تناول موقع “موند أفريك” الفرنسي في مقال جديد الأوضاع السياسية الصعبة التي تمرّ بها تونس منذ أشهر، الأمر الذي جعل تواصل الإنفتاح الديمقراطي «أمرا مشكوكا» فيه حسب ما أشار مقال «موند أفركي»، حيث كتب الموقع يقول: أن الانتقال السياسي في تونس يعاني من صعوبات عديدة، وبدأت آمال التونسيين تتراجع في قدرة قادة البلاد على إيجاد حل للتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية العديدة.

ويعيش اقتصاد البلاد حالة ركود في الوقت الذي ينقسم فيه الزعماء السياسيون بشكل متزايد بين إسلاميين وغيرهم، ويتنافس كلا الطرفين على السيطرة على موارد الدولة.

وأوضح الموقع أن جلّ هذه المشاكل قد تسببت في ظهور أزمة ثقة عامة في النخبة السياسية، مما أدى إلى بروز مخاوف تجاه إعادة نظر البلاد في انفتاحها الديمقراطي الذي تميزت به خلال فترة ما بعد سنة 2011، قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستعقد نهاية السنة الحالية.

وأورد الموقع أن الاقتصاد التونسي يمر بوضع صعب، فقد انخفضت قيمة الدينار التونسي أكثر من 40% مقابل اليورو منذ سنة 2016؛ وهو ما الذي أدى إلى تراجع القدرة الشرائية، خاصة في ظل ارتفاع نسبة التضخم التي وصلت إلى حدود 8% سنويا، ونتيجة لذلك، ارتفعت تكلفة المعيشة بأكثر من 30% منذ سنة 2016، مما دفع إلى لجوء الأسر للاستدانة. كما أدت عدة عوامل إلى تسريع هجرة الأدمغة وهروب رأس المال.

وأضاف الموقع أن هذه المشاكل الاقتصادية ظهرت في وقت تشهد فيه البلاد توترات خطيرة بين الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، وقد اشتدت حدتها خلال السنتين الماضيتين وعكس تنافسهما انقساما قديما بين الإسلاميين (حزب حركة النهضة) وخصومهم نداء تونس.

وأورد الموقع أن حركة النهضة تشارك في الحكومات الائتلافية منذ سنة 2011، ولكن منذ سنة 2016 -عندما تولى الشاهد رئاسة حكومة الوحدة الوطنية- عمل حزب نداء تونس على تعزيز نفوذه من خلال تعيين عدد متزايد من أنصاره في مناصب قيادية في الإدارة العامة والشركات العمومية والمكاتب والوكالات الحكومية في العاصمة والولايات.

وبهذا الشكل، أحدث نداء تونس تغييرات تصب في مصلحته، تمثلت في الانتقال من تعزيز شبكات “الزبائنية” إلى تعزيز الاحتكارات الخاصة واحتكار الأقلية.

ومع مرور الوقت، سيؤدي ذلك إلى الحد من الهيمنة الاقتصادية لشمال تونس الساحلي على حساب المناطق الداخلية الجنوبية، وقد يزيد تصاعد وتيرة الصراع على الموارد من تفاقم الفجوة بين الإسلاميين والأطراف المعادية لهم في تونس، وتجدر الإشارة إلى أنه خلال انتخابات ماي 2018، حصلت حركة النهضة على 28% من مقاعد المجالس البلدية، مقابل 20% لصالح “نداء تونس” في كل المدن الكبرى في البلاد.

وقد عزز هذا الانتصار الجزئي الثقل السياسي للحزب، وغيّر موازين قواه في مواجهة “نداء تونس” خصمه الرئيسي.
وأثار هذا الاستعراض للقوة الانتخابية رد فعل تحالف مكون من الشخصيات المؤثرة في الحكومة والجمعيات المهنية والنقابات، وكذلك من الناشطين اليساريين والقوميين العرب، وبدأ هؤلاء بالضغط على وزارات الداخلية والعدل لتصنيف الحزب الإسلامي منظمة إرهابية، وطلبوا من المحاكم العسكرية حله وسجن بعض قادته.
وأشار موقع “موند آفريك” إلى أن التنافس من أجل الموارد يعزز الفجوة بين الإسلاميين وغير الإسلاميين في تونس، مما يزيد من التوترات السياسية والاجتماعية خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع عقدها في وقت لاحق من هذه السنة.
وقد تكون نتائج الانتخابات حاسمة في تحديد ملامح المشهدين السياسي والاقتصادي للبلاد على مدى العقد المقبل.

مع ذلك، من المحتمل أن تشهد البلاد سيناريوهات مغايرة، ويمكن لاستفحال التوترات قبيل الانتخابات أن تعرقل سير العملية الانتخابية، في هذه الحال، قد يلجأ رئيس الدولة إلى إعلان حالة طوارئ، لكن دون رقابة دستورية إضافية. ولتفادي هذا السيناريو، من الضروري أن يؤسس البرلمان محكمة دستورية عليها أن تقرر ما إذا كانت البلاد بحاجة إلى تمديد حالة الطوارئ أم لا، حسب ما كتب «موند أفريك».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *