تعالت أصوات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى تنظيم مسيرة مليونية في الجزائر العاصمة، احتجاجا على نوايا السلطة والأحزاب الموالية لها لاختراق دستور البلاد مجددا، من أجل توفير غطاء تشريعي وسياسي لتمديد الولاية الرئاسية الحالية للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

ودعت الأصوات إلى الدفاع عن دستور الجمهورية، والوقوف في وجه الإرادة السياسية التي تستعد بشتى الوسائل، لتحقيق أجندتها السياسية، ولو باختراق جديد للدستور، رغم أنه لم يمر سوى عامين فقط على آخر تعديل أدرج عليه، وذلك في إشارة إلى القوى السياسية الموالية للسلطة وبعض أطياف المعارضة، التي تروج لإجماع سياسي يفضي إلى تمديد الولاية الرئاسية الحالية لبوتفليقة.

وتبادلت صفحات على فيسبوك دعوات التظاهر ضد مشروع تأجيل الانتخابات الرئاسية المبرمجة في أبريل القادم، والتعبير عن رفض المساس بالدستور مجددا، لا سيما وأن قوى سياسية تضغط في هذا الاتجاه، كما هو الشأن بالنسبة إلى حركة مجتمع السلم الإخوانية.

وكشف رئيس حركة حمس عبدالرزاق مقري، “تأييد 74 بالمئة من الجزائريين لخيار تأجيل الانتخابات الرئاسية”، بحسب سبر للآراء أجرته الحركة.

ورغم أنه لم تظهر شخصيات أو أسماء معروفة في دعوات المسيرة المليونية، إلا أن تزامنها مع الحراك القوي الدائر في هرم السلطة حول الاستحقاق الرئاسي، يلمح إلى ميلاد جيل جديد من المعارضة السياسية تجلت معالمه في حملات التضامن الواسعة مع المدونين والفنانين والصحافيين الذين اعتقلوا من طرف الأمن، وصدرت أحكام في حق البعض منهم.

وزاد حراك المسيرة المليونية من حدة الاحتقان الشعبي الذي تعيشه البلاد، المتزامن مع العديد من الأحداث التي ساهمت في تفاقم حالة الغضب، ففي ولاية المسيلة بجنوب العاصمة، اندلعت ليلة الثلاثاء/الأربعاء احتجاجات شعبية ومناوشات بين شبان غاضبين وقوى الأمن، بسبب ما بات يعرف بقضية عياش محجوبي، الذي مازالت جثته عالقة في بئر ارتوازية لليوم التاسع على التوالي.

لويزة حنون ستقوم بدور مشابه لما قامت به في 2005، بما يتوافق مع مطلبها المتعلق بتشكيل مجلس تأسيسي وحل البرلمان

وتحسبا لأي انزلاق في المنطقة، عززت مصالح الأمن والدرك من إمكانياتها البشرية واللوجيستية، من أجل السيطرة على أي انفجار شعبي، خاصة وأن العديد من المعطيات توحي بأن عميلة انتشال الجثة ودفنها ستكون برميل بارود حقيقيا على استقرار المنطقة. وقد تمتد العدوى إلى مدن أخرى قياسا بحملة التضامن والتعاطف الواسعتين.

وتتزامن مؤشرات الاحتقان الاجتماعي والسياسي مع الأنظار المصوبة إلى قصر المرادية، تحسبا لما سيعلن عنه عبدالعزيز بوتفليقة، وفق ما أفادت به زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون.

وكشفت حنون نهاية الأسبوع الماضي “أن رئيس الجمهورية سيعلن عن قرار مهم يوم الأربعاء القادم” (أمس)، إلا أن تأجيل موعد انعقاد مجلس الوزراء إلى الخميس، قد يؤجل الانتظار ويطيل من ساعات الترقب في الجزائر.

وتضاربت القراءات بشأن القرار المنتظر، ولو اتصل بالوضع السياسي للبلاد، ومصير الاستحقاق الرئاسي ومرشح السلطة، وخلفيات توكيل المعارضة العمالية بعملية استقطاب الرأي العام والطبقة السياسية.

وتحدث مصدر من حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم (برلماني) لـ”العرب”، عن خلفيات تكليف لويزة حنون بالمهمة، وعن المقرب الحقيقي من الحلقة الضيقة للسلطة.

وقال إن “لويزة حنون ستؤدي دور معين في هذه المرحلة، كما أدته في قانون المحروقات للعام 2005، بممارسة ضغط معين على الحكومة لدفعها إلى التراجع عن خيارات الانفتاح على الشركات النفطية العالمية، يراد لها الآن أن تؤدي مهمة مشابهة في هذا الظرف، بما يتوافق مع قناعاتها السياسية المتصلة بمطلبي المجلس التأسيسي وحل البرلمان”.

وألمح إلى أن حل غرفتي البرلمان سيكون الأقرب لما سيعلن عنه الرئيس بوتفليقة، وسيتم إقران انتخابات تشريعية ورئاسية في موعد واحد، لإضفاء نوع من الديناميكية على العمل السياسي في ظل الشرخ الواسع بين السلطة والشارع.

ولم يستبعد متابعون للشأن الجزائري، أن تكون حملة التعبئة للمسيرة المليونية نوعا من الضغط الذي تمارسه بعض دوائر السلطة المعارضة لتأجيل الانتخابات الرئاسية. ولذلك تهدّد بالشارع لثني القوى السياسية الموالية والمعارضة المؤيدة للمسعى وبعض الفاعلين في محيط الرئيس، عن قرار المساس بالدستور مجددا، لا سيما وأن الأمر يشكل مساسا بمصداقية البلاد، بعد تعديل الوثيقة لثلاث مرات خلال العقدين    الأخيرين ولا يستبعد أن يكون هناك تعديل رابع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *