أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on مفكر تونسي: لهذا تعثرت الثورات العربية وانتعشت الشعوبية

مفكر تونسي: لهذا تعثرت الثورات العربية وانتعشت الشعوبية

نشر المفكر والكاتب اليساري التونسي حمادي الرديسي مع مجموعة من الأكاديميين مؤخرا كتابا تضمن دراسات عن بروز “الشعبوية” وتصدر”الشعبويين” للمشهد السياسي في تونس منذ انتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية ..

الإعلامي والأكاديمي كمال بن يونس حاور حمادي الرديسي خصيصا لـ “عربي21”، حول استنتاجات كتابه الجديد وحول قراءته للمستجدات عالميا وعربيا وحصيلة 10 أعوام من “الثورات العربية ” في علاقة بالخلفيات الثقافية والفكرية للسياسيين، واستنتاجاته في كتبه عن “تراجيديا الإسلام” و”الاستثناء الإسلامي” و”الإسلام المتردد” و”تاريخ الوهابية” و”الإسلام والحداثة”…

كما شمل الحوار رؤية الرديسي لمستقبل تونس والمنطقة في صورة فشل النخب العقلانية والديمقراطية في معركتها مع “الشعبوية” و”السلفيات العنيفة “..

 

 

س ـ أستاذ حمادي الرديسي تزايد التخوف في تونس وعالميا من “الشعبوية” و”الشعبويين”.. وقد أصدرت مؤخرا مع ثلة من الأكاديميين عن انتعاش “الشعبوية “في تونس بعد انتخابات 2019 التي أوصلت قيس سعيد إلى قصر قرطاج ومجموعات من “أقصى اليمين” السياسي والديني إلى البرلمان. كيف تفسر هذا المنعرج الثقافي السياسي الخطير؟ 

ـ تصاعدت الشعبوية منذ 10 أعوام على عدة جبهات ..اقتنع الغالبية بفشل المنظومة السابقة مما تسبب في انهيار نظام الحكم والانتفاضات الشعبية والثورات ..الشعبوية ازدهرت في المنطقة وفي تونس داخل  مجموعات سياسية وثقافية إسلامية وعلمانية منذ انهيار نظم الحكم التي استهدفتها ثورات 2011..

في هذا السياق واكبنا بروز المجوعات المحسوبة على التيارات السلفية الدينية المتشددة وعلى التنظيمات المسلحة والإرهابية مثل “الدواعش” ..وتبنى قياديون في حزب النهضة بعد ثورة 2011 مقولات سياسية شعبوية، مثل غلق الحانات والملاهي والفنادق السياحية واستبدالها بمؤسسات زراعية وأطلقوا خطابا سياسيا غير واقعي تضمن مئات الوعود غير القابلة للتنفيذ..

لكن غالبية الشعب والنخب عارضت تلك المواقف فعدلت قيادة النهضة بعض مواقفها بعد 2013 وتبنت مواقف براغماتية وعلى الدستور الجديد.. وتسبب هذا التطور داخل النهضة في بروز “شعبويين جدد” في البلاد باسم الدين والتراث والعروبة والوطنية ..

في هذا السياق يفهم بروز “ائتلاف الكرامة” وبعض السياسيين الذين أحدثوا مفاجأة وفازوا بمراتب متقدمة في انتخابات 2019 بسبب مواقفهم السياسية الشعبوية.. من بينهم الرئيس قيس سعيد والكاتب والبرلماني الصافي سعيد والمحامي سيف الدين مخلوف زعيم ائتلاف الكرامة والمحامية عبير موسي ومجموعتها التي تقول إنها تنتسب إلى الحزب الحاكم قبل  ثورة 2011..

انتخابات 2014 فاز فيها حداثيون وديمقراطيون من بين معارضي التيارات الإسلامية بزعامة الباجي قائد السبسي.. لكن آداء هؤلاء لم يكن في المستوى، فكان رد الفعل تصاعد “الشعبوية والشعبويين” في انتخابات 2019..

خطر الشعبويين الجدد

س ـ قد يعترض من تتهمونهم بـ “الشعبوية” على تصنيفكم لهم.. ماهي مواصفات الساسة الشعبويين عالميا وإقليميا؟

ـ الشعبوبيات تتصارع.. النهضة ابتعدت عن الشعبوية نسبيا وعدلت خطابها بعد أن فشلت تجربتها في 2011.. فهمت أن الشعبوية خدعة وأنها غير قادرة على الإيفاء بوعودها غير الواقعية ..

الشعبوية ضد النخب والنخبوية وضد العلماء والمثقفين والإعلام.. والسياسي الشعبوي يبقى دوما في حملة انتخابية.. والشعبويون يضخمون ما يعتبرونه “مؤامرات” ضدهم ..كما يبالغ الشعبويون في توظيف ورقة “الاستقلالية” و”السيادية” ضد الآخر.. وخاصة ضد الأجانب وضد الاستعمار.. وضد فرنسا .. وهذه السلوكيات تكشفها بعض التصريحات والممارسات التي تورط فيها سياسيون كبار في السلطة التنفيذية وفي البرلمان وقيادات الأحزاب حاليا ..

 

 

أردوغان وبوتين وترامب

س ـ لكن بعض الساسة الشعبويين حققوا مكاسب كبيرة لشعوبهم عالميا..

ـ الشعبوية أنواع عالميا ..رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب وبوتين زعماء شعبويون لكنهم سياسيون حققوا مكاسب كبيرة لشعوبهم.. وشعبويتهم ليست عقيمة مثل شعبوية بعض ساسة تونس والدول العربية.. إلى حد الآن لم تقدم شعبوية الرئيس قيس سعيد وغيره من الشعبويين التونسيين أي مكسب للبلاد ، والشعب أصبح يعتبر أنهم خدعوه ..

في المقابل نسجل أن الرئيس قيس سعيد وغيره من الشعبويين يمكن أن يكتسبوا شعبية طويلة المدى، على غرار ما حصل بالنسبة لبوتين وأردوغان، إذا أنجزوا وعودهم للناخبين وحققوا إنجازات للبلاد والشعب..

أما إذا لم ينجزوا شيئا يذكر فسوف تنهار الشعبوية.. وقد يكون رد الفعل عنيفا ضدهم.. ويتورطون في صنع أعداء خطرين داخل النخب والبلاد …في هذه الحالة سوف يصبح بعض أنصارهم وخصومهم السابقين أعداء شرسين لهم ..

الشعبوية بعد كورونا

س ـ هل يمكن أن يستفحل خطر الشعبوية بسبب الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي استفحلت بعد انتشار وباء كورونا؟

ـ فعلا الخطر قائم ..كل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية مرشحة لأن تستفحل بسبب كورونا وعجز العالم عن محاصرتها .. نحن نعيش في عالم دخل في أزمة طويلة.. وهو غير قادر على مساعدة الدول النامية مثل تونس.. هذا التطور قد يؤدي إلى مزيد انتعاش الشعبوية والتطرف الديني والسياسي وثقافة العنف والغلو ..بينما المرحلة تستوجب مزيدا من العقلانية والنجاعة والاعتماد على النفس ..

س ـ ما ذا بعد زلزال كورونا؟

ـ العالم ما زال تحت ضغط كورونا للعام الثاني على التوالي.. وتأكدت الموجات الجديدة من الوباء بما ينذر بسيناريوهات خطيرة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا خلال العامين القادمين من بينها صعود الشعبويين الى سطح الأحداث..

ما بعد ترامب

س ـ هل يمكن أن يحصل انفراج عالميا بعد سقوط الرئيس الشعبوي المتطرف دونالد ترامب ووصول بايدن إلى البيت الأبيض وأغلبية ديمقراطية إلى الكونغرس بغرفتيه؟ وهل ستستفيد تونس والدول العربية من مرحلة ما بعد سقوط ترامب؟ 

ـ عودة الديمقراطيين وبايدن إلى الحكم في أمريكا قد تكون مؤشرا إيجابيا لكنها بالأساس مؤشر على كون كل بلد بما في ذلك الولايات المتحدة سيتوجه نحو “الأولويات الوطنية ” ..  وقد ازداد الاقتناع بهذا الخيار بعد وباء كورونا وما كشفه من ثغرات في منظومات الحكم عالميا ..

بالنسبة لتونس والدول العربية الأولوية اليوم للابتعاد عن الدمغجة والسياسات المغلوطة وإعادة الاعتبار للمثقفين والسياسيين الذين لديهم نضج ..

مسار الانتقال الديمقراطي يحتاج دعما ماليا في حجم “مخطط مارشال”.. لكن دولنا تحتاج أولا إلى الاعتماد على الذات بجدية أكبر، مع ضمان الحوكمة الرشيدة والابتعاد عن كل أنواع الفساد والرشوة ..

 

أزمة فكرية ثقافية

س ـ أستاذ حمادي الرديسي أنت نشرت عشرات الدراسات المختصة عن العلاقة بين الثقافي والسياسي ومسارات التحديث والتنمية، هل تعتبر أن البعد الآخر للأزمة الاقتصادية السياسية ولانتشار التطرف والإرهاب مرتبط بتراجع الإيمان بالتعدد الثقافي وتقلص دور مؤسسات الحوار بين مفكرين من مدارس ومرجعيات مختلفة مثل منتديات الحوار القومي ـ الإسلامي والحوارات بين التيارات الوطنية واليسارية؟

ـ فعلا عشنا في تونس وفي الدول العربية طوال عقود حوارات معمقة بين مؤسسات وشخصيات ثقافية فكرية سياسية من الحجم الكبير مثل خير الدين حسيب وحمدين صباحي والطيب التيزيني وحسين مروة وعابد الجابري وحسن حنفي ..

وواكبنا الحوارات بين اليسار العربي والتيارات الوطنية والقومية وواكبنا جدلا حول مؤلفات رموز “اليسار الاسلامي” مثل حسسن حنفي والحوار العربي الإسلامي في بيروت وخارجها.. لكن السؤال الأخطر اليوم هو: هل يمكن أن نتحرر فعلا من الخطاب السياسي الديني العنيف ومن مخططات التورط في العنف والعنف المضاد؟

البعض قام بمراجعات فكرية وطور رؤيته ومواقفه ..لكن كم نسبة الذين اطلعوا على كتب مفكرين في حجم حسن حنفى والطيب التيزيني وعبد الله العروي و محمد أركون وأمثالهم واستوعبوها؟ في المقابل نلاحظ أن البعض يقدم إجابات تكتيكية لا تكشف عمق مراجعة مواقفه السابقة ولا إنخراطا في تيار الحداثة فكريا وسياسيا..

نحتاج للانتصار على فكر “الدواعش” وممارساتهم باعتبارهم” انحرافا على انحراف الإسلام الراديكالي  ومزايدة متوحشة ” مثلما أوردته في كتابي “الإسلام المتردد”..

علينا أن نحاصر هؤلاء فكريا وسياسيا بوضوح وبعيدا عن المناورات والتكتيك..

حاليا نلاحظ أن البعض يقدم خطابا يحاول طمأنة “الآخر”.. لكنه مازال على علاقة مع طرف سياسي عنيف يشارك في اللعبة السياسية بشعارات “الإسلام الراديكالي” ..

وقد قضيت عقودا من عمري أدافع عن حق كل التيارات والأطراف السياسية في العمل القانوني، لكني أجد نفسي اليوم أعلن بوضوح إلى عدم التعامل مع هؤلاء ولا مع من يتعامل معهم.. إنه شرط واضح للحسم في الغلو والعنف ومحاصرة الإرهاب ..

 

أزمة ثقة بين العلمانيين والإسلاميين

س ـ وما هو رأيك في الدعاة إلى حوار ثقافي فكري سياسي هادئ لمناقشة الخلافات بين النخب العلمانية والإسلامية أو بين اللائكيين وممثلي تيار الهوية؟

ـ الحوار العلماني والإسلامي يتنافى مع ربط علاقات مع المورطين في العنف والقتل والإرهاب ..أزمة الثقة موجودة واستفحلت في الأعوام الماضية ..وللأسف يلاحظ أن رموز تيار الفكر السلفي الديني، بما في ذلك مشايخ وقيادات من جامعتي الأزهر والزيتونة، يلتقون في تكفير خصومهم ويرفضون قطع العلاقة مع “التكفيريين” الذين يصفونهم بـ “الجهاديين “.. والتحدي الاستراتيجي اليوم هو أننا لم نتفق على القيم المشتركة التي تجمعنا .

وأعتقد أن هذه القيم، مثل الحداثة والتعدد والديمقراطية وحقوق الانسان، لا يمكن التنازل عنها.. مهما كانت الخلافات بين من ينتمي إلى “المقدس” أو”التنويري الحداثي العلماني”.. حاليا تجمعنا قيم سلبية: التعايش السلبي لتعدد الحقيقة ..العلماني يؤمن بتعدد “القراءات للإسلام” مثل تعدد مفهوم الحداثة.. وهذه القضايا توقفت عندها في كتابي الأخير “اختراع الحداثة في الإسلام “.

الإقصاء الفرنفكفوني؟

س ـ هناك من يعتبر أن تيارا من النخب التونسية والمغاربية بقي أسير مقولات اقصائية موروثة عن “اللائكية الفرنسية المنغلقة لعام 1905”.. التي تختلف عن العلمانية الأنجلوسكسونية المنفتحة؟

ـ في النظام الانجلو سكسوني يكون الاتفاق على القواعد السلبية وليس على القواعد الإيجابية بسبب الاختلاف حول القيم الايجابية ..القيمة الأساسية لجون جاك روسو وهوبس هي قيمة الحرية.. الاتفاق على الحرية في كل المجالات.. ونبذ العنف وقبول التسامح ..

في بلداننا العربية لم ننجح منذ القرن التاسع عشر في تحقيق التوازن الفكري والقبول بالاخر.. العلماني يريد أن يتحرر من التقليد والتراث الديني.. بينما “التراثي” يعتبر أن أكبر كارثة هي “الحداثة”.. وليس هناك تعايش بينهما ..وهناك قناعة بأن نجاح كل طرف رهين إقصاء الآخر..

الفكر السلفي الوهابي يفسر انتشار الفكر الداعشي ..لكن في السعودية الجديدة اليوم تحرر قطاع كبير من صناع القرار من “رافد الوهابية” وأصبحت إحدى روافد النظام.. وليست الرافد الوحيد، وهو ما يفتح باب التفاؤل نسبيا ..

سياسيا قد نتعامل مع “التقليدي” وإن كان سلفيا وهابيا.. لكن لا نتعامل مع الداعشي ومن يتعامل معه سياسيا وحزبيا..

حصيلة الثورات؟

س ـ بعد 10 أعوام عن الثورات التونسية والعربية.. كيف تقيم الوضع؟

ـ أغلب الثورات العربية لم تنجح.. في كتابي “الإسلام المتردد” أجبت عن سؤال لماذا نجح مسار الانتقال الديمقراطي جزئيا في تونس وفشل في غيرها.. الإجابة واضحة: في البلدان الأخرى لم تتوفر “الشروط التمهيدية للتغيير والانتقال الديمقراطي” الموجودة في تونس.. من بينها حد أدنى  من “الرفاه” وتبلور “طبقة متوسطة” وانتشار ثقافة مدنية ونخبة سياسية قابلة للتعاون وللمفاوضات والتعاون ..هذه الشروط لم تكن متوفرة في ليبيا واليمن وسوريا لكنها وجدت في تونس في 2010..

“الاستثناء التونسي ”

س ـ لكن هناك من يعتبر أن “الاستثناء الديمقراطي” التونسي في خطر..

ـ لو اندلعت الثورة التونسية في الظروف الحالية وليس في 2010 لفشلت، لأن الشروط الممهدة لها غير متوفرة بالرغم من كون الأوضاع الحالية أكثر تأزما ..واليوم تواجه ثورة تونس خطر انهيار مشروعها في الانتقال الديمقراطي، لأن الثورات في العالم تنهار لـ 3 أسباب :

ـ أولا تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بما ينال من “الرفاه الاقتصادي”، وهذا السبب متوفر حاليا للأسف في تونس وفي عدة دول. ونعلم أن الحركات الشعبوية واللاديمقراطية برزت وانتعشت في أعرق الديمقراطيات الأوروبية مثلا عندما تأزمت أوضاعها الاقتصادية… حصل ذلك في الثلاثينيات في أمريكا بعد الأزمة الاقتصادية العالمية ..

هذا الشرط متوفر في تونس لذلك تسمع دعوات للعودة إلى النظام السابق..

ـ الشرط الثاني: هندسة المشهد السياسي قانونيا ودستوريا، وهي مختلة ليست رئاسية وليست برلمانية .. ونحن أمام خيارات صعية: إما العودة للنظام الرئاسي، بما يهدد بعودة الاستبداد، أو التمادي في النظام البرلماني المطلق، وهو حاليا خطر على البلاد وعلى استقرارها، لأن تونس ليس لها شرط الاستقرار الاقتصادي الذي يتوفر في البلدان البرلمانية العريقة مثل إيطاليا.. لكن من حسن حظ تونس أن الشرط الثالث للانهيار غير موجود خلافا لدول عربية أخرى، أي الانقسامات العرقية والطائفية..

لكني للأسف متخوف جدا ولست متفائلا.. ولم أكن أبدا متفائلا ..وقد حذرنا منذ 2011 من الانزلاقات.. فاتهمونا بالتشاؤم ..

 

المستقبل 

س ـ في هذا السياق العام ما هي سيناريوهات المرحلة المقبلة؟

ـ هناك وجهة نظر تدعو إلى العودة إلى الماضي وهو ما أرفضه لأن العودة إلى الاستبداد والفساد القديم لن يؤدي إلى تحسين الأوضاع.. بل لقد استفحل الفساد بسبب الدكتاتورية وغياب الحريات ..بورقيبة كان مستنيرا.. لكن غياب الحريات والديمقراطية تسبب في تعطيل مساري التنمية وسياسات تحقيق الرفاه .. والاستقرار السياسي والمدني مطلوب لكنه لا يتحقق مع الاستبداد..

ـ السيناريو الثاني: نجاح الديمقراطية والتعايش، لكن شروطه غير متوفرة منذ 2011 بسبب الصراع المفتوح والمعقد بين الإسلاميين والعلمانيين ..

تأكد اليوم أن الاتفاق على الدستور لم يقترن بتوافق فكري ثقافي كبير.. وأعتقد أن هذا التوافق لن يتحقق قريبا.. لأن الهوة تعمقت بين العلمانيين والإسلاميين، أو بين الحداثيين والسلفيين ..قام الشباب والشعب بثورة لكن تبين أن النخب لم تكن مؤهلة لتزعمها ولا لقيادة البلاد.. رغم تصويت الشعب لفائدتها وتقديمه تفويضا لها ..

أنا محبط ..

قد تتطور الأوضاع نحو ما سبق أن أوردته في كتابي قبل 17 عاما حول “الاستثناء الإسلامي” واستحالة نجاح الديمقراطية والتعددية في مجتمعات عربية إسلامية قبل أن تحسم مجموعة من القضايا الفكرية  ..

تتعثر الثورات العربية لأسباب اقتصادية اجتماعية وفكرية أيضا.. وحاليا تنقصنا حركية فكرية ثقافية مثلما وقع في مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار أو خلال عقود الكفاح ضد الاستبداد قبل نصف قرن..

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on الإمارات تنتقم من “منصور” بعد رسالة نشرتها “عربي21”

الإمارات تنتقم من “منصور” بعد رسالة نشرتها “عربي21”

نشرت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، بالتعاون مع “مركز الخليج لحقوق الإنسان”، الجمعة، تقريرا انتقد ما يقوم به أمن الدولة الإماراتي من “انتقام من الناشط أحمد منصور”، مستشهدة برسالة نشرتها “عربي21”.

وأكدت في التقرير على موقعها الإلكتروني، أن سلطات الإمارات انتقمت من المدافع عن حقوق الإنسان المحتجز أحمد منصور، بعد تموز/ يوليو 2021، عندما نشرت “عربي21” رسالة كتبها من السجن، تفصّل سوء معاملته أثناء الاحتجاز، ومحاكمته الشديدة الظلم.

وكانت المنظمتان حذرتا سابقا السلطات الإماراتية من مغبة الانتقام من أحمد منصور، بعد الرسالة المشار إليها.

وتصف الرسالة التي نشرتها “عربي21″، في 16 تموز/ يوليو 2021، احتجازه رهن الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى، وحرمانه من الضروريات الأساسية، ومن إقامة أي تواصل ذي مغزى مع سجناء آخرين، أو مع العالم الخارجي.

اقرأ أيضا: حصري لـ”عربي21”: رسائل مسربة من سجون الإمارات (تفاصيل)

وجاء في تقرير “هيومن رايتس ووتش”، أن “رسالة السجن، التي نشرها موقع عربي21 الإخباري العربي في لندن، تفصل الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها جهاز أمن الدولة الإماراتي ضد منصور منذ توقيفه واحتجازه”.

وقال مصدر مطلع للمنظمتين إنه بعد نشر الرسالة، نقلت السلطات الإماراتية منصور إلى زنزانة أصغر وأكثر عزلة، ومنعت عنه الرعاية الطبية الأساسية، وصادرت منه نظّارات القراءة.

ومنذ اعتقاله في مارس/ آذار 2017، احتجزت السلطات الإماراتية منصور بمعزل عن العالم الخارجي إلى حد كبير، وعزلته عن السجناء الآخرين، وحرمته من السرير والفراش.

وقالت المنظمة إنه على “الأمم المتحدة” وحلفاء الإمارات، بمن فيهم الولايات المتحدة وبريطانيا، الدعوة علنا، وعبر التواصل المباشر، إلى إنهاء عزلة منصور فورا، والإفراج غير المشروط عنه.

وقال مايكل بيج، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “حلفاء الإمارات يساعدونها على الترويج لروايتها عن كونها دولة متسامحة ومنفتحة ثقافيا، بينما يتجاهلون الانتهاكات المتفشية، بما فيها التعسف القانوني وإساءة المعاملة المروعة لأحد أكثر مواطنيها احتراما. على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التخلي عن صمته، بينما تنتهك الإمارات بشكل صارخ معايير حقوق الإنسان، وتمنع الأمم المتحدة وغيرها من المراقبين الدوليين والمستقلين من الوصول إلى سجونها”.

وجددت المنظمة انتقادها لما جرى في حزيران/ يونيو 2021، عندما انتخبت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الإمارات لأول مرة منذ عام 1986، لدورة “مجلس الأمن الدولي” عامي 2022 و2023، رغم سجلها الحقوقي المزري.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر، فازت الإمارات بعضوية “مجلس حقوق الإنسان” للمرة الثالثة، وعلى مدى سنوات، تجاهلت الإمارات آليات مجلس حقوق الإنسان وخبرائه، ولم يُسمح لأي مقرر أممي خاص بزيارة البلاد منذ 2014، بحسب المنظمة ذاتها.

قالت المنظمتان المذكورتان أعلاه، إن جهاز أمن الدولة الإماراتي القوي ينتهك حقوق منصور لأكثر من 10 سنوات بالاعتقال والاحتجاز التعسفيَّين، والتهديدات بالقتل، والاعتداء الجسدي، والمراقبة الحكومية، والمعاملة اللاإنسانية في الحجز. حُرم منصور من حقوقه كسجين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما يشمل “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء”.

وأكدتا ان “منصور ليس الضحية الوحيدة لعدم تسامح سلطات الإمارات المطلق مع المعارضة. منذ 2011، عندما بدأت الإمارات هجوما مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وثّقت هيومن رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان بشكل متكرر مزاعم خطيرة بوقوع انتهاكات على أيدي قوات أمن الدولة ضد المعارضين والنشطاء الذين تحدثوا عن القضايا الحقوقية”.

وانتقدت كذلك أنه في الوقت ذاته، بدأت الإمارات جهودا دامت عقودا لغسل سمعتها على الساحة الدولية، كان آخرها معرض “إكسبو 2020 دبي”، وهو حدث ضخم يروج لصورة عامة عن الانفتاح تتعارض مع جهود الحكومة لمنع التدقيق في انتهاكاتها المنهجية والمتفشية لحقوق الإنسان.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أطلق مركز الخليج لحقوق الإنسان وعشرات الشركاء معرض “إكسبو حقوق الإنسان” البديل لمواجهة هذه الرواية، الذي ضم أشعارا لمنصور، والدعوة إلى إطلاق سراح النشطاء الإماراتيين المحتجزين.

وروى منصور في الرسائل التي نشرتها “عربي21” القصة الكاملة له منذ اعتقاله، والتهم الموجهة إليه، وتعامل القضاء الإماراتي وإدارة السجن معه، بمختلف تفاصيلها.

اقرأ أيضا: HRW تحذر من معاقبة أحمد منصور بعد نشر عربي21 رسائل له

ويؤكد منصور أنه يعيش داخل زنزانة انفرادية منذ 15 آذار/ مارس 2017، وهو تاريخ اعتقاله، وذكر في الرسائل أن التهم الموجهة إليه كانت تسع تهم في البداية، تم الإبقاء على ست منها عند الإحالة على القضاء.

وأوقفت السلطات الإماراتية أحمد منصور (51 عاما)، في 15 آذار (مارس) 2017، وصدر ضده حكم نهائي بالسجن 10 سنوات، إثر اتهامه بـ”الإساءة لهيبة ومكانة ورموز الإمارات”، جراء دعوة سلمية أطلقها للإصلاح السياسي في بلاده.

ومنذ سنوات، تواجه الإمارات انتقادات بشأن الزج بمئات الحقوقيين والسياسيين السلميين في السجون، لمطالبتهم بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية، لكن السلطات عادة ما تنفي ارتكاب انتهاكات حقوقية، وتؤكد التزامها بحقوق الإنسان.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on بين 13 و23 ديسمبر 2021 ، هل تنجح قوى المعارضة المدنية فيما أخفقت فيه الأحزاب .. بقلم محمد العياري

بين 13 و23 ديسمبر 2021 ، هل تنجح قوى المعارضة المدنية فيما أخفقت فيه الأحزاب .. بقلم محمد العياري


تمركز المشهد السياسي في تونس حسب احداثياته النهائية التي حددها رئيس الدولة في خطابه ليلة الثالث عشر من ديسمبر 2021. فبإعلانه على رزنامة المواعيد السياسية القادمة من استشارة الكترونية واستفتاء وانتخابات تشريعية مبكرة، يكون قد ألقى للعموم بتفاصيل “مشروعه” السياسي والقانوني. في هذا الإطار، تعددت الرؤى والقراءات لما تضمّنته نص الكلمة بين من يعتبرها مطفأة حرائق قد تُعينه سياسيا على تجنب سعير ما هو قادم من اضطرابات واحتجاجات، وتصفية سياسية لخصومه من خلال إنهاء تأويلات قانونية وسياسية لحدث 25 جويلية وما رافقه من دعوات لعودة البرلمان ومبادرات من هنا وهناك، وبين من يروم فهم التسقيف الزمني وخارطة الطريق المُعلنة كرسالة للخارج المُتوجّس من ضبابية المشهد السياسي التونسي.


في الأثناء، تحول خطاب 13 ديسمبر 2021 الى إشارة انطلاق أو كلمة سر لتشكُل نواة لمعارضة مدنية وسياسية للإجراءات المذكورة، بل وللمطالبة برحيل رئيس الدولة عن السياسة والمنصب. عشرة أيام كانت كافية لترتيب جزء من الأفكار والتصورات التي يقودها بعض من التونسيين الناشطين إعلاميا ومدنيا وتتمحور جميعها في التركيز على إعادة مسار ما قبل 25 جويلية 2021 ولو بإصلاحات وتعديلات قانونية واجرائية.
أصبح لتلك الأفكار حاضنة وإطار تتحرك من خلاله ووفق ما يُمليه السياق السياسي ووتيرة التفاعلات مع الواقع التونسي، وقد وقع تسمية هذا الإطار التنظيمي “مواطنون ضد الانقلاب.”
أولى الملاحظات التي يمكن أن نسوقها في هذا الإطار، تتعلق بطبيعة التسمية، حيث يقترن فعل معارضة الانقلاب بالمواطن بما يعنيه من ضرورة أن يكون النضال ضد سلطة 25 جويلية 2021 وما بعدها شأنا مواطنيا لا يُفرد السياسيين لوحدهم أو الناشطين بامتياز الاحتجاج ومعارضة ما يجب معارضته. من ناحية أخرى، تبدو تسمية “مواطنون” عودة لممارسة السياسة من نقطة انطلاقها الأولى بصفة المواطن قبل السياسي، وهي في نفس الوقت إشارة الى تخلص الناشطين من هيمنة أو توجيه ما من قبل الفاعلين السياسيين من الأحزاب السياسية.


للإشارة، سبق وأن طرحت مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، خارطة طريق لإنهاء الأزمة السياسية، تحت اسم “المبادرة الديمقراطية” تتضمن انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في النصف الثاني من العام المقبل 2022. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده أعضاء المبادرة، حيث قال الناشط في المبادرة جوهر بن مبارك، إن “خارطة الطريق تهدف لإنهاء حالة الاستثناء التي تعيشها تونس حاليا وكل ما ترتب عنها من إجراءات اعتباطية”.
تأتي هذه التحركات في سياق سياسي يتطلب أن يُواجه الفعل بالفعل وأن يكون للساحة السياسية نقاط لرد الفعل وإعادة تصويب مُجريات الأحداث، ومن ثمة، أن يكون في متناول من هم ضد حدث 25 جويلية ما يُؤطر تحركاتهم ويمكنهم من الضغط والتعبئة. لكن أمام تناقضات الساحة السياسية وتركُّز مراكز القوى في قطب واحد، زائد تشتت “قيادات الصف المدني والسياسي”، قد تجعل من مستقبل المبادرة وغيرها هشيما تذروه رياح البراغماتية السياسية وقدرات المناورة ولعبة المحاور ومصالح الفاعل الإقليمي والدولي.

في هذا الجزء، يمكن أن نذكر بعضا من العقبات التي تواجه مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”:
1-تتكون هذه المبادرة من شخصيات حقوقية وناشطين في المجتمع المدني وغيرهم من القوى الوطنية التي تتفق في شكل التحرك والقراءة العمودية للواقع السياسي، غير أن تفاصيل التنسيق وتكتيكات المواجهة لن تكون بحال من الأحوال” قياسا على تجربة التكتلات السياسية والمواطنية السابقة وطبيعة الفاعلين” ذات نفس طويل أو عائدات سياسية مهمة وربما لن تصل إلى عمقها أو مداها الأقصى.
2-انظمت الى المبادرة شخصيات سياسية لم تتمكن وهي في موقع السلطة من نسج تحالفات دائمة أو بناء تكتيك سياسي يُجنّب البلاد مثل ما وقعت فيه من مطبّات. جزء من هذه القيادات السياسية كان مسؤولا بشكل ما عن الإخفاقات السياسية والاقتصادية ولم يعد يحظى بمقبولية سياسية لدى جزء من الشعب التونسي وحتى المعارضين ل25 جويلية 2021.
3-الى حد الآن، لم تتقدم المبادرة بخارطة تحركات سياسية مقبلة، أو بمصفوفة حلول سياسية تفتح ولو كوّة في جدار الانغلاق السياسي. حيث ينهمك مؤسسي المبادرة في نقاش ليلي منقول مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
4-يتبنى بعض قيادات المبادرة وسائل ضغط متنوعة منها اضراب الجوع في الوقت الذي تسير فيه جزء من مؤسسة القضاء بنفس سرعة إجراءات وقرارات قيس سعيد، وتتالى المحاكمات والقرارات الرئاسية، بحيث تبدو مثل هذه الآليات غير ذات جدوى وفاعلية خاصة مع عدم تشبيك العلاقات السياسية والمدنية وعدم فتح قنوات التعبئة والتنسيق مع بعض من الفاعلين المحليين.
5-تبدو مكونات المبادرة ذات لون سياسي واحد –ولو تعاطفا- رغم تواجد بعض من المنتسبين الى تيارات سياسية معارضة تقليديا، وحتى أنهم كانوا من الخصوم التقليديين للتحالف الحكومي قبل 25 جويلية 2021، الا أن تمركز القيادة أو طليعة المبادرة في يد شخص واحد أو شخصين، لن يخدم تغذية صفوف المبادرة بقوى أو شخصيات أو مواطنين آخرين.
6-يُطلب من كل مبادرة سياسية أن ترسم نقاط تقاطعها وتحالفاتها وتُجاهر ببرنامج أعمالها حتى يكون خطابها المسموع متناغما مع المقروء ومتساوقا مع اللحظة السياسية، لكن الملاحظ الى حد الآن أن المبادرة لازالت متمترسة في جبهة المعارضة الاحتجاجية فقط.
بقدر ما تحتاج اللحظة السياسية الى قراءة متأنية وصارمة وعلمية، غير أن ما يُطلب من الفاعل السياسي والمدني هو أن يكون في مستوى سرعة اللحظة بالزمن الفيزيائي، وأن تكون تحركاته بنفس سرعة تحركات الواقع بالزمن السياسي. لذلك، فإن مثل هذه المبادرات –على نقائصها- لا يمكن لها إلا أن تكون خطوة الى الامام في منعرجات سياسة ما بعد 13 ديسمبر 2021 أملا في أن تنجح قوى المعارضة المدنية فيما أخفقت فيه الأحزاب.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on “الخطر الداهم” يوحد العلمانيين والإسلاميين في تونس مجددا .. بقلم كمال بن يونس

“الخطر الداهم” يوحد العلمانيين والإسلاميين في تونس مجددا .. بقلم كمال بن يونس

رغم إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن مبدأ تنظيم انتخابات برلمانية موفى العام المقبل وعن “خارطة طريق سياسية تبدأ بتنظيم استفتاء إلكتروني”، فقد تزايدت انتقادات رفاق الأمس لكل القرارات التي أصدرها منذ “انقلاب 25 تموز (يوليو) الماضي” داخل الأوساط الحقوقية والسياسية وفي المجتمع المدني.

 

                          قيادة مبادرة مواطنون ضد الانقلاب

وانضم إلى جبهة “مواطنون ضد الانقلاب” و”المبادرة الديمقراطية” المعارضة لقرارات تعليق الدستور وحل البرلمان والحكومة سياسيون وحقوقيون من الحجم الكبير بينهم عدد من الوزراء والمستشارين السابقين في قصري رئاسة الجمهورية والحكومة، مثل: كبير مستشاري قيس سعيد الوزير والسفير السابق عبد الرؤوف بالطبيب وكبير مستشاري الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الوزير رضا بالحاج وعدد من كبار الوزراء والمستشارين في حكومات ما بعد ثورة 2011 بينهم عبد الرحمن الأدغم وجوهر بن مبارك والعياشي الهمامي وأسامة الخريجي والنائبة الأولى لرئيس البرلمان الحقوقية سميرة الشواشي وكاتبة الدولة للتعاون الدولي سابقا آمال عزوز..

 


كبير مستشاري السبسي رضا بالحاج والوزير العياشي الهمامي في مسيرة مناهضة للانقلاب

بعيدا عن “الأيديولوجيا”

شكل هؤلاء “فسيفساء ثقافية سياسية” تحررت من “الأجندات الحزبية والأيديولوجية” بمشاركة حقوقيين وسياسيين من عدة تيارات فكرية وسياسية أعلنوا أن “أولوية الأولويات معارضة الانقلاب”.

وكان من بين مفاجآت هذا “الحراك من أجل الحريات” أن انخرط فيه ثلة من المحامين والإعلاميين والنشطاء البارزين في المعارضة من عدة أجيال ومن مرجعيات فكرية وسياسية مختلفة بينهم المحامية والناشطة اليسارية والنقابية الشابة إسلام حمزة وزميلتها فوزية خضري، وثلة من مجموعة “محاميات ضد الانقلاب” ومن المثقفات المستقلات بينهن شيماء عيسى وفاطمة كمون.. وقد انخرط هؤلاء في تحركات تطالب بالإفراج عن “المساجين السياسيين” وخاصة عن النائبين سيف الدين مخلوف ونضال السعودي..

 

إسلام حمزة في المحكمة مع الإعلامي عامر عياد والنائب عبد اللطيف العلوي

ويتصدر مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” نخبة من الحقوقيين بزعامة المحامي المختار الجماعي والقيادي السابق في الحزب الديمقراطي التقدمي (الحزب “الجمهوري” حاليا) الحبيب بوعجيلة ومجموعة من قيادات حزب المؤتمر (“حراك تونس الإرادة” حاليا)، مثل الجامعيين زهير إسماعيل وشاكر الحوكي والأمين بوعزيزي والمحامي سمير بن عمر..

تشكيل هذه الجبهة السياسية الجديدة “بعيدا عن الأيديولوجيا”، ذكر المراقبين بـ”جبهة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” التي تشكلت في 2005 على هامش القمة العالمية للمعلومات التي انعقدت بتونس في أعقاب إضراب جوع دام شهرا كاملا شارك فيه سياسيون وحقوقيون من عدة تيارات فكرية وسياسية بينهم بعض رموز اليسار الاشتراكي والقومي، مثل أحمد نجيب الشابي والعياشي الهمامي وحمة الهمامي، وحقوقيون مستقلون وشخصيات اعتبارية من التيارات الإسلامية والليبرالية، مثل المحامين سمير ديلو ومحمد النوري وعبد الرؤوف العيادي القاضي والمختار اليحياوي والإعلامي لطفي الحاجي..

 

وقد ساهمت تلك الجبهة في دعم الحراك المعارض لحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ضمن “جبهة حريات” بعد اتفاق حول مجموعة من الورقات الفكرية والسياسية المشتركة “تجاوزت الخلافات الأيديولوجية”.. وعلى إعطاء الأولوية للنضال المشترك من أجل الحريات العامة والفردية وتحرير الإعلام والإفراج عن كل السجناء السياسيين.

مراجعات

وقد أورد عبد الرؤوف بالطبيب الوزير المستشار السابق للرئيس قيس سعيد ورضا بالحاج كبير مستشاري الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وأستاذ القانون الدستوري شاكر الحوكي في تصريحات لـ “عربي21″، أن المشاركين في الحراك الجديد قاموا بدورهم بـ “مراجعات فكرية وسياسية” وقرروا تجاوز “الخلافات العقائدية والحزبية” والتفرغ “للنضال المشترك من أجل الحريات ضد الانقلاب على الدستور والبرلمان ودولة المؤسسات وعلى مكاسب ثورة يناير 2011”.

في نفس السياق دعت المحامية والناشطة السياسية اليسارية الشابة إسلام حمزة كل اليساريين والليبيراليين والإسلاميين إلى “نسيان خلافات الأحزاب والسياسيين القديمة والتفرغ لمعركة الحريات وإلغاء القرارات الاستثنائية”.

 

                           سميرة الشواشي.. نائبة رئيس البرلمان

ودعا الوزير السابق عبد الرحمان الأدغم قيادات “الأحزاب الوسطية” (أحزاب الجمهوري والتيار والتكتل من أجل الحريات وآفاق) إلى تجاوز خلافاتهم الفكرية والسياسية السابقة مع حزب النهضة وحلفائه وإلى الانخراط في “المبادرة الديمقراطية” المفتوحة لحراك “مواطنون ضد الإنقلاب”، والتي نجحت في تنظيم مسيرات شعبية ضخمة في عدة جهات وخاصة وسط العاصمة تونس وأمام مقر البرلمان.

وأعلن الحقوقي اليساري والقيادي السابق في الحركة الطلابية اليسارية جوهر بن مبارك في تصريح لـ “عربي21” أن غالبية المشاركين في حراك “مواطنون ضد الانقلاب”، الذي يتزعمه مع ثلة من الحقوقيين،  يعتبرون أن “أولوية الأولويات في البلاد ليست “عقائدية” بل العودة إلى احترام دستور 2014 الذي صاغه 217 برلمانيا منتخبا من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي بعد استشارات دامت عامين وشملت آلاف خبراء القانون والحقوقيين والسياسيين بينهم الرئيس قيس سعيد.

ونوه بن مبارك، بكون قطاع من النشطاء في هذا الحراك كانوا مثله في قيادة “اتحاد الطلبة” وفي مجموعات يسارية أو في قيادات حركات سياسية أخرى عارضت في نفس الوقت حكم زين العابدين بن علي ثم حكومات ما بعد ثورة 2011 بما فيها حكومة الترويكا التي تزعمها قياديون من حركة النهضة.

طلبة ويسار ويمين ووسط

في نفس السياق توسعت المراجعات الفكرية والسياسية لتشمل مجموعات مؤثرة داخل الطلبة ومراكز البحث العلمي الجامعية وشخصيات أكاديمية وحقوقية من الحجم الكبير مثل القاضي أحمد صواب والأكاديمية خبيرة القانون الدستوري منى كريم واقطاب الدراسات القانونية في الجامعة التونسية مثل كمال بن مسعود وعبد الرزاق المختار وشيماء عيسى وعلي النني و شاكر الحوكي وإقبال بن موسى ..

وقد نظم هؤلاء تظاهرة علمية سياسية ضخمة “لمعارضة التدابير الاستثنائية لما بعد انقلاب 25 يوليو” في أحد فنادق العاصمة تونس دعت إليها “الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية” بالاشتراك مع “مخبر العلوم الادارية والدستورية والمالية في كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس”.

 

      مستشار قيس سعيد وصديقه السابق عبد الرؤوف بالطيب انضم إلى المعارضين

وكان من بين العناصر الجديدة في هذه التظاهرة “تكريس انفتاح الجامعة بطلبتها وأساتذتها على الحراك الشعبي المعارضة للإنقلاب على الدستور وعلى البرلمان وعلى مؤسسات الدولة” حسب تعبير الخبير الجامعي عبد الرزاق بن مختار، الذي حذر خاصة من “التفاف الأوامر الرئاسية منذ الانقلاب على مكسبين مهمين وردا في دستور 2014 هما السلطة القضائية والسلطة المحلية” ومحاولة “تكريس هيمنة المؤسسة الأمنية على الشأن العام في البلاد”.

كما حذر الرئيس الشرفي للقضاة الإداريين والناشط اليساري المعتدل أحمد صواب بالمناسبة من مخاطر” محاولة الانقلاب على استقلالية القضاء بعد خطابات رئيس الجمهورية التي وصفت القضاء حينا بكونه “وظيفة” وحينا آخر بـ “المرفق العام” بينما اعتبره دستور 2014 “سلطة مستقلة كاملة السيادة مثل السلطتين التنفيذية والتشريعية”.

هل ينجح هذا الحراك الحقوقي السياسي في تحقيق أهدافه وعلى رأسها إعادة ترتيب أولويات النخب وصناع القرار وتوحيد “خصوم الأمس” حول مطالب الحريات واحترام الدستور والقانون؟ أم تنفجر الخلافات الإيديولوجية مجددا بين التيارات المؤثرة في المشهدين السياسي والنقابي فتتعمق الأزمة السياسية الاقتصادية الاجتماعية للبلاد وتتسبب في أزمات أمنية معقدة قد تعصف بالجميع؟

 

أخبار, وجهات نظر 0 comments on بعد مبادرة عضو الرئاسي”عبد الله اللافي”، هل تتأجل الانتخابات الليبية فعلا لربيع 2022؟ .. بقلم علي عبد اللطيف اللافي

بعد مبادرة عضو الرئاسي”عبد الله اللافي”، هل تتأجل الانتخابات الليبية فعلا لربيع 2022؟ .. بقلم علي عبد اللطيف اللافي

بعد مبادرة عضو الرئاسي”عبد الله اللافي”، هل تتأجل الانتخابات الليبية فعلا لربيع 2022؟

علي عبد اللطيف اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

** تمهيد

1- السؤال المهم في ليبيا خلال الأسابيع والأيام الماضية هو هل ستجرى الانتخابات في 24 ديسمبر الماضي بما يعنيه ذلك من قطع مع منطق الحروب والتجاذبات وفي الخروج من منطق الا شرعية الاجسام التشريعية والتنفيذية؟ والسؤال لا يطرح في ليبيا بل حاضر واقعيا في اهتمامات كل دول الإقليم وهو مطروح باستمرار ويوميا على مكاتب رؤساء دول ومسؤولي المنظمات الأممية…

2- يظهر أن مبادرة عضو الرئاسي عن المنطقة الغربية “عبدالله اللافي” قد حركت السواكن ووجهت الاهتمامات ودفعت كل الأطراف للتحرك سواء معها أو ضدها وسواء كان التحرك والتفاعل بغاية دعمها او للتصدي لها إعلاميا وسياسيا واجتماعيا، وسيكون التجاوب معها كبيرا بغض النظر عن تبينها لان طبيعة نتائج التعاطي معها سيكون حاسما للمضي في أي من المسارات/السيناريوهات الثلاث الممكنة نظريا في التعاطي والتفاعل مستقبلا مع الخارطة الأممية الخاصة بليبيا والموضوعة والمصادق والمتوافق عليها محليا وإقليميا ودوليا منذ 05 فيفيري الماضي…

3- يُجيب تقرير/مقال الحالي على اسئلة ثلاث تتعلق جميعها من بعيد أو قريب مع مبادرة “اللافي” وموضوع اجراء الانتخابات الليبية من عدمه في موعدها الأصلي (أي 24-12-2021)

· السؤال الأول: ما هي تفاصيل وحيثيات مبادرة “اللافي” والتي تقوم فكرتها الرئيسية على وضع خارطة طريق انطلاقا من فكرة تأجيل الانتخابات وفقا لخارطة معدلة للخارطة الأممية؟

· السؤال الثاني: ماهي نظريا السيناريوهات/المسارات الثلاث الممكنة في التعاطي مع نفس الخارطة الأممية المعلن عنها في ختام الحوار الليبي في جنيف؟

· السؤال الثالث: هل ستجرى الانتخابات اما ســتتأجل فعليا وما هي محددات ذلك خلال الأيام القادمة؟

** تفاصيل وحيثيات مبادرة “اللافي” الداعمة لتأجيل الانتخابات

1- كما هو معلوم، أُطلقت في العاصمة طرابلس تسريبات عدة مساء أول أمس السبت 30 أكتوبر بشأن مبادرة يعتزم العضو بالرئاسي “عبد الله اللافي” الإعلان عنها، وتتمثل فكرة تلك المبادرة في مقترح مفصل لخارطة طريق خاصة بالعملية السياسية ولكنه مقترح يعتمد التأجيل للموعد الانتخابي بحيث يرحله الى نهاية ربيع سنة 2022 بدلا من ديسمبر 2021 (أنظر الصورة المصاحبة للمقال والتي توضح تفاصيل مراحل المقترح)

2- لا شك وان المقترح/المبادرة يعني موضوعيا مُضي المجلس الرئاسي تحديدا نحو تثبيت تأجيل الانتخابات العامة بشقيها الرئاسي والبرلماني المُقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل وفقا لخارطة طريق أممية تم إقرارها يوم 05-02-2021 اثناء اختتام مسار الحوار الليبي والذي دارت جولاته بين مالطا وتونس وسويسرا والمغرب، على أنه من المهم ان الرئاسي هو ثلاثي التركيبة وانه لا يعتمد أي قرار صادر عنه الا بتصويت اثنين في حد أدنى عليه…

3- التسريبات سالفة الذكر تزامنت فعليا مع دعوة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لإزالة ما وصفته بالقيود المتعلقة بالمشاركة في الاستحقاق المذكور لغطا واسعا، حيث كشفت عن ضغوط تُمارس لتمكين وجوه تتصدر المشهد حاليا على غرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة من المشاركة في الانتخابات الرئاسية وفقا لبعض متابعين للتطورات في ليبيا، وما ذلك طرح المتابعون سؤالا مُهما ورئيسيا وهو “لماذا تم تقديم المقترح/المشروع من طرف اللافي وليس من طرف المنفي؟، خاصة وأن هذا الأخير هو رئيس المجلس وأنه سبق وان طرح مبادرات عدة وعمل على خطوات توافقية وحل لإشكالات عدة – وخاصة بين البرلمان والحكومة- بل هو أول من اقترح فكرة مؤتمر “استقرار ليبيا” (والذي عقد في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر الماضي وشهد حضورا ومتابعة دولية كبيرة)…

4- لم يُفلح نفي عضو المجلس الرئاسي “موسى الكوني” عزم المجلس تقديم مبادرة بشأن الاستحقاقات المقبلة في تبرئة المجلس من الاتهامات التي وجهت له من صفحات ليبية على الشبكة الاجتماعية وفي قراءات مواقع الكترونية عربية قريبة من دول خليجية مناصرة للجنرال المتقاعد “خليفة حفتر” خاصة وان تلك الاتهامات تتلخص في القول بان المجلس يخطط لتأجيل الانتخابات العامة ومن ثم يُتهم بأنه يُكرس الظروف الحالية ومن ثم تنمية كمية للعقبات التي تحول دون تنظيم تلك الاستحقاقات على غرار سحب المرتزقة وتفكيك الميليشيات، وعمليا سارع “الكوني” أمس الأحد 31 أكتوبر إلى نفي عزم المجلس طرح مبادرة بشأن الانتخابات قائلا إن “أي اجتهاد مغاير حول موعد الانتخابات المحدد وفق الاتفاق السياسي، لا يمثل المجلس الرئاسي ولكن يمثل رأيا شخصيّا”، وأضاف عضو الرئاسي عن المنطقة الجنوبية في تغريدة على” تويتر” أن “المجلس ملتزم بإجراء الانتخابات في موعدها، اجتهاد مغاير (في هذا الصدد) لن يمثل المجلس الرئاسي دون اتفاق الأعضاء الثلاثة، ووفق محضر موقّع…”

5- بعض مراقبين وبغض النظر عن وجاهة قراءاتهم يؤكدون أن هناك تحالفا بين رئيس المجلس “محمد المنفي” مع “عبدالله اللافي” لتمرير المبادرة وهو ما سيصب مباشرة في صالح أطراف بعينها وهي السردية التي يحولها أنصار حفتر وحلفائه الاماراتيين في أن ذلك يخدم حزب العدالة والبناء (الذراع السياسية لانصار الإخوان المسلمين في ليبيا) وحلفائه القريبين من المحور التركي/القطري وفقا لنفس تلك القراءات الداعمة لــــــــــــ”حفتر”، ومعلوم أن قريبين من الحزب الاسلامي وحلفائه تحركوا على أكثر من جبهة لإثارة مسألة الاستفتاء على الدستور قبل إجراء الانتخابات كما رفضوا القوانين المنظمة للانتخابات الصادرة عن البرلمان واتهموه بتغييب شريكه “الأعلى للدولة”…

6- من حيث التفاصيل تنص خارطة الطريق، التي يعتزم “اللافي” إعلانها خلال الساعات القادمة (انظر الصورة المصاحبة والمفصلة للخارطة/المقترح)، على وضع آليات ستمكن من تنظيم الانتخابات في أجل أقصاه مارس 2022 حيث سيتدخل المجلس الرئاسي مباشرة في العملية بطرح مبادرة تتعلق بالقاعدة الدستورية على مجلسي “الأعلى للدولة” و”النواب” في الرابع عشر من نوفمبر التي ستجري على أساسها الانتخابات.

7- حسب نص المبادرة سيُشكل المجلس الرئاسي لجنة، إذا لم ينجح “البرلمان” و”الاعلى للدولة” في التوصل لاتفاق بشأن مبادرة القاعدة الدستورية، لإصدار مشروعي قانون الانتخابات بمرسوم رئاسي مع العمل على تحشيد التأييد الشعبي والدولي لهما، وسيُفتح بذلك الباب للترشح للانتخابات الرئاسية والنيابية في الرابع عشر من ديسمبر على أن يُغلق في الرابع والعشرين من “يناير/جانفي” من العام المقبل لينطلق الاستحقاق الانتخابي في الأول من مارس 2022.

8- رغم نفي “الكوني” تبني المجلس الرئاسي لهذه الخارطة، إلا أنها حملت شعار المجلس في خطوة يرى مراقبون أنها كانت متوقعة حيث لا يحظى “الكوني” موضوعيا بأي تأثير مقارنة بـــــــــ”اللافي” الذي يقود توافقا مع المنفي لتأجيل الاستحقاق، ومن حيث قراءة اختلاف “الكوني” مع “اللافي”، يُمكن التأكيد أن تأثيره داخل المجلس الرئاسي ضعيف جدا وأقصى ما يمكن أن يفعله هو الاستقالة كما فعل عندما كان عضوا في المجلس السابق برئاسة “فايز السراج”، و”المنفي” و”اللافي” وكما اشرنا الى ذلك سابقا هما من فريق وتوجه واحد سياسيا وهما يشكلان أغلبية داخل المجلس وقد يكونان اتفقا على المبادرة وحيثياتها…

9- لا شك أن الكثير من الأوساط السياسية والاجتماعية في ليبيا سترفض مبادرة “اللافي” أو بالأحرى مبادرة “اللافي/المنفي” لتأجيل الاستحقاق الانتخابي، وهو ما تمثل في قول وتصريح نواب محسوبين سياسيا على المنطقة الشرقية وخاصة من معسكر حفتر/عقيلة على غرار “محمد العباني” في التصريح لإحدى اليوميات العربية أن “من يقرر الانتخابات في ليبيا من عدمها هو البرلمان المنتخب في الخامس والعشرين من يونيو 2014 وليس المجلس الرئاسي أو اللافي…”

** السيناريوهات/المسارات الثلاث الممكنة نظريا بخصوص الانتخابات

كما أكدنا وفصلنا في مقال سابق منشور في يومية “الصباح” التونسية بتاريخ 10-10-2021 فان هناك مسارات أو بالأحرى سيناريوهات ثلاث نظريا للمضي في تطبيق الخارطة الأممية أي في مدى الحسم في آليات وقرار اجراء الاستحقاقات الانتخابية المقررة ليوم 24 ديسمبر لمقبل وتلك المسارات/السيناريوهات هي:

· مسار/سيناريو أول: تطبيق كامل للخارطة الأممية وإنجاز الاستحقاقات الانتخابية بغض النظر عن التفاصيل الإجرائية والزمنية، وهو مسار أصبح زمنيا وسياسيا واجرائيا في مرمى الاستفهامات…

· مسار سيناريو ثان: تعديل الخارطة الأممية وتأجيل الاستحقاقات لفترة زمنية معينة (بين مارس وجوان/يونيو 2022، وهو هدف مبادرة اللافي وهو نظريا وعمليا اقرب للواقع لوجستيا…

· مسار سيناريو ثالث: اسقاط الخارطة الأممية ومن ثم الدخول في مطبات غير معلومة العواقب لا على ليبيا فقط بل كل المنطقة…

** هل ستجرى الانتخابات اما ســتتأجل فعليا وما هي محددات ذلك خلال الأيام القادمة؟

1- أولا، تزامن اطلاق مبادرة “اللافي” مع دعوة البعثة الأممية برئاسة” يان كوبيتش ” مساء أول أمس السبت 30 أكتوبر إلى اعتماد تعديلات تشمل “إزالة القيود المفروضة على المشاركة في الانتخابات للسماح لليبيين الذين يشغلون مناصب عامة بفرصة تجميد مهامهم من وقت تقدمهم بطلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، على النحو الذي اقترحته المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من تسميم الأجواء المرتبطة بالانتخابات”، وذهبت البعثة إلى ما أبعد من ذلك حيث دعت إلى تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن على عكس ما ينص عليه القانون الذي أصدره البرلمان وهو ما جوبه برفض من قبل أوساط سياسية ليبية.

2- ثانيا، من المهم التأكيد أن القانون سالف الذكر ينص على إجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر من تنظيم الدور الأول للانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر، وبالتزامن مع الدور الثاني في يناير 2022، ولكن 44 نائبا أعلنوا أمس الاحد عن رفضهم لما وصفوه بتدخل البعثة الأممية والسفراء الأجانب في قوانين الانتخابات التي أصدرها البرلمان وهي قوانين عارضها بشدة المجلس الأعلى للدولة، ولكن عمداء البلديات – وهم واقعا الأكثر شرعية وقربا للشارع الليبي وخاصة في المنطقتين الجنوبية والغربية – اصطفوا فعليا مع رؤية “المشري” و”الاعلى للدولة”، وقال أولئك النواب المحسوبين في غالبيتهم على “حفتر” في بيان نشرته وسائل إعلام محلية “نستغرب استقواء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بالخارج في محاولة لفرض تعديلات سياسية وليست فنية على قوانين الانتخابات”، كما أشاروا إلى أن “تجاربنا السابقة مع متصدري المشهد الحالي تجبرنا على القلق العميق من خطة جديدة لعرقلة الانتخابات الرئاسية أو رفض نتائجها…” ( وهذه الجملة الأخيرة هي لتبرير الموقف ومزايدة سياسية لا أكثر ولا اقل لان العكس صحيح أيضا بما يعني أن “حفتر” هو موضوعيا مم يتخوف من النتائج وليس العكس حسب آخرين…)

3- ثالثا، ستتعدد الوقائع والمواقف من مبادرة “المنفي/اللافي” وستتداخل العوامل والتطورات في بلد يشهد مرحلة انتقالية من المقرر ومتوافق سياسيا واجتماعيا أن تنتهي بإجراء انتخابات عامة في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل كما تنص على ذلك خارطة

الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي بجنيف السويسرية، وستبقى كل الفرضيات واردة في تحديد أي من المسارات الثلاث أقرب للواقع والتجسيد

4- رابعا، المسار الانتخابي وحتى قبل اعلان مبادرة “اللافي” يواجه فعليا انسداد كبير وخاصة منذ إصدار مجلس النواب قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل أحادي ودون إشراك “المجلس الأعلى للدولة” والذي أصدر من جانبه قوانين انتخابية أخرى، ولكن البيانات الدولية والاممية وبعض الخطوات التي يقوم بها المجلس الرئاسي تؤكد أيضا ان الحل موجود وان المعالجة ممكنة خاصة في ظل رأي عام ليبي سئم الحروب التجاذبات الايديلوجية والسياسية مثلما سئم المعارك والتقاتل، وفي ظل تطورات الإقليم والتي يبحث فيها المصريون والأتراك على ترتيبات ابعد عنها الاماراتيون والقطريون، وهو ما يعني أن الحرب بالوكالة التي خاضتها أطراف ليبية لصالح الاذرع الإقليمية في طريقها للانتهاء موضوعيا وهي بذلك في ذمة التاريخ رغم رغبة “حفتر” وآخرين ممن يراهنون على الحرب ولا شيء غيرها للكسب خاصة وانهم خسروا معركتي انتاج “القذافي2” واسقاط نموذج “سيسي ليبيا”…

5- خامسا، حكومة “الدبيبة” موضوعيا عليها عدم ترك مساحات خلال الأيام القادمة عبر مواصلة خدمة الليبيين في المناطق الثلاث ودعم فعلي لسياسيات الا مركزية واقعيا ومن ثم التقيد بالخارطة الأممية ودعم سياسة التوافق الكلي مع المجلس الرئاسي، كما عليها أن تمهد لوجستيا للانتخابات وأن تترك خيارات إنجازها أو تأجيلها جزئيا أو كليا للمفوضية والبعثة والاممية حتى لا تتهم لاحقا بما يسعى اليه حفتر وشركائه المحليين وما بقي له من حلفاء إقليميين، وعندئذ سيسقط التوظيف المحلي والإقليمي لمطالب الليبيين والذين أنجزوا ثورة لقطف ثمارها اجتماعيا وسياسيا ومن اجل الرفاه لهم ولأبنائهم وأحفادهم ومن أجل مواطنة كاملة ومسار ديمقراطي مستقبلي خاصة وان بلدهم هو بلد ثورات هائلة ونادرة وفريدة في كل افريقيا بل وفي كل العالم…

6- سادسا، توازن القوى او توازن الضعف محليا وإقليميا ودوليا والسقوط النهائي لسرديات عدة في الساحة الليبية يعني موضوعيا أنه لا سبيل الا للتوافق وان كان المسار/السيناريو الثالث والمتمثل في اسقاط الخارطة الأممية مستبعدا بل يكاد يكون مستحيلا فان الترجيح بين المسارين/السيناريوهين الأول والثاني، ستحدده المواقف الدولية والمباحثات في قمة العشرين ولقاءات ثنائية على غرار لقاء بايدن/اردوغان وطبيعة التقاطعات بين الفرنسيين والأمريكيين من جهة وطبيعة الصراعات الروسية الامريكية من جهة ثانية ومعطيات أخرى في كواليس الأجهزة ومخابر الاستراتيجيات الغربية وفي مقرات المحافل الدولية…

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on قراءة لكتاب محمد كريشان .. خفايا لقاءات مع الحكام والمعارضين

قراءة لكتاب محمد كريشان .. خفايا لقاءات مع الحكام والمعارضين

 

قراءة لكتاب محمد كريشان .. خفايا لقاءات مع الحكام والمعارضين من المغرب إلى المشرق* 40 عاما من ” البحث عن الحقيقة” بين تونس ولندن والخليج وفلسطين ..

بقلم كمال بن يونس

صدر مؤخرا كتاب أنيق من 430 صفحة عن المؤسسة اللبنانية ” جسور للترجمة والنشر” للإعلامي التونسي والنجم التلفزي محمد كريشان ورد بأسلوب شيق ثري ضمنه شهادات نادرة عن  الأربعين عاما الماضية عربيا ودوليا ، واختار له عنوانا:” محمد كريشان يروي …وإليكم التفاصيل “.

الكتاب الذي اختار الناشر والمصمم أن تكون على واجهته صورة كبيرة للصحفي محمد كريشان ، كما عرفه ملايين المتابعين لبرامج بي بي سي ثم قناة “الجزيرة” منذ ربع قرن ، عرض في نفس الوقت “خلفية ناطقة ” في شكل صور صغيرة جمعت المؤلف مع شخصيات اعتبارية عالمية وعربية  خلال مساراته بين الصحافة المكتوبة والمسموعة في تونس ثم خلال تجاربه مع اذاعات تونس وهولندا ومونتي كارلو ثم مع تلفزيون ي بي سي  قبل أن ينتقل إلى الدوحة .

كما تضمن ” ملحق الصور”  داخل الكتاب 44 عينة من الصور التي تلخص مسيرته المهنية منذ عامه الأول في الجامعة ، عندما اشتغل ليلا في ” قسم الهاتف” في جريدة لابريس التونسية ، ثم لقاءات جمعته بشخصيات سياسية تونسية وعربية ودولية بينها الزعيمان الفلسطينيان الراحلان ياسر عرفات وجورج حبش والرؤساء محمود عباس وزين العابدين بن علي والمصنف المرزوقي والباجي قائد السبسي وقيس سعيد وبشار الأسد وعبد الله غل ورجب الطيب أوردغان وعلي عبد الله صالح والأمير القطري حمد بن خليفة والفنان المصري العربي الملتزم الراحل ” الشيخ إمام” والكاتب والمفكر القومي محمد حسنين هيكل..

” الإصلاح من الداخل” أم ” التغيير ؟

 

لكن أهمية الكتاب تتمثل أساسا في نجاح صاحبه في أن يعرض على طريقة “الراوي” و” الشاهد على العصر ” تفاصيل مغمورة ” عن الأحداث التي واكبها ، بأسلوب جذاب.. مع التجرؤ على فتح تفكير مع القارئ حول إشكاليات قديمة جديدة ذات أبعاد إستراتيجية ..

 

 لم يقدم الكتاب سيرة ذاتية تقليدية للمؤلف ولا دراسة أكاديمية لتطور الاعلام والحياة السياسية في تونس ثم في الوطن العربي وفي العواصم الأوربية ، بل انطلق من روايات “ذاتية ” ليقدم إضافات وأفكارا كانت ومازالت محور جدل ومناظرات في كامل العالم وفي غالبية الدول العربية والإسلامية ، مثل ” العلاقة مع الآخر” و”الإصلاح من الداخل” و” التغيير الشامل” و”الفعل الثوري ” و” القطيعة والصدام” و”المصالحة الوطنية ” و” الانتقال الديمقراطي ” و” الإسلام السياسي” و” مدنية المجتمع والدولة ” و” التراث” و” القطع مع المنظومات الفكرية والسياسية القديمة ” و ” حياد الإعلام ” و” تداخل أجندات المال والسياسة والسلطة ” و” الثنائيات “داخل مؤسسات الحكم والمعارضة و” الجهاد” و” التطرف والإرهاب” وانتهازية قطاع من المثقفين والإعلاميين ” و”شيطنة الآخر” و” التكفير” و” صدام الثقافات والحضارات”.الخ..

 

جمع الكتاب بين الشهادات والملاحظات الشخصية والروايات الخاصة لأحداث وقضايا عامة  من خلال  نشر وثائق نادرة و عينات معبرة عن محطات سياسية محلية واقليمية ودولية واكب جانبا منها منذ بدء مغامراته في عالم النفاذ إلى ” كواليس السياسة والصحافة ” و مجالس ” صناع القرار” في تونس ثم في العالم .   

 

من ” الرأي” التونسية إلى هيكل

 

في نفس الوقت تضمن الكتاب روايات وقصصا ” طريفة “،  بعضها يدفعك للابتسام والضحك رغما عنك ، منها ما سجل بمحضر رؤساء وزعماء كبار مثل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ووزير الخارحية العراقي سابقا طارق عزيز والعقيد الليبي معمر القذافي والعاهل المغربي الحسن الثاني..فضلا عن المغامرات مع بعض كبار الصحفيين العرب والأجانب ..لكن الأهم كان تقديم محمد كريشان شهادات ثرية ومتنوعة عن خلاف قديم جديد عاشه مع قطاع من الإعلاميين والمثقفين والسياسيين التونسيين والعرب من جيل جريدة ” الرأي ” التونسية المستقلة في العشرية الأخيرة من حكم الحبيب بورقيبة إلى ما بعد ” الثورات العربية ” لعام 2011 ..

 

قدم كريشان بالمناسبة الخلاف الذي برز بين تيارين من الزعماء السياسيين في تونس أواخر عهد بورقيبة :

 

– الأول بزعامة الوزير السابق و”أب الديمقراطية والتعددية ” أحمد المستيري وقد أسس حزب ” الديمقراطيين الاشتراكيين” المعارض ، بدعم من سياسيين خرجوا من رحم الحزب الحاكم ونشطاء ليبيراليين ووطنيين ويساريين معتدلين أسسوا عدة صحف معارضة بينها ” المستقبل ” و” الديمقراطية ” ‘ بالفرنسية )..وساهموا في تأسيس صحف وأحزاب معارضة أخرى رفعت شعار” التغيير الشامل للنظام ” .

 

 

– أما التيار الثاني فقد تزعمه وزراء وسياسيون ونشطاء ، من مدارس مختلفة ، عارضوا حكم بورقيبة في عقد السبعينات ثم تبنوا خيار” الاصلاح من الداخل ” . تزعم هذا التيار وزراء سابقون ليبيراليون مثل حسيب بن عمار والباجي قائد السبسي والصادق بن جمعة ..وقد أسسوا منذ 1977 صحيفة ” الرأي” التي كانت الأكثر شعبية وتأثيرا داخل النخب الحاكمة والمعارضة والمستقلين حتى سقوط حكم بورقيبة في 1987 لأسباب عديدة من بينها انفتاحها على كل التيارات اليسارية والليبيرالية والاسلامية التي استقطبت الشباب والنقابات والجامعيين وقتها ..

 

وكان محمد كريشان  على غرار نخبة من مثقفي تونس وكبار كتابها وساستها بدأوا  مسيرتهم في هذه الصحيفة ..لذلك أطنب في التنويه بدورها وبرصيدها وانتقد بحدة حظرها منذ وصول زين العابدين بن علي إلى الحكم .    

 

نفس الإشكالية تناولها كريشان بأسلوب ” الراوي” وبعمق أكبر في الفصل السادس من الكتاب الذي تعرض فيه ، خلال 40 صفحة كاملة ، إلى جوانب من حواراته المنشورة وغير المنشورة مع عميد الكتاب والصحفيين والسياسيين القوميين العرب والمصريين محمد حسنين هيكل . وقد نشرها تحت عنوان ” مع هيكل” نسبة للبرنامج التلفزي الذي بث سلسلة المقابلات الصحفية التي أجراها معه لفائدة قناة الجزيرة .

 الثورات العربية “؟

كشف الكتاب أن محمد كريشان لم يتحاور مع ” الأستاذ ” (يقصد محمد حسنين هيكل ) حول ” المنعرج الأمني العسكري في مصرفي يوليو تمور2013 بعد سلسلة حواراتهما عامي 2011 و 2012 حول ” التغيير” و” الثورات العربية ” و دعم بعض العواصم الخليحية والغربية ” للربيع العربي”..

لكنه قدم بأسلوب ” حذر” شهادات ومعلومات عن مواقف هيكل التي رحبت ب”الثورة التونسية” وبالانتفاضة التي أطاحت بحكم حسني مبارك في مصر بعد أسابيع من اندلاع ” ثورة 25 يوليو 2011″..

وتوقف الكاتب خاصة عند تحفظ هيكل مبكرا على ” اشعال فتيل الحرب ضد النظام السوري” وكيف انه رجح أن حكم بشار الاسد سيصمد ..كما تحفظ على ” النهاية الدرامية ” للعقيد معمر القذافي رغم انتقاداته الحادة له منذ أن كلفه الرئيس جمال عبد الناصر بزيارته في طرابلس بعد انقلاب سبتمبر 1969 مباشرة ..

ولعل من أهم ما في عشرات الصفحات التي خصصت في الكتاب لاستعراض بعض مواقف حسنين هيكل وتصريحاته العلنية ، أو دردشته مع كريشان  في الكواليس،  أنها نبهت مبكرا من ” بعض المحاذير” ومن سيناريو فشل بعض ” الثورات ” بسبب الموقع الجيو استراتيجي بالنسبة لإسرائيل وعواصم دولية لعدد من الدول من بينها مصر والدول النفطية ..

” الإسلام السياسي”

في نفس السياق قدم الكتاب اضافة نوعية عندما عرض شهادات مهمة حول مواقف هيكل من حركات ” الاحتجاج الإسلامي ” العربية ، على غرار حركة النهضة  التونسية والأحزاب القريبة من جماعات ” الاخوان المسلمين ” في مصر وخارجها ..

كريشان قدم شهادات تقدير أوردها ” الأستاذ هيكل” لبعض قيادات النهضة التونسية الذين اعتبر أنهم تأثروا بساسة الغرب و بعض مفكريه وبالتيارات العقلانية في تونس وشمال افريقيا ، واعتبر أنهم ” لم يتورطوا أبدا في العمليات الإرهابية خلافا لبعض  جماعات الإخوان “..

لكنه كشف مجددا أن هيكل التقى موضوعيا مع ” التيار الواقعي ” الذي برز في عدة دول عربية ثم تونس قبل خمسين عاما بزعامة الوزير والحقوقي حسيب بن عمار.

وقد دعا أنصار هذا التيار إلى ” المشاركة ” و” الحوار والتعددية ” ورفض ” الخيارات الثورية غير الواقعية ” و” منهج القطيعة والصدام ” لأسباب عديدة من بنيها أن ” النظام الإقليمي والدولي” لا يسمح لمن يسمون بزعماء ” تيار الإسلام السياسي” ، أو الإسلام الاحتجاجي” أن يحكموا أو أن ” يتصدروا المشهد “..

وقدم كريشان بالمناسبة شهادات عن نصائح أورد حسنين هيكل أنه قدمها “لرموز ” الاعتدال ” في حركة الاخوان المصرية ، مثل عصام العريان وعبد المنعم أبو الفتوح قبل 2011 وبعدها ..تدعوهم إلى ” البقاء في الصف الثاني” وعدم تصدر المشهد السياسي الوطني وتجنب الانخراط في المعركة للفوز بمواقع على رأس مؤسسات الدولة ..

ويختتم كريشان كتابه وشهاداته بعرض موجز عن حوار أجراه في نيويورك بعد انقلاب 2013 مع باسل يوسف ” الذي تصدر الإعلاميين الذين تهجموا على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، أي الراحل محمد مرسي ، وساهموا في الاطاحة به..ثم عبروا عن ندمهم لأن ” هامش الحريات واحترام حقوق الانسان بعده تراجع بشكل لم يتوقعوه ” ثم دفعوا جميعا الثمن ..كما دفعت كامل المنطقة نحو الفوضى والاستبداد وأجهض ” الحراك الشعبي” في كل الدول العربية ، وتعزز نفوذ الحكومات البوليسية والعسكرية ..

يمكن أن تتفق مع مضمون هذا الكتاب أو أن تختلف معه ، لكنه يقدم إضافات نوعية ويفتح الباب للحوار والتفاعل ..

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ندوة دولية في تونس عن انتخابات ليبيا والتصعيد بين الجزائر والمغرب

ندوة دولية في تونس عن انتخابات ليبيا والتصعيد بين الجزائر والمغرب

دعوات “للحياد الإيجابي” و تحذير من الإنخراط في ” لعبة المحاور”

de
بقلم كمال بن يونس

أسفرت ندوة نظمت بتونس عن التحضيرات للانتخابات في ليبيا في ظل تصعيد الصراع داخلها وفي المنطقة بأن تعتمد تونس والدول المغاربية سياسة “الحياد الإيجابي” وأن لا تنخرط في ” لعبة المحاور الإقليمية والدولية ” التي تسببت في تدمير اقتصاد ليبيا ودول المنطقة وتوريطها في ” حروب بالوكالة ” تمتد من المغرب الأقصى إلى اليمن ، من الجزائر إلى سوريا والسودان ودول الخليج ..

ودعا المشاركون التونسيون والعرب والأوربيون المشاركون في هذه الندوة قيادات تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا إلى استبعاد كل سيناريوهات اشعال “حروب ومعارك هامشية جديدة ” داخل ليبيا وفي المنطقة ، وبصفة أخص بين الشقيقيتن المغرب والجزائر ..

وقد شارك في تنظيم هذه الندوة الدولية خبراء من منتدى ابن رشد للدراسات الإستراتيجية و”جمعية الديمقراطيين في العالم العربي” قدموا حضوريا أو عبر شبكة الانترنيت ورقات ومداخلات تضمنت تقييمات متباينة لمستجدات الأزمة في ليبيا وجهود التسوية السياسية بعد المؤتمر الذي نظم مؤخرا في باريس وأفرز اختلافات بين بعض العواصم المؤثرة في ليبيا وفي منطقة جنوب المتوسط بيتها باريس وموسكو وأنقرة وأبو ظبي ..
وقد ناقش المشاركون في الملتقى ورقات ومداخلات قدمها بالخصوص الخبير الأردني محمد الجراح المدير التنفيذي ل”جمعية الديمقراطيين في العالم العربي” والمنصف السليمي رئيس “المؤسسة الألمانية المغاربية للثقافة والإعلام”و مصطفى الساقزلي المدير العام “للبرنامج الليبي لإعادة الادماج والتنمية “، والإعلاميان محمد آيت ياسين وبلال التليدي من المغرب الأقصى وادريس ربوح رئيس مجلس العلافات الافريقية بمجلس التعاون الافرو اسيوي والناشط السياسي الجزائري .

وشاركت في الندوة عدة شخصيات اعتبارية تونسية في الندوة من تونس بينها السادة شكري الحيدري رئيس مؤسسة ” كفاءات تونسية ” و عادل البرينصي عضو رئاسة الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في تونس و عبد الرحمان علالة الجامعي الخبير الاقتصادي ورئيس عدة جمعيات اقتصادية وتنموية تونسية ومغاربية والبشير الجويني الديبلوماسي السابق في ليبيا وشاكر الحوكي رئيس المنظمة العربية للعلوم القانونية والسياسية وكمال بن يونس الخبير في الدراسات الدولية ومحمود غربال المراقب السابق لانتخابات 2011 و 2014 في ليبيا الذي عاد مؤخرا من زيارة عمل في طرابلس والحسين بوشيبة من الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية..

سيناريو اندلاع الحرب مجددا

وكشفت الورقات المقدمة والمداخلات حيرة في تشخيص المتغيرات في المنطقة المغاربية الأوربية واختلافات في تقييم فرص نجاح الانتخابات ومسار التسوية السياسية في ليبيا وتفاعل ” الرأي العام والمواطن العادي في ليبيا” مع المسار الانتخابي وتوصيات مؤتمرات التسوية السياسية التي تعقد منذ عامين في ألمانيا وفرنسا وتركيا وروسيا وسويسرا وفي مدن ليبية.

كما كشفت الندوة تباينا الخبراء والحقوقيين العربي في تقدير فهم نتائج المؤتمر الدولي عن ليبيا المنعقد قبل أيام في فرنسا ، بسبب ما روج عن خلافات روسية فرنسية تركية من جهة وعن خلافات بين كبار القياديين الليبيين حول مناقشته في الكواليس ل”تطبيع الحكومة الليبية القادمة مع اسرائيل”.

وأبرزت الورقات تخوفات من انفجار الوضع العسكري مجددا داخل ليبيا وعلى الحدود الجزائرية المغربية ، بسبب “التشابك والتداخل” بين الأجندات الاقليمية والدولية في المنطقة العربية الاوربية و صراعات صناع القرار السياسي الداخلي والدولي في تونس وليبيا من جهة والجزائر والمغرب من جهة ثانية .

خلافات الرباط والجزائر

واعتبر رئيس المؤسسة الألمانية المغاربية للثقافة والإعلام أن ” تصعيد التوتر بين الجزائر والمغرب ” وفتور العلاقات بين العواصم المغاربية أضعف فرص تأثير دول ” الاتحاد المغاربي” في مسار التسويات السياسية والأمنية والعسكرية للحرب في ليبيا ” ، وقد يضعف دورها في مسار إعادة البناء بعد الانتخابات القادمة وتركيز الدولة الجديدة .

وكشفت مداخلات المشاركين من الجزائر والمغرب أن “سوء التفاهم ” سيطر مجددا وأن ” الخلافات” التي انفجرت في 1975 حول مستقبل الصحراء الغربية ” مازالت تضغط بقوة على صناع القرار في البلدين وتوشك أن تتسبب في ” حرب جديدة” قد تأخذ شكل مواجهات عسكرية محدودة أو ” حرب باردة”فضلا عن مضاعفات قرارات الاغلاق للحدود البرية والجوية ووقف تصدير الغاز .

في المقابل دعت أغلب المداخلات إلى ضرورة ” استبعاد كل سيناريوهات عودة الاقتتال في ليبيا أو على الحدود الجزائرية المغربية . وسجلوا أن ” عودة الحرب” سيؤدي إلى مزيد ارهاق شعوب المنطقة وحكوماتها في مرحلة شهدت كذلك تصعيدا في علاقات الجزائر وفرنسا وبرزت فيها خلافات حادة على هامش مؤتمر باريس عن ليبيا بين روسيا وحلفائها وتركيا وحلفائها وفرنسا وبعض قيادات الحلف الأطلسي والصين ..

وأكدت عدة ورقات على العلاقة بين جهود احتواء التصعيد السياسي والعسكري الجزائري المغربي وأطراف النزاع داخل ليبيا بالمتغيرات الأمنية والسياسية في كامل منطقة الساحل والصحراء من جهة وفي سوريا و اليمن والخليج من جهة ثانية .

فشل التسوية السياسية مجددا

في المقابل اعتبر الباحث الليبي مصطفى الساقزلي والدبلوماسي التونسي السابق في طرابلس البشير الجويني والباحث المغربي بلال التليدي أن ” الشروط الدنيا اللازمة لتنظيم انتخابات تؤدي إلى تسوية شاملة في ليبيا وتحسين علاقاتها بدول المنطقة غير متوفرة”.

وتوقفت بعض الورقات عند بعض الثغرات في المنظومة السياسية والقانونية الحالية في ليبيا ، وبينها معارضة حوالي 20 من كبار الضباط العسكريين للمسار الانتخابي الحالي وتلويح عدد من أنصار اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقلية صالح و قيادات من غرب ليبيا بتعطيل ” العملية الانتخابية ” أو بعدم الاعتراف بالنتائج .

وسجل الباحث والدبلوماسي البشير الجويني أن ” من بين المعضلات التي تزيد تأزيم المناخ السياسي والانتخابي أن المادة 25 من القانون الانتخابي تسمح لمفوضية الانتخابات “بحجب النتائج” ، فضلا عن تنصيص المادة 18 على أن التصويت سيجري على الأفراد وليس على القائمات بما يعني ” تزايد مخاطر التشرذم والصدام وتشتيت المشهد السياسي المتأزم منذ مدة طويلة”.

لذلك أكد الحقوقي رئيس المنظمة العربية للعلوم القانونية والسياسية شاكر الحوكي و المدير التنفيذي ل”جمعية الديمقراطيين في العالم العربي محمد الجراح ” والحقوقي الليبي مصطفى الساقزلي على ضرورة ” اعطاء الأولوية لتنقية المناخ السياسي” في ليبيا وكل الدول المغاربية و العربية ، كما طالبوا باعتماد سياسات استراتيجية “لنشر الثقافة الديمقراطية وقيم التعددية والرؤيا الكونية لحقوق الإنسان ” بهدف ضمان نجاح مسارات التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية والانتخابية ..

تغيير العقليات والثقافة

وأورد الخبير والحقوقي الاردني محمد الجراح وعدد من المتدخلين أن المنطقة تشهد منذ مدة طولية ظاهرتي انهيار الدولة المركزية ، مثلما حصل في ليييا واليمن وسوريا ، مقابل انهيار حكومات والمنظومات السياسية الحاكمة في دول عربية أخرى مثلما حصل في تونس خلال العشرية الماضية .

لذلك حذر الخبيران الليبي مصطفى الساقزلي والمغربي بلال التليدي والدبلوماسي التونسي من سيناريو فشل تنظيم الانتخابات الليبية في موعدها المقرر ، أي 24 ديسمبر القادم ، أو من ” خيبة الأمل ” التي قد تسود كل الاطراف بسبب ضعف المشاركة فيها أو عدم موافقتهم على نتائجها .

وتوقع البعض أن تندلع بعد الانتخابات الليبية مواجهات مسلحة جديدة بين أنصار اللواء خليفة حفتر و رموز الحكم في عهد معمر القذافي شرقي ليبيا وخصومهم الذين يسيطرون على وسط البلاد وغربا وفي العاصمة طرابلس .

ومن بين ما يزيد الأوضاع خطورة أن قوى دولية واقليمية تقف وراء المعسكرين المتحاربين من بينها تركيا وروسيا وفرنسا وأمريكا وايطاليا وبريطانيا ومصر والامارات والسعودية وقطر ..

مصير تونس وليبيا

كيف ستنعكس كل هذه المتغيرات على تونس التي اتهمها مشاركون من المغرب الأقصى ب” الانحياز إلى الموقف الرسمي الجزائري” ضد المغرب الأقصى عند التصويت في مجلس الأمن مع روسيا ضد المشروع الأمريكي الدولي ؟

بل ذهب الخبراء المغاربة إلى حد اتهام ” الموقف التونسي الجديد” بالمساس ب” الحقوق الوطنية المغربية “وبحقه في “توحيد كل أقاليمه بما فيها الاقليم الصحراوي منذ تحريره من الاحتلال الاسباني في 1975″؟

وكيف ستتعامل تونس مع الفرقاء في ليبيا في صورة نجاح مسار التسوية السياسية والانتخابات أو عودة الاقتتال والنزاعات المسلحة المدعومة من قبل تركيا وقطر من جهة وروسيا وفرنسا والامارات وفرنسا من جهة أخرى ؟

كل المداخلات أجمعت على كون ” التوازنات ” القادمة سوف تكون لها أبعاد اقليمية ودولية بما في ذلك في علاقة بالتنافس الفرنسي الأطلسي الاسرائيلي التركي السوري على غاز شرق البحر الابيض المتوسط وعلى مشاريع إعادة البناء العملاقة القادمة في ليبيا..بما يزيد من تعميق تنافض مصالح كبار الفاعلين الاجانب في ليبيا والدول المغاربية والعربية والافريقية ..

لكن دراسة معمقة قدما الدبلوماسي السابق البشير الجويني كشفت أن نسب النمو الاقتصادي والتجاري والمالي في تونس سوف تتضاعف في صورة نجاج الانتخابات مسار التسوية السياسية في ليبيا .

في نفس السياق أوصى الخبير الألماني المغاربي المصنف السليمي تونس الدولة والمجتمع المدني ومراكز الدراسات الى المساهمة في احتواء التوترات الامنية والسياسية بين المغرب والجزائر من جهة وداخل ليبيا من جهة ثانية ، مع ” التزام قدر كبير من الحياد مهما كانت نتيجة الانتخابات الليبية” في الصراعات الجديدة بين ساسة شرق ليبيا وغربها وحلفائهم الإقليميين والدوليين .

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on الإمارات تعلن عن هدف زيارة وزير خارجيتها إلى دمشق ولقائه بالأسد

الإمارات تعلن عن هدف زيارة وزير خارجيتها إلى دمشق ولقائه بالأسد

علق أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات على زيارة وزير خارجية بلاده عبد الله بن زايد إلى دمشق، مشيرا إلى أن “الإمارات تواصل بناء الجسور ووصل ما انقطع”.

ولفت قرقاش في تغريدة على حسابه في “تويتر” إلى أن هدف بلاده من مواصلة “بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُطع”، يتمثل في الحرص “على البعد العربي وتجنيب المنطقة المزيد من الاحتقان والصراعات المستمرة”.

وكان وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد قد وصل يوم الثلاثاء إلى دمشق في زيارة هي الأولى منذ أكثر من عشر سنوات.

واستقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وبحث الجانبان “العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك”، فيما نقلت الرئاسة السورية عن الوزير الإماراتي استعداد أبوظبي لدعم جهود الاستقرار في سوريا.

وجهات نظر 0 comments on ” تدويل”أزمات تونس والبلدان العربية: حروب ب”الوكالة”.. وارباك للسلطات والمعارضة والمجتمع المدني .. بقلم كمال بن يونس

” تدويل”أزمات تونس والبلدان العربية: حروب ب”الوكالة”.. وارباك للسلطات والمعارضة والمجتمع المدني .. بقلم كمال بن يونس

بعد 32عاما عن انهيار جدار برلين و” المعسكر الاشتراكي” في نوفمبر 1989 ، ورغم مرور 26 عاما عن مؤتمر برشلونة الأورو متوسطي ، لم تتطور أوضاع العالم نحو”السلام والديمقراطية والتنمية الشاملة ” مثلما توقع كثيرون .

بل حصل العكس فوقع تفجير حروب ونزاعات جديدة بالجملة ، خاصة في المنطقة العربية الإسلامية ، بينها “حروب بالوكالة” داخلية وإقليمية أربكت السلطات والمعارضات والمجتمع المدني وتسببت في اندلاع “حروب أهلية باردة” وأخرى مسلحة ودامية ..

في هذا السياق العام ارتفعت نسب الفقر والبطالة والجريمة وتعقدت الأزمات ” الداخلية” الاجتماعية الاقتصادية والسياسية الأمنية في تونس والدول العربية رغم مرور 11 عاما عن انفجار” الثورات الشبابية والاجتماعية”..

وكانت الحصيلة ” تدويل” هذه الأزمات وتضاعف التدخل الأجنبي ..بما في ذلك في بلد مثل تونس ليس لديه نفط أو ثروات تبرر مثل هذا ” تدويل ” أزماته الداخلية..

فهل يمكن الحديث مجددا عن” استقلالية القرار” وعن ” السيادة الوطنية “رغم ارتفاع قيمة التداين الخارجي وتزايد حجم التبعية الاقتصادية والعسكرية والأمنية لدول أوربا و للحلف الأطلسي من جهة و للصين ” الدول الصاعدة ” مثل روسيا وتركيا وايران من جهة ثانية ؟

++ من الناحية المبدئية يحق لكل دولة أن تتخذ ما تراه صالحا من قرارات “سيادية” إذا احترمت ” القيم الكونية ” لحقوق الإنسان والديمقراطية ..

لكنها تحتاج إلى أن تكون جبهتها الداخلية “موحدة وقوية” وان يكون شعبها مستعدا لتقديم تضحيات تذكر بتجارب ماليزيا وبلدان أقصى شرق آسيا ، أو بتجربتي اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية ..بالرغم من حصول كل منهما على دعم بعشرات المليارات من الدولارات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ضمن ما عرف ب” مخطط مارشال” ..حتى لا يسقطا في ” المعسكر الشيوعي”..

++ ولاعتبارات موضوعية يمكن اليوم تشجيع خيار التمرد على “الاستعمار الجديد” والعمل على بناء تحالفات مع “دول الجنوب” و” الدول الصاعدة ” عبر تطوير الاستثمارات المشتركة والمبادلات التجارية والشراكة العسكرية معها ..

لكن إلى أي حد سوف تسمح الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات والعواصم الغربية بمثل هذه ” الشراكات”التي قد تضر بمصالحها عاجلا وآجلا وقد تستفيد منها دول”مغضوب عليها ” مثل الصين وروسيا وتركيا وايران وبقية ” الدول الصاعدة”؟

وهل ستوافق ” اللوبيات ” و” المافيات ” المحلية التي تهرب أموالها منذ عقود إلى أوربا وأمريكا على مثل هذا ” التغيير الاستراتيجي”؟

.. الوضع معقد ويحتاج مسار ” انتقال هادئ” حتى لا تكون النتائج عكسية ..مثلما حصل منذ مدة في ليبيا والعراق وسوريا ومصر والجزائر وكوبا وأمريكا اللاتينية ..

++ هل يعني هذا أن فرص بنا ء” اقتصاد وطني حقيقي” وقيام “حكومات وطنية قولا وفعلا ” منعدمة ؟

قطعا لا ..

لكن لا بد أن تتوفر شروط عديدة ..

ما هي ؟

يمكن اختزالها في ثلاثة :

– أولا : دعم الجبهة الوطنية الداخلية والخروج من ” مستنقع ” المعارك الهامشية ذات الصبغة الايديولوجية و”الطبقية” والدينية والمذهبية والطائفية والعرقية والحزبية.. وكل ” النزاعات ” التي تورطت فيها منذ ثلاثين عاما قيادات سياسية ودينية في تونس وفي كامل العالم العربي الإسلامي من الخليج إلى المحيط ومن أفغانستان إلى نيجيريا مرورا ب” بلدان الثورات العربية”..

– ثانيا : إعلان كل الأطراف في الحكم والمعارضة والمجتمع المدني نقدها الذاتي ..والاعتراف بتورط عدد من قياداتها و أنصارها في غلطات فادحة من بينها الانخراط في ” الحروب الباردة ” و” الحروب بالوكالة ” التي دفعت نحوها شعوبها ودولها .

وكانت الحصيلة ” صراعا بالوكالة” بين الأطراف المتهمة بالانحياز إلى” للمحور الأمريكي – الأطلسي و”دول الموالاة” ( أو ” للحكومات العميلة”؟؟) ، أو”لمحور”دول الممانعة” أو” الدول الثورية ” أي إلى موسكو وبيكين دوليا وطهران وبغداد ودمشق وبيروت وغزة إقليميا ..

– ثالثا : إعطاء أولوية مجددا إلى العمل والإنتاج والاستثمار وخلق الثروة والتشغيل مع إعلان”هدنة اجتماعية سياسية أمنية ” تدوم ما لايقل عن 3 أعوام ، تتوقف خلالها الإضرابات والاضطرابات وكل المعارك الإعلامية وأعمال العنف والحروب ” الباردة ” و” الساخنة “..إذ لا مجال لتكريس السيادة الوطنية ووقف ” التدخل الأجنبي”و”التدويل” بالنسبة لدول تكون شعوبها جائعة ومنهكة ب” الاقتتال الداخلي “.. ويعتمد اقتصادها بنسبة تفوق ال70 بالمائة على معاملاتها مع ” الدول الغنية ” توريدا وتصديرا وسياحة وفي مجالات التداين والهجرة وتوفير حاجياتها من الأسلحة و خدمات الأقمار الصناعية لأغراض مدنية أو أمنية وعسكرية ..

التدارك ممكن ..

لكن لابد من إعادة قراءة كتاب ” كليلة ودمنة” وإيقاف كل “حروب الاستنزاف ” الداخلية والإقليمية مع الاحتكام للقانون والدستور وللمؤسسة القضائية في صورة بروز خلافات وأزمات.. والابتعاد عن كل أنواع الارتجال ..