تزامن الحوار الشامل الأول الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي مع القناة الوطنية 1 مع مرور عام كامل عن الانتخابات البرلمانية والرياسية التي أوصلت الجامعي قيس سعيدإلى قصر قرطاج ، وكرست تزعم رجل الأعمال والإعلام نبيل القروي وحزبه للمعارضه..

+ نجح هشام المشيشي في مخاطبة الشعب و النخب بوضوح وصراحة و بقدر من الحزم مع التعهد بمحاولة إنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار والطبقات الشعبية من المعاناة والبطالة وغلو الأسعار….

ونجح في تجنب اللغة الخشبية ، مع البرهنة على تحكمه في العربية الفصحى الجميلة وفي الفرنسية والعامية ..

فهل تنجح تطمينات هشام المشيشي و تصريحاته الطموحة في اعادة بناء جسور الثقة بين الشعب و كبار السياسيين في مؤسسات الحكم والمعارضة والمجتمع المدني والنقابات؟

نعم للتفاؤل ..

+ لكن التفاؤل يحب أن يكون مصحوبا بحذر شديد..

لقد شارك في انتخابات سبتمبر و أكتوبر 2019 حوالي 4 ملايين ناخب، رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتعقيدات المشهدين الإعلامي والسياسي في الأعوام الماضية. .

كان التفاؤل والأمل كبيران بعد انتخابات أكتوبر2019 رغم بعض التخوفات..

ورغم الشيطنة التي تعرض لها اغلب السياسيين والمثقفين، رفع الشعب سقف أحلامه عاليا..

وحلم غالبية الشباب وناخبي قيس سعيد والأحزاب ” الثورية ” و” الإصلاحية” بتغيير أوضاع البلاد والعباد..

وتوقع كثيرون أن يتحالف ” الديمقراطيون و”الثوريون” و”الوطنيون” مع الرئيس الجديد قيس سعيد وأنصاره ، وأن يكون هذا التحالف عبر تشكيل”أغلبية برلمانية وأخرى حكومية تنحاز إلى التغيير وإرادة الشعب .. وإلى مناضلي الاطراف السياسية التي دعت إلي انتخاب سعيد في الجولة الثانية ونوهت ب”خصاله الشخصية ونظافة يديه وبتحرره من كل الايديولوجيات..”

+ توقع اغلب المراقبين أن ينجح خليفة الباجي قايد السبسي في قرطاج و زعامات” اليسار الجديد “(التيار الديمقراطي و الشعب والمستقلون) والدستوريون المعتدلون (تحيا تونس و حلفاوهم) ونواب ” تيار الهوية ” ( النهضة وحلفاؤها..) في تشكيل فريق برلماني حكومي ينجز ما عجزت عنه السلطات التنفيذية والتشريعية يعد انتخابات 2011و 2014..

فهل تحقق الحلم؟

وهل أنجز الفائزون في الانتخابات ما وعدوا به الشعب أم حصل العكس مرة أخرى ؟

وهل فوتت النخب مجددا فرصة الإصلاح والتغيير بسبب معاركها الهامشية وأجندات اللوبيات المحلية والأجنبية التي تدعمها وبينها تلك التي شككت في وطنية قيس سعيد من جهة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي وزعيم قلب تونس نبيل القروي ثم رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وأغلب الزعامات السياسية ؟

الغموض لايزال سيد الموقف..

+ في كل الحالات فإن تصريحات قيس سعيد و هشام المشيشي و كبار الساسة اليوم تؤكد أن الأغلبية الحاكمة والبرلمانية لم تهتد بعد إلى ” رؤيا ” واضحة ولا الى إستراتيجية للإنقاذ أوإلى “خطة عمل” ملموسة تقنع كبار رجال الأعمال والمؤسسات المالية الوطنية والدولية بالاستثمار وخلق الثروة..

++ صحيح أن صناع القرار القدامى والجدد في قرطاج وباردو والقصبة قد يفسرون تعثرهم بالأزمة الاقتصادية والاجتماعية و السياسية العالمية غير المسبوقة التي تسبب فيها وباء كورونا..

وقد يفسر آخرون هذا التعثر ب” المؤامرات ” و”تحركات الغرف المظلمة” وبتفجير تناقضات داخلية و صراعات هامشية بين أنصار “التغيير والإصلاح” في قرطاج وباردو والقصبة وداخل الأحزاب والنقابات…

و قد ينجح البعض في تقديم حجج اثباتات عن “افتعال المافيات المحلية والأجنبية فتنة” بين مؤسسات الدولة في قرطاج وقيس سعيد من جهة والبرلمان والأطراف السياسية التي دعمته في الدورة الثانية في الانتخابات من جهة ثانية ..

كما قد يستدلون بتعاقب الممارسات الاستفزازية و الصراعات الايديولوجبة و المعارك على المواقع داخل البرلمان وبعض مؤسسات الدولة مما تسبب في إضعاف دور مؤسسة الرئاسة مبكرا ثم في إسقاط حكومتي الحبيب الجملي و الياس الفخفاخ ومحاولة ارباك عمل حكومة هشام المشيشي منذ أيامها الأولى..

ماهي الحصيلة ؟

والى أين المسير؟

++ حوار هشام المشيشي في الوطنية 1 و عدد من تصريحات الوزراء و قادة الأحزاب ترجح سيناريو إنقاذ الأوضاع..

وبعض التصريحات الصادرة عن الرئيس قيس سعيد بمناسبة الاعلان عن تنظيم الحوار ألأممي حول مستقبل ليبيا في تونس تفتح بدورها باب الأمل والتفاؤل ..

لكن التخوفات كبيرة جدا شعبيا وداخل النخب..

وزادت هذه التخوفات بعد تأكيد رئيس الحكومة أن نسبة نمو الناتج الوطني قد تكون هذا العام في حدود 14 سلبي..( moins 14 ) لأول مرة في تاريخ البلاد..

هذا المؤشر سوف يعمق الهوة مجددا بين رجال الأعمال التونسيين و شركائهم الأجانب وبين الأطراف الاجتماعية والسلطات ..

كما قد يعمق أزمة الثقة بين رموز الدولة والشعب الذي زادت معاناته بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتهاب الأسعار والرشوة والفساد والعنف..

وقد يكون من السابق لأوانه إصدار أحكام قطعية اليوم لصالح هذا الطرف أو ذاك ..

لكن المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية التي تهدد البلاد تستوجب إعطاء فرصة للحكومة الحالية وضمان مدة من الاستقرار السياسي عسى مناخ الأعمال يتحسن وطنيا قبل حلول ” الموسم السنوي” للاحتجاجات الاجتماعية والاضطرابات أي أشهر ديسمبر وجانفي وفيفري ..

++ في الأثناء لا مفر من اتخاذ قرارات شجاعة من بينها تنويع شراكات البلاد الخارجية وتعديل القانون والسماح للدولة بالاقتراض مباشرة من البنك المركزي بشروط ميسرة جدا ..

الاختبار صعب ومعقد ..

والمهمشون الذين انتفضوا قبل 10 أعوام ينتظرون حلولا عاجلة وأخرى طويلة المدى لمشاكلهم ..

FacebookTwitterنشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *