كمال بن يونس

يختتم قادة العمالقة العشرون G20 اليوم قمتهم الدورية في سان بتسبورغ الروسية.. وسط جدل كبير حول الموقف من شن «حرب ضد النظام السوري» ردا على قتل اكثر من ألف طفل سوري بالسلاح الكيمياوي.. فيما تبادلت السلطات والمعارضة المسلحة السورية الاتهامات حول مسؤولية تلك الجريمة البشعة..

وقد كشفت قمة الزعماء العشرين تضارب مصالح الدول الصناعية الكبرى من جهة.. وحرص كل طرف على لعب «سياسة المكيالين» على طريقته: البعض لتبرير شن الحرب والبقية للاعتراض على حرب «لا يوافق عليها مجلس الأمن الدولي»..
مرة أخرى تدخل الدول العظمى فيما بينها في»لعبة لي الذراع».. متجاهلة حقوق الشعوب ومبادئ الأمم المتحدة والقيم الإنسانية.. ولعل من أكثر ما يثير الحيرة اليوم أن أنصار شن حرب جديدة في المنطقة وتحديدا في سوريا يبررون موقفهم ب»الجريمة ضد الإنسانية» بسبب قتل أكثر من الف طفل بالسلاح الكيمياوي في سوريا.. هل يفهم من هذا أن القتل بالاسلحة غير الكيمياوية والبيولوجية والنووية مسموح به ؟ هل أن تورط بعض العسكريين في قتل اكثر من الف متظاهر مدني مسالم في مصر بعد الانقلاب مسموح به.. ومن نوع «القتل المباح»؟
وهل أن حرق عناصر من الامن والجيش في مصر لمئات المدنيين الذين احتموا بالجوامع والكنائس من نوع « القتل المباح» لانه قوات القمع المصرية لم تستخدم «اسلحة ممنوعة دوليا»؟
وماذا عن المائة الف قتيل في سوريا منذ اندلاع الثورة السلمية قبل اكثر من عامين ونصف؟
هل أن قتلهم»مباح» أيضا.. سواء كان القتلة من الجيش النظامي وحلفائه اللبنانيين أو من قبل»المعارضة السورية المسلحة» وتنظيم «جيش النصرة «؟؟
واذا كانت المجموعة الدولية مطالبة بالتدخل عسكريا في سوريا «وفاء لمبادئ حقوق الانسان العالمية» فلم لا تتدخل لمحاسبة الانقلابيين في مصر الذين يتحدون منذ أكثر من شهرين شعب مصر العظيم ويقتلون معارضيهم ويعتقلونهم وينظمون لهم محاكمات عسكرية صورية لم ينج منها بعض من ساهم في الانقلاب مثل محمد البرادعي؟
ولم لا يتحرك المتحمسون للحرب في سوريا لمناصرة الشعوب التي تقمع منذ عقود مثل شعب البحرين الذي يتحرك الالاف من ابنائه قبل»الربيع العربي» وبعده للمطالبة باصلاحات؟
ولم لا يلتفت قادة الدول العظمى لشعوب الدول النفطية و»دول المواجهة « مع اسرائيل التي تحركت شعوبها بعد بدء»الربيع العربي» للمطالبة بالتغيير والديمقراطية والاصلاح؟
هل يعني ذلك أن قادة الدول الصناعية يعتبرون فعلا أن قتل المدنيين الابرياء يكون «مباحا» حينا و»ممنوعا» حينا آخر؟
.. قد تتعرض سوريا الى غارات قريبا..
وقد تتوسع تلك الغارات الى حرب تتوسع لتشمل دولا مجاورة لسوريا.. ومن بينها خاصة لبنان والعراق والاردن وفلسطين المحتلة وايران ومصر..
وفي كل الحالات فان شن الحرب في مثل هذا المناخ الاقليمي والدولي قد يعني جر المنطقة الى مزيد من التدمير المنهجي»للدولة الوطنية» في العالم العربي الاسلامي.. متابعة لما يجري منذ سنوات في افغانستان وباكستان والصومال ومالي والسودان والعراق.. وهو مسار تواصل بعد «الربيع العربي» في ليبيا ومصر واليمن وجزئيا في تونس..
ولا يمكن التصدي لمشروع جر المنطقة الى مزيد من»الفوضى الخلاقة» الا عبر نقد ذاتي يقوم به صناع القرار الوطني داخل كل بلد عربي.. في اتجاه البحث عن توافقات ملموسة بين الوطنيين.. ضد أنصار المشاريع الاستعمارية الجديدة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *