نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب و المحلل إيشان ثارور، يعلق فيه على التطورات الأخيرة للأزمة بين السعودية و كندا.

 

و يقول الكاتب في مقاله،  إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان قبل عدة أشهر محل حفاوة في كل العواصم الغربية، حيث قام ابن سلمان بجولة دولية مكثفة، قابل فيها السياسيين و رجال الأعمال و نجوم السينما و الإعلام، كجزء من محاولاته التسويق لرؤيته 2030، الهادفة لنقل المملكة من عصر النفط إلى عصر التنويع الاقتصادي. 

 

و يشير ثارور إلى أن ابن سلمان قال في لقاء مع مديري تحرير صحيفة “واشنطن بوست” و المحررين البارزين فيها، إنه يقوم بمحاولة لجعل الشرق الأوسط “أوروبا القادمة”، لافتا إلى أن تعليقاته أدت إلى حالة من التفاؤل، و دفعت الكثيرين لكتابة تعليقات وردية من أهم كتاب الأعمدة في الصحافة الأمريكية. 

 

و يستدرك الكاتب بأن الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت هذا الأسبوع تكشف عن “هشاشة” كلام ولي العهد، مشيرا إلى أن سبب الشجار الذي أدى إلى طرد السفير الكندي، واستدعاء السفير السعودي من أوتاوا، و تعليق العلاقات التجارية كلها، هو أن كندا اشتكت من اعتقال ناشطات حقوقيات، بينهن سمر بدوي، شقيقة المدون رائف بدوي. 

 

و يلفت ثارور إلى أن السعودية انفجرت على ما جاء في تعليقات وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريدلاند، باعتبارها تدخلا صارخا في الشؤون الداخلية، مشيرا إلى أن الإجراءات العقابية شملت وقف الرحلات الجوية للطيران السعودي، واستدعاء المبعوثين إلى الجامعات الكندية. 

 

و يعلق الكاتب قائلا إن “الرد كان مثيرا للدهشة، وردا مبالغا فيه، سيؤدي إلى عرقلة تعليم وحياة عائلات الطلاب، حيث سيتم نقلهم إلى جامعات أخرى في المساقات ذاتها، مثل المملكة المتحدة”.

 

وينوه ثارور إلى أن “الحملة السعودية اتخذت مسارا مثيرا للغرابة عندما ظهر (إنفوغرافيك) يظهر صورة لطائرة وهي تقترب من برج في تورنتو، بشكل ذكر بهجمات أيلول/ سبتمبر 2001، وهو ما استدعى اعتذارا من المسؤولين في السفارة السعودية، وشارك في الحملة الذباب الإلكتروني الذي منح الدعم للسكان الأصليين في كندا وانفصال إقليم كيوبيك عن البلاد”. 

 

ويذكر الكاتب أن خلف المشاجرة هناك صفقة السلاح الموقعة عام 2014 مع الحكومة المحافظة، التي هزمها حزب جاستين ترودو الليبرالي، الذي حافظ على الصفقة رغم النقد الإعلامي وموقف الرأي العام الرافض لها. 

 

وتورد الصحيفة أن علي الشهابي الذي يدير مركز أبحاث في واشنطن، دافع عن رد الأمير ابن سلمان، قائلا إن ولي العهد مضطر للرد على المواقف الغربية، خاصة أنه يدير عملية إصلاح حساسة، ولا يريد نقدا خارجيا يجعل من العملية أكثر صعوبة.

ويجد ثارور أن “هذه الخطوة هي تعبير عن أسلوب الأمير المتشدد، فهو وإن قاد سلسلة من الإصلاحات، إلا أنها أرفقت بموجات من القمع واعتقال الدعاة المشهورين والمطالبات بحقوق المرأة، في رسالة واضحة مفادها بأن الإصلاح لا يشمل التسامح مع التعبير السياسي”.

 

ويبين الكاتب أنه “ينظر إلى ابن سلمان على أنه قائد برؤية غير متماسكة في الشؤون الخارجية، التي تضم الأزمة مع قطر، والحرب المدمرة في اليمن، والمحاولة الفاشلة للتعاون مع ترامب في العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.

 

ويختم ثارور مقاله بالقول إنه “في المسألة الأخيرة فإن ابن سلمان دعم خطة البيت الأبيض الغامضة، مع أن هناك نوعا من القلق العربي، بما في ذلك الرياض، حول الخطة ومحاباتها لإسرائيل على حساب المصالح الفلسطينية، وهو ما دعا العاهل السعودي لإصدار بيان الأسبوع الماضي يؤكد فيه دعم السعودية لحق الفلسطينيين في القدس، وهو تعنيف واضح لترامب، وربما استعداد ولي العهد اللعب مع إسرائيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *