منية العيادي

 

أثارت مسالة عدم ختم رئيس الجمهورية للقانون الأساسي المتعلق بإتمام و تنقيح قانون الإنتخابات و الإستفتاء جدلا سياسيا و قانونيا كبيرا حيث تضاربت أراء المختصين في القانون و المُحللين السياسيين بخصوص الخطوات الواجب اتباعها فيما بعد .

و يذكر أن رئيس الجمهورية تجاوز الآجال القانونية لختم القانون الانتخابي الذي انتهى يوم أمس و أشارت أشارت عديد المصادر إلى أن رئيس الجمهورية رفض الامضاء على القانون الانتخابي بعد التعديلات و أعاده إلى رئاسة الحكومة الذي بدوره أرسل القانون غير ممضى إلى المطبعة الرسمية التي رفضت نشره لأنه غير ممضى و هو ما فتح باب الجدل بين السياسيين و الأحزاب السياسية .

 

حافظ قائد السبسي: ما كان يجب أن يطرح هذا القانون شهرا قبل الانتخابات التشريعية و الرئاسية و الباجي لا يقوم بشيء ضدّ مبادئه ”

قال حافظ قائد السبسي رئيس اللجنة المركزية لنداء تونس مساء أمس إن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي امتنع عن ختم القانون الانتخابي قبل انقضاء الاجال القانونية عند منتصف الليلة مشيرا إلى أنه سيخرج إلى الرأي العام لتوضيح الأسباب معتبرا أن منطلقات رفض الإمضاء تعود إلى رفض الاقصاء.

و أضاف حافظ قائد السبسي خلال برنامج تلفزي : ” لا أحد يمكنه وضع نفسه في مكان رئيس الجمهورية خاصة أن القانون له خلفيات كبيرة على مستقبل تونس و ما كان يجب أن يطرح هذا القانون شهرا قبل الانتخابات التشريعية و الرئاسية”.

و تابع : ” اعتقد أن الرئيس اتخذ قرارا هاما و قد أصبح في ظل غياب المحكمة الدستورية اعلى سلطة و من مشمولاته حماية الدستور و حماية العملية الانتخابية “ مضيفا أنه “ان الرجل لا يقوم بشيء ضدّ مبادئه ” .

و أشار إلى وجود “خط أحمر لا يمكن تجاوزه مع الباجي قائد السبسي” متابعا “هذه السلطة منحها الدستور لرئيس الجمهورية ولا يمكنه أن يمارسها إلا بمفرده” مضيفا “لا أحد يمكنه الضغط على الباجي لا إبنه و لا إبن عمه و لا إبن خاله و لا حتى زوجته ولا اي إنسان”.

و ختم قائلا “مهما كان قرار رئيس الجمهورية بالختم على القانون الإنتخابي أم لا فهو لصالح الشعب التونسي و وحدته و لنجاح العملية الديمقراطية”.

 

بن تيشة : رئيس الجمهورية لم يختم القانون لأنه “يرفض منطق الإقصاء و سيتوجه بكلمة للشعب التونسي خلال الأيام القليلة القادمة

المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن نتيشة، شدد على أن الرئيس لم يختم القانون لأنه “يرفض منطق الإقصاء ويرفض أن يمضي تعديلات قدت على المقاس لجهات معينة”، مؤكدا أن الرئيس هو الحامي لدستور جانفي 2014 والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة.
و أضاف بن نتيشة إن قائد السبسي سيتوجه بخطاب للشعب التونسي خلال الأيام القليلة القادمة و سيوضح كل النقاط الخاصة بموضوع ختم تعديلات قانون الانتخابات و الاستفتاء و مواضيع أخرى، مضيفا أن رئيس الجمهورية في صحة جيدة و كان قد توجه يوم 5 جويلية الحالي بكلمة للشعب ابان امضائه على دعوة التناخبين ، و هو ما يؤكد ممارسته لأنشطته التي خولها له الدستور بصفة عادية.

 

النهضة تعبر عن انشغالها لعدم ختم القانون الانتخابي

من جهتها ‏‎عبرت حركة النهضة في بيانها الصادر اليوم السبت 20 جويلية 2019 عن انشغالها بعدم ختم التعديلات المنقحة للقانون الأساسي المتعلق بقانون الانتخابات و الاستفتاء داعية الكتل البرلمانية و الأحزاب إلى المسارعة بالاجتماع و التشاور من اجل معالجة تداعيات هذه الوضعية، و اقتراح الترتيبات المناسبة للخروج منها.

‏‎ و دعت مختلف هياكل الحركة ومناضليها إلى حسن الاستعداد للانطلاق في تقديم قائمات الحزب بمختلف الدوائر الانتخابيّة إلى الهيئات الانتخابية الفرعية في الآجال القانونية مشددة على العمل على تجاوز كل تداعيات تشكيل القائمات والتركيز على إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الوطني الهام، وإفشال كل الحملات الدعائية المغرضة التي تستهدف وحدة الحركة ومكانتها الوطنية والتجربة الديمقراطية برمتها.

 

 

غازي الشواشي : عندما يتعمد رئيس الدولة خرق دستور البلاد الذي أقسم على إحترامه تصبح الاستقالة عليه واجبة

قال النائب بالبرلمان و الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي إن ختم القانون في آجاله الدستورية (فصل 81) واجب محمول على رئيس الدولة لا اجتهاد فيه خاصة بعد التخلي عن استعمال صلاحية الرد الى البرلمان أو عرض القانون على الاستفتاء

و اعتبر الشواشي أن رئيس الجمهورية بعدم إمضائه على القانون الانتخابي تعمد خرق دستور البلاد الذي أقسم على إحترامه و بالتالي تصبح الاستقالة عليه واجبة.

 

عصام الشابي: امتناع الرئيس عن ختم قانون الانتخابات سيضع البلاد في مواجهة غير مسبوقة

الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي كان قد أبدى تخوفه من أن لا يقوم رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بواجبه الدستوري، و أن يمتنع عن ختم وتوجيه قانون تعديل المجلة الانتخابية للنشر بالرائد الرسمي بعد أن أحجم عن ممارسة حقه في إعادة مشروع القانون لقراءة ثانية أو عرضه على الاستفتاء الشعبي بعدما رفضت هيئة مراقبة دستورية مشاريع القوانين الطعن في دستورية تلك التعديلات .

و اعتبر الشابي في تدوينة نشرها على حسابه على الفيسبوكأن امتناع الرئيس عن ختم قانون الانتخابات “سيضع بذلك البلاد في مواجهة حازمة غير مسبوقة بتعطيله عمل دواليب و مؤسسات الدولة عشية فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الباب أمام تقديم الترشحات للانتخابات التشريعية القادمة” .

و أضاف الشابي : “في الأزمة الفارطة دعونا الله أن يحمي رئيس الجمهورية من كل مكروه، واليوم ندعو رئيس الجمهورية الى تحمل مسؤولياته وعدم فتح الباب أمام المغامرات التي تستهدف الصرح الديمقراطي الذي يأمل التونسيون في استكمال بنائه، أرجو أن لا يرتكب الرئيس خطأ جسيما.”

https://www.facebook.com/issam.chabbi/posts/10217404647101054

 

هيئة الانتخابات و الحل البديل : ”تطبيق القانون الإنتخابي الحالي

أفاد عضو الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات، أنيس الجربوعي، بأنّ الهيئة وجّهت تعليماتها إلى جميع هيئاتها الفرعية، تدعوها فيها إلى تطبيق القانون الحالي المتعلّق بالإنتخابات و الإستفتاء المُنقّح سنة 2017 و ذلك بعد عدم ختم القانون الجديد من قبل رئيس الجمهورية و نشره بالرائد الرسمي.

و أوضح الجربوعي أنّه تمّ توجيه هذه التعليمات خلال الدورة التكوينيّة التي نظّمتها الهيئة الإنتخابية بسوسة، يومي 18 و19 جويلية 2019، لفائدة أعوان الهيئات الفرعية، بحضور مجموعة من الخبراء. وأضاف أن التعليمات تضمّنت أيضا عدم مطالبة المترشّحين بأيّ من الشروط التي نصّت عليها التعديلات صلب القانون الجديد، مبيّنا في الآن ذاته أنّه في صورة ختم القانون ونشره في الرائد الرسمي، يتعيّن على الهيئة وفروعها تطبيق التعديلات الجديدة.

 

الباجي و المتضررون من تعديل القانون : بين القول برفض الإقصاء و التأويلات بوجود صفقة سياسية

من بين أكثر المتضررين من هذه التنقيحات ، نبيل القروي صاحب حزب “قلب تونس” الذي كان قد دعا في إطار حملة وطنية رئيس الدولة إلى طلب رأي الشعب بواسطة الاستفتاء طامعا في إلغاء العمل بهذه التعديلات في الانتخابات التشريعية و الرئاسية إلا أن رئيس الجمهورية لم يتفاعل مع هذا المطلب مما جعل الجميع يعتقد بأنه سيختم القانون و بذلك تدخل هذه التعديلات حيز التنفيذ قبل فتح باب الترشحات للتشريعية إلا أن رئيس الجمهورية لم يُمض على القانون مما فتح باب التأويلات على مصراعيه حول وجود طبخة سياسية بين النتضررين و نجل الرئيس.

و يرى مراقبون أن عدم الختم هو الضمانة الأساسية لكي لا يعتمد القانون الجديد في التشريعية اذ لا ينص الدستور على أي عنصر اكراه أو ختم آلي في صورة انقضاء آجال الأيام الأربعة . كما لا يفترض كذلك أي إجراء «عقابي» في صورة عدم الختم في الآجال.

كما نفت عديد الوجوه المعارضة أن امتناع الباجي قائد السبسي عن إمضاء القانون في صيغته المعدلة يوم أمس لم يكن سببه رفض الأقصاء و أن هذه التعديلات منافية للدستور مثلما أشار إلى ذلك حافظ السبسي و نور الدين بن تيشة لأنه لو رأى عناصر لا دستورية في القانون لرده إلى مجلس النواب أو لاستعمل حقه في عرضه على الاستفتاء .

 

 

يُذكر أنّ مجلس نواب الشعب صادق يوم 18 جوان 2019، خلال جلسة عامة، على مشروع القانون الأساسي المتعلق بإتمام وتنقيح قانون الإنتخابات و الاستفتاء برمته، وذلك بموافقة 128 نائبا واحتفاظ 14 بأصواتهم مقابل رفض 30 آخرين.

و تتعلق التنقيحات التي دعمتها بعض الكتل البرلمانية بالخصوص، باعتماد العتبة بنسبة 3 بالمائة في الإنتخابات التشريعية، إلى جانب التصويت على تنقيحات حول الحاصل الإنتخابي، إذ لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على أقل من 3 بالمائة من الأصوات المُصرّح بھا في احتساب الحاصل الإنتخابي.

و تضمن مشروع القانون الإنتخابي أيضا تنقيحات تتعلق بعدد من الشروط الواجب توفرھا في المترشح للانتخابات، كرفض ترشح، و إلغاء نتائج من تبين قيامه أو استفادته من أعمال تمنعھا الفصول 18 و 19 و20 من قانون الأحزاب، أو تبيّن استفادته أو قيامه بالإشھار السياسي خلال السنة التي سبقت الانتخابات بالنسبة إلى التشريعية و الرئاسية.

كما صوّت النواب على تعديلات تتعلق برفض ھيئة الإنتخابات الترشحات للتشريعية و الرئاسية لمن يثبت قيامه بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي و مبادئ الدستور، أو يُمجّد انتھاكات حقوق الإنسان.

امتناع رئيس الجمهورية عن ختم القانون الانتخابي : رفض لمنطق الإقصاء أم وجود لخلافات في الكواليس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *