·     دعوات إلى السياسيين التونسيين لالتزام الحياد

متابعة للمستجدات العسكرية والسياسية في ليبيا وللجدل الذي أعقب بعض تصريحات وزيري الدفاع عماد الحزقي والخارجية نور الدين الري والرئيس قيس سعيد حولها ، انتظم مؤخرا بتونس ملتقى تقييمي ولاستشراف السيناريوهات القادمة . وقد أوصى الملتقى بدعم التسوية السياسية في ليبيا بدعم من الأمم المتحدة وإلى تحييد مؤسسات الدولة التونسية عن الصراعات الداخلية الليبية- الليبية ولعبة المحاور الاقليمية والدولية .

كان ذلك بمناسبة ندوة حوارية دولية عبر منصة الكترونية نظمتها مؤسسة ابن رشد للدراسات الاستراتيجية والدولية شارك فيها خبراء من تونس وأوربا وأمريكا ، ساهم في تأثيثها الديبلوماسي السابق في ليبيا والخبير في الشؤون الليبية لدى الاتحاد الاوربي الاستاذ البشير الجويني ، وعدد من الخبراء في السياسة الدولية بينهم المدير العام السابق للأمن العسكري وللديوانة الجنرال محمد المؤدب ، ونخبة من الجامعيين والمختصين في الدراسات الافريقية والعلاقات الاورومتوسطية بينهم الاساتذة كمال بن يونس ومحرز الدريسي وعلي عبد اللطيف اللافي والمنجي الذوادي ..

 

ذكرى الهجوم على طرابلس

 

وقد ناقش خبراء عسكريون وفي الدراسات الدولية وديبلوماسيون بالمناسبة التطورات الميدانية والسياسية  في مدينتي طرابلس وترهونة ،  وفي المدن والقواعد العسكرية القريبة من الحدود التونسية الليبية . وسجلوا أن التصعيد تزامن مع تبادل الاتهامات بين بعثة الأمم المتحدة وقيادة القوات الموالية لحفتر ، حول مسؤوليتها في قصف مستشفيات وأهداف مدنية في طرابلس بينها محيط مطار معيتيقة والمستشفى الأخضر المخصص لمعالجة المصابين بكورونا ..

 وأوردت المداخلات أن التطورات الامنية والعسكرية خلال الاسابيع القليلة الماضية ناجمة عن حرص أنصار ” الجيش الوطني الليبي” وخصومهم في طرابلس على حسم المعارك بمناسبة مرور عام كامل على بدء هجوم القوات الموالية لخليفة حفتر على طرابلس وغرب ليبيا وعلى القوات الموالية لحكومة فايز السراج المعترف بها دوليا يوم 4 افريل 2019.

 

المدن القريبة من تونس

 

وقدم الباحث البشير الجويني بالمناسبة دراسة شاملة مدعومة بالخرائط والاحصائيات حول التطورات العسكرية والسياسية غربي ليبيا خلال الاسابيع الماضية ، بعد أن تكثفت المعارك منذ شهر مارس الماضي بين قوات” الجيش الوطني الليبي” الموالي للجنرال حفتر و”الجيش الليبي” الموالي لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج .

وقد أسفرت تلك المعارك في موفى مارس الماضي عن سيطرة أنصار حفتر على مدن ومواقع استراتيجية في الخط البحري في اتجاه تونس من بينها زلطن ورقدالين والعسة . كما حققت قوات حفتر اختراقات في اتجاه العاصمة شرقا وغربا وعززت حضورها في قاعدة ” الوطية ” الجوية المتاخمة للحدود التونسية ، في محاولة لحسم المعارك4 أفريل الجاري والتقدم بمبادرة سياسية جديدة ” بديلة عن اتفاق برلين ” و” اتفاقات وقف اطلاق النار” المعلن عنها مرارا في باريس وروما وموسكو…

 

متغيرات

 

لكن الهجوم الديبلوماسي والعسكري المعاكس الذي قامت به الأطراف الموالية لحكومة السراج ،بدعم من قبائل ومناطق في الغرب بينها ” الزنتان ” ووزير الدفاع الاسبق أسامة الجويلي ، أدى إلى استرجاع المواقع التي سيطرت عليها قوات حفتر يوم 25 مارس الماضي ، وإلى إعادة تغيير جوهري في موازين القوى لصالح حكومة الوفاق  بزعامة فايز السراج .

وكانت الحصيلة الجديدة سيطرة قوات السراج  على 7 مدن ومواقع استراتيجية تربط بين طرابلس والحدود التونسية في مستوى رأس الجدير أهمها صرمان ، 40 كلم غربي طرابلس ، والمدن الثلاثة الأكثر كثافة سكانيا : صبراطة والجميل والعجيلات ، وتضم كل منها أكثرمن 100 ألف ساكن . وسبق لتلك المدن أن شهدت خلال الاعوام الماضية معارك كثيرة أسفرت في 2016 عن طرد  ” الميليشيات الإرهابية ” و” المجموعات السلفية المسلحة ” بالتنسيق بين القوات الامريكية وحكومتي طرابلس وتونس  .

وكانت أكبر عملية سجلت في هذا السياق في 2016 مات شملت ارهابيين تونسيين وليبيين في صبراطة ، مما تسبب لاحقا في محاولة احتلال مدينة بن قردان وتأسيس “نواة دولة داعشية فيها “.

 

التسوية السياسية

 

وقد أكدت المداخلات خلال هذا الملتقى أن تغيير ميزان القوى العسكري في ليبيا شرقا وغربا لا يمكن أي يؤدي إلى حل نهائي إلا إذا اقترن بتسوية سياسية شاملة تدعمها الأمم المتحدة والدول العظمى المشاركة في الحرب الليبية بصفة مباشرة وغير مباشرة منذ 9 أعوام وخاصة الدول الأوربية والإمارات وقطر وتركيا .

واعتبرت جل المداخلات أن من بين التحديات التي تواجه التسوية السياسية السلمية في ليبيا انتهاء ” الآجال القانونية ” و” انتفاء الشرعية ” بالنسبة لكل السلطات التي أفرزتها الانتخابات والاتفاقات الأممية السابقة ، وبينها برلمان طبرق الذي انتخب في صائفة 2014 وانسحب أغلب أعضائه ثم اتفاق الصخيرات في المغرب الذي وقع في موفى 2015 وأفضى إلى تشكيل ” مجلس أعلى للدولة ” وحكومة الوفاق في طرابلس ، لكن أنصار القذافي من جهة وقيادة الجيش الموالية لخليفة حفتر من جهة ثانية يعترضان عليه ويشككان في شرعيته.

 

 حياد تونس

 

وأقرت المداخلات أن الحل لايكون إلا سياسيا “مهما طالت مدة الحرب”. واعتبرت أن التسوية السياسية تبدأ بتنظيم انتخابات تفرز قيادة شرعية جديدة ، وأن الحل الانتقالي لا يمكن أن يكون إلا بالتوافق مع بعثة الأمم المتحدة ، التي ترأسها الديبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز ، منذ استقالة اللبناني غسان سلامة.

وأكدت التوصيات على ضرورة تحييد العلاقات التونسية الليبية عن الاعتبارات الداخلية والحزبية في تونس ن ودعوا السياسيين التونسيين إلى تجنب إقحام أنفسهم في الخلافات الليبية الليبية أو محالة فرض سيناريو تسوية عليهم ، بما في ذلك ” السنياريو الدستوري والقانوني التونسي”.

كما طالب عدد من المشاركين في الملتقى بمعارضة التدخل الأجنبي في ليبيا مهما كان مصدره ، وإلى عدم الانخراط في لعبة المحاور الإقليمية والدولية وصراعات مصالح الشركات الدولية العملاقة على الصفقات وعلى مصالحها في ليبيا .

كمال بن يونس 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *