أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”: الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”: الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”:

الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

· الأزمات وحدها توحد السياسيين في تونس منذ قرن ونصف


تونس .عربي 21. كمال بن يونس

أعلن المحامي والحقوقي ورئيس “جبهة الخلاص الوطني” التونسية أحمد نجيب الشابي عن قرار اتخذته قيادة الجبهة المعارضة التي يتزعمها بتنظيم اعتصام مفتوح وتحركات جماعية يشارك فيها سياسيون وحقوقيون من عدة تيارات.

الشابي الذي كشف أنه زار شقيقه زعيم الحزب الجمهوري عصام الشابي في السجن ، مع عائلات مساجين الحق العام ، كشف أن الهدف من إطلاق ” تحرك مشترك للمعارضين بكل ألوانهم ، ” كسب معارك لحريات واستقلالية القضاء والإعلام والافراج عن الموقوفين في قضايا سياسية.

تجميد التناقضات الثانوية

الإعلان عن هذه ” الجبهة الموسعة الجديدة للنضال المشترك من أجل الحريات والديمقراطية والإصلاح ” يتزامن مع تصعيد ” تنسيقة القوى الديمقراطية ” تحركاتها بالاشتراك مع الحزب الجمهوري من أجل الافراج عن الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية .

وأعلن رئيس جبهة الخلاص الوطني أن أنصار الجبهة سيشاركون في وقفة أمام وزارة العدل الخميس القادم دعت إليها ” التنسيقية ” وستشارك فيها عائلات الموقوفين السياسيين ضمن ما سمي ب”ملف شبهة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” .

هذا التطور نحو” تجميد التناقضات الثانوية” والتوافق على” النضال المشترك من أجل الحريات و الإصلاحات وقضايا الشأن العام ” يعيد إلى السطح تجارب عديدة نجح فيها النشطاء السياسيون والنقابيون والحقوقيون التونسيين في ” العمل ضمن جبهات ” بصرف النظر عن اختلافاتهم الفكرية والإيديولوجية والحزبية ..

زعماء الإصلاح الفكري

برزت تجارب التحرك المشترك بين النخب التونسية منذ مرحلة ما قبل احتلال فرنسا لتونس عام 1881.

فقد ساهم نحو عشرين من كبار علماء الزيتونة وخريجي المدارس العسكرية والسياسية والفكرية الأوربية والعربية المشرقية ، بينهم العلامة المصلح سالم بوحاجب في صياغة أدبيات ووثائق للإصلاح بينها كتاب الزعيم المؤسس لتيار التنوير والإصلاح خير الدين باش ” أقوم المسالك “.

وأورد الخبير في دراسة تاريخ الأفكار والحضارات المعاصرة الدكتور زهير بن يوسف في حديث ل” عربي 21 ” أن ” النخب التي ساهمت في بلورة مشاريع تيار الإصلاح والتنوير بزعامة خير الدين باشا قبل احتلال فرنسا لتونس ضمت نخبة من خريجي مدرسة باردو الحربية وعلماء مستنيرين من جامعة الزيتونة كان بينهم سالم بوحاجب وحمزة الشاهد وعلي العفيف واحمد بلخوجة ومحمد بيرم الخامس ..

كل هؤلاء العلماء ورموز التغيير والإصلاح ساهموا في صياغة ” الكتاب المرجع ” للإصلاحيين الحداثيين والزعماء الوطنيين والديمقراطيين التونسيين ” أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك”.

ويستدل أستاذ الدراسات الحضارية في الجامعة التونسية زهير بن يوسف بما كتبه المفكر التونسي والعميد السابق لجامعة الاعلام التونسية الراحل منصف الشنوفي في رسالة جامعية أورد فيها أن ” مقدمة كتاب المصلح الكبير الوزير خير الدين باشا التونسي ” ، التي شرعت للاقتباس والتحديث والإجتهاد والإصلاح ، وقعت صياغتها من قبل العلامة سالم بوحاجب والمصلح محمد بيرم الخامس بعد مشاورات وجلسات عمل دامت خمسة أعوام ، بين 1862 و 1967 ، وشارك فيها نحو عشرين خبيرا من عدة اختصاصات وتيارات .

الانفتاح الفكري على الآخر

ويؤكد الباحثون في التاريخ المعاصر بينهم ، بينهم الأستاذ المحاضر فتحي القاسمي المختص في التيارات الإصلاحية التونسية والعربية والإسلامية في القرون الثلاثة الماضية ، أن ” العمل المشترك بين زعماء تيار الإصلاح والتنوير كان متقدما جدا قبل الاحتلال الفرنسي وبعده ” .

لذلك يعتبر العلامة المصري محمد عبده أن الشيخ سالم بوحاجب مفتي المالكية كان “الاب الروحي للحركة الإصلاحية التونسية والعربية والإسلامية “. ونوه الشيخ محمد عبده بنجاح سالم بوحاجب في تخرج جيل من العلماء والمصلحين كان من بينهم العلامة الوطني والمجدد الشيخ الطاهر بن عاشور والد الزعيم السياسي والنقابي والفكري الوطني محمد الفاضل بن عاشور والمفكر المرجع لرواد الحركة الوطنية التونسية والمغاربية والعربية في القرن العشرين .

وكان الطاهر والفاضل بن عاشور من بين رفاق زعماء حركات التحرر الوطني في تونس وبلدان شمال افريقيا والعام العربي بينهم عبد العزيز الثعالبي والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وفرحات حشاد والحبيب عاشور وعبد الكريم الخطابي ومصالي الحاج ومحمد علي الطاهر وأمين الحسيني ..

تجارب العمل الجماعي عربيا وفي تونس

وأورد الباحث في تاريخ الأفكار والحضارات الأستاذ زهير بن يوسف في تصريح ل” عربي 21 ” أن الوطنيين التونسيين والمغاربية والعرب وفي المشرق العربي الإسلامي تأثروا بتجربة العمل الجماعي والاصدارات الجماعية للصحف والكتب ، على غرار ” أقوم المسالك ” وجريدة “الجوائب” التي كانت تصدر في استنبول ورعاها الزعيم المصلح اللبناني احمد فارس الشدياق، الذي بدأ حياته مسيحيا مارونيا ثم أعلن إسلامه وأصبح من بين رموز التجديد والإعتدال في الفكر العربي الإسلامي .

وقد انفتحت النخب الإصلاحية والوطنية على بعضها مشرقا ومغربا بفضل تزايد قناعة المصلحين والسياسيين للحوار والعمل الجماعي من أجل التحرر الوطني والحريات وكسب معارك التقدم والتنمية والتحديث.

في هذا السياق نشرت جريدة ” الجوائب” مقالا عام 1877 تحت عنوان ” فتوى عالم الحنفية بالقطر التونسي احمد بالخوجة ” في الدفاع عن التنظيمات ( الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية ) والمجالس .

قام بصياغة هذا المقال العلامة الزيتوني والمصلح التونسي سليمان الحرايري . هذا العالم الذي توفي سنة 1877 قام بتدريس العلوم والرياضيات في الزيتونة وعمل مترجما في القنصلية الفرنسية بتونس وكانت لديه علاقة برجل الدين المسيحي الفرنسي “فرانسوا بورقاد “وسافر لفرنسا ودرس في معهد اللغات الشرقية في باريس ، كما ترأس في العاصمة الفرنسية تحرير صحيفة ” برجيس باريس ” التي أسسها الاديب والصحفي اللبناني الكونت رشير الدحداح عام 1860.

من بين مؤلفات الشيخ سليمان الحرايري “الارشاد ” ضمنه مقدمة مرجعية في الدفاع عن التحديث السياسي والاقتباس.

ويستنتج الأكاديمي زهير بن يوسف أن ” العمل الفكري والسياسي المشترك ” أثر لاحقا في التواصل بين رموز التجديد والنضال من أجل التحرر الوطني والاجتماعي والسياسي في تونس وشمال افريقيا والمشرق العربي الإسلامي .

من التشرذم إلى “مؤتمر ليلة القدر”

في نفس السياق توقف عدد من السياسيين والباحثين في تاريخ تونس المعاصر وتاريخ الزم الراهن ، مثل المؤرخ الكبير مصطفى كريم والباحث في تاريخ الحركة الوطني الأستاذ في الجامعة التونسية محد ضيف الله ، عند ” محطات تاريخية رائدة ” في تاريخ الحركة الوطنية التونسية والمغاربية .

من بين أبرز تلك المحطات التي وقع فيها” تجميد التناقضات الثانوية الفكرية والسياسية ” الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات الشعبية التي نظمت بدعوة من زعماء زيتونيين وصادقيين وقيادات من خريجي المدارس والجامعات الفرنسية منذ تحركات أساتذة الزيتونة وطلبتها من اجل اصلاح التعليم في 2011 .

كما وحد النضال المشترك ضد الظلم الاجتماعي والاحتلال الأجنبي والقمع السياسي وطنيين وسياسيين ومثقفين ونقابيين من مدارس مختلفة منذ مرحلة ما بين الحربين العالميتين ، عند تأسيس النقابات والجمعيات والصحف والأحزاب الوطنية . وتوج العمل المشترك بتنظيم ” مؤتمر الاستقلال ” المعروف مؤتمر ليلة القدر لأنه جمع لأول مرة أغلب زعماء التيارات الوطنية يوم 13 أغسطس 1946 التي صادفت الاحتفال بليلة القدر بحضور زعامات من الحزب الدستوري بجناحيه ” القديم ” و” الجديد” وقيادات جامعة الزيتونة بينها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور ورموز منظمات رجال الاعمال والأعيان بزعامة الطاهر بن عمار ، الذي سيوقع في 1955 و 1956 وثيقتي الاستقلال الداخلي والاستقلال التام بصفته رئيس الحكومة الانتقالية .

وقد نجح الوطنيون في مؤتمر ليلة القدر في أن يضعوا حدا للانقسام والتشرذم وأن يتبنوا لأول مرة مطلب الاستقلال ، بعد أن كانوا طوال عقود يطالبون ب” إصلاحات دستورية ” وب “برلمان تونسي ” وب” المساواة في الحقوق والواجبات بين العمال التونسيين والفرنسيين “..

في عهدي بورقيبة وبن علي

وشهدت البلاد تحت حكم الرئيسين بورقيبة (1955- 1987 ) و بن علي (1987-2011)صراعات بالجملة بين النخب السياسية والثقافية ، لكنها شهدت كذلك تجارب عديدة للعمل المشترك وتشكيل” الجبهات السياسية ” والتنسيقيات الحقوقية والنقابية .

كانت من أنجح تلك التجارب عملية تأسيس ” الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ” في 1977 من قبل حوالي مائة مثقف وشخصية سياسية مناصرة للحريات العامة والفردية والإصلاح السياسي والاجتماعي ، كان بينها مستقلون وليبيراليون ومنتمون إلى الحزب الدستوري الحاكم وإلى أحزاب المعارضة . وبعد شد وجذب وافق الرئيس بورقيبة على تقنين منظمة حقوق الانسان بعد أن وافق مؤسسوها أن يكون نصف أعضاء هيئتها المديرة مستقلين ومعارضين والنصف الثاني من الحزب الحاكم من بين الشخصيات الليبيرالية المنفتحة بينهم المحامي ووزير العدل سابقا احمد شطورو والأكاديمي عالم الاجتماع الشهير عبد الوهاب بوحديبة .وأسندت الرئاسة إلى الطبيب الليبيرالي المستقل سعد الدين الزمرلي والأمانة العامة إلى الدكتور حمودة بن سلامة ، وهو طبيب كان قياديا في حزب الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أب الديمقراطية التونسية المعاصرة الوزير السابق أحمد المستيري.

وفي أوائل عهد بن علي تأسست جبهات للعمل المشترك احداها “الرباعي”، الذي جمع 4 أطراف سياسية بزعامة أحمد المستيري رئيس حزب الديمقراطيين الاشتراكيين ومحمد حرمل الأمين العام للحزب الشيوعي وراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة وأحمد بن صالح رئيس حركة الوحدة الشعبية .

بالتوازي تأسس تحالف جبهوي أخر بزعمة احمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الاشتراكي التقدمي ومحمد بالحاج عمر الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية و عبد الرحمان التليلي الأمين العام للحزب القومي ( الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ) والحزب اليبيرالي الاجتماعي بقيادة المحامي الحقوقي منير الباجي .

وقد اختلفت الجبهتان في الموقف من التصعيد والمشاركة في تفعيل ” مسار الميثاق الوطني “.

وخلال عقدين من المعارضة لحكم بن علي تشكلت جبهات عديدة للعمل المشترك داخل تونس وخارجها .

ومنذ “انسحاب” احمد المستيري من المشهد السياسي تزعم أحمد نجيب الشابي أغلب مبادرات العمل المشترك . وكانت أنجح تلك المبادرات ” جبهة 18 أكتوبر 2005″ التي تشكلت من شخصيات مستقلة وأخرى تنتمي إلى حدة أحزاب ليبيرالية ويسارية وقومية وإسلامية ، كان بينها أحزاب العمال الشيوعي والنهضة وأحزاب والديمقراطي التقدمي وأحد اجنحة ” حركة الديمقراطيين الاشتراكيين “.

ونجحت تلك الجبهة طوال أعوام في توحيد قطاع كبير من النخب والسياسيين حول 3 أولويات هي : الحريات الإعلامية وحرية التنظم والتظاهر والعفو التشريعي العام عن كل السجناء واللاجئين السياسيين ..

ما بعد “السقوط في الفخ”

..لكن تطور الاحداث والتحالفات بعد ثورة 2011 كشف أن كثيرا من قيادات النخب عادت إلى ” تفجير التناقضات ” التي وقع تجميدها طوال عقود عندما كانت أولوية أغلبها توسيع هامش الحريات والتضامن مع ضحايا سياسات القمع والاستبداد ..

وتؤكد الصراعات التي وقعت منذ ثورة 2011 أن ” قوى الثورة المضادة ” وعدة ” لوبيات مالية وسياسية ” نجحت في اختراق حلفاء الأمس، ودفعتهم نحو ” صراعات هامشية على المواقع والكراس والمصالح “.

وكانت الحصيلة انهيار” النموذج التونسي للتعايش والتوافق والتغيير الديمقراطي والإصلاح “وعودة ” المنظومات القديمة ” إلى التحكم في أغلب قواعد اللعبة وفي المشهد السياسي.. وصولا إلى إحالة عشرات من رموز الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني على المحاكم والسجون ..

فهل تنجح تجربة ” العمل المشترك ” الجديدة في اخراج النخب وصناع القرار السياسي والمجتمعي في تونس من عنق الزجاجة ، بعد 12 عاما سقط كثير منهم خلالها في ” فخ الاقتتال الداخلي ” و” الصراعات الثانوية بين الإخوة الأعداء”؟

هل توحد الاعتقالات والمحاكمات مجددا الليبيراليين واليسار الاجتماعي والإسلاميين والقوميين المعتدلين ؟

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on هل تستجيب سورية للمبادرة العربية؟ .. بقلم توفيق المديني

هل تستجيب سورية للمبادرة العربية؟ .. بقلم توفيق المديني

أصبحت سورية تقع في بؤرة الصراع بين القوى الإقليمية والدولية، لا سيما بعد الإنخراط الروسي العسكري في سورية،إذْ نجحت روسيا في السنوات القليلة المنصرمة من الأزمة والحرب في سورية، في بناء التوازن الاستراتيجي مع الغرب أو الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي في سورية، وبالتالي إعادة بناء التوازن الدولي بكامله، أو لنقل توازن القوى في النظام الدولي، بعدما اختل ميزان القوى الدولية لمصلحة واشنطن وحلفائها في الغرب، في أمريكا وأوروبا، وفي العالم بأسره، كماتمكنت روسيا كذلك من المحافظة، حتى اليوم ،على وحدة الدولة الوطنية السورية وضمانها ومنع التقسيم أو الفدرلة، ناهيك عن فرض خطوط حمراء في سورية، وتأمين الالتزام بها أو عدم تجاوزها وتخطيها،لا سيما في مجال بقاء واستمرار السلطة السياسية التي يجسدها الرئيس بشار الأسد، لكنَها لم تنجح في حلحلة الأزمة السورية .

زيارة الأسد إلى موسكو والأزمة السورية

في الزيارة الرسمية التي قام الرئيس بشار الأسد إلى موسكوفي منتصف شهر مارس الجاري

لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع تأجيل اجتماع لنواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسورية بشأن عملية تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى موعد غير محددٍ، لم تنجح روسيا في تليين موقف الرئيس الأسد من مسألة التقارب مع تركيا، في ظل اقتراب موعد الانتخابات التركية المزمع إقامتها في 14 أيار/ مايو 2023حيث تسعى حكومة حزب “العدالة والتنمية” لانتزاع ورقة اللاجئين السوريين من يد طاولة المعارضة السداسية قبيل التوجه إلى صناديق الاقتراع.

فقد تمسك الأسد بشرط انسحاب الجيش التركي من كافة الأراضي السورية قبل البدء بأي مفاوضات، وهو الموقف الذي يتعارض مع رغبة بوتين الذي كان ينتظر من الرئيس الأسد ليونة عقب لقائه معه تجاه ضرورة إيجاد حل للأزمة السورية، وعودة العلاقات مع تركيا إلى وضعها الطبيعي، ما يسهم في حل الكثير من القضايا، وأهمها ملفات اللاجئين والنازحين، والشروع بوقف تدهور الوضع الاقتصادي في سورية.

وتواجه عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق صعوبات بعد سنوات من العداء بين الطرفين طيلة سنوات الحرب ، إذ يتهم الرئيس الأسد تركيا بدعم مجموعات إرهابية واحتلال الأراضي السورية في الشمال الغربي ، في حين يعتبر الرئيس أردوغان وجودجيشه ضمن الأراضي السورية شرعيًا استنادًا على اتفاقية أضنة لعام 1998 التي تتيح لتركيا الدخول إلى الأراضي السورية في حال وجود خطر يهدد الأمن القومي للبلاد، بحسب ما أفاد به عدة مسؤولين أتراك في وقت سابق.

من وجهة نظر موسكو التقارب بين سورية وتركيا،يسهم في إعادة انتخاب الرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة،والذي يحتاج إلى تحقيق تقدم ملموس في قضيتين رئيسيتين ترفعان أسهمه في الانتخابات ، وهما قضية اللاجئين السوريين في تركيا، وقضية الخطر الكردي القادم من الجنوب التركي عبر الأراضي السورية، فالرئيس بوتين يفضل فوز أردوغان الذي أصبحت علاقاته متوترة مع أمريكا ، على فوز مرشحي المعارضة المقربين جدًّا من واشنطن، بينما ظل الرئيس الأسد مصرًا على شرطه للقائه المحتمل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذْ قال الأسد: “بالنسبة إلى اللقاء مع الرئيس أردوغان، فهذا يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ودون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سورية، هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن عندها أن يكون هناك لقاء بيني وبين أردوغان، عدا عن ذلك ما هي قيمة هذا اللقاء ولماذا نقوم به إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة إلى الحرب في سورية؟”.

رغم أنَّ روسيا بسبب ظروف الحرب في أوكرانيا،وتعرضها لعقوبات شديدة من الغرب، ما يجعلها عاجزة اقتصاديًا وماليُا عن الإسهام في إعادة إعمارسورية،وجلب الشركات الروسية استثماراتها لإعادة بناء الاقتصاد السوري المنهار، فإنَّ الرئيس الأسد وصف الوجود العسكري الروسي في سورية، بأنه فكرة جيدة، إن كان لدى روسيا رغبة في ذلك.

ورأى الأسد في حديثه مع وكالتي “نوفوستي” و”سبوتنيك” وقناة “روسيا اليوم”، أن النظرة إلى القواعد العسكرية الروسية “لا يجب أن ترتبط بموضوع مؤقت مثل مكافحة الإرهاب، ونحن نتحدث عن توازن دولي، وجود روسيا في سورية له أهمية مرتبطة بتوازن القوى في العالم”.

وبشأن التعاون الاقتصادي، قال الأسد إن اجتماع اللجنة المشتركة ركز هذه المرة على نقاط محددة، وتحديداً على المشاريع الاستثمارية التي تصل إلى 40 مشروعاً في مجالات الطاقة، أي الكهرباء والنفط، والنقل والإسكان، وفي المجالات الصناعية، مشيراً إلى أن الإعداد لاتفاقية التعاون المشترك في هذه المجالات، التي ستُوقَّع قريباً، استغرق سنوات.

جوهر المبادرة العربية لحل الأزمة السورية

يكاد لا يمر يوم واحد إلا وتتحدث فيه أجهزة الإعلام العربية عن مؤشرات التطبيع بين الدول العربية وسورية، لا سيما بعد الزلزال الأخيرالذي ضرب تركيا وسورية في 6فبراير/شباط الماضي، ومن هذه المؤشرات زيارات الرئيس الأسد الرسمية إلى كل من سلطنة عمان،ودولة الإمارات العربية المتحدة، علْمًا أنَّ الإمارات أعادت فتحت سفارتها في سوريا عام 2018، قبل أن يزور الرئيس السوري، بشار الأسد، أبو ظبي في مارس الجاري .

هذه المبادرة العربية ليست وليدة كارثة الزلزال أو نتيجة لها، بل تعود في الواقع إلى خمسة أشهر على الأقل، عندما حصل الأردن على موافقة مبدئية من المملكة العربية السعودية على إطلاقها، ليعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في سبتمبر الماضي عنها.

وتقوم ملامح المبادرة المأمول تحقيقها، والتي على أساسها تم التوافق داخل جامعة الدول العربية لتأجيل عودة سورية إليها قبل انعقاد القمة العربية في نوفمبر الماضي، على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بشأن سورية.

ضمن هذا السياق،قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إنَّ بلاده تنسق مع الأمم المتحدة، من أجل إطلاعها على مضمون المبادرة العربية التي طرحتها بلاده سابقاً، لإيجاد حل الملف السوري.وجاء ذلك بعد لقائه المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدسون، يوم الثلاثاءالماضي ، خلال زيارة يجريها الأخير إلى العاصمة الأردنية عمّان، لبحث العملية السياسية والمتمثلة باللجنة الدستورية السورية.

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي، إنَّ المبادرة التي طرحتها بلاده “تستهدف إطلاق دور عربي مباشر ينخرط مع الحكومة السورية في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة في سورية ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية”.”المبادرة” قد تكون بقيادة عربية تشمل السعودية ودولاً أخرى، وستستند إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لوضع خارطة طريق لتسوية تفاوضية، إضافةً إلى تصاريح مراقبة وتسليم المساعدات الإنسانية إلى سورية.

وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال “بتاريخ 17مارس ، نقلاً عن مسؤولين عرب وغربيين، قولهم؛ إنَّ الدول العربية التي جمدت العلاقات مع الدولة السورية ، تعرض عليه اتفاقًا لاستعادتها من أجل كبح نفوذ إيران.

وذكرت الصحيفة أنَّه في “تحول جيوسياسي جديد لإعادة اصطفاف الشرق الأوس الواسع”، تعتقد الدول العربية أنَّ إعادة العلاقات مع الأسد سيقلل من نفوذ إيران في المنطقة.وأوضحت الصحيفة أنَّه في المحادثات التي قادها الأردن في البداية، اقترحت الدول العربية مساعدات بمليارات الدولارات لإعادة بناء إعمار سورية بعد الحرب التي دامت 12 عاما، وتعهدت بالضغط على الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات عن حكومة الأسد، على حد قول المسؤولين.

وفي المقابل، سيتعاون الرئيس الأسد مع المعارضة السياسية السورية، ويقبل أن توفر القوات العربية الحماية للاجئين العائدين، ويوقف تهريب المخدرات غير المشروع، ويطلب من إيران التوقف عن توسيع وجودها في سورية.وقال مستشار لدى الحكومة السورية ، ومسؤولون عرب ومسؤولون أوروبيون مطلعون على المحادثات للصحيفة الأمريكية؛ إنَّها لاتزال في مرحلة مبكرة، ولم يُظهر الأسد أي اهتمام بالإصلاح السياسي أو استعداد لاستقبال القوات العربية. وتُعَدُّ المملكة السعودية من أقوى الدول العربية والخليجية حاليًا، التي تدعم المبادرة العربية ،ففي شباط/فبراير الماضي، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في تصريحات للصحفيين في لندن، إنَّ الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار ضروري معها لمعالجة الوضع الإنساني هناك، وفقا لوكالة رويترز.وتابع بأن الحوار مع دمشق، قد يؤدي في النهاية إلى عودة دمشق إلى الجامعة العربية ، ولكن من السابق لأوانه مناقشة هذا الأمر في الوقت الحالي.وستستضيف السعودية القمة العربية هذا العام.

وتأتي موافقة المملكة السعودية مؤخرًا على استعادة العلاقات مع إيران في صفقة بوساطة الصين، لتؤكد أنَّ المملكة منفتحة على تغيير المسار السياسي في الشرق الأوسط، وتسعى لـ”إعادة اصطفاف الشرق الأوسط الواسع”، حيث تتلاشى التوترات التي نشأت عن الربيع العربي وتتحول مصالح القوى الأجنبية في المنطقة.

وحسب وكالة رويترز،اتفقت الرياض و دمشق على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد قيطعة أكثر من عقد بسبب الحرب الأهلية السورية.وقال مصدر مقرب لدمشق لوكالة “رويترز”، إن الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخما بعد اتفاق تاريخي لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهي الحليف الرئيسي لسورية.وستكون عودة العلاقات بين الرياض ودمشق بمنزلة أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد، الذي قاطعته العديد من الدول الغربية والعربية بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011.

وستطلب المبادرة العربية من الحكومة السورية البدء أولاً بمكافحة عمليات تهريب المخدرات، وإظهار خطوات جدّية وملموسة لمعالجة الوجود العسكري الإيراني في سورية، مقابل انخراط عربي محدود في البداية بتقديم المساعدات المالية والإنسانية، على أن يبدأ بعد ذلك في تنفيذ خطوات بناء الثقة مع المعارضة، وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المفقودين، وتوفير ضمانات جدّية لعودة من يرغب من اللاجئين والنازحين إلى دياره، من أجل الشروع بمفاوضات جدّية مع المعارضة للوصول إلى حل سياسي شامل على أساس القرار الدولي 2254.

خاتمة:يرى الخبراء و المحللون العرب أنَّ سورية اليوم بحاجة إلى خريطة طريق عربية للخروج من أزمتها المستعصية، حتى لا تظل ملعبًا وأرضًا لصراع القوى الإقليمية و الدولية ، خصوصًا أنَّ مواقف الدول الغربية (أمريكا و الاتحاد الأوروبي)تعارض التطبيع مع نظام الأسد “ما لم ينخرط في حل سياسي حقيقي يتماشى مع القرار الأممي رقم 2254″، هذه الحقيقة الأولى.أما الحقيقة الثانية، فإنَّ استعادة سورية الموحدة،لا يمكن أن تتم إلاَّ عبر بوابة إعادة بناء الدولة الوطنية السورية وفق منطق العصروحقائقه،أي بناء دولة المؤسسات المنتخبة ديمقراطيًا،وتغيير النموذج الاقتصادي الذي وصل إلى مأزقه المحتوم ،لا وفق صورة سورية القديمة الموروثة من عهد الحرب الباردة.

الحقيقة الثالثة،من المفد جدًّا أن تعي المملكة العربية السعودية ومعها الدول الخليجية و العربية أهمية حل الأزمة السورية من خلال المبادرة العربية، بدلآ من تدويل الأزمة السورية كما دعت إلى ذلك الأطراف الإقليمية و الدولية و المعارضة المعادية للدولة الوطنية السورية.

ويُعد المسار الدستوري أحد أعقد مسارات التفاوض في عملية السلام السورية القائمة، نظراً إلى تباين مواقف أطراف النزاع حوله، فضلاً عن كونه الإطار الجامع الذي ينبغي أن تتجسد فيه كل التوافقات الأخرى التي ستتم وستمهد لانتقال سورية من حال العنف والنزاع إلى مرحلة التعافي

والسلام. ويحتاج هذا المسار إلى تطوير دستور 2012،وإدخال إصلاحات جذرية في مضمونه لغاية بلورة دستور جديد دائم،ودعم العملية السياسية بقيادة سورية من أجل صوغ عقد اجتماعي جديد حقيقي بين الدولة والمجتمع، والشروع في حوار وطني بين السلطة و المعارضة داخل العاصمة السورية دمشق يعالج الموضوعات المهمة كاللاجئين والمصالحة الوطنية ،والجيش والقوى الأمنية وعلاقتهم بالدستوروالميليشيات وما له علاقة بالملكيات والمشكلات التي حصلت بشأنها خلال الحرب ومسألة العفو والمعتقلين.
مجلة البلاد اللبنانية:تصدر أسبوعيًا عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان، العدد رقم 381، تاريخ الجمعة 24مارس 2023

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد في تونس : نقيب المحامين تحالف مع سعيد ضد معارضيه .. بقلم كمال بن يونس

إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد في تونس : نقيب المحامين تحالف مع سعيد ضد معارضيه .. بقلم كمال بن يونس

قومي عربي صديق ل”حزب الإدارة “

بقلم .كمال بن يونس

فاجأ نقيب المحامين السابق والسياسي المستقل إبراهيم بودربالة المراقبين بفوزه برئاسة مجلس النواب التونسي الجديد ، وانتصاره على مرشح مبادرة ” لينتصر الشعب ” المحسوبة على ” الدائرة الضيقة ” المقربة من الرئيس قيس سعيد.

وبعد انتخابه بساعات استقبله سعيد في قصر قرطاج بصفته الجديدة مما يجعل منه ” الشخصية الأهم في الدولة” بعد رئيسي الجمهورية والحكومة ، رغم الانتقادات الحادة التي توجهها قيادات المعارضة له وللمجلس النيابي الجديد ، فيما يتمسك بودربالة وانصاره بتحالفهم مع ” حزب الإدارة ” ،أي مع كل كوادر الدولة بعيدا عن الاعتبارات الايديولوجية والحزبية ..

ورغم المواقف السياسية المثيرة للجدل التي عبر عنها بودربالة بسبب ” انحيازه الكامل للرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021 ” ضد المعارضة ، فإن بعض ” التنسيقيات والمجموعات السياسية التي تزعم أنها ” الأقرب إلى قصر قرطاج والمشروع السياسي للرئيس ” أعلنت أنها عارضت ترشح عميد المحامين السابق لرئاسة البرلمان الجديد واعتبرت أنه ” لم يكن من بين أعضاء فريق قيس سعيد ومبادرته السياسية والقانونية “التي بدأها منذ 2013 مع مجموعات من أنصاره.

كما اتهم صلاح الدين الداودي القيادي في مبادرة ” لينتصر الشعب ” المحسوبة على قصر قرطاج إبراهيم بودربالة ب” القفر ” و” ركوب الحراك المساند لسعيد “.

فمن هو رئيس البرلمان الجديد ؟

وهل سينجح في أن يكون أحد أبرز رجالات المرحلة الجديدة رغم استفحال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد ؟

عرف إبراهيم بودربالة منذ مباشرته المحاماة عام 1977 باستقلاليته عن كل الأحزاب السياسية القانونية وغير القانونية ، وبانفتاحه على كل التيارات ورفض الدخول في صدام مع أي من رموز الحكم والمعارضة ، مع انحياز فكري سياسي لأنصار التيار الوحدوي العربي عموما وللتيار القومي الناصري خاصة .

في المقابل انخرط بودربالة خلال ال45 عاما الماضية في عدد من منظمات المجتمع المدني بدءا من الجمعيات والنقابات التي تدافع عن حقوق المحامين وعن الأسرة القضائية الموسعة ..ولم ينتم أبدا للحزب الحاكم في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة ( 1955-1987 ) وزين العابدين بن علي (1987-2010).

وكان له منذ عقود حضور كبير في وسائل الاعلام المستقلة والمعارضة والقريبة من السلطة .

و يعتبر رئيس المجلس النيابي الجديد قريبا فكريا وسياسيا من الرئيس التونسي قيس سعيد الذي لم ينتم أبدا بدوره إلى الأحزاب السياسية . لكنه تعاطف منذ مرحلة دراسته في الجامعة مع أنصار التيار القومي العربي ومع أفكار بعض زعمائه ورموزه وبينهم المفكر المصري عصمت سيف الدولة ، ومع الكتاب و”المفكرين العروبيين والمسلمين المستقلين” مثل عباس محمود العقاد .

أصيل الجنوب التونسي

ومن بين ” الجوانب الطريفة ” في السيرة الذاتية للعميد إبراهيم بودربالة أنه بدوره أصيل مدينة “الحامة” في محافظة قابس في الجنوب التونسي ، مثل رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي والزعيم الوطني الذي ترأس أول برلمان تونسي بعد استقلالها عن فرنسا جلولي فارس ( ما بين 1956 و 1964 ).

وتتميز بلدة ” الحامة ” التي تنحدر منها عائلة بودربالة بكونها كانت طوال قرون موطن كثير من زعماء الثورات وحركات التمرد على السلطات المركزية .

كما ولد فيها عدد من رموز الكفاح الوطني ضد الاستعمار في ليبيا وتونس مثل محمد علي الدغباجي الذي أعدم عام 1924 أمام أهله في ” الحامة ” من قبل قوات الاحتلال الفرنسية بعد 4 سنوات من تزعمه الكفاح المسلح في ليبيا وتونس .

وكانت الحامة كذلك موطن الزعيم النقابي محمد علي الحامي الذي توفي منفيا في 1928 بعد 3 أعوام من تأسيس أول نقابة عمالية وطنية تونسية . وهي موطن الشيخ الطاهر الحداد ، المفكر الإسلامي المجدد وأول داعية لتحرير المرأة والأسرة التونسية والعربية والثورة على التفسير السلفي للنصوص الإسلامية ومؤلف كتاب ” امرأتنا بين الشريعة والمجتمع ” الذي أصبح مرجعا فكريا للحبيب بورقيبة وقادة تيار الإصلاح في تونس وفي العالم العربي .

ومن بين الأسئلة التي تطرح اليوم هل ستؤثر جذور اصول بودربالة ” الجنوبية ” على خياراته السياسية القادمة ، وهو الذي يدرك مثل غالبية ساسة البلاد أن محافظات الجنوب التونسي كانت الأكثر حرمانا وتهميشا خلال العقود الماضية بسبب ” انحيازها ” الدائم للمعارضة ؟

وهل سيتـثار بأبناء موطنه في ” الحامة ” وفي محافظات الجنوب الذين انحازوا في عهدي الرئيسين بورقيبة وبن علي ثم بعد انتفاضات 2010- 2011 إلى المعارضة والنقابات وإلى ” الثورة” و”الخط الثوري “؟

من الاحياء الشعبية إلى كلية الحقوق

ولد إبراهيم بودربالة في أغسطس 1952 في حي شعبي وفقير في ” باب الفلة ” خارج أسوار مدينة تونس العاصمة ، في منطقة كان تقيم فيها أسرته القادمة من ” الحامة ” ، مثل كثير من عائلات المهاجرين الفارين من البؤس والفقر والبطالة والجفاف في الجنوب وبقية المحافظات المهمشة والفقيرة .

و هم الابن الأصغر في أسرته التي كانت تقيم في أحد الازقة في الحي الذي يربط بين أسوار مدينة تونس القديمة ومقبرة الجلاز والأراضي الزراعية التي حوله.

درس إبراهيم بودربالة منذ أواسط ستينات القرن الماضي في ثانوية عصرية عوضت مدارس جامعة الزيتونة تحمل اسم ” معهد ابن شرف ” ، نسبة إلى العلامة والشاعر التونسي الاندلسي ابن شرف القيرواني .

تحصل في يونيو 1972 على شهادة الثانوية ، أي ” الباكالوريا ” حسب النظام التونسي الفرنسي ، فالتحق بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بتونس العاصمة التي فتحت أبوابها قبل عام ، وكانت من بين أكثر الجامعات التونسية اضطرابا بسبب تحرك المجموعات السياسية والنقابية والمواجهات بين قوات الأمن والحركة الطلابية اليسارية التي تمردت على حكم بورقيبة منذ 1971 .

لم يتعرض بودربالة إلى الإيقاف والطرد أو التجنيد مثل نشطاء التيارات السياسية في كلية الحقوق ، فتخرج في يونيو 1976 .

وبعد ذلك بعام واحد حصل على شهادة ” الكفاءة لممارسة مهنة المحاماة ” ووقع ترسيمه في جدول المحامين المتدربين في 6 ماي1977 وأّدى اليمين القانونية بعد سّتة أّيام من ذلك ، وبدأ تدريبه وممارسة مهنة المحاماة في مكتب المحاميين الكبيرين الصادق مرزوق ومحّمد عّزوز.

في نقابات المحامين

كانت البلاد تغلي أواخر السبعينات وشهدت محاكمات بالجملة لقيادات من المعارضة السياسية والنقابية بينها قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي نظم اضرابا عاما تطور إلى مواجهات دامية في يناير 1978 .

شجعت تلك الأجواء بودربالة على الانخراط مبكرا في الشأن العام والعمل النقابي والجمعياتي .

انتخب في سنة 1979 عضوا بالهيئة المديرة لمنظمة المحامين الشّبان . ثّم أعيد انتخابه في مؤتمرها عام 1981 وأسندت له خّطة أمين عام الجمعية قبل أن ينتخب رئيسا لها في مؤتمرها الذي عقد في 1983 .

بعد ذلك ب4 أعوام وقع ترسيمه في جدول المحامين المخّول لهم المرافعة أمام محكمة التعقيب( محكمة ” النقض “).

وقد مكنته هذه الترقية من الترشح في المؤتمر العام ل”الهيئة الوطنية للمحامين”.

انتخب في 8 ماي 1987 عضوا في القيادة العليا للنقابة الوطنية ، وكّلف بخّطة رئيس محاضرات الّتدريب. وأعيد انتخابه في سنة 1989 بالهيئة نفسها وحافظ على هذه الخّطة طيلة 5 سنوات.

وفي مؤتمر المحامين التونسيين في 5 يوليو 1992 انتخب إبراهيم بوردبالة رئيسا لفرع المحامين بمحاكم تونس الكبرى ، التي تشرف على غالبية محاكم البلاد . وأعيد انتخابه في 1995 لعهدة ثانية امتدت إلى سنة 1998.

بعد هذه النجاحات ، التي لقي فيها دعما من نقيب المحامين القومي العربي المقرب للسلطات عبد الوهاب الباهي ترشح بودربالة لخطة نقيب وطني للمحامين . لكنه فشل لأنه لم يحظ بدعم المعارضة والسلطة .

كان بودربالة طوال عشرين عاما يترّشح دون جدوى لمنصب نقيب الهيئة الوطنية للمحامين بدون انقطاع إلى أن حالفه الحّظ في المّرة الثامنة، أي في المؤتمر الوطني الذي عقد عام 2019.

وشاءت الأقدار أن تشهد البلاد منعرجا سياسيا أمنيا في يوليو 2021 وأن يتزايد الاهتمام بملفات المحاكم والمحامين والقضاء ، ففتحت أبواب قصر قرطاج أمام نقيب المحامين فيما اتهمه خصومه بالتحالف ” المبالغ فيه ” مع السلطات ضد المعارضين .

وخلافا لمواقف غالبية المحامين والسياسيين انحاز بودربالة مبكرا ل” المشروع السياسي الجديد للرئيس قيس سعيد ” . ووافق على أن يكون ضم الثلاثي الذي كلف بصياغة مشروع الدستور الجديد مع عميد كلية الحقوق السابق الصادق بلعيد والخبير في القانون الدستوري الأكاديمي اليساري أمين محفوظ. ورغم انقلاب بلعيد ومحفوظ لاحقا على قصر قرطاج ظل نقيب المحامين داعما للرئيس وفريقه دون تحفظ تقريبا .

وبعد انعقاد المؤتمر الجديد لنقابة المحامين مطلع شهر سبتمبر الماضي ، انخرط بودربالة أكثر في مسار دعم قيس سعيد وخارطة الطريق الانتخابية ، وترشح لعضوية المجلس النيابي الجديد غير مبال بانتقادات خصومه والحملات الإعلامية التي استهدفته . وتوج هذا المشوار الطويل بانتحابه رئيسا لهذا المجلس .

استقلالية ..ولكن

هل يعني استلام بودربالة رئاسة قصر البرلمان في باردو انخراطا نهائيا في المشروع السياسي لقصر قرطاج و” النظام المجالسي ” الذي كشفته سلسلة المراسيم الرئاسية التي صدرت مؤخرا ، ونصت على حل المجالس البلدية المنتخبة والدعوة الى تأسيس مجالس محلية وأخرى بلدية وجهوية ووطنية بينها ” غرفة ثانية للبرلمان “؟

كل الفرضيات واردة ..

.لكن مشوار بودربالة المهني والسياسي يكشف أنه لم يكن من بين المحامين والسياسيين المساندين للسلطات دون قيد ولا شرط ..

فقد كان من بين المحامين الذين شاركوا في الدفاع عن المتهمين البارزين في عدة قضايا سياسية ونقابية رفعت أمام محكمة أمن الدولة والمحاكم العسكرية والمدنية .

وكان من بين فريق المحامين الذين تطوعوا للدفاع في القضايا التي رفعتها السلطات عام 1978 ضد قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وعام 1980 ضد المجموعة المسلحة التي تدربت في ليبيا ودخلت جنوب تونس من الجزائر ودخلت في مواجهات مسلحة مع قوات الامن والجيش التونسي.

كما كان إبراهيم بودربالة من بين المحامين الذين رافعوا عن الموقوفين والمساجين في قضايا سياسية في عهدي بورقيبة وبن علي بينهم مجموعات اليسار وحزب العمال برئاسة حمة الهمامي ومساجين حركة الاتجاه الإسلامي ( ” النهضة لاحقا ) في محاكمات 1981 و1987 .. لكنه انسحب إلى الصفوف الثانية في المحاكمات السياسية التي وقعت في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ، ثم بعد ثورة 2011 . كما لم ينخرط مع المحامين الذين دافعوا عن المعارضين السياسيين والنقابيين والمحامين الذين وضعوا في الإقامة الجبرية أو تعرضوا للإيقاف بعد منعرج 25 يوليو 2021 الذي تعتبره المعارضة ” انقلابا على الشرعية الدستورية والإنتخابية ” ويعتبره بودربالة وانصار قيس سعيد ” حركة تصحيح للمسار”.

بفضل هذه المواقف عين قيس سعيد نقيب المحامي السابق رئيسا للجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ضمن ”الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة.“

..وقد تزايد أنصار بودربالة بعد فوزه برئاسة المجلس النيابي وقصر باردو ، وتضاعف عدد خصومه ومعارضيه من داخل نقابة المحامين وأغلب الأحزاب السياسية التقليدية والجديدة ..

لكن الكرسي الجديد الذي يجلس عليه بودربالة ” هش” و” متحرك “، لأن نائبيه في رئاسة البرلمان ينتميان إلى ” الجناح الراديكالي” بين المجموعات المحسوبة على المشروع السياسي لقيس سعيد ..بينما ينتمي عشرات النواب في هذا البرلمان إلى الأطراف السياسية التي تحكم تونس منذ عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ، وتحديدا من حزب نداء تونس الذي تزعمه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي ..

التحديات كثيرة أمام بودربالة في قصر باردو ، الذي شاءت الأقدار أن يرأسه لأول مرة كهل في ال71 من عمره اختار منذ شبابه أن يمتنع عن الزواج والتحرر من قيود العائلة ..

من هم الرؤساء السابقون للبرلمان التونسي ؟

(أو

13 شخصية ترأست برلمان تونس منذ 1956 )

التنافس على رئاسة البرلمان في تونس كبير جدا لأسباب عديدة من بينها أن من يرأسه يكون من بين أبرز الشخصيات المرشحة لخلافة رئيس الجمهورية مؤقتا في صورة شغور منصبه ، على غرار ما حصل عام 2011 عندما أسندت الرئاسة لمدة عام الى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع بعد الإطاحة ببن علي . وعند وفاة الباجي قائد السبسي في يوليو 2019 اسند كرسي قرطاج الى رئيس البرلمان محمد الناصر لمدة أشهر حتى تنظيم انتخابات رئاسية جديدة وتنصيب الرئيس المنتخب قيس سعيد في أكتوبر من نفس العام .

وقد تداول على رئاسة المجلس التشريعي التونسي منذ استقلال تونس عن فرنسا 13 شخصية هم على التوالي :

· جلولي فارس ، وهو زعيم وطني أصيل مدينة ” الحامة ” من محافظة قابس في الجنوب التونسي، على غرار الرئيس السابق للبرلمان راشد الغنوشي والرئيس الجديد إبراهيم بودربالة .

وقد ترأس البرلمان ما بين 1956 و 1964 .

· الصادق المقدم ، وقد تولى رئاسة البرلمان ما بين 1964 و 1981 . وكان بدوره من زعماء الحركة الوطنية مع الحبيب بورقيبة . وتولى قبل ذلك حقائب حكومية عديدة بينها الخارجية والصحة العمومية . وكان أصيل جزيرة جربة في الجنوب التونسي شرقي محافظة قابس .

· محمود المسعدي ، الكاتب الكبير والزعيم النقابي والسياسي في عهد الكفاح الوطني وعند بناء الدولة الحديثة . وقد تولى وزارة التربية بعد الاستقلال ثم رئاسة البرلمان ما بين 1981 و 1986 عندما كان المثقف والكاتب محمد مزالي رئيسا للحكومة .

· الرشيد صفر ،وزير الاقتصاد والمالية في الثمانينات، و رئيس الحكومة ما بين يوليو 1986 واكتوبر 1987 . وقد تولى رئاسة البرلمان حتى 1988 ثم عين سفيرا .

· صلاح الدين بالي وزير الدفاع السابق وقد تولى رئاسة البرلمان من 1988 إلى 1990 ثم عين رئيسا للمجلس الدستوري .

· الباجي قائد السبسي وزير الداخلية والخارجية في عهد بورقيبة ورئيس الجمهورية بعد 2011 . تولى رئاسة البرلمان في أول عهد بن علي ما بين مارس 1990 وأكتوبر 1991 .

· الحبيب بولعراس، الكاتب والصحفي الكبير ووزير الثقافة والاعلام والخارجية والدفاع ثم الأمين العام للاتحاد المغاربي.

تولى رئاسة البرلمان ما بين 1991 و 1997.

· فؤاد المبزع ، الوزير السابق للشباب والرياضة . وقد تولى رئاسة البرلمان من 1997 إلى سقوط بن علي في 2011 ، حيث عين رئيسا مؤقتا للجمهورية لسد الشغور الحاصل في قصر قرطاج .

· عياض بن عاشور ، أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق السابق . وقد عين رئيسا للبرلمان الانتقالي الذي سير البلاد ما بين حل البرلمان السابق وتنظيم أول انتخابات تعددية وشفافة في البلاد في أكتوبر 2011 .

· مصطفى بن جعفر وهو زعيم سابق للمعارضة التونسي . تولى رئاسة البرلمان الإنتقالي ما بين انتخابات 23 أكتوبر أ2011 و انتخابات أواخر 2014 .

سمي ذلك البرلمان ” المجلس الوطني التأسيسي ” وقد تولى صياغة الدستور الجديد ومهمة التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية في الحكومة وقصر قرطاج لمدة 3 أعوام .

· محمد الناصر الوزير والسفير السابق ورئيس حزب نداء تونس الذي أسسه الباجي قائد السبسي . تولى رئاسة البرلمان ما بين انتخابات أواخر 2014 ووفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في 25 يوليو 2019.

· عبد الفتاح مورو المحامي . كان نائبا لرئيس البرلمان بعد انتخابات 2014 .تولى رئاسة البرلمان مؤقتا ما بين 25 يوليو 2019 و أواخر أكتوبر 2019 عند تكليف محمد الناصر بخلافة الباجي قائد السبسي مؤقتا .

· راشد الغنوشي الخريجي، رئيس حزب النهضة . وقد تولى رئاسة البرلمان ما بين انتخابات أكتوبر 2019 وقرارات الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو 2021 التي أدت إلى تجميد أعمال البرلمان واسقاط حكومة هشام المشيشي ثم في تغييرات على رأس العديد من المؤسسات المنتخبة بينها المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات .

وقد رفضت رئاسة البرلمان المنحل الاعتراف بشرعية قرارات الرئيس سعيد وتابعت اصدار بيانات وتصريحات تشكك فيها وفي شرعية البرلمان الجديد الذي لم يشارك في انتخابه إلا حوالي 11 بالمائة من الناخبين .

أخبار, وجهات نظر 0 comments on ماذا بعد المصالحة بين ايران والسعودية .. بقلم كمال بن يونس

ماذا بعد المصالحة بين ايران والسعودية .. بقلم كمال بن يونس

المصالحة بين طهران والرياض :

خطوة لوقف ” الحروب بالوكالة ” في سوريا والخليج

++ التقارب بين ايران والصين وروسيا والهند مهد للاتفاق

بقلم كمال بن يونس

نجح مسار المصالحة بين الرياض وطهران بعد سنوات من ” الوساطات ” والمساعي التي بذلتها عواصم عديدة كان من بينها بغداد والكويت ومسقط وموسكو وبيكين ..

وجلب الإعلان عن التطبيع الشامل بين السلطات السعودية والإيرانية لأنه صدر من العاصمة الصينية بحضور رئيس الصين ونخبة من كبار المسؤولين الإيرانيين والسعوديين والصينيين..

** تسارعت ردود الفعل على هذا الإعلان .. فيما ذهبت بعض التعليقات ” المتسرعة ” إلى اعتبار ما جرى ” مفاجأة ” و”صفعة” وجهتها القيادة الصينية الى واشنطن وحلفائها الغربيين وإلى الحكومة اليمينية المتطرفة الجديدة في إسرائيل ، التي عادت إلى التلويح بشن حرب أو غارات واسعة ضد عشرات الأهداف الصناعية والعسكرية والنووية الإيرانية ..(؟)

نعم ولكن ..

ولا شك أن اختيار القيادتين الإيرانية والسعودية الإعلان عن المصالحة من بيكين تضمن رسائل سياسية عديدة موجهة إلى الإدارة الامريكية وقيادات الحلف الأطلسي والى تل أبيب وحلفائها ..

ولعل أبرز تلك الرسائل الإعلان عن وجود إرادة سياسية جديدة لدى عدد من دول العالم ، بما فيها السعودية ، التي أصبحت تسعى إلى تنويع علاقاتها الدولية والقطع مع مرحلة ” التبعية إلى شريك واحد “، بما في ذلك واشنطن ..وإلى عدم اهدار ثرواتها في التسلح ، حتى تنجح في توفير الموارد المالية اللازمة لإنجاز ” استراتيجية التنمية 2030″..

يحدث هذا وقد أصبح العملاق الاقتصادي الصيني قوة سياسية عسكرية دولية “عملاقة” لا تخفي تقاربها مع موسكو ونيودلهي ومع خصوم واشنطن .. كما طورت الصين علاقاتها الاقتصادية والديبلوماسية مع روسيا والهند والباكستان وايران ودولا اسيوية أخرى داخل ” منتدى منظمة شانغهاي ” الذي تأسس في 2001 وتطور في الأعوام القليلة الماضية إلى واحد من أكبر التجمعات البشرية والسياسية العالمية ..

بعد حرب أوكرانيا

ومنذ تفجير الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا في فيفري 2022 ازداد ” انحياز” الصين وايران وبعض حلفائهما الى روسيا ضد واشنطن وكييف وشركائهما الاوربيين والدوليين ..

من جهة أخرى تسببت ” الضغوطات الامريكية والغربية ” على الرياض بعد حادثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تطوير سريع في علاقات بيكين وموسكو وحلفائهما مع السلطات السعودية ..وساهم هذا المعطى في انجاز مصالحة بين السعودية وحلفائها الخليجيين مع كل من قطر وتركيا ..بهد ف ” اجهاض شعارات احداث تغيير داخل النظام السعودي ثم في كامل الممالك والدكتاتوريات العربية وتركيا “..

في هذا السياق يفسر تعاقب تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين الاماراتيين والسعوديين والخليجيين والأتراك والمصريين والإيرانيين والسورييين والعراقيين والصينين والروس ..

وتشكل عمليا ” قطب شرقي ” تتزعمه الصين وروسيا وايران وتركيا بدأ يدفع في اتجاه ” المصالحة الشاملة مع سوريا و” إيقاف ” الحروب بالوكالة ” التي تشهدها عدة دول في المنطقة منذ 2011 ، وبصفة أخص سوريا واليمن والعراق وليبيا ..فضلا عن ” حروب الاستنزاف الباردة ” التي وقع تفجيرها في بقية ” بلدان الثورات العربية ” مثل مصر وتونس ..

صواريخ ايران ضد السعودية والامارات

ولا يخفى أن تعاقب حوادث استهداف مواقع سياسية سيادية وأخرى نفطية سعودية واماراتية ، بعضها تابع للعملاق أرامكو في 2019 ، شجع السلطات الإماراتية والسعودية على التطبيع مع ايران ..

ارادت أبو ظبي والرياض وبقية قادة المنطقة ” سحب البساط ” من الأطراف التي تشجع الازمات الإقليمية لتبرير فرض صفقات عسكرية جديدة ..

وتبين أن الدفع نحو ” تعديل ” مواقف السعودية والامارات كان بتشجيع من الصين وروسيا وتركيا ودول أخرى بعد أن امتنعت واشنطن عن التورط في ” توجيه ضربات عسكرية نوعية ضد ايران ” ورفضت السماح لإسرائيل بالقيام بذلك .

وفسر الامريكان موقفهم بحرصهم على تجنب ” توسيع رقعة الحرب ” والاعتراض على “اندلاع حرب استنزاف شاملة في المنطقة ” ، لأن ايران لديها قوات موالية لها في اليمن والعراق وسوريا وفلسطين ولبنان وفي عدة دول افريقية واسيوية ..فضلا عن نجاحها في ابرام اتفاقات ” استراتيجية ” مع بعض دول أمريكا اللاتنية مثل فينزويلا ..

اتفاق جزئي ؟

لكن هل ينبغي التفاؤل كثيرا بنتائج المصالحة السعودية الإيرانية وخطوة إعادة تبادل السفراء ؟

أم ينبغي تنسيب الأمور وتجنب التهويل ؟

التقديرات متباينة ..

المتفائلون يرجحون أن يساهم هذا التقارب ، الذي ترعاه بيكين ، في تجميد التناقضات القديمة بين طهران والرياض وحلفائهما .

كما يتوقعون ترفيعا جديدا في مستوى الشراكة الاقتصادية وقيمة المبادلات والتعاون بين الدول الخليجية العربية وكل من ايران واليمن والعراق سوريا ..مقابل تخفيض ايران والامارات والسعودية وكل دول المنطقة دعمها للمجموعات المسلحة في اليمن ولبعض الميليشيات المؤثرة ميدانيا في العراق وسوريا ولبنان وفسلطين وليبيا ..

وستستفيد ايران من هذه المصالحة لأن معارضيها داخل البلاد وخارجها لن يجدوا دعما إعلاميا وسياسيا وعسكريا من العواصم العربية الخليجية ..

كما ستستفيد السعودية والبحرين والامارات وبقية دول المنطقة من تخفيض الدعم الإعلامي والسياسي والعسكري الذي تقدمه طهران الى حلفائها خارج حدودها ، والذين اصبحوا ” الرقم الصعب” الذي أزعج عددا من قادة المنطقة والعالم ..وبصفة أخص في البلدان التي تعتبرها الرياض ودول مجلس التعاون الخليجي ” جزءا من أمنها القومي “”..

السفارات ..والاف الرحلات الجوية شهريا

يذكر أن ” غلق السفارات السعودية الخليجية ” في ايران كان صوريا خلال الأعوام السبعة الماضية ..فقد وقع تخفيض التمثيل دون غلق السفارات والقنصليات ..

صحيح أنه وقع تخفيض مستوى رؤساء الوفود ..لكن الديبلوماسيين والموظفين في السفارات الخليجية ظلوا في مواقعهم في طهران وبقية المدن الإيرانية ..

في نفس الوقت كانت المطارات الإيرانية تستقبل شهريا الاف الرحلات الجوية المباشرة من المطارات الخليجية وبصفة اخص من مطارات دولة الامارات العربية المتحدة التي تستضيف لوحدها نحو 150 مستثمر إيراني لديهم مشاريع عملاقة في دول الخليج وفي العالم أجمع ، بما فيها البحرين والكويت والسعودية والعراق واوريا وامريكا والصين ..

اذن فان لغة المصالح تنتصر ..

فعسى أن يكتب لشعوب اليمن والعراق وسوريا ولبنان أن تفرح ب” المصالحة ” بين كبار صناع القرار في المنطقة والعالم ..

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ايران بعد 44 عاما من الحصار : تحالف استراتيجي مع الصين و تكتل ” شنغهاي ” ..بقلم كمال بن يونس

ايران بعد 44 عاما من الحصار : تحالف استراتيجي مع الصين و تكتل ” شنغهاي ” ..بقلم كمال بن يونس

 

+ شراكة اقتصادية مع دول اسيا وافريقيا

بقلم كمال بن يونس

اختارت بيكين وطهران ان يقترن الاحتفال بالذكري 44 للثورة الايرانية بتنظيم اول قمة ايرانية صينية في بيكين توجت بقرارات مهمة من بينها الاعلان عن قرار الرئيس الصيني القيام لاول زيارة الى ايران ..
وكشفت السلطات الصينية والايرانية بالمناسبة عن تكريس تحالف استراتيجي بين البلدين يشمل تطوير الشراكة الاقتصادية والعسكرية و الامنية …ودعم التكتل الدولي المعروف بتحالف مجموعة ” شنغهاي ” الذي اصبح يضم تقريبا نصف سكان العالم و عددا كبيرا من دول اسيا من بينها الصين وايران وروسيا و الهند والباكستان ..
وقد ظلت ايران منذ 2008 عضوا مراقبا في هذا التحالف الدولي الاسيوي ثم اصبحت عضوا كامل الحقوق وحضرت في قمته ال22 التي عقدت في طاجكستان في 2021 .. والتي نظم على هامشها اول اجتماع ثنائي بين الرئيسين الصيني والايراني ..

و يكتسي دعم التقارب الصيني الايراني بمناسبة الذكرى 44 لثورة ً1979 اهمية خاصة ، لانه يتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر والتنافس بين الولايات المتحدة والعملاق الصيني من جهة ومع ايران و حلفائها من جهة ثانية ..
بل لقد صدرت عن عدد من المسؤولين والخبراء الامريكان في المدة الماضية انتقادات غير مسبوقة للقيادات الصينية والايرانية، ولعدم احترام بيكين منذ 2016 لقرارات الرئيس الامريكي السابق ترامب بتشديد الحصار على ايران اقتصاديا وعسكريا ومنع التعامل التجاري معها بالنسبة للشركات والدول التي لديها علاقات تجارية واستثمارات مشتركة مع المؤسسات الامريكية ..
ويعلم الجميع ان دولا عديدة بينها الصين لم تلتزم بقرارات ” الحظر ” الامريكية وظلت تستورد قسمًا كبيرا من المحروقات من ايران بصيغ مختلفة ، بنا في ذلك عبر بواخر ايرانية تقوم ب” المقايضة ” بحرا مع بواخر صينية..

وكشفت اخر الإحصائيات الرسمية الايرانية والدولية ان نسبة الصادرات غير النفطية الايرانية نحو بلدان اسيا وافريقيا ارتفعت خلال العامين الماضيين بشكل ملحوظ واصبحت تحوم حول. 60 مليار دولار ..حوالي 20 بالمائة منها نحو بلدان افريقية …
يضاف الى كل ذلك صادرات ايران من المحروقات والتي قدرت بالنسبة للصين وحدها العام الماضي بحوالي مليون برميل يوميا ..فيما تؤكد مصادر مختلفة ان طهران نجحت في تحدي “الحصار الامريكي والغربي ” واصبحت تصدر ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات سنويا عبر ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “.. ومن بين صادراتها مواد حديدية باعتبارها صاحبة الرصيد الدولي عالميا من حيث ثرواتها الباطنية من الحديد والمعادن ..
واجمالا يتضح ان الحصار الدولي الذي تضرر منه ملايين من ابناء الطبقات الشعبية لم يؤد الى ” انهيار الدولة والنظام “..
بل ان العكس بالضبط هو الذي حصل ..

فقد استغلت طهران الاخفاقات السياسية والعسكرية الامريكية والاطلسية في افغانستان والباكستان والمشرق العربي وتركيا لتدعم دورها الاقليمي والدولي اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ..ولتمضي في برنامجها النووي ..
صحيح ان النفقات العسكرية والنووية مكلفة جدا خاصة في بلد مثل ايران حرمته سياسات ” الحصار الامريكي ” من توفير ما يحتاجه من قطع غيار خارج ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “…
لكن الحصار دفع المؤسسات المدنية والعسكرية والصناعية الايرانية نحو مزيد ” الاعتماد علي القدرات الذاتية” وعلى الصناعة الوطنية …فكانت النتيجة بروز عدد كبير من ” الماركات ” الايرانية في قطاعات التصنيع المدني والحربي ..

في نفس الوقت تمكنت ايران بعد عقود من ” الحروب بالوكالة ” التي تشهدها افغانستان وباكستان والدول العربية والافريقية من ان تصبح ” لاعبا جيو استراتيجيا ” في افريقيا واسيا ، وخاصة في بعض الدول العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين …بينما تزايد عدد المستثمرين الايرانيين في دول الخليج العربية وتركيا واسيا واصبح يقدر بعشرات الالاف …
لذلك فان عشرات الرحلات الجوية تربط ايران اسبوعيا ببلدان مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا والبحرين والكويت ..
ورغم حجم التوتر الخليجي الايراني في اليمن فان مسؤولين كبار من ابو ظبي والرياض والكويت تبادلوا الزيارات مع نظرائهم الايرانيين … وبدا الحديث عن ” مصالحة كبيرة بين سوريا وتركيا والعراق بدعم من طهران وموسكو …
وفلسطينيا ولبنانيا وعربيا تاكد مسار المصالحة بين دمشق وطهران مع قيادات المقاومة الفلسطينية بما فيها قيادات حركة المقاومة الاسلامية حماس القريبة من حركات الإخوان للمسلمين والاطراف التي دعمت منذ 2011 الحركات المناهضة للسلطات السورية …

وبصرف النظر عن الملاحظات والانتقادات التي توجهها عواصم دولية وإقليمية وهيئات حقوقية للحكومة الايرانية و ، فان عقودا من الحروب بالوكالة التي شنتها تلك العواصم ضد ايران فشلت في تحقيق هدفها الكبير وهو ” انهيار النظام الايراني” واجباره على ” الاستسلام” والموافقة على ” التطبيع الشامل ” مع تل ابيب على غرار شاه إيران الراحل واغلب الحكام العرب …
وفي الوقت الذي تازمت فيه الاوضاع عالميا بسبب الحرب الاطلسية الروسية في اوكرانيا وشرق اوربا ، انحازت طهران وبيكين واغلب دول ” شنغهاي ” الى موسكو …بما يعني ان مسار ” صياغة النظام الدولي الجديد ” يتاكد .. وان من بين المتغيرات القادمة تكريس التقارب بين ” الدول المغضوب عليها ” في واشنطن ، وبينها الصين وايران وروسيا …
فهل تنجح هذه الدول في تامين ” توسع نفوذها السياسي والعسكري الاقليمي والدولي ” عبر عروض اقتصادية ومالية مغرية لدول افريقيا واسيا .. تكرس اكثر تقاطع المصالح و شعارات تنويع الشركاء الاقتصاديين والعسكريين وتكريس اولويات التحرر الوطني وانجاح مشروع انضمام ايران الى ” نادي الدول النووية “؟

Envoyé de mon iPhone

أخبار, وجهات نظر 0 comments on تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه .. بقلم كمال بن يونس

تونس: معركة شرعيات بين أنصار سعيّد ومعارضيه .. بقلم كمال بن يونس

المشهد السياسي بعد انتخاب البرلمان الجديد


فجّر الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التونسية في دورها الثاني، أزمات سياسية اجتماعية و«معركة شرعيات» غير مسبوقة بين أنصار الرئيس التونسي قيس سعيّد ومعارضيه السياسيين وداخل النقابات والمجتمع المدني. وفي الوقت الذي نوّه الرئيس سعيّد بنجاح أنصاره في إنجاز الطور الأخير من «خريطة الطريق» السياسية والانتخابية التي كان قد أعلن عنها قبل سنة وبضعة أشهر، تعمَّق الانقسام داخل الطبقة السياسية بين الداعمين للسلطة من جهة، وقيادات «الاتحاد العام التونسي للشغل» والأحزاب السياسية المعارضة من جهة ثانية. وفي الوقت عينه، عمّقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حالة التصدّع بين السلطات وخصومها، وأدت إلى «تقارب» غير مسبوق بين خصوم قصري قرطاج (مقر الرئاسة التونسية) والقصبة بأنواعهم، بمن فيهم الأطراف التي كانت تساند قرارات «25 يوليو (تموز) 2021»، وتعتبرها «تصحيحاً للمسار» وليس «انقلاباً على الدستور وعلى البرلمان الشرعي» مثلما تُورد المعارضة. ومن ثم تتزايد علامات الاستفهام عن المسار المستقبلي للأمور في تونس بعد الانتخابات الجديدة التي قدَّرت السلطات أن 11.3 % فقط من الناخبين شاركوا فيها، مثلما سبق للغالبية الساحقة ممن يحقّ لهم الاقتراع أن قاطعت الاستفتاء على «دستور يوليو» الماضي، بينما لم تتجاوز نسبة المشاركة في «الاستشارة الإلكترونية» نسبة الـ6 %.
نوّه الرئيس التونسي قيس سعيّد مجدداً بالمسار السياسي الذي يقوده، وجدّد الثقة في رئيسة الحكومة نجلاء بودن وفريقها، رغم مطالبة أحزاب عدة بتغييرهما مع اتهامهما بـ«الفشل». ومن جانب آخر اكتفى سعيّد بتعديل جزئي في الحكومة عيَّن بمقتضاه الجنرال المنعم بالعاتي، المراقب العام لوزارة الدفاع، على رأس وزارة الفلاحة (الزراعة)، وكذلك جرى تعيين النقابي محمد علي البوغديري، الذي يتزعم منذ سنتين المعارضة داخل قيادة «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وزيراً للتربية.
وفي هذه الأثناء، في حين رجّح القاضي فاروق بوعسكر، رئيس «الهيئة العليا للانتخابات»، تنصيب «البرلمان الجديد» رسمياً خلال شهر مارس (آذار) المقبل، أعلنت النقابات والأحزاب خطة تصعيد جديدة تشمل تنظيم إضرابات عامة ومظاهرات يطالب بعضها بإسقاط الحكومة، والبعض الآخر باستقالة رئيس الدولة.

أنصار الرئيس وخصومه
من خلال قراءة مختلف ردود الفعل على نتائج انتخابات 29 يناير (كانون الثاني) الأخيرة وعلى «خريطة الطريق الرئاسية» يلاحظ المراقبون تعمّق الهوة واتساعها داخل المشهد السياسي التونسي بين أنصار الرئيس سعيّد وخصومه، وبين 4 مبادرات سياسية يزعم قادة كل منها الحرص والعمل على «إنقاذ البلاد» من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتراكمة. وفي هذا الإطار أورد الحقوقي حسين بوشيبة، الكاتب العام للشبكة التونسية للعدالة الانتقالية والخبير في قضايا «الانتقال الديمقراطي»، في تصريح أدلى به، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المبادرات السياسية التي قدّمتها النقابات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أربعة تنقسم إلى شقين: الشق الأول يشمل كل المبادرات التي تعترف بشرعية مسار قيس سعيّد باعتباره رئيساً منتخباً، بينما يشمل الشق الثاني المبادرات التي لا تعترف بشرعية رئيس الدولة بعد 25 يوليو (تموز) 2021… بل وتطالب برحيله وتعتبر قراراته منذ سنة ونصف السنة كانت انقلاباً، وأن كل الإجراءات التي أعلنها باطلة وغير شرعية، بما فيها الانتخابات الجديدة».

4 مبادرات سياسية
ومن ثم يمكن تلخيص المبادرات السياسية المقترحة بـ4 مبادرات، اثنتان منها داعمتان للرئيس التونسي، واثنتان معارضتان له. ومن هنا، وفق المبادرة الأولى التي يقدمها المحسوبون على «حراك 25 يوليو»، و«مسار الشعب يريد»، والأحزاب القومية العروبية واليسارية التي تدعم سعيّد، لا يوجد حالياً في البلاد «صراع شرعيات ولا أزمة سياسية»، بل يساند هؤلاء تصريحات الرئيس التي نوّه فيها بـ«احترام المواعيد» الانتخابية و«خريطة الطريق» السياسية، ثم إنهم يدعون إلى تثبيت مكانة الرئيس سعيّد وحكومته وإلى أن تصبّ كل مبادرات النقابات والأحزاب والمجتمع المدني والنخب في اتجاه إيجاد حلول لـ«الأزمة الاجتماعية والاقتصادية» وفي «محاربة الفساد والفاسدين ومحاكمة السياسيين ورجال الأعمال المسؤولين عن الإخفاقات والفساد منذ ثورة يناير 2011».
في المقابل تدعو «المبادرة الثانية» لتيار آخر من أنصار الرئيس إلى رفض مطالب المعارضين بتنظيم «انتخابات رئاسية مبكّرة» وبتشكيل «حكومة من شخصيات مستقلة». ويبرّر أركان هذا التيار موقفهم بكون الرئيس قيس سعيّد رئيساً شرعياً فعلياً في قصر قرطاج خارج نطاق الجدل، وبناءً عليه لا بد من التواصل معه حتى انتهاء عهدته في نهاية العام المقبل. إلا أن أصحاب هذه المبادرة يدعون السلطات، في المقابل، إلى القيام بإصلاحات تشمل ملفات الحقوق، والحريات، واستقلال القضاء، التي تعقدت في أعقاب حل «المجلس الأعلى للقضاء» المنتخَب، وإحالة معارضين ونشطاء إلى المحاكم، وملاحقة بعضهم أمام القضاء العسكري. ويعتبر عبيد البريكي، أمين عام «تونس إلى الأمام»، أن الأحزاب المساندة للرئيس و«مسار 25 يوليو» يعتبرون أن «المبادرات التي تدعو إلى إقالة رئيس الدولة أو إلى إسقاطه فشلت، وأن الفراغ السياسي على رأس هرم الدولة قد يجرّ البلاد إلى مخاطر تفكيك الدولة والاحتراب الداخلي». ومن هذا المنطلق يعتبر البريكي – وهو قيادي نقابي ووزير سابق – أن استمرارية الدولة أهم من أي أولوية، وأن «الرئاسة مؤسسة وليست شخصاً».

مبادرات المعارضين والنقابات
غير أن للمعارضين وللقيادات النقابية رأياً آخر تعكسه مبادراتهم السياسية، وعلى رأسها اثنتان:
المبادرة الأولى تدعو إلى استقالة رئيس الدولة «تفاعلاً مع الرسائل السياسية التي وجّهها نحو 88 % من الناخبين الذين قاطعوا الانتخابات مرتين في ظرف شهر ونصف الشهر، أو امتنعوا عن المشاركة فيها تعبيراً عن رفضهم لكل النخب السياسية الرسمية ولخريطة الطريق الرئاسية». وفي الوقت نفسه تدعو هذه المبادرة إلى أن يبقى الرئيس سعيد «مؤقتاً» في الحكم، لكن مع تعيين «حكومة إنقاذ وطني» تكون مهمتها أساساً اقتصادية اجتماعية، إلى جانب الإشراف على تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، هذا العام، وذلك مع التفاعل مع مبادرات «الحوار الوطني الشامل» التي دعت لها النقابات والمنظمات الحقوقية والمهنية والأحزاب.
أما المبادرة الثانية للمعارضين فتستبعد «سيناريو» استقالة الرئيس وحكومته الحالية، وبدلاً من ذلك تدعو إلى «حوار وطني سياسي» بين المعارضين والنقابات والمجتمع المدني يتزامن مع تصعيد الإضرابات والاحتجاجات السياسية في الشارع من أجل «إسقاط منظومة الحكم التي تسيطر على المشهد منذ 25 يوليو 2021». وبطبيعة الحال، ثمة من يتساءل إلى أي حد سيُكتب لمثل هذه المبادرات أن ترى النور بعد التصعيد الجديد بين السلطات من جهة، والمركزية النقابية وقيادات المعارضة بزعامة «جبهة الخلاص الوطني» من جهة ثانية.
على صعيد متصل، وتعقيباً على تصريحات الرئيس سعيّد التي اتهم فيها قيادات نقابية بـ«التوظيف السياسي للمنظمة النقابية»، اعتبر قياديون في «الاتحاد العام التونسي للشغل»، بينهم الناطق الرسمي باسمه الزعيم اليساري سامي الطاهري، أن «تصعيد سعيد يستهدف مبادرته للحوار الوطني» مع نقابة المحامين ورابطة حقوق الإنسان ومنظمة «منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية». بدوره انتقد حفيظ حفيظ، الزعيم النقابي الاشتراكي والأمين العام المساعد في الاتحاد، تصريحات الرئيس، وأعلن باسم المركزية النقابية رفض المنظمة ما وصفه بـ«التهم الباطلة التي صرّحت بها النيابة العمومية» في حق الزعيم النقابي أنيس الكعبي، الذي جرى إيقافه أخيراً. وقال المسؤول الكبير في «اتحاد الشغل»: «إن تعرّض الكعبي للإيقاف إنما يأتي في إطار مواصلة التضييق على الحريات العامة والفردية»، ثم أعلن أن القيادات النقابية تعترض بقوة على ما اعتبره «الخطاب الاستفزازي والتحريضي الصادر من طرف رئاسة الجمهورية في حق الاتحاد العام التونسي للشغل». وأيضاً اعترض المسؤول على تصريح لرئيس الجمهورية حول وجود «أهداف سياسية» وراء إضراب نقابة مؤسسة «تونس للطرقات السيارة»، الذي قال بيان عن مؤسسة قضائية في تونس العاصمة إنه تسبَّب في خسائر للدولة بمئات ملايين الدنانير.

غلق الطرقات وسكك الحديد
وفي الاتجاه نفسه، اعتبر حفيظ حفيظ أيضاً، في بيان رسمي نقلت وكالة الأنباء الحكومية تونس، «أن الاتحاد العام التونسي للشغل يتعرض لاستهداف واضح من طرف رئاسة الجمهورية باعتباره منظمة كانت وستبقى في الصفوف الأولى؛ بهدف منعها من لعب دورها الوطني، خصوصاً بعد تقدمها بمبادرة الإنقاذ الوطني مع شركائها في عمادة المحامين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان». من جانبه لم يستبعد زميله سامي الطاهري، الناطق الرسمي باسم «الاتحاد»، أن تقرر النقابات، في الفترة المقبلة، تنظيم «سلسلة من الإضرابات القطاعية والعامة» في مواجهة «حملة الاستهداف التي تطال المنظمة ومبادراتها السياسية لإنقاذ تونس من سيناريو الاقتتال والأزمات الخطيرة».
وضمن هذا الإطار تجد الإشارة إلى أن «الاتحاد العام التونسي للشغل» – وهو أكبر منظمة نقابية في البلاد وأكثرها نفوذاً – كان قد ندّد، في بيان أصدره عقب اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي الوطني، بعمليّة إيقاف كاتب عام النقابة من طرف قوّات أمنية. واعتبر، في البيان، أن «عملية الاعتقال تمثّل ضرباً للعمل النقابي وانتهاكاً للحقوق النقابية وخرقاً للاتفاقيات الدولية المصادَق عليها من طرف الدولة التونسية، ولِما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الإضراب».
مقابل ذلك، صعّد أنصار الرئيس سعيّد، لأول مرة منذ سنوات، لهجة حملتهم الإعلامية ضد القيادات النقابية وزعيمها نور الدين الطبوبي، وبلغت حد الاتهام بـ«الفساد والبيروقراطية ومعاداة الرئيس قيس سعيّد ومشروعه الإصلاحي»، إذ سجّل أخيراً رفع بعض المحسوبين على الرئيس وعلى مناصريه، وبينهم المحامية وفاء الشاذلي، والإعلامي رياض جراد، نبرة انتقاداتهم في وسائل الإعلام للقيادات النقابية بزعامة نور الدين الطبوبي، وللمعارضة السياسية بزعامة أحمد نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» التي تضم 10 أطراف سياسية؛ بينها أحزاب حركة «النهضة» و«قلب تونس» وائتلاف «الكرامة» و«عمل» و«إنجاز».
كذلك أعلن المناصرون لرئيس الدولة وعدد من الفائزين في الانتخابات البرلمانية الجديدة، مثل نقيب المحامين السابق إبراهيم بودربالة، موافقتهم على التصريح الجديد الذي أدلى به سعيّد أمام كوادر أمنية في ثكنة الحرس الوطني بالعاصمة تونس. وكان الرئيس سعيّد قد لوّح، في هذا التصريح علناً وصراحةً، بمحاسبة بعض القياديين في النقابات الذين قال عنهم إنهم «يقومون بقطع الطرق وسكك الحديد أو التهديد بذلك بتعلّات واهية». وتابع قائلاً إنهم «لا يمكن أن يبقوا خارج دائرة المساءلة»، مضيفاً «إن الحق النقابي مضمون بالدستور، ولا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد».

تعليقات خبراء تونسيين على قانون المالية ورجال الأعمال
> لم تتأثر متغيرات المشهد السياسي التونسي في الآونة الأخيرة فقط بالرسائل السياسية التي وجّهها غالبية الناخبين وزعماء المعارضة والنقابات بمناسبة انتخابات 29 يناير (كانون الثاني)، «بل تأثرت كذلك بالمستجدّات السلبية في عالمي المال والأعمال بعد ارتفاع الأسعار ونسب التضخم والفقر والبطالة»، على حد تعبير الخبير الاقتصادي جمال الدين عويديد، الذي سجّل، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، معارضة نقابات رجال الأعمال لقانون المالية الجديد ولتضخم الضرائب والأداءات.
من ناحية ثانية، تفاقمت «الأزمة بأبعادها المالية الاقتصادية والاجتماعية السياسية»، في نظر الأكاديمي والاقتصادي الجامعي رضا الشكندالي، بعد التصنيفات الخطيرة الجديدة التي أصدرتها وكالة موديز العالمية للبنك المركزي التونسي ولعدد من البنوك، وإنزالها إلى درجة «ج سلبي 2»، أي إلى درجة واحدة قبل الإعلان عن «إفلاس الدولة».
كذلك لاحظ عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي والمسؤول السابق في عدد من البنوك العربية والتونسية، خلال تصريح إلى «الشرق الأوسط»، أن هذه «التصنيفات أزعجت رجال الأعمال والمستثمرين»، ومن شأنها «أن تَحرم تونس مجدداً من فرص الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، وأيضاً من السوق المالية العربية والعالمية». وبرَّر سعيدان استنتاجه بكون الصناديق والبنوك الدولية تعتمد عدة مقاييس في تقييم علاقاتها بالبنوك والدول في العالم؛ بينها «الحوكمة الرشيدة»، و«الشفافية السياسية والديمقراطية».

رغم التشاؤم… الورقتان الإقليمية والدولية قد تلعبان لصالح السلطات التونسية
> يرى متابعون في تونس أنه على الرغم من التقييمات المتشائمة من المرجعيات الاقتصادية والأكاديمية، يعتبر عدد من أنصار السلطة أن «الورقتين الإقليمية والدولية تلعبان راهناً لصالح السلطات التونسية». ويعدِّد هؤلاء بين «الأسباب العديدة» الدعم الذي تقدمه للسلطات التونسية كل من باريس والجزائر والعواصم الغربية، التي – حسب هؤلاء – لم تعد تهمّها كثيراً ملفات الديمقراطية بقدر ما يهمّها تعاونها في مجالي «مكافحة الإرهاب» ومنع تسلل مزيد من المهاجرين غير القانونيين إلى أوروبا عبر السواحل التونسية.
في هذا الإطار، يتابع صُنّاع القرار والمراقبون في العاصمة التونسية نتائج زيارتيْ رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني إلى الجزائر وليبيا، وكذلك زيارة وزيري الخارجية والداخلية الإيطاليين إلى تونس ودول المنطقة؛ من أجل بحث ملفات الإرهاب والهجرة غير القانونية. هذا وقد اكتسبت مشاورات روما والجزائر أهمية خاصة بالنسبة للسياسيين والمراقبين في تونس؛ لأن رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية – المتشددة في موضوع الهجرة – كانت قد أعلنت، في أعقابها، أنها بحثت في الجزائر «سيناريوهات تطور الأوضاع في تونس». وللعلم، سبَق للرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون أن صرّح، قبل نصف سنة، من العاصمة الإيطالية روما بأنه بحث مع المسؤولين الإيطاليين سبل «مساعدة تونس للعودة إلى المسار الديمقراطي». وبالتزامن مع كل هذا أعلنت السفارة الأميركية في تونس أن السفير الأميركي الجديد جوي هود أدى، قبل أيام، رسمياً اليمين استعداداً لمجيئه إلى تونس، وتمنّت له ولفريقه الجديد «النجاح والتوفيق». وفي هذا الشأن خصوصاً، كانت السلطات ووسائل الإعلام التونسية قد انتقدت تعيين هود، كما انتقدت كلامه عند ترشيحه من قِبل «الكونغرس»، الذي أعلن فيه أن برنامجه يشمل «دعم الديمقراطية والتنمية في تونس»، و«ضمان حياد المؤسسة العسكرية»، إلى جانب دعم «مسار التطبيع مع إسرائيل».
وثمة من يربط وصول السفير الأميركي الجديد وتعاقب التصريحات في عواصم غربية وإقليمية عن «دعم تونس»، بتسريح القروض والتمويلات لفائدة الدولة التونسية لمساعدتها على كسب معاركها مع النقابات والمعارضة. طبعاً كل السيناريوهات واردة إذا تواصلت معركة الشرعيات داخلياً وتوظيف (الخارج) للتناقضات الداخلية والإقليمية؛ خدمة لأجنداته. إلا أن الانهيار الاقتصادي المالي قد يزيد المشهد السياسي تعقيداً، والأوضاع الأمنية والاجتماعية غموضاً، بما يؤثر على بلدان الجوار الأكثر اضطراباً وهشاشة، وخصوصاً في ليبيا، التي تَعتبر تونس «رئتها الثانية» منذ بدء مسلسل الحروب فيها مطلع 2011.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on وزير الاتصال الجزائري: ندعم فلسطين ونعمل لتنفيذ مقررات القمة العربية

وزير الاتصال الجزائري: ندعم فلسطين ونعمل لتنفيذ مقررات القمة العربية

دعا وزير الاتصال الجزائري محمد بوسليماني، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للقمة العربية العواصم العربية إلى تفعيل قرارات “القمة العربية” بشأن “المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية” التي عقدت في الجزائر في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي .

وأكد عضو الحكومة الجزائرية في حديث خاص لـ “عربي21″، عزم بلاده على مزيد الدعم لحركة التحرر الوطني الفلسطينية ومعارضة الانتهاكات المتعاقبة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في فلسطين المحتلة بما في ذلك في مدينة القدس العربية المحتلة ومدن الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكشف الوزير محمد بوسليماني لـ “عربي21” أنه عقد، على هامش مشاركته والوفد الجزائري بتونس في مؤتمر الإعلام العربي، جلسات عمل مع عدد من رؤساء الوفود العربية بينها بالخصوص جلسة مع نظيره الفلسطيني، الوزير أحمد عساف نزار.

وأوضح بوسليماني أنه بحث مع الوزير الفلسطيني متابعة قرارات قمة الجزائر من حيث دعم “القضية المركزية لكل العرب – قضية فلسطين” و”المصالحة الفلسطينية والعربية” و”علاقات التعاون القائمة بين البلدين في مجال الإعلام والاتصال وسبل تعزيزها مستقبلا”.

وخلال هذا اللقاء جدد الوزير الجزائري دعم بلاده الدائم لدولة فلسطين، قيادة وشعبا، “وهو ما تحرص الجزائر على ترجمته بكل الأوجه الممكنة”.

ونوه وزير الاتصال الجزائري إلى تصريحات المسؤولين الفلسطينيين التي جددت شكرها الخالص للجزائر على مواقفها الداعمة لفلسطين وتحرير القدس ورفض القمع الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني عموما وفي القدس ومحيطها خاصة.

وحيا الوزير الجزائري “تصريحات قيادات كل الفصائل الفسلطينية التي تتفاعل إيجابا مع الجهود التي تقوم بها الجزائر في سبيل لم شمل الفصائل السياسية الفلسطينية وتفعيل قرارات القمة العربية لدعم حركة التحرر الوطني الفلسطينية “.

وجوابا على سؤال لـ “عربي21″ عن آفاق العلاقات بين تونس والجزائر في هذه المرحلة التي تمر فيها تونس والمنطقة بمتغيرات سريعة وغموض، فقد أشاد الوزير الجزائري بالعلاقات التونسية الجزائرية ووصفها بـ”الممتازة” واستدل بالمشاورات بين سلطات البلدين ومظاهر التعاون بين الشعبين وتنويه كبار المسؤولين في تونس والجزائر بالصبغة الاستراتيجية للشراكة بين الدولتين.

وتوقع بوسليماني أن “تتطور العلاقات التونسية الجزائرية في المدة القادمة إيجابيا “بنسق أسرع” واعتبر أن “واقع العلاقات التونسية الجزائرية ومستقبلها نموذجي عربيا.. وسيكون على أحسن ما يرام”.

من جهة أخرى دعا وزير الاتصال الجزائري إلى “استراتيجية إعلامية وتكنولوجية عربية تضمن كسب “الحروب الجديدة” التي قال عنها إنها “ليست عسكرية” بل “رقمية واتصالية”.

واعتبر أن مستقبل الدول العربية الاقتصادي والأمني والمجتمعي أصبح رهين كسب “معركة السلطات ومؤسساتها الأمنية والاتصالية والتكنولوجية مع عصابات جهوية ودولية تستخدم سلاح الهجمات السيبيرانية الدولية”، ما عمق “الهوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب” وزاد من مخاطر استقطاب الشعوب وخاصة فئات الأطفال والشباب التي أصبحت قطاعات واسعة منها تتأثر بـ”إعلام وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الرقمية أكثر مما تتأثر بوسائل الإعلام التقليدية “.

وعن الرسالة التي أرادت الجزائر توجيهها من خلال التوصيات والاقتراحات التي تقدمت بها في المؤتمر السنوي الثاني للإعلام العربي الذي نظمه اتحاد اذاعات الدول العربية في تونس بحضور عشرات من الخبراء العرب والأجانب والمشرفين على قطاعات الإعلام وتكنولوجيا الاتصال والعمل العربي المشترك ونخبة من الوزراء، أورد الوزير محمد بوسليماني أن “الجزائر التي ترأس هذا العام القمة العربية تسعى إلى أن تبادر الحكومات ومؤسسات صنع القرار ومؤسسات العمل المشترك العربية باعتماد استراتيجية وخطة عمل واضحتين لكسب رهان التقدم التكنولوجي والرقمي وتجاوز سياسات ردود الفعل الظرفية على التحديات الخارجية، بدءا من قطاع الاعلام والاتصال والتكنولوجيات الرقمية”.

وأوضح محمد بوسليماني أن إدراك الجزائر لحجم التحديات التي يواجهها الإعلام العربي بسبب “الهوة الرقمية والهجمات السيبرانية” يدفعها إلى حث الدول العربية على وضع تصور شامل وموحد في إطار تعاون عربيٍ مشترك “ومواجهة الهيمنة الرقمية لكبرى الشركات الإعلامية العالمية، حماية لمصالح الدول العربية واقتصادها وقيم مجتمعاتها ومؤسسات التعليم والثقافة فيها”.

وكشف الوزير الجزائري أن سلطات بلاده تسعى إلى مواكبة المتغيرات دوليا في قطاعات الاتصال والاقتصاد الرقمي والتقدم التكنولوجي، وهي تنوه بالتقدم الذي حققته بعض الدول العربية بصفة فردية في معركتها ضد الهجمات السيبرانية و التخلف.

لكنه نوه بحاجة كل الدول العربية إلى مزيد التنسيق بين حكوماتها ومؤسساتها العلمية والإعلامية ومنظمات العمل المشترك لكسر “الهيمنة الرقمية العالمية” من قبل بعض الشركات والأفراد، في مرحلة أصبح فيها “العالم يعيش حقبة التقدم الرقمي فيما توجه الجمهور إلى المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي على حساب سوق الصحف والقنوات الاذاعية والتلفزية التقليدية بما فيها تلك التي تصله عبر الأقمار الصناعية “.

وهل يمكن أن تؤدي الاستراتيجية الاتصالية والتكنولوجية المقترحة في مرحلة الرقمنة إلى سياسات إعلامية جديدة عربيا ومغاربيا تشمل “السياسات التعديلية” لمضمون وسائل التواصل الرقمية وبقية وسائل الإعلام أم إنه سيقتصر الأمر على إجراءات عابرة ذات صبغة تكنولوجية هدفها تخفيف الفوارق بين الدول الغنية والفقيرة في مجال مواكبة الثورة الرقمية؟

الوزير محمد بوسيلماني عقب على سؤال “عربي21” قائلا: “التحديات خطيرة جدا ولديها انعكاسات على الأمن القومي وعلى توجهات الأجيال الجديدة وخاصة الشباب والأطفال، بما يفرض علينا اتخاذ خطوات جدية للحد من الأضرار الناجمة عنها من خلال وضع استراتيجية موحدة في التعامل مع الشركات العالمية للرقمنة والاعلام بما في ذلك فيما يتعلق بالمضامين ومحتوى المادة الإعلامية التي يجري تسويقها. كما أنه يجب اتخاذ قرارات عربية مشتركة وسريعة وناجعة”، مع الاستفادة من توصيات المؤتمرات السابقة لمؤتمرات القمة العربية واجتماعات مؤسسات العمل العربي المشترك “بما فيها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب واتحاد اذاعات الدول العربية”.

لكن ما هي الخطوات العملية المطلوبة ليكسب العرب شعوبا ودولا “الحروب الجديدة” التي تقودها شركات اقتصادية عالمية عبر سلاح الاعلام وليس عبر “الأسلحة النارية التقليدية”؟

وزير الاتصال الجزائري أجابنا قائلا: “المطلوب مراجعة الدول العربية لكثير من قوانينها وتشريعاتها ومن ضمنها قانون حماية البيانات الشخصية و قوانين الأمن السيبراني والهوية الرقمية، بالإضافة إلى كل ما يخص التطور التكنولوجي من أنظمة وتشريعات لضمان الحماية الرقمية للجميع”.

وسجل يوسليماني أن “تبادل الخبرات والتجارب بين الدول العربية في مواجهة مخاطر الجرائم السيبرانية ووضع آليات عمل عربية صارمة، سيمكن كله من الحماية اللازمة من أي اختراق للشبكات المحلية والإقليمية وتأمين سلامتها”.

واعتبر عضو الحكومة الجزائرية أن “الجزائر التي نجحت في تنظيم أول قمة عربية رقمية خلال شهر نوفمبر الماضي، ليس فيها أي وثقة ورقية، لن تدخر جهدا لإنجاح الجهود المشتركة لمجابهة الهيمنة الرقمية العالمية”. واستطرد قائلا: “تماشيا مع هذا المسار، فقد بدأت بلادي استحداث منظومة قانونية ملائمة وإيجاد مؤسسات متخصصة تعنى بضمان أمن البيانات ومصداقية المعلومات وتفعيل دور الإعلام بما فيه الرقمي لاسيما عن طريق التكوين”.

ونوه بوسليماني بالمؤتمر العربي للإعلام في نسخته السنوية الثانية وبـ”الجهود الحثيثة ومساعي جامعة الدول العربية لتوحيد الصف العربي في التعامل مع عمالقة التكنولوجيا ومواجهة الهيمنة الرقمية التي تفرضها هذه الشركات العالمية”، وحيا في ذات السياق “جهود اتحاد إذاعات الدول العربية في تنظيم هذا المؤتمر الثاني وحسن اختيار موضوعه”.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on دراسة: تونس من بين أفضل الدول الأفريقيّة في إدراة الحكم

دراسة: تونس من بين أفضل الدول الأفريقيّة في إدراة الحكم

 

نشرت مؤسّسة ”مو إبراهيم” دراسة حول تقييم الحوكمة في القارة الأفريقية، وقد بيّنت أنّ إدارة الحكم في تونس وجزر الموريس وسيشال والرأس الأخضر وبوتسوانا هي الأفضل، بينما تذيّلت كلّ من جنوب السودان والصومال وإريتريا الترتيب.

وأشارت الدراسة إلى أنّ ارتفاع نسب التنميّة البشرية والاقتصادية في أفريقيا يقابله ”تراجع في الديمقراطية” و”وضع أمني متوتّر بشكل متزايد”.

وخلصت أيضا إلى أنّ معظم القارة أصبحت أقلّ أمانًا وأقل ديمقراطية في عام 2021 مما كانت عليه في عام 2012″ ، وأكّدت الدراسة أنّ جائحة كوفيد-19 أبرز الاتجاهات المقلقة. 

ويعتمد مؤشّر إبراهيم للحكم في إفريقيا على أكثر من ثمانين مؤشرًا مصنّفة في أربع فئات فرعية: “الأمن وسيادة القانون” و”المشاركة والحقوق والشمول” و”التنمية البشرية” و “أسس الفرص الاقتصادية”.

كما تطرّقت الدراسة إلى أنّ ما يقدر بـ70% من سكان القارة يعيشون في دول يصنّفها المؤشّر أقل ّأمانا في الوقت الحالي، عما كانت عليه عام 2012.

وأشارت الدراسة أيضًا إلى الانخفاض الحاد في حرية التنقّل وتكوين الجمعيات والاجتماع، ومع ذلك، أشار المؤشر إلى أنّ أكثر من 90٪ من سكان القارة يعيشون في بلد يكون فيه مستوى التنمية البشرية – الذي يأخذ في الاعتبار الوصول إلى الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبيئة المستدامة – أعلى مما كان عليه في عام 2012.

وللإشارة، فإنّ غامبيا هي الدولة التي أحرز حكمها أكبر قدر من التقدم منذ عام 2012 ، وعكس ذلك، فإنّ ليبيا هي الدولة الأكثر تراجعًا. 

كما أشار التقرير إلى 23 انقلابا ناجحا أو محاولة انقلاب منذ عام 2012، وثماني عمليات استيلاء على السلطة من قبل المجالس العسكرية منذ عام 2019.

وشهدت كلّ من مالي وبوركينا فاسو، وكلتاهما بغرب أفريقيا وعرفا في إحدى الفترات باستقرارهما السياسي النسبي، انقلابين لكل منهما.

وتجدر إلى الإشارة إلى أنّ رجل الأعمال السوداني المولود في بريطانيا مو إبراهيم قد أسّس مؤسسته عام 2006، ومقرّها لندن، وتتمثل مهمتها في تعزيز الحكم الرشيد في القارّة الأفريقية.

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on البيان الختامي لملتقى “المتغيرات في تونس والدول المغاربية الاوربية في 2023 : الاوضاع الاقتصادية والامنية تنذر بالانفجار والانهيار

البيان الختامي لملتقى “المتغيرات في تونس والدول المغاربية الاوربية في 2023 : الاوضاع الاقتصادية والامنية تنذر بالانفجار والانهيار

– 35 الف تونسي هاجروا خلسة الى اوربا في 2022
– نظام اقليمي جديد و ابعاد المنطقة عن ” الحروب بالوكالة ”

انتظم بتونس ملتقي عن المتغيرات الاقتصادية والجيو استراتيجية في تونس و المنطقة المغاربية الاوربية بمشاركة نخبة من الديبلوماسيين و خبراء الاقتصاد والعلاقات الدولية والاعلام والدراسات الاستراتيجية ، بمبادرة من منظمات “تونس للكفاءات “و “منتدى ابن رشد للدراسات الاستراتيجية “و ” جمعية الديمقراطيين في العالم العربي “..
شارك في هذا الملتقى حضوريا او عبر المنصات الالكترونية محاضرون من الدول المغاربية الخمسة ومن الاردن و الاتحاد الاوربي ، حذرت مداخلاتهم من تعدد مؤشرات الانفجارات الاجتماعية والامنية بسبب الانهيار الاقتصادي والسياسي والمضاعفات الخطيرة للصراعات ولحرب اوكرانيا ولاستمرار الحروب التقليدية و ” الباردة ” في المنطقة ، خاصة في ليبيا و بين المغرب والجزائر وفي فلسطين والمشرق العربي …
و بعد تشخيص الاوضاع اسفر هذا الملتقى عن توصيات عديدة من بينها بالخصوص :

-اولا ، في المجال الاقتصادي الاجتماعي :
اوصى الملتقى باعتماد ” حلول عاجلة واخرى هيكلية ” و ” غير تقليدية ” :لاحتواء الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتراكمة ،والتي زادت حدة وخطورة بسبب مضاعفات حرب اوكرانيا وتطورها الى صراعات خطيرة جدا بين روسيا وحلفائها ودول الحلف الاطلسي بما فيها الدول الاوربية الشريك الرئيسي لتونس والدول المغاربية والمتوسطية ..
واوصى الملتقى بالحوكمة الرشيدة والاصلاحات السياسية والادارية المطلوبة لتحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي واوضاع الشباب والطبقات الشعبية التي توشك ان تنفجر وتثور ضد الجميع …مع التاكيد على العلاقة بين التنمية والديمقراطية وعلى كون تعثر مسارات ” الانتقال الديمقراطي ” في تونس والدول العربية كان نتيجة تراكم غلطات السياسيين منذ 2011 ومؤامرات واجندات داخلية واقليمية ودولية ..

– ثانيا ، في المجال المغاربي :

اوصي المشاركون باحتواء الازمات الداخلية ، خاصة في ليبيا ، في كل الدول المغاربية عبر التفاوض والحلول السياسية واستبعاد كل سيناريوهات الاقتتال والصدامات العنيفة والانفجارات الامنية مجهولة العواقب .
كما دعوا الى احتواء الخلافات القديمة والجديدة بين الجزائر والمغرب و الى اعادة العلاقات بينهما وفتح الحدود المغلقة ، و تنقية المناخ بين الدول الخمسة لتفعيل الاتفاقيات الثنائية و الجماعية للشراكة الاقتصادية والتكامل في كل القطاعات ، بما سوف يساهم في تحسين نسب النمو السنوية في تونس وكل دولة مغاربية بما لا يقل عن نقطتين .
كما دعت المداخلات الى خروج القوات الاجنبية من ليبيا والمنطقة و الى استبعاد التدخلات الخارجية التي تعرقل مسارات المصالحة الوطنية و التنمية الشاملة في كامل الاقليم ..

-ثالثا ، في المجال الاوروبي المتوسطي :
سجل المشاركون من الدول العربية والاوربية ان الكلفة الاقتصادية لوباء كورونا و الحرب في اوكرانيا جعلت دول الاتحاد الاوربي تتراجع عن برامجها الخاصة بدعم التنمية والديمقراطية والاصلاحات في “دول الجوار” ، و وقع تحويل الموازنات لدعم اوكرانيا وتمويل عمليات استقبال ملايين اللاجئين الفارين من الحرب …ودعا الملتقى بروكسيل والبلدان العربية والمتوسطية الى تفعيل اتفاقيات الشراكة و تسهيل تنقل المسافرين والمستثمرين والسلع في الاتجاهين … ” وان لا يختزل دور بلدان جنوب البحر المتوسط في حماية سواحل اوربا الجنوبية من افواج المهاجرين غير القانونيين التونسيين والعرب والافارقة ”
وسجل البرلماني والقيادي السابق في حزب التيار الديمقراطي مجدي الكرباعي في مداخلته من ايطاليا والاعلامي المنصف السليمي من المانيا ان عدد المهاجرين التونسيين ” خلسة ” نحو ايطاليا في 2022 كان في حدود 18 الف من جهة البحر ،فيما بلغ المرشحون للهجرة اليها عبر تركيا وصربيا يقدر ب 15 الف … اي ان عددهم في عام واحد يحوم حول ال 35 الف ..فيما قدر عدد الذين ماتوا غرقا او سجنوا في ظروف قاسية جدا بالف تونسي …

-رابعا ، في المجال الدولي :
اوصى الملتقى صناع القرار في العالم بالاستفادة من الازمة العالمية الخانقة التي فجرتها الصراعات بين دول الحلف الاطلسي من جهة و روسيا وحلفائها من جهة ثانية من اجل التفاعل مع الدعوات لبناء نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب يضمن لشعوب بلدان الجنوب حقهم في التنمية الشاملة والمستدامة وللدول النامية موقعا افضل في مؤسسات صنع القرار الاقتصادي والسياسي الدولي .

عن الملتقى

شكري الحيدري رئيس منظمة ” كفاءات تونسية ”
كمال بن يونس رئيس منتدى ابن رشد للدراسات الاستراتيجية ومنظمة الديمقراطيين في العالم العربي تونس