وجهات نظر 0 comments on لوموند: ما الذي نخشاه من تنظيم الدولة عام 2019؟

لوموند: ما الذي نخشاه من تنظيم الدولة عام 2019؟

يتساءل جان بيير فيليو في مقال بمدونته بصحيفة لوموند الفرنسية: ما الذي يجب أن نخشاه من تنظيم الدولة عام 2019؟ ويقول إن التنظيم لا يزال يحظى بتأييد عشرات الآلاف في كل من سوريا والعراق.

ويقول الكاتب -وهو مؤرخ ومدون مهتم بالشؤون العربية- إن المئات من هؤلاء المؤيدين لتنظيم الدولة من الجهاديين الفرنسيين.

ويشير إلى أنه سبق أن نشر في مدونته بالصحيفة مقالا بعنوان ما يجب أن نخشاه من تنظيم الدولة في عام 2017، وذلك بعد الهجوم على سوق الكريسماس في برلين في ديسمبر/كانون الأول 2016، قبل سنتين من الهجوم على سوق الكريسماس في ستراسبورغ، ليعيد نفس التجربة اليوم.
وقد نجح تنظيم الدولة -يقول الكاتب- في التأقلم وتجاوز صدمة سقوط “العواصم” الموصل في العراق والرقة في سوريا عام 2017، خاصة أن التنظيم الذي يقوده أبو بكر البغدادي (رغم الإعلان مرارا وتكرارا عن مقتله) يمكن أن يعتمد على ما بين عشرين وثلاثين ألف مقاتل بين سوريا والعراق.

التحالف ربح نصرا كاذبا والتنظيم تحول للسرية ليقود حرب عصابات بمنطقة واسعة تشمل العراق وسوريا (أسوشيتد برس)
مجندون متطوعون
ويضيف أن عدد الوافدين الأجانب (المتطوعين) إلى التنظيم انخفض بشكل كبير، ولكنه ما يزال مستقرا عند مستوى 150 في الشهر، مشيرا إلى أن حوالي 250 أو ثلاثمئة من الفرنسيين ما زالوا مع التنظيم في الشرق الأوسط.

ويرى الكاتب أن معركة استرداد معقل الجهاديين في حجين بسوريا بين الضفة الشرقية لنهر الفرات والحدود العراقية استمرت ثلاثة أشهر طويلة، قُتل فيها ما لا يقل عن تسعمئة من تنظيم الدولة مقابل قرابة خمسمئة من قوات سوريا الديمقراطية، رغم أنها كانت مدعومة بالطيران والقوات الخاصة الأميركية.

وقد اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب -يقول الكاتب- من سقوط حجين الأخير ذريعة ليعلن “النصر” على تنظيم الدولة، ويقرر سحب الألفي جندي أميركي من سوريا تاركا مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية التي ترتبط قيادتها العسكرية عضويا بحزب العمال الكردستاني (بي كي كي) عرضة لرد فعل عنيف من جانب التنظيم، ومعطيا تركيا تفويضا مطلقا لإطلاق هجوم كبير في سوريا ضد حزب العمال الكردستاني، وبالتالي ضد قوات سوريا الديمقراطية وقتما شاءت.
ويضيف الكاتب: ولكن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم يربح سوى “نصر كاذب” إذ خسر التنظيم الجهادي فعلا معظم قواعده على الأرض، ولكن ذلك أعطاه أفضلية الدخول في السرية ليقود حرب عصابات في منطقة واسعة تشمل العراق وسوريا.

تنظيم الدولة يخطط لمرحلة قادمة من استعادة المبادرة الإرهابية خارج الشرق الأوسط (رويترز)
أطفال انتحاريون
أما فرنسا -التي وجدت نفسها أمام الأمر الواقع بانسحاب إدارة ترامب- تواصل صيد الجهاديين الخطرين في سوريا مثل الأخوين جان ميشيل وفابيان كلين اللذين كانا يخططان لإرسال أطفال انتحاريين إلى أوروبا، بحسب الكاتب.

وقد استثمرت باريس بكثافة في شراكتها مع قوات سوريا الديمقراطية -يقول الكاتب- حيث عهدت لها بمسؤولية الاحتفاظ بعشرات الجهاديين الفرنسيين في سوريا، بمن فيهم جهاديون أشداء من تنظيم الدولة. غير أن ضعف قوات سوريا الديمقراطية الناتج حتما عن الانسحاب الأميركي سيفتح المجال لتحرر أو هروب كل هؤلاء الجهاديين الفرنسيين.
دروس من ستراسبورغ
يقول الكاتب إن تنظيم الدولة أعلن أن أحد مقاتليه (الشريف شيخات) هو مرتكب هجمات 11 ديسمبر/كانون الأول على سوق ستراسبورغ، حيث قتل خمسة أشخاص، وهذا الإعلان وصفته السلطات الفرنسية بأنه “انتهازي” إلا أنه وجد بعض المصداقية منذ اكتشاف شريط فيديو سجله شيخات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ليثبت ولاءه للتنظيم.
ويوضح أن التنظيم الجهادي لم يتخل قط عن “حملته الأوروبية” حتى لو كان ذلك من خلال تشجيع أعمال فردية، وقد ذكرت ألمانيا في يوليو/تموز الماضي وهولندا في سبتمبر/أيلول أنهما أحبطتا هجمات واسعة النطاق تتعلق بالتنظيم.
وقد يكون الجهاديون خططوا لمرحلة قادمة من استعادة المبادرة الإرهابية خارج الشرق الأوسط، كما يرجح الكاتب الذي يرى أنهم يحضرون منذ الآن مجموعة من الخيارات ليضربوا عندما تكون الفرصة مواتية، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية تم إثباتها في ثلاث قارات في شهر رمضان الماضي.
ويشير الكاتب إلى أن التنظيم يدرك أن قوته لا تكمن في قدراته الخاصة بقدر ما تكمن في التناقضات التي تفرق بين القوى المناهضة له، موضحا أن انسحاب ترامب المفاجئ من سوريا دون أي تشاور مع حلفائه المحليين والدوليين سيكون نعمة حقيقية لتنظيم البغدادي.
فقبل سنتين كاملتين، يقول المدون “كتبت أن أميركا يمكن أن تنعم بوهم عزلتها الرائعة، غير أن أوروبا لا يتوفر لها هذا الترف”.

ويختم الكاتب بأن هذه هي الملاحظة التي أثبتت صحتها في أعقاب تفجير سوق عيد الميلاد في برلين عام 2016، وبعد ستراسبورغ 2018، مؤكدا أن تعليق واشنطن الرسمي لعملياتها بسوريا سيزيد الأمر سوءا، لأن قدرة تنظيم الدولة على النجاة من جميع “الانتصارات” التي أعلنها أعداؤه المختلفون مثلت وستمثل حجته الرئيسية في تجنيد الأنصار.
المصدر : الجزيرة,لوموند

وجهات نظر 0 comments on لماذا لا يمكن الدفع بترامب خارج الصورة ؟ ….بقلم أمير طاهري

لماذا لا يمكن الدفع بترامب خارج الصورة ؟ ….بقلم أمير طاهري

في وقت تستعد فيه النخبة السياسية الأميركية لعطلة أعياد الميلاد، ثمة أحاديث تدور في دوائر واشنطن حول أن عام 2019 سوف يبدأ بمحاولات جديدة لتحجيم رئاسة ترمب أو، على الأقل، حال الإخفاق في ذلك، الحيلولة دون إعادة انتخابه عام 2020.
وقد يرى عاشقو نظرية المؤامرة أن الأمر برمَّته لا يعدو كونه فخاً أعده معسكر ترمب من أجل إبقاء خصوم الرئيس مقيدين باستراتيجية محكوم عليها بالفشل، ذلك أنه من خلال تكريس الجزء الأكبر من طاقاتهم لمهاجمة ترمب شخصياً والأمل في أن يفتح التحقيق الذي يجريه مولر الطريق أمام سحب الثقة من الرئيس داخل الكونغرس، فإن خصوم الرئيس بذلك، وعلى رأسهم قيادة الحزب الديمقراطي، أغلقوا الجدل الدائر حول قضايا محورية ترتبط بالاقتصاد والسياسات الاجتماعية والخارجية تهم جمهوراً أوسع. إن اختزال المشهد السياسي برمته في رفع شعار «عليكم بترمب!» يحوِّل هذا المعسكر المناهض للرئيس إلى أداة قد تسعد الجمهور العام لبعض الوقت، لكن من غير المحتمل أن تحقق نتائج جادة.
رغم العناوين الرئيسية اليومية المثيرة المرتبطة بمسرحية مولر، ثمة احتمال ضئيل أن تنجح استراتيجية السعي لسحب الثقة من الرئيس. وحتى إذا نجح المعسكر المؤيد لهذا الأمر في تفعيل عملية التصويت من أجل سحب الثقة من ترمب، يبقى من غير المحتمل أن تتمخض العملية بالفعل عن الإطاحة به من منصبه.
في الواقع، من بين 45 رئيساً للولايات المتحدة، واجه رئيسان فقط (أندرو جاكسون وبيل كلينتون) إجراءات سحب الثقة رسمياً، ولم تجر الإطاحة بأي منهما من منصبه. واقترب اثنان آخران (ريتشارد نيكسون وجون تيلر) من الخضوع لهذه الإجراءات، لكنهما نجحا في الفرار منها، وذلك بتقدُّم نيكسون باستقالته، وقرار تيلر بعدم خوض الانتخابات من أجل فترة ثانية.
وفي ظل عدم احتمال نجاح مسار سحب الثقة، قد يتطلع خصوم ترمب نحو سبل أخرى لإنهاء فترة رئاسته في البيت الأبيض. ومن بين هذه السبل ممارسة قدر هائل من الضغوط النفسية حتى يقرر أن يستعيد هدوءه واستقراره النفسي عبر الاستقالة. ومع هذا، لم تكن الاستقالة قط ملمحاً من ملامح المشهد الرئاسي الأميركي. وفي كل الأحوال، يبدو ترمب آخر رجل على وجه الأرض يمكن أن يختار بكامل إرادته مذلَّة أن يسجل اسمه في التاريخ كشخص منسحب وانهزامي.
ويتمثل السبيل الثالث للتخلص من ترمب في محاولة إقناع الحزب الجمهوري بعدم ترشيحه لفترة ثانية. للوهلة الأولى قد يبدو هذا خياراً جيداً، خصوصاً أن الهيكل الأساسي داخل الحزب الجمهوري لم يستسغ ترمب تماماً قط. في الواقع، وصف ترمب بأنه رئيس جمهوري قد يكون وصفاً خيالياً أكثر من كونه توصيفاً لواقع. وخلال انتخابات التجديد النصفي التي عُقِدت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصر بعض أعضاء الكونغرس من الجمهوريين على بقاء ترمب بعيداً عن حملاتهم الانتخابية. وربما ندم بعض من خسروا مقاعدهم لاحقاً على هذا القرار لأن ترمب أثبت أنه مسيطر على قاعدة مؤيديه فيما وراء الحزب الجمهوري.
وثمة قطاع مناهض لترمب في الإعلام الأميركي يسعى بدأب نحو التوصل إلى شخصية واحدة داخل الحزب الجمهوري قادرة على تحدي الرئيس الحالي خلال سباق الترشح المقبل. ومع هذا، لا يبدو في الأفق أي اسم محتمل.
في كل الأحوال، هناك خمس حالات فقط أخفق خلالها الرئيس الموجود بالبيت الأبيض في الفوز بإعادة ترشيحه من جانب حزبه. ومن بين هذه الحالات أربع كانت لرؤساء ورثوا منصب الرئاسة بعد وفاة الرئيس المنتخب، ومن بينهم جون تيلر الذي أصبح رئيساً بعد وفاة الرئيس ويليام هنري هاريسون عام 1841. وتتمثل حالة أخرى في الرئيس ميلارد فيلمور الذي دخل البيت الأبيض بعد وفاة الرئيس زكاري تايلور.
أما الثالث في القائمة، فهو أندرو جاكسون الذي أخفق ليس فقط في الفوز بإعادة ترشيحه، وإنما أيضاً فرَّ بصعوبة من مقصلة سحب الثقة منه. والرئيس الرابع هو تشستر آرثر الذي تولى الرئاسة في أعقاب اغتيال الرئيس جيمس غارفيلد. وقد فشل رئيس واحد خاض فترة رئاسة أولى في الفوز بإعادة ترشيح حزبه له، وهو فرانكلين بيرس، الذي جاء أفول نجمه في ظل ظروف استثنائية ظهرت جراء الانقسامات حول قضية العبودية مع اقتراب البلاد من حرب الانفصال.
اليوم، يخلو المشهد السياسي الأميركي من أي من هذه الظروف التي تمهِّد الطريق أمام ثورة ضد الرئيس. ويأمل بعض مناهضي ترمب في أن يقرر هو طواعية عدم الترشح لفترة ثانية بسبب سوء حالته الصحية، لكن رغم تقدمه في العمر لا يبدي ترمب أي مؤشرات على الإرهاق البدني، ناهيك بإصابته بمرض خطير يؤدي إلى عجزه عن الاضطلاع بواجبات الرئاسة.
خلال فترة انتخابات التجديد النصفي، تمكن ترمب من الانتقال جواً من أحد أطراف الولايات المتحدة إلى الطرف الآخر في يوم واحد لإلقاء خطابات أمام عدة لقاءات عامة، ما يعكس تمتعه بقوة بدنية كبيرة. ولا شك في أن ترمب يستمتع كثيراً بالسلطة، ورغم الوزن الزائد الذي اكتسبه جسده خلال العامين الماضيين، فإنه لا يزال يرى نفسه شخصاً قادراً على المنافسات الطويلة.
في الواقع، فإن الخطأ الذي وقع فيه خصوم ترمب منذ البداية ولا يزال بعضهم يقترفه حتى اليوم يكمن في التقليل من قدر ترمب وشعبيته في صفوف قطاعات عريضة من المجتمع. ومع هذا، نجح ترمب من ناحيته في التشكيك بالأجندة السياسية للنخبة الأميركية، من خلال تشكيكه فيما يُطلق عليه «إجماع واشنطن» الذي أدى إلى العولمة بكل ما تحمله من إيجابيات وسلبيات.
عبر أسلوبه غير التقليدي، نجح ترمب في إعادة بعض القضايا المهمة إلى الأجندة العامة، منها اتساع الفجوة في الدخول على مستوى الولايات المتحدة، والتداعيات غير المقصودة وغير المتوقعة لتعهيد الوظائف، وحالة غياب التوازن الناشئة عن توقيع اتفاقات تجارية مع دول تتبع قوانين عمل ومعايير سلامة وبيئية مختلفة. وعلى صعيد السياسة الخارجية، نجح ترمب في تمرير رسالة مهمة: لا تتعاملوا مع المهام الجسام التي تحملها أميركا على عاتقها باعتبارها أمراً مسلماً به!
الأهم عن ذلك أن ترمب نجح في إقناع ملايين الأميركيين المبعدين عن الحقل السياسي، أو الذين قرروا هم إقصاء أنفسهم عنه، بإنهاء عزلتهم والمطالبة بالمشاركة في صنع القرار. وبالتالي آن الأوان كي يتخلى المعسكر المناهض له عن وهم الإطاحة به.
صحيفة الشرق الأوسط
وجهات نظر 0 comments on استمرار الوجود الأمريكي في سوريا.. ذريعة لزعزعة أمن المنطقة

استمرار الوجود الأمريكي في سوريا.. ذريعة لزعزعة أمن المنطقة

أعلنت الحكومة الأمريكية مؤخراً بأن قواتها ستبقى في سوريا حتى يتم التوصل إلى حل كامل للأزمة في سوريا، معربة بأن المهمة الجديدة التي ستتولاها قواتها العسكرية تتمثل في مواجهة النفوذ المتنامي لإيران في هذا البلد والغريب في الأمر هنا، أن هذا الإعلان جاء بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في شهر مارس الماضي بأن القوات الأمريكية ستعود إلى بلادها عندما ينتهي القتال ضد تنظيم “داعشالإرهابي، ووفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”، فلقد تم خلال الأسابيع القليلة الماضية طرد فلول هذا التنظيم الإرهابي من كل الأراضي التي كانت قابعة تحت سيطرته، إلا أن القوات الأمريكية لا تزال قابعة في الكثير من الأراضي السورية.

لقد أثبتت التجارب السابقة بأن الإعلان الذي أطلقه الرئيس “ترامب” والمتمثل بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا عقب القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، ما هو إلا ذريعة لكسب المزيد من الوقت، وأن القوات الأمريكية، مثلها مثل قوات الكيان الصهيوني، لن تتراجع عن مواقعها إلا باستخدام القوة ضدها، إن التناقض الأمريكي حول هذا الملف ليس جديداً، فعقب إعلان الرئيس “دونالد ترامب” قبل عدة أشهر عن قرب خروج قواته من سوريا، أرسل البنتاغون عشرات الجنود إلى شمال سوريا، كما بدأت واشنطن بناء قاعدتين عسكريتين بمحيط مدينة “منبج” التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، يذكر أن الرئيس “ترامب” قال قبل عدة أيام: إن واشنطن لن تسمح لإيران بالاستفادة من الانتصارات التي حققتها على تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا، مشدداً على أهمية تصعيد الضغوط عليها سواء في سوريا أم في مناطق أخرى.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” اليوم: “أن القوات الأمريكية لديها سيطرة إقليمية على حوالي ثلث سوريا، ولربما ستبقى مسيطرة على تلك المناطق لفترة غير محددة من الزمن” ولفتت تلك الصحيفة أيضاً إلى أن مدينة الرقة المدمرة والموحشة أصبحت عاصمة لمن تبقّى من أفراد تنظيم “داعش” الإرهابي ومكاناً آمناً لجذب المقاتلين الأجانب القادمين من جميع أنحاء العالم ولهذا فإن هذه المدينة تعتبر الذريعة الأمريكية الجديدة لاستمرار البقاء في سوريا، يذكر أن البيت الأبيض قام بإرسال الآلاف من الجنود الأمريكيين إلى سوريا للمرة الأولى قبل ثلاث سنوات لمساعدة الأكراد السوريين في قتال تنظيم “داعش” الإرهابي ولقد ركّزت الاستراتيجية العسكرية الأمريكية حتى مع الزيادات المتواصلة في أعداد جنودها من القوات الخاصة والمدربين والمستشارين على تقديم الدعم اللوجستي للقوات الحليفة سواء الكردية أم قوات المعارضة المسلحة بإمدادات عسكرية أم معلومات استخباراتية وقصف مدفعي أم إسناد جوي من طائرات التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعتها القوات الأمريكية في معارك استعادة المدن في العراق.

وأشارت هذه الصحيفة إلى أن هذا القرار سيسمح للقوات الأمريكية بالاستمرار في السيطرة على منطقة تغطي حوالي ثلث سوريا لفترة غير محددة من الزمن وهنا تجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” لم تعلن عن عدد القوات الأمريكية التي سوف تستقر في سوريا، وعلى الرغم من أنه تم الإعلان رسمياً قبل فترة سابقة بأن عدد القوات الأمريكية هو خمسمئة وثلاثة أشخاص، إلا أن مسؤولاً أمريكياً رفيع المستوى أعلن قبل عدة أشهر بأن العدد الفعلي لهذه القوات قد يصل إلى أربعة آلاف فرد وأفادت هذه الصحيفة أيضاً، بأن معظم أفراد القوات الأمريكية هم من أفراد القوات الخاصة الذين يعملون بشكل سري داخل الأراضي السورية ولفتت تلك الصحيفة إلى أنه في بعض الأحيان، تُرى السيارات المتنقلة والقوافل العسكرية لهذه القوات الأمريكية تمرّ من الطرق الصحراوية لكن في المدن الصغيرة والكبيرة يكون من النادر مشاهدة هذه القوات الأمريكية.

الملفت للنظر هنا، هو الجهود التي تبذلها صحيفة “واشنطن بوست” لتبرير احتلال القوات الأمريكية لبعض المناطق في سوريا، حيث أشارت هذه الصحيفة إلى وجود علامات على تجدد تنامي قوة تنظيم “داعش” الإرهابي وزيادة الاستياء بين المجتمعات والأقليات السورية وإلى احتمالية وقوع تظاهرات واحتجاجات في بعض المناطق السورية، وقالت هذه الصحيفة أيضاً بأن أحد الأفراد يدعى “إلهام أحمد” – يزعم أنه أحد كبار المسؤولين الحكوميين- صرّح قائلاً:” “إن وجود القوات الأمريكية في سوريا، يمنع وقوع حرب جديدة في الكثير من المناطق السورية، ولهذا فإنه من الضروري بقاء القوات الأمريكية في سوريا وإذا ما غادرت هذه القوات من سوريا، فلن يكون هناك حلّ للأزمة السورية وأنه من المؤكد أن تظهر كارثة إنسانية في هذا البلد الفقير”.

وهنا يجب طرح بعض الأسئلة: هل عرّضت أمريكا علاقاتها الدبلوماسية مع حليفها الأهم في المنطقة (تركيا) للخطر من أجل الحيلولة دون نشوب احتجاجات ومظاهرات في هذه المناطق السورية؟ وهل الحكومة السورية ليست قادرة على إدارة هذه التوترات؟ تقول حكومة أمريكا بأن العامل الأهم لاستمرار بقائها في سوريا يتمثل في مواجهة نفوذ إيران المتنامي في سوريا؛ ألم يكن هذا النفوذ الإيراني هو العامل الأهم في القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق؟

في هذه الأيام، يواجه الكيان الصهيوني أزمات سياسية وأمنية كثيرة ولقد نشأت هذه الأزمات قبل حدوث المناوشات الأخيرة بين قوات المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية ولهذا فإنه من المرجح أن تقوم أمريكا بالاستعانة باحتلالها لبعض المناطق السورية لصرف الانتباه عن هذه الأزمات التي يمرّ بها الكيان الصهيوني وذلك من أجل تخفيض حدّة الضغط على “تل أبيب”.

وجهات نظر 0 comments on ما الذي أفشل اتفاق الدول الضامنة لـ”أستانة” بتشكيل “اللجنة الدستورية”؟

ما الذي أفشل اتفاق الدول الضامنة لـ”أستانة” بتشكيل “اللجنة الدستورية”؟

عاد ملف تشكيل “اللجنة الدستورية” السورية إلى الأضواء مجدداً، بعد اجتماع جمع الأمم المتحدة والدول الضامنة لـ”اتفاق أستانة” (تركيا وروسيا وإيران) في جنيف الثلاثاء (18 ديسمبر).

ومن المفترض أن تصوغ هذه اللجنة دستوراً سوريّاً جديداً يضع حداً للحرب الطاحنة التي استنفدت موارد البلد وطاقاته على مدار 7 سنوات عجاف، وسيلي هذه الخطوة إجراءُ انتخابات عامة في سوريا بإشراف الأمم المتحدة.

وتعود مبادرة تشكيل اللجنة الدستورية إلى ما أُطلق عليه مؤتمر “الحوار الوطني السوري” الذي انعقد، في 30 يناير 2018، بمدينة سوتشي الروسية، ليوافق عليها لاحقاً المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا.

ضغوط أمريكية
الاجتماع الرباعي لم ينجح في إعلان تشكيل اللجنة، التي يُفترض أن تتكون من 150 عضواً: 50 من الحكومة، و50 من المعارضة، و50 من المجتمع المدني تختارهم الأمم المتحدة.

وعلِم “الخليج أونلاين” من مصدر سياسي كردي مُطّلع على المحادثات، أن عدم الاتفاق على أسماء أعضاء اللجنة سببه ضغوط أمريكية لفرض مرشحين في اللجنة يمثلون أكراد سوريا، حيث رفض المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستافان دي مستورا، مرشحي الدول الثلاث، مبرراً ذلك بعدم وجود توازن فيها، في حين حاول فرض مرشحين يمثلون الجانب الكردي داخل اللجنة، وهو ما قوبل بالرفض.

وقال المصدر، مفضلاً عدم ذكر اسمه: إن “خلافات بين الأمم المتحدة والدول الراعية لمسار أستانة حالت دون تشكيل اللجنة الدستورية، بسبب رفض إدراج ممثلين عن الأكراد ومناطق شرقي الفرات في القائمة الثالثة (قائمة ممثلي المجتمع المدني)، التي من المفترض أن يعدها دي مستورا”.

وأشار المصدر إلى أن “الولايات المتحدة تطالب بإدراج ممثلين عن الأكراد ومناطق شرقي الفرات، لكن روسيا وتركيا وإيران لم تدرج الأسماء التي اقترحتها واشنطن، الأمر الذي جعل دي مستورا يرى أن اللجنة الدستورية غير متوازنة، بسبب عدم مشاركة ممثلي جميع الأطراف”.

فشل الاجتماع
وقبيل انطلاق أعمال الاجتماع الرباعي في جنيف، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الدول الضامنة لعملية أستانة تمكنت من الاتفاق على القوائم الـ3 للمشاركين في اللجنة الدستورية والذين سيمثلون المجتمع المدني السوري، وذلك بعد أن قدمت الحكومة والمعارضة السوريتان قائمتيهما للأمم المتحدة في وقت سابق من العام.

وقالت كل من تركيا وروسيا وإيران، في بيان مشترك عقب الاجتماع، تلاه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: “اتفقت الأطراف على اتخاذ إجراءات رامية إلى عقد الجلسة الأولى للجنة الدستورية أوائل العام المقبل في جنيف”.

المبعوث الأممي إلى سوريا استافان دي مستورا

من جهته، قال دي مستورا: “يجب اتخاذ خطوات ماراثونية لتشكيل اللجنة الدستورية، وسأبلغ مجلس الأمن سير العملية الخميس (20 ديسمبر)”.

المحلل السياسي السوري أحمد حمادة قال معلقاً على نتائج الاجتماع: “البيان الذي صدر عن الدول الثلاث يؤشر على فشل الاجتماع في تشكيل اللجنة، وترْك الأمر للعام القادم ما هو إلا عملية تعويم تعوّدناها في مثل هذه الحالات، وسيبقى الأمر رهن المساومات بين الدول التي تتصارع على الساحة السورية”.

وأشار لـ”الخليج أونلاين” إلى أن “الروس والإيرانيين يتبنَّون رؤية النظام للحل، والنظام عبارة عن دمية في يد طهران وموسكو، وما قاله المُعلم بأن الدستور شأن سيادي سوري نسفه هذا الاجتماع”.

وتابع حمادة: إن “مشكلة تعقُّد الحل السياسي في سوريا تعود إلى أن الروس والإيرانيين والنظام يريدون تشكيل لجنة تمثل رؤيتهم”، معتبراً أن “المشكلة السورية برمّتها ليست مشكلة دستور وانتخابات، ولكن المشكلة تكمن بوجود نظام قمعي لا يعرف القانون ولا الدستور”.

وتعود الأزمة السورية إلى عام 2011، حين خرج عشرات الآلاف من السوريين إلى الشوارع، يهتفون بالحرية والكرامة، على وقع ثورات الربيع العربي التي انطلقت من أرياف تونس مروراً بميادين مصر.

وواجه نظام بشار الأسد المحتجين السلميين بالقمع والقتل وإطلاق الرصاص الحي، الأمر الذي حوَّل مسار الثورة الشعبية إلى العمل المسلح، قبل أن تتحول القضية السورية إلى صراع إقليمي ودولي، تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون سوري وفق أرقام الأمم المتحدة، وتشريد أكثر من نصف السكان، وتدمير غالبية المدن السورية، وأصبحت البلاد ساحة حرب مفتوحة إقليمياً ودولياً.

وجهات نظر 0 comments on كيف شكل انسحاب ترامب من سوريا ضربة لـ”إسرائيل”؟

كيف شكل انسحاب ترامب من سوريا ضربة لـ”إسرائيل”؟

سارعت الصحافة الإسرائيلية إلى التعليق على القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا، باعتباره خبرا سيئا لإسرائيل، لعدة اعتبارات سياسية وعسكرية.

فقد ذكر رون بن يشاي، الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “القرار الأمريكي يعني تقديم هدية لروسيا وإيران في سوريا، ومفاده أن يترك حلفاء الولايات المتحدة يواجهون مصيرهم بأنفسهم، لا سيما الأكراد، والتسهيل على الإيرانيين مهمة إقامة قواعد عسكرية لهم داخل الأراضي السورية“.

وأضاف في مقال له” أن “إسرائيل تنظر لهذه الخطوة الأمريكية بكثير من السلبية؛ لأن استمرار الوجود الأمريكي يعمل على كبح جماح الوجود العسكري لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية في سوريا، وسيعدّ هذا القرار كما لو أن الولايات المتحدة لا تنظر بعين الحرص على مصالح حلفائها في الشرق الأوسط، والأمر لا يقتصر على إسرائيل والأردن فقط، وإنما كذلك على السعودية“.

وأوضح أن “الانسحاب الأمريكي من سوريا سيجعل قاسم سليماني يشعر بكثير من السعادة، ويبلغ قائده خامنئي أن عقبة كبيرة أزيلت من أمامه لبقاء قواته في سوريا من أجل أن يفتح جبهة قتالية جديدة ضد إسرائيل، مع العلم أن تنظيم الدولة الإسلامية ما زال قائما وموجودا في سوريا والعراق، ورغم ذلك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بإخراج قواته من سوريا، مع العلم أنه سعى للقيام بهذه الخطوة منذ زمن طويل، لكن وزير دفاعه ماتيس منعه من ذلك“.

وأكد أن “الانسحاب الأمريكي من سوريا سيجعل الحلفاء الأكراد يشعرون بخيانة الأمريكان، وزيادة حجم الفوضى في شرق البحر المتوسط، مع العلم أن قرار ترامب بالانسحاب من سوريا جاء لأسباب اقتصادية، دون أن يوضح ما المقصود بعبارة “إعادة انتشار قواته“.

وختم بالقول إن “خيارات واشنطن بعد انسحاب قواتها من سوريا ستتراوح بين نقل مستشاريها العسكريين من سوريا إلى الأردن، أو تكتفي بأولئك المقيمين في العراق من أجل استكمال محاربة تنظيم الدولة، وربما تذهب لخيار تفعيل قواتها الجوية من سفن الأسطول السادس المنتشر في البحر المتوسط، لكن كل ذلك ما زال محاطا بكثير من الضبابية وعدم الوضوح، المهم أنه على كل الأحوال نحن أمام أخبار غير سارة“.

صحيفة “إسرائيل اليوم” نقلت عن وزير إسرائيلي كبير، أخفى هويته، قوله إن “الانسحاب الأمريكي من سوريا هو بمنزلة تضييع فرصة تاريخية، ولذلك لا تنظر لها إسرائيل بكثير من الترحيب، رغم أنه لن يترك تغييرا سلبيا على عمليات الجيش الإسرائيلي في سوريا، أو تقليص الهجمات التي يواصل تنفيذها داخل الأراضي السورية، وهي المستمرة في هذه الأيام“.

وقالت نتاع بار، الكاتبة في الصحيفة، في مقال لها، إن “الانسحاب الأمريكي سيجعل حلفاءها مكشوفي الظهر داخل سوريا، لا سيما الأكراد، الذين سيكونون عرضة لعمليات عسكرية تركية وشيكة، وباتوا يظهرون مثل لعبة صغيرة بأيدي القوى العظمى في العالم، في حين أن الرابح الأكبر من الانسحاب الأمريكي هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان“.

المصدر: فلسطين الآن

وجهات نظر 0 comments on هكذا تحسن”إسرائيل” صورتها بشكل قوي في قارة آسيا

هكذا تحسن”إسرائيل” صورتها بشكل قوي في قارة آسيا

كشف دبلوماسي إسرائيلي بصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، أن الجهد الذي تبذله “إسرائيل”، لتحسين صورتها في قارة آسيا وتقوية علاقتها الاقتصادية، شكل انقلاباً كبيراً في الصورة المأخوذة عنها في القارة.

وقال رئيس قسم آسيا والباسيفيك بوزارة الخارجية الإسرائيلية غلعاد كوهين، إن الأسبوع الجاري شهدت “تل أبيب” انعقاد المؤتمر السنوي للعشرات من السفراء والقناصل الإسرائيليين حول العالم، وقدم المقيمون بالعواصم الآسيوية تقارير عديدة حول التحسن الذي طرأ على صورتها لدى الآسيويين.

وأضاف كوهين:”هناك مئات الملايين من الآسيويين من هانوي وجاكرتا ونيودلهي وطوكيو، مروا بتغيير جوهري وحيوي في نظرتهم لإسرائيل، وباتوا ينظرون إليها على أنها أمة صغيرة ذات قدرات خارقة في مجالات التطوير والتكنولوجيا والنمو الاقتصادي، تحتاجها هذه الدول الآسيوية، وتوفرها “إسرائيل” لها”.

 وتابع: “نسمع في كل لقاء ومحفل ومؤتمر يجمعنا مع زعماء آسيويين، من برلمانيين وأكاديميين ورجال أعمال ومستثمرين، أنهم يحاولون تعميق هذه الاتصالات مع “إسرائيل” في مجالات الاقتصاد والثقافة والأمن والسايبر والزراعة والمياه والطاقة والسياحة والعلوم والمعرفة”.

وأشار كوهين إلى أن الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الهند، وجولته المشتركة مع نظيره الهندي مودي بمركز التكنولوجيا الذي أقامته وكالة المساعدات التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، حظي بتغطية إعلامية غير مسبوقة، والكثير من الهنود باتوا على تماس مع التكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة في مجال الزراعة، لأن أكثر من 600 مليون هندي يعيشون من الزراعة، وهذا القطاع يعد حيويا جدا للاقتصاد والسياسة الهندية.

واعتبر كوهين أن هناك أهمية فائقة للتعاون المشترك الإسرائيلي الآسيوي، فالقنصلية الإسرائيلية في بومباي نجحت في جعل “إسرائيل” الدولة الأساسية الحاضرة في المهرجانات السينمائية الهندية، كما تعمل وزارة الخارجية الإسرائيلية مع باقي الوزارات الحكومية لجلب صناعة السينما الهندية المعروفة باسم “بوليوود” لتصوير أفلامها داخل إسرائيل، ما جلب على صناعة السينما الإسرائيلية عوائد لا تقدر بثمن.

وأوضح أن الآونة الأخيرة شهدت فيها اليابان عرضا فنيا لإحياء مرور 70 عاما على إنشاء “إسرائيل”، كما أن السفارة الإسرائيلية في هانوي أرسلت لإسرائيل طاقما لتصوير برنامج اجتماعي مشهور في فيتنام، ووصلت ملكة جمال فيتنام لإسرائيل لأخذ صور تذكارية على خلفية المشاهد الطبيعية المتوفرة في “إسرائيل”، وشهدت هانوي عروضا موسيقية إسرائيلية، وأدى مئات الفيتناميين رقصات عليها، ما يعني أننا أمام انقلاب حقيقي في الصورة النمطية المأخوذة عن “إسرائيل” لدى الفيتناميين، حيث قام عدد من كبار مسؤوليها بزيارة “إسرائيل”.

واعتبر كوهين أن التغير الإيجابي تجاه “إسرائيل” بنظر الآسيويين الذين لا تقيم مع بلدانهم علاقات دبلوماسية، حيث ثبت أن العلاقات السياحية ليست أقل أهمية، وربما أكثر أهمية، من العلاقات الدبلوماسية، بدليل أن عدد السياح الإندونيسيين الذين وصلوا “إسرائيل” هذا العام أكثر من أربعين ألفا، فيما ازدادت أعداد الرحلات الجوية المباشرة من آسيا إلى “إسرائيل”.

وبين كوهين عن دور زيادة الموازنة المالية التي منحتها الحكومة الإسرائيلية لوزارة الخارجية في تقوية العلاقات مع الصين، والهند، واليابان، ما مكن من استقدام عشرات الوفود من الزعماء الشباب من تلك الدول الآسيوية، ممن يعملون في مجالات الاقتصاد، والسياسة، والثقافة، والتكنولوجيا، والإعلام، وهؤلاء سيقودون بلدانهم في المستقبل، ويعني استثمارا إسرائيلياً على المدى البعيد.

وختم بالقول إن “مجال الغاز يعدّ ملائما للجهد الإسرائيلي في استجلاب استثمارات آسيوية، وفي مجال الاقتصاد تعمل “إسرائيل” على إحضار مزيد من الصفقات التجارية مع الدول الآسيوية، وزيادة الصادرات الإسرائيلية إلى القارة الآسيوية”.

المصدر: عربي 21

وجهات نظر 0 comments on الفكر المتطرف لـ”داعش”.. من أين جاء و كيف يمكن القضاء عليه؟

الفكر المتطرف لـ”داعش”.. من أين جاء و كيف يمكن القضاء عليه؟

لقد خسر تنظيم “داعش” الارهابي خلال الأشهر القليلة الماضية الكثير من المناطق التي كانت قابعة تحت سيطرته في العراق وسوريا وفقد أيضاً عدداً كبيراً من أعضائه وقاداته وبهذا فإنه يمكن القول هنا بأن هذا التنظيم الإرهابي قد انهار وولّت أيامه أدراج الرياح ووفقاً لمسؤولين أمنيين عراقيين، فقد تمكّنت مقاتلات الجو العراقية من قتل 16 من معاوني “أبو بكر البغدادي” الزعيم الروحي لهذا التنظيم الإرهابي في غارة على منطقة “السوسة” التابعة لمحافظة “دير الزور” السورية وفيما يتعلّق بمصير الإرهابي “أبو بكر البغدادي”، فلقد أفادت بعض المصادر الإخبارية بأنه من المحتمل أن يكون قد قُتل، فيما أعربت مصادر أخرى بأنه تم القبض عليه ولهذا فإنه في وقتنا الحالي يمكن القول بأن تنظيم “داعش” الإرهابي قد انهار وولت أيامه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تم التخلص من تهديد هذه الجماعة الإرهابية إلى الأبد؟.

على الرغم من انهيار تنظيم “داعش” الإرهابي والقضاء عليه فعلياً، إلا أن التهديدات الأمنية للخلايا النائمة الموالية لهذا التنظيم الإرهابي لا تزال موجودة ويبدو أن هناك عاملين رئيسيين يساعدان على استمرار هذه التهديدات: العامل الأول يتمثل في جذور هذا الفكر وهذا الاعتقاد المتطرف التي يحمله أعضاء مثل هذه الجماعات الإرهابية، والعامل الثاني يتمثل في استغلال بعض القوى العالمية لهذه الجماعات المتطرفة للتدخل في شؤون البلدان أخرى وتدميرها.

وحول هذا السياق، أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأنه في الأسبوع الماضي، قتل ثلاثة أشخاص خلال تبادل لإطلاق النار في مدينة “ستراسبورغ” الفرنسية، ولفتت تلك المصادر إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أعلن مسؤوليته عن تلك الجريمة ووفقاً لتقرير نشرته “سبوتنيك”، فلقد أكد والدا الشاب الإرهابي الذي قام بهذا الهجوم في مدينة “ستراسبورغ” الفرنسية، في أول مقابلة لهما بعد الهجوم، بأن ابنهما كانت لديه معتقدات تختلف اختلافاً كلياً مع معتقداتهما وأشارا بأن ابنهما كان يحمل أفكاراً وعقائد تتطابق مع نظريات تنظيم “داعش” الإرهابي.

الجدير بالذكر هنا، بأن هذا الهجوم الإرهابي على الأبرياء في مدينة “ستراسبورغ” الفرنسية لم يكن الهجوم الأول من قبل المتطرفين والإرهابيين ولن يكون الأخير، ولقد سمعنا في الماضي العديد من التقارير التي تنبّأت بمثل هذه الهجمات الإرهابية ومن المؤكد بأننا سوف نسمع في المستقبل العديد من التقارير المشابهة عن وقوع هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم.

إن استمرار وقوع مثل هذه الهجمات الإرهابية بطرق مماثلة من قبل أفراد يتشابهون في التفكير والعقلية، يقودنا إلى نقطة مهمة وهي أن كل هذه الهجمات العشوائية التي أودت بحياة الأبرياء، جاءت نتيجة لعقيدة متطرفة مشتركة تبيح دم الأبرياء وتكافئ المجرمين وأعمالهم الإجرامية وتوهمهم بأنهم سوف يذهبون إلى الجنة ويجلسون مع نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، إن هذه العقيدة وهذا التعليم جاء من السعودية، حيث تؤكد العديد من المصادر بأن النظام السعودي قام خلال العقود الماضية ببناء وتأسيس الكثير من المدارس الدينية التي تحمل أفكاراً متطرفة في العديد من دول أوروبا وإفريقيا وآسيا ولقد نتج عن هذه المدارس الدينية المتطرفة المئات من الجماعات التي تحمل أفكاراً إرهابية ومتطرفة مثل جماعة “بوكو حرام” وتنظيم “القاعدة” وحركة “طالبان”، وتنظيم داعش الإرهابي، وجيش الجنجويد السودانية، وفرسان الصحابة، وجيش العدل، وهلم جرّا.

ونتيجة لذلك، فإنه من غير المرجح أن يتم القضاء على جميع هذه التهديدات الإرهابية في العالم، إلا إن تمّ إصلاح هذه العقيدة الإرهابية التي نمت وترعرعت وخرجت من السعودية وانتشرت في الكثير من بلدان العالم، ولسوء الحظ، لقد عقد العالم أجمع الكثير من الآمال على ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، عندما أطلق العديد من الوعود وقال بأنه سوف يقوم بإصلاحات شاملة في السعودية وسيقوم بالقضاء على التطرف المستفحل في بلاده، إلا أن جريمة القتل التي قام بها هذا الأمير المتهور بحق الصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقي”، أثبتت للعالم أجمع بأن تلك الوعود لم تكن إلا كلمات ذهبت أدراج الرياح وأن العائلة الحاكمة في السعودية تستلهم هيمنتها وشرعيتها من العلماء الوهابيين المتطرفين، وأنه ليس هناك أي أمل لإصلاح هذا الاعتقاد المتطرف وهنا يجب القول بأن هذا الأمر لن يتحقق حتى تسيطر وتنتشر الديمقراطية في هذا البلد.

أما بالنسبة للعامل الثاني لاستمرار مثل هذا التهديدات فإنه يتمثل في استعانة بعض القوى العالمية مثل أمريكا، بهذا الاعتقاد التكفيري الراديكالي والجماعات المتطرفة للتدخل في البلدان الأخرى، إن التقارير التي نُشرت مؤخراً والتي كشفت بأن “أبو بكر البغدادي” الزعيم الروحي لتنظيم “داعش” الإرهابي قد تم تدريبه في سجن “بوكوا” الأمريكي الواقع جنوب العراق وتم الإفراج عنه لتأسيس تنظيم “داعش” الإرهابي، أو الاعترافات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” والتي عبّر فيها بأن تنظيم “داعش” الإرهابي تم إنشاؤه من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق “أوباما” أو اعترافات “كلينتون” بأن الولايات المتحدة هي من قامت بتأسيس تنظيم “القاعدة” الإرهابي لمواجهة الاتحاد السوفييتي، كلها مؤشرات واضحة على استعانة هذه القوة العالمية بالكثير من الجماعات المتطرفة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، وهنا يجب القول بأن أمريكا إذا لم تقم بإصلاح طريقتها ونهجها هذا والتخلي عن مساندتها ودعمها للجماعات الإرهابية والسعودية، فإن هذا التهديد سوف يبقى وسوف يتنامى ويتنشر في العديد من بلدان العالم.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on النداء و اليسار و النهضة :الخطوات المطلوبة لإنقاذ البلاد .. بقلم كمال بن يونس

النداء و اليسار و النهضة :الخطوات المطلوبة لإنقاذ البلاد .. بقلم كمال بن يونس

تؤكد مصادر مسؤولة من مختلف مراكز صنع القرار السياسي تعاقب المساعي والوساطات لاحتواء الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أثرت منذ مدة سلبا في علاقات كبار الرسميين في الدولة من جهة وبين قيادات النقابات والأحزاب الكبرى  من جهة ثانية .

كما أكدت نفس المصادر أن “الوساطات” شملت لقاءات داخل تونس وخارجها ، زكاها كبار صناع القرار في قرطاج والقصبة من جهة وفي المركزية النقابية ومونبليزير والبحيرة من جهة ثانية ..

ومع اقتراب موعد الاضراب العام المقرر ليوم 17جانفي و”الاحتجاجات الاجتماعية الجديدة” التي لوحت بها أطراف نقابية وسياسيةعديدة ، تتزايد تخوفات كبار المسؤولين في الدولة والمجتمع المدني من “الانفلاتات” التي قد تكون عواقبها خطيرة على البلاد وعلي كل السياسيين والنشطاء.. بل لقد صدرت تحذيرات من غرق المركب بكل من فيه عن مقربين من رئيسي الدولة والحكومة ومن زعامات النهضة والجبهة الشعبية وسياسيين من بقية التيارات .

  وفي الوقت الذي فوجئ فيه المراقبون باستضافة السفير الامريكي دانيال رونشتاين للناشط اليساري نجيب الدزيري ، زعيم “حملة السترات الحمراء “، تعاقبت مؤشرات “انخراط” مؤسسات أمريكية واوربية وعربية كثيرة في الشأن السياسي الوطني الداخلي تحت يافطات متعددة من بينها ” الأنشطة القانونية للبعثات الديبلوماسية وفروع بعض الجمعيات الأوربية والدولية ..في مجالات حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب والوقاية من الهجرة غير القانونية ..؟؟

  ورغم تحذيرات أطراف مختلفة من” التدخل الأجنبي” و” الزج بالبلاد في لعبة المحاور العربية والدولية “،  فإن الجميع يعلم أن واشنطن وباريس وبرلين وروما واستبنول وعواصم عربية بينها الدوحة والرياض وابو ضبي أصبحت طرفا علنيا في صياغة المشهد السياسي القادم ..وفي رسم خارطة طريق ما قبل انتخابات خريف 2019 وما بعدها ..

 في هذا السياق العام هل يمكن للنشطاء الوطنيين داخل الاتحاد العام التونسي للشغل والتيارات الدستورية والتجمعية واليسارية والإسلامية والقومية أن تنقذ الموقف وأن تتدخل لمنع جر البلاد نحو “الانهيار الشامل” و” الدولة الفاشلة ” Failed Stateالذي دفعت نحوه من قبل دول شقيقة مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال …الخ ؟

و هل يمكن لكبار السياسيين حسم الخلافات عبر الحوار وجهود الحكماء في قيادات الأحزاب والمجتمع المدني مثلما وقع في أزمات 2013 التي كانت أخطر بكثير وأمكن احتواؤها فتجنبت البلاد سيناريوهات الفوضى والمنعرج الأمني العسكري؟

 الفرضية قائمة إذا توفرت الارادة القوية في قرطاج والقصبة وباردو وفي ” مطابخ ” صنع القرار في المركزية النقابية ومونبليزير والبحيرة ..

 و هي واردة إذا نجح ” الكبار” في تقديم المصلحة العليا للبلاد وتكريس شعاراتهم الجميلة وعلى رأسها : الدولة أولا ، ومصلحة الوطن قبل مصلحة الأحزاب La Patrie avant les partis

و هي ضرورية جدا إذا تحكم الفرقاء في لوبيات المال والسياسة في ” المركز ” و” المحيط ” داخل أحزابهم ونقاباتهم وفي أجندات الأطراف الداخلية والدولية التي تدعمهم .

و هي ممكنة إذا تواضع ” الكبار” أمام الشعب ونخبه وأعلنوا نقدا ذاتيا علنيا عن غلطاتهم وتجاربهم في مرحلتي المعارضة والحكم .. بما في ذلك سوء تقدير أولويات الشباب والطبقة الوسطى وجيش الفقراء والعاطلين عن العمل منذ أكثر من 8 أعوام ..

·    والنقابات وبقية الأطراف السياسية التطمينات ، وبينها احترام روح الدستور والقوانين المنظمة للحياة السياسية التي ترفض الإقصاء والتغول والتلاعب بأصوات الناخبين ..

وجهات نظر 0 comments on دمشق وقلب معادلات المنطقة.. السودان أول الغيث

دمشق وقلب معادلات المنطقة.. السودان أول الغيث

بالرغم من أنها جاءت بشكل خاطف ودون إعلان مسبق إلا أنها لم تكن مفاجأة وفقاً للظروف السياسية والعسكرية التي تمرّ بها سوريا، ومع ذلك يبقى لزيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير إلى سوريا يوم أمس الأحد وقع خاص يشي بنقلة نوعية في طبيعة العلاقة مع سوريا على الأقل من الجانب العربي، الذي كان السودان أول مبادريه.

التكهنات حول زيارة الرئيس السوداني إلى سوريا كثيرة وتبقى في إطار الاحتمالات إلا أن هناك مجموعة من الحقائق لا يمكن تجاوزها دفعت من دون أدنى شك بالبشير للقدوم إلى سوريا ولقاء رئيسها بشار الأسد والدفاع عنها، حيث جاء في أول تصريح للبشير عقب الزيارة أن سوريا دولة مواجهة “وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية وما حدث فيها خلال السنوات الماضية لا يمكن فصله عن هذا الواقع وبالرغم من الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية”، حسب وكالة الأنباء السورية.

السودان لم تكن وحيدة في مغازلة دمشق فقد شاركتها تركيا ذلك ولكن بطريقة أقل وطأة على اعتبار أن الصراع مع دمشق مباشر ولا يمكن التنازل لها والاعتراف بالحكومة السورية دون الحصول على شيء تتمكن من خلاله بحفظ ماء وجهها بعد كل هذا الدعم المطلق لمعارضي الرئيس الأسد، ومع ذلك فقد خرج علينا السيد مولود جاويش أوغلو، وزير الخارجيّة التركيّ، خلال “منتدى الدوحة” بتصريح قال فيه: إنه إذا فازَ الرئيس السوريّ بشار الأسد في انتِخابات ديمقراطيّة تحت إشرافٍ أُمَمِيٍّ، وذات مِصداقيّة، فإنّنا قَد نَتعامَل معه”، وأضاف: “لا بُدّ أن تَكون هُناك عمليّة ديمقراطيّة شفّافة، وفي النِّهاية الشَّعب السوريّ هو مَن سيُقَرِّر مَن يَحكُم بِلاده بَعد الانتِخابات”.

سبق السودان وتركيا وفود سعودية وإماراتية وأخرى أردنية ولكل منها عروضها المختلفة على دمشق التي على ما يبدو أنها صدقت عندما قالت: “إن الدول العربية التي قاطعت سوريا هي التي سوف تأتي إليها”، وها نحن نشهد جهوداً حثيثة لفتح السفارة الإماراتية في دمشق وقد يحصل الأمر ذاته مع بقية السفارات العربية والأجنبية تباعاً، ولكن يبقى السؤال ماذا يريد أردوغان والبشير من الأسد؟، وما سرّ زيارة الرئيس السوداني إلى دمشق على هذا النحو ودون سابق إنذار؟.

أولاً: زيارة الرئيس السوداني اعتراف واضح وصريح بأن سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد تمكّنت من الحفاظ على هيكلها كدولة قادرة وقوية بمساعدة حلفائها، وبالتالي أدرك الجميع أنه لم يعد بالإمكان تجاوز هذه الدولة التي تمثل “قلب العروبة” وفهم الجميع أن جميع المعادلات تمرّ من دمشق وبالتالي لا بدّ من التعامل معها بشكل دبلوماسي وعلى أعلى مستوى لكي يتمكّن محاوروها من التوصل إلى نتائج مشتركة تخفف من الاحتقان الذين افتعله أغلب الذين يطلبون ودّ دمشق اليوم.

ثانياً: ما قام به الرئيس البشير يعدّ أول خطوة صحيحة في مسيرة التعامل مع دمشق منذ 7 سنوات وحتى اللحظة، فدمشق لم تكنّ العداء لأحد ولم تتدخل بشؤون أحد، وما فعلته طوال السنوات الماضية كان يمثل صراعاً من أجل الوجود فهي لا تريد أن يحصل بها وبشعبها مثلما حصل مع دول مجاورة لها، وبالتالي كان “الانتصار على الإرهاب” هدف الجيش السوري منذ البداية وبالفعل حقق ما كان يصبو إليه، وتمكّن من الحفاظ على وحدة سوريا وأراضيها وما تبقّى من مناطق لا يعني أن دمشق غير قادرة على تحريرها وإنما لا تريد أن تكلّف جنودها والمدنيين مزيداً من الدم وتبحث عن حل سياسي يجنّب الجميع إراقة المزيد من الدماء.

ثالثاً: قد يكون البشير يحمل رسالة عدة دول عربية وليس فقط “السودان” لأن الجميع أدرك اليوم أن تجاوز دمشق بأي معادلة قادمة في سوريا مصيره الفشل، الأمر ذاته أدركه الأكراد الذين اتجهوا لعقد جلسات حوار مع دمشق منذ عدة أشهر، فقيادة وحدات حماية الشعب الكرديّة التي تُسيطر على ما يَقْرب مِن نصف المَناطق السوريّة شمال شرق الفُرات، طلَبت مُساعدة القيادة السوريّة لحِماية المناطق التي تُسيطر عليها بعد إعلان الرئيس أردوغان عزم بلاده إطلاق حملة عسكريّة في غُضون أيّام لتخليص شرق الفرات مِن سيطَرة “الإرهابيين” في إشارة إلى قُوات الحماية الكردية.

رابعاً: تركيا التي تهدد وتتوعد الأكراد اليوم قالت إنها مستعدة في حال نجح الرئيس السوري بشار الأسد في انتِخابات ديمقراطيّة تحت إشراف أُمَمِي، وذات مِصداقيّة للتعامل معه.

ولكن لا نعلم كيف يمكن لتركيا أن تتحدث بمثل هذه الطريقة وهي نفسها اقترحت على الرئيس الأسد منذ اليوم الأول من عمر الأزمة أن يقبل ضم عدد من رموز الإخوان المسلمين للحكومة مقابل دعم جهود وقف الاحتجاجات التي تجتاح البلاد، لكن الرئيس السوري رفض هذا الاقتراح، بحسب مصادر فرنسية، وأكد دبلوماسي غربي آخر أنه منذ جوان 2011 دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الرئيس السوري بشار الأسد إلى تشكيل حكومة يكون فيها ربع أو ثلث الوزراء من الإخوان المسلمين مقابل التزامهم باستخدام نفوذهم لوضع حدّ لحركة التمرد التي تهزّ البلاد.

إذن الجميع يعلم أن جميع الطرق الدبلوماسية تمرّ من دمشق ولكن كل طرف يبحث عن أفضل طريق وأقصر طريق له لتحقيق مصالحه، أما العرب فطموحهم احتواء سوريا من جديد عبر زيارات دبلوماسية ستكون بمثابة مقدمة للتقرّب من دمشق قبل إعلان نصرها الكبير وبهذا قد يجد هؤلاء منفذاً لهم قبل فوات الأوان، لكن كل ما سبق يبقى محكوماً بما تريده الحكومة السورية وما هي تطلعاتها لمرحلة ما بعد الأزمة.

الوقت الايراني

البارزة, وجهات نظر 0 comments on توجهات الأطراف الدولية و فاعليتها في الملف الليبي أثناء مؤتمر “باليرمو” و بعده

توجهات الأطراف الدولية و فاعليتها في الملف الليبي أثناء مؤتمر “باليرمو” و بعده

مركز الدراسات الإستراتيجية والديبلوماسية

ملخص

لا يختلف اثنان أن الصراعات المُتواصلة في ليبيا منذ منتصف 2014 وإن كانت بين أطراف وفرقاء ليبيين، فإنها في واقع الأمر واجهة عملية لحروب بالوكالة تخُوضها أطراف ومكونات وتشكيلات ليبية عبر الولاء المباشر وغير المباشر لأطراف إقليمية ودولية وهذه الأخيرة لها مصالح ومطامح في ليبيا تاريخيا واقتصاديا وثقافيا واستراتيجيا، بل أن كل ما يهم تلك القوى الدولية و أذرعها الإقليمية هو فقط ترسيخ حضورها الاستراتيجي واللوجستي المستقبلي في كل أرجاء القارة الإفريقية وان كان الهدف المرحلي، هو بسط النفوذ وتطويع الخيرات الباطنية في شمال إفريقيا وبعض دول الساحل والصحراء الإفريقية[1]…. فكيف يمكن قراءة فعل وفاعلية الأطراف الدولية في الملف الليبي أثناء وبعد المؤتمر الدولي في “باليرمو” والذي جرت أشغاله يومي 12 و13 نوفمبر الحالي؟

مقدمة

أغلب الأطراف الدولية سعت وتسعى للتأثير في مسارات الملف الليبي لأسباب متعددة ومختلفة بناء على مغانم الاستثمار وإعادة الاعتمار المنتظرة في ليبيا إضافة إلى ثروات غدامس وغيرها من المدن والأراضي الليبية وهي ثروات لا تُقدر بثمن وأهمية إستراتيجية، إضافة إلى الموقع الجغرافي غير العادي والنادر لليبيا بناء على إطلالتها الإستراتيجية على البحر المتوسط  وتماسها الجغرافي مع دول الساحل والصحراء وباعتبارها منفذا استراتيجيا للعمق الإفريقي، وبغض النظر عن المواقف الدبلوماسية المعلنة فإنه لابد من التأكيد على الملاحظات التالية في كل مرة عند تحليل أو محاولة فهم المواقف الدولية مما يجري في ليبيا من تطورات:

القوى الدولية التي لها هامش قرار غير مُرتبط بقوى دولية أخرى هي عمليا الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين بينما يُمكن تصنيف كل القوى الدولية الأخرى أنها على ارتباط فعلي واستراتيجي بالسياسات الأمريكية، بينما تُحاول قوى دولية وإقليمية أخرى أن تكتسب هوامش في التحرك والتأثير وخاصة في الملف الليبي والبحث عن الخروج من جُبة الدور الوظيفي، كما تحاول دول إقليمية على غرار تركيا وإيران أن تكتسب أدوارا خارج الدور الوظيفي في ابراز واكتساب أدوار في عدد من الملفات من بينها الملف الليبي وهو أمر جلي وواضح في مرحلة ما بعد ماي2014[2]….

في ليبيا بالذات لا يُمكن للألمان والايطاليين وحتى البريطانيين التصادم مع الخيارات الأمريكية أو حتى السباحة بعيدا عن تكتيكات الدولة العميقة الأمريكية بغض النظر عن هوية وتركيبة الإدارة الأمريكية (الديمقراطيين او الجمهوريين وأي من تياراتهم أو زعمائهم)، والتي هي في الحقيقة لا تُمثل سوى إعطاء النكهة للقرار والسياسات الأمريكية ويعرف المختصين والمتابعين أن بعض دول من بينها من ذكرنا أعلاه تلعب أدوارا رئيسية في ما ظهر للبعض أن الأمريكيين كانوا غير مهتمين بالملف الليبي في السنوات الأخيرة وخاصة قبل شهر يونيو/جوان الماضي كأولوية وخاصة بعد اغتيال السفير الأمريكي في 2012 ولكن المسألة أعمق من ذلك بكثير حيث أن بعض الدول والقوى الإقليمية تخدم منهجيا وعمليا أدوارا بالوكالة للأمريكيين أو حتى لبعض الأجهزة الأمريكية والدفع نحو أجنداتها المرحلية والإستراتيجية[3]، وأيضا بسبب أن الملف الليبي في عدد من جزئياته لم يكن بيد الخارجية الأمريكية والرئاسة بل هو موكول لمؤسسات الدولة الأمريكية العميقة على غرار الأجهزة المخابراتية  ومؤسسات أخرى(جزء منه مسند للبنتاغون حسب بعض المتابعين)….

أدوار ومواقف قوى إقليمية على غرار الجزائر والسودان والأردن غير متمركزة ضمن المحورين الإقليمين الرئيسيين (التركي القطري – الإماراتي السعودي المصري)، وهي تُدير سياساتها بهوامش مُعتبرة على بعض القوى الدولية ولكنها لا يُمكن لها استراتيجيا التصادم معها ويقع الضغط عليها بطُرق مختلفة فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وان كان النظام الأردني يلعب دورا وظيفيا منذ عقود بل منذ نشأته[4]، فان الجزائر والسودان أدوارها غير وظيفية ولكنها لن تكون مستقبلا مصطدمة مع السياسيات الأمريكية في المنطقة وخاصة في العلاقة بالملف الليبي…

دول مجاورة ودول لها علاقات مباشرة وغير مباشرة بالملف الليبي على غرار تونس والمغرب وموريتانيا والسينغال والكونغو لم ولن يكون لها مستقبلا أي أدوار تأثيرية مباشرة نتاج العقل السياسي للدبلوماسية فيها، إضافة إلى أنها لم تصطف بشكل مباشر ضمن المحورين الإقليميين ولكنها ستكون خادمة بشكل آلي للسياسات الأمريكية واقتربت قبل “باليرمو” من الايطاليين في الملف الليبي وان كان للبعض منها هوامش مصالح واللقاءات مع الفرنسيين ثقافيا واقتصاديا وحتى سياسيا ….

لا شك أن القارة السمراء ومنذ سنوات ان لم نقل منذ عُقود هي محور صراع بين دول عديدة فالحضور المتنامي للإيرانيين والصينيين والأتراك والأمريكيين والروس لم يُلاق الارتياح من طرف القوى التقليدية أو التي استعمرت الدول الإفريقية على غرار فرنسا، ولعل ليبيا هي أكبر  تجسدات ذلك الصراع وهناك صراع وتسابق فرنسي أمريكي غير معلن حول الحضور في ليبيا وخاصة بعد امتداد الحضور الفرنسي في الشرق الليبي وقدرتهم على الاحتواء المتدرج لعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر بناء على تعامل عسكري وأمني ولوجستي في معاركه في كل من بنغازي ودرنة وحتى عند سيطرته على الحقول النفطية أواخر يونيو/جوان الماضي، بل أن الأمريكيين لم يكونوا مرتاحين أبدا للحضور الفرنسي منذ ربيع 2017 وهناك نقاط استفهام حول سقوط المروحية الفرنسية يومذاك وتساؤل حول من أسقطها تحديدا كما أن مسارعة الأمريكيين الذين تفاعلوا بدبلوماسية مع الإفتكاك الذكي للفرنسيين للملف الليبي وأعادوه للإيطاليين بطرق ناعمة وهادئة وبروية، إضافة الى أن ما قام به “الجضران” في بداية يونيو الماضي وانسحابه بطريقة شبه آمنة تدل على صراع أجهزة بين دول في الهلال النفطي الليبي[5] وهو ما أثبتته الوقائع اللاحقة من مؤتمر روما (9 يوليو/جويلية الماضي) إلى وإعادة إدارة الحقول النفطية لطرابلس وحكومة الوفاق، ثم لقاء السراج بالسفراء السبع في أوت/أغسطس الماضي …

على غرار تفاعلهم مع التقدم الفرنسي في ليبيا عسكريا وسياسيا تفاعل الأمريكيين مع الحضور الروسي عسكريا وسياسيا بدبلوماسية والإعلان عن قلقهم الهادئ وخاصة عندما تطورت العلاقات بين حفتر والروس سنتي 2016 و2017 كما أنهم لم يرتاحوا لتفعيل طريق الحرير (الصينية)، في القارة الإفريقية أو بتطور العلاقات التركية الإفريقية كما أنهم بقوا رهين سياساتهم الإستراتيجية التي تؤكد على عدم التدخل المباشر في كل الساحات وخاصة بالتوازي وفتح الجبهات المتعددة وما يمكن تأكيده أنهم يقرؤون التطورات الكبيرة للحضور الإقليمي والدولي لعدد من القوى الأخرى بما فيهم حلفائهم الأوروبيين، والخلاصة في هذه النقطة أن هناك توازن بين الحضور الأمريكي ومطامح قوى أخرى بنت إستراتيجيتها منذ سنوات من أجل الحضور الفاعل في القارة الإفريقية وما ليبيا إلا مثال لذلك ….

لابد من التأكيد أن أي إدارة حاكمة لأي قوة دولية ليست وحدة متكاملة وأن هناك صراع بأشكال مختلفة بين أجهزة كل دولة لطبيعة المصالح الاقتصادية والسياسية والصراع بين اللوبيات وينعكس ذلك في فعل دبلوماسية أي دولة تجاه كل القضايا الدولية وفي التفاعل مع أي أزمة، وهو أمر جلي في تضارب المواقف تجاه تطورات الأزمة الليبية منذ 2014 وتعود أسباب ذلك الى تأثير اللوبيات في كل دولة إضافة إلى تضارب مصالح شركات عابرة للقارات ولوبيات ومحافل عالمية وتأثيراتها من دولة إلى أخرى وخاصة في مواضيع تتعلق بالغاز والنفط والمعادن الهامة والنادرة، وبالتالي فإن الملف الليبي لم يكن يوما متفق عليه من حيث القرارات ودعم هذا الطرف أو ذاك أو اتخاذ سياسيات معينة تجاهه وعلى سبيل الذكر فان هناك خيارين في وسط الإدارة الفرنسية في الصائفة الماضية حيث حبذ وزير الخارجية الحالي(وهو وزير دفاع أسبق) التمسك بحفتر كخيار مرحلي لحكم ليبيا ودعم عسكريين لحكم ليبيا أي استنساخ فعلي للنموذج المصري (سيسي ليبيا) أو إنتاج “قذافي2” لحكم ليبيا مستقبلا بينما ترى أجهزة فرنسية أخرى وفقا لتحاليل الخبراء أنه وجب تفعيل الحل السياسي وإجراء وفاق بين فرقاء الصراع  …

 الايطاليون وإدارتهم المرنة والحذرة للملف الليبي أثناء  “باليرمو” وبعده

لم يرتح الايطاليون إلى الافتكاك الذكي للفرنسيين للملف الليبي منهم منذ منتصف 2017 وصولا إلى مؤتمر باريس في 29 أيار/ماي الماضي فسارعوا عمليا ومنذ يونيو/جوان الماضي إلى تبني خطاب أن الملف الليبي وإدارته حق تاريخي وجيو- سياسي لإيطاليا، بل وسارع أهم الوزراء على غرار الدفاع والخارجية والسفير في طرابلس، إلى القيام بلقاءات متعددة ومؤثرة وتعددت الزيارات المكوكية  للعواصم العربية والى دول الجوار ولطرابلس وطبرق،وخاصة لوزيرة الدفاع ورئيس الوزراء وأصبح الملف الليبي بيد الايطاليين تفاوضيا فدخلوا مع المصريين في مفاوضات مستمرة دامت لمدة أسابيع رغم الخلافات حول عدد من النقاط الرئيسية وهي النقاط التي بقيت عالقة حتى مؤتمر “باليرمو”، ومن خلال استقراء الفعل السياسي للإيطاليين يتبين أنهم يتبنون منطق إدامة امتلاك الملف ولعل  تصريحات السفير الليبي لقناة “ليبيا روحها الوطن”[6] في أوت الماضي تُؤكد أن الايطاليين وضعوا خارطة طريقة طويلة المدى وواضحة المعالم لإدارة الملف وخاصة في ظل إصرارهم المتواصل على رفض مخرجات اتفاق باريس التقنية بالذات من حيث تأجيل الانتخابات حتى إقرار دستور وإجراء مصالحة فعلية تؤشر على ذلك وان ذلك تم بمباركة الأمريكيين وأغلب الدول الأوروبية ورضى متنام من طرف اغلب دول الخليج وبعض أركان النظام المصري والحكومة التونسية ومن طرف الجزائريين أيضا…ولا شك أنه قد حدث ارتباك كبير لدى الايطاليين الذين تغيرت رؤيتهم وترتيباتهم وأجنداتهم للمؤتمر الدولي ووجدوا أنفسهم في مأزق نتاج عوامل عدة من بينها:

خلافاتهم الداخلية: وهي خلافات تتركز أساسا بين حزبي الائتلاف الحاكم في ايطاليا وخاصة تضارب رؤية الحزبين في عدد من الملفات وفي العلاقات الخارجية على غرار تفاصيل وجزئيات العلاقة مع الفرنسيين…

  مواقف المحور المصري/الإماراتي/السعودي:وهي مواقف جد مُربكة قبل      وأثناء أشغال “باليرمو” وغلب عليها المناورة والمراوغة والمراوحة في إرسال تهديدات ضمنية بعدم الحضور أو منطق الإرباك المباشر للمؤتمر الدولي وإفراغه من محتواه التوافقي بين كل الأطراف وقد تم توظيف حفتر بشكل درامي قبل وأثناء الأشغال وحتى بعد المؤتمر، ونقل بعض الحاضرين بشكل حصري أنه عند مغادرة الوفد التركي قام ممثلو بلدين صحبة بعض أعضاء وقد أوروبي بحركات بالأيادي تعبر عن النصر، إضافة إلى ما أتته الماكينات الإعلامية الإمارتية والمصرية وبعض أجنحة الإعلام السعودي على غرار نشر كونتي انتقل قبل يوم واحد من المؤتمر إلى الرجمة للتوسل وإقناع حفتر بالحضور، وهو طبعا أمر خال من الصحة ونفته السلطات الإيطالية بشدة…. 

تكتيكات حفتر:

عمليا مارس اللواء المتقاعد عددا من تكتيكاته المعتادة والمستنسخة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وخطاباته على غرار التصريح أنه لن يحضر أشغال المؤتمر خاصة وأن البعض (عبر الصفحات الاجتماعية) قد نقل عن مقربين أن حفتر قد غادر روما بعد أربع ساعات فقط من وصوله في أحد الأيام الأولى من الشهر الحالي نتاج طبيعة النقاشات ونتاج تحذيرات سياسية  وصلت إليه في عدد من مواضيع المؤتمر، ومعلوم أنه زار روسيا يوم 07 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، ثم لوح بعدم الحضور ثم تحركت الماكينات الإعلامية الخاصة بحلفائه الإقليميين  لخدمته وتضخيم مواقفه وموقعه، وفي الأخير حضر عشية اليوم الأول وعمد إلى التصريح أنه لا علاقة له بالمؤتمر، ثم ليحضر الجلسة الرسمية ومع الوفود الدولية، ليغادر صحبة السيسي في اليوم الثاني أثناء جلسة نقاشات توحيد المؤسسة العسكرية مُصرا على انه لابد أن يجمع بين صفة القائد العام والأعلى قبل الانتخابات كما صرح المسماري إنهم لا يعترفون في الكرامة بصفة القائد الأعلى، وهي “بهلونيات/تكتيكات” أربكت الايطاليين ولكنهم تعاملوا معها بحذر وذكاء نادر، وعمليا لم يهتم الإيطاليون بزيارة حفتر لموسكو قبل أربع  أيام من المؤتمر مع أنهم علموا بخفاياها وانتبهوا لمتابعة غرضيتها اللاحقة…

استراتيجيا الفرنسيين الصامتة تجاه الايطاليين والمؤتمر الدولي:

مما لا ريب فيه أن الفرنسيين وان بدوا هادئين ظاهريا لافتكاك الايطاليين للملف منهم ما بعد مؤتمر باريس في نهاية آيا/ماي الماضي بعد امتلاكهم العمل واللوجستي له منذ ربيع 2017، فإنهم اعتمدوا سياسات خفية وصامتة في انتظار التطورات والمتغيرات وعمدوا إلى توخي ديبلوماسية احتوائية وخاصة أثناء وبعد مؤتمر “باليرمو”، وطبعا تم تنزيل ذلك عن طريق حلفائهم الموضوعيين أي قيادات الكرامة ومن ورائهم المصريين والإماراتيين وقوى أخرى غير ظاهرة في الصورة…

ولم يبق الفرنسيون مكتوفي الأيدي حيث تحركوا في كل الاتجاهات مثلما فعل الايطاليون قبل وأثناء وبعد مؤتمر باريس،  وتطور فعلهم تكتيكيا عبر عدد من اللقاءات مع الفاعلين الليبيين على غرار استقبال ماكرون للطاهر السني (مستشار السراج السياسي) بداية الشهر الحالي، وأيضا تلاحقت تكتيكات الفرنسيين من خلال استقبال وفد عن نواب مصراتة قبل أسبوع فقط من المؤتمر  إضافة إلى أحداث وتطورات في الداخل الليبي قريبة من فاعلين قريبين من الفرنسيين، ولاشك أن رسائل الايطاليين المعبرة عن مكانة للفرنسيين والتوافق معهم لم تكن مفلحة في استراتيجيات الإرباك التي قد تكون أنجزت بطرق مختلفة وعبر أشكال غير مباشرة….إنّ الايطاليين وإن بدت خطواتهم وإستراتيجيتهم قبل وأثناء المؤتمر الدولي مرتبكة، فإنهم بدوا متزنين حيث لم يفقدوا البوصلة، ومارسوا دبلوماسية حذرة تجاه جميع الأطراف وبدلا من الإصرار أن يكون المؤتمر ناجحا بشكل كامل أو ينفجر،اتبعوا سياسة تحقيق وضمانا لحد الأدنى عبر اختيار أن يكون المؤتمر مؤديا للمؤتمر الجامع ثم لاحقا تبنى على قراراته عملية انجاز الاستحقاقات الانتخابية في ربيع 2019[7]….وإضافة إلى كل ذلك نجح الايطاليون في:بعث رسائل مفادها أنهم طرف دولي مهم وشريك مقتدر ورئيسي وخاصة مستقبلي في القضايا الإقليمية وخاصة تلك التي تهم القارة الإفريقية حيث امتلكوا الملف الليبي بل وأداروه بحكمة واتزان وشراكة رغم أن النجاح يعتبر نسبيا من حيث النتائج المباشرة…

دعموا البعثة الأممية وفكرة إشراك الليبيين في الترتيبات للمؤتمر وفي مخرجاته، ولعل كلمة سلامة كانت دالة عندما قال “إن المؤتمر كان وسيكون جسرا للحل نحو المؤتمر الوطني الجامع”،  وبذلك أفلح الايطاليون في إعطاء فكرة إعادة إشراك الليبيين في الحل أبعادها الرمزية والدلالية من خلال أن كان المؤتمر رافعة وحل أولي للتوجهات الكبرى للخارطة الأممية المستقبلية عبر تحيد موعد انتخابي بعد مرحلة مقبولة (نوفمبر – جوان  أو سبتمبر) عمليا وأطول من المدة التي منحها لقاء باريس ( جوان– ديسمبر)، كما أقر مؤتمر باليرمو ونص على أسس دستورية متعارف عليها لإجراء الاستحقاقات الانتخابية بينما كان إجراء الانتخابات في 10 ديسمبر 2018 سيكون واردا على أسس غير دستورية…. وقد أحبطوا سياسات إرباك المؤتمر وإفراغه من محتواه فوضعوا اللواء المتقاعد خليفة حفتر في صورة”المُربك” لتقدم حل الملف الليبي والباحث عن حكم ليبيا عبر أسس غير دستورية، وأثبتوا للعالم أن بعض الأطراف الإقليمية هي أمثلة للتهور والإرباك، وأنها تلعب أدوار خفية تخريبية بل وتعمل على هوامش عدة في القضايا الإقليمية عبر لوبيات وقوى عالمية عبر تنزيل سياسات تعتمد المادي واللوجيستي وخيارات الإرباك والاحتواء والتأثير في السياسات الدولية في معالجة الأزمات الإقليمية… وقد أثبت الايطاليون ترهات وأكاذيب الحديث عن محور “قطري-تركي – إيطالي – الغرب الليبي”، التي روجت لها قنوات عربية ووسائل إعلام مصرية وخليجية بالأساس،بل وتبين أنها هي مجرد أسطوانة مشروخة تم ترديدها طيلة السنوات الثلاث الماضية، والغريب أنه بعد مؤتمر “باليرمو” قالت تلك الأبواق إن الحلف المذكور سقط وانتهى، وعمليا أكدت دراسات ومتابعات أن مراكز البحوث الأجنبية والفاعلين الرئيسيين التنفيذيين لبعض الأطراف الدولية قد وقفت على سقطات تلك الأبواق ومن يقف وراءها من دول إقليمية وأطراف محلية ليبية… 

         الفرنسيون: السياسات الصامتة والخيارات الحذرة

استطاع العقل السياسي الفرنسي مع وصول ماكرون للحكم استقراء مستقبل القارة الإفريقية وتطور حضور قُوى دولية أخرى فيها، فتم بناء استراتيجيات ديناميكية لقوة الحضور والفعل والتأثير، وتم منذ جويلية/يوليو 2017 امتلاك الملف الليبي ودارته والتواصل مع القوى السياسية والاجتماعية في ليبيا وصولا لمؤتمر باريس في نهاية ماي الماضي[8]، وطبعا وظف الفرنسيون الأزمة السياسية الإيطالية التي طالت لأشهر كما وظفوا تردد الايطاليين في إرساء سياسة إستراتيجية تتناغم مع التطورات السريعة للملف الليبي وترتيباته المطلوبة وضرورة الدفع بمبادرات وخيارات للميدان لتحريك السواكن   …

ومع دخول الايطاليين على خط إدارة الملف بمباركة أمريكية واصطفاف بعض الدول الرئيسية معهم، حدثت خلافات داخل الإدارة الفرنسية وتزامن ذلك مع استقالة أكثر من وزير فرنسي على خلفية ملفات فرنسية داخلية وأخرى إقليمية، وأصبحت السياسة الفرنسية تباعا في حالة تراجع وارتباك وخاصة في قراءة تطورات المشهد في ليبيا ومن بين أسباب ذلك الانحسار المستمر للواء المتقاعد خليفة حفتر وهو الذي راهن الفرنسيون عليه، واحتووا كل معسكره السياسي والاجتماعي خلال السنوات الثلاث الماضية، فهالهم تراجع شعبيته حتى في الشرق الليبي وخاصة بعد ورود تجاوزات نجله المالية ومقربين منه في تقارير أممية، فعدلت الإدارة الفرنسية سياساتها ومواقفها  عبر بعض الخطوات والعلاقات مع بعض أطراف إقليمية،حيثتم تغيير السفيرة الليبية بأخرى وتم الإعلان عن فتح السفارة الفرنسية  في طرابلس خلال شهر أفريل المقبل، كما تم الانفتاح أكثر على حكومة الوفاق الوطني وتم فتح علاقات مع بعض الفاعلين في مدينة مصراتة، وبالتوازي مع زيارة غسان سلامة للقاهرة في أكتوبر الماضي أكدت مصادر مقربة من “الإليزي”، أن الفرنسيين قد عبروا أنهم ضد أي مغامرة عسكرية من طرف حفتر باتجاه المنطقة الغربية…وفي “باليرمو” بدأ الفرنسيون ظاهريا حذرين، وارتاحوا لتصريحات كونتي المؤكدة على التوافق معهم، ولكن وكما بينا أعلاه فان حلفائهم الكلاسيكيين حاولوا إرباك المسارات ومخرجات المؤتمر والبعد التوافقي الذي حرص الايطاليون على إبرازه….

الأمريكيون وسياسات الاحتواء الناعمة والمؤثرة

بدأ الأمريكيون في الخفاء والعلن، مُصرين على تنفيذ تطبيق خطة مساعد المبعوث الأممي للشؤون السياسية “ستيفاني لويليماز”، وهي الخطة الموسومة بالخطة ب والتي نُشرت بعض تفاصيلها أثناء الاشتباكات الدموية جنوب العاصمة طرابلس في نهاية أوت/أغسطس الماضي، و الخلاصة أن الأمريكيين اعتبروا “باليرمو” مجرد محطة وضعوا من خلالها الايطاليين في الواجهة (وهم شريك أساسي لهم بل ويقومون بأدوار وظيفية لهم في أكثر من بلد وفي أكثر من ملف إقليمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية)، وهو ما قد يفسر ضعف التمثيل الأمريكي في المؤتمر بعد أن كان مبرمجا أن يحضر ترامب بنفسه للمؤتمر، كما أن المؤتمر الجامع في بدايات 2019 بالنسبة للأمريكيين سيكون مجرد عملية إضفاء شرعية على خطوات تلميذة رامسفيلد وصولا لهدفهم الأخير وهو الاستقرار في ليبيا للتفرغ لملفات الشرق الأوسط التي ستتفاقم بحدة خلال الأشهر والسنوات القادمة إن لم يكن ذلك بعد أسابيع أو أشهر معدودة، ورغم البيان المهم والمطول للخارجية الأمريكية اثر نهاية أشغال مؤتمر “باليرمو” فإنهم سيعملون على تمطيط الملف الليبي وفقا للمتغيرات والتطورات اللاحقة في المنطقة بما يتناسب مع إستراتيجيتهم مع النظام المصري المؤمنين بضرورة إحداث تغييرات مستقبلية عليه(على أن تلك التغييرات ستتراوح بين تعديلات وإصلاحات أو حتى العمل على  رحيل السيسي في فترة لاحقة)، ولاشك أن الموقف الأمريكي يرتكز على نهاية دور حفتر الذي لعبه في المرحلة السابقة مع الاحتفاظ بإمكانيات تطور فسيفساء السيناريوهات المستقبلية عبر إعطاء دور للناظوري مثلا، ومعلوم أن الأمريكيين هم أكثر العارفين بحفتر وهم يعرفون جيدا هوامش تحركاته ومراميه وحتى أسباب اعتقاله وأبعاده لبعض المقربين منه، مع العلم أنهم عبروا في أكثر من مناسبة وخاصة سنة 2016 عن انزعاجهم من علاقته بالروس… 

*حول مواقف بقية الدول الأوروبية

بدت الدول الأوربية الأخرى مشتتة من حيث مواقفه المعلنة والخفية بين الايطاليين والفرنسيين وان كانت أقرب لإيطاليا وتتراوح أدوارها ووظائفها بين القرب من الفرنسيين والأمريكيين واللامبالاة باستثناء الهولنديين والسويسريين، أما الإنجليز وان كانوا أقرب للموقف الأمريكي فإن لهم استراتيجيات تنزيل هادئة وذات نفس طويل … 

* الروس والسياسات غير الواضحة تجاه الملف الليبي

تنتهج روسيا سياسة غير واضحة في ليبيا، ولا تعتبر قائد الجيش الوطني الليبي اللاعب الرئيسي على الساحة السياسية الليبية، لكن يرغب اللواء المتقاعد في إظهار عكس ذلك للغرب من خلال زيارته إلى موسكو يوم 08 نوفمبر الحالي(أي أربعة أيام فقط قبل “باليرمو”)، مع العلم وأن المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف” قد أكد يومها “لن يلتقي فلاديمير بوتين بخليفة حفتر، بل أن ذلك غير مدرج في جدول أعمال الرئيس الروسي”، ومعلوم أن العلاقات الروسية مع حقترقد كانت تجرى منذ 2015 بوساطات مصرية، كما تم الحديث عن مقابلة لحفتر خلال زيارته الأخيرة  مع تاجر روسي يوفر المرتزقة….وقد دار حديث في كواليس “باليرمو” عن استراتيجيا مستقبلية روسية خاصة بالمنطقة الإفريقية مع التركيز على ليبيا والجزائر تحديدا، إلا أن الحضور الروسي المستقبلي في ليبيا ليس موضوعا بسيطا فهو يتراوح بين الممكن السهل والمستحيل نتاج عوامل تاريخية وإرث قديم في المنطقة بكاملها ففي عهد الاتحاد السوفياتي وقوته الضاربة صعب عليه سنة 1951 التموقع في ليبيا يومها،

خاتمة:

إن عودة روسيا من حيث الحضور الاستراتيجي واستعادة جزء من رصيد الاتحاد السوفياتي عالميا أمر مرتبط بالقدرة على التماهي مع التطورات والمتغيرات خلال الأشهر والسنوات القادمة، أما راهنا فليبيا ليست سوريا وما سمح به الأمريكيون والأوروبيون هناك لن يسمحوا به في شمال افريقيا نتاج عوامل متعددة في علاقة بالطاقة والنفط ونتاج رؤية إستراتيجية للأمريكيين لكل المنطقة المتوسطية والشرق أوسطية… وهنا لابد من وضع الاعتبار واستحضار فكرة بعض أنصار القذافي السياسيين حول جلب الروس للساحة الليبية عبر الاستئناس بتجربتهم في سوريا وهي الخطة التي تم تقديمها لحفتر واقناعه بها وشرحها المسماري في اوت/اغسطس الماضي خلال تصريحات له أثناء زيارة له للقاهرة[9]…وعمليا كان الحضور الروسي في “باليرمو” قويا وبدا على الوفد الروسي التحفز والهدوء الحذر مما يعني توضح معالم سياسة مستقبلية ممهدة لاستراتيجيات قادمة لن تكون بالأكيد هي نفسها السياسة الروسية السابقة والمتبعة منذ 2014….  

 

علي عبداللطيف اللافي ( باحث متخصص في الشأن الليبي)

[1]أنظر مقال الباحث “ليبيا: توازن الضعف بين مكونات المشهد السياسي (3 من 3)”، وقد نشر في صحيفة “الرأي العام” التونسية، بتاريخ09-08-2018

[2]مقال الباحث في صحيفة “الرأي” الليبية العدد 136 بتاريخ 04-11-2018 تحت عنوان ” توازن القوى بين مكونات المشهد وحتمية الحل السياسي(3من 4)”

[3] انظر مقال الباحث في صحيفة الرأي العام التونسية المصدر المشار إليه في الهامش الأول …

[4]لمزيد الاطلاع على الدور الوظيفي، يمكن الاطلاع على أطروحة الباحث الأردني الدكتور أسامة عكنان ” الدور الوظيفي للنظام الأردني منذ نشأة الدولة القطرية عام 1931 وحتى قرار فك الارتباط بالضفة الغربية عام 1988″، جوان 2013 -جامعة “بروكلين بارك” الأمريكية ، تحت إشراف الجامعي جاكوب فريدمان…

[5]مقال الباحث في صحيفة “الرأي” الليبية، العدد 136 المشار إليه في هامش سابق …

[6]أنظر مقال الكاتب “هل تغيرت استراتيجيا الايطاليين عشية مؤتمر باليرمو؟، وقد نشر في موقع المغاربي للدراسات والتحاليل (www.almagharebi.net) ” ” بتاريخ 24-11-2018

[7] انظر مقال الباحث “باليرمو وما بعده”، نشر في صحيفة “الرأي” الليبية العدد 138 بتاريخ 18-11-2018

[8]أنظر مقال الباحث ” لقاء باريس بين المعلن والخفي”،نش                                                                      ر في ملف العدد الثاني من صحيفة “رؤية ليبية”ص 5 بتاريخ 05-06-2018

[9] أنظر نص المُقترح من خلال مقال للناشط السياسي “خالد محمود” (محسوب على أنصار القذافي) في موقع إفريقيا 2050 (www.afrique2050.net) بعنوان “الحل السياسي في ليبيا عبر البوابة الروسية”، نشر بتاريخ 14-08-2018)