني الأمير شكيب أرسلان (1869 ـ 1946) ورفاقه. لذلك نجح الحبيب ثامر والرويسي في أوروبا في أن يؤسسا في ألمانيا ثم في في فرنسا صحيفة وإذاعة صغيرة ونواة حركة لتوحيد النضال الوطني لمنطقة المغرب العربي، بالاشتراك مع عروبيين من حزب الشعب الجزائري ومن الحركة الوطنية في المغرب الأقصى وليبيا ..

وكانا من الأوفياء لتيار شكيب أرسلان الإصلاحي الوطني. وكان أرسلان عاشر في القاهرة رموز الحراك الوطني القومي العروبي والإسلامي مثل سعد زغلول وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وأحمد شوقي وتلامذتهم قبل أن ينتقل إلى سويسرا وألمانيا ..

الزعيم الفكري والروحي للتيار العروبي

في المقابل يعتبر فتحي القاسمي الباحث في تاريخ الأفكار ومؤسس المؤسسة المغاربية للطباعة والمثاقفة والتوثيق، الذي أعاد قراءة عبد العزيز الثعالبي ومؤلفه “تونس الشهيدة” أن الثعالبي كان “الأب الروحي” لحركات التحرر الوطني العروبي الإسلامي محليا وقوميا منذ القرن التاسع عشر.. وسار في نفس التوجه مقربون منه في اللجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري بينهم محي الدين القليبي وتوفيق المدني..


عبد العزي الثعالبي يتصدر زعماء الحركة الوطنية والقومية التونسية وعلى يساره الحبيب بورقيبة

وسجل المناضل الوطني والوزير السابق والكاتب حامد الزغل في حديث لـ “عربي21” أن الكتاب والصحفيين والسياسيين دعاة “الاتجاه الوطني والعروبي والإسلامي” تزايد دورهم بين الحربين العالميتين، تحت تأثير الصحافة الوطنية والحركات الشبابية والسياسية التحررية، ردا على تنظيم تحركات استفزازية من قبل السلطات الاستعمارية في الجزائر وتونس بمناسبة مائوية احتلال الجزائر ومرور نصف قرن على احتلال تونس ، كان أبرزها “المؤتمر الافخاريستي” عام 1930، الذي شارك فيه الالاف من رجال الكنيسة المسيحيين الأجانب، فوصفه الزعماء الوطنيون ب” الحرب الصلبية الجديدة “، خاصة أنه توج بتركيز تمثال ضخم وسط تونس وقبالة جامع الزيتونة للكاردينال الفرنسي وزعيم التيار التبشيري المسيحي في المشرق العربي وفي الجزائر شارل مارسيل لافيجري.

وكان في يد صاحب التمثال صليب كبير موجه لجامع الزيتونة ولمدينة تونس القديمة ..

وفهم الوطنيون الحداثيون والعروبيون والإسلاميون المستنيرون أن تلك الخطوات الاستعمارية، التي تزامنت مع حملات “التجنيس” (أي استبدال الجنسية التونسية بالجنسية الفرنسية)، من بين مؤشرات “وجود إرادة فرنسية لتأبيد الاستعمار عبر استهداف الهوية العربية الإسلامية وتركيز الاستعمار الثقافي الغربي وفرض القيم الاستعمارية العنصرية التي روج لها جول فيري الزعيم الاستعماري ورئيس حكومة فرنسا ووزيرها للتربية في ثمانينات القرن الـ 19.

وحدة المصير والتحرر الثقافي

في نفس السياق استنتج المؤرخ والباحث في قضايا “الهوية الوطنية” سعيد بحيرة في تصريح لـ “عربي21” أن “الزعماء الوطنيين التونسيين والعرب ربطوا مبكرا بين قضايا التحرر الوطني من الاستعمار العسكري والاقتصادي والثقافي في المغرب والمشرق ووحدة المصير..”

ويؤكد المؤرخ عبد الجليل التميمي في حديث لـ “عربي21” على أهمية تزايد التنسيق بين القيادات الوطنية العربية في المغرب والمشرق بعد تنظيم مؤتمر القدس الاسلامي العالمي الثاني بالقدس في 1931 بمشاركة الزعيم عبد العزيز الثعالبي ومفتي القدس الزعيم الوطني الحاج أمين الحسيني وعشرات الشخصيات العربية والإسلامية والعالمية كان بينها شكري القوتلي الذي سيعين لاحقا رئيسا لسوريا والأمير سعيد الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري وعبد الرحمان عزام من مصر وهو الذي تولى لاحقا الأمانة العامة للجامعة العربية ورياض الصلح رئيس حكومة لبنان لاحقا ..

فوارق بين الشرق والغرب

لكن المؤرخ والكاتب التونسي سعيد بحيرة أكد في حديث لـ “عربي21” أنه يجب التمييز بين نشأة “التيار الوحدوي العروبي”  في تونس وبقية البلدان المغاربية من جهة والمشرق العربي من جهة ثانية .

ولعل من بين أهم الفوارق ما تتميز به تونس ودول شمال افريقيا من “مصالحة ثقافية تاريخية بين العروبة والإسلام السني” منذ قرون ، خلافا لبعض بلدان المشرق العربي حيث ينتمي عشرات الملايين من المواطنين إلى أديان أخرى وإلى طوائف عرقية ومذهبية مختلفة ..

ويسجل المؤرخ سعيد بحيرة أن غالبية البربر اندمجت في الثقافة العربية والإسلامية مبكرا. وتأكد الاندماج بعد غزوات قبائل بني هلال وبني سليم من المشرق العربي إلى كامل منطقة شمال إفريقيا في القرن الخامس هجري / الحادي عشر ميلادي، ونجاحهم في نشر اللغة العربية والإسلام والاندماج مع مواطني المنطقة الأصليين اجتماعيا وثقافيا.

كما أسند الفاتحون العرب مبكرا مسؤوليات عليا في الدولة وقيادة الجيش للبربر الذين اعتنقوا الإسلام بكثافة وتعربوا منذ القرن الأول للهجرة..

في نفس السياق دعا المؤرخ محمد ضيف الله، الذي أعد دراسات عديدة عن نشأة التيارات الوطنية العروبية والإسلامية واليسارية في تونس والبلدان المغاربية، إلى فهم “فسيفساء المشهد الفكري السياسي داخل التيار العروبي الوحدوي” في علاقة بتطورات مختلف القيادات الفكرية والزعامات السياسية والحزبية ولاجتماعية، ماضيا وحاضرا، بدءا من شعارات “تلازم مسارات التصدي للغزو الثقافي والعسكري والاقتصادي الأجنبي بالنضال من أجل إعادة توحيد الوطن العربي والعالم الإسلامي في مستوى النخب والمجتمعات والدول ..

مرحلة ما قبل الأحزاب

وأكد المؤرخ اليساري العروبي عبد اللطيف الحناشي في تصريح لـ “عربي21” على الحاجة “للتعرف على الرموز الفكرية للتيارات العروبية” داخل الأحزاب والحكومات والقوى السياسية العربية، قبل تأسيس الحركات والأحزاب البعثية والناصرية والعصمتية (نسبة إلى “عصمت سيف الدولة”) والماركسية القومية وبعد ذلك”… مع التوقف كذلك عند محطة تأسيس حركات ومجموعات وتيارات عروبية بعد اعتراف الدول العظمى بدولة اسرائيل وهزيمة جيوش الدول العربية في حرب 1948 ..

وتكشف الدراسات الأكاديمية والكتابات المعمقة التي أعدها مؤرخون ومفكرون بارزون في الجامعة التونسية، مثل البشير التليلي ومصطفى كريم و عبد الجليل التميمي وعلي المحجوبي وهشام جعيط وخليفة شاطر ومصطفى الفيلالي ، تعدد الأبعاد الثقافية لدى مروز التيارات الوطنية والقومية في تونس منذ القرن التاسع عشر مطلع القرن 20  .

برز ذلك خاصة لدى رموز التجديد والإصلاح الفكري والسياسي الوطني مثل أحمد بن أبي الضياف وخير الدين باشا وسالم بوحاجب وعبد العزيز الثعالبي والطاهر بن عاشور ثم البشير والطاهر صفر وصولا إلى محيي الدين القليبي وتوفيق المدني والحبيب بورقيبة والطاهر الحداد والحبيب ثامر ويوسف الرويسي وحسين التريكي وصالح بن يوسف وعلماء جامعة الزيتونة الوطنيين بزعامة محمد الفاضل بن عاشور ورفاقه ونشطاء منظمات الشباب والطلبة قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها .


الزعيمان بورقيبة والحبيب ثامر مع قادة الحركات الوطنية العربية في مكتب المغرب العربي بالقاهرة بين الحربين

كما برز وقتها “الجيل المؤسس للفكر العروبي المتصالح مع التوجهات الوطنية الواقعية (أو “القطرية”) وبينهم رواد الصحافة الوطنية و”الحركة الثقافية والأدبية” وزعماء منظمات الطلبة الزيتونيين وطلبة شمال افريقيا المسلمين وجمعيات العلماء وبينهم أبو القاسم كرو وعبد الرحمان الهيلة وجيل المثقفين والمحامين والكتاب الذين تصدروا لاحقا ” الحركات القومية الوحدوية البعثية والناصرية والوطنية التونسية والعربية .

الجيل المؤسس..

ويقدم الكاتب والمفكر العروبي التونسي الكبير أبو القاسم كرو، في المجلد السادس من سلسلة كتبه “حصاد العمر”، شهادات مهمة جدا عن الصفحات الخفية في مراحل تأسيس التيار القومي في تونس وشمال إفريقيا وفي المشرق العربي.

ويورد أبو القاسم كرو أنه كان من بين مؤسسي حزب البعث العراقي في بغداد أواخر الأربعينيات من القرن الماضي ردا على هزيمة 1948، رفقة الشاعر السوري سليمان العيسى والمناضل القومي فائز إسماعيل . وكانوا على تواصل ثقافي وفكري مع المفكرين السوريين ميشيل عفلق وصلاح البيطاراللذين أسسا ” حركة الاحياء العربي” في 1940 ، التي تطورت لاحقا إلى حركة البعث ثم خاضا تجارب ثقافية وسياسية وحزبية عديدة ، من بينها الدفاع عن العلمانية والاشتراكية حينا وعن ” تلازم العروبة والإسلام ” و” كون النبي محمد كان زعيما للقومية العربية ” حينا آخر..

ويكشف أبو القاسم كرو انه عوض فائز إسماعيل على رأس حركة البعث في بغداد لمدة عامين، ثم غادر العراق في يونيو 1952 فعوضه فؤاد الركابي الذي أصبح فيما بعد “من بين القادة البعثيين البارزين ثم وقع في خلاف مع بعثين آخرين . ومعروف أنه تم اغتياله من طرف جماعته”.

والأهم في شهادة أبو القاسم كرو أنه كتب عن العوامل الثلاثة التي دفعته ونخبة من المثقفين التونسيين والمغاربيين إلى الانتماء إلى التيار القومي والبعثي والانخراط في مرحلتي نشاطه السري ثم العلني، وبعد تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي العلني عام 1951 بزعامة فؤاد الركابي.

هذه العوامل الثلاثة هي: أولا: احتلال فلسطين منذ 1948 وعجز الدول العربية عن رد الفعل، ثانيا: تشكيل “حلف بغداد” الموالي للدول الاستعمارية الغربية و”التصدي للدول الشيوعية والاشتراكية”، ثالثا: المطالبة بتأمين النفط العراقي والخليجي على غرار الخطوة التي قامت بها الحكومة الوطنية في ايران برئاسة محمد مصدق في 1952.

ولا يخفى أن هذا العرض يكشف محاولة فكرية سياسية للربط بين الانتماء الثقافي العربي ومطالب التحرر الوطني والاجتماعي في المشرق والمغرب العربيين مع تبني المرجعيات الفكرية التي ربطت بين التحرر الوطني من “الاستعمار القديم” و”قوى الهيمنة العالمية الجديدة ” التي فرضت بعد الحرب العالمية الثانية بزعامة واشنطن وحليفتها الكبرى في المنطقة “دولة الاحتلال الإسرائيلي”…

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ليبيا.. ضربات الطيران المسير وردود الفعل المتضاربة

ليبيا.. ضربات الطيران المسير وردود الفعل المتضاربة

أطلقت حكومة الوحدة الوطنية عملية عسكرية استهدفت بحسب تصريحات رئيسها والقادة العسكريين، أوكار الفساد مع التركيز على عمليات تهريب الوقود في مناطق عدة غرب البلاد، أهمها مدينة الزاوية – 45 كم غربي العاصمة، ومدينة زاورة – نحو 200 كم في نفس الاتجاه.

انقسم الرأي العام حول ضربات الطيران المسير بين مؤيد ورافض، والملاحظ أن الانقسام يعكس الاستقطاب الحاصل منذ سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية وتوتر العلاقة بينها وبين مجلس النواب وأنصاره في الغرب والشرق.

 

أكثر المواقف حدة تجاه العمليات العسكرية كان لرئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذي سارع إلى اتهام رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد ادبيبة، بتوظيف أزمة الزاوية والتطورات التي وقعت خلال الأسابيع الماضية كردة فعل على ارتفاع معدل الجريمة في المدينة وتغول المجموعات الخارجة عن القانون. لم يكتف المشري بإدانة العمليات بل طالب المجلس الرئاسي بسحب قيادة الطيران المسير من الحكومة ووضعه تحت إشراف الرئاسي كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة.

الموقف الحاد للمشري من سياسة ادبيبة لا يرتبط بقرار استهداف مواقع يعتقد أنها لتهريب الوقود وغيرها من الأعمال الخارجة عن القانون، إذ لم يخف المشري خلافه مع ادبيبة وتكرار اتهامه بالفساد وباللعب على متناقضات الوضع الليبي لتحقيق مكاسب سياسية.

الجبهة الشرقية رفضت ضربات الطيران المسير وركزت على الأضرار وقللت من جدواها واتجه بعض منابرها إلى موافقة المشري دعواه استغلال حكومة الوحدة الوطنية لهذا الملف سياسيا.

 

من يقفون في مواجهة جبهة الشرق والغرب من المؤيدين لحكومة الوحدة الوطنية رأوا أن العمليات تشكل تطورا مهما في أداء الحكومة، ذلك أنها أول حكومة تتخذ إجراءات حازمة ضد الانفلات الأمني المتعلق بجرائم تهريب الوقود والاتجار بالبشر.

ويشيد أنصار ادبيبة بالطابع العملي والتنفيذي لسياساته وقراراته، وعدم تردده في اتخاذ ما يلزم حيال ما يقع بين يديه من قضايا وملفات تحتاج إلى إجراء تنفيذي، وهو توصيف قريب من الصواب، إلا إن أنصاره لا يخوضون في محركات سياسته ودوافع قراراته ويكتفون بالفعل والنتيجة.
وبرغم استمرار خصومه في السخرية من تصريحاته وبعض سلوكياته التي يظهر في بعضها ركاكة في التعبير أو التصرف، إلا إن النظر في توجهات ادبيبة وخياراته يظهر أنه يدير الملفات والقضايا الشائكة بشكل يتجاوز ردود الفعل الساخطة من المنتظم المصادم له ليحقق بها رصيدا إضافيا لدى الرأي العام، ويعزز من موقعه في المشهد السياسي والأمني في البلاد.

صمدت الحكومة أمام ردود الفعل الأولية الغاضبة ضمن بعض مكونات مدينة الزاوية، إلا أن الأيام اللاحقة غيرت من اتجاه الموقف في المدينة لصالحها، وبالقطع سيقلل الاتجاه إلى استهداف مواقع في مدن أخرى، كما حدث في زوارة، من ثقل الكتلة المعارضة للعمليات العسكرية، وإذا انتقلت الضربات إلى مواقع في مدن أخرى بالساحل الغربي أو قريب منه كما هو معلن، فإن المعارضة ستتضاءل وسيكون النجاح حليف الحكومة في هذا الملف، على أن تتخذ إجراءات مصاحبة للعمليات العسكرية تسهم في مجابهة الفساد والإجرام.

غير أن لهذه العمليات بعدا أوسع وأثرا أكبر بلا شك، ذلك أنها ترسل رسائل للجميع في الغرب والشرق بأن يد الحكومة طويلة طول المسافات التي يقطعها الطيران المسير والتي تصل بحسب مصادر مطلعة إلى 800 كم، وموجعة بقدر الأثر الذي يحدثه دوي الضربات ودقتها في إصابة أهدافها، ونجاح العمليات قد يزيد من شهية الحكومة في استخدام الطيران المسير في دوائر أوسع ولمواجهة ملفات لا ترتبط فقط بتهريب الوقود وتجارة البشر.

أعتقد أن أغلب ردود الأفعال الرافضة للعمليات العسكرية وضربات المسير تتخوف من دخول هذا السلاح على خط الصراع، وهذا في حال وقوعه قد يكون له أثر سلبي في مرحلة يراد أن يكون الهدوء هو سيد الموقف فيها لتحقيق التوافق والذهاب إلى الانتخابات في أقرب الآجال.

المفيد والأهم هو أن هذا الحراك يؤكد الفرضية التي توافق عليها جل المراقبين من أن شبح الحرب الواسعة كما وقع في نيسان/ أبريل 2019م لن يتكرر في ظل وجود الطيران المسير واستمرار الحلف مع تركيا بقيادة أردوغان.