فشلت القمة العربية الاقتصادية في بيروت قبل أن تبدأ مثلما كان متوقعا ..إذ تغيب عنها 19 من الرؤساء والملوك وأرسلوا وزراء لتمثيلهم ..رغم أهمية الملفات الاقتصادية والمالية المعروضة عليها متابعة لقمتي الكويت ومصر.

و قد خفضت  تونس مستوى تمثيلها في هذه القمة بعد أن وصلتها هذه المعلومة ، فوقع التراجع عن مشاركة الرئيس الباجي قائد السبسي وكلف وزير الخارجية خميس الجهيناوي برئاسة الوفد التونسي..

·     وفسرت عدة عواصم عربية ضعف مشاركتها في القمة ب”التجاذبات” الحالية بين الحكومات ، وانخراط عدد من القادة العرب في ” لعبة المحاور” منذ احتلال العراق في 2003 ثم بعد منعرج ” الثورات العربية ” و” الربيع العربي” في 2011..

·     وخلافا للوعود التي قدمتها الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش الابن وثم خطابا الرئيس أوباما في استنبول والقاهرة في 2009 ، فقد تطورت الأوضاع نحو اضطرابات داخلية و”حروب الاستنزاف ” ونزاعات مسلحة و”حروب داخلية ضد الإرهاب” ، في أغلب الدول العربية ، و بحدة أكبر في ليبيا وسوريا واليمن والعراق..  

·     وفي مرحلة أصبحت فيه القيادات العربية ممنوعة من إصدار موقف موحد وواضح يساند المقاومتين الفلسطينية واللبنانية للاحتلال الإسرائيلي ويعارض نقل السفارة الأمريكية الى القدس المحتلة وزرع ” القواعد العسكرية الأجنبية ” في المنطقة ، أصبح عقد قمم عربية مضيعة للوقت وإهدارا للمال والطاقات..

·     وقد كشفت التجاذبات التي سبقت اجتماعات بيروت اصرار بعض العواصم العربية والاسلامية على الاصطفاف في محورين : الأول منحاز بشكل كامل لواشنطن وأعلن فتح قنوات شراكة رسمية وعلنية مع اسرائيل والثاني متحالف مع دول ” الممانعة ” بزعامة طهران وجزئيا روسيا وسوريا أو تركيا  وقطروالجزائر..
وداخل عدة بلدان مثل لبنان والعراق ينقسم صناع القرار السياسي من حيث ولاءاتهم بين المحورين ..

·     كما يتضح فشل رهانات ادارات بوش الابن و باراك اوباما وترامب في “الشرق الاوسط الكبير”، من خلال ترددها في تقديم دعم سياسي قوي للحكومات الحليفة ، مثل مصر والسودان والاردن ودول مجلس التعاون الخليجي.
 كما لم تقدم دعما ماليا قويا لمسارات الانتقال الديمقراطي الناجحة جزئيا ، بما في ذلك تونس والمغرب ولبنان والاردن..مثلما سبق لها أن خذلت الساسة الليبيين واليمنيين المعارضين للارهاب وللمنعرج الامني العسكري..

+ في نفس الوقت تؤكد كل التقارير أن الحالة الصحية لعدد من الزعماء العرب حرجة جدا ولا تسمح لهم بالمشاركة في اجتماعات قمة والسفر..فضلا عن عدم مجازفة بعضهم ، مثل الرئيس السوداني ، بمغادرة بلده بسبب “المخاطر” التي تستهدفه في صورة مغادرة قصره وبلده ..

·     وفي دول الخليج زادت قضية الصحفي جمال خاشقجي علاقات دول مجلس التعاون التوتر السابق بينها ، وتعمقت خلافات بعضها مع قطر..

++ في هذا المناخ العام أليس من مصلحة تونس الاستفادة من فشل قمة بيروت والتشاور مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والإعلان عن ” تأجيل ” قمة تونس المقررة لشهر مارس القادم ؟

أليس من مصلحة تونس رئيسا وحكومة وشعبا البقاء على الحياد في الخلافات العربية الدولية الخطيرة والفتن والحروب التي تنهك المشرق العربي والاسلامي منذ عقود ؟

..إن الدفاع عن سمعة تونس وديبلوماسيتها يدعو الى المبادرة بالاعتذار عن استضافة قمة في مثل هذه الظروف ، والاعلان عن تأجيلها إلى أن تتوفر شروط انعقادها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *