تونس أوروماد – عزيزة بن عمر

ذكرت دراسة أعدها مركز ” المستقبل للأبحاث و الدراسات المتقدمة ” أن نجاح أي استراتيجية وطنية لإدماج المقاتلين الإرهابيين العائدين من ساحات القتال لن يتحقق إلا بمعالجة الظروف المؤدية إلى التطرف و الإرهاب، و استئصال البيئة الحاضنة للفكر المتطرف، وبناء قدرات الدولة على منع الإرهاب و مكافحته، في احترام تامّ لالتزامات الدولة تجاه حقوق الإنسان و سيادة القانون، مع التأسيس لشراكة إقليمية تنبني على التعاون و تبادل المعلومات في الميدان الأمني، في إطار الاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب..

و في هذا الإطار عقد مركز تونس للأمن الشامل  ورشة عمل تحت عنوان ” التأهيل بالسجون و الادماج الاقتصادي و الاجتماعي للسجناء أمام مخاطر التطرف العنيف ” و التي أقيمت في أحد فنادق العاصمة ورشة ضمت العديد من الشخصيات السياسية الفاعلة للتباحث حول مسألة إعادة تأهيل السجناء العائدين من مناطق النزاع و كيفية دمجهم من جديد في الحياة الاجتماعية حفاظا على أمن  البلاد و العباد .

و في مداخلة له اعتبر رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب مختار بن نصر  الذي قدم الإطار و الظروف التي انبثقت عنها لجنته التي وقع تركيوها في شهر مارس 2016 تفعيلا لمقتضيات القسم السادس من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الارهاب و منع غسل الأموال، و التي توكل لها بالخصوص مهمة المساعدة على وضع البرامج و السياسات التي تهدف إلى التصدي إلى هذه الظاهرة و اقتراح الاليات الكفيلة بتنفيذها، مؤكدا أهمية “استحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، باعتبارها من الآليات المؤسساتية التي من شأنها أن تلعب دورا استراتيجيا و تنسيقيا و تحسيسيا و استشاريا في مجال الإرهاب، من خلال مقاربة وقائية مجتمعية شاملة يشارك فيها المواطن و أجهزة الدولة و القطاع الخاص و المجتمع المدني”.

يجمع عديد الباحثين أن للإرهاب جذورا اقتصادية و اجتماعية و اديولوجية، و قد أثبتت عديد الدراسات أن المنبت الاجتماعي للجهاديين في تونس يوجد في الطبقات الاجتماعية الهشة أي في جزء هام من الطبقة الفقيرة وجزء صغير من الطبقة الوسطى. كما أظهرت بعض التقارير أن عديد الجهاديين هم من العاطلين عن العمل سواء من صنف أصحاب الشهادات أو من التلاميذ المنقطعين عن التعليم والذين أصبحوا يشكلون نسبة كبيرة في السنوات الأخيرة ، لذلك اعتبر بن نصر أن طرق مواجهة لارهاب لابد أن يطرحها الشباب المناطق الداخلية و أن يساهم في خلق استراتيجية فعالة تضم جميع الأطراف بما فيها الشباب للتوقي من خطر الارهاب الذي يضرب العالم كله و ليس تونس فقط ”

من جهته شدّد كاتب الدولة السابق لدى وزير الداخلية المكلف بالشوون الأمنية رفيق الشلى على إيجاد الاليات الناجعة لإعادة ادماج السجناء العائدين من بؤر التوتر و المتعلقة في شأنهم قضايا ذات صبغة ارهابية ، مؤكدا على ضرورة متابعتهم أثناء و بعد فترة السجن .

كما أكد الشلي  على دور الأطراف الفاعلة بما فيها الأدارة العامة للسجون أو بقية المتدخلين على غرار وزارة الداخلية و وزارتي الشؤون الدينية و الاجتماعية للعمل على متابعة المساجين بإعادة تأهيلهم في الحياة الاجتماعية ضمانا لامن البلاد و العباد وفق تعبيره .

كما  أعرب رفيق الشلي عن أمله في أن تنجح اللجنة الوطنية لمكافحة الارهاب باعتبارها الضامن الوحيد و التي توكل لها بالخصوص مهمة المساعدة على وضع البرامج و السياسات التي تهدف إلى التصدي إلى هذه الظاهرة و اقتراح الاليات الكفيلة بتنفيذها .

كما أضاف كاتب الدولة السابق بأنه لا يمكن حصر العدد الجملي للعائدين من مناطق القتال في الوقت الحالي باستثناء المئات منهم سيما مع عودة بعض ” الارهابيين” بطريقة سرية إلى حدود الوطن  ، لافتا إلى أن هناك العديد من ” الارهابيين”  العالقين على الترابي و الذين سيستغلون التوتر الحاصل في القطر الليبي لدخول التراب التونسي ، منبها إلى ضرورة المزيد من اليقظة للقوات الأمنية و العسكرية المتمركزة من الجانب الليبي “حتى تكون لهؤلاء بالمرصاد و حتى لا يفلت كل مذنب من العقاب” حسب قوله.

كما أكد المحلل السياسي علية العلاني  على ضرورة إيجاد طرق التعاطي مع السجناء العائدين من مناطق النزاع لإعادة ادماجهم في الحياة اليومية و الذي قال بشأنه يجب يتطلب دراسة شاملة و واضحة المعالم تشارك فيها مختلف الحساسيات حتى لا تتكرر السيناريوهات ” العدائية ”  في أذهان العائدين من مناطق القتال من خلال خلق سيناريوهات إيجابية  تساعدهم على المشاركة في الحياة العامة بعيدا عن منطق ” التطرف” .

يذكر أن تونس شرعت منذ أكثر من عامين في إعداد برنامج عمل يضبط كيفية “التعاطي المجتمعي مع العائدين من بؤر التوتر” تنفيذا للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب و قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2178، الذي ينص على أن تعمل الدول الأعضاء على وضع وتنفيذ استراتيجيات لمقاضاة العائدين من مناطق النزاعات و إعادة تأهيلهم وإدماجهم ، استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب بمشاركة أغلب الوزارات تعتمد على معالجات ثقافية و دينية واجتماعية علاوة على المعالجة الأمنية لظاهرة التطرف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *