ندوة بتاريخ 29 أوت 2013

توظيف الإعلام في الصراعات والنزاعات استفحل على حساب قواعد المهنة وأخلاقياتها

• دور الاعلام في المرحلة القادمة هو تحقيق التوازن بين المهنية و المواقف الشخصية

• الصحافي الذي يحاول أخذ المنحى الوسطي تعترضه صعوبات مهنية و مادية وسياسية كبيرة

 

انتظم بتونس يوم الخميس 29 أوت 2013 ملتقى حواري مفتوح عن «الإعلام في مصر و تونس بين احترام قواعد المهنة و استفحال ظاهرة الانحياز» بمشاركة نخبة من الخبراء والناشطين العرب وعشرات الإعلاميين والجامعيين التونسيين والمصريين، بمبادرة من نادي الصحافة في منتدى ابن رشد المغاربي للدراسات بتونس ومعهد صحافة الحرب والسلام البريطاني وجمعية الصحافيين التونسيين الشبان ومنتدى «نور» .

بحضور ضيوف الشرف لهذا الملتقى و هم ثلة من اساتذة معهد الصحافة وعلوم الاخبار بتونس و الاعلاميين المصريين السادة:عمرو الكحكي (صاحب قنوات النهار التلفزية المصرية) و فؤاد عبد الرازق  )جامعي بريطاني مصري ومدير برامج إخبارية في بي بي سي سابقا) و زين العابدين توفيق )إعلامي بقناة الجزيرة ومقدم برامج حوارية في بي بي سي سابق) و خليل فهمي )رئيس تحرير تلفزيون الاهرام اونلاين مدير مكتب بي بي سي وسكاي نيوز في القاهرة سابقا).

خلط بين المهنية و النضال السياسي

و في تدخّله اعتبر السيد كمال بن يونس أن « الانحياز وتوظيف الإعلام في الصراعات والنزاعات يستفحل على حساب احترام قواعد المهنة وأخلاقياتها، ويكرس الابتعاد عن قاعدة « الخبر مقدس والتعليق حر « وعن أولوية اضطلاع وسائل الاعلام بمهمتها الرئيسية وهي نشر الخبر بالمفهوم الواسع للكلمة : في شكل معلومة او حديث صحفي او تحقيق اخباري او روبرتاج او عمل استقصائي .. ثم ضمان حرية التعليق لأصحاب المواقف المتباينة والانفتاح على الرأي و الرأي الاخر ..ونبّه رئيس منتدى ابن رشد الى خطورة انحياز الاعلامي سياسيا او حزبيا مما يجعل منه «أداة للتعبئة والتوظيف وتوجيه الصراعات»، و هو ما يفسر بروز ردود فعل عنيفة شعبيا وداخل بعض النخب و الأوساط السياسية ضد جل الاعلاميين والصحافيين وضد كل وسائل الاعلام ..واتهامها بالوقوف مع الثورة المضادة من قبل البعض ومع الانقلاب و الانقلابيين …  مثلما هو الشأن حاليا في مصر وتونس وبعض دول» الربيع العربي» …

في نفس السياق اعتبر السيد نبيل خوري مدير التدريب والتحرير في معهد الصحافة للحرب والسلام البريطاني في كلمته أن «المشهد الإعلامي العربي بعد ثورات الربيع العربي وخاصة في تونس ومصر طموح لكن يشوبه الكثير من الخلط « ..

وأشار إلى أن «المشهد الصحافي هو مرآة للمشهد السياسي لأن ما يجري على الساحة السياسية ينعكس على القطاع الإعلامي.. بما يؤكد حاجته إلى إصلاحات جذرية».

الاعلام المصري «في قفص الاتهام» ؟

وكانت الورشة الأولى للملتقى عن الإعلام المصري ودوره قبل ثورة  25 جانفي  2011  و بعدها .. وبصفة خاصة دوره الإعلامي والسياسي بين المهنية والانحياز قبل مظاهرات 30 جوان  2013  و إزاحة الجيش للرئيس محمد مرسي ..والخلافات بين» أنصار الانقلاب العسكري ومعارضيه «..

وقد كشفت كلمات الاعلاميين المصريين الأربعة  المشاركين في الملتقى ثم تدخلات الاعلاميين والمثقفين التونسيين في هذه الورشة التي أدارها الجامعي  و الاعلامي كمال بن يونس عمق التناقضات التي تشق المهنيين والسياسيين في تقييم دور الاعلام بعد المستجدات العسكرية و الأمنية  و السياسية الاخيرة في مصر..» وخاصة بعد انقلاب 3 جويلية «.

وقد اتهم الخبير زين العابدين توفيق الإعلامي بقناة الجزيرة ومقدم برامج حوارية بقناة «البي بي سي» سابقا « قطاعا كبيرا من وسائل الاعلام الخاصة والحكومية المصرية بالمساهمة في الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي وعلى ارادة الشعب المصري الذي شارك في 3 انتخابات واستفتاءات تعددية شفافة هي الاولى من نوعها في تاريخ مصر ..»

وانتقد زين العابدين توفيق والإعلامي خليل فهمي رئيس تحرير تلفزيون «الأهرام « و المدير السابق لمكتبي بي بي سي و سكاي نيوز في القاهرة  ما وصفاه بانحياز كثير من وسائل الاعلام المصرية وتقصيرها في تغطية بعض الأخبار والإحداث المهمة في مصر ما بعد 3 جويلية من بينها « القمع الدموي لمئات الآلاف من المعتصمين السلميين في ميادين رابعة العدوية والنهضة ورمسيس ..»

كما اعتبر زين العابدين توفيق أن « المشهد الإعلامي غير المتوازن في مصر وكذلك في تونس لم ينتج فجأة بل كان متواجدا منذ العهدين السابقين لنظامي البلدين بسبب تورط كثير من الإعلاميين في تزييف الحقائق ..لفائدة جهات سياسية عديدة من بينها الأنظمة السياسية الاستبدادية وحلفائها..»

و في مداخلته أكّد الإعلامي خليل فهمي أن الإعلام في مصر عرف عدة  تطورات خطيرة « فبعد أن كان في السابق يتم عرض الإعلام على أساس سلطة بلا مسؤولية أصبح اليوم سلطة بلا محاسبة.»

و أورد خليل فهمي «إن الحرية في الإعلام بعد الثورات العربية فُسّرت في بعض الدول من بينها مصر على أنها انفلات في حين أن الحرية تبدأ من حيث يبدأ الصحافي بمنع نفسه عن إيذاء الآخرين والإعلام يجب أن يمارس هذا النوع من الحرية، وبالنسبة إلى الإعلام المصري هناك من اتخذ هذا التّمشي وهناك من لم يستعمله.»

اعتراف بالثغرات والنقائص

وقد اعترف الإعلاميون المصريون والتونسيون المشاركون في هذا الملتقى الحواري بوجود ضعف فادح في المنتوج الإعلامي و الاخباري في مصر وتونس… وفسروه بعوامل عديدة من بينها ضعف التكوين و كثرة المتدخلين في المشهد..و الاستقطاب السياسي وتأثير المال السياسي..

كما أكد الإعلامي في قناة الجزيرة زين العابدين توفيق على وجود ضعف فادح في تكوين الإعلاميين المصريين ناجم عن ضعف مناهج التعليم والتكوين في المجال.

واعتبر عمرو الكحكي صاحب قنوات « النهار» المصرية ان المسؤول عن وضع قواعد الإعلام هي الهيئات التعديلية  و المنظمة و الممثلة للقطاع، لكن الأهم هو وضع تصور للمناهج العلمية والتركيز على التعليم والتكوين المستمر. واعترف بوجود اخطاء خطيرة وتجاوزات في مختلف وسائل الإعلام المصرية أوعزها لضعف تكوين الصحافيين وبروز ظاهرة الانفلات الاعلامي وحدة التجاذبات السياسية وعدم وجود مرجعية تعدلية وقانونية تنظم القطاع..

وأشار إلى وجود خصوصيات وتمايز بين المؤسسات التلفزية والإعلامية المصرية، خصوصا بالنسبة للقطاع الخاص والقنوات الاخبارية التي غالبا ما توجه سياستها التحريرية « تحت ضغوطات المعلنين والممولين «..

وانتقد الاعلاميان خليل فهمي وزين العابدين توفيق «غلق بعض وسائل الاعلام المصرية ومضايقة بعض المؤسسات الاعلامية الاجنبية في مصر ما بعد 3 جويلية ..و عدم اتاحة نفس القدر من الأهمية والظهور الاعلامي والتغطية لكل الأحزاب..مع توريط اعلاميين في المعارك السياسية والحزبية ..والمواقف من الاخوان الملسمين والقيادة العسكرية العليا ..»

لكن عمرو الكحكي اعترض قائلا :» لا يعقل اعطاء نفس المساحة الإعلامية لحزب كبير يمثل شريحة كبرى من المواطنين وحزب صغير غير معروف..»

وحول المواقف المتباينة من التغطية الإعلامية للقنوات الإعلامية المصرية «ما بعد انقلاب 3 جويلية «وما نتج عنها من غلق لمؤسسات اعلامية واعتقال صحفيين»، قال الكحكي:» انا ضد الإغلاق..كل شيء سيأخذ وقته والمنظومة الإعلامية الجديدة ستطهر نفسها بنفسها.. مع رفض كل الظواهر السيئة والسلبية التي تشوه المشهد الإعلامي».

وقال ايضا:» نريد مهنة نظيفة لكن مع مرور الزمن سيتحقق ذلك..لا نريد القفز الى النتائج بسرعة..رغم بعض الثغرات ..»

التوازن بين المهنية والموقف السياسي

إلا ان الإعلامي والجامعي البريطاني المصري د.فؤاد عبد الرازق ـ المدير السابق في بي بي سي ـ اعتبر أن «دور الإعلام في المرحلة المقبلة هو تحقيق حد ادني من التوازن بين المهنية والموقف السياسي الشخصي الذي لا يمكن تجاهله مهما حاول الاعلامي ان يكون محايدا وبعيدا عن كل اشكال الانحياز».. .

واعتبر أن « المشهد الإعلامي المصري يتميز بوجود ضبابية وحالة من الاستقطاب الشديد لكل صحافي أو ناشط سياسي.. «

و أضاف» ما حدث بعد ثورة 25 يناير2011   أن المشهد الإعلامي اتسم بالضبابية وعدم الوضوح، والخلط بين المفاهيم في ذهن الصحافي… في المقابل فان الناشط السياسي القى بالمسؤولية الشديدة للصحفي..»

واعتبر عبد الرازق أن :» المشكل في كون من يحاول اخذ المنحى الوسطي تعترضه صعوبات مهنية ومادية وسياسية كثيرة ..»

تضليل الرأي العام ؟

وقد تركز النقاش العام اساسا حول مدى تورط الإعلام المصري بوجه عام» في تضليل الرأي العام المصري والعالمي «..

وقد اتهم عدد من المتدخلين الاعلام المصري بعد 3 جويلية « بالانحياز لصالح طرف معين في ما يتعلق بالأزمة السياسية المصرية»..

و ذهب بعض الحضور الى اتهام بعض الإعلاميين المصريين الكبار» بالتورط في الدعم والمساندة المفضوحة للإنقلاب العسكري والإنقلابيين ولقوات الشرطة التي قمعت المتظاهرين سلميا وقتلت منهم المئات «..

وتساءل بعض المتدخلين عن الاسباب التي جعلت بعض المؤسسات الإعلامية المصرية الخاصة تشارك في تعبئة الشارع و الرأي العام « لصالح الانقلابيين و التفويض الشعبي للجيش المصري بقمع المظاهرات…لكنها لم تغط فض الاعتصامات السلمية بالقوة.»

دورالمجتمع المدني ؟

ومن بين المتدخلين البارزين في الندوة السياسية والحقوقية بشرى بلحاج حميدة التي أوردت تعقيبا على احد المحاضرين المصريين أنها ضد مقولة الانضباط قبل الحرية في الممارسة الإعلامية، «لأنها تفتتح الباب أمام عودة القمع والتضييق الإعلامي.. عوض تفعيل دور المجتمع المدني.. «

وتساءلت:» لماذا لا نتحدث عن الصحافيين الذين كانوا من بين الموالين لنظام مبارك و أصبحوا موالين لمرسي والاخوان المسلمين بعد الثورة ثم تطوروا الى مساندين للانقلاب»؟؟..

ولاحظ عبد الرؤوف بالي رئيس جمعية الصحافيين الشبان وجود نقاط مشتركة بين الإعلام المصري والإعلام التونسي من حيث انقسام المشهد وتصنيف الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية بين موالاة ومعارضة، وتلوث القطاع بالدخلاء، والتمويل الفاسد…وتساءل :»كيف يمكن للإعلام المصري الحفاظ على الحيادية في مناخ غير سليم ماديا وامنيا واقتصاديا؟».

و في رده على بعض التساؤلات اعترف الكحكي صاحب قنوات النهار التلفزية المصرية بوجود اعلاميين منافقين كانوا يسبون مرسي ثم انقلبوا ليمدحوه بعد فوزه بالرئاسة.

وقال: «المشهد الإعلامي المصري مشوه ودعائي وطالما انه موجود سيظل لدينا الاعلام الرديء المتلون.»

وشدد على أن الرأسمال مؤثر في الشارع والسلطة وفي اخذ القرار، لكن المهم في الأمر هو تنظيم المهنة ..حتى لا يتحكم راس المال في الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية ..ودعا الكحكي الى تنويع «البرامج التدريبية للصحافيين الذين لم تتح لهم فرص تكوين علمي وتدريب مستمر ليستوعبوا قواعد المهنة الصحافية .. .».

في تونس : انقسام في تقييم حيادية الاعلام

وقد تم التمهيد للحوار بعرض تقرير تلفزي مصور عن رأي عينة من الشارع التونسي في الإعلام.. فكانت الاجابات متباينة تعكس تنوع المشهد السياسي..

و أكد السيد صلاح الدين الجورشي على التنوع في التعامل مع المشهد الاعلامي. و لاحظ أن التونسيين منقسمون في موقفهم من الاعلام : هناك من يدافع عن عموم الاعلاميين و قد يلومهم في بعض الجوانب مع الاقرار بأنه و لأول مرة تأسست في تونس حالة من التعاطي بين جزء هام من الرأي عام التونسي و وسائل الإعلام الوطنية ..

و أوضح ان قناة الجزيرة مثلا تقهقرت نسبة متابعتها بعد الثورة لتحتل المرتبة 12 و «فرانس 24» التي تراجع عدد مشاهديها من تونس بشكل ملحوظ…»لان الإعلام الوطني التونسي اصبح المصدر الأساسي للأخبار…»

وتحدث الجورشي عن وجود  شك وحيرة وقلق تجاه مصير حرية الإعلام في تونس،قائلا: «المؤكد بأن الإعلام اصبح مؤثرا في صنع السياسات وفي التأثير على اصحاب القرار من عهد محمد الغنوشي الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الأولى، و أصبح المسؤول السياسي في حالة صراع مع المؤسسات الاعلامية والأمر يتفاوت من حكومة لأخرى حتى وصلت المواجهة لأقصاها بين حركة النهضة والوسط الإعلامي.»

ويرى الجورشي ان «المشهد الاعلامي التونسي اصبح في قلب التأثير السياسي و الرأي العام .. و أصبح له تأثيره بل هو يربك اصحاب القرار»، معتبرا ذلك مؤشرا صحيا وايجابيا علينا ّأن ننطلق منه ونطوره».

وخلص الى أن «الكل يقر ان المشهد الإعلامي مضطرب و يعاني من ثغرات رئيسية آن الأوان ان يصارح الاعلاميون انفسهم:» هل هم احرار في المطلق وهل لهم ضوابط، كيف يمكن للإعلامي ان يحافظ على دوره دون ان يسقط في فخ الانحياز؟

ولاحظ الجورشي ان هناك رابط عضوي بين التمويل وبين مستقبل حرية الإعلام، مشيرا الى انه «من حق الصحفي ان يكون له مواقف سياسي لكن عليه ان يدرك ان الولاء السياسي تترتب عنه مخاطر وثمن يجب دفعه «.

في المقابل اعتبرت الجامعية والإعلامية جنات بن عبد الله ان «المشهد الإعلامي قبل الثورة وبعدها لا يحتكم الى الحرفية والمهنية .. وهذا ما سبب الفراغ القانوني الذي كان متعمدا خاصة في ما يتعلق بالتراخيص لإذاعات الخاصة .»

واعتبرت بن عبد الله أن الفراغ القانوني والتنوع لا يمكن أن يخدم الحيادية والمهنية ولا المصلحة الوطنية ..

ورغم انها وصفت الإعلام التونسي ب»السلطة الأولى»..الا انها اقرت بغياب عنصري «الموضوعية والحرفية». وتساءلت : «هل يستجيب المرسومان 115 و116  المنظمان للإعلام في تونس لمتطلبات المرحلة؟ و هل يتم تطبيقهما او احترامهما»؟.

قطاع مشتت و مهمش؟

بدوره اعتبر السيد عبد الرؤوف بالي الصحافي ورئيس جمعية الصحافيين الشبان أن اغلب الصحافيين انساقوا في الجدل السياسي الدائر وابتعدوا عن المهنية والحيادية ..محملا المسؤولية لوسائل الإعلام..ملاحظا أن القطاع ما يزال مشتتا و مهمشا. .. والصحافيون خاصة الشبان منهم «لا يزالون غير قادرين على ان يكونوا فاعلين ..بالرغم من كون الرأي العام دائما ما يحملهم المسؤولية».

وعرّج إلى مشكل تمويل المؤسسات الإعلامية مشيرا الى أن عددا من وسائل الإعلام يتحكم فيها رجال أعمال عن طريق الاشهار…بما يؤثر على حياديتها و استقلالتيها …

الاعلام في معمعة التجاذبات السياسية

وردا على تساؤل حول حيادية الاعلام وضغوطات اصحاب الاجندات السياسية و المالية التي تحاول ان توظف القطاع والعاملين فيه، قال الإعلامي زياد الهاني رئيس منظمة الدفاع عن حقوق الصحافيين أن الإعلام « سلطة من نوع خاص.. سلطة رأي عام مستهدفة من السلط الأخرى تحاول ان يكون لها نصيب من التأثير على الرأي العام خاصة منها التشريعية والتنفيذية».. متسائلا :» كيف نحافظ على الاستقلالية من التجاذبات السياسية؟ موضحا أن سلطة الاعلاميين والإعلام ليست معزولة عن الواقع السياسي بل تعمل في قلب السياسية..مهما احترمت من قواعد المهنة…

واعتبر أن «اليوم في تونس بقطع النظر عن التقييمات هناك حديث عن مكسب حرية الإعلام، معترفا بوجود تجاوزات مهنية لكن يجب التعاطي معها ضمن هياكل وأطر تعديلية تضم مهنيين تهدف إلى الارتقاء بالمهنة وليس لوضع اليد عليها لو تطلب ذلك الردع.»

ومن وجهة نظره الإعلام ليس حزمة واحدة، فالإعلام الخاص والحزبي « من حقه خدمة أجندا خاصة بها، لكنه مطالب باحترام اخلاقيات المهنة…» ملاحظا أن الإعلام العمومي من المفروض ان يكون منفتحا على للجميع، وعلى كل القطاعات وفعاليات المجتمع..

كما يرى ان الهيئة التعديلية المستقلة للسمعي البصري التي  رأت النور منذ أسابيع قليلة عاجزة عن الحفاظ على قواعد المهنة و أخلاقياتها مسلط عليها ضغط كبير واستحقاقات أكبر «..

انعكاسات السياسة على الإعلام

وردا على تساؤل حول المخاطر التي تهدد الساحة الإعلامية التونسية عبر الجامعي السيد جمال الزرن عن تفاؤله بما قام به الإعلام التونسي وما سيقوم به، واعتبر ان الانتقال الديمقراطي لا يمكن ان ينجح دون مشاركة الجميع في التعبير عن آرائهم بـصفة حرة وعلنية…

ولاحظ الزرن أن الإشكال في ملف الإعلام التونسي عدم وجود قانون جديد يؤطر الوظائف الجديدة للإعلام بعد الثورة، وقال :» اخلاقيات الإعلام من اخلاقيات السياسيين لو بنينا نخبة سياسية ديمقراطية سيكون لنا نخبة اعلامية ديمقراطية».

واعتبر الزرن ان «التجاذب الحاصل اليوم في الشأن السياسي ينعكس ضرورة في المشهد الإعلامي، لكنه لا يحمل الإعلامي وحده مسؤولية كل التجاذبات السياسية.»

أما الاستاذ الحبيب بوعجيلة مدير الأخبار بقناة المتوسط  فقد علق على تساؤل حول حدود اخضاع الصحافي لضوابط ومرجعيات بقوله: «إن من بين المغالطات أن الإعلامي يقدم نفسه كرجل أخبار.. لكن الإعلام ليس مجرد إخبار بل هو مؤسسات صناعة رأي.. فتعبير الإعلامي عن موقف يصنع موقفا.»

و يرى ان الإعلام هو سلطة السلط وأن السؤال الرئيسي اليوم الذي يجب ان يطرح هو حدود حرية الإعلام وطبيعة الوسائل التي يختارها في تشكل المستهلكين هل هي مطلقة أو مقيدة؟

و لاحظ أن الدول الحديثة ميزت بين حرية التعبير وحرية التفكير، بمعنى أن حرية رجل الإعلام لها حدود في حرية التصرف في المستهلكين. وتساءل: هل هناك حقيقة أصلا؟ وهل المطلوب أن يقول الاعلامي الحقيقة؟ وأي حقيقة يقولها الإعلامي في هذه المرحلة المليئة بالتجاذبات..؟؟

و اعتبر الاستاذ الحبيب بوعجيلة أن « الحقيقة لها عدة أوجه والإعلامي يجب ان يقبل مناقشة الحقوقي والسياسي ورجل الدين.. معتبرا أن القضية ليست في وجود مهنيين فأحسن الكذابين أحسنهم مهنية»..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *