أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on في تكريم مؤسسة التميمي للمؤرخ الأستاذ الحبيب الجنحاني:المثقف الحر الذي يصعب تصنيفه أم الزيتوني الذي عشق الاشتراكية واحترم اليسار التونسي ؟

في تكريم مؤسسة التميمي للمؤرخ الأستاذ الحبيب الجنحاني:المثقف الحر الذي يصعب تصنيفه أم الزيتوني الذي عشق الاشتراكية واحترم اليسار التونسي ؟

تحرير نوفل سلامة

مواصلة في التقليد المحمود الذي دأبت عليه مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات في تكريم المثقفين والمفكرين التونسيين في قائم حياتهم ، وعلى خلاف الاحتفائيات الرسمية التي عودتنا بها الجهات الرسمية في تذكّر المفكرين التونسيين بعد رحيلهم إلى الرفيق الأعلى و تكريم الأموات من مبدعينا ، نظمت المؤسسة لقاء فكريا تشكر عليه صبيحة يوم السبت 8 أفريل الجاري لـتكريم علم من أعلام الثقافة والفكر في تونس وللاحتفاء بقامة علمية أثرت لفترة في جيل من المثقفين في مرحلة مهمة من تاريخ تونس المعاصر قبل أن يحفه النسيان وتتجاهله الدوائر الرسمية وهي لفتة تحسب لمؤسسة الدكتور عبد الجليل التميمي أن فكرت في تسليط الضوء من جديد على الدكتور المؤرخ ” الأستاذ الحبيب الجنحاني ” الذي تعذر عليه الحضور بعد أن كان قد أبدى موافقته لمواكبة هذا اللقاء التكريمي لصعوبات صحية حالت دون الالتقاء به والاستماع إلى شهادته حول مسيرته العلمية والثقافية وتجربته الفكرية التي قادته إلى الكثير من البلدان ليتعرف على ثقافات مختلفة كانت حاسمة في تكوين فكره وثقافته وتحديد خياراته حتى استقر به المقام قبل مرضه وانقطاعه النسبي عن الكتابة بدولة الكويت اين كرمته سنة 2017 مؤسسة سعاد الصباح بمؤلف تكريمي أثثه ثلة من المفكرين والأدباء من تونس وخارجها كان من بينهم الأستاذ الدكتور لطفي عيسى والأستاذ عيسى البكوش. وهذا الاحتفاء هو الثاني بعد احتفاء الكويت أرادته المؤسسة تكريما من بني وطنه واعترافا له بالجهد الفكري الذي بذله الأستاذ الحبيب الجنحاني وتعريفا بهذه الشخصية الفكرية التي لا يعرفها الكثير من جيل اليوم.

في هذا اللقاء الذي تولى إدارته الإعلامي كمال بن يونس وأثثه بكلمات احتفائية مستوحاة من حديث الذكريات وما بقى في الذاكرة من اللقاءات الأولى والوشائج الحميمية عدد من المفكرين والسياسيين من اللذين جمعتهم بالمحتفى به صداقة قديمة و محطات مختلفة كان من بينهم الأساتذة عيسى البكوش و لطفي عيسى و عبد اللطيف عبيد و الصحراوي قمعون و الحبيب الكزدغلي ورشيد خشانة .

عاد كل من أخذ الكلمة إلى البدايات الأولى التي جمعته بالمحتفى به والعلائق التي جمعته بالدكتور الحبيب الجنحاني فتم التركيز بإطناب كبير على القيمة العلمية والمعرفية للدكتور الجنحاني

ومروره بالجامعة الذي لم يدم طويلا وتوقف الجميع عند خاصية وميزة تميز بها وهو كونه شخصية غير نمطية ومثقف يصعب تصنيفه فكريا ومن غير الممكن موقعته ضمن تيار فكري أو ايديولوجي محدد فهو مثقف مخضرم نهل من منابع الثقافة العربية الإسلامية التقليدية لما درس في بداياته الأولى بجامع الزيتونة أين اطلع على أبرز أثارها وتعرف على أعلامها وقد حالفه الحظ بأن تعرف على العلوم الحديثة الغربية بتنوعاتها المعروفة ومنها الفكر الإنساني لما قادته الأقدار في هجرته الأولى الى عاصمة الأنوار باريس وهناك حصلت له الصدمة المعرفية الأولى ثم إلى دول أوربا الشرقية في هجرته الثالثة بعد هجرته الثانية إلى المشرق وتحديدا إلى القاهرة ثم إلى ألمانيا في هجرته الرابعة وهناك حصلت له صدمة معرفية كبرى جعلته ينبهر بالتجربة الإشتراكية التي ظل وفيا لها رغم مآخذه الكبيرة فيما وصلت إليه الأوضاع مع حكم الأنظمة الشيوعية التي يصفها بالتسلطية حيث تعاطف مع حركة المثقفين الروس والألمان المنتقدين للسياسة الشيوعية المطبقة خاصة في علاقتها بقمع حرية الفكر والتعبير و منع الحق في الاختلاف وفي هذا المستوى اتفق الجميع على أن الحبيب الجنحاني هو مثقف حر ومثقف عضوي منفتح على كل التيارات والثقافات فهو تقليدي إسلامي من جهة انتمائه للزيتونة وهو يساري اجتماعي نتيجة انبهاره بالفكر الاشتراكي وقربه من الفكر اليساري الاجتماعي وهو ليبرالي يناضل في كتاباته من أجل الحقوق والحريات التي تعرف عليها في الحراك الكبير الذي عاشته فرنسا خلال فترة الستينات من القرن الماضي وعلى هذا فإن الحبيب الجنحاني هو كل هذا ، هو مزيج من الثقافات والمعارف إلى درجة أن يصعب تصنيفه وقد زادت هذه الحيرة في موقعته معرفيا وفكريا إعلانه دون تردد بأنه دستوري بورقيبي مؤمن بالرؤية والخيارات التي جاء بها الرئيس الحبيب بورقيبة لتحديث البلاد وتحقيق تقدمها لذلك كان من النخبة الجامعية التي اقتربت من الحكم من دون أن تنتمي إلى الحزب الحاكم ومن الجماعة المثقفة التي لم تتقلد أي منصب حزبي أو سياسي ومع ذلك عملت ضمن منظومة الحكم ولو من زاوية المعرفة ونافذة الفكر وبهذا يفسر إشرافه على الملحق الأدبي الثقافي لجريدة العمل لسام الحزب الاشتراكي الدستوري خلال سنتى 1965 و 1966 وهي محطة ثرية في مسيرة هذه الأكاديمي الذي آمن بالمشروع البورقيبي من دون أن ينتمي إلى الحزب الحاكم أو يساهم في الحكم .

كان مهووسا بالتجربة الاشتراكية التي تأثر بها لما زار دول أوروبا الشرقية و أقرها الحزب الدستوري خيارا اقتصاديا للدولة في مؤتمر بنزرت في سنة 1966 وتسلم تنفيذها والسهر عليها المناضل أحمد بن صالح فكان من ضمن النخبة الفكرية التي ساندت التجربة وناضلت بالكلمة من أجل انجاحها حيث شعر بن صالح أن هذه التجربة الاشتراكية تعترضها مشكلات معقدة في عالم الفعل اليومي وينقصها البعد التنظيري والمحمل الفكري النظري لذلك حرص على تأسيس ” لجنة الدراسات الاشتراكية ” لتكون النواة الفكرية لهذا العمل الضروري من أجل بناء إطار نظري يساعد على نجاح التجربة و أختاره أحمد بن صالح مع ثلة من الجامعين لهذه المهمة. يقول الجنحاني : لقد تحمست صحبة

عدد من الجامعيين لهذا العمل المعرفي الذي تفطن إلى أهميته أحمد بن صالح قبل أن يعهد إليّ مهمة إعداد العدد التجريبي من مجلة تحمل عنوان ” المجتمع الجديد ” غير أنها لم تر النور وتوقفت وكان أحد مقالاتها مقال بعنوان ” الملكية وظيفة اجتماعية ” وهو عنوان يعبر عن رؤية المتحمسين للتجربة ” ويضيف القول : ” ومن بين محاولات التنظير للتجربة الاشتراكية تعليق يومي كنت أكتبه بجريدة العمل بعنوان ” تأملات اشتراكية ” وقد استمر لأكثر من سنتين وتوقف عندما سقطت التجربة في سنة 1969.”

قيمة هذه الشهادة التي ذكرها الحبيب الجنحاني عن التجربة الاشتراكية في كونها قد فتحت نافذة جديدة للتعرف عن أسباب فشل هذا التوجه الاقتصادي الجديد الذي اختارته البلاد وزاوية نظر أخرى لدراسة تجريه التعاضد التي يصر على تسميتها بالاشتراكية في حين أنها تعرف في الكثير من الأدبيات التي أرخت لتلك المرحلة أو تناولت بالتقييم هذه التجربة ” بالتعاضد ” وهو تمييز مهم يعبر عن مدى الإيمان العميق للرجل بالفكرة الاشتراكية. والقيمة الأخرى لهذه الشهادة في ما اعتبرته أن من بين الأسباب الرئيسية التي غالبا لا يتحدث عنها وكانت سببا في توقف تجربة التعاضد هو فقدانها للمحمل النظري والإطار الفكري الذي يساعد على الفهم والإقناع ويساهم في تشجيع الناس على الانخراط في تجربة اقتصادية جديدة وهذا يعني أنه حسب الجنحاني لا يمكن لأي فكرة جديدة أن تنجح ويتقبلها المجتمع ما لم يسبقها أو يرافقها محمل نظري وإطار معرفي.

ركز بعض من أثث هذا اللقاء التكريمي في كلماتهم الاحتفائية على قيمة الرجل المعرفية وإسهاماته العديدة في مجال الفكر وخاصة اضافاته الواضحة عند مروره بجريدة العمل وإشرافه على ملحقها الأدبي والثقافي الذي كان محط اهتمام الكثير من المثقفين من كل العائلات الفكرية وأحدث وقتها حراكا فكريا هاما بنوعية القضايا التي طرحها والتي كانت في تعارض تام مع الخط التحريري و ما كان يكتب في الجريدة الأم التي كانت تدافع عن خاطب السلطة حينها وتدافع عن خيارات الرئيس الحبيب بورقيبة.

تناولت بعض المداخلات علاقته بالفعل السياسي اليومي وتم التذكير بأنه من الأكادميين القلائل الذين تسلموا مقاليد تسيير مجالس بلدية حيث تقلد الحبيب الجنحاني مهمة رئاسة بلدية قليبية خلال الفترة الممتدة من 1966 إلى سنة 1972 وهي تجربة قل وأن وجدناها عند المثقفين الذين عادة ما يترفعون عن الانخراط في العمل السياسي اليومي ويخيرون البقاء في ابراجهم العاجية.

من القضايا التي أثيرت في هذا اللقاء التكريمي وبقيت دون إجابة علاقة الحبيب الجنحاني بالحزب الشيوعي الروسي وهو الزيتوني الذي نهل من معارف جامع الزيتونة والتراث الإسلامي في علاقة بتكفل الحزب الشيوعي الروسي بمعاليم الدراسة .. وسبب إهتمامه في كتاباته الأولى بشخصية خالد محمد خالد وكتاباته عن الاسلام .. وعدم تسلمه لأي منصب حزبي داخل الحزب الاشتراكي

الدستوري ولا عهدت إليه مهمة سياسية وهو البورقيبي المدافع عن خيارات الرئيس بورقيبة والمساند لنهجه في تحديث البلاد .. وتأسيسه لنقابة التعليم العالي و علاقتها باليسار التونسي وهي محطة يطرح فيها سؤال علاقة الحبيب الجنحاني باليسار التونسي وقربه بعد الثورة من حزب التجديد قبل أن يتحول إلى حزب المسار .. من الأسئلة الحائرة الأخرى التي تحتاج توضيحا موقف الحبيب الجنحاني من الثورة التونسية وما عرف عنه من حيرة كان يبديها في طرحه المستمر لسؤال ماذا نفعل ؟ وهو سؤال يحيل إلى المسار الذي اتخذه الانتقال الديمقراطي بعد سقوط نظام بن علي والمنعرجات التي عرفتها الثورة في علاقة بتصدر التيار الإسلامي المشهد السياسي وقيادة البلاد وهنا من الضروري العودة إلى كتابه دفاعا عن الحرية الصادر سنة 2012.

من الأسئلة الحائرة الأخرى في مسيرة الرجل وبقيت دون إجابة ما كتبه الحبيب الجنحاني في مقدمة كتاب ” طائر الحرية ” وهو كتاب تكريمي لشخصه أشرفت عليه مؤسسة سعاد محمد الصباح وصدر سنة 2017 وهو تأليف جماعي للاحتفاء به ساهم فيه عدد من الكتاب العرب والتونسيين كان من بينهم الأستاذ عيسى البكوش والأستاذ لطفي عيسى والأستاذ صلاح الدين الجورشي والأستاذ محمد عيسى المؤدب والأستاذ أحمد الحمروني والأستاذ عبد الجليل التميمي والأستاذ حمادي صمود والأستاذ عبد الواحد براهم والأستاذ المنصف قوجة وغيرهم… في مقدمة هذا الكتاب قال الجنحاني : إن التكفير عن الذنوب لا يحتمل التأخير إن التكفير عن ذنب تأييد نظم سلطوية معادية للحريات العامة هو اسهام متواضع في إماطة اللثام عن الوجه الخفي لجلاوزة القرن العشرين ” فهل يعلن الجنحاني عن توبة وتكفير عن ذنب لمساندته وتأييده لنظام ديكتاتوري آمن لفترة بخياراته قبل أن يتراجع عنها ؟ و هل قام بمراجعات لموقفه من الحكم البورقيبي الذي أيده وانخرط فيه معرفيا واليوم يعلن توبته منه ؟

من القضايا الأخرى التي مثلت مفاجأة في مسيرة الحبيب الجنحاني ما اعتبر تغييرا في موقفه من الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة والمراجعة الجريئة التي قام بها بعد الثورة و التي قل أن وجدناها عند بورقيبي آمن بخيارات باني تونس الحديثة حيث ورد على لسانه وبأسلوب مباشر وصريح في مقدمة كتاب طائر الحرية ” إن للزعيم الحبيب بورقيبة مثالب كثيرة بدأت تكشف عنها بعض الدراسات الموضوعية التي نشرت بعد رحيله وفاجأت أبناء الجيل الذي سانده وتحمس لإصلاحاته لكن المفاجأة لم تجعل الشجرة تحجب الغابة فلكل الزعماء الكبار أخطاء تبلغ حد المساوي في حالات معينة فهم بشر يصيبون ويخطئون ولكن الذي يحز في نفوس من هتفوا باسمه طويلا عندما يقرؤون اليوم نصوصا وشهادات صادرة عن حوارييه وقد كتبوا شهادات يصعب علينا أبناء ذلك الجيل الذي تحمس للمجاهد الأكبر تصديقها فقد استغربنا ونحن نقرأ الدراسات الجديدة كيف شرّع ذلك الزعيم الكبير الذي درس الحقوق فوق مقاعد جامعة السربون لأساليب التعذيب في تاريخ الدولة الوطنية الحديثة وأسس المحاكم

الاستثنائية لمحاكمة المختلفين معه في الرأي وكيف غذى عاشق أوغست كونت وروسو وفولتير النعرة الجهوية في صفوف الشعب الذي حلم طويلا أن تغرس الدولة الوطنية الحديثة قيم المواطنة ”

هذه شهادة صادمة من مثقف بورقيبي آمن بفكر الرئيس الحبيب بورقيبة ودافع عن خياراته السياسية والإصلاحية واليوم نجده يراجع موقفه منه رغم اعترافه بقيمته ويعبر عن شعور حيرة وقلق جيل هو واحد منه هتف طويلا بروح المجاهد الأكبر واليوم تحصل له صدمة أمام ما كشفته الكتابات الجديدة عن ممارساته في مجال حقوق الانسان وفي علاقته بمعارضيه والمخالفين له في الرأي وما حصل من استبداد وتسلط في الحكم وقمع للحريات والانفراد بالسلطة والسؤال الذي يفرض نفسه هل انتظر الحبيب الجنحاني وفاة الرئيس بورقيبة حتى يكتشف الجانب السلطوي في باني تونس الحديثة ؟ وهل تطلب الأمر ظهور دراسات حديثة يصفها بالموضوعية حتى يتعرف الجنحاني عن الوجه الآخر للرئيس بورقيبة وهو وجه قاتم وسيء وحتى يكتشف أن من هتف باسمه هو من شرع التعذيب وانشأ محاكم آمن الدولة وقسم الشعب وذكى النعرات ؟

*****

نثبت هنا الرسالة التي حررها د. عبد الجليل التميمي والتي وجهها إلى رئيس الجمهورية ووزير التعليم العالي ووزيرة الثقافة وطالبهم بمنح جائزة الدولية التقديرية للمحتفى به، فيكفي من الإهمال الغير مبرر بعدم منح هذه الشخصية ما يستحقه من عناية واهتمام وتشجيع.

***

مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات

رسالة رقم : 19

تونس في : 10 أفريل 2023

إلى سامي رجال الدولة

رسالة مفتوحة حول الحلقة الدراسية

التي خصصناها لتكريم أستاذ الأجيال الحبيب الجنحاني

أقمنا بتاريخ 08 أفريل الجاري تنظيم حلقة دراسية حول المسيرة العلمية والثقافية للأستاذ الجنحاني وقد ساهم في هذه الحلقة الدراسية عدد كبير من المؤرخين والباحثين ومن رجال الصحافة وتوقفوا حول دور

الحبيب الجنحاني من مختلف مواقفه النضالية المشرفة ودوره الطلائعي تونسيا ومغاربيا ومشرقيا، إن هذا الزخم من المعلومات المتنوعة التي تم معالجتها في مختلف المواقع العربية والاسلامية ونوهوا بالدور الفاعل في تعميق الفهم ومساهمته المعرفية عبر مئات البحوث التاريخية. وابرزوا تواصله الفاعل وإيمانه المطلق بالمسار اليساري، هو الأمر الذي دفعه أن يستوعب آليات الانبهار عبر زيارته لأهم المراكز والقوى بباريس وموسكو والقاهرة، واستوعب بذكاء المتغيرات الجيومعرفية وأهله أن يكون فاعلا في عديد المنظمات والجمعيات التونسية والعربية وأصبح عضوا في أنشطتها الفكرية المختلفة.

إن الزخم من المعلومات التي سجلت كانت محل فخر واعتزاز لهذه الشخصية الجامعية ذات العطاء، وأن هذا الحفل التكريمي الذي سعينا إلى عقده وشارك فيه أصدقاء الحبيب الجنحاني وكان وراء تدخلها اليوم لدى رجال الدولة، مقترحين عليهم التفضل باستقبال الاستاذ الجنحاني ومنحه جائزة الدولة التقديرية لهذه السنة، خاصة وأنه لم يحظ بأي تكريم لائق للخدمات الجليلة التي أداها، دون انقطاع من انتمائه إلى قسم التاريخ بالجامعة التونسية الأم، وناضل ضد عديد الزملاء الفرنكوفونيين وخاصة لكل ما يتعلق بتعريب المسألة العربية الإسلامية مع الاحتفاظ باستعمال اللغة الفرنسية لكل المسائل الأخرى.

مؤملين تحقيق هذا التكريم قريبا، احتراما ووفاء عن عاصمة الأغالبة والتي هي مفخرة بلادنا على مدى العصور.

مع الشكر والتقدير.

د. عبد الجليل التميمي

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on تونس بين أزماتها الداخلية والخارجية : من يتزعم ” التيار الثالث” ؟ .. بقلم كمال بن يونس

تونس بين أزماتها الداخلية والخارجية : من يتزعم ” التيار الثالث” ؟ .. بقلم كمال بن يونس

· مشهد سياسي فسيفسائي وخلط لكل الأوراق

تونس .كمال بن يونس

رغم مرور أكثر من شهر ين عن انتخاب ” البرلمان التونسي الجديد “، تعاقبت تصريحات كبار مسؤولي الحكومات والبرلمانات في أوربا وأمريكا والأمم المتحدة والصناديق المالية العالمية حول ” الازمة التونسية ” بأبعادها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الإقليمية والمحلية ..

وكشفت هذه التصريحات تعمق الهوة دوليا بين أنصار تطوير الشراكة مع السلطات التونسية ومعارضيها ..

ورغم تعاقب انتقادات الرئيس التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون ل” التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لتونس” ، تجددت الانتقادات الغربية على أعلى مستوى لبعض سياسات السلطات التونسية الاقتصادية والأمنية والقضائية والإعلامية والحقوقية ..

في الأثناء تطور المشهد السياسي الفسيفسائي التونسي الداخلي نحو مزيد من التشرذم بين أنصار الرئيس سعيد ومعارضيه والأطراف التي تتنافس على تزعم “التيار الثالث” ، أي ” المسار الذي يضم الشخصيات والقوى التي ترشح نفسها لتكون ” البديل” عن كل المنظومات السياسية الحاكمة والمعارضة التي تتصدر المشهد الوطني منذ 12 عاما..

فإلى أين تسير تونس في ظل هذه التحديات الداخلية والخارجية المعقدة ؟

المواقف والتقديرات متباينة جدا ..

لئن كانت ” الورقة الدولية ” مهمة جدا وتؤثر في مجريات الأحداث في كل دول العالم ، فإن وزنها يزيد وقت الأزمات خاصة بالنسبة لبلد له موقع جغراسياسي متميز مثل تونس بسبب قربه من أوربا الجنوبية ، ولأن الأوضاع غير المستقرة في ليبيا وعدد من الدول العربية والافريقية تزيد من فرص استخدام عشرات آلاف المهاجرين غير القانونيين السواحل التونسية للتسلل نحو أوربا عبر إيطاليا .

لذلك تضاربت أجندات السياسيين التونسيين في علاقة باستفحال التناقضات بين مواقف الحكومة اليمينية في روما بزعامة جورجا ميلوني والقرارات الصادرة عن البرلمان الأوربي ومجلس حقوق الانسان الأممي في جنيف أوعن عشرات البرلمانيين الأمريكيين : تيار يدعو إلى تقديم دعم مالي فوري إلى تونس حتى لا تنهار والثاني يضغط عليها حتى ” تفرج فورا دون قيد ولا شرط عن كل المعتقلين السياسيين وتستأنف المسار الديمقراطي التعددي “..

“التآمر على أمن الدولة” ..ودعوات لحل الأحزاب

رغم كل تقارير البنك العالمي و”وكالات التصنيف” الاقتصادي العالمية ، مثل وكالة ” موديز ” ، التي تحذر من سيناريوهات افلاس الدولة التونسية ، يشن أعضاء في البرلمان الجديد من بين المحسوبين على ” المشروع السياسي الاجتماعي ” للرئيس قيس سعيد ، حملات إعلامية على المعارضين المتهمين الموقوفين” للاشتباه في تورطهم في التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي “..

كما صعدت المحامية المقربة من السلطة وفاء الشاذلي انتقاداتها اللاذعة ضد قيادات النقابات و السياسيين المعتقلين منذ أسابيع وبينهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي والخبير الاقتصادي المستقل خيام التركي وقياديين في “جبهة الخلاص الوطني” بزعامة الأكاديمي والحقوقي اليساري جوهر بن مبارك والوزير السابق رضا بالحاج والناشطة الحقوقية شيماء عيسى ..

في هذا السياق دعا عبد الرزاق الخلولي المحامي رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام التونسية إلى ” حل الجمعيات والأحزاب بأمر رئاسي يصدره قيس سعيد قريبا يتضمن كذلك منعا لتوظيف الدين في العمل السياسي “..

كما طالب الخلولي بحل حزب حركة الشعب القومية الناصرية التي يتزعمها البرلماني السابق زهير المغزاوي وهو من أبرز مساندي قيس سعيد منذ 2019 ، وتصدر داعمي قرارات 25 يوليو 2021 وبينها حل البرلمان والحكومة .

ويتهم محسوبون على ” تنسيقيات الرئيس ” و” حراك 25 جويلية ” و” مبادرة لينتصر الشعب “، مثل الأكاديمي صلاح الدين الداودي والناطق السابق باسم الحملة الانتخابية الرئاسية قيس القروي ، المعارضين للسلطات بالخيانة الوطنية والتبعية للخارج والتآمر مع جهات غربية ” ضد الرئيس ومشروعه الإصلاحي” .

كما يتهمونهم وعشرات من أعضاء البرلمان الجديد بتلقي تمويلات مشبوهة من رجال أعمال فاسدين و” لوبيات ” في الداخل والخارج، بينها ” مجموعات ضغط في أوربا وأمريكا” ..

وذهب قيس القروي إلى حد اعتبار مجموعات من أعضاء مجلس النواب الجديد ” امتدادا للبرلمان القديم وللمشهد السياسي الفاسد السابق الذي تحكمت فيه لوبيات مالية قريبة من حزب النهضة الإسلامي ومن أحزاب نداء تونس وتحيا تونس ومشروع تونس التي خرجت من رحم الحزب الحاكم قبل ثورة 2011..”

وجدد قياديون من مبادرة ” لينتصر الشعب ” المحسوبة على رئيس الجمهورية انتقاداتهم لرئيس البرلمان الجديد القومي الوحدوي ابراهيم بودربالة وتهجمهم على عشرات المقربين منه من بين النواب الذين ينحدرون من ” المنظومة السياسية القديمة ” والأحزاب الحاكمة والمعارضة خلال العشرين عاما الماضية، خلافا لنائبي الرئيس سوسن المبروك وأنور المرزوقي ..

دعاة القطيعة مع السلطة ..

في المقابل يقف مزيد من قادة الأطراف السياسية المستقلة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني في الصف المقابل ..

وتسببت الاعتقالات والمضايقات التي شملت عشرات القضاة وشخصيات مستقلة و سياسيين من الحجم الكبير وقيادات حزبية متعددة الأولوان ، في “تجميد التناقضات القديمة بين الإخوة الأعداء” .

وأصبحت تنظم تظاهرات سياسية ثقافية مشتركة أمام السجون ووزارة العدل و في الساحات العامة لرفع 4 مطالب مشتركة أبرزها اطلاق سراح المعتقلين و احترام استقلالية القضاء والاعلام وتشكيل ” حكومة انقاذ وطني جديدة ” وإلغاء كل القرارات والمراسيم الرئاسية التي صدرت منذ منعرج 25 يوليو 2021 الذي تعتبره هذه الأطراف ” انقلابا على الدستور الشرعي الصادر في 2014″ ويعتبره خصومهم ” حركة تصحيح لمسار ثورة 2011″ .

في الأثناء تغيرت أولويات كثير من الشخصيات السياسية والنقابية المستقلة والحزبية وتزايدت الدعوات إلى تشكيل ” قوة ثالثة ” تتزعم ” مسارا ثالثا” يسعى من ينخرطون فيه إلى إصلاح أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعيدا عن مربع المعارك الأيديولوجية والسياسية والفئوية التي سادت منذ مطلع 2011 وتواصلت بعد يوليو 2021..

اتحاد الشغل ..و”المسار الثالث”

لكن السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هنا على الجميع

مجددا هو : ما هي حظوظ انصار” المسار الثالث” في فرض أجندتهم التي تكون مستقلة في نفس الوقت عن ” خارطة طريق السلطة ” وعن خطة تحرك المعارضات التقليدية التي رفضت بدورها القيام بنقد ذاتي علني عن غلطاتها خلال العشرية الماضية رغم تسبب تلك الغلطات في انشقاقات داخلها أضعفتها ؟

ثم من سينخرط في هذا المسار الثالث الذي قد يكون نواة ” للبديل ” عن النخب الحاكمة والمعارضة الحالية والسابقة :هل هم النشطاء المستقلون و مناضلو الصف الثاني في الأحزاب والنقابات و منظمات المجتمع المدني أم بعض ” الزعماء الفاشلين” الذين تصدعت أحزابهم أوخسروا مواقعهم في مؤسسات الحكم والمعارضة ؟

يلاحظ أن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي والقياديين المعتدلين في النقابات ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان جددوا مؤخرا الإعلان عن مبادرة ” حوار وطني سياسي اجتماعي اقتصادي شامل ” .

واعتبرحاتم المزيو نقيب المحامين أن القيادات الحقوقية والنقابية قادرة على تنظيم حوار وطني ” يخرج البلاد من أزماتها السياسية ” مثلما نجحت في 2013 في تنظيم حوار انقذ تونس من سناريو” منعرج عسكري أمني شبيه بما حصل في دول عربية أخرى بينها مصر وليبيا واليمن وسوريا . لذلك أسندت الى النقابات والمنظمات الحقوقية في 2014 جائزة نوبل للسلام .

لكن الرئيس قيس سعيد والمقربين منه يعترضون على أي” تضخيم جديد لدور النقابات السياسي ” . ويعتبرون أن ما حصل في 2013 “لم يكن حوارا ولا وطنيا ” ..

وعاد سعيد وأنصاره إلى اتهام قيادات نقابية بالضلوع بدورها “في الفساد المالي والإداري” وتعطيل مصالح البلاد عبر آلاف الإضرابات و الاعتصامات العشوائية ..

جبهة الخلاص ..

من جهة أخرى ترشح قيادات جبهة الخلاص الوطني برئاسة أحمد نجيب الشابي وقيادات من المعارضة الليبيرالية واليسارية نفسها لتزعم ” التيار الثالث” الذي يمكن أن يغير المشهد السياسي وطنيا . تزعم هذه القيادات أنها قادرة على أن توظف شبكة علاقاتها العربية والدولية لتوفير ما تحتاجه تونس من تمويلات واستثمارات لإصلاح أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والخروج من أزماتها الخانقة .

وتعتبر قيادات هذه الجبهة أنها برهنت خلال ال18 شهرا الماضية أنها ” الأكثر قدرة على تحريك الشارع في العاصمة والجهات ” عبر أكثر من 25 مسيرة ومظاهرة ووقفة احتجاجية نظمتها في عدة مدة من شمال البلاد إلى جنوبها مع نشطاء ” حراك مواطنون ضد الإنقلاب”.

وترشح الجبهة القيادات السياسية الوطنية المعتدلة بزعامة جوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورضا بالحاج و عصام الشابي وعلي العريض وغازي الشواشي للعب دور سياسي وطني ودولي أكبر فور الافراج عنهم ..

لكن خصوم الجبهة يشكون في قدرتها على ” تجميع غالبية النخب والشعب حولها ” لأسباب عديدة من بينها اعتمادها أساسا على نشطاء حركة النهضة وحلفائها السابقين في البرلمان وفي الحكومات السابقة مثل أحزاب النداء وقلب تونس والتحالف من أجل تونس وائتلاف الكرامة ..

..الجبهة الديمقراطية التقدمية

بعض النخب السياسية والإعلامية ترشح ” الجبهة الديمقراطية التقدمية ” التي تضم 4 أحزابا يسارية معتدلة بزعامة خليل الزاوية زعيم حزب التكتل الديمقراطي وحمة الهمامي زعيم حزب العمال لتصدر المشهد السياسي القادم واستقطاب الأطراف السياسية والنقابية المؤمنة برسالة ” التيار الثالث”..

لكن التحركات التي قامت بها الأحزاب المنتمية إلى هذه الجبهة خلال الأشهر الماضية كشفت عجزها عن أن تنظم مسيرات ضخمة مماثلة لتلك التي نظمتها جبهة الخلاص الوطني والتيارات الإسلامية وخاصة حزبا النهضة بزعامة راشد الغنوشي وعلي العريض وائتلاف الكرامة بزعامة سيف الدين مخلوف .

تصدع داخل البرلمان وانصار الرئيس

في نفس الوقت تبدو المعارضة شديدة في قصر الرئاسة في قرطاج و داخل الأطراف السياسية المحسوبة على ” مشرع قيس سعيد” لكل سيناريوهات الحوار السياسي مع النقابات والأحزاب المتهمة ب”التعامل مع السفارات والعواصم الأجنبية “..

وسبق لسعيد أن تهكم في خطاب علني على ” أصحاب المشروع الثالث والرابع والخامس …”

وخلافا لتصريحات أعضاء حكومة نجلاء بودن حول قرب التوصل بين صندوق النقد الدولي والبنك العالمي مع السلطات التونسية ، عاد ” المقربون للرئيس ” إلى استبعاد هذا السيناريو ومطالبة الحكومة بالتوجه نحو الصين وروسيا والبلدان الصاعدة مثل مجموعة ” بريكسيت” .

وأورد قيس القروي قبل أيام لوسائل الإعلام أن قيس سعيد لن يوقع على اتفاق مع صندوق النقد الدولي وأنه ّ ضد الخونة والعملاء المحسوبين على المعارضة ” .

والأخطر من هذا هو ” التصدع ” داخل البرلمان الجديد وبروز تناقضات بين النواب الذين انحازوا لرئيسه إبراهيم بودربالة وخصومهم الموالين ” لحراك 25 جويلية”.

أغلبية من حزب بن علي

وخلافا لكل التقديرات والتصريحات التي سبق أن صدرت عن عبد الرزاق الخلولي باسم ” حراك 25 يوليو” وعن قيادات حزب الشعب الناصري، اتضح أن الكتلة الأكبر من النواب الجدد مقربون الى الأحزاب الدستورية التي حكمت البلاد قبل 2011 ولعبت دورا في الصفوف الأولى في عهدي الرئيس الراحلين زين العابدين بن علي (1987-2011) و الباجي قائد السبسي ( 2014 – 2019 ).

تغيير الحكومة ؟

في هذه الظرفية المعقدة يبقى التحدي الأكبر بالنسبة لمتصدري المشهد السياسي تجنب سيناريوهات الإفلاس و”الانهيار الشامل” التي حذر منها مؤخرا كثير من الخبراء التونسيين والمسؤولين الغربيين ، بينهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوربي جوزيف بوريل ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ..

من بين المفارقات أن المجموعات السياسية والبرلمانية الأكثر ولاء للرئيس قيس سعيد تلتقي مع قيادات المعارضة وخاصة مع جبهة الخلاص الوطني والجبهة الديمقراطية التقدمية في المطالبة بتغيير الحكومة الحالية ..

لكن منطلقات الطرفين متناقضة : أنصار الرئيس يريدون حكومة جديدة ” أكثر اخلاصا للرئيس وأنصاره ومشروعهم السياسي ” بيتما تطالب المعارضة بتشكيل ” حكومة انقاذ وطني” توفق بين واجب تسيير الشؤون اليومية للدولة والاعداد لانتخابات جديدة ” شفافة ونزيهة ” ..خاصة أن الانتخابات الرئاسية القادمة يفترض أن تنظم العام القادم ..

وتزايدت الضغوطات من أجل التعديل الحكومي ، بعد أن تسببت الخلافات داخل الفريق الحاكم في تغييرات مفاجئة على فريق حكومة نجلاء بودن أدت إلى مغادرة إثنين من أبرز المقربين من الرئيس سعيد ، بينهم وزير الداخلية القوي وصديقه القديم توفيق شرف الدين ووزير التشغيل القاضي نصر الدين النصيبي ..وكانت “صراعات الأجنحة” تسببت سابقا في قرارات إقالة عدد من أبرز الوزراء والمستشارين في قصر قرطاج بينهم مديري مكتب الرئيس السابقين طارق بالطيب ونادية عكاشة والوزير المستشار السياسي عبد الرؤوف بالطبيب والمستشار الأمني والعسكري رئيس الأركان السابق الجنرال محمد الصالح الحامدي..

ويعتقد كثير من المراقبين ، بينهم الكاتب والمفكر الصافي سعيد ، أن تلك الإقبالات أحدثت ” فراغا سياسيا في حزام قصر الرئاسة بقرطاج “..

(برويز/ Encadré

من هم كبار رجالات الرئيس سعيد ؟

يعتمد الرئيس قيس سعيد ، الذي مازال يرفض تأسيس حزب خاص به يدعمه ، على عدد من كوادر الدولة بينهم رئيسة الحكومة نجلاء بودن وفريقها الوزاري وعلى نخبة من المستشارين الأمنيين والعسكريين والديبلوماسيين والإداريين بينهم بالخصوص :

· أمير اللواء الحبيب الضيف مدير عام وكالة الاستخبارات للأمن والدفاع الوطني ، وهو أعلى رتبة عسكرية في البلاد حاليا . وكان الضيف دخل قصر قرطاج في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي عام 2015 بصفة ملحق برئاسة الجمهورية عندما كان الأميرال كمال العكروت المشرف الأول على قطاع الأمن العسكري في القصر.

· أمير اللواء الجنرال محمد الغول رئيس أركان القوات البرية التونسية منذ 2018. تولى الجنرال الغول مسؤوليات عسكرية وديبلوماسية عديدة في مسيرته الطويلة التي بدأها وهو في العشرين من عمره ، من بينها ملحق عسكري في سفارة تونس في واشنطن ما بين 2016 و 2018 .

· الفريق محمد الحجام رئيس أركان جيش الطيران وهو خبير عسكري وفي الدراسات الاستراتيجية والجيو استراتيجية . له خبرة طويلة في معاهد التدريب والدراسات التونسية والعالمية . وشغل خطة ملحق عسكري في سفارة تونس في واشنطن ما بني 2014 و 2016 .

· وزير الداخلية الجديد كمال الفقي ،وقد عين في منصبه يوم 17 مارس بعد إعلان الوزير توفيق شرف الدين استقالته ثم إعلان رئاسة الجمهورية عن إقالته .

وهو من خريجي كلية الحقوق في تونس مختص في القانون الخاص . تولى مسؤوليات نقابية في اتحاد الشغل ما بين 2011 و 2017 وكان من بين النشطاء اليساريين المحسوبين على ” التيار الوطني الديمقراطي “. كانت له مثل زوجته الحقوقية سنية الشريطي علاقة قريبة جدا بالرئيس قيس سعيد قبل انتخابات 2019 وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية . عين قبل عامين واليا لمحافظة تونس العاصمة .

· المستشار وليد الحجام وهو ديبلوماسي سابق عمل في الامارات .

عين وليد الحجام أول الأمر ملحقا بقصر الرئاسة . وكلفه قيس سعيد بتمثيل الرئاسة مرارا في التدخلات التلفزية ثم وقعت ترقيته بعد منعرج يوليو 2021 إلى مستشار يشرف في نفس الوقت على عدة ملفات سياسية وإعلامية ودبلوماسية .

· وزير الفلاحة أمير اللواء عبد المنعم بالعاتي . وهو جنرال سابق في سلاح الطيران مختص في الطائرات النفاتة .

تدرب في تونس وفي عدة دول غربية بينها إيطاليا وتولى مسؤوليات عسكرية وإدارية مختلفة من بينها متفقد عام للقوات المسلحة في وزارة الدفاع .

· الوزير المستشار الجنرال مصطفى الفرجاني وهو مدير عام سابق للصحة العسكرية وطبيب رئيس قسم في المستشفى[K1] العسكري بتونس، له خبة طويلة في العمل الإداري والطبي والسياسي . وقد رشح في موفى 2019 ليكون وزيرا للصحة في حكومة الحبيب الجملي التي شكلتها حركة النهضة وأحزاب قلب تونس وتحيا تونس وائتلاف الكرامة . لكن تلك الحكومة فشلت في الفوز على ثقة البرلمان . وتعتقد بعض المصادر أن الجنرال الفرجاني يلعب كذلك دور الطبيب الخاص لرئيس الجمهورية إلى جانب مشاركته العديد من جلسات العمل وتنقلاته في القمم الدولية .

· وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي وهو نجل الزعيم النقابي الراحل المنصف الزاهي . تحصل على ماجستير في الاقتصاد وإدارة المخاطر في 2008 وعلي ديبلوم تقنيات الاتصال والتواصل في 2011 . كان رئيسا للحملة الانتخابية للرئيس قيس سعيد في محافظة منوبة غربي العاصمة تونس .

ويلعب الزاهي منذ انتخابات 2019 دورا سياسيا وطنيا يتجاوز دور وزارته ويعتبر من بين أكثر السياسيين المقربين من قصر قرطاج حاليا .

· وزير الصحة علي المرابط وزير الصحة وهو أستاذ في الطب المدني ومسؤول سابق في مؤسسات الصحة العسكرية .

· وزير الدفاع الوطني عماد مميش وهو أستاذ تعليم عالي سابق في كلية الحقوق القانونية والسياسية والاجتماعية التي كان يدرس فيها الرئيس قيس سعيد طوال عقدين من الزمن. تولى حقيبة الدفاع مباشرة بعد قرارات 25 يوليو 2021 .

· وزيرة العدل القاضية ليلى جفال . وهي خبيرة في القانون تولت مسؤوليات عديدة في المحاكم . عينت لمدة قصيرة وزيرة لأملاك الدولة في عهد حكومة هشام المشيشي قبل منعرج يوليو 2021 .

· وزير الخارجية نبيل عمار . عين في منصبه في فبراير الماضي خلفا للوزير عثمان الجارندي . وهو نجل الديبلوماسي القديم والسفير التونسي السابق في ألمانيا عبد الحميد عمار.

ويعتبر نبيل عمار من أبرز السفراء في الخارجية التونسية أشرف لمدة طويلة على سفارتي تونس في لندن ثم بروكسيل . واشرف قبل ذلك على الإدارة العامة للشؤون الاوربية والشؤون الافريقية في الخارجية التونسية .

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on مغالطات في احتساب الميزان التجاري في تونس .. كيف يتم الاستدراج إلى وضع الاستعمار ؟ بقلم نوفل سلامة

مغالطات في احتساب الميزان التجاري في تونس .. كيف يتم الاستدراج إلى وضع الاستعمار ؟ بقلم نوفل سلامة

3 جوان 1955 الباي محمد الأمين يوقع على جملة من الاتفاقيات المصيرية مع الجانب الفرنسي سنة قبل اعلان استقلال تونس وإنهاء الاستعمار الفرنسي للبلاد وهي اتفاقيات اتضح فيما بعد أنها مكبلة لنا وأنها تديم الاستعمار وتجعله متواصلا ولو بطرق مختلفة حتى وإن رفع العلم التونسي وخرجت الجيوش الفرنسية من أراضينا .. نذكر بهذا التاريخ المفصلي في تاريخ تونس الحديث لسبب بسيط وهو أنه تاريخ جعل كل من واكب ندوة مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ليوم السبت 21 جانفي الجاري يشعر بأننا لا نزال نراوح مكاننا و لا زلنا لم نتجاوز حقبة الاستعمار ومازلنا في تلك الأجواء التي سبقت الإمضاء على اتفاقيات إدامة الاحتلال الفرنسي لتونس.

نستحضر تاريخ 3 جوان 1955 ونتذكر المفاوضات التي أجراها عن الجانب التونسي الطاهر بن عمار والمنجي سليم وعن الجانب الفرنسي إدغار فور و بيار جولي والتي مهدت لإمضاء محمد الأمين باي لست اتفاقيات بأن جليا اليوم أنها خطيرة وأنها قد قوضت وثيقة الاستقلال وجعلت البلاد التونسية رغم إعلان استقلالها تابعة على الدوام لمستعمرها القديم ومرتهنة له على الدوام .. نستحضر هذه الاتفاقيات ونحن نستمع إلى الثالوث الميز السيدة جنات بن عبد والأستاذ جمال الدين العويديدي والأستاذ أحمد بن مصطفى الذين أثثوا ندوة هذا الأسبوع في مؤسسة التميمي وهم يتحدثون عما يحدث اليوم في بلادنا من تزوير للأرقام وإخفاء لحقيقة المعطيات المتعلقة بالمبادلات التجارية وما تقوم به الحكومة من مغالطة الشعب في حديثها عن حقيقة عجز الميزان التجاري وإخفائها لحقيقة هذا العجز وعن مغالطة أخرى تتبعها الحكومة في طريقة احتساب العجز التجاري حتى لا يظهر حجمه الحقيقي وحتى لا تكتشف الجهة التي تساهم بقسط كبير فيه.

منطلق الحديث عن هذا الموضوع وبداية تحليل حقيقة العجز في الميزان التجاري كان الكشف عما يحصل اليوم داخل الحكومة من مغالطة في احتساب نسبة التوريد مقارنة بنسبة التصدير وتعمد إظهار أن الفارق بينهما مقبول وفضح خطورة مثل هذا التصرف على المالية العمومية والتغطية عن العجز الكبير الحاصل والأخطر من ذلك التستر عن الجهة المتسببة فيه و إظهار أن الفارق السلبي ليس بالكبير .. كان المدخل الذي اختاره المحاضرون في هذه الندوة الفكرية هو ما امضت عليه بلادنا من اتفاقيات شراكة اقتصادية وتجارية مع الجانب الأوروبي والتي بدأت سنوات قليلة بعد الاستقلال و لقيت حينها معارضة من القوى الوطنية التي اعتبرت أن تحويل تونس إلى قطاع مناولة لفرنسا فيه إهانة للسيادة الوطنية وهذا ما يجعلها خادمة لها و هو طريق لاستعادة الاستعمار من جديد من بوابة الشراكة الاقتصادية والتجارية غير المتكافئة ولا الندية وقد كان اتفاق الشراكة هذا وقتها سببا في ابعاد الزعيم أحمد بن صالح عن الحكم وغضب بورقيبة عليه وبداية الخصومة بين الرجلين وقد صرح أحمد بن صالح في تعليقه على هذا الابعاد بأن الذي أخرجه من السلطة هي فرنسا.

ويتواصل هذا التصور للتعاون الثنائي وهذه الشراكة مع الضفة الغربية وتحديدا فرنسا وبلدان الإتحاد الأوروبي مع اتفاقية التبادل التجاري الحر الشامل والمعمق التي امضتها تونس مع الجانب الأوربي في سنة 1995 ودخلت حيز التنفيذ في سنة 1996 وهي اتفاقية وإن كانت توحي في الظاهر بتمكين تونس من امتيازات تجارية وتمكنها من تحرير تجارتها وكسب عائدات من وراء ما تصدره، إلا أن الأيام قد كشفت أنها اتفاقية مضرة بالاقتصاد بل أضرت بما نملك من صناعة وجعلت المنافسة التجارية غير متكافئة وتسببت في غلق المئات من المؤسسات والمصانع وأنتجت بطالة كبيرة في صفوف الشباب وكانت السبب فيما بات يعرف اليوم بالهجرة غير الشرعية للشباب العاطل عن العمل إلى أوروبا بحثا عن وضع إجتماعي أفضل ..

نذكر بهذه الاتفاقيات في حديثنا عن غياب المصداقية فيما تعلن عنه الدولة التونسية من مؤشرات اقتصادية غير صحيحة لنوضح ونكشف أن ما يصدر من مغالطة في احتساب عجز الميزان التجاري هو متأت من منوال التنمية المتبع القائم على تطبيق التزامات و اتفاقيات الشراكة الأوروبية والتي حولت البلاد إلى قطاع مناولة لصالح الشركات الأجنبية غير المقيمة والمصدرة كليا ” Régime offshore ” وهي شركات لا تخضع إلى قانون الصرف للبنك المركزي التونسي في عملية التصدير والتوريد لذلك فهي غير مُلزمة بدفع قيمة المواد الموردة و هي لا تسترجع ما تربحه من أموال من وراء تصدير منتجاتها إلى الخارج وحسب هذا النظام التجاري فإن هذه الشركات معفية من المعاليم الديوانية و هي مُطالبة فقط بالقيام بمجرد تصريح تلقائي و غير مراقب من طرف الديوانية التونسية، تكشف فيه قيمة المواد الأولية عند دخولها و قيمة المواد التي تمت مناولتها في تونس عند خروجها بعد أن يتم تحويلها إلى بضاعة ومنتجات لذلك فإن ما هو محمول على هذه المؤسسات وما هي مطالبة به يقتصر فقط على تسديد أجور العمال وفواتير نفقات كل مكونات كلفة الإنتاج داخل البلاد التونسية وما تحصلت عليه من خدمات.

والمغالطة التي ترتكبها الحكومة وهي تقدم مؤشر العجز التجاري الذي عادة ما يكون غير متوازن بين ما نورد وما نصدر وهو غالبا ما يكون مختلا نتيجة تراجع نسبة التصدير في مقابل ارتفاق نسبة التوريد الذي يتصف بالفوضوي والعشوائي وهي حالة يعدها المختصون في الاقتصاد بأنها حالة مرضية بما أنها تستنزف رصيد البلاد من العملة العصبة لتفاقم المواد الموردة وخاصة تلك التي يمكن الاستغناء عنها أو التقليل منها أو التوقف الوقتي عن جلبها كما الحال في توريد المكثف للسيارات.. وتظهر المغالطة في محاولة الترويج إلى أن عجز الميزان التجاري ليس بالكبير وبأن الاقتصاد في طريقه الى التعافي والايهام بتحسن عمليات التصدير وذلك من خلال اقحام أرقام معاملات البضائع التي تصنع وفق نظام الشراكات غير المقيمة والمصدرة كليا ضمن مؤشر الميزان التجاري بما يجعل نسبة التصدير ترتفع في مقابل ما نورده من سلع وبهذه الطريقة يظهر وكأن الخلل في الميزان التجاري ضعيف أو قليل والحال أن ما تنتجه شركات المناولة هذه لا يعد تصديرا تونسيا حتى يحتسب ضمن مؤشرات الميزان التجاري، ناهيك أن العبرة في اعتبار البضاعة ضمن الصادرات المحلية وتابعة للاقتصاد التونسي أن تكون المواد الأولية تونسية وغير تابعة للبلد المصدر للبضاعة بما يعني أن المؤسسة أو الشركة التي تنشط وفق نظام المؤسسات غير المقيمة والمصدرة كليا والتى لا تخضع إلى رقابة الديوانية ولا البنك المركزي، لا يعد ما تنتجه وتقوم بإخراجه من منتجات خارج حدود الوطن وإعادته إلى بلده الأصلي تصديرا .

وهذا يعني أن اعتبار المنتجات التي تعود إلى بلدانها الأصلية بناء على اتفاقيات الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي الذي فرض نظام التبادل التجاري الحر وفق صيغة المناولة من قبيل البضاعة المصدرة واحتسابها ضمن مؤشرات الميزان التجاري للتقليل من عجزه وإظهار بأن الوضع الاقتصادي في طريقه إلى التحسن هو مغالطة كبرى ترتكبها الحكومة التونسية وتزييف للأرقام وهو الأمر الذي يعلمه كل من المعهد الوطني للإحصاء والبنك المركزي ولكن لا أحد يتحرك لإيقاف هذه المغالطة ولا أحد يجرؤ على كشف هذه الحقيقة ومصارحة الرأي العام بها.

المغالطة الثانية في الحديث عن حقيقة عجز الميزان التجاري و ما يروج إعلاميا من أن الفارق الكبير بين الواردات والصادرات والذي يكبد الدولة هدر كمية كبيرة من العملة الصعبة وراءه التوريد الكبير من الصين وتركيا في مقابل تصدير قليل إلى هاذين البلدين وبالتالي فإن العجز كله متأت من التوريد المكثف مع هاذين البلدين وأن الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي وتحديدا فرنسا يشهد فائضا بما يعني أن علاقتنا التجارية مع فرنسا لا تعرف عجزا بين ما نورد منها وما نصدر لها وهي مغالطة إلى جانب كونها لا تستقيم واقعا وإلا كانت فرنسا وفق هذا المعطى تعرف عجزا تجاريا مع تونس ويجعل اقتصادها مرتهنا للاقتصاد التونسي ، فإن حقيقة العلاقة التجارية مع دول الاتحاد الاوروبي تشهد عدم توازن و عجزا واضحا مع كل من ألمانيا وايطاليا وفرنسا وأن حقيقة الميزان التجاري مع بلد العم سام ليس كما يقول الخطاب الرسمي ويردده جانب من الإعلام المتواطئ مع التوجهات الفرنكفونية في تونس حيث كشف تقرير صادر عن المعهد الوطني للإحصاء أن مبادلاتنا مع الطرف الأوروبي غير متوازنة وتقوم على خلل كبير بين المبادلات والصادرات وأن تونس تعرف عجزا في المبادلات التجارية مع فرنسا .

ما نخرج به من هذه الندوة المهمة هو جملة من الحقائق منها أن تونس بناء على اتفاقيات الشراكة وفق الصيغة الحالية قد تحولت إلى بلد مناولة للأوروبيين وهي مرتهنة للشركات الفرنسية والمصالح الفرنسية وأن تونس غير مسموح لها أن تتحول إلى بلد مصنع ويقيم علاقات متكافئة مع غيره من الدول وخاصة دول الضفة الغربية وأن تونس هي بلد اقتصادها يقوم على تقديم الخدمات لا غير .

الحقيقة الأخرى أن ما يحصل مع الشركات غير المقيمة والمصدرة كليا والتي تنشط في بلادنا فضلا عن تمتعها بالكثير من الامتيازات الديوانية فإن نشاطها التجاري لا يمكن اعتباره مبادلات ولا تصدير وإنما هونت قبيل المناولة لا غير لا يمكن اعتبارها ضمن مؤشرات احتساب الميزان التجاري وهذا يعني أن تغطية العجز التجاري الذي دمر البلاد وأن التوريد الفوضوي الذي استنزف العملة الصعبة من خلال اعتبار نشاط هذه الشركات تصديرا وإقحامه ضمن مؤشرات الميزان التجاري هو مغالطة كبرى وتزيف للأرقام وتلاعب بها.

من الحقائق الأخرى التي وردت في هذه الندوة أنه ليس من السهل على المستعمر القديم أن يفرط في مستعمراته القديمة حتى وإن اعترف باستقلالها وأن ما أمضت عليه تونس من اتفاقيات مع فرنسا قد جعلنا إلى اليوم مرتهنين وتابعين لها في كل المجالات والميادين فما تم الوقوف عليه هو أنه ليس من السهل ان تفرط فرنسا فيما تعتبره مصدر ثروة لها وهذا يحتاج إلى استراتيجية حتى تبقى المستعمرات القديمة في تبعية دائمة لفرنسا .

ما نعيشه اليوم مع كل ما يحصل من مغالطات في احتساب العجز في الميزان التجاري والتغطية على حقيقة العجز التجاري مع فرنسا هو استراتيجية جديدة تقوم على استدراج تونس إلى وضع الاستعمار الجديد من خلال برنامج الشراكة الاقتصادية والتجارية الذي يقوم على فكرة تحويل تونس الى بلد للمناولة وإحلال الشركات غير المقيمة والمصدرة كليا محل المؤسسات التونسية وتمتيعها بامتيازات قمرقية لا تتمتع بها المؤسسة التونسية وفكرة تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر بدعوى خلق مواطن شغل .

أما الحقيقة الأخرى فهي تكثيف الحديث عن ترشيد التوريد مع تركيا والصين وتجاهل مراجعة ما نورده من دول الاتحاد الاوروبي وخاصة من فرنسا، بل لا نكاد نتحدث عما يحصل لنا من خلل تجاري كبير معها وهذا ما يفسر كيف أن توريد السيارات الاوروبية وخاصة الماركات الفرنسية متواصل رغم العجز الحاصل في موارد الدولة والعجز الآخر في الميزان التجاري في الوقت الذي يشهد فيه سوق السيارات طفرة كبيرة غير مدروسة .

وقد حاولت المحاضرون قوله هو أنه منذ اتفاقيات 3 جوان 1955 وتونس إلى اليوم تبحث عن تحررها الحقيقي واستقلالها الذي يمنحها السيادة الكاملة وتعمل على فك الارتباط مع مستعمرها القديم الذي اتضح اليوم أنه هو العائق نحو تقدم البلاد .. وقد حاولت هذه الندوة ابرازه هو أن الشعب التونسي منذ الاستقلال وهو تحت حكم المركزية الأوروبية الذي أعادت تشكيلنا ثقافيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا وجعلتنا في تبعية شاملة الامر الذي انتج وعيا بأن تونس لا تزال الى اليوم في مرحلة تحرر وطني متواصل.

ما حاولت هذه الندوة ابرازه أن استراتيجية الاستدراج الى وضع الاستعمار الجديد وإن كان يحتاج إلى اطار نظري والى قوانين واتفاقيات شراكة مكبلة ومعطلة فإنها تحتاج إلى اذرع تعينها وتكون في خدمة مشروعها ومن هذه الاذرع الجهاز الاعلامي والآلة الاعلامية، فاليوم مع كل أسف لدينا جزء من الاعلام متواطئ مع الفرنكفونية ويدافع عن الخيارات الفرنسية ويروج لثقافته ويعمل على تشكيل وعي جماهيري متصالح مع الهيمنة الغربية .

تحرير نوفل سلامة

الصريح اون لاين تونس في 23/01/2023

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”: الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”: الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

ملف “شبهة التآمر على أمن الدولة في تونس”:

الاعتقالات توحد اليسار الاجتماعي والليبيراليين والإسلاميين والقوميين

· الأزمات وحدها توحد السياسيين في تونس منذ قرن ونصف


تونس .عربي 21. كمال بن يونس

أعلن المحامي والحقوقي ورئيس “جبهة الخلاص الوطني” التونسية أحمد نجيب الشابي عن قرار اتخذته قيادة الجبهة المعارضة التي يتزعمها بتنظيم اعتصام مفتوح وتحركات جماعية يشارك فيها سياسيون وحقوقيون من عدة تيارات.

الشابي الذي كشف أنه زار شقيقه زعيم الحزب الجمهوري عصام الشابي في السجن ، مع عائلات مساجين الحق العام ، كشف أن الهدف من إطلاق ” تحرك مشترك للمعارضين بكل ألوانهم ، ” كسب معارك لحريات واستقلالية القضاء والإعلام والافراج عن الموقوفين في قضايا سياسية.

تجميد التناقضات الثانوية

الإعلان عن هذه ” الجبهة الموسعة الجديدة للنضال المشترك من أجل الحريات والديمقراطية والإصلاح ” يتزامن مع تصعيد ” تنسيقة القوى الديمقراطية ” تحركاتها بالاشتراك مع الحزب الجمهوري من أجل الافراج عن الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية .

وأعلن رئيس جبهة الخلاص الوطني أن أنصار الجبهة سيشاركون في وقفة أمام وزارة العدل الخميس القادم دعت إليها ” التنسيقية ” وستشارك فيها عائلات الموقوفين السياسيين ضمن ما سمي ب”ملف شبهة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” .

هذا التطور نحو” تجميد التناقضات الثانوية” والتوافق على” النضال المشترك من أجل الحريات و الإصلاحات وقضايا الشأن العام ” يعيد إلى السطح تجارب عديدة نجح فيها النشطاء السياسيون والنقابيون والحقوقيون التونسيين في ” العمل ضمن جبهات ” بصرف النظر عن اختلافاتهم الفكرية والإيديولوجية والحزبية ..

زعماء الإصلاح الفكري

برزت تجارب التحرك المشترك بين النخب التونسية منذ مرحلة ما قبل احتلال فرنسا لتونس عام 1881.

فقد ساهم نحو عشرين من كبار علماء الزيتونة وخريجي المدارس العسكرية والسياسية والفكرية الأوربية والعربية المشرقية ، بينهم العلامة المصلح سالم بوحاجب في صياغة أدبيات ووثائق للإصلاح بينها كتاب الزعيم المؤسس لتيار التنوير والإصلاح خير الدين باش ” أقوم المسالك “.

وأورد الخبير في دراسة تاريخ الأفكار والحضارات المعاصرة الدكتور زهير بن يوسف في حديث ل” عربي 21 ” أن ” النخب التي ساهمت في بلورة مشاريع تيار الإصلاح والتنوير بزعامة خير الدين باشا قبل احتلال فرنسا لتونس ضمت نخبة من خريجي مدرسة باردو الحربية وعلماء مستنيرين من جامعة الزيتونة كان بينهم سالم بوحاجب وحمزة الشاهد وعلي العفيف واحمد بلخوجة ومحمد بيرم الخامس ..

كل هؤلاء العلماء ورموز التغيير والإصلاح ساهموا في صياغة ” الكتاب المرجع ” للإصلاحيين الحداثيين والزعماء الوطنيين والديمقراطيين التونسيين ” أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك”.

ويستدل أستاذ الدراسات الحضارية في الجامعة التونسية زهير بن يوسف بما كتبه المفكر التونسي والعميد السابق لجامعة الاعلام التونسية الراحل منصف الشنوفي في رسالة جامعية أورد فيها أن ” مقدمة كتاب المصلح الكبير الوزير خير الدين باشا التونسي ” ، التي شرعت للاقتباس والتحديث والإجتهاد والإصلاح ، وقعت صياغتها من قبل العلامة سالم بوحاجب والمصلح محمد بيرم الخامس بعد مشاورات وجلسات عمل دامت خمسة أعوام ، بين 1862 و 1967 ، وشارك فيها نحو عشرين خبيرا من عدة اختصاصات وتيارات .

الانفتاح الفكري على الآخر

ويؤكد الباحثون في التاريخ المعاصر بينهم ، بينهم الأستاذ المحاضر فتحي القاسمي المختص في التيارات الإصلاحية التونسية والعربية والإسلامية في القرون الثلاثة الماضية ، أن ” العمل المشترك بين زعماء تيار الإصلاح والتنوير كان متقدما جدا قبل الاحتلال الفرنسي وبعده ” .

لذلك يعتبر العلامة المصري محمد عبده أن الشيخ سالم بوحاجب مفتي المالكية كان “الاب الروحي للحركة الإصلاحية التونسية والعربية والإسلامية “. ونوه الشيخ محمد عبده بنجاح سالم بوحاجب في تخرج جيل من العلماء والمصلحين كان من بينهم العلامة الوطني والمجدد الشيخ الطاهر بن عاشور والد الزعيم السياسي والنقابي والفكري الوطني محمد الفاضل بن عاشور والمفكر المرجع لرواد الحركة الوطنية التونسية والمغاربية والعربية في القرن العشرين .

وكان الطاهر والفاضل بن عاشور من بين رفاق زعماء حركات التحرر الوطني في تونس وبلدان شمال افريقيا والعام العربي بينهم عبد العزيز الثعالبي والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وفرحات حشاد والحبيب عاشور وعبد الكريم الخطابي ومصالي الحاج ومحمد علي الطاهر وأمين الحسيني ..

تجارب العمل الجماعي عربيا وفي تونس

وأورد الباحث في تاريخ الأفكار والحضارات الأستاذ زهير بن يوسف في تصريح ل” عربي 21 ” أن الوطنيين التونسيين والمغاربية والعرب وفي المشرق العربي الإسلامي تأثروا بتجربة العمل الجماعي والاصدارات الجماعية للصحف والكتب ، على غرار ” أقوم المسالك ” وجريدة “الجوائب” التي كانت تصدر في استنبول ورعاها الزعيم المصلح اللبناني احمد فارس الشدياق، الذي بدأ حياته مسيحيا مارونيا ثم أعلن إسلامه وأصبح من بين رموز التجديد والإعتدال في الفكر العربي الإسلامي .

وقد انفتحت النخب الإصلاحية والوطنية على بعضها مشرقا ومغربا بفضل تزايد قناعة المصلحين والسياسيين للحوار والعمل الجماعي من أجل التحرر الوطني والحريات وكسب معارك التقدم والتنمية والتحديث.

في هذا السياق نشرت جريدة ” الجوائب” مقالا عام 1877 تحت عنوان ” فتوى عالم الحنفية بالقطر التونسي احمد بالخوجة ” في الدفاع عن التنظيمات ( الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية ) والمجالس .

قام بصياغة هذا المقال العلامة الزيتوني والمصلح التونسي سليمان الحرايري . هذا العالم الذي توفي سنة 1877 قام بتدريس العلوم والرياضيات في الزيتونة وعمل مترجما في القنصلية الفرنسية بتونس وكانت لديه علاقة برجل الدين المسيحي الفرنسي “فرانسوا بورقاد “وسافر لفرنسا ودرس في معهد اللغات الشرقية في باريس ، كما ترأس في العاصمة الفرنسية تحرير صحيفة ” برجيس باريس ” التي أسسها الاديب والصحفي اللبناني الكونت رشير الدحداح عام 1860.

من بين مؤلفات الشيخ سليمان الحرايري “الارشاد ” ضمنه مقدمة مرجعية في الدفاع عن التحديث السياسي والاقتباس.

ويستنتج الأكاديمي زهير بن يوسف أن ” العمل الفكري والسياسي المشترك ” أثر لاحقا في التواصل بين رموز التجديد والنضال من أجل التحرر الوطني والاجتماعي والسياسي في تونس وشمال افريقيا والمشرق العربي الإسلامي .

من التشرذم إلى “مؤتمر ليلة القدر”

في نفس السياق توقف عدد من السياسيين والباحثين في تاريخ تونس المعاصر وتاريخ الزم الراهن ، مثل المؤرخ الكبير مصطفى كريم والباحث في تاريخ الحركة الوطني الأستاذ في الجامعة التونسية محد ضيف الله ، عند ” محطات تاريخية رائدة ” في تاريخ الحركة الوطنية التونسية والمغاربية .

من بين أبرز تلك المحطات التي وقع فيها” تجميد التناقضات الثانوية الفكرية والسياسية ” الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات الشعبية التي نظمت بدعوة من زعماء زيتونيين وصادقيين وقيادات من خريجي المدارس والجامعات الفرنسية منذ تحركات أساتذة الزيتونة وطلبتها من اجل اصلاح التعليم في 2011 .

كما وحد النضال المشترك ضد الظلم الاجتماعي والاحتلال الأجنبي والقمع السياسي وطنيين وسياسيين ومثقفين ونقابيين من مدارس مختلفة منذ مرحلة ما بين الحربين العالميتين ، عند تأسيس النقابات والجمعيات والصحف والأحزاب الوطنية . وتوج العمل المشترك بتنظيم ” مؤتمر الاستقلال ” المعروف مؤتمر ليلة القدر لأنه جمع لأول مرة أغلب زعماء التيارات الوطنية يوم 13 أغسطس 1946 التي صادفت الاحتفال بليلة القدر بحضور زعامات من الحزب الدستوري بجناحيه ” القديم ” و” الجديد” وقيادات جامعة الزيتونة بينها الشيخ محمد الفاضل بن عاشور ورموز منظمات رجال الاعمال والأعيان بزعامة الطاهر بن عمار ، الذي سيوقع في 1955 و 1956 وثيقتي الاستقلال الداخلي والاستقلال التام بصفته رئيس الحكومة الانتقالية .

وقد نجح الوطنيون في مؤتمر ليلة القدر في أن يضعوا حدا للانقسام والتشرذم وأن يتبنوا لأول مرة مطلب الاستقلال ، بعد أن كانوا طوال عقود يطالبون ب” إصلاحات دستورية ” وب “برلمان تونسي ” وب” المساواة في الحقوق والواجبات بين العمال التونسيين والفرنسيين “..

في عهدي بورقيبة وبن علي

وشهدت البلاد تحت حكم الرئيسين بورقيبة (1955- 1987 ) و بن علي (1987-2011)صراعات بالجملة بين النخب السياسية والثقافية ، لكنها شهدت كذلك تجارب عديدة للعمل المشترك وتشكيل” الجبهات السياسية ” والتنسيقيات الحقوقية والنقابية .

كانت من أنجح تلك التجارب عملية تأسيس ” الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ” في 1977 من قبل حوالي مائة مثقف وشخصية سياسية مناصرة للحريات العامة والفردية والإصلاح السياسي والاجتماعي ، كان بينها مستقلون وليبيراليون ومنتمون إلى الحزب الدستوري الحاكم وإلى أحزاب المعارضة . وبعد شد وجذب وافق الرئيس بورقيبة على تقنين منظمة حقوق الانسان بعد أن وافق مؤسسوها أن يكون نصف أعضاء هيئتها المديرة مستقلين ومعارضين والنصف الثاني من الحزب الحاكم من بين الشخصيات الليبيرالية المنفتحة بينهم المحامي ووزير العدل سابقا احمد شطورو والأكاديمي عالم الاجتماع الشهير عبد الوهاب بوحديبة .وأسندت الرئاسة إلى الطبيب الليبيرالي المستقل سعد الدين الزمرلي والأمانة العامة إلى الدكتور حمودة بن سلامة ، وهو طبيب كان قياديا في حزب الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة أب الديمقراطية التونسية المعاصرة الوزير السابق أحمد المستيري.

وفي أوائل عهد بن علي تأسست جبهات للعمل المشترك احداها “الرباعي”، الذي جمع 4 أطراف سياسية بزعامة أحمد المستيري رئيس حزب الديمقراطيين الاشتراكيين ومحمد حرمل الأمين العام للحزب الشيوعي وراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة وأحمد بن صالح رئيس حركة الوحدة الشعبية .

بالتوازي تأسس تحالف جبهوي أخر بزعمة احمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الاشتراكي التقدمي ومحمد بالحاج عمر الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية و عبد الرحمان التليلي الأمين العام للحزب القومي ( الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ) والحزب اليبيرالي الاجتماعي بقيادة المحامي الحقوقي منير الباجي .

وقد اختلفت الجبهتان في الموقف من التصعيد والمشاركة في تفعيل ” مسار الميثاق الوطني “.

وخلال عقدين من المعارضة لحكم بن علي تشكلت جبهات عديدة للعمل المشترك داخل تونس وخارجها .

ومنذ “انسحاب” احمد المستيري من المشهد السياسي تزعم أحمد نجيب الشابي أغلب مبادرات العمل المشترك . وكانت أنجح تلك المبادرات ” جبهة 18 أكتوبر 2005″ التي تشكلت من شخصيات مستقلة وأخرى تنتمي إلى حدة أحزاب ليبيرالية ويسارية وقومية وإسلامية ، كان بينها أحزاب العمال الشيوعي والنهضة وأحزاب والديمقراطي التقدمي وأحد اجنحة ” حركة الديمقراطيين الاشتراكيين “.

ونجحت تلك الجبهة طوال أعوام في توحيد قطاع كبير من النخب والسياسيين حول 3 أولويات هي : الحريات الإعلامية وحرية التنظم والتظاهر والعفو التشريعي العام عن كل السجناء واللاجئين السياسيين ..

ما بعد “السقوط في الفخ”

..لكن تطور الاحداث والتحالفات بعد ثورة 2011 كشف أن كثيرا من قيادات النخب عادت إلى ” تفجير التناقضات ” التي وقع تجميدها طوال عقود عندما كانت أولوية أغلبها توسيع هامش الحريات والتضامن مع ضحايا سياسات القمع والاستبداد ..

وتؤكد الصراعات التي وقعت منذ ثورة 2011 أن ” قوى الثورة المضادة ” وعدة ” لوبيات مالية وسياسية ” نجحت في اختراق حلفاء الأمس، ودفعتهم نحو ” صراعات هامشية على المواقع والكراس والمصالح “.

وكانت الحصيلة انهيار” النموذج التونسي للتعايش والتوافق والتغيير الديمقراطي والإصلاح “وعودة ” المنظومات القديمة ” إلى التحكم في أغلب قواعد اللعبة وفي المشهد السياسي.. وصولا إلى إحالة عشرات من رموز الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني على المحاكم والسجون ..

فهل تنجح تجربة ” العمل المشترك ” الجديدة في اخراج النخب وصناع القرار السياسي والمجتمعي في تونس من عنق الزجاجة ، بعد 12 عاما سقط كثير منهم خلالها في ” فخ الاقتتال الداخلي ” و” الصراعات الثانوية بين الإخوة الأعداء”؟

هل توحد الاعتقالات والمحاكمات مجددا الليبيراليين واليسار الاجتماعي والإسلاميين والقوميين المعتدلين ؟

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on هل تستجيب سورية للمبادرة العربية؟ .. بقلم توفيق المديني

هل تستجيب سورية للمبادرة العربية؟ .. بقلم توفيق المديني

أصبحت سورية تقع في بؤرة الصراع بين القوى الإقليمية والدولية، لا سيما بعد الإنخراط الروسي العسكري في سورية،إذْ نجحت روسيا في السنوات القليلة المنصرمة من الأزمة والحرب في سورية، في بناء التوازن الاستراتيجي مع الغرب أو الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي في سورية، وبالتالي إعادة بناء التوازن الدولي بكامله، أو لنقل توازن القوى في النظام الدولي، بعدما اختل ميزان القوى الدولية لمصلحة واشنطن وحلفائها في الغرب، في أمريكا وأوروبا، وفي العالم بأسره، كماتمكنت روسيا كذلك من المحافظة، حتى اليوم ،على وحدة الدولة الوطنية السورية وضمانها ومنع التقسيم أو الفدرلة، ناهيك عن فرض خطوط حمراء في سورية، وتأمين الالتزام بها أو عدم تجاوزها وتخطيها،لا سيما في مجال بقاء واستمرار السلطة السياسية التي يجسدها الرئيس بشار الأسد، لكنَها لم تنجح في حلحلة الأزمة السورية .

زيارة الأسد إلى موسكو والأزمة السورية

في الزيارة الرسمية التي قام الرئيس بشار الأسد إلى موسكوفي منتصف شهر مارس الجاري

لإجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتزامن مع تأجيل اجتماع لنواب وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران وسورية بشأن عملية تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى موعد غير محددٍ، لم تنجح روسيا في تليين موقف الرئيس الأسد من مسألة التقارب مع تركيا، في ظل اقتراب موعد الانتخابات التركية المزمع إقامتها في 14 أيار/ مايو 2023حيث تسعى حكومة حزب “العدالة والتنمية” لانتزاع ورقة اللاجئين السوريين من يد طاولة المعارضة السداسية قبيل التوجه إلى صناديق الاقتراع.

فقد تمسك الأسد بشرط انسحاب الجيش التركي من كافة الأراضي السورية قبل البدء بأي مفاوضات، وهو الموقف الذي يتعارض مع رغبة بوتين الذي كان ينتظر من الرئيس الأسد ليونة عقب لقائه معه تجاه ضرورة إيجاد حل للأزمة السورية، وعودة العلاقات مع تركيا إلى وضعها الطبيعي، ما يسهم في حل الكثير من القضايا، وأهمها ملفات اللاجئين والنازحين، والشروع بوقف تدهور الوضع الاقتصادي في سورية.

وتواجه عملية التطبيع بين أنقرة ودمشق صعوبات بعد سنوات من العداء بين الطرفين طيلة سنوات الحرب ، إذ يتهم الرئيس الأسد تركيا بدعم مجموعات إرهابية واحتلال الأراضي السورية في الشمال الغربي ، في حين يعتبر الرئيس أردوغان وجودجيشه ضمن الأراضي السورية شرعيًا استنادًا على اتفاقية أضنة لعام 1998 التي تتيح لتركيا الدخول إلى الأراضي السورية في حال وجود خطر يهدد الأمن القومي للبلاد، بحسب ما أفاد به عدة مسؤولين أتراك في وقت سابق.

من وجهة نظر موسكو التقارب بين سورية وتركيا،يسهم في إعادة انتخاب الرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة،والذي يحتاج إلى تحقيق تقدم ملموس في قضيتين رئيسيتين ترفعان أسهمه في الانتخابات ، وهما قضية اللاجئين السوريين في تركيا، وقضية الخطر الكردي القادم من الجنوب التركي عبر الأراضي السورية، فالرئيس بوتين يفضل فوز أردوغان الذي أصبحت علاقاته متوترة مع أمريكا ، على فوز مرشحي المعارضة المقربين جدًّا من واشنطن، بينما ظل الرئيس الأسد مصرًا على شرطه للقائه المحتمل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذْ قال الأسد: “بالنسبة إلى اللقاء مع الرئيس أردوغان، فهذا يرتبط بالوصول إلى مرحلة تكون تركيا فيها جاهزة بشكل واضح ودون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سورية، هذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن عندها أن يكون هناك لقاء بيني وبين أردوغان، عدا عن ذلك ما هي قيمة هذا اللقاء ولماذا نقوم به إن لم يكن سيحقق نتائج نهائية بالنسبة إلى الحرب في سورية؟”.

رغم أنَّ روسيا بسبب ظروف الحرب في أوكرانيا،وتعرضها لعقوبات شديدة من الغرب، ما يجعلها عاجزة اقتصاديًا وماليُا عن الإسهام في إعادة إعمارسورية،وجلب الشركات الروسية استثماراتها لإعادة بناء الاقتصاد السوري المنهار، فإنَّ الرئيس الأسد وصف الوجود العسكري الروسي في سورية، بأنه فكرة جيدة، إن كان لدى روسيا رغبة في ذلك.

ورأى الأسد في حديثه مع وكالتي “نوفوستي” و”سبوتنيك” وقناة “روسيا اليوم”، أن النظرة إلى القواعد العسكرية الروسية “لا يجب أن ترتبط بموضوع مؤقت مثل مكافحة الإرهاب، ونحن نتحدث عن توازن دولي، وجود روسيا في سورية له أهمية مرتبطة بتوازن القوى في العالم”.

وبشأن التعاون الاقتصادي، قال الأسد إن اجتماع اللجنة المشتركة ركز هذه المرة على نقاط محددة، وتحديداً على المشاريع الاستثمارية التي تصل إلى 40 مشروعاً في مجالات الطاقة، أي الكهرباء والنفط، والنقل والإسكان، وفي المجالات الصناعية، مشيراً إلى أن الإعداد لاتفاقية التعاون المشترك في هذه المجالات، التي ستُوقَّع قريباً، استغرق سنوات.

جوهر المبادرة العربية لحل الأزمة السورية

يكاد لا يمر يوم واحد إلا وتتحدث فيه أجهزة الإعلام العربية عن مؤشرات التطبيع بين الدول العربية وسورية، لا سيما بعد الزلزال الأخيرالذي ضرب تركيا وسورية في 6فبراير/شباط الماضي، ومن هذه المؤشرات زيارات الرئيس الأسد الرسمية إلى كل من سلطنة عمان،ودولة الإمارات العربية المتحدة، علْمًا أنَّ الإمارات أعادت فتحت سفارتها في سوريا عام 2018، قبل أن يزور الرئيس السوري، بشار الأسد، أبو ظبي في مارس الجاري .

هذه المبادرة العربية ليست وليدة كارثة الزلزال أو نتيجة لها، بل تعود في الواقع إلى خمسة أشهر على الأقل، عندما حصل الأردن على موافقة مبدئية من المملكة العربية السعودية على إطلاقها، ليعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في سبتمبر الماضي عنها.

وتقوم ملامح المبادرة المأمول تحقيقها، والتي على أساسها تم التوافق داخل جامعة الدول العربية لتأجيل عودة سورية إليها قبل انعقاد القمة العربية في نوفمبر الماضي، على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بشأن سورية.

ضمن هذا السياق،قال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إنَّ بلاده تنسق مع الأمم المتحدة، من أجل إطلاعها على مضمون المبادرة العربية التي طرحتها بلاده سابقاً، لإيجاد حل الملف السوري.وجاء ذلك بعد لقائه المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدسون، يوم الثلاثاءالماضي ، خلال زيارة يجريها الأخير إلى العاصمة الأردنية عمّان، لبحث العملية السياسية والمتمثلة باللجنة الدستورية السورية.

وقال الصفدي في مؤتمر صحفي، إنَّ المبادرة التي طرحتها بلاده “تستهدف إطلاق دور عربي مباشر ينخرط مع الحكومة السورية في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة في سورية ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية”.”المبادرة” قد تكون بقيادة عربية تشمل السعودية ودولاً أخرى، وستستند إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لوضع خارطة طريق لتسوية تفاوضية، إضافةً إلى تصاريح مراقبة وتسليم المساعدات الإنسانية إلى سورية.

وحسب صحيفة “وول ستريت جورنال “بتاريخ 17مارس ، نقلاً عن مسؤولين عرب وغربيين، قولهم؛ إنَّ الدول العربية التي جمدت العلاقات مع الدولة السورية ، تعرض عليه اتفاقًا لاستعادتها من أجل كبح نفوذ إيران.

وذكرت الصحيفة أنَّه في “تحول جيوسياسي جديد لإعادة اصطفاف الشرق الأوس الواسع”، تعتقد الدول العربية أنَّ إعادة العلاقات مع الأسد سيقلل من نفوذ إيران في المنطقة.وأوضحت الصحيفة أنَّه في المحادثات التي قادها الأردن في البداية، اقترحت الدول العربية مساعدات بمليارات الدولارات لإعادة بناء إعمار سورية بعد الحرب التي دامت 12 عاما، وتعهدت بالضغط على الولايات المتحدة والقوى الأوروبية لرفع العقوبات عن حكومة الأسد، على حد قول المسؤولين.

وفي المقابل، سيتعاون الرئيس الأسد مع المعارضة السياسية السورية، ويقبل أن توفر القوات العربية الحماية للاجئين العائدين، ويوقف تهريب المخدرات غير المشروع، ويطلب من إيران التوقف عن توسيع وجودها في سورية.وقال مستشار لدى الحكومة السورية ، ومسؤولون عرب ومسؤولون أوروبيون مطلعون على المحادثات للصحيفة الأمريكية؛ إنَّها لاتزال في مرحلة مبكرة، ولم يُظهر الأسد أي اهتمام بالإصلاح السياسي أو استعداد لاستقبال القوات العربية. وتُعَدُّ المملكة السعودية من أقوى الدول العربية والخليجية حاليًا، التي تدعم المبادرة العربية ،ففي شباط/فبراير الماضي، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في تصريحات للصحفيين في لندن، إنَّ الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار ضروري معها لمعالجة الوضع الإنساني هناك، وفقا لوكالة رويترز.وتابع بأن الحوار مع دمشق، قد يؤدي في النهاية إلى عودة دمشق إلى الجامعة العربية ، ولكن من السابق لأوانه مناقشة هذا الأمر في الوقت الحالي.وستستضيف السعودية القمة العربية هذا العام.

وتأتي موافقة المملكة السعودية مؤخرًا على استعادة العلاقات مع إيران في صفقة بوساطة الصين، لتؤكد أنَّ المملكة منفتحة على تغيير المسار السياسي في الشرق الأوسط، وتسعى لـ”إعادة اصطفاف الشرق الأوسط الواسع”، حيث تتلاشى التوترات التي نشأت عن الربيع العربي وتتحول مصالح القوى الأجنبية في المنطقة.

وحسب وكالة رويترز،اتفقت الرياض و دمشق على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد قيطعة أكثر من عقد بسبب الحرب الأهلية السورية.وقال مصدر مقرب لدمشق لوكالة “رويترز”، إن الاتصالات بين الرياض ودمشق اكتسبت زخما بعد اتفاق تاريخي لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران، وهي الحليف الرئيسي لسورية.وستكون عودة العلاقات بين الرياض ودمشق بمنزلة أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الأسد، الذي قاطعته العديد من الدول الغربية والعربية بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011.

وستطلب المبادرة العربية من الحكومة السورية البدء أولاً بمكافحة عمليات تهريب المخدرات، وإظهار خطوات جدّية وملموسة لمعالجة الوجود العسكري الإيراني في سورية، مقابل انخراط عربي محدود في البداية بتقديم المساعدات المالية والإنسانية، على أن يبدأ بعد ذلك في تنفيذ خطوات بناء الثقة مع المعارضة، وعلى رأسها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والكشف عن مصير المفقودين، وتوفير ضمانات جدّية لعودة من يرغب من اللاجئين والنازحين إلى دياره، من أجل الشروع بمفاوضات جدّية مع المعارضة للوصول إلى حل سياسي شامل على أساس القرار الدولي 2254.

خاتمة:يرى الخبراء و المحللون العرب أنَّ سورية اليوم بحاجة إلى خريطة طريق عربية للخروج من أزمتها المستعصية، حتى لا تظل ملعبًا وأرضًا لصراع القوى الإقليمية و الدولية ، خصوصًا أنَّ مواقف الدول الغربية (أمريكا و الاتحاد الأوروبي)تعارض التطبيع مع نظام الأسد “ما لم ينخرط في حل سياسي حقيقي يتماشى مع القرار الأممي رقم 2254″، هذه الحقيقة الأولى.أما الحقيقة الثانية، فإنَّ استعادة سورية الموحدة،لا يمكن أن تتم إلاَّ عبر بوابة إعادة بناء الدولة الوطنية السورية وفق منطق العصروحقائقه،أي بناء دولة المؤسسات المنتخبة ديمقراطيًا،وتغيير النموذج الاقتصادي الذي وصل إلى مأزقه المحتوم ،لا وفق صورة سورية القديمة الموروثة من عهد الحرب الباردة.

الحقيقة الثالثة،من المفد جدًّا أن تعي المملكة العربية السعودية ومعها الدول الخليجية و العربية أهمية حل الأزمة السورية من خلال المبادرة العربية، بدلآ من تدويل الأزمة السورية كما دعت إلى ذلك الأطراف الإقليمية و الدولية و المعارضة المعادية للدولة الوطنية السورية.

ويُعد المسار الدستوري أحد أعقد مسارات التفاوض في عملية السلام السورية القائمة، نظراً إلى تباين مواقف أطراف النزاع حوله، فضلاً عن كونه الإطار الجامع الذي ينبغي أن تتجسد فيه كل التوافقات الأخرى التي ستتم وستمهد لانتقال سورية من حال العنف والنزاع إلى مرحلة التعافي

والسلام. ويحتاج هذا المسار إلى تطوير دستور 2012،وإدخال إصلاحات جذرية في مضمونه لغاية بلورة دستور جديد دائم،ودعم العملية السياسية بقيادة سورية من أجل صوغ عقد اجتماعي جديد حقيقي بين الدولة والمجتمع، والشروع في حوار وطني بين السلطة و المعارضة داخل العاصمة السورية دمشق يعالج الموضوعات المهمة كاللاجئين والمصالحة الوطنية ،والجيش والقوى الأمنية وعلاقتهم بالدستوروالميليشيات وما له علاقة بالملكيات والمشكلات التي حصلت بشأنها خلال الحرب ومسألة العفو والمعتقلين.
مجلة البلاد اللبنانية:تصدر أسبوعيًا عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان، العدد رقم 381، تاريخ الجمعة 24مارس 2023

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد في تونس : نقيب المحامين تحالف مع سعيد ضد معارضيه .. بقلم كمال بن يونس

إبراهيم بودربالة رئيس البرلمان الجديد في تونس : نقيب المحامين تحالف مع سعيد ضد معارضيه .. بقلم كمال بن يونس

قومي عربي صديق ل”حزب الإدارة “

بقلم .كمال بن يونس

فاجأ نقيب المحامين السابق والسياسي المستقل إبراهيم بودربالة المراقبين بفوزه برئاسة مجلس النواب التونسي الجديد ، وانتصاره على مرشح مبادرة ” لينتصر الشعب ” المحسوبة على ” الدائرة الضيقة ” المقربة من الرئيس قيس سعيد.

وبعد انتخابه بساعات استقبله سعيد في قصر قرطاج بصفته الجديدة مما يجعل منه ” الشخصية الأهم في الدولة” بعد رئيسي الجمهورية والحكومة ، رغم الانتقادات الحادة التي توجهها قيادات المعارضة له وللمجلس النيابي الجديد ، فيما يتمسك بودربالة وانصاره بتحالفهم مع ” حزب الإدارة ” ،أي مع كل كوادر الدولة بعيدا عن الاعتبارات الايديولوجية والحزبية ..

ورغم المواقف السياسية المثيرة للجدل التي عبر عنها بودربالة بسبب ” انحيازه الكامل للرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021 ” ضد المعارضة ، فإن بعض ” التنسيقيات والمجموعات السياسية التي تزعم أنها ” الأقرب إلى قصر قرطاج والمشروع السياسي للرئيس ” أعلنت أنها عارضت ترشح عميد المحامين السابق لرئاسة البرلمان الجديد واعتبرت أنه ” لم يكن من بين أعضاء فريق قيس سعيد ومبادرته السياسية والقانونية “التي بدأها منذ 2013 مع مجموعات من أنصاره.

كما اتهم صلاح الدين الداودي القيادي في مبادرة ” لينتصر الشعب ” المحسوبة على قصر قرطاج إبراهيم بودربالة ب” القفر ” و” ركوب الحراك المساند لسعيد “.

فمن هو رئيس البرلمان الجديد ؟

وهل سينجح في أن يكون أحد أبرز رجالات المرحلة الجديدة رغم استفحال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد ؟

عرف إبراهيم بودربالة منذ مباشرته المحاماة عام 1977 باستقلاليته عن كل الأحزاب السياسية القانونية وغير القانونية ، وبانفتاحه على كل التيارات ورفض الدخول في صدام مع أي من رموز الحكم والمعارضة ، مع انحياز فكري سياسي لأنصار التيار الوحدوي العربي عموما وللتيار القومي الناصري خاصة .

في المقابل انخرط بودربالة خلال ال45 عاما الماضية في عدد من منظمات المجتمع المدني بدءا من الجمعيات والنقابات التي تدافع عن حقوق المحامين وعن الأسرة القضائية الموسعة ..ولم ينتم أبدا للحزب الحاكم في عهدي الرئيسين الحبيب بورقيبة ( 1955-1987 ) وزين العابدين بن علي (1987-2010).

وكان له منذ عقود حضور كبير في وسائل الاعلام المستقلة والمعارضة والقريبة من السلطة .

و يعتبر رئيس المجلس النيابي الجديد قريبا فكريا وسياسيا من الرئيس التونسي قيس سعيد الذي لم ينتم أبدا بدوره إلى الأحزاب السياسية . لكنه تعاطف منذ مرحلة دراسته في الجامعة مع أنصار التيار القومي العربي ومع أفكار بعض زعمائه ورموزه وبينهم المفكر المصري عصمت سيف الدولة ، ومع الكتاب و”المفكرين العروبيين والمسلمين المستقلين” مثل عباس محمود العقاد .

أصيل الجنوب التونسي

ومن بين ” الجوانب الطريفة ” في السيرة الذاتية للعميد إبراهيم بودربالة أنه بدوره أصيل مدينة “الحامة” في محافظة قابس في الجنوب التونسي ، مثل رئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي والزعيم الوطني الذي ترأس أول برلمان تونسي بعد استقلالها عن فرنسا جلولي فارس ( ما بين 1956 و 1964 ).

وتتميز بلدة ” الحامة ” التي تنحدر منها عائلة بودربالة بكونها كانت طوال قرون موطن كثير من زعماء الثورات وحركات التمرد على السلطات المركزية .

كما ولد فيها عدد من رموز الكفاح الوطني ضد الاستعمار في ليبيا وتونس مثل محمد علي الدغباجي الذي أعدم عام 1924 أمام أهله في ” الحامة ” من قبل قوات الاحتلال الفرنسية بعد 4 سنوات من تزعمه الكفاح المسلح في ليبيا وتونس .

وكانت الحامة كذلك موطن الزعيم النقابي محمد علي الحامي الذي توفي منفيا في 1928 بعد 3 أعوام من تأسيس أول نقابة عمالية وطنية تونسية . وهي موطن الشيخ الطاهر الحداد ، المفكر الإسلامي المجدد وأول داعية لتحرير المرأة والأسرة التونسية والعربية والثورة على التفسير السلفي للنصوص الإسلامية ومؤلف كتاب ” امرأتنا بين الشريعة والمجتمع ” الذي أصبح مرجعا فكريا للحبيب بورقيبة وقادة تيار الإصلاح في تونس وفي العالم العربي .

ومن بين الأسئلة التي تطرح اليوم هل ستؤثر جذور اصول بودربالة ” الجنوبية ” على خياراته السياسية القادمة ، وهو الذي يدرك مثل غالبية ساسة البلاد أن محافظات الجنوب التونسي كانت الأكثر حرمانا وتهميشا خلال العقود الماضية بسبب ” انحيازها ” الدائم للمعارضة ؟

وهل سيتـثار بأبناء موطنه في ” الحامة ” وفي محافظات الجنوب الذين انحازوا في عهدي الرئيسين بورقيبة وبن علي ثم بعد انتفاضات 2010- 2011 إلى المعارضة والنقابات وإلى ” الثورة” و”الخط الثوري “؟

من الاحياء الشعبية إلى كلية الحقوق

ولد إبراهيم بودربالة في أغسطس 1952 في حي شعبي وفقير في ” باب الفلة ” خارج أسوار مدينة تونس العاصمة ، في منطقة كان تقيم فيها أسرته القادمة من ” الحامة ” ، مثل كثير من عائلات المهاجرين الفارين من البؤس والفقر والبطالة والجفاف في الجنوب وبقية المحافظات المهمشة والفقيرة .

و هم الابن الأصغر في أسرته التي كانت تقيم في أحد الازقة في الحي الذي يربط بين أسوار مدينة تونس القديمة ومقبرة الجلاز والأراضي الزراعية التي حوله.

درس إبراهيم بودربالة منذ أواسط ستينات القرن الماضي في ثانوية عصرية عوضت مدارس جامعة الزيتونة تحمل اسم ” معهد ابن شرف ” ، نسبة إلى العلامة والشاعر التونسي الاندلسي ابن شرف القيرواني .

تحصل في يونيو 1972 على شهادة الثانوية ، أي ” الباكالوريا ” حسب النظام التونسي الفرنسي ، فالتحق بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بتونس العاصمة التي فتحت أبوابها قبل عام ، وكانت من بين أكثر الجامعات التونسية اضطرابا بسبب تحرك المجموعات السياسية والنقابية والمواجهات بين قوات الأمن والحركة الطلابية اليسارية التي تمردت على حكم بورقيبة منذ 1971 .

لم يتعرض بودربالة إلى الإيقاف والطرد أو التجنيد مثل نشطاء التيارات السياسية في كلية الحقوق ، فتخرج في يونيو 1976 .

وبعد ذلك بعام واحد حصل على شهادة ” الكفاءة لممارسة مهنة المحاماة ” ووقع ترسيمه في جدول المحامين المتدربين في 6 ماي1977 وأّدى اليمين القانونية بعد سّتة أّيام من ذلك ، وبدأ تدريبه وممارسة مهنة المحاماة في مكتب المحاميين الكبيرين الصادق مرزوق ومحّمد عّزوز.

في نقابات المحامين

كانت البلاد تغلي أواخر السبعينات وشهدت محاكمات بالجملة لقيادات من المعارضة السياسية والنقابية بينها قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي نظم اضرابا عاما تطور إلى مواجهات دامية في يناير 1978 .

شجعت تلك الأجواء بودربالة على الانخراط مبكرا في الشأن العام والعمل النقابي والجمعياتي .

انتخب في سنة 1979 عضوا بالهيئة المديرة لمنظمة المحامين الشّبان . ثّم أعيد انتخابه في مؤتمرها عام 1981 وأسندت له خّطة أمين عام الجمعية قبل أن ينتخب رئيسا لها في مؤتمرها الذي عقد في 1983 .

بعد ذلك ب4 أعوام وقع ترسيمه في جدول المحامين المخّول لهم المرافعة أمام محكمة التعقيب( محكمة ” النقض “).

وقد مكنته هذه الترقية من الترشح في المؤتمر العام ل”الهيئة الوطنية للمحامين”.

انتخب في 8 ماي 1987 عضوا في القيادة العليا للنقابة الوطنية ، وكّلف بخّطة رئيس محاضرات الّتدريب. وأعيد انتخابه في سنة 1989 بالهيئة نفسها وحافظ على هذه الخّطة طيلة 5 سنوات.

وفي مؤتمر المحامين التونسيين في 5 يوليو 1992 انتخب إبراهيم بوردبالة رئيسا لفرع المحامين بمحاكم تونس الكبرى ، التي تشرف على غالبية محاكم البلاد . وأعيد انتخابه في 1995 لعهدة ثانية امتدت إلى سنة 1998.

بعد هذه النجاحات ، التي لقي فيها دعما من نقيب المحامين القومي العربي المقرب للسلطات عبد الوهاب الباهي ترشح بودربالة لخطة نقيب وطني للمحامين . لكنه فشل لأنه لم يحظ بدعم المعارضة والسلطة .

كان بودربالة طوال عشرين عاما يترّشح دون جدوى لمنصب نقيب الهيئة الوطنية للمحامين بدون انقطاع إلى أن حالفه الحّظ في المّرة الثامنة، أي في المؤتمر الوطني الذي عقد عام 2019.

وشاءت الأقدار أن تشهد البلاد منعرجا سياسيا أمنيا في يوليو 2021 وأن يتزايد الاهتمام بملفات المحاكم والمحامين والقضاء ، ففتحت أبواب قصر قرطاج أمام نقيب المحامين فيما اتهمه خصومه بالتحالف ” المبالغ فيه ” مع السلطات ضد المعارضين .

وخلافا لمواقف غالبية المحامين والسياسيين انحاز بودربالة مبكرا ل” المشروع السياسي الجديد للرئيس قيس سعيد ” . ووافق على أن يكون ضم الثلاثي الذي كلف بصياغة مشروع الدستور الجديد مع عميد كلية الحقوق السابق الصادق بلعيد والخبير في القانون الدستوري الأكاديمي اليساري أمين محفوظ. ورغم انقلاب بلعيد ومحفوظ لاحقا على قصر قرطاج ظل نقيب المحامين داعما للرئيس وفريقه دون تحفظ تقريبا .

وبعد انعقاد المؤتمر الجديد لنقابة المحامين مطلع شهر سبتمبر الماضي ، انخرط بودربالة أكثر في مسار دعم قيس سعيد وخارطة الطريق الانتخابية ، وترشح لعضوية المجلس النيابي الجديد غير مبال بانتقادات خصومه والحملات الإعلامية التي استهدفته . وتوج هذا المشوار الطويل بانتحابه رئيسا لهذا المجلس .

استقلالية ..ولكن

هل يعني استلام بودربالة رئاسة قصر البرلمان في باردو انخراطا نهائيا في المشروع السياسي لقصر قرطاج و” النظام المجالسي ” الذي كشفته سلسلة المراسيم الرئاسية التي صدرت مؤخرا ، ونصت على حل المجالس البلدية المنتخبة والدعوة الى تأسيس مجالس محلية وأخرى بلدية وجهوية ووطنية بينها ” غرفة ثانية للبرلمان “؟

كل الفرضيات واردة ..

.لكن مشوار بودربالة المهني والسياسي يكشف أنه لم يكن من بين المحامين والسياسيين المساندين للسلطات دون قيد ولا شرط ..

فقد كان من بين المحامين الذين شاركوا في الدفاع عن المتهمين البارزين في عدة قضايا سياسية ونقابية رفعت أمام محكمة أمن الدولة والمحاكم العسكرية والمدنية .

وكان من بين فريق المحامين الذين تطوعوا للدفاع في القضايا التي رفعتها السلطات عام 1978 ضد قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل وعام 1980 ضد المجموعة المسلحة التي تدربت في ليبيا ودخلت جنوب تونس من الجزائر ودخلت في مواجهات مسلحة مع قوات الامن والجيش التونسي.

كما كان إبراهيم بودربالة من بين المحامين الذين رافعوا عن الموقوفين والمساجين في قضايا سياسية في عهدي بورقيبة وبن علي بينهم مجموعات اليسار وحزب العمال برئاسة حمة الهمامي ومساجين حركة الاتجاه الإسلامي ( ” النهضة لاحقا ) في محاكمات 1981 و1987 .. لكنه انسحب إلى الصفوف الثانية في المحاكمات السياسية التي وقعت في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ، ثم بعد ثورة 2011 . كما لم ينخرط مع المحامين الذين دافعوا عن المعارضين السياسيين والنقابيين والمحامين الذين وضعوا في الإقامة الجبرية أو تعرضوا للإيقاف بعد منعرج 25 يوليو 2021 الذي تعتبره المعارضة ” انقلابا على الشرعية الدستورية والإنتخابية ” ويعتبره بودربالة وانصار قيس سعيد ” حركة تصحيح للمسار”.

بفضل هذه المواقف عين قيس سعيد نقيب المحامي السابق رئيسا للجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ضمن ”الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة.“

..وقد تزايد أنصار بودربالة بعد فوزه برئاسة المجلس النيابي وقصر باردو ، وتضاعف عدد خصومه ومعارضيه من داخل نقابة المحامين وأغلب الأحزاب السياسية التقليدية والجديدة ..

لكن الكرسي الجديد الذي يجلس عليه بودربالة ” هش” و” متحرك “، لأن نائبيه في رئاسة البرلمان ينتميان إلى ” الجناح الراديكالي” بين المجموعات المحسوبة على المشروع السياسي لقيس سعيد ..بينما ينتمي عشرات النواب في هذا البرلمان إلى الأطراف السياسية التي تحكم تونس منذ عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي ، وتحديدا من حزب نداء تونس الذي تزعمه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي ..

التحديات كثيرة أمام بودربالة في قصر باردو ، الذي شاءت الأقدار أن يرأسه لأول مرة كهل في ال71 من عمره اختار منذ شبابه أن يمتنع عن الزواج والتحرر من قيود العائلة ..

من هم الرؤساء السابقون للبرلمان التونسي ؟

(أو

13 شخصية ترأست برلمان تونس منذ 1956 )

التنافس على رئاسة البرلمان في تونس كبير جدا لأسباب عديدة من بينها أن من يرأسه يكون من بين أبرز الشخصيات المرشحة لخلافة رئيس الجمهورية مؤقتا في صورة شغور منصبه ، على غرار ما حصل عام 2011 عندما أسندت الرئاسة لمدة عام الى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع بعد الإطاحة ببن علي . وعند وفاة الباجي قائد السبسي في يوليو 2019 اسند كرسي قرطاج الى رئيس البرلمان محمد الناصر لمدة أشهر حتى تنظيم انتخابات رئاسية جديدة وتنصيب الرئيس المنتخب قيس سعيد في أكتوبر من نفس العام .

وقد تداول على رئاسة المجلس التشريعي التونسي منذ استقلال تونس عن فرنسا 13 شخصية هم على التوالي :

· جلولي فارس ، وهو زعيم وطني أصيل مدينة ” الحامة ” من محافظة قابس في الجنوب التونسي، على غرار الرئيس السابق للبرلمان راشد الغنوشي والرئيس الجديد إبراهيم بودربالة .

وقد ترأس البرلمان ما بين 1956 و 1964 .

· الصادق المقدم ، وقد تولى رئاسة البرلمان ما بين 1964 و 1981 . وكان بدوره من زعماء الحركة الوطنية مع الحبيب بورقيبة . وتولى قبل ذلك حقائب حكومية عديدة بينها الخارجية والصحة العمومية . وكان أصيل جزيرة جربة في الجنوب التونسي شرقي محافظة قابس .

· محمود المسعدي ، الكاتب الكبير والزعيم النقابي والسياسي في عهد الكفاح الوطني وعند بناء الدولة الحديثة . وقد تولى وزارة التربية بعد الاستقلال ثم رئاسة البرلمان ما بين 1981 و 1986 عندما كان المثقف والكاتب محمد مزالي رئيسا للحكومة .

· الرشيد صفر ،وزير الاقتصاد والمالية في الثمانينات، و رئيس الحكومة ما بين يوليو 1986 واكتوبر 1987 . وقد تولى رئاسة البرلمان حتى 1988 ثم عين سفيرا .

· صلاح الدين بالي وزير الدفاع السابق وقد تولى رئاسة البرلمان من 1988 إلى 1990 ثم عين رئيسا للمجلس الدستوري .

· الباجي قائد السبسي وزير الداخلية والخارجية في عهد بورقيبة ورئيس الجمهورية بعد 2011 . تولى رئاسة البرلمان في أول عهد بن علي ما بين مارس 1990 وأكتوبر 1991 .

· الحبيب بولعراس، الكاتب والصحفي الكبير ووزير الثقافة والاعلام والخارجية والدفاع ثم الأمين العام للاتحاد المغاربي.

تولى رئاسة البرلمان ما بين 1991 و 1997.

· فؤاد المبزع ، الوزير السابق للشباب والرياضة . وقد تولى رئاسة البرلمان من 1997 إلى سقوط بن علي في 2011 ، حيث عين رئيسا مؤقتا للجمهورية لسد الشغور الحاصل في قصر قرطاج .

· عياض بن عاشور ، أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق السابق . وقد عين رئيسا للبرلمان الانتقالي الذي سير البلاد ما بين حل البرلمان السابق وتنظيم أول انتخابات تعددية وشفافة في البلاد في أكتوبر 2011 .

· مصطفى بن جعفر وهو زعيم سابق للمعارضة التونسي . تولى رئاسة البرلمان الإنتقالي ما بين انتخابات 23 أكتوبر أ2011 و انتخابات أواخر 2014 .

سمي ذلك البرلمان ” المجلس الوطني التأسيسي ” وقد تولى صياغة الدستور الجديد ومهمة التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية في الحكومة وقصر قرطاج لمدة 3 أعوام .

· محمد الناصر الوزير والسفير السابق ورئيس حزب نداء تونس الذي أسسه الباجي قائد السبسي . تولى رئاسة البرلمان ما بين انتخابات أواخر 2014 ووفاة الرئيس الباجي قائد السبسي في 25 يوليو 2019.

· عبد الفتاح مورو المحامي . كان نائبا لرئيس البرلمان بعد انتخابات 2014 .تولى رئاسة البرلمان مؤقتا ما بين 25 يوليو 2019 و أواخر أكتوبر 2019 عند تكليف محمد الناصر بخلافة الباجي قائد السبسي مؤقتا .

· راشد الغنوشي الخريجي، رئيس حزب النهضة . وقد تولى رئاسة البرلمان ما بين انتخابات أكتوبر 2019 وقرارات الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو 2021 التي أدت إلى تجميد أعمال البرلمان واسقاط حكومة هشام المشيشي ثم في تغييرات على رأس العديد من المؤسسات المنتخبة بينها المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات .

وقد رفضت رئاسة البرلمان المنحل الاعتراف بشرعية قرارات الرئيس سعيد وتابعت اصدار بيانات وتصريحات تشكك فيها وفي شرعية البرلمان الجديد الذي لم يشارك في انتخابه إلا حوالي 11 بالمائة من الناخبين .

أخبار, البارزة, ندوات ودراسات 0 comments on البيان الختامي لندوة المتغيرات في افريقيا و بوادر بناء نظام اقليمي و دولي جديدين : هل يتغير ميزان القوى لصالح انصار التحرر الوطني؟

البيان الختامي لندوة المتغيرات في افريقيا و بوادر بناء نظام اقليمي و دولي جديدين : هل يتغير ميزان القوى لصالح انصار التحرر الوطني؟

+ اعتراضات على هرولة دول افريقية نحو ” التطبيع ”

نظمت المؤسسة العربية والافريقية للدراسات الاستراتيجية ابن رشد بالاشتراك مع جمعية ” تونس للكفاءات ” يوم السبت 18 فبراير 2023 ندوة شارك فيها نخبة من الخبراء التونسيين والعرب والافارقة حول ” المتغيرات في افريقيا وبوادر بناء نظام اقليمي ودولي جديدين و دعم مسار التحرر الوطني ومحور المقاومة ” .
وبعد متابعة عدد من الورقات العلمية و المداخلات على عين المكان وعبر شبكة الانترنيت والهاتف اسفرت الندوة عن عدة توصيات من بينها :

اولا على المستوى الاقتصادي :
اوصي المشاركون بوضع حد لسياسات الهيمنة الاحتكار و ابتزاز الثروات التي تمارسها عدة حكومات وشركات عالمية عملاقة، اغلبها اوربية وامريكية ، بهدف تمديد مرحلة تبعية اقتصاديات الدول والشعوب والشركات الافريقية ماليا وتكنولوجيا ومعرفيا وتجاريا وتعطيل مسارات بناء اقتصاديات وطنية مستقلة، وتحقيق الامن الغذائي و التنمية الشاملة.
واذ وقع التحذير من مخططات القوى الاستعمارية القديمة والجديدة اعتماد مزيد من السياسات الاقتصادية التي تؤبد تبعية اقتصاديات بلدان النصف الجنوبي من العالم وبصفة خاصة الدول الافريقية …
ودعت الورقات السلطات السياسية والادارية والمؤسسات العمومية والخاصة الى تشجيع المبادلات البينية الثنائية والجماعية تجارة واستثمارا و تكنواوجيا حتى تنجح سياسات مقاومة الاستعمار الجديد والمؤامرات التي تستهدف راس مال الوطني و الطبقات الشعبية و الموارد المالية والاقتصادية للبلدان الافريقية.

ثانيا : على المستوى الجيو استراتيجي

اوصى المشاركون بمواكبة الانتفاضات والثورات التي برزت في عدة دول افريقية ضد القوى الاستعمارية الاوربية التقليدية ، وخاصة في بلدان الساحل والصحراء الافريقية ، مثل مالي و بوركينا فاسو وساحل العاج و جمهورية افريقيا الوسطى وروندا والكاميرون والتشاد والنيجر …
ودعت الورقات الى فهم مبررات بروز هذه الثورات والانتفاضات بما فيها تلك التي صعدت خطابا جديدا و راديكاليا لمقاومة دور بعض العواصم الغربية ، التي وقع اتهامها بتحمل مسؤولية الازمات الاجتماعية والسياسية والامنية وتهريب ثروات افريقيا من معادن ثمينة ومحروقات ومواد غذائية…
وحذرت المداخلات من سياسات توريط الاطراف السياسية الحكومية والمعارضة في مزيد من النزاعات المسلحة و” الحروب الاهلية ” والحروب بالوكالة ..التي قد تستخدمها بعض دول الحلف الاطلسي ذريعة لتبرير نشر مزيد من قواتها وقواعدها العسكرية في مواقع استراتيجية افريقية عديدة .

ثالثا : على المستوى الثقافي والاعلامي

اوصت الندوة بدعم جهود الدول و الهيئات الاهلية الوطنية الافريقية التي تدعم مسارات التحرر الوطني و مقاومة المخططات الاستعمارية القديمة والجديدة ، بالتنسيق مع الحكومات الوطنية والمنظمات المستقلة في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية …
واكدت الندوة على ضرورة دعم الثقافة الوطنية ووسائل الاعلام والاتصال التقليدية و الالكترونية التي تخدم خيارات التحرر الوطني و مقاومة الهيمنة الاجنبية على مختلف المستويات ..
واعتبرت الندوة ان النخب الاعلامية والثقافية والسياسية مدعوة الى الانخراط في مشاريع بناء نظام اقليمي ونظام دولي جديدين ينتصران لمطالب الشعوب الافريقية في التحرر الوطني ومقاومة التبعية وكل انواع الهيمنة الاجنبية …بما في ذلك فيما يتعلق بهيمنة مزيد من الشركات المتعددة الجنسيات الاسرائلية و العربية على قطاعات الاعلام والثقافة و تكنولوجيات الاتصالات في كثير من الدول العربية والافريقية..

رابعا : على المستوى الديبلوماسي

دعت الورقات والنقاشات الدول والهيئات الاهلية العربية والافريقية الى تنويع شراكاتها وعلاقاتها الديبلوماسية اقليميا ودوليا ، والى الانفتاح على ” التجمعات الدولية الصاعدة ” مثل المنتدى الدولي ” شنغهاي ” الذي يضم الصين والهند وروسيا وايران وعدة دول اسلامية اسيوية ..
وحذرت المداخلات من هرولة بعض العواصم الافريقية نحو التطبيع مع سلطات الاحتلال الاسرائلية و تبادل الزيارات والدعوات مع حكام تل ابيب الذين صعدوا عدوانهم وغاراتهم على سوريا و كثفوا حملات قصف الشعب الفلسطيني الاعزل في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلين .
ودعت الندوة الاتحاد الافريقي والدول المنحازة لخيارات التحرر الوطني و مقاومة الاحتلال الى الانحياز مجددا لمطالب شعب فلسطين في التحرر الوطني وبناء دولة مستقلة قولا وفعلا تكون عاصمتها مدينة القدس الشريف .. كما دعت الى ان تكون الدول العربية والافريقية والإسلامية والاسيوية والامريكية اللاتينية طرفا في اعادة بناء النظام الدولي الجديد .

كمال بن يونس

أخبار, البارزة, وجهات نظر 0 comments on ايران بعد 44 عاما من الحصار : تحالف استراتيجي مع الصين و تكتل ” شنغهاي ” ..بقلم كمال بن يونس

ايران بعد 44 عاما من الحصار : تحالف استراتيجي مع الصين و تكتل ” شنغهاي ” ..بقلم كمال بن يونس

 

+ شراكة اقتصادية مع دول اسيا وافريقيا

بقلم كمال بن يونس

اختارت بيكين وطهران ان يقترن الاحتفال بالذكري 44 للثورة الايرانية بتنظيم اول قمة ايرانية صينية في بيكين توجت بقرارات مهمة من بينها الاعلان عن قرار الرئيس الصيني القيام لاول زيارة الى ايران ..
وكشفت السلطات الصينية والايرانية بالمناسبة عن تكريس تحالف استراتيجي بين البلدين يشمل تطوير الشراكة الاقتصادية والعسكرية و الامنية …ودعم التكتل الدولي المعروف بتحالف مجموعة ” شنغهاي ” الذي اصبح يضم تقريبا نصف سكان العالم و عددا كبيرا من دول اسيا من بينها الصين وايران وروسيا و الهند والباكستان ..
وقد ظلت ايران منذ 2008 عضوا مراقبا في هذا التحالف الدولي الاسيوي ثم اصبحت عضوا كامل الحقوق وحضرت في قمته ال22 التي عقدت في طاجكستان في 2021 .. والتي نظم على هامشها اول اجتماع ثنائي بين الرئيسين الصيني والايراني ..

و يكتسي دعم التقارب الصيني الايراني بمناسبة الذكرى 44 لثورة ً1979 اهمية خاصة ، لانه يتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر والتنافس بين الولايات المتحدة والعملاق الصيني من جهة ومع ايران و حلفائها من جهة ثانية ..
بل لقد صدرت عن عدد من المسؤولين والخبراء الامريكان في المدة الماضية انتقادات غير مسبوقة للقيادات الصينية والايرانية، ولعدم احترام بيكين منذ 2016 لقرارات الرئيس الامريكي السابق ترامب بتشديد الحصار على ايران اقتصاديا وعسكريا ومنع التعامل التجاري معها بالنسبة للشركات والدول التي لديها علاقات تجارية واستثمارات مشتركة مع المؤسسات الامريكية ..
ويعلم الجميع ان دولا عديدة بينها الصين لم تلتزم بقرارات ” الحظر ” الامريكية وظلت تستورد قسمًا كبيرا من المحروقات من ايران بصيغ مختلفة ، بنا في ذلك عبر بواخر ايرانية تقوم ب” المقايضة ” بحرا مع بواخر صينية..

وكشفت اخر الإحصائيات الرسمية الايرانية والدولية ان نسبة الصادرات غير النفطية الايرانية نحو بلدان اسيا وافريقيا ارتفعت خلال العامين الماضيين بشكل ملحوظ واصبحت تحوم حول. 60 مليار دولار ..حوالي 20 بالمائة منها نحو بلدان افريقية …
يضاف الى كل ذلك صادرات ايران من المحروقات والتي قدرت بالنسبة للصين وحدها العام الماضي بحوالي مليون برميل يوميا ..فيما تؤكد مصادر مختلفة ان طهران نجحت في تحدي “الحصار الامريكي والغربي ” واصبحت تصدر ما قيمته عشرات المليارات من الدولارات سنويا عبر ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “.. ومن بين صادراتها مواد حديدية باعتبارها صاحبة الرصيد الدولي عالميا من حيث ثرواتها الباطنية من الحديد والمعادن ..
واجمالا يتضح ان الحصار الدولي الذي تضرر منه ملايين من ابناء الطبقات الشعبية لم يؤد الى ” انهيار الدولة والنظام “..
بل ان العكس بالضبط هو الذي حصل ..

فقد استغلت طهران الاخفاقات السياسية والعسكرية الامريكية والاطلسية في افغانستان والباكستان والمشرق العربي وتركيا لتدعم دورها الاقليمي والدولي اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ..ولتمضي في برنامجها النووي ..
صحيح ان النفقات العسكرية والنووية مكلفة جدا خاصة في بلد مثل ايران حرمته سياسات ” الحصار الامريكي ” من توفير ما يحتاجه من قطع غيار خارج ” السوق السوداء ” و ” السوق الرمادية “…
لكن الحصار دفع المؤسسات المدنية والعسكرية والصناعية الايرانية نحو مزيد ” الاعتماد علي القدرات الذاتية” وعلى الصناعة الوطنية …فكانت النتيجة بروز عدد كبير من ” الماركات ” الايرانية في قطاعات التصنيع المدني والحربي ..

في نفس الوقت تمكنت ايران بعد عقود من ” الحروب بالوكالة ” التي تشهدها افغانستان وباكستان والدول العربية والافريقية من ان تصبح ” لاعبا جيو استراتيجيا ” في افريقيا واسيا ، وخاصة في بعض الدول العربية مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين …بينما تزايد عدد المستثمرين الايرانيين في دول الخليج العربية وتركيا واسيا واصبح يقدر بعشرات الالاف …
لذلك فان عشرات الرحلات الجوية تربط ايران اسبوعيا ببلدان مثل الإمارات العربية المتحدة وتركيا والبحرين والكويت ..
ورغم حجم التوتر الخليجي الايراني في اليمن فان مسؤولين كبار من ابو ظبي والرياض والكويت تبادلوا الزيارات مع نظرائهم الايرانيين … وبدا الحديث عن ” مصالحة كبيرة بين سوريا وتركيا والعراق بدعم من طهران وموسكو …
وفلسطينيا ولبنانيا وعربيا تاكد مسار المصالحة بين دمشق وطهران مع قيادات المقاومة الفلسطينية بما فيها قيادات حركة المقاومة الاسلامية حماس القريبة من حركات الإخوان للمسلمين والاطراف التي دعمت منذ 2011 الحركات المناهضة للسلطات السورية …

وبصرف النظر عن الملاحظات والانتقادات التي توجهها عواصم دولية وإقليمية وهيئات حقوقية للحكومة الايرانية و ، فان عقودا من الحروب بالوكالة التي شنتها تلك العواصم ضد ايران فشلت في تحقيق هدفها الكبير وهو ” انهيار النظام الايراني” واجباره على ” الاستسلام” والموافقة على ” التطبيع الشامل ” مع تل ابيب على غرار شاه إيران الراحل واغلب الحكام العرب …
وفي الوقت الذي تازمت فيه الاوضاع عالميا بسبب الحرب الاطلسية الروسية في اوكرانيا وشرق اوربا ، انحازت طهران وبيكين واغلب دول ” شنغهاي ” الى موسكو …بما يعني ان مسار ” صياغة النظام الدولي الجديد ” يتاكد .. وان من بين المتغيرات القادمة تكريس التقارب بين ” الدول المغضوب عليها ” في واشنطن ، وبينها الصين وايران وروسيا …
فهل تنجح هذه الدول في تامين ” توسع نفوذها السياسي والعسكري الاقليمي والدولي ” عبر عروض اقتصادية ومالية مغرية لدول افريقيا واسيا .. تكرس اكثر تقاطع المصالح و شعارات تنويع الشركاء الاقتصاديين والعسكريين وتكريس اولويات التحرر الوطني وانجاح مشروع انضمام ايران الى ” نادي الدول النووية “؟

Envoyé de mon iPhone