عزيزة بن عمر
أعلنت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة السبت عن زيادة أسعار الوقود للمرة الثالثة منذ بداية السنة الحالية، حيث رفعت أسعار البيع للعموم لمعظم المواد البترولية بنحو 75 مليم للتر الواحد (الدينار التونسي يساوي ألف مليم)، فيما حافظت على أسعار قوارير غاز البترول المسيل (الغاز المنزلي) و بترول الإنارة نفسها، و قالت إنها لم تجر على أسعارها أي تعديل.
و تبرر رئاسة الحكومة هذه الخطوة بالسعي إلى الحفاظ على التوازنات المالية، فيما يرى فيها خبراء ضربة للمقدرة الشرائية للمواطنين.
أسباب القرار :
أقرّت وزارة الطاقة رفع أسعار ثلاثة أصناف من المحروقات بـ75 مليما للتر الواحد.
و تشمل الزيادة، وفقا لبيان وزارة الطاقة، البنزين الخالي من الرصاص و الغازوال الرفيع و الغازوال العادي.
و أشارت الوزارة إلى أن هذا الترفيع يأتي “في ظل الارتفاع المتواصل لأسعار النفط ومشتقاته العالميّة، حيث بلغ سعر النفط الخام خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة حوالي 75 دولارا للبرميل، و استنادا إلى آليّة التعديل الدوري لأسعار المحروقات”.
و كانت الوزارة قد اتخذت الخطوة نفسها في شهر مارس الماضي، مؤكدة أنها تسعى إلى “مزيد من التحكم في منظومة الدعم، علما أن كل زيادة بدولار واحد في سعر برميل النفط يُقدّر انعكاسها على ميزانية الدولة بحوالي 120 مليون دينار”.
في المقابل، يرى خبراء اقتصاد أن الزيادة في أسعار المحروقات من شأنه رفع بقية أسعار المواد الاستهلاكية، الأمر الذي قد يدفع إلى إضعاف المقدرة الشرائية.
و في هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي، رضا الشكندالي، في تصريح صحفي، إن جميع القطاعات الخدماتية و الصناعية و الزراعية مرتبطة بالوقود، ما من شأنه أن يدفع الشركات إلى رفع الأسعار لتغطية النفقات الجديدة.
و يضيف الشكندالي أنه “فضلا عن تضرر المواطنين بشكل مباشر من رفع أسعار المحروقات، فإن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من خفض المقدرة الشرائية، ما من شأنه أن يعطّل الاستهلاك الخاص، أحد أبرز محركات نمو الاقتصاد التونسي في الوقت الراهن”.
و من منظور الخبير الاقتصادي فإن “انكماش الاستهلاك سيؤدي إلى تراجع مداخيل الدولة من الضرائب المفروضة على الشركات المنتجة”.
“ما ستغنمه الحكومة من رفع أسعار المحروقات، ستخسر أضعافه من نواحي أخرى، فضلا عن خلق احتقان لدى المواطنين”، يستطرد الشكندالي.
و يُرجح المتحدث ذاته أن تعقب هذا الإجراء زيادات أخرى مرتقبة، بالنظر إلى طلب صندوق النقد الدولي فرض زيادات بشكل دوري
و كان صندوق النقد الدولي قد دعا، في بيان له في شهر أبريل الماضي، السلطات التونسية إلى “تخفيض دعم الطاقة غير العادل، عن طريق زيادات في أسعار الطاقة المحلية، تماشياً مع أسعار النفط الدولية”. تفسير رسمي على الرغم من الزيادات الأخيرة، فإن وزير الطاقة، خالد قدّور، قد أشار، في تصريحات صحفية، إلى أن “الترفيع الأخير لا يغطي الفارق الذي سببّه ارتفاع الأسعار العالمية، مقارنة بتقديرات قانون المالية للعام الحالي”.
و اعتمدت تونس، في موزانتها للعام 2018، ثمن 54 دولارا كسعر مرجعي للبرميل الواحد، في حين فاقت الأسعار في السوق العالمية هذه التقديرات بشكل كبير في الوقت الراهن، إذ وصل سعر البرميل إلى 74 دولار.
و فضلا عن ارتفاع أسعار النفط عالميا، فإن الوزير التونسي أشار إلى انحدار قيمة الدينار التونسي مقارنة بالعملات الرئيسية، مقدرا أن ترفع الأسعار العالمية الحالية للنفط الميزانية المخصصة لدعم المحروقات بنحو 4 آلاف مليون دينار.
و وفقا لوكالة كالة «رويترز»، في تقرير لها السبت 23 جوان ، فإن زيادة أسعار الوقود تأتي تحت «ضغط صندوق النقد الدولي»، الذي أبرمت البلاد اتفاق قرض معه.
و قال صندوق النقد الدولي هذا العام إن من بين أولويات عام 2018 زيادة حصيلة الضرائب، والامتناع عن زيادة الأجور، إلا إذا حقق النمو ارتفاعاً غير متوقع، وزيادة أسعار الوقود على أساس فصلي. و اتفق صندوق النقد الدولي مع تونس سنة 2016 على منحها قرضاً بقيمة 2.9 مليار دولار، بحيث يوزع على 8 أقساط، تصرف على 4 سنوات حتى عام 2020، و ذلك لدعم برامجها الاقتصادية و المالية، و تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *