تعقد اجتماعا مهما اليوم الخميس أو غدا الجمعة 08 جانفي/يناير في “جنيف”

علي عبد اللطيف اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

** تمهيد

احتد الجدل وخاصة في الشبكات الاجتماعية الليبية منذ مساء السبت الماضي بين أنصار مختلف الفرقاء حول قائمة أعضاء اللجنة الاستشارية ووجه الكثير من السياسيين والفاعلين الاجتماعيين الليبيين ومُرتادي الشبكة الملاحظات حول عدد أعضاءها وهويتهم ومدى فاعليتهم في دفع الحوار الى نتائج ملموسة، مُردّدين تقريبا نفس الانتقادات التي وجهت للبعثة ابان الإعلان عن قائمة أعضاء لجنة الحوار في نهاية أكتوبر الماضي رغم الفوارق من حيث التفاعل ومن حيث الأدوار المرتقبة للجنة الاستشارية وخاصة خلال الأيام القادمة على عكس اللجنة القانونية التي ستكون مهامها ما بعد مرحلة هيكلة السلطة التنفيذية واختيار شاغلي المناصب السيادية، فماهي أهم الاستنتاجات الأولية وكيف يُمكن قراءتها بالاعتماد على التصنيف الفكري والسياسي والايديولوجي للأعضاء الـ18؟ وما هي آفاق تطورات الأوضاع والسيناريوهات الممكنة في أفق نهاية مارس القادم خاصة في ظل حديث ان “ستيفاني” قد تعلن الاثنين 11 جانفي/يناير الجاري عن أعضاء الرئاسي الثلاث وعن اسم رئيس الحكومة ونائبيه؟

 

**لماذا لجنة استشارية واي أدوار مرتقبة لها؟

  • تعطل ملتقى الحوار السياسي في مسار اعادة هيكلة السلطة التنفيذية حيث لم يسجل أي تقدم يُذكر منذ 23 نوفمبر الماضي في تحديد الآلية المناسبة لاختيار الأسماء الرئيسية الست (رئيس الحكومة ونائبيه والأعضاء الثلاثة الممثلين للمناطق الثلاث في المجلس الرئاسي الجديد) ، وهو الأمر الذي دفع البعثة الأممية إلى تشكيل اللجنتين القانونية والاستشارية بناء على أن تنزيل أي تسوية سياسية أصبح غير ممكن خاصة في ظل الانقسام الحاصل في الشرق الليبي بين خمس أسماء مرشحة لعضوية الرئاسي وفي دعم الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة وخاصة في التضارب الحاصل بين كل من أنصار “عقيلة صالح” والعسكري “خليفة حفتر” …
  • ساهمت البعثة الأممية في ترنح الحوار وتعطله عبر اعتماد سياستي “التمطيط” و”الارجاء” وان تحججت ظاهرا بمبررات اختلاف الليبيين وتواصل التجاذبات والمناكفات بينهم، إلا أن الأطراف الإقليمية والدولية هي من عطل فعليا كل التسويات الممكنة وسعت لصفقات بعينها بناء على رغبة تلك الأطراف في دعم وكلاء محليين بعينهم حتى يمكنها لاحقا اقتناص أكثر ما أمكن من الفرص الاستثمارية المرتقبة في عملية اعادة الاعمار، إضافة الى محاولة تفعيل المعاهدات السابقة سواء قبل ثورة فبراير او بعدها، إضافة الى سعي تلك الأطراف للحصول على التعويضات لشركاتها…
  • حاولت “وليامز” وتحاول تسيير الحوار للتماهي مع مراحل مباشرة “بايدن” لسلطاته التنفيذية في البيت الأبيض خلال الفترة القادمة:

**أرجأت بداية جلسات الحوار المباشرة من نهاية أغسطس الماضي الى 09 نوفمبر أي بعد أيام ثلاث من الإعلان عن فوز “بايدن”…

** بنت استراتيجيتها وهي ابنة “الحزب الديمقراطي” على منطق أن يجد “بادين” الحل جاهزا في ليبيا وأن تُباشر الحكومة الجديدة مهامها بعد دخوله للبيت الأبيض، وهو ما يعني أنها قد تكون لاحقا أحد أعضاء ادارته في ملفات خارجية باعتبار أن السياسية الخارجية الجديدة تبدأ في الدوران في جوان/يونيو القادم بينما من المرتقب ان تنهي هي مهمتها في ليبيا في نهاية مارس القادم…

3- النقاط والعوامل سالفة الذكر، دفعت البعثة الأممية الى اللجوء للتسريع وحصر الامر في عد أقل من أعضاء ملتقى الحوار والبحث مستقبلا عن تجنب التأثيرات الخارجية سواء كانت ليبية أو إقليمية أو دولية وبالتالي قبل الجميع بتشكيل لجنة استشارية موسعة وممثلة لكل الأطراف والمناطق وتم برمجة أولى اجتماعاتها اليوم الخميس أو غدا الجمعة 08 في جينيف، وهو ما يعني استحالة وجود اطراف ضاغطة على اجتماعاتها (مانع التأشيرة حيث لن يتواجد لا “عون الفرجاني” ولا أي من ممثلي الأطراف الإقليمية على غرار “الاماراتيين” و”المصريين” ولا “الأتراك” ولا “المغاربة” ولا غيرهم).

  • من الواضح أن “وليامز” ستمارس ضغوطا فعلية على أعضاء اللجنة الاستشارية للتسريع في المصادقة على عددا من الخطوات بل تحديدا الاتفاق على أسماء أو بالأحرى تسوية قد تكون طبخت على نار هادئة منذ نهاية نوفمبر الماضي وبقي اسم أو اثنين قد يكون تم الحسم بينهما وذلك يخص أساسا اسم رئيس الحكومة ( بين أسماء ثلاث مرشحة من مدينة “مصراتة”) واسم ممثل الشرق الليبي في الرئاسي وهو نفس الاسم الذي من المرتقب ان يكون رئيسا للرئاسي وهو من الصعب ان يكون خارج الثلاثي (“عبدالجواد العبيدي”–”مصطفى دلاف البرعصي”–”عقيلة صالح”) ويظهر ان الترتيب الذي أوردناه هنا وفقا للحظوظ ولكن انقلاب الترتيب على رأسه وارد أيضا…
  • من الوارد أن تُصعّد “وليامز” من تحذيراتها الى درجة تهديد أعضاء اللجنة الاستشارية باستعمال مجلس الأمن لفرض حكومة وفقا لمنطق ان ليبيا هي في الأخير تحت البند السابع، وهو ما يعني أن أعضاء اللجنة قد يصطفون خلال الأيام القادمة في ندوة صحفية وراءها وهي تعلن الأسماء الست (رئيس الحكومة ونائبيه واعصاء الرئاسي الثلاث)، ومن المنتظر ان يتم ذلك الاثنين 11 جانفي/يناير ولكن ذلك قد يرجأ لسبب من الأسباب الة نهاية الشهر الجاري ولكن الثابت أن الحكومة الليبية ستكون معروفة التفاصيل في بداية فيفري القادم ولتتفرغ وليامز” واللجنة الاستشارية لتحديد أسماء شاغلي المناصب السيادية السبع…

** قراءة في تركيبة أعضاء اللجنة وتفاصيل الانتماء الفكري والسياسي والايديولوجي

 

  • الثابت أن الأعضاء تم اختيارهم بدقة وعناية من طرف “ستيفاني” نفسها وهي التي رفضت مقترح أن يكون الأعضاء من خارج الـــــــ75 أي من خارج أعضاء لجنة ملتقى الحوار السياسي…
  • من خلال قراءة أولية للقائمة يتبين أنه اللجنة الاستشارية تتكون من 06 أعضاء من الشرق الليبي و06 من المنطقة الغربية و06 من الجنوب الليبي، وهي فكرة لم تكن مطروحة في البداية وهو ما قد يبرر توسع تركيبتها من 12 الى 18 وهو ما يعني أيضا ان ذلك العامل (تساوي المناطق الثلاث) له أهداف ومرام بحيث أنهم مسؤولين على قرارات مهمة وسريعة وتاريخية سيتم اتخاذها من طرفهم وهي قرارات قد تكون كل اللجنة قد تم تشكيلها بناء على ذلك…
  • أغلبمن تم اختيارهم هم سياسيين بل وممثلين لأحزاب وتيارات سياسية وفكرية ليبية وبعض شخصيات مؤثرة، وعمليا يُمكن تقسيم الأعضاء كالتالي بغضّ النظر عن صحة بعض تفاصيله:
  • أعضاء محسوبين على حزب “العدالة والبناء،وهؤلاء هم: ” نزار كعوان” –“موسى فرح” – “سعيد صالح كلا”، وذلك لا يعني أن بعضهم منتم حاليا للحزب وأيضا لا يعني ان بقية الأعضاء ليس منهم من هم قريبين من الحزبأو التيار الإسلامي عموما بأشكال مختلفة….

 

  • أعضاء عن مكونات التيار الليبيرالي،ضمت اللجنة الاستشارية بعض ليبراليين على غرار “خالد الاسطى” (محسوب على تحالف القوى الوطنية) إضافة الى ليبراليين مستقلين وهم: “السيدة اليعقوبي”-” محمد اللافي” – ” محمد آدم لينو”…
  • أعضاء مستقلين متقلبين من حيث ولاءاتهم واصطفافهم السياسي:وهمكثيرون في لجنة الــــ75، أما في اللجنة الاستشارية المعلن عنها فتم اختيار:”علي عبد العزيز” – “وافية سيف النصر” –”حسين الانصاري”–”أحمد الشركسي” –”أبو بكر العبيدي”- “عبد الله الشيباني”…
  • الفيدراليون:ومثلهم في اللجنة الاستشارية الأسماء التالية: “سلطنة المسماري”- “عبد الرحمان العبار” – “أنس سعيد الحمري”-“ادريس البرعصي”…
  • أنصار القذافي (السبتمبريون)من المهم التأكيد أن أغلبالسبتمبريين داخل لجنة الحوار محسوبين على أنصار “سيف” وليسوا على الفريق المناهض له بينما في اللجنة الاستشارية فلم يمثلهم سوى”محمد العجيلي الحسناوي”…

**ملاحظات حول اختيار أعضاء اللجنة الاستشارية وحول ردود الأفعال

 

  • أولا من الواضح أن موازين القوى على الأرض كانت حاضرة في تركيبة أعضاء اللجنة الاستشارية من حيث اختيار الابعاد الجهوية (المناطق والمدن) والاصطفاف الإقليمي والدولي وطبيعة موازين القوى ميدانيا وسياسيا فحفتر ورغم تراجع موقعه فان هناك اكثر من شخصيين محسوبين عليه على غرار “العبار”و”المسماري”، بينما الاقرب لعقيلة صالح حوالي 05 أشخاص…
  • ثانيا، هناك عقلية سائدة في ليبيا أنه مهما كانت الأسماء المختارة فستكون هناك اعتراضات عليها من حيث قراءتها ومن خلال ان البعض له قراءاته الخاصة فالبعض لا يعترف بالأجسام السياسية القائمة والبعض لا يعترف بثورة فبراير ويرى ان دعوة إسلاميين أو آخرين محسوبين على حفتر عبث في عبث، كما أن انصار العسكري “حفتر” سيعتبرون أن بعض أسماء محسوبين على منافسه في الشرق أي “عقيلة صالح”…
  • ثالثا، أسماء الشخصيات الــــــ18 يمكن اعتبارها ضعيفة نسبيا من وجهة نظر البعض اذا ما بحثنا على خطورة المرحلة وخطورة ما سيتم مُناقشته وخاصة في اجتماعات الأيام القادمة – وهي اجتماعات من المنتظر ان تكون مغلقة- وهي أيضا ووفقا لآخرين أسماء ضعيفة وباعتبار أن أسماء لجنة الحوار الـــــ75 أصلا اعتبرت ضعيفة،وهو اختيار لم يتم يومها على أسس علمية ومنهجية بل انه تم وفقا لرؤية البعض عبر عقلية اختيار “ليوني” و”سلامة” رغم وضوح بصمات “ستيفاني”…
  • رابعا، لا يمكن نفي وجود توزيع عادل نسبيا سياسيا وفكريا وجغرافيا داخل اللجنة الاستشارية اذا ما اعتبرنا البعد الكمي للتقسيم في الاتجاهات والعوامل المختلفة وربما ساهم شرط عدم الترشح للمناصب منذ اختيار كل أعضاء لجنة الحوار والتي تم اختيار أعضاء اللجنة الاستشارية من بينهم في ارباك حسن الاختيار على الأقل اكاديميا ومن حيث التجربة السياسية ومن حيث القدرة الحوارية وفهم الاستراتيجيات المستقبلية وترتباتها على ليبيا…
  • خامسا، مهما يكن من أمر ومها كانت الانتقادات الموجهة لأعضاء اللجنة الاستشارية فلا يمكن تغييب أن هؤلاء الأعضاء هم سياسيون ليبيون ولم يأت بهم من المريخ رغم ان التباسات الاصطفاف الإقليمي موجود في تركيبة أعضاء اللجنة وان كان ليس غالبا والقول ان هؤلاء سيكونون شهود زور وسيلعبون مصالح الأطراف الإقليمية والدولية مبالغ فيه ولكنه ليس منعدما كما أسلفنا ذكره أعلاه….
  • سادسا، حضور الأطياف ومكونات المجتمع الليبي عامل مهم اضافة للحضور الشبابي والنسائي الواضح والجلي في تركيبة اللجنة، ومهما قيل فانه يمكن الجزم أن تشكيل اللجنةفي ذاته مهم بناء على أن كل ما يسهم في البحث عن ثلث حل في ليبيا أحسن من لا حل ذلك ان الحوارات التي أديرت وجرت في مختلف العواصم الغربية والعربية، حول تفاصيل ورهانات المسارات الثلاث ستكون داعمة لتأبيد وقف إطلاق النار والسعي نحو بناء حل حتى لو كان معلولا ومهمة الأجيال القادمة تتمثل في التقييم والإصلاح ومعالجة الاخلالات الحالية، وقبل ذلك مطلوب مسارعة الفاعلين خلال قادم الأشهر والسنوات لإكمال ما سيبقى ناقصا وغير مكتمل…

 

 

 

** السيناريوهات الأربع والأدوار المرتقبة لللجنة الاستشارية

 

أبقت التدخلات الإقليمية والدولية مضاف اليها التجاذبات والمناكفات بين طرفي الصراع كل السيناريوهات قائمة في ليبيا وهي في الخلاصة أربع سيناريوهات:

  • السيناريو الأول:ويتمثل في نجاح الحوار وختمه في نهاية الشهر الجاري أو بداية فيفري القادم، وربما لو تفاءلنا كثيرا يمكن حسم الملف الأول الأسبوع القادم أصلا ليتم لاحقا حسم ملف المناصب السيادية وليحسم في مارس القادم الملف الثالث والأخير والمتمثل في الاختيار والتوافق على الأسس الدستورية التي ستقوم عليها انتخابات 24 ديسمبر 2021…

 

  • السيناريو الثاني: وهو سيناريو مُعدل للأول اي نجاح نسبي وغير مكتمل لبعض الملفات والنقاط وهو ما يعني تحيين حكومة الوفاق مع تواصل الحرب الباردة بأشكال مختلفة بين معسكري “الوفاق” و”المؤقتة”، وهو سيناريو ضعيف حاليا ومستبعد بعد أن كان قائما وبقوة في نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر الماضي وستعمل اللجنة الاستشارية على استبعاد وقوعه…

 

  • السيناريو الثالث: وهو سيناريو كارثي ويتمثل في الانتداب الأجنبي المباشر وهو ضعيف الورود ولكنه قائم بما يعني فرض السيناريو الأول تحت لافتة البُند 7 …

 

  • السيناريو الرابع: هو أكثر السيناريوهات كارثية باعتبار أنه يعني الحرب الأهلية وهو سيناريو قد يتسبب فيه بعض عسكريين من طرفي النزاع وخاصة المقربين من “حفتر”…

 

وعمليا كل هذه السيناريوهات الأربع واردة ولكن بأنساب مختلفة (يمكن الترجيح تراتبيا ان النسب هي70%، 15%، 10% و5%)، ونعتقد أن تشكيل اللجنة الاستشارية كان حلا لا مفر منه في الدفع نحو السيناريو الأول ولكن كان بالإمكان أن يكون عدد أعضائها اقل لتكون ناجعة وفاعلة ولتجنب التجاذبات بين أعضائها سياسيا أو مناطقيا أو من حيث الاصطفاف الإقليمي لخياراتهم ورؤاهم…

 

وفي الأخير يمكن الجزم ان التطورات إقليميا (المصالحة الخليجية مثالا للذكر لا الحصر)، والدولية (ما يجري من ترتيبات في الملف الإيراني/الأمريكي ستكون حاضرة بقوة)، كما أن الوقائع على الأرض (استعدادات قوات الوفاق لكل طارئ – رهانات “حفتر” ونجليه وضعفهم الواضح الذي قد يدفعهم للمغامرة) ستكون حاسمة ومؤثرة على ما يجري في كواليس الحوار اللييي وعلى أولى اجتماعات اللجنة الاستشارية ومقرراتها وعلى الخطوات التي قد تعلن عنها “وليامز” خلال الأيام القادمة وربما يوم الاثنين 11 جانفي/يناير الجاري، ربما…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *