++هل لذلك علاقة بإصرار الكيان على اجتياح رفح برّيّا؟

أعلن الرئيس الأمريكي منذ أوائل مارس 2024 عن قراره تركيز رصيف مائي مؤقّت لغرض إدخال المساعدات الانسانيّة لسكّان غزّة. وقد انطلقت فعلا أشغال تركيز الرصيف قبالة مدينة غزّة ومن المرتقب أن تنتهي تلك الأشغال ويصبح الرصيف جاهزا للاستغلال في بدايات شهر ماي الجاري.
وهذا يثير التساؤلات والملاحظات التالية:
1. لم يُعَارض الكيان الصهيوني تلك المبادرة الأمريكيّة بل سيتولّى تأمين اشتغاله على الأرض وذلك يعني بالتأكيد أنّ للكيان مصلحة في ذلك، تُرَى ما هي تلك المصلحة؟
2. كيف توصّلت الولايات المتّحدة إقناع الكيان الصهيوني بتلك المبادرة وعجزت عن إقناعه أو إلزامه بالسماح بمرور المساعدات عبر المعابر البريّة ومنها بالخصوص معبر رفح، حيث الآلاف من الشاحنات المعبّأة بالمعونات، تنتظر على الجانب المصري السماح لها من سلطات الكيان بدخول القطاع؟ علما وأنّ خيار المعابر البريّة أقلّ كُلْفَة وأكثر نجاعة ولا يتطلّب مجهودات ولا تمويلات إضافيّة؟
3. حسب السلط الأمريكيّة، من المنتظر أن يبدأ شروع استغلال الرّصيف المائي في بدايات شهر ماي الحالي وفي اعتقادي سيتزامن ذلك مع اجتياح الجيش الصهيوني لمدينة رفح ومخيّمات االغزّاويين النّازحين لها من المناطق الأخرى من القطاع. فما سِرُّ هذا التزامن؟
4. لازالت حكومة الكيان تصرّ على عزمها على اجتياح رفح بعمليّة عسكريّة برّية واسعة، غير عابئة بمعارضة جلّ دول العالم بما فيها الولايات المتّحدة لذلك المشروع.
5. تشترط الولايات المتّحدة للموافقة على العمليّة العسكريّة البريّة في رفح، تقديم حكومة الكيان خُطَّة تحول دون حصول، في صفوف الغزّاويين المدنيّين، خسائر كبيرة(!).
6. تبدو معارضة الولايات المتّحدة اجتياح جيش الكيان رفح في عمليّة برّية، من باب الاستهلاك الإعلامي لا غير، فتلك المعارضة وإصرار حكومة الكيان على مشروعها لم يمنع الولايات المتّحدة من إقرارها مساعدات عسكريّة جديدة لذات الكيان لا تقلّ عن 13 مليار دولار.

كلّ تلك المعطيات والمؤشّرات، تبعث على الاعتقاد بما يلي:
– سيشرع الرصيف في الاشتغال لإدخال بعض المساعدات وسيتمّ التركيز عليها إعلاميّا حتّى تبرز الولايات المتّحدة في مظهر “الفاعل الإنساني” وهو ما يقلّل من الضغط الدّولي عليها وحتّى على الكيان الصهيوني بما يجعل مشروع العمليّة البريّة على رفح أكثر قُبُولاً، على الأقلّ أقلّ مُعارضة،
– ستنطلق العمليّة البريّة لاجتياح رفح بعد فترة من انطلاق إدخال المساعدات عبر الرصيف المائي الأمريكي، وسَيَقْوَى بطبيعة الحال الضغط على الغزّاويين ويُسْتَشْهَدُ من يستشهد ويُدمَّرُ ما يدمّر وتحصل الكارثة الانسانيّة، فتعرض الولايات المتّحدة على من بقي حيًّا من الغزّاويين إنقاذهم إلى الدّول التي عبّرت سابقا عن استعدادها لقبول عدد منهم عبر الرصيف ذاته.

وبذلك يُحقّق الكيان الصهيوني وحاميه، العمّ سام، الأهداف التاليّة:
– من الأهداف المُعْلَنة، بروز الولايات المتّحدة للعالم في ثوب “الفاعل الإنساني، المُدافع عن حقوق الانسان والمنقذ البريء للفلسطينيين” مرّتين، الأولى من المجاعة، بالسعي لإدخال ما أمكن من المساعدات عبر الرصيف، والثانية بإنقاذهم من قنابل وبربريّة جيش الكيان وحصاره الخانق لهم، تماما طبقًا لمقتضيات الشرعية الدّولية وبروتكولات جُنَافْ لسنة 1949 وملاحقها لسنة 1977!،
– من الأهداف الاستراتيجيّة، غير المعلنة، وفي نفس الوقت، تكون الولايات المتّحدة قد ساعدت الكيان الصهيوني مباشرة على تجسيد استراتيجيته الأزليّة، ألا وهي “إفراغ الأراضي الفلسطينيّة من أصحابها، بالقنابل أو بالتهجير و بأيّ وسيلة كانت” وهو ما قد يُحَقَّقُ ولو جزئيّا هذه المرّة بخدعة الرصيف المائي “الإنساني” في ظاهره. ألم يقترح الكيان الصهيوني منذ بداية هذه الحرب تهجير الغزّاويين إلى صحراء سيناء المصريّة؟

دون ذلك، كيف يمكن تفسير ما يحصل والإجابة على التساؤلات المطروحة أعلاه ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *