منية العيادي

 

“لا أهلا و لا سهلا بصاحب المنشار” هكذا استقبل التونسيون خبر الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي ابن سلمان إلى تونس و الذي ظل محور جدال و شك في أن يكون صحيحا إلى أن أكدت الناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش الخبر قائلة إن زيارة ولي العهد السعودي يوم 27 نوفمبر الحالي تأتي في إطار سلسلة من الزيارات التي سيؤديها ل10 دول في سياق مشاركته المرتقبة في قمة مجموعة العشرين بالأرجنتين.

خبر الزيارة خلّف جدلا واسعا وسط غضب فئة واسعة من الشعب التونسي الذي يرفض أن تطأ أقدام ولي العهد السعدي التراب التونسي كما دعا العديد إلى التظاهر ضد قدومه .

 

تحركات قضائية و شعبية ضد الزيارة

 

أثار خبر الزيارة حفيظة التونسيين و عبّرت عديد الجمعيات و المنظمات و الشخصيات السياسية عن رفضها لقدوم ابن سلمان إلى تونس، معتبرة إياها استفزازا للشعب التونسي و لثورته و لمبادئه و مستنكرة أن تتمّ دعوة “مجرم” لم يساهم في تقتيل الشعب اليمني و تعذيبه جوعا فقط بل كانت آخر جرائمه قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية بأنقرة بصورة بشعة اهتز لها كل العالم .

“مجموعة الخمسين محامي للدفاع عن الحريات و التصدي للانحراف بالسلطة” قرّرت و بتكليف من بعض الصحافين و المدونين و بعض المحامين تقديم دعوى قضائية لدى المحاكم التونسية لمنع هذه الزيارة.

و أكد المحامي و المنسق العام لـ”مجموعة الخمسين محامي للدفاع عن الحريات والتصدي للانحراف بالسلطة” نزار بوجلال، أنه “يستعد برفقة خمسين محاميا لرفع دعوى قضائية استعجالية، لمنع ولي العهد السعودي دخول تونس، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي”.

و أوضح بوجلال أن “الدعوى ستتضمن شكايتين، الأولى استعجالية تتعلق بتحميل ابن سلمان المسؤولية السياسية مقتل الصحفي جمال خاشقجي و منعه من دخول الأراضي التونسية، و الشكاية الثانية جزائية بتكليف من الصحفيين و نشطاء حقوق الإنسان”.

نقابة الصحفيين التونسيين من جهتها وجهت رسالة مطوّلة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي مبدية استهجانها و رفضها لهذا الأمر “كونه خطراً على الأمن و السلم في المنطقة و العالم” .

و في رسالتها إلى السبسي، قالت النقابة إنها فوجئت ” كأغلبية الشعب التونسي، بتأكيد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بلادنا، الأسبوع المقبل، فيما بدأ جولةً الهدف منها تبييض سجله الدّامي، على خلفية تورطه و نظام الحكم في بلاده في جرائم بشعة تمس حقوق الإنسان، لعلّ آخرها جريمة اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، حيث تشير تقارير دولية إلى تورط بن سلمان نفسه في هذه الجريمة النّكراء” .

و أضافت: “لا يخفى على نقابتنا أن موقف تونس الرّسمي لم يكن، في يوم ما، مستقلاً عن سياسة المحاور التي تشهدها المنطقة العربية. ففي الثّاني والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صدمنا بموقف وزارة الخارجية حين دعت إلى عدم توظيف قضية اغتيال الزميل السعودي، جمال خاشقجي، بـ(استغلال هذا الحادث لاستهداف السعودية وأمنها واستقرارها)، مكتفيةً بموقف هزيل لا يعكس بأي حال من الأحوال ما تعيشه تونس من زخم، في إطار الانتقال الديمقراطي الذي تمرّ به بلادنا”.

ولفتت الأنظار إلى أنه “قد سبق موقف وزارة الخارجية إعلان مناورات عسكرية مشتركة مع الطيران الحربي السعودي، الذي ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة في اليمن، حسب تقارير حقوقية وأممية”، وفقا لنص بيان نقابة الصحفيين التونسيين.

وتابعت النقابة: “هذا دون أن ننسى الموقف المخزي للدبلوماسيّة التونسيّة، التي امتنعت عن التصويت للتمديد للجنة التحقيق الدولية المستقلة في اليمن والتي يرأسها الحقوقي التونسي كمال الجندوبي”.

واستكملت بيانها المرسل إلى السبسي، قائلة: “إن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تؤكد استهجانهاَ لزيارة ولي العهد السعودي، كونه خطراً على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وعدوّاً حقيقياً لحرية التعبير”، حسب نص تعبيرها.

وتضيف النقابة في البيان الموقع باسم الكاتبة سكينة عبد الصمد أنه “حدثت في تونس ثورة ولسنا مستعدين، كصحفيين، أن نتنازل عن مكاسبها، وفي مقدمتها سيادة القانون حرية الصحافة والتعبير. وعلى هذا الأساس نرفض زيارة ولي العهد السعودي إلى بلادنا رفضًا قاطعًا، لما في تلك الخطوة الاستفزازية من اعتداء صارخ على مبادئ ثورتنا”، حسب قولها.

 

تحرك احتجاجي

 

و من المنتظر أن يحتشد المئات أمام قصر قرطاج بالتزامن مع حلول ولي العهد السعودي بتونس يوم 27 نوفمبر 2018، بحسب ما أكده الناشط السياسي و رئيس “الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية و مناهضة التطبيع و الصهيونية” طارق الكحلاوي في تصريحات صحفية.

و أوضح الكحلاوي أن الوقفة الاحتجاجية التي اختير لها بشكل مبدئي أن تقام أمام مقر رئاسة الجمهورية، هي “مبادرة مواطنية” دعيت لها جميع الأطراف السياسية و الحقوقية، للاحتجاج بصوت واحد ضد زيارة ولي العهد و من ورائه السياسات المدمرة للحكومة السعودية داخل المملكة و خارجها.

و أضاف “من العار أن تستقبل تونس التي شهدت انتقالا ديمقراطيا وثورة ضد الاستبداد والدكتاتورية، مجرما تلطخت يداه بدماء السعوديين واليمنيين، ومتهما مطلوبا للتحقيقات بحسب ما كشفته عدة جهات أمنية تركية و أميركية”.

و تابع أن أعضاء الهيئة و منتسبيها سيكونون في الصفوف الأمامية مع أي تحرك احتجاجي تنديدا بزيارة ولي العهد السعودي.

و ندد المتحدث “بالسياسات المدمرة التي ينتهجها ولي العهد داخل السعودية وخارجها، لا سيما المتعلقة بالحرب على اليمن و التقارب المفضوح مع الكيان الصهيوني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *