البارزة, وجهات نظر 0 comments on السياسة الأمريكية بين ترامب و ستورمي دانيالز !

السياسة الأمريكية بين ترامب و ستورمي دانيالز !

 

فراس أبو هلال

 

و بما أن ستورمي دانيالز و ترامب غنيّان عن التعريف، فلنبدأ بالموضوع دون مقدمات!

أصيب بعض العرب والأمريكيين “بالصدمة” من تصريحات عديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ خلال الفترة التي سيطرت فيها أزمة اختطاف واغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي على الساحة السياسية والإعلامية الأمريكية، وخصوصا تلك التصريحات الواضحة وبدون مواربة، ومفادها أن ترامب سيضغط على السعودية ولكنه لا يستطيع ممارسة ضغط كبير قد يصل إلى وقف تصدير الأسلحة للمملكة، بذريعة أن هذا الإجراء سيؤدي إلى ذهاب الصفقات لخصوم أمريكا، و خصوصا روسيا و الصين.

و لا بد هنا من استدراك جوهري قبل أن نسترسل في موضوع المقال، وهو أننا لا نؤيد أي عقوبات غربية أو تدخل خارجي في أي دولة عربية، بما في ذلك بالطبع السعودية، كما أننا نومن بأن تغييرا أو إصلاحا حقيقيا لن يحدث في أي دولة عربية إلا إذا كان بدفع داخلي ذاتي، وأن التدخلات الخارجية هي دائما ضد مصلحة الدول والشعوب العربية.

وبالعودة لموضوعنا، فإن شعور البعض بالصدمة من تصريحات ترامب الواضحة الفاضحة لطبيعة سياسته الخارجية؛ يذكر بشعور الصدمة من “اكتشاف” أن هذه الدولة أو تلك تعمل لمصالحها، وليس لأجل “شعارات” يرفعها قادتها في أوقات الرخاء، وهو أمر مستغرب من حيث أنه يمثل استغرابا أو صدمة من أمور هي في الأصل بديهية ولا تحتاج إلى كثير من التفكير فضلا عن الصدمة.

 

شعور البعض بالصدمة من تصريحات ترامب الواضحة الفاضحة لطبيعة سياسته الخارجية؛ يذكر بشعور الصدمة من “اكتشاف” أن هذه الدولة أو تلك تعمل لمصالحها

ومع ذلك، فإن تصريحات ترامب تتجاوز البديهي من السياسة؛ لأنها تمثل تصريحا عن “المسكوت عنه” أو عن الادعاءات التي درجت السياسة الأمريكية على نشرها، في محاولة للترويج لسياساتها العدوانية والاستعمارية والمغرقة في المادية والمصلحية، وهو الأمر الذي قد يعتبر “مبررا” للبعض من الهجوم على ترامب باعتباره يتحرك بشكل منقاد للمصالح دون أدنى اعتبار للقيم الإنسانية والحقوقية.

والحقيقة أن ترامب يستحق “الشكر” بدلا من الإدانة، فهو على الأقل يمتلك سياسة يمكن توقعها بسبب وضوحه، بعكس أسلافه من الرؤساء، أو حتى بعكس من يمكن أن يطلق عليهم أبناء “المؤسسة” السياسية في واشنطن، أولئك الذين يلهبون الجماهير بتصريحاتهم “الأنيقة” عن حقوق الإنسان والعدالة والحريات والقيم العالمية، بينما يرسلون طائراتهم للقتل، أو يرسلون مساعداتهم المالية والعسكرية لعتاة المستبدين في الشرق الأوسط وغيرهم من دول العالم الثالث. وبهذا، فإن ترامب يعفينا من عناء توقع سياساته المبنية بشكل واضح وصريح على المصلحة، فيما يحتاج غيره من “أبناء المؤسسة” للتحليل لمعرفة كيفية التعامل مع سياساتهم الإمبريالية المغلفة بخطاب مثالي!

وإضافة لذلك، ثمة نقطة أكثر أهمية يستحق ترامب “الشكر” عليها، وهي أنه يكفينا أيضا عناء إقناع الناس بطبيعة السياسة الأمريكية القائمة على دعم الاستبداد ما دام في مصلحتها، واستخدام شعار حقوق الإنسان عندما يكون في مصلحتها أيضا، ودعم نظام ما تابع لها بحجة أنه ليبرالي أو ديمقراطي عندما يحتاج الأمر، ودعم نظام آخر حتى لو كان مستبدا بحجة أخرى مغلفة بقيم إنسانية، مثل دوره في “محاربة الإرهاب” أو التطرف، أو غيرها من الشعارات التي يطرب لها الرأي العام. مع ترامب لسنا بحاجة لإقناع الناس بأنهم يجب أن “يضعوا أيديهم على قلوبهم” عندما يسمعون لرئيس أو سياسي أمريكي يتحدث عن القيم الإنسانية والحريات والعدالة وغيرها من الشعارات الكبيرة، فهو واضح كعين الشمس، رئيس يعمل لصالح من يدفع أكثر للميزانية الأمريكية!

 

ترامب يعفينا من عناء توقع سياساته المبنية بشكل واضح وصريح على المصلحة، فيما يحتاج غيره من “أبناء المؤسسة” للتحليل لمعرفة كيفية التعامل مع سياساتهم الإمبريالية المغلفة بخطاب مثالي

لقد دعمت واشنطن خلال القرن الماضي أعتى المستبدين في الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية بحجة مواجهة الشيوعية ونشر الحرية، واحتلت العراق بحجة محاربة استبداد صدام وتدمير أسلحة الدمار الشامل، ودعمت الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه تحت شعار أنه “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وتحارب إيران بحجة الأسلحة النووية، مع أن الحقيقة أنها حاربت الأنظمة التي تعارضها وتؤثر على نفوذها، ودعمت الأنظمة التي ضمنت تبعيتها وتحقيق مصالحها، ولكنها استطاعت خداع البعض، خصوصا في الغرب، عبر رفع شعارات براقة لتبرير سياساتها الإمبريالية.

باختصار شديد، كانت السياسة الأمريكية سابقا ينطبق عليها مثل “العاهرة التي تحاضر في الشرف”، أما اليوم مع ترامب فهي مثل ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز التي رفعت قضية ضده تتعلق بممارسته الجنس معها، فهي تعمل بأفلام الإباحة دون أن تدعي أنها “قسيسة”!

البارزة, وجهات نظر 0 comments on بعد فشل القمة العربية في بيروت : هل ينبغي “تأجيل” قمة تونس ؟ .. بقلم كمال بن يونس

بعد فشل القمة العربية في بيروت : هل ينبغي “تأجيل” قمة تونس ؟ .. بقلم كمال بن يونس

فشلت القمة العربية الاقتصادية في بيروت قبل أن تبدأ مثلما كان متوقعا ..إذ تغيب عنها 19 من الرؤساء والملوك وأرسلوا وزراء لتمثيلهم ..رغم أهمية الملفات الاقتصادية والمالية المعروضة عليها متابعة لقمتي الكويت ومصر.

و قد خفضت  تونس مستوى تمثيلها في هذه القمة بعد أن وصلتها هذه المعلومة ، فوقع التراجع عن مشاركة الرئيس الباجي قائد السبسي وكلف وزير الخارجية خميس الجهيناوي برئاسة الوفد التونسي..

·     وفسرت عدة عواصم عربية ضعف مشاركتها في القمة ب”التجاذبات” الحالية بين الحكومات ، وانخراط عدد من القادة العرب في ” لعبة المحاور” منذ احتلال العراق في 2003 ثم بعد منعرج ” الثورات العربية ” و” الربيع العربي” في 2011..

·     وخلافا للوعود التي قدمتها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن وثم خطابا الرئيس أوباما في استنبول والقاهرة في 2009 ، فقد تطورت الأوضاع نحو اضطرابات داخلية و”حروب الاستنزاف ” ونزاعات مسلحة و”حروب داخلية ضد الإرهاب” ، في أغلب الدول العربية ، و بحدة أكبر في ليبيا وسوريا واليمن والعراق..  

·     وفي مرحلة أصبحت فيه القيادات العربية ممنوعة من إصدار موقف موحد وواضح يساند المقاومتين الفلسطينية واللبنانية للاحتلال الإسرائيلي ويعارض نقل السفارة الأمريكية الى القدس المحتلة وزرع ” القواعد العسكرية الأجنبية ” في المنطقة ، أصبح عقد قمم عربية مضيعة للوقت وإهدارا للمال والطاقات..

·     وقد كشفت التجاذبات التي سبقت اجتماعات بيروت اصرار بعض العواصم العربية والاسلامية على الاصطفاف في محورين : الأول منحاز بشكل كامل لواشنطن وأعلن فتح قنوات شراكة رسمية وعلنية مع اسرائيل والثاني متحالف مع دول ” الممانعة ” بزعامة طهران وجزئيا روسيا وسوريا أو تركيا  وقطروالجزائر..
وداخل عدة بلدان مثل لبنان والعراق ينقسم صناع القرار السياسي من حيث ولاءاتهم بين المحورين ..

·     كما يتضح فشل رهانات ادارات بوش الابن و باراك اوباما وترامب في “الشرق الاوسط الكبير”، من خلال ترددها في تقديم دعم سياسي قوي للحكومات الحليفة ، مثل مصر والسودان والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي.
 كما لم تقدم دعما ماليا قويا لمسارات الانتقال الديمقراطي الناجحة جزئيا ، بما في ذلك تونس والمغرب ولبنان والاردن..مثلما سبق لها أن خذلت الساسة الليبيين واليمنيين المعارضين للارهاب وللمنعرج الامني العسكري..

+ في نفس الوقت تؤكد كل التقارير أن الحالة الصحية لعدد من الزعماء العرب حرجة جدا ولا تسمح لهم بالمشاركة في اجتماعات قمة والسفر..فضلا عن عدم مجازفة بعضهم ، مثل الرئيس السوداني ، بمغادرة بلده بسبب “المخاطر” التي تستهدفه في صورة مغادرة قصره وبلده ..

·     وفي دول الخليج زادت قضية الصحفي جمال خاشقجي علاقات دول مجلس التعاون التوتر السابق بينها ، وتعمقت خلافات بعضها مع قطر..

++ في هذا المناخ العام أليس من مصلحة تونس الاستفادة من فشل قمة بيروت والتشاور مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والإعلان عن ” تأجيل ” قمة تونس المقررة لشهر مارس القادم ؟

أليس من مصلحة تونس رئيسا وحكومة وشعبا البقاء على الحياد في الخلافات العربية الدولية الخطيرة والفتن والحروب التي تنهك المشرق العربي والاسلامي منذ عقود ؟

..إن الدفاع عن سمعة تونس وديبلوماسيتها يدعو الى المبادرة بالاعتذار عن استضافة قمة في مثل هذه الظروف ، والاعلان عن تأجيلها إلى أن تتوفر شروط انعقادها ..

وجهات نظر 0 comments on بعد تلويح اتحاد الشغل بإضراب عام جديد: تونس بين حلين أحلاهما مر..

بعد تلويح اتحاد الشغل بإضراب عام جديد: تونس بين حلين أحلاهما مر..

عزيزة بن عمر 
يتواصل التصعيد بين المركزية النقابية والحكومة وسط ردود فعل متباينة داخل االطبقة السياسية . 
كما شهدت تونس أمس مظاهرات بالجملة شارك فيها عشرات الاف التلاميذ في عدة مدن من شمال البلاد الى جنوبها للمطالبة باجراء الامتحانات وتسليم اوراق الاعداء واستئناف الدروس في ظروف عادية وتحييد المليوني  تلميذ وطالب وعائلاتهم عن الخلافات بين النقابات والسلطات . 

وفي تصعيد غير مسبوق بين الطرف النقابي و حكومة يوسف الشاهد، قرر الاتحاد العام التونسي للشغل، الدخول في إضراب عام في الوظيفة العمومية و القطاع العام لمدةو يومين في فيفري المقبل.

و يرى محللون أن تلويح الاتحاد بهذه الورقة سيدفع الحكومة إلى الاستجابة لمطالب الزيادة في الأجور، في الوقت الذي يدعو فيه آخرون الشاهد إلى الوقوف في وجه “المطالب السياسية المغلفة بعناوين نقابية” بحسب تعبيرهم.

إضراب ليومين

قررت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية بالبلاد، إضرابا عاما في الوظيفة العمومية و القطاع العام يومي 20 و21 فبراير المقبل.

و سيكون هذا الإضراب المزمع تنفيذه الثالث من نوعه منذ شهر نوفمبر الماضي.

و استنكرت الهيئة الإدارية للاتحاد التي اجتمعت السبت، في بيان لها، ما اعتبرته “إصرار الحكومة على عدم الاستجابة لمطلب الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية، واستمرار التملص من التزاماتها بعدم تطبيق أغلب بنود الاتفاق في القطاع العام”.

و تأتي هذه التطورات، أياما فقط بعد تنفيذ اتحاد الشغل إضرابا عاما في القطاع العام والوظيفة العمومية، شل حركة النقل البري والبحري والجوي وشمل كافة القطاعات الحكومية الحيوية.

ولم تتوصل الحكومة و اتحاد الشغل، إلى اتفاق يتعلق بالزيادة في أجور الموظفين العموميين، وقال الشاهد في كلمة متلفزة إن “الحكومة قدمت مقترحات جدية لتجنب الإضراب، مقترحات تحسن القدرة الشرائية للمواطنين و تراعي في الوقت نفسه وضعية ميزانية الدولة وإمكانيات البلاد”.

وتتباين آراء المحللين بشأن قدرة حكومة الشاهد على تلافي الإضراب العام المقبل، الذي يهدد بخسارة موارد مالية كبيرة.

image.png

بوعود: اتفاق في الأفق

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، محمد بوعود إن “الخسارة المالية ليوم واحد من الإضراب يفوق قدرة الحكومة، و يصبح الأمر معقدا في حالة الإضراب ليومين في القطاع العام والوظيفة العمومية”.

ويؤكد بوعود في تصريح “لمغرب نيوز”، أن “المؤسسات الدولية المانحة تراقب عن كثب جميع الخسائر المالية التي تنجم عن تعطل العمل في كل المؤسسات الدافعة للاقتصاد التونسي”.

و من هذا المنطلق، يشير المتحدث ذاته إلى أن “صندوق النقد الدولي المحتكر لإقراض تونس يدرك أن كل أزمة اجتماعية جديدة ستُعمق ارتهان الاقتصاد التونسي للمديونية، الأمر الذي سيُؤثر على قدرته في استخلاص ديونه، ما سيدفعه إلى الموافقة على الزيادة في الأجور”.

و برأي بوعود فإن “الاتحاد بعد التلويح بهذا الإضراب، يدرك أن الحكومة ستخضع في نهاية المطاف و ستجلس للتفاوض من جديد، لتقديم عروض و اقتراحات قريبة من مطالب الموظفين والأجراء”.

ويخلص المحلل السياسي إلى أن “تصريحات وزير الشؤون الاجتماعية، تُؤشر على العودة إلى طاولة المفاوضات بين الطرفين، لتقديم عرض جديد قد ينزع فتيل الأزمة بين الحكومة واتحاد الشغل”.

و كان وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، قد أكد في تصريحات صحفية أن”الاتحاد والحكومة حاليا أقرب من أي وقت مضى لتوقيع اتفاقية الزيادة في الأجور”.

يمينة الزغلامي : مطالب سياسية 

في المقابل، قالت  النائبة عن حركة النهضة يمينة الزغلامي لمغرب نيوز”  إن “مطالب اتحاد الشغل تحولت من مطالب نقابية إلى أخرى سياسية بقفاز نقابي، من بينها رفع شعار رحيل الحكومة”.

و أكدت الزغلامي أن “إسقاط الحكومة سيؤدي بالبلاد إلى نفق مجهول، لأن تشكيل حكومة جديدة سيتطلب مشاورات لمدة طويلة، ما سيدفع إلى تعطيل تركيز الهيئات الدستورية و تأجيل الانتخابات المزمع تنظيمها نهاية العام الحالي” .

كما استبعدت عضو النهضة “لجوء الشاهد إلى خيار الاستقالة”، مرجحة “إجراء مفاوضات جديدة تتعلق بالزيادات في الأجور، تأخذ بعين الاعتبار الموازنات المالية للبلاد و تدهور القدرة الشرائية للموظفين في الوقت نفسه”.

وتابعت قائلة إن “المفاوضات بين الطرفين الحكومي و النقابي ستنتهي إلى توقيع اتفاق يرضي جميع الأطراف”، داعية الحكومة إلى “اتخاذ مواقف جريئة في ما يتعلق بالمطالب السياسية التي تدافع عنها النقابات”.

image.png
البارزة, وجهات نظر 0 comments on احتجاجات متصاعدة : هل تهدد التجاذبات التونسية بتأجيل الانتخابات المقبلة ؟ .. بقلم كمال بن يونس

احتجاجات متصاعدة : هل تهدد التجاذبات التونسية بتأجيل الانتخابات المقبلة ؟ .. بقلم كمال بن يونس

يُعد الإضراب العام التونسي، في 17 يناير 2019، بقيادة اتحاد الشغل، مؤشرًا على تصاعد عدم الاستقرار السياسي في تونس، إذ يأتي الإضراب عقب إخفاق المفاوضات مع الحكومة لزيادة الأجور. وعلى الرغم من أن هذا الإضراب لم ينتج عنه أعمال شغب؛ إلا أن هذا لم يؤدِّ إلى تهدئة قلق المسئولين الحكوميين، ولا سيما بعد عودة الشعارات التي تُطالب بإسقاط الحكومة، وتصاعد الخلافات بين القادة السياسيين من جهة، والسلطة التنفيذية والبرلمان من جهة أخرى، وهو ما قد تكون له تداعيات على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر عقدها هذا العام.

 

 

تعقّد الخلافات الحكومية

 

 

تزايد الخلاف بين حزب “حركة نداء تونس” ورئيس الحكومة “يوسف الشاهد” إلى درجة أن الحزب الحاكم بات يعتبر نفسه معارضًا بعد دخول “الشاهد” في خلافات علنية مع رئاسة الجمهورية، وتحالفه في البرلمان مع قيادة حركة النهضة الإسلامية، وبعض الليبراليين المنشقين على الحزب الذين يستعدون لإطلاق حزب جديد يدعم المشروع الانتخابي للشاهد، كما تم تجميد عضوية “يوسف الشاهد” وبعض المقربين منه في سبتمبر 2018.

وفي هذا السياق، طالب “حافظ قائد السبسي” (المدير التنفيذي لحزب “نداء تونس”) بإقالة الحكومة ورئيسها، حيث أشار إلى أن حكومة “الشاهد” سبب تدهور الأوضاع وارتفاع نسب العجز المالي والتجاري والتضخم والبطالة، كما حمّل مسئولية هذا الإضراب لأمين عام اتحاد نقابات العمال “نور الدين الطبوبي”. كما هاجم “رضا بلحاج” (القيادي في الحزب) رئيس الحكومة وشركاءه السياسيين في قيادة حركة النهضة، التي وصفها بـ”إخوان تونس”، وحمّلهما مسئولية الاضطرابات وتدهور الأوضاع العامة في البلاد بشكل خطير، وأصدرت قيادة الحزب الحاكم بعد الإضراب العام بيانًا يحمل توقيع نجل رئيس الجمهورية، ويعلن الانحياز للنقابات ضد الحكومة وشركائها بزعامة حركة النهضة.

وقد استبق رئيس الجمهورية الإضراب العام باجتماع دعا إليه رؤساء الحكومة والبرلمان وحركة النهضة والكتل البرلمانية المساندة لـ”يوسف الشاهد”، وحمّلهم مسئولية الاضطرابات والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد، وقد وصف بعض المحللين هذه الأوضاع “بالمشهد السريالي”، معتبرين إياها مهدِّدة للنموذج الديمقراطي التونسي.

وفي هذا الإطار، كشفت الشعارات الرئيسية للتظاهرات والتجمعات النقابية، وتصريحات بعض القيادات النقابية والسياسيين؛ أن الهدف من وراء هذه الأزمة الجديدة هو إعادة ترتيب المشهد السياسي قبل بدء الاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في الخريف القديم، فلا يزال هناك تخوف من حزب النهضة على الرغم من إعلان “راشد الغنوشي” (رئيس حركة النهضة) أنه لن يترشح للرئاسة، إلا أن أغلب القيادات السياسية والنقابية لا تزال تضع في شعاراتها الانتخابية ضرورة التفوق على حزب النهضة في الانتخابات القادمة.

وهاجمت بعضُ القيادات اليسارية وأعضاء من الحزب الحاكم حركة النهضة التونسية، وأشارت إلى أنها تدعم الجماعات السلفية المتشددة المتهمة بالعنف والإرهاب، وقدم عدد من المحامين قضايا عدلية ضد قيادة النهضة تشير إلى امتلاكه تنظيمًا سريًّا له امتدادات داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية، وطالب بعض المحامين بحل حزب النهضة بعد اتهامه بمخالفة قانون الأحزاب.

من ناحية أخرى، تصاعد الهجوم على حكومة “الشاهد”، حيث يطالب قياديون في “الجبهة الشعبية” التي تضم 14 حزبًا يساريًّا وقوميًّا بإسقاط الحكومة، وإقصاء بعض الأحزاب من الانتخابات المقبلة. كما وصف الرئيس “السبسي” “الشاهدَ” بالمتمرد و”النهضاوي”، وأشار إلى أنه يقوم بتشكيل جبهة سياسية برلمانية تتحالف مع حزب النهضة والمنشقين عن حزب النداء.

وعلى الرغم من تصاعد الشعارات التي تنتقد حركة النهضة وزعيمها “راشد الغنوشي” خلال التجمعات النقابية والعمالية، إلا أن قيادات النهضة قللت من قيمة هذه الشعارات والحملات، وفسروها بأنها ضغوط يمارسها بعض خصومهم بهدف إلغاء العملية الانتخابية أو تأجيلها أو التأثير في سلوك الناخبين.

 

 

تعثّر مسار المصالحة

 

 

في ظل هذه الخلافات، يسعى كافة القادة السياسيين للتنصل من مسئولية الأزمات والإخفاقات الاقتصادية المتتالية، على الرغم من تصاعد التحذيرات من تداعيات مثل هذه الأزمات من قبل نقابات رجال الأعمال وغالبية خبراء الاقتصاد. فبينما يرى “الشاهد” ومستشاروه أن هذه الأزمات تعود إلى أخطاء “حافظ قائد السبسي” (المدير التنفيذي لحزب “نداء تونس”)، والعوامل الهيكيلة الموروثة، والمشكلات المعقدة التي تمر بها تونس منذ ما يقارب من 9 أعوام؛ فإن الرئاسة التونسية والزعامات النقابية واليسارية -في المقابل- ترى أن حكومة “يوسف الشاهد” هي المسئولة عن تفاقم هذه الأزمات. ومن ثمّ فإن الأزمة الحالية تكشف -حسب عددٍ من المراقبين والسياسيين البارزين- أن المصالحة بين التيارات السياسية الكبرى في تونس لم تتحقق بعد (الليبراليون، واليسار، والإسلاميون)، وهو ما أكدته تصريحات “خالد شوكات” (القيادي في حركة “نداء تونس”) الذي أشار إلى أن المسكوت عنه في الأزمة الحالية التي تسبق الانتخابات يتمثل في تعثر المصالحة الوطنية بين كوادر الحزب الحاكم واليساريين والإسلاميين.

وطالب زعيمُ حزب النهضة “راشد الغنوشي” في مؤتمر صحفي مطول في الذكرى الثامنة للثورة التونسية إلى “عفو تشريعي عام” يقرره البرلمان يؤدي إلى طيّ صفحة التجاذبات والصراعات، وغلق مرحلة تبادل الاتهامات بين المسئولين في الدولة ومعارضيهم خلال الستين عامًا الماضية. واعتبر “الغنوشي” أن مثل هذه المصالحة يمكن أن تساعد الفرقاء السياسيين على “تناسي الخلافات الأيديولوجية، وتحييد الخلافات التاريخية، وتحقيق المصالحة”. كما دعا “نور الدين العرباوي” (رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة) إلى استشراف مستقبل البلاد، وحسم الخلافات الجديدة عبر الاحتكام للدستور والمؤسسات المنتخبة وعلى رأسها البرلمان ومؤسسة رئاسة الجمهورية، بيد أن هذه الدعوات لم تلقَ صدى كبيرًا بسبب أجواء التوتر السائدة داخل تونس مع انطلاق الحملات الانتخابية بشكل مبكر مما عمق التجاذبات السياسية وزادها تعقيدًا. 

 

 

تصاعد المنافسة الانتخابية 

 

 

يتزايد الاستقطاب في تونس مع احتمالية إسقاط حكومة “الشاهد”، وهو ما يُضعف من حظوظه في الانتخابات المقبلة، ويؤدي إلى إضعاف شركائه في الحكومة تمهيدًا لإقامة حكومة تكنوقراط تقود البلاد حتى موعد الانتخابات القادمة.

من جانب آخر، أعلن أمين عام اتحاد نقابات العمال أن المركزية النقابية لن تكون محايدة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة، وهو ما أدى إلى تحرك قيادات نقابية وبعض منظمات المجتمع المدني الموالية لليسار التونسي لتأسيس جبهة انتخابية موالية لها، وأعلن قياديون في الاتحاد العام التونسي للشغل أن المركزية النقابية قد تدعم مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وسوف تدعم مرشحين للبرلمان القادم في محاولة لإنهاء سيطرة الأحزاب الليبرالية والإسلامية على الأوضاع السياسية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية لتونس بسبب موقعها في البرلمان.

ومن ثمّ يمكن القول إن اتحاد نقابات العمال سوف يسعى لزيادة حجم دوره السياسي في الفترة المقبلة، بيد أن هناك تخوفات من قبل بعض المحللين من تزايد موجات الإضرابات العامة التي سوف تؤدي إلى مزيد من تدهور الوضع الاقتصادي، وربما يتفاقم الوضع إلى انفلات أمني يؤدي إلى تأجيل الانتخابات. 

” المستقبل للابحاث و الدراسات المتقدمة “
البارزة, وجهات نظر 0 comments on تونس بين جدلية الثورة و الثورة المضادة .. بقلم سمية الغنوشي

تونس بين جدلية الثورة و الثورة المضادة .. بقلم سمية الغنوشي

تمر هذه الأيام الذكرى الثامنة للثورة التونسية، هذه الثورة التي انطلقت فجأة، من دواخل تونس وأعماقها المهمشة والمفقرة.

لا أحد كان يتصور رحيل ابن علي بتلك السرعة و المباغتة؛ بعد أن حصن نظامه بقوة الأجهزة البوليسية الضاربة، و جيش من المخبرين، و حالة قمع واسعة شملت مختلف المكونات السياسية و الاجتماعية.

بدأت الثورة انتفاضة احتجاجية، مدفوعة بالشعور بالفقر والحرمان وسطوة النظام وأجهزته وحزبه الحاكم.

لكنها ما فتئت أن أخذت بعدا سياسيا واضحا مع تبلور الشعارات والمطالبة السياسية بصورة تدريجية ومتزايدة، خصوصا مع انتقالها إلى مراكز المدن الكبرى، وإصرار المتظاهرين على إسقاط النظام، والتصميم على رحيل ابن علي.

وقد برز ذلك بصورة واضحة مع شعار “الشعب يريد إسقاط النظام” المستلهم من قصيدة أبي القاسم الشابي، ثم كلمة “ديقاج” الفرنسية أو “ارحل”.

حاول الكثيرون محاكمة الثورة التونسية، ومن بعدها من الثورات العربية، على ضوء نموذج نظري نمطي للثورات مستمد من المثالين الفرنسي والروسي لاحقا.

كانت الخلفية واضحة: الاستنقاص من شأن هذه الثورات. فبما أنها قد خلت من القيادة الطلائعية الملهمة، ومن الهرمية على طريقة يعاقبة الثورة الفرنسية وبلاشفة روسيا، وافتقرت للنظرية الثورية المكتملة، فهي ليست بثورة، بل انتفاضة في أحسن الحالات..

والحقيقة أن الثورة التونسية انطلقت انتفاضة تلقائية ذات مطلبية اجتماعية، ثم غدت ثورة حقيقية وعميقة تقودها قيادات محلية فاعلة.

كما أنها مزجت فيما بعد بين المطلبية الاجتماعية والجذرية السياسية، من خلال الدعوة لرحيل النظام والمطالبة بالحرية والكرامة، شأنها في ذلك شأن كل الثورات الحديثة تقريبا.

ثماني سنوات مرت اليوم على ثورة تونس بكل تقلباتها وتناقضاتها. فكيف نقيّم اليوم مسارها؟ و إلى أين تسير وجهتها ؟ ما هي مواطن النجاح و الإخفاق ؟ و ما طبيعة التحديات أمامها ؟

واجهت الثورة التونسية، ولا تزال، عواصف هوجاء ومخاطر جمة، بعضها متأت من معطيات الإقليم، وبعضها الآخر من الداخل.

نجح المحور الخليجي المعادي للثورات في كسر موجة الربيع العربي، بعد أن أطاح بثورة 25 يناير وأرجع العساكر بقيادة السيسي إلى سدة الحكم.

ثم دُفِعت ليبيا في أتون حرب أهلية بقوة السلاح، بعد التصميم على صنع سيسي جديد في ليبيا (الجنرال حليفة حفتر).

وخُرِّب مسار الثورة السورية عبر تفجير التناقضات الطائفية والإثنية واستخدام ورقة الاٍرهاب، على خلفية محاربة إيران وإنهاكها في الساحة السورية.

أما اليمن، فغُدر بثورة شبابه باحتضان علي عبد الله صالح، ثم الانقلاب عليه، ودحرجة الوضع صوب حرب داخلية، قبل أن تتدخل القوات السعودية هناك وتجلب الخراب والدمار الشامل.

وظل هذا المحور يعمل ليلا نهارا على ارباك التجربة التونسية عبر التحريض الإعلامي والضخ المالي وبث الفتنة والانقسام بين مكونات الطبقة السياسية.

كل ذلك حتى يثبت هذا المعسكر سرديته الكبرى بأن الديمقراطية لا تصلح للعرب، ولا تفرز غير الفشل و الفوضى، و أن الحل الوحيد المتاح أمامهم هو الحكم الفردي و العسكري المطلقان.

لكن، ورغم كل هذه الدسائس، نجح التونسيون (إلى الساعة) في حماية مكتسب الحرية الذي جاءت به ثورتهم، وهذا في حد ذاته لعمري إنجاز عظيم، في مناخ سياسي عربي سمته الأبرز عودة التسلطية، وسياق عالمي يشهد صعودا للشعبوية ورفض الخيارات الديمقراطية.

رغم العقبات الكاداء على طريقهم، تمكن التونسيون من سن دستور جديد ضمن الحريات العامة والخاصة، وفرض إعادة توزيع السلطة للتخفيف من آفة المركزية والحكم الفردي.

وأسس دستور الثورة للتداول السلمي على السلطة؛ عبر انتخابات تتوفر على قدر كبير من الاستقلالية والنزاهة، وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ تونس، وتكاد تكون معدومة في العالم العربي.

نجحت الثورة بأقدار نسبية في احتواء قوى الثورة المضادة عبر إعادة تأهيلها واستيعابها داخل منظومة الحكم الجديدة، بتجنب خيار الإقصاء والعزل، مقابل القبول بالمنافسة الانتخابية و إدارة الصراع بالآليات الديمقراطية.

ولكن هذه الأخيرة ما زالت تمتلك أذرعا طولى في الأحزاب والإعلام ودوائر المال والنفوذ، وتتغذى من قوة المواقع والخبرة والإمكانيات المالية، بضخ إقليمي كان وما زال يراهن على إسقاط التجربة برمتها.

كل هذا أتاح لها إعادة التموقع في ساحة لم تخرج منها أصلا. وهذا خيار، على هناته، أقل سوءا وضررا للتجربة التونسية.

ما زالت تعتمل في أحشاء الجسم السياسي التونسي تناقضات بين مكونات الثورة والثورة المضادة. هذه التناقضات تم احتواؤها زمنا عبر التوافقات والتسويات السياسية التي عقدت عام 2014، على أرضية الثورة والدستور الجديد.

لكن الشجرة يجب أن لا تحجب عنا الغابة أو المشهد الكبير خلفها، وهو أن هذا التوافق كان في أساسه مع حزب النداء الذي يمثل خليطا غير متجانس؛ ضم في أغلبه القوى الكارهة للثورة والرافضة للقوى الجديدة.

و قد ظل هذا التناقض يفعل فعله في الواقع التونسي بين منظومة جديدة؛ راهنت على احتواء مكونات المنظومة القديمة وترويضها ديمقراطيا، وقوى قديمة تسعى جاهدة لإعادة الانتشار واحتواء قوى الثورة بآليات الإنهاك السياسي والإعلامي.

و هذا باختصار سبب حال التوتر والتجاذب الذي تطبع الساحة السياسية التونسية اليوم.

تونس أيضا لم تكن بمنأى عن دور المحور الإقليمي، بقيادة السعودية والإمارات، المصمم على غلق ملف ثورات الربيع العربي، وفق معادلة واضحة وبسيطة، وهي إما نحن أو الجحيم:

إما أن تستمر منظومة الاستبداد و الحكم الفردي.. أو الفوضى و الخراب و الحروب الأهلية.

تعيش تونس هذا التقلب بين موجات الثورة، المدعومة أساسا من الفئات الضعيفة والمتضررة من حكم ابن علي، وقوى الثورة المضادة التي تتغذى من مراكز النفوذ والمصالح الكبرى، في تقاطع مع قوى يسروية فوضوية تحركها نوازع العمى الأيديولوجي.

كما أن الثورة التونسية ما زالت تعاني من هوة كبيرة بين المكتسب السياسي وحجم الإنجاز الاقتصادي التنموي.

فالجهات الداخلية المهمشة والمفقرة والفئات الضعيفة من أبناء المدن لم تلمس تحسنا ملحوظا في مستوى عيشها وحياتها اليومية. بل إن التقلبات السياسية والأزمات الاجتماعية قد أثرت على وضعها العام بصورة سلبية، فزادته تدهورا.

كما أن تقلبات الجوار المباشر وخاصة مع ليبيا ما انفكت تلقي بظلالها السلبية أمنيا وسياسيا واقتصاديا على تونس، بحكم الترابط الوثيق بين البلدين.

والحقيقة أن فشل التونسيين في حل هذه المعادلة بين السياسي والتنموي يجعل تجربتهم هشة وضعيفة. لكن ما يدعو لبعض التفاؤل هو أنهم رغم كثرة تذمرهم من الوضع الحالي، عازمون على الحفاظ على منجز ثورتهم، مدركون حجم التربص الإقليمي بها.

كما أن الطبقة السياسية شديدة الوعي بالأولوية الاقتصادية الاجتماعية بعد استكمال بناء المؤسسات السياسية.

فهل تنجح الثورة في استكمال الأميال الأخيرة المتبقية والوصول بتونس لبر الأمان؟

وهذا رهان مهم ليس لتونس فقط، بل للعمق العربي الأوسع المبتلى بالأزمات والحروب الأهلية، وتغول حكومات العنف والتسلط.

وجهات نظر 0 comments on ”الإضراب العام .. ظاهره اجتماعي و باطنه سياسي”

”الإضراب العام .. ظاهره اجتماعي و باطنه سياسي”

أخيرا تأكّد تنفيذ الإضراب العام ليوم 17 جانفي والذي كان تم الإعلان عنه منذ أسابيع للضغط على الحكومة ودفعها إلى الاستجابة للمطالب النقابية .. إلا أن الجلسات التفاوضية بين الطرف الحكومي والمركزية النقابية لم تثمر أي قرار في ظل تشبث الإتحاد العام التونسي للشغل بمواقفه والذي يعتبر أن التنازلات التي قامت بها الحكومة لا تفي بالغرض وغير جدية.

“إضراب 17 جانفي 2019 هو المرحلة الختامية ولن يكون هناك جلسات ولا مفاوضات أخرى”، حسب ما أكده الأمين العام المساعد للاتحاد، سامي الطاهري خلال ندوة صحفية عقدت صباح اليوم الأربعاء والتي دعا فيها النقابيين إلى إنجاح إضرابهم والتحلي بالمسؤولية خلال تحركاتهم الاحتجاجية اليوم الخميس.

وكانت جلسة 5 زائد 5 عقدت أمس دامت سبع ساعات وضمت ممثلين عن الطرفين الحكومي والنقابي لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي طالت أكثر مما يجب والتوصل إلى إلغاء الإضراب .. “غير أن الحلول انعدمت ولم يتوصل الطرفان إلى أية نتيجة .. حتى أن اللقاء الذي جرى بين نور الدين الطبوبي ويوسف الشاهد لم يدم سوى ثلاث دقائق وكان أشبه بلقاء مجاملة أكثر منه جلسة تفاوضية”، حسب الطاهري.

وأمام انعدام الحلول تقرر تنفيذ الإضراب الذي سينطلق بداية من منتصف ليلة الأربعاء 16 جانفي ويتواصل إلى منتصف ليلة الخميس 17 جانفي 2019 وهو إضراب يشمل كل الأعوان العاملين في الوزارات والإدارات المركزية والمحلية والمنشآت والمؤسسات العمومية .. فلن يكون هنالك تأمين لخدمات النقل العمومي والبلديات والإدارات والمستشفيات العمومية باستثناء أقسام الإستعجالي.

 الساعة العاشرة من صباح الخميس ينتظم تجمع عمالي بساحة محمد علي بالعاصمة حيث مقر المركزية النقابية إلى جانب تجمعات مماثلة في مقرات الإتحاد في الجهات.

وكانت المنظمة الشغيلة أعلنت منذ 24 نوفمبر 2018 عن تنفيذ هذا الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام على إثر فشل المفاوضات بين الحكومة والطرف النقابي حول الزيادة في أجور الوظيفة العمومية .. ففي حين طالب الإتحاد بزيادات تضاهي أو تفوق الزيادات في القطاع العام، اقترحت الحكومة زيادة تتراوح بين 136 و180 دينارا وهو ما لم يحل الأزمة بين الجانبين باعتبار أن الزيادة في القطاع العام كانت بين 205 و270 دينارا  .. إلا أن نقطة الخلاف تتمثل اليوم في مواعيد صرف الزيادات أكثر مما هو حجم الإعتمادات المرصودة للزيادة في الأجور إذ أن الحكومة اقترحت أن يتم صرفها على قسطين بداية من ديسمبر 2018

في هذا السياق قال المسؤول النقابي حفيظ حفيظ: “قبلنا أن تشمل الزيادات سنتين عوضا عن ثلاث سنوات ويتم صرفها ابتداء من أكتوبر وليس ماي 2018 مثلما هو الشأن بالنسبة إلى القطاع العام كما وافقنا على أن يتم صرف القسط الثاني من الزيادة في ماي 2019 إلا أن الحكومة لم تتجاوب معنا في هذا الخصوص وقدمت مقترحات تتمثل في زيادة تتراوح بين 136 و180 دينارا وهو ما وافق عليه الإتحاد لكن نقطة الخلاف كانت في مواعيد صرف أقساط الزيادات ومسألة إدراج الزيادة في كتلة الأجور.

لكن يبدو أن الخلاف الحقيقي بين الطرفين الحكومي والنقابي يتجاوز مسألة المفاوضات الإجتماعية بخصوص الأجور .. فاتحاد الشغل يسعى إلى التموقع السياسي مع اقتراب الإنتخابات وهو ما يعكسه كلام سامي الطاهري الذي كتب تدوينة اعتبر فيها أنه لا مستقبل لمن ضد الإضراب. كما أن المركزية النقابية تتهم الحكومة بأنها فاقدة للسيادة وبأنها تمتثل لتعليمات صندوق النقد الدولي ..

من ناحيتها تؤكد الحكومة أنها حسّنت في كل مرة من مقترحاتها وهو ما ذهب إليه الناطق باسم الحكومة، إياد الدهماني حين قال إن الحكومة لا ترغب في الدخول في مواجهة مع اتحاد الشغل الذي لا يعد عدوا لها بل شريك اجتماعي، ملاحظا أن “المفاوضات ستتواصل مع حتى بعد تنفيذ الإضراب لأننا نريد الوصول إلى حل ونحن مستعدون دائما للحوار .. لكن الزيادة في الأجور ليست بالضرورة الحل المناسب لغلاء المعيشة .. إنها حلقة مفرغة ..”

اليوم الخميس أكثر  من 650 ألف موظف سيضربون عن العمل والكثير منهم سيخرجون إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم وانتقادهم للحكومة الحالية .. وهم يعتبرون من نقاط قوة الإتحاد العام التونسي للشغل وسلاحه الأول لفرض نفسه في الساحة السياسية .. وهو ما كان أكده المسؤول النقابي سمير الشفي في ديسمبر 2018 الذي شدد على أن الإتحاد سيتخلى عن حياده وسيشارك في انتخابات 2019 .. معركة 17 جانفي لن تكون اجتماعية فحسب بل سياسية قبل كل شيء.

بيزنس نيوز

وجهات نظر 0 comments on واشنطن بوست : خسر ترامب سوريا فهل يخسر المنطقة كلها أيضا ؟

واشنطن بوست : خسر ترامب سوريا فهل يخسر المنطقة كلها أيضا ؟

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للمعلق ريتشارد كوهين، تحت عنوان: “ترامب يخسر سوريا فهل سيخسر المنطقة أيضا؟”.

ويبدأ كوهين مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، بالتذكير بما قاله الجمهوريون عندما انتصرت الثورة الصينية بقيادة ماوتسي دونغ، حيث صرخوا: “من خسر الصين؟”، مشيرا إلى أن “الجمهوريين يطرحون اليوم السؤال ذاته عن سوريا، والجواب عندهم جاهز من أن الذي خسرها هو الرئيس السابق باراك أوباما”.

ويعلق الكاتب قائلا إن “الذي خسرها هما الرئيسان، أوباما ودونالد ترامب، وكلاهما يتحمل المسؤولية بفارق وحيد، وهو أن ترامب قبل أن تكون له الفرصة لخسارة سوريا (فقد عقله)”.

ويشير كوهين إلى أن “جنون الرئيس منحه صوت بومبيو العاجز بطريقة مذهلة، الذي يظل وزيرا للخارجية حتى يحل محله ترامب، أو يخرج هاربا من منطقة (فوغي بوتوم في واشنطن)، صارخا (لم أعد أحتمل) في خطاب من أكثر خطابات السياسة الخارجية إرباكا، حيث تحدث فيه عن الخروج والبقاء في الوقت ذاته، وذلك في كلمته في الأسبوع الماضي في القاهرة (لن تتراجع أمريكا حتى تتم هزيمة الإرهاب.. قد قام الرئيس باتخاذ قرار لجلب القوات من سوريا)”.

ويقول الكاتب إن “التناقض لم يعطه مساحة للتوقف، بل إنه فاقم الأمور وزادها سوءا عندما قال: (عندما تتراجع أمريكا تحل الفوضى، وعندما نتجاهل أصدقاءنا تحل النقمة)”.

ويجد كوهين أنه “في هذه الحالة سبقت الفوضى وتبعتها، فقد فاجأ قرار ترامب في تغريدته التي نشرها في كانون الأول/ ديسمبر الحلفاء، وأقلقت التغريدة إسرائيل، وأدهشت فرنسا وبريطانيا، وشعر الأكراد بالخيانة، وأدى القرار إلى استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس، وكذلك المبعوث الخاص لدول التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بريت ماكغيرك، وسارع السيناتور الجمهوري عن ساوث كارولينا ليندزي غراهام إلى البيت الأبيض، وحثه على إبطاء عملية الانسحاب إن لم يكن يريد إلغاءها، وقد تتحول تغريدة الرئيس، التي احتوت على كلمة (الآن) إلى (أشهر)، أو عدم الانسحاب، والعالم بانتظار تغريدة”.

ويرى الكاتب أن “ترامب وبومبيو محقان في كلامهما، فقد أدخل أوباما أمريكا في دوامة سورية، وكان يجب عليه التدخل عندما كانت هناك معارضة معتدلة ضد نظام بشار الأسد، وكان عليه أن ينفذ تهديده عندما وصف استخدام الأسد السلاح الكيماوي بالخط الأحمر، ولم يفعل أوباما شيئا بعد الهجوم الكيماوي بالسارين، وبالمقارنة فإن ترامب وجه ضربتين للنظام السوري لاستخدام السلاح الكيماوي”.

ويعلق كوهين قائلا إن “سوريا أصبحت اليوم نسخة عن البلقان قبل الحرب العالمية الأولى، وهي برميل بارود ينتظر علبة كبريت، وهي المكان التي تتصادم فيها المصالح الأمريكية والتركية والروسية والكردية والسعودية والإسرائيلية بالإضافة إلى مصالح الإسلاميين، وتخوض إسرائيل وإيران حربا بالوكالة، وتقوم المقاتلات الإسرائيلية بشن غارات جوية ضد المنشآت الإيرانية في سوريا، كان آخرها ضربة في نهاية الأسبوع، وقامت إيران بتسليح حزب الله، فيما سلحت روسيا سوريا”.

ويلفت الكاتب إلى أن “دول البلقان عانت من أزمة تلو الأخرى قبل أن تخرج عن السيطرة، وتندلع الحرب الكبرى، وبعيدا عن محاولات جورج دبليو بوش إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وهو أمر ليس صغيرا، فالمنطقة كانت محظوظة، إلا أن هناك لاعبين كثيرين في سوريا (وهي ليست دولة كبيرة) لتكون محظوظة، فتركيا تريد مواجهة الأكراد، أما إيران وحزب الله فهما حريصتان على ضرب إسرائيل، فيما يريد الأسد تصفية حسابات كثيرة، وقدمت له روسيا شحنة جديدة من الصواريخ”.

ويقول كوهين إن “على ترامب الإصغاء لكلمات بومبيو الحكيمة: (عندما تتراجع أمريكا تنتشر الفوضى)، إلا أن أمريكا تتراجع، فقد أعلنت البنتاغون الأسبوع الماضي عن بدء سحب المعدات الثقيلة من سوريا”.

ويدعو الكاتب إلى تذكير ترامب بمثال من البلقان، وهي كوسوفو، البلد الصغير الذي تم إنقاذه من الهجوم الصربي عام 1999، في موجة غارات قام بها حلف الناتو وبقيادة أمريكية، وتم استخدام القوة الجوية دون وضع قوات على الأرض، وعندما استخدمت روسيا الفيتو لمنع الأمم المتحدة من التدخل قرر الناتو التحرك بقرار منه، مشيرا إلى أن كلا من صربيا وكوسوفو تتفاوضان اليوم لتوقيع اتفاقية سلام دائمة.

ويرى كوهين أن “القوة الجوية الأمريكية كانت فاعلة جدا في سوريا، فقد عاقبت تنظيم الدولة، وكشفت أكثر من هذا، وأظهرت للاعبين الآخرين أن لدى الولايات المتحدة مصالح في المنطقة، والمصلحة الأكبر هي تجنب حرب واسعة”.

ويذهب الكاتب إلى أن “الدول مثل الأطفال تحن للاعتراف، وهي تحتاج لمعرفة القواعد، والولايات المتحدة هي مثل الأب الذي تتبعه الدول الأخرى من أجل الإرشاد وتطبيق القوانين، وفشل ترامب في أداء دور الأب، فقد رفض التحالفات والقادة الأجانب، خاصة حلف الناتو”.

ويختم كوهين مقاله بالقول: “في عالم فوضوي كانت مساهمة ترامب مزيدا من الفوضى، والسؤال لم يعد إن كان سيخسر سوريا فقط، بل المنطقة كلها أيضا، وهو في الطريق للخسارة”.

 

البارزة, وجهات نظر 0 comments on بعد 8 أعوام عن الثورة.. بين رهانات السياسيين على السفارات.. و “أجندات” الدم و الثأر ؟ .. بقلم كمال بن يونس

بعد 8 أعوام عن الثورة.. بين رهانات السياسيين على السفارات.. و “أجندات” الدم و الثأر ؟ .. بقلم كمال بن يونس

 

في الوقت الذي احتفل فيه آلاف النشطاء السياسيين والنقابيين أمس في شارع بورقيبة وساحة اتحاد الشغل ، وفي مدن عديدة ، بالذكرى الثامنة لثورة جانفي 2011 ، تجاهلت أغلب القنوات التونسية الذكرى أو همشتها وخصصت أغلب فقراتها لبرامج رياضية ومنوعات “ترفيهية”…
لكن الشعارات المرفوعة وكثرة ألوان “الخيام السياسية ”  والغياب الكامل لممثلي عدة أطراف سياسية ، بينها “حزب النداء” و” انصار حزب يوسف الشاهد – سليم العزابي ” والدستوريين ، أثبت مرة أخرى خطورة التجاذبات السياسية والايديولوجية  في البلاد ، واحتمال استفحالها خاصة إذا تأكد تورط مجموعات ضغط اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية في تأجيجها ..
أثبت الاف المتظاهرين السلميين مرة أخرى رهانا على حسم الخلافات السياسية سلميا بعيدا عن المنعرجات الأمنية والعسكرية  وعن العنف والارهاب.
لكن بعض الشعارات التي رفعت كانت ” اقصائية ” و” عنيفة ومتشنجة ” تؤكد عمق  أزمة الثقة التي وقع تفجيرها منذ 8 أعوام بين ” الإخوة الأعداء” و” حلفاء الأمس” ، في مرحلة التحركات المشتركة ضمن جبهة 18 أكتوبر2005 وغيرها من الهيئات السياسية والحقوقية والنقابية ..
+ وقد أكدت بعض شعارات أمس أن جريمة اغتيال المناضلين القوميين اليساريين محمد البراهمي وشكري بلعيد لا تزال تلقي بضلالها على المشهدين السياسي والنقابي الوطني ، وأنها تعمق الخلافات بين بعض الأطراف السياسية ، بما يذكر بأجواء 2013 عندما بلغ الأمر حد التلويح علنا ب”الثأر” و” الدم”..
و توشك التجاذبات أن تستفحل ، حسب البعض ، تحت تأثير عدد من ” اللوبيات الأجنبية” من جهة  و المهربين وبعض “المافيات” المستفيدة من اضعاف الدولة ودفع المنطقة نحو العنف والإرهاب وسقوط جرحى وقتلى وتوظيف ” دماء الشهداء والجرحى” في خطة تعميق التناقضات الداخلية من جهة أخرى ..
++ وفي الوقت الذي أكدت فيه التصريحات الجديدة الصادرة عن السفيرين الفرنسي والأمريكي ، ونظرائهم الاوربيين ، دعم دولهم ل” الانتقال الديمقراطي والمسارين التنموي والانتخابي التونسي” ، يضخم كثير من النشطاء دور السفارات الفرنسية والامريكية والالمانية والبريطانية وبعثة الاتحاد الأوربي ، ويتهمونها بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ومحاولة عرقلة ” المسار الديمقراطي والانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة” ..
++ في الأثناء ينتقد رجال الأعمال استفحال البيرقرواطيية والرشوة ومناخ العمال ويشكو الفقراء من تدهور أوضاعهم والطبقة الوسطى من فقدان أكثر من 40 بالمائة من قدرتها الشرائية…
في المقابل تشكو الحكومة من ” تسويف ” البرلمان لعدد من مشاريع القوانين الاصلاحية وبينها قانون الصرف وقانون الطوارئ الاقتصادية ..
وتعمقت حيرة ملايين العائلات بسبب الاضطرابات و تدهور خدمات قطاعات استراتيجية ، مثل التعليم والصحة والنقل والضمان الاجتماعي والادارة …
++ فهل من الأسلم في مثل هذا المناخ تدخل كبار صانعي القرار لإنقاذ الموقف أم التورط مجددا في المعارك الايديولوجية والسياسوية والاتهامات المتبادلة بالتطرف والعنف والارهاب بما يتسبب في تعميق معاناة المواطن وأزمات البلاد؟
++ لقد أثبتت دراسات استراتيجية معمقة أن ” لوبيات ” و”مافيات” دولية كانت وراء تفجير ” ورقتي الدم والثأر” في أغلب الدول العربية بين التيارات العروبية واليسارية والاسلامية ” ، خدمة لأجندات استعمارية ولإستراتيجية ” فرق تسد”وتوريط الحكومات والأطراف السياسية في حروب استنزاف وفي حرب عالمية بالوكالة ..
فمتى يتحرر صناع القرار من الحسابات الضيقة والنظرة القصيرة ويستحضروا حجم التحولات الجيو استراتيجية والاجندات الاستعمارية التي تستهدف البلاد وكامل  الوطن العربي ؟
ومتى يتحررون من موروث المعارك الايديولوجية الموروثة عن مرحلة الحرب الباردة وتبادل الاتهامات بالتخوين والولاء للسفارات الاجنبية ؟
..عسى أن تنتصر البراغماتية .

وجهات نظر 0 comments on تداعيات الإغلاق الحكومي بأميركا: مليون موظف بلا رواتب… و مخاوف من الركود

تداعيات الإغلاق الحكومي بأميركا: مليون موظف بلا رواتب… و مخاوف من الركود

يدخل الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية يومه الثاني والعشرين السبت، ليصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، مع ارتفاع حدة الخلافات ما بين الرئيس الأميركي والديمقراطيين حول تمويل الجدار على طول الحدود مع المكسيك.

ويأتي ذلك، وسط ارتفاع كبير في دخول الاقتصاد في دوامة من الركود. وقال بيني تومسون الرئيس الديمقراطي للجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأميركي غاضباً، إن “نحو مليون موظف فدرالي لم يتسلموا الجمعة أول راتب في السنة، لأن الرئيس قرر جعل الحكومة رهينة لمطلبه السخيف، لجدار حدودي غير فعّال وغير مجد”.

من جهته، صرّح رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول، بأن شللاً طويلاً للحكومة الفدرالية سيكون له “تأثير ملحوظ” على أكبر اقتصاد في العالم. وقبل أن يحط في تكساس، أعلن ترامب في تغريدة أنه لن يشارك في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الذي سيجري من 21 إلى 25 جانفي مبرراً ذلك “بتعنت الديمقراطيين”.

وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس، بإعلان حالة طوارئ وطنية على طول الحدود مع المكسيك. ويريد الرئيس الأميركي الحصول على 5,7 مليارات دولار للجدار الذي وعد بتشييده خلال حملته الانتخابية.

ويرفض خصومه بشكل قاطع الإفراج عن الأموال لمشروع يعتبرونه “لا أخلاقياً” ومكلفاً. وذكرت وسائل إعلام أميركية عديدة، أن البيت الأبيض يفكر في تحويل أموال مخصصة للمساعدة العاجلة لمناطق تضررت بكوارث مثل بورتوريكو، لتمويل بناء حاجز على الحدود.

ووضع الاقتصاديون خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة، في أعلى مستوى له منذ أكثر من ست سنوات، وسط تصاعد المخاطر في الأسواق المالية، مع إغلاق الحكومة الفيدرالية واستمرار الحرب التجارية مع الصين.

ورأى المحللون الذين شملهم استطلاع “بلومبيرغ” الذي أُعلن أمس الجمعة، أن متوسط احتمال حدوث هبوط في النموّ في الأشهر الـ 12 المقبلة يبلغ 25 في المئة، بعدما كان 20 في المئة في استطلاع  ديسمبر.

ومن المتوقع الآن أن يبقي مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على أسعار الفائدة ثابتة في الربع الأول من 2019، بدلاً من رفعها، بعدما شهد العام الماضي أربعة تحركات تصاعدية.

وانخفض متوسط توقعات النموّ الاقتصادي لعام 2019 في أميركا إلى 2.5 في المئة من 2.9 في المئة في 2018، وفق “بلومبيرغ” مع تلاشي دفعة التحفيز المالي.

وقال بريت رايان، وهو اقتصادي أميركي في دويتشه بنك إيه جي الجمعة، إن “إغلاق الحكومة يؤثر على ثقة الشركات، ويمكن أن يؤثر على ثقة المستهلك. نحن لا نقول بأن هناك ركوداً قريباً بأي حال من الأحوال، لكن الظروف المالية قد اشتدت بشكل ملموس خلال الشهرين الماضيين، لديك قضايا التجارة المستمرة التي تؤثر على النموّ العالمي، ونرى أن الثقة في الأعمال في الولايات المتحدة تتضاءل قليلاً”.

واعتبر رايان أنه يوجد نسبة 20 في المئة من وصول الاقتصاد إلى مرحلة الركود، ارتفاعاً من 12 في المئة في استطلاع ديسمبر.

وتوقع المحللون عموماً، أن يؤثر إغلاق الحكومة بشكل جزئي (الذي قال الرئيس دونالد ترامب إنه قد يستمر لأشهر إن لم يكن سنوات)، على إضعاف النموّ الاقتصادي الفصلي بنسبة 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية كل أسبوع.

ويوم الخميس، خفض كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك جيه بي مورغان تشيس وشركاه، مايكل فيرولي توقعاته للنموّ في الربع الأول من العام الحالي إلى نسبة 2 في المئة سنوياً من 2.25 في المئة، مشيراً إلى الآثار السلبية للإغلاق الجزئي على الاقتصاد.

كما أدى إيقاف العمل في العديد من الإدارات، إلى تأخير إصدارات البيانات الحكومية، مثل مبيعات التجزئة والمخزونات، التي يستخدمها المستثمرون والمحللون لتقييم حالة الاقتصاد.

إن تراجع التفاؤل بين المستهلكين سوف يعتمد على مخاوف الأسواق المالية من تباطؤ أوسع، خلال الفترة المقبلة. القطاعات التي تتأثر بارتفاع أسعار الفائدة، مثل صناعة السيارات، من المرجح أن تتلقى ضربة، وفقاً لما ذكره كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك باركليز، مايكل جابن.

وقال لوكالة “بلومبيرغ”، إن الحرب التجارية مع الصين التي تساهم في تباطؤ التجارة العالمية بشكل عام، رفعت الأسعار على بعض الشركات الأميركية، تؤثر أيضاً على النموّ وتزيد من خطر حدوث هبوط.

وبسبب الإغلاق الحكومي، تتأثر الكثير من الأعمال، إذ لا تقوم إدارة الأغذية والعقاقير بإجراء بعض عمليات التفتيش الروتينية على سلامة الأغذية، وقد تنفد الأموال اللازمة لمراجعة الأدوية الجديدة. ولا يمكن أن توافق لجنة الأوراق المالية والبورصات على الاكتتابات العامة الأولية، كما تتأثر القروض العقارية مع عدم قدرة الاطلاع على بيانات المقترضين.

البارزة, وجهات نظر 0 comments on هل تطيح التحولات في أوروبا بالنظام العالمي ؟ بقلم ليلى نقولا

هل تطيح التحولات في أوروبا بالنظام العالمي ؟ بقلم ليلى نقولا

لطالما شكّلت القومية عاملاً جوهريًا في دفع التحولات في أوروبا، فمنذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومع توحيد ألمانيا بقيادة بسمارك، ثم اندفاع الأوروبيين وراء هتلر وموسوليني، مرورًا ببروز القوميات في أوروبا في نهاية الثمانينات من القرن العشرين، إلى اليوم…تشكّل القومية عاملاً أساسيًا في المجتمعات الأوروبية، ودافعًا قويًا نحو التغيير.

التحولات التي تعيشها أوروبا اليوم، تبدو أساسية كونها تشكّل تحوّلاً هامًا عن السياسات والتوجهات المتبعة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لغاية اليوم

ينظر العديد من الباحثين اليوم الى أوروبا باعتبارها تمرّ بفترة تحوّل سياسي واجتماعي، مرده صعود اليمين الأوروبي المتطرف بشكل متعاظم، والاستياء العارم الذي تعبّر عنه الشعوب الأوروبية سواء من خلال المظاهرات المتنقلة من بلد لآخر، أو من خلال تعبيرهم عن سخطهم من خلال التصويت الانتخابي بشكل مكثف للقوى المناوئة للحكم الحالي سواء من خلال توجههم نحو اليمين أو الخضر.

وبالتأكيد، إن التحولات التي تعيشها أوروبا اليوم، تبدو أساسية كونها تشكّل تحوّلاً هامًا عن السياسات والتوجهات المتبعة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لغاية اليوم، لكنها ليست فريدة والادعاء بأنها غير مسبوقة، يبدو غير علمي وغير دقيق.
لطالما شكّلت القومية عاملاً جوهريًا في دفع التحولات في أوروبا، فمنذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ومع توحيد إلمانيا بقيادة بسمارك، ثم اندفاع الأوروبيين وراء هتلر وموسوليني، مرورًا ببروز القوميات في أوروبا في نهاية الثمانينات من القرن العشرين، إلى اليوم…تشكّل القومية عاملاً أساسيًا في المجتمعات الأوروبية، ودافعًا قويًا نحو التغيير.

إن المشكلة التي وقعت بها النيو-ليبرالية المعاصرة في الغرب، هو تركيزها الشديد على الفرد وحقوقه، ومحاولة فرض مبادئها ومفاهيمها على الجميع، بما يشبه “الشمولية” التي حاولت الإشتراكية فرضها على الآخرين، وهنا أخطأت النظريتان بالتقليل من أهمية الخصوصيات الثقافية والهويات بالنسبة للمجتمعات الأوروبية، وغضّتا الطرف عن أن الإنسان هو كائن إجتماعي بطبيعته.
لطالما شكّلت القومية تحديًا للنظم السائدة في العالم، فالناس بشكلٍ عام لديهم إحساس قوي بالانتماء للمجموعة، وعادة ما يُرمز إلى الانتماء الوطني بأنه التزام باستقلال وسيادة الأمة.

وكما يقول “مارشايمر” في كتابة الأخير “الوهم العظيم: الأحلام الليبرالية والوقائع الدولية” الصادر في أيلول/ سبتمبر 2018، أنه لدى الأمّة ستّ سمات أساسية، مجتمعة تميّزها عن المجموعات الكبيرة الأخرى التي سكنت الكوكب قبل ظهور الأمّة، هي:

1- إحساس قوي بالوحدة والتضامن.
2- ثقافة متميّزة وتتضمن المعتقدات الدينية والسياسية والاجتماعية، بالاضافة إلى اللغة، الطقوس، الرموز والموسيقى وفهم خاص للتاريخ الخ.
3- الشعور بالتفوّق ممّا يؤدّي إلى الفخر الوطني، والإدعاء بالتفوق.
4- إحساس عميق بتاريخها، والذي غالبًا ما يؤدّي إلى الأساطير التي تحلّ محلّ الواقع التاريخي فالأمم تبتكر القصص البطولية عن أنفسها لتشويه إنجازات الأمم الأخرى ومن أجل دعم زعمهم بالتفوّق.
5- الأرض المقدّسة والواجب المتصوّر لحماية الأراضي التي يعتقد أنّها وطن مقدّس.
6- السيادة والشعور العميق والتصميم على حماية القرار الوطني من تدخلات القوى الخارجية.
وبالطبع، إن دارسي التاريخ والعلاقات الدولية يدركون أن حجم افتخار الأوروبيين والأميركيين بأوطانهم، ويعتقد معظمهم أنّ أمّتهم تتفوّق على الآخرين. على سبيل المثال، اعتبر هيغل – الفيلسوف الأكثر تأثيرًا في العالم- أن الروح في سيرها نحو الحرية تمر بمراحل عدّة لتصل في النهاية إلى مرحلة الوعي التي تتحقق في “الأمم الجرمانية”، فالإلمان هم أول الأمم التي ستصل إلى الوعي بأن الإنسان بما هو إنسان حر، معتبرًا أن الروح الألماني هو روح العالم الجديد.
أما الأميركيون فيعتقدون بقوة أن الله قد ميّزهم، وأعطاهم دورًا عظيمًا في الأرض. وبرأي مارشايمر، إن لهذا الإعتقاد تقليد غني في الولايات المتحدة، يعود بالزمن إلى البيوريتانيين Puritans، الذين اعتقدوا، كما الكثير من الأميركيين عبر الزمن، أنّ هناك عهد خاص بين الله والولايات المتحدة. وأنّ الله أعطاها صفات خاصّة تجعل شعبها أكثر ذكاءً ونبلاً من الشعوب الأخرى.
إن كل ما جرى عرضه، يجعل من التطورات والتحولات التي تعيشها أوروبا اليوم، تكرارًا لمراحل إنتقالية سابقة في التاريخ، أدّت الى تحولات كبرى في التاريخ الأوروبي.

و عليه، إن الإحباط الذي يعيشه الأوروبيون من العولمة النيوليبرالية والمآسي والتحديات والأزمات الإقتصادية التي يعيشونها بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى عام 2008، يضاف إليها مشاكل الإرهاب، و”أمننة” قضايا الهجرة واللجوء وتحميلها مسؤولية كل المشاكل المتراكمة… كل هذه الأمور، سوف تؤدي الى تحوّلات كبرى في أوروبا، ستدفع في النهاية إلى انتهاء نظام “الهيمنة النيو-ليبرالية” وقيام نظام دولي جديد قوامه “توازن القوى” على أنقاضه.